216

انتهى كلامه - رحمه الله تعالى - ولم يذكر من محامده شيئا، وهو الذي يليق بمقامه، ويكفيه فخرا أنه كان إذا دخل إلى مقام الإمام شرف الدين، وتكلم معه ثم خرج، قال الإمام: هكذا فلتكن السادة، ويثير همم أولادهم(1) بذكر السيد والثناء عليه، ولولا استياق الكلام إلى ذكر نفسه في الكتاب المشتمل على نسبهم الشريف ما ذكر نفسه وذكر النفس غير مستنكر، فقد ترجم لنفسه الحافظ ابن مندة، والجلال السيوطي في حسن المحاضرة وغيرهما، وقد ترجم للسيد شمس الدين السيد العلامة محمد بن عبد الله بن علي المعروف بأبي علامة المؤيدي أعاد الله من بركته، - وقدس روحه - فقال: لقد كان هذا السيد الفائق على أقرانه بل هو الغرة في دهره والفريد في عصره، والذي جمع بين العلم والعمل، وحاز الفضائل عن كمل، إليه انتهت العلوم النبوية، وعليه عكفت المفاخر والشمائل الحسنية، ومنه تفجرت ينابيع البلاغة والفصاحة والحكم العلوية، فهو إمام أهل الطريقة، ويعسوب أهل الحقيقة، ولقد كان موزعا لأوقاته في أنواع الطاعات، فليله للصلوات، ونهاره للإقراء والقراءات، كثير الحنين غزير الدموع، شمس الهدى وبه الإسلام يفتخر، وكان في سنة أربع وثمانين وتسعمائة تهيأ للحج إلى بيت الله الحرام، فتم له ذلك على أحسن حال وأشرف مقام، وأدى المناسك العظام على الوفاء والتمام، وأراد المجاورة ثم الزيارة لجده سيد الأنام - عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام - فعرض ما منع عن ذلك، وصد عن الوقوف هنالك، فنهض راجعا إلى بلاده لما نبا صرف الدهر عن مراده، ونوى أن يقيم باقي عمره بين أولاده، فلما انتهى إلى المدينة (الصعدية)، وشاهد القراءة في جميع المشاهد الهدوية، وحف به عيون السادة اليحيوية، وعكفوا عليه يستصبحون من أنواره، ويلتقطون نفيس الدرر من تياره، فوقف بها للتدريس والإفادة بكل معنى نفيس، ولازمه حي الإمام المتوكل على الله عبد الله بن علي بن الحسين بن الإمام عزالدين في أيام سيادته، وكانا لا يفترقان أكثر أوقاتهما، قرأ عليه في علم الحديث وغيره، ولقد كان يتمنى في أكثر أوقاته أن يقبر في مشهد جده الهادي بن الحسين - رضوان الله عليه - ومن العجائب أنه كان كثير الصلوات في الليل تحت الصومعة الصغرى، قريبا من المكان الذي قبر فيه فاستجاب الله دعاءه، وأعطاه ما تمناه، ولما توفي في شهر ربيع الأول سنة خمس وثمانين وتسعمائة، اعتنى السيد الإمام بخراب منزلتين كانتا هنالك وجعل قبره في موضعهما، وعمر حي السيد شمس الدين أحمد بن الحسين بن عزالدين وهو يومئذ رئيس صعدة عليه مشهدا، وانتظم في سلك ذلك النادي بمشهد الإمام الهادي، وله من المصنفات شرح أرجوزة النمازي في نسب الإمام /132/ شرف الدين(1) وهو يدل على غزارة علمه بحسن سبكه، وصناعة نظمه، ومنها في الحديث (الأحاديث المستحسنة الدائر على الألسنة) (2)، أخذه من كتاب (السخاوي). انتهى

Page 240