قلت: ان صحت الرواية، فوجهه أن الردة لما كانت تحبط العمل، وتحل عصم الزوجات وترفع الملك عنه، سرى ذلك إلى رفع الملك عن المتمولات، فبطل الملك وبقي ماله ضائعا، فمن ثم جعل في بيت المال، وليس من العقوبة بالمال في شيء، ولا يصح إجراء باب المعاصي عليه بوجه، لأن المعاصي لا تحبط، ولايكفر مرتكبها، ولا ترفع ملكه عن شيء مما يملك، ولا عصمة مملوكاته ومتمولاته البتة.
وفي كتاب الإجماع لابن القطان(¬1)من المراتب ما نصه: "واتفقوا أن من قاتل الفئة الباغية ممن له أن يقاتلها، وهي خارجة ظلما واعتداء على إمام عدل واجب الطاعة صحيح الإمامة، فلم يتبع مدبرا، ولا أجهز على جريح، ولا اخذ لهم مالا، وأنه قد فعل في القتل ما يحل"(¬2).
فهو هذا قد اشترط في حلية القتال أن لايأخذ للبغاة على الإمام العدل الصحيح الامامة، وان كانوا قد اتصفوا بالافساد والمحاربة مالا، لا ممن كانت جنايته أخف من هؤلاء. كيف يصح أن يقال: يؤخذ ماله بالمصالح المرسلة؟ وأي مخالفة للكتاب والسنة وإجماع الأئمة وقواطع الأدلة أكبر من هذا؟
وفي كتاب الإجماع لابن القطان في الفصل المذكور: "واتفقوا على أن لا يحل تملك شيء من أموالهم ما داموا في الحرب، ما عدا السلاح والكراع، فانهم اختلفوا في الانتفاع بسلاحهم وخيلهم مدة حربهم، وفي تخميسها وقسمها إذا ظفر بهم"(¬3).
Page 121