قال الجاحظ (توفي سنة خمس وخمسين ومائتين وقد نيف على التسعين سنة) ضيق الصدور وشدة النفور وطول الأعمار وقلة الاصطبار وكبر الأقدام واضطراب الأجسام وإنكار الحرمة وقلة الرحمة وسرعة الدمعة وابتغاء السمعة وطحن المعدة ولطف القيادة واسترخاء السرح وقلة الجرح وسوء الخلق وكثرة الحرق وشدة الحسد وانقطاع الولد والمشي بالتمائم والنظر إلى المحارم وتربية البغول والبغض للفحول خلاف النساء والرجال لا يجوز به الاستحلال مهلوس عبوس غايته طرسوس مؤاجر في صغره قواد في كبره إن ركب ركض وإن مشى مرض مختلف الرأي والعقل متخلق بأخلاق البغل إن لا ينته جمح وإن خاشنته رمح وإن أجعته طمح وإن أشبعته سلح يبول في فراشه إذا عمل النبيذ في مشاشه، إن حرد كفر وإن قدر قهر مختون على غير ملة حاذق بالهريسة والأخلة، إن غضب بكى وإن رضى شكى وإن هزل انطوى وإن سمن التوى معدن للمطائر ألوف للعجائز إن ائتمنته خانك وإن أكرمته هانك وإن أهنته أكرمك وإن أغضبته شتمك صاحب صوارات وجلاهق وحمام وبنادق حاص دجاج وفراريج وطير ما ورد أريج إن أمسكته خسرت وإن بعته ربحت وإن طردته وقفت وإن قتلته أجرت، صالحهم مأبون وطالحهم ملعون، شره عتيد وخيره بعيد معروف موصوف بالجلف مسترخي البدن طويل الحزن بين الموق بادي العروق يأتي العرقوب كثير العيوب طويل الذراع كثير النخاع مسلوب زينة اللحى محروم لذة النساء يتزوج بالأبكار ويهتك بالأستار، يابس المصانع عاري الأشاجع شديد النفاق قليل الإنصاف بين النفاق كثير البقباق شره عند الطعام سفيه هلى الأقوام فقير ذز مال وحيد ذو عيال شرس حسود حرون جحود بعيد الحياء بارد اللقاء يتلقاك بالبكاء، إن قلت نعم قال لا وإن قلت لا قال بلى إن منع فمن حمق وإن أعطى فمن حرق، جريء جبان طويل الأحزوان مظلوم القلفة خالي المعرفة أقلف مختون خائن مأبون ترضيه اللقمة ويخدع بالطعمة أكثر الناس غلمه وأقوده في الظلمة وأحذفه بالإجازة وأعرفه لجاره وأعمله لمزماره وأنحته لمصايد الفار وأبيعه للتكلك وأصيده للسمك، إذا أمن ملعقته غرزها في منطقته مأواه الدهليز وخبزه على الإفريز لهج بالقمار عليه سوء الدمار من قلة مروءته يدخل الفحل على امرأته ويجمع لها بكده وينفقه على ضده لا بد له فيها من شريك فهو مغرم وغيره ينيك يستر عورته عن الأنام ويبدي سوأته للطعام يقطع الصلاة ويمنع الزكاة بيعه الزمارات ونعته في الصورات، يأكل بشدقين، وينفق بيدين فضله محبوس ودعاؤه منكوس.
وقال الجاحظ أيضًا كان من ظريف ما يقص القاضي عبد الأعلى قوله في الخصي إذا قطعت خصيته قويت شهوته وسخنت مقعدته ولانت جلدته وانجردت شعرته وكثرت غلمته واتسعت فقحته وغزرت دمعته.
وقال غيره من جب زبه ذهب لبه.
وفي ذلك قول أبي الطيب المتنبي (ومولده سنة ثلاث وثلاثمائة، ووفاته أربع وخمسين وثلاثمائة):
وقد كنت أحسب قطع الخصي ... بأن الرءوس مقر النهى
فلما نظرت إلى عقله ... وجدت النهى كلها في الخصى
ونقلت من خط الوزير العلامة المفتن فخر الدين بن مكانس سامحه الله تعالى أنه قال: سافرت مرة سنة إحدى وستين وسبعمائة مع الصاحب فخر الدين بن قروينة رحمه الله تعالى، إلى دمشق المحروسة عندما تولى نظر مملكها ووالدي ﵀، استيفاء بها وكان له دوادار يسمى صبيح ويلقب جودر من عتقاء جده الوزير أمين الدين بن الغنائم وكان كثير النوادر لطيف الدقات، فاتفق أن جمال الدين ابن الرهاوي موقع الوزارة ركب يومًا فتقنطر به الفرس وداسه على رأس أحليله فحمل إلى داره وأقام أيامًا إلى أن عوفي وحضر مجلس الوزارة وهو غاص بالناس، فقال له الصاحب فخر الدين ما سبب تأخيرك قال له تقنطرني الفرس وداس رأس إحليلي فكدت أموت والآن قد لطف الله تعالى وحصل البرء والشفاء فقال له صبيح جودر الحمد لله على سلامة الخصى فانقلب المجس ضحكًا وخجل ابن الرهاوي وانصرف.
عود إلى ما كنا فيه: وصف الجماز رجلًا بالرعونة فقال: هو كالخصي يفتخر بزبه مولاه.
قال كشجام في خادم اسود جائر:
يا مشبهًا في فعله لونه ... لم تعد ما أوجبت للقسمة
فعلك من لونك مستخرج ... والظلم مشتق من الظلمة
وقال آخر وأجاد:
جزا مذاكره بحق واجب ... إذا عندهم علم بخسة أصله
1 / 13