فنقول : هذا أيضا فاسد ، لأن ذلك المفهوم المغاير إما أن يكون سلبيا أو ثبوتيا ، والقسمان باطلان ، وإنما قلنا : إنه يمتنع أن يكون سلبيا لوجهين :
الأول : إن قولنا : إن الشيء الفلاني مؤثر في كذا ، نقيض لقولنا : إنه ليس بمؤثر في كذا ، لكن قولنا : إنه ليس مؤثرا في كذا مفهوم سلبي ، لأنا لا نعقل من قولنا للشيء المعين: إنه لم يؤثر في كذا ، ولم يفعل فعلا ، ولم يوجد أثرا إلا النفي المحض والعدم الصرف ، وإذا ثبت أن المفهوم من قولنا : إنه لم يؤثر في كذا هو العدم المحض ، وجب أن يكون المفهوم من قولنا : إنه أثر في كذا أمرا ثابتا موجودا. ضرورة أن أحد النقيضين لما كان سلبيا ، وجب كون النقيض الآخر ثبوتيا.
الثاني : إنا إذا قلنا المؤثرية مفهوم عدمي ، كان المعنى أنه لا وجود للمؤثرية ، ولا حصول لها ولا معنى لهذا الكلام ، إلا التصريح بنفي المؤثرية والأثر.
وأما الوجه الثاني : وهو أن يقال : إن المؤثرية مفهوم ثبوتي [مغاير لذات المؤثر ، ولذات الأثر. فنقول :
هذا الموجود. إما أن يكون موجودا في الأعيان ، وإما أن يقال : إنه] (1) لا وجود له في الأعيان ، وإنما هو من الاعتبارات الذهنية ، التي لا يكون لها وجود في الأعيان. والقسم الثاني باطل. لأن العقل إذا حكم على الشيء بكونه مؤثرا في شيء آخر. فهذا الحكم [الذهني] (2) إما أن يكون مطابقا للأعيان ، وإما أن لا يكون. فإن كان هذا الحكم الذهني مطابقا لما في الأعيان ، فحينئذ يكون الشيء في الأعيان : أثرا ، ومؤثرا ، وفاعلا ، ومفعولا. وحينئذ يبطل قولهم بأن هذه المفهومات : اعتبارات حاصلة في الأذهان ، ولا وجود لها في الأعيان.
Page 102