الأثر ، وما أفضى ثبوته إلى نفيه ، كان باطلا فوجب أن يكون القول بأن تأثير المؤثر في الأثر [نفس] (1) ذلك الأثر : قولا باطلا.
والوجه الثالث في إبطال هذا الكلام : إما أن نفسر إيجاد الله تعالى للعالم بنفس العالم، وإما أن نفسره لا بنفس العالم ، بل بصدور العالم من قدرة الله تعالى ، والأول باطل ، لأن بتقدير أن يوجد العالم لذاته ، أو يوجد بإيجاد موجود آخر غير الله ، لم يصح القول بأن العالم حصل بإيجاد الله تعالى ، فثبت أن إيجاد الله تعالى [للعالم] (2) لا يمكن تفسيره بنفس العالم ، وإنما يمكن تفسيره بوقوع العالم من قدرة الله [تعالى ، وعند هذا نقول : ظهر أن كون العالم من قدرة الله تعالى ، مغاير لذات العالم ، ولذات القدرة] (3) فوجب أن يكون مفهوما ثالثا ، فثبت أن تأثير المؤثر في الأثر ، لا يجوز أن يكون نفس ذات المؤثر ، ولا يجوز أن يكون نفس ذات الأثر ، فوجب أن يكون أمرا مغايرا لهما.
والوجه الرابع (4) في بيان أن تأثير الشيء في الشيء ، يمتنع أن يكون عين ذات المؤثر وعين الأثر : هو أن كون المؤثر مؤثرا في الأثر ، وكون الأثر أثرا للمؤثر من مقولة المضاف ، وأما ذات المؤثر وذات الأثر فليسا كذلك. لأنا إذا قلنا : إن الله تعالى خلق العالم ، فذات المؤثر هي ذات واجب الوجود ، وذات الأثر هو ذات العالم.
فثبت بهذه البراهين الأربعة (5): أنه لو أثر شيء في شيء ، لكانت مؤثرية أحدهما في الآخر ليست عين ذات المؤثر ، ولا عين ذات الأثر ، بل كانت مفهوما ثالثا مغايرا لهما.
وأما القسم الثاني وهو أن يقال المفهوم من المؤثرية مفهوم ثالث مغاير لذات المؤثر ولذات الأثر.
Page 101