المحكوم عليه بالافتقار والحاجة يمتنع أن يكون هو المركب ، وذلك لأن المركب مركب من البسائط ، فإذا كان كل واحد من تلك البسائط غنيا عن الفاعل والمؤثر ، ثم ثبت بمقتضى بديهة العقل أن عند حصول جميع المفردات ، يجب حصول المركب ، وعند فقدانها أو فقدان واحد منها يمتنع حصول المركب ، فحينئذ يلزم امتناع استناد المركبات إلى الفاعل والجاعل ، ولا يقال : لم لا يجوز أن يقال : المفتقر إلى المؤثر هو هيئة التركيب؟ لأنا نقول : هيئة التركيب أحد أجزاء ماهية المركب ، فتلك الهيئة إما أن تكون مفردة أو مركبة. ويعود التقسيم الأول فيه.
الشبهة السابعة : لو أثر شيء في شيء لكان تأثير ذلك المؤثر في ذلك الأثر ، إما أن يكون نفس ذات المؤثر [أو ذات] (1) الأثر ، أو يكون مفهوما مغايرا لهما ، والأقسام كلها باطلة. فالقول بالتأثير باطل ، وإنما قلنا : إن تأثير المؤثر في الأثر يمتنع أن يكون عين ذات المؤثر ، أو ذات الأثر. لوجوه :
الأول : إنه يمكننا أن نعقل ذات المؤثر وذات الأثر مع الشك ، في أن هذه الذات [هل هي] (2) مؤثرة في تلك الذات؟ مثلا : تعقل موجودا واجب الوجود لذاته ، وتعقل ماهية هذا العالم المحسوس ، ثم تشك في أن هذا العالم ، هل وجد بتأثير ذلك الموجود الواجب لذاته؟ ومعلوم أن المعلوم مغاير لغير المعلوم ، فوجب أن تكون هذه المؤثرية ، مغايرة لذات المؤثر ، ولذات الأثر.
الثاني : إن مؤثرية شيء في شيء ، نسبة مخصوصة لأحدهما إلى الآخر ، والنسبة بين الشيئين يتوقف تحققها على تحقق ذات كل واحد من الشيئين ، والمتوقف على الأمرين مغاير لهما ، فمؤثرية أحد الذاتين في الأخرى يجب أن تكون مغايرة لذات المؤثر وذات الأثر.
الثالث : إن النار تؤثر مثلا في التسخين ، والماء يؤثر في التبريد ، فالماء والنار يتشاركان في كون كل واحد منهما مؤثرا في أثر مخصوص ، والحرارة
Page 99