جاء صديق جدي، صاحب الحمار الذي جلب لنا شتلات الكرنب، جاء الآن ليحملها إلى السوق.
لا أعلم لماذا يأتي كبار السن في حارتنا دائما، في الوقت المناسب مثل الأنبياء؟
قال له جدي: «سوف نضع رءوس الكرنب على حمارك، وغدا في السادسة صباحا سوف ننطلق إلى السوق.»
السوق
تعالت الأصوات، صوت جواد، صوت الجزائري، صوت الجامع، صوت ياسمين كالأجراس، ضحكة جدتي. كلها كانت منبهات وأجراسا دقت في الساعة السادسة صباحا.
الفكرة بسيطة جدا، نحمل الكرنب إلى السوق، ونبيعه فقط. لكن لماذا نحن متوترون؟ جدي لم ينم، أبي يقف على الشباك، مزيون وعمي طوال الليل يأكلان، أما أنا فقد حاول النوم اجتياحي قبل ميعاد السوق بساعة، ولكني قاومت، وانطلقت مع عائلتي إلى المزرعة.
وصلنا المزرعة، كان الضوء خجولا، كأنه يحاور الظلام بالانصراف بعيدا، البرد يلدغ أطرافنا، والصمت كان نشيطا جدا في هذه اللحظة.
دخل جدي المزرعة، فوجد صاحب الحمار قد حضر قبل الجميع، فقال: «لا أحد يسألني لم جئت قبلكم، اسألوا الحمار.»
تقدم مزيون إلى الحمار، وقال له: «لماذا جئت قبلنا يا حمار؟»
ربطنا الكرنب جيدا، وركب صاحبه وجدي في الأمام. كنت أسير أنا ومزيون خلف «الكارة».
Page inconnue