المقدمة
تمهيد
علي الكسار ... ومرحلة التألق الفني
موسم 1925-1926
موسم 1926-1927
موسم 1927-1928
موسم 1928-1929
موسم 1929-1930
موسم 1930-1931
موسم 1931-1932
مجمل بقية المواسم
نتائج الدراسة
مسرحيات قام ببطولتها علي الكسار في مرحلة التألق الفني1
رواية الطمبورة1
رواية 28 يوم
رواية أبو زعيزع
رواية ابن فرعون
رواية أبو النواس
رواية نصيحة عالهامش
رواية مافيش منها
رواية قاضي الغرام
رواية عمرو بن العاص فاتح مصر
المقدمة
تمهيد
علي الكسار ... ومرحلة التألق الفني
موسم 1925-1926
موسم 1926-1927
موسم 1927-1928
موسم 1928-1929
موسم 1929-1930
موسم 1930-1931
موسم 1931-1932
مجمل بقية المواسم
نتائج الدراسة
مسرحيات قام ببطولتها علي الكسار في مرحلة التألق الفني1
رواية الطمبورة1
رواية 28 يوم
رواية أبو زعيزع
رواية ابن فرعون
رواية أبو النواس
رواية نصيحة عالهامش
رواية مافيش منها
رواية قاضي الغرام
رواية عمرو بن العاص فاتح مصر
مسرح علي الكسار (الجزء الثاني)
مسرح علي الكسار (الجزء الثاني)
علي الكسار ... ومرحلة التألق الفني
دراسة
سيد علي إسماعيل
المقدمة
منذ نصف قرن مضى انتقل إلى رحمة الله تعالى، الفنان المسرحي الكوميدي المميز علي الكسار، الذي اشتهر في زمنه بشخصيته الفنية الفريدة «عثمان عبد الباسط ... بربري مصر الوحيد». ووفاء من الابن الأستاذ ماجد الكسار تجاه أبيه، ورغبته في إحياء ذكرى والده بصورة غير مسبوقة، توجه هذا الابن إلى المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، باعتباره ذاكرة الأمة في مجال الفنون المسرحية، فأهداه مجموعة من المخطوطات المسرحية الخاصة بفرقة والده علي الكسار؛ لتكون نموذجا للموضوعات المسرحية التي كانت تتهافت على رؤيتها جماهير المسرح في الثلث الأول من القرن الماضي.
وبناء على رغبة ماجد الكسار، شمر الدكتور «سامح مهران» - رئيس المركز القومي للمسرح - عن ساعده، وهداه تفكيره إلى إحياء الذكرى الخمسين لعلي الكسار بصورة عملية علمية، بعيدا عن الأساليب المتبعة من إقامة ندوات أو إلقاء الكلمات التأبينية هنا أو هناك، حيث قرر نشر هذه النصوص - بناء على رغبة ماجد الكسار - وإخراجها في مجلدين تخليدا لذكرى بطلها، وخدمة للعلم وللدارسين، ممن تشوقوا لقراءة الأعمال المسرحية الخاصة بالفنان علي الكسار.
وكم كانت سعادتي عندما كلفني الدكتور سامح مهران رئيس المركز بكتابة دراسة ترفق بهذه النصوص، خصوصا أن المركز لأول مرة يقوم بهذا العمل الضخم، وهو نشر ثماني عشرة مسرحية دفعة واحدة. وهذا العدد يقارب عدد جميع النصوص المسرحية التراثية التي نشرها المركز منذ إنشائه حتى الآن. وهذا الأمر ربما يكون مستغربا في الماضي، ولكن الآن يعتبر هذا النشاط الضخم، أحد الإسهامات الطبيعية التي يسهم بها المركز كل يوم في ظل إدارته الحالية.
ورغم ثقل هذه المهمة على كاهلي، إلا أنني اقترحت على المركز تقسيم النصوص إلى قسمين، كل قسم يمثل مرحلة من تاريخ الكسار الفني. فالجزء الأول اشتمل على نصوص مثلت أيام اشتراك الكسار مع أمين صدقي في تكوين فرقتهما المعروفة في ذلك الوقت باسم «جوق أمين صدقي وعلي الكسار»، الذي بدأ نشاطه عام 1916، والنصوص المنشورة في الجزء الأول، هي: «أحلاهم»، «فهموه»، «البربري في الجيش»، «الهلال»، «هو أنت»، «إديني عقلك»، «سوء تفاهم»، «دولة الحظ»، «الغول».
أما الجزء الثاني - الذي بين أيدينا الآن - فيشتمل على نصوص المرحلة التالية، وهي مرحلة تكوين الكسار لفرقته الخاصة، التي عرفت باسم فرقة علي الكسار، وبدأت نشاطها عام 1925، والمسرحيات المنشورة في هذا الجزء هي: «الطمبورة»، «28 يوم»، «أبو زعيزع»، «ابن فرعون»، «أبو النواس»، «نصيحة عالهامش»، «مافيش منها»، «قاضي الغرام»، «عمرو بن العاص فاتح مصر».
وبناء على هذا التقسيم، قمت بكتابة دراسة تاريخية في جزأين، بحيث يمثل كل جزء مرحلة من التاريخ الفني للكسار، فأطلقت على الدراسة الأولى «علي الكسار ... ومرحلة الصمود الفني»، وأطلقت على الأخرى «علي الكسار ... ومرحلة التألق الفني»، حتى يطلع القارئ على تاريخ هذا الفنان، وتاريخ هذه النصوص، وليحيا تاريخ مسرحنا الكوميدي في أعماقه، ويطلع على صفحة من ذاكرتنا القومية الفنية. فالشكر لماجد الكسار الذي أهدى المركز مخطوطات النصوص المسرحية المنشورة في هذين الكتابين، والشكر الجزيل للدكتور سامح مهران، الذي برهن - ويبرهن كل يوم - أن المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، هو بحق الصرح الشامخ الحامي لذاكرة مصر الفنية عموما والمسرحية بوجه خاص، وأنه درة في جبين وزارة الثقافة المصرية.
رحم الله فنان مصر الكوميدي ... علي الكسار .
والله ولي التوفيق.
د . سيد علي إسماعيل
تمهيد
استخلصنا من دراستنا في الجزء الأول عدة نتائج خاصة بعلي الكسار، كان من أهمها: أن اسم علي الكسار بدأ يتردد في الصحف المصرية عام 1914، عندما كان يعرض الفصول المضحكة في ختام عروض الأشرطة السينمائية بتياترو فيوليت وسينما إيديال بعماد الدين. وأن أول مسرحية - تبعا لما بين أيدينا من وثائق وأخبار - مثلها علي الكسار وقام فيها بدور البربري، كانت مسرحية «زقزوق وظريفة» عام 1916، عندما كان ممثلا بجوق الأوبريت الشرقي بكازينو دي باري. وأن أول مسرحية كوميدية كتبها علي الكسار - رغم أميته - مسرحية «اللي في الدست تطوله المغرفة»، في فبراير 1917.
وبسبب نجاح الكسار في تمثيل شخصية البربري، أصبح شريكا لمصطفى أمين في إدارة الجوق الشرقي بكازينو دي باري في أواخر عام 1917. كما اشترك الكسار مع أمين صدقي في تكوين فرقة مسرحية كوميدية، اتخذت مسرح الماجستيك مسرحا جديدا لها، وافتتحته بمسرحية «القضية رقم 14» عام 1919. وفي أغسطس 1919 بالإسكندرية، حدثت أول مواجهة فنية بين الريحاني والكسار، حيث هرعت الجماهير لمشاهدة الكسار، الذي ربح كثيرا، بعكس الكساد المادي الذي لحق بالريحاني، لعدم الإقبال الجماهيري لمشاهدة عروضه، فتوقفت فرقة الريحاني عن العمل فترة طويلة.
وكان غياب الريحاني سببا مباشرا في تألق جوق صدقي والكسار، وأيضا في انتعاش بعض الفرق الكوميدية الأخرى، مثل: فرقة عزيز عيد، وفرقة فوزي الجزايرلي، وفرقة شرفنطح، وفرقة أمين عطا الله وكاميل شامبير، وفرقة حسن فايق، وفرقة محمد ناجي، وفرقة جلبي فودة. وعروض هذه الفرق أفرزت هجمة صحافية ضدها، ووصفت أعمالها بالتمثيل الهزلي الشائن، مقابل وصف أعمال جوق صدقي والكسار بالتمثيل الهزلي الراقي؛ لأنه تمثيل هزلي في شكله، جدي في مضمونه، سامي المعاني في مقصده. وبذلك تربع جوق صدقي والكسار على عرش الكوميديا في هذه الفترة بلا منافس.
وفي أواخر عام 1919 عاد الريحاني بفرقته من جديد، فواجهت عروضه حملة صحافية تنوعت مقالاتها بين بين الرفض والقبول، ومن ثم بدأ التراشق بعناوين المسرحيات بين فرقة الريحاني وجوق صدقي والكسار. وفي أواخر عام 1920، أصبحت أعمال جوق صدقي والكسار مثالا يحتذى عند الفرق الأخرى. وبدأت أصداء نجاح الجوق تصل إلى أسماع كبار الشخصيات، فحضر بعض عروضها أمير الشعراء أحمد شوقي وجعفر باشا والي.
بعد ذلك، اهتزت مكانة الريحاني بعض الشيء مقابل تألق الكسار، ولكن هذا الاهتزاز لم يفقد الريحاني بريقه، حيث ظلت شخصيته الفنية كشكش بك مثالا للتقليد الكوميدي من قبل بعض الفرق الأخرى، بجانب شخصية البربري عثمان. وخير مثال على ذلك أن فوزي منيب عندما سافر إلى سورية أواخر 1920، أطلق على فرقته اسم جوق كشكش البربري، ومثل مسرحية «اسم الله عليه» لأمين صدقي، وأطلق على نفسه لقب بربري مصر الوحيد، وهو لقب علي الكسار.
وفي مايو 1921 - ولمدة أربعة أشهر - قامت جريدة البشير بأكبر هجوم صحافي على الفرق الكوميدية، خصوصا فرقة الريحاني، وفرقة محمد بهجت، وجوق صدقي والكسار. فهاجمت فرقة الريحاني هجوما شرسا، خففت من وطأته في هجومها على فرقة محمد بهجت، وكاد هجومها يتلاشى عندما مست الكسار مسا خفيفا. وكان من نتيجة هذا الهجوم، ابتعاد الريحاني بعروضه في الأقاليم ثم السفر إلى سورية، وقيام محمد بهجت بحل فرقته والانضمام إلى جوق صدقي والكسار، ذلك الجوق الذي لم ينجح الهجوم في عرقلته.
وفي مارس 1923 ظهرت فرقة رمسيس ليوسف وهبي، فكانت بمثابة طوفان أطاح بأغلب الفرق المسرحية في مصر؛ حيث جذبت مسرحياتها أغلب الجمهور المصري، الذي كان متشوقا لرؤية العروض المتكاملة. ولم يبق من الفرق الكوميدية العاملة غير خمس فرق؛ ثلاث منها كانت تقوم بتقليد شخصيتي البربري عثمان وكشكش بك، وهي فرق: فوزي الجزايرلي، وفوزي منيب، ويوسف عز الدين. والفرقة الرابعة كانت فرقة الريحاني التي لم تصمد طويلا أمام طوفان يوسف وهبي، فحل الريحاني فرقته وسافر إلى أميركا الجنوبية. ولم يبق في هذا الوقت غير جوق صدقي والكسار، الذي نجح في إثبات وجوده باعتباره أقوى وأنجح الفرق الكوميدية، التي استطاعت أن تصمد حتى النهاية.
هذه هي أهم النتائج التي توصلنا إليها في الجزء الأول. أما دراستنا في الجزء الثاني - الذي بين أيدينا الآن - فسنتحدث فيها عن مسيرة علي الكسار الفنية في مرحلة تألقه الفني ، عندما كون فرقته الخاصة عام 1925، والتي حملت اسمه عدة عقود معتمدين على ثلاثة معايير في تحليل النشاط المسرحي للكسار، ولمنافسه الريحاني، بالإضافة إلى نشاط الفرق الكوميدية الأخرى، التي كانت تظهر وتختفي تبعا لظروف كل فرقة. وذلك على النحو التالي: (1)
النشاط الفني للموسم المسرحي. (2)
نشاط الكسار الفني بين منافسيه. (3)
الفرق المسرحية الكوميدية التي كانت تظهر وتختفي، وأثرها في مسيرة الكسار الفنية.
د. سيد علي إسماعيل
علي الكسار ... ومرحلة التألق الفني
موسم 1925-1926
بعد انفصال علي الكسار عن أمين صدقي - كما مر بنا في الجزء الأول - كون الكسار أول فرقة مسرحية كوميدية خاصة به، حملت اسم فرقة علي الكسار. وكان مدير إدارتها الخواجة كوستى حاجياناكس، ووكيل إدارتها حامد مرسي. وكانت هذه الفرقة أول فرقة مسرحية كوميدية مصرية تبدأ الموسم التمثيلي 1925-1926. وقد افتتحت عملها بمسرحية «الطمبورة» يوم 8 / 10 / 1925 على مسرح الماجستيك. والمسرحية عربها عن الإيطالية حامد السيد، وكتب أزجالها بديع خيري، ولحنها زكريا أحمد، وقام بتمثيلها علي الكسار، وحامد مرسي، ورتيبة رشدي، وزكي إبراهيم، ومحمد سعيد، والشيخ محمد العراقي، وبباوي فرج، وفكتوريا كوهين، وأحمد حافظ، وعفيفة أمين، ونينا ودوللي أنطوان الفرنسية.
وكانت هذه المسرحية امتحانا صعبا للكسار، فقد أشيع أن الكسار سيفشل فنيا بعد أن انفصل عن أمين صدقي، ولكن الكسار نجح نجاحا كبيرا في هذا الامتحان، الذي استعد له الاستعداد الكبير، حيث أنفق على المسرحية من ماله الخاص، فجاء بمناظرها من محلات دانجليس بالإسكندرية، وجاء بملابسها من محلات تريولو الشهيرة، واستعان بأخصائي للمكياج لأول مرة، وهو جبران نعوم.
1
ومسرحية الطمبورة لم يقصد الكسار من ورائها إضحاك جمهوره وتسليته فقط، بل أراد أن يلقي عليه درسا اجتماعيا بين فيه مضار إرسال الآباء لأبنائهم إلى البلاد الغربية بقصد التعلم دون رقابة واهتمام، فينحرف الابن ويهجر رسالته في تلقي العلم، ويجري وراء ملذاته ولهوه. وبجانب هذا الدرس التعليمي، نجد دروسا أخرى - في المسرحية - منها الوفاء والإخلاص في الحب والصداقة. كل هذا قدمه الكسار في ثوب كوميدي مطرب؛ مما جعل الجمهور يتقبل نصائحه بسرور وابتهاج.
2
ومن الإشاعات المغرضة التي تعرض لها الكسار في هذا الوقت، أنه لا يستطيع الفكاك من أسر شخصية البربري. ودافع جمال الدين حافظ عوض عن هذا الأمر بقوله: «سبع سنين طويلة - وعلي الكسار يقوم فيها بشخصية البربري - فما فشل يوما ولا مل منه الجمهور لحظة. هو روح خفيفة إذا ظهرت على المسرح تبعتها أنظار المتفرجين بلهفة، ينتظرون منه النكتة الطريفة والحركة الخفيفة. وهو يفهم تماما جمهور النظارة، لا يأتي بحركة إلا ويعلم تأثيرها، ولا يقول كلمة إلا وهو يكيفها كما يجب أن تكون حتى تؤدي المعنى المراد بها. وهو لا يحسن تمثيل دور البربري فحسب، بل جميع الأدوار الكوميدية الأخرى، ولكنه تفوق في الأولى وأصبح له في هذه الشخصية من الجمهور عشاق؛ ولذا فهو لا يغيرها أبدا ولكن ليس عن ضعف وعدم مقدرة. وربما رأى منه الجمهور شخصية أخرى في رواية آتية فيقطع بذلك ألسنة المتخرصين.»
3
وفي مقابل نجاح الكسار بعرضه لمسرحيته الأولى، نجد الإشاعات تطارد شريكه السابق أمين صدقي. فقد قيل إنه سيؤلف فرقة مسرحية يطوف بها البلاد والأقاليم، وقيل إنه يستعد لاختراع مسرح لم يسبق له مثيل، وقيل إنه سافر إلى أوروبا ليتفقد مسارحها.
4
وكما نالت الأقاويل من شريك الكسار السابق، نالت الأقاويل أيضا من منافسه الكبير نجيب الريحاني، حيث عاد الأخير في هذه الفترة من أمريكا بصحبة زوجته بديعة مصابني. وقد قيل إن الريحاني ينوي اعتزال المسرح، وقيل أيضا إن أمين صدقي اتفق معه على شراكة فنية مسرحية مستغلين غياب منيرة المهدية، من أجل التمثيل على مسرحها برنتانيا، وقيل كذلك إن الريحاني رفض هذه الشراكة، وينوي العودة إلى المسرح بدافع من زوجته.
5
وأثناء انتشار هذه الأقاويل، كانت فرقة الكسار تسير بخطى ثابتة نحو هدفها المنشود. فبعد شهر تقريبا، من تقديمها لمسرحيتها الأولى، قدمت الفرقة مسرحيتها الجديدة الثانية «الخالة الأمريكانية» يوم 12 / 11 / 1925 على مسرح الماجستيك. وقد عربها عن الإيطالية حامد السيد، ولحنها زكريا أحمد، ومثلها: علي الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وزكي إبراهيم ومحمد سعيد وشفيق ودوللي أنطوان وفكتوريا كوهين وجانيت حبيب.
6
وهذه المسرحية نجحت أيضا جماهيريا، وخيبت آمال من وقفوا ضد الكسار، ووصموا مسرحه بالمسرح الشعبي الذي يجب أن يتجنبه الجمهور، دون أن يفسروا معناه. فقام الناقد المسرحي محمد عبد المجيد حلمي، بإيضاح المعنى الذي أضاف مجدا جديدا للكسار، حيث أبان أن احتقار المسرح الشعبي يعني احتقار الشعب الذي ينتمي إليه المسرح، ذلك المسرح الذي يتمشى مع عقلية الشعب ويقدم له ما يستسيغه ويتقبله، ولا يقدم له تدليسا أو تهريجا مثلما تفعل المسارح الأخرى في ذلك الوقت. ويختتم الناقد رأيه هذا بقوله: «لي نظرة خاصة في مسرح الماجستيك، فهو في اعتقادي المسرح «الإعدادي» الوحيد في البلد الذي يعد الشعب لما يسمونه المسرح الراقي! وهو المسرح الذي يهذب عقلية الشعب، ويتمشى معه حتى يرتفع به إلى المستوى الفني الذي نتطلبه وبعد ذلك تتسلمه المسارح الأخرى مكتمل العقلية المسرحية مستعدا لفهم ما يلقى عليه، واستقباله أحسن استقبال.»
7
أما المسرحية الجديدة الثالثة التي قدمتها الفرقة، فكانت «ابن الراجا». وعرضت على مسرح الماجستيك يوم 10 / 12 / 1925. وهي من تأليف بديع خيري وتلحين زكريا أحمد، وتمثيل: علي الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وفكتوريا كوهين وزكي إبراهيم ومحمد سعيد ومحمد العراقي وجبران نعوم وسيد مصطفي وعبد القادر قدري. وكانت هذه المسرحية نقلة جديدة في مشوار فرقة الكسار، حيث تميزت بالفخامة والإبهار، فقد أنفق الكسار على الديكور والملابس 600 جنيها مصريا - في ذلك الوقت - مما كان له أكبر الأثر في نجاح المسرحية فنيا وجماهيريا.
8
إعلان رواية «ابن الرجا» من جريدة كوكب الشرق.
هذا النجاح الكبير للكسار، جعل منافسه الريحاني يستعد لخوض معركة فنية يستعيد فيها مجده السابق، فحقق أمنية أمين صدقي، وأعاد التاريخ للوراء مرة أخرى، حيث اتحد الريحاني مع صدقي وكونا فرقة مسرحية كوميدية عمادها بديعة مصابني البارعة في تمثيل الدلال، وفتحية أحمد البارعة في الغناء. وربما ظنت مجلة روز اليوسف أن الجمهور نسي الريحاني ونسي شخصيته كشكش بك، بسبب غيابه الطويل في أمريكا. وربما أرادت أن تعلن عن عودته المسرحية، فكتبت مقالة كبيرة سردت فيها تاريخ الريحاني وزوجته منذ اشتغالهما بالمسرح حتى ظهورهما مرة أخرى في هذه الفترة.
9
كذلك قامت الصحف بالإعلان عن عودة الريحاني وأمين صدقي، وأشارت إلى مسرحية الافتتاح «قنصل الوز». التي عرضت على مسرح دار التمثيل العربي يوم 17 / 12 / 1925، وهي من تأليف أمين صدقي.
10
ومسرحية «قنصل الوز» نجحت نجاحا كبيرا، حيث امتدحها معظم النقاد المسرحيين في هذا الوقت، ووضعوا أيديهم على أسباب هذا النجاح، الذي تمثل في اجتماع كوكبة من رموز الكوميديا أمثال محمد كمال المصري «شرفنطح» وعبد اللطيف جمجوم وعلى رأسهما كشكش بك. كذلك تمثيل بديعة مصابني، وغناء فتحية أحمد، وتلحين الموسيقار الشاب محمد عبد الوهاب.
11
هذا النجاح للريحاني وأمين صدقي أغراهما على إخراج عمل جديد آخر، فوقع اختيارهما على نص مسرحي فرنسي لتعريبه، كانت منيرة المهدية تستعد لإخراجه بواسطة فرقتها. وعلم الكسار بهذا وحذر منيرة من إخراج هذه المسرحية؛ لأن فرقة أخرى تعمل على إخراجه، فوافقته منيرة الرأي، فطلب منها السماح له بإخراج هذه المسرحية إذا سنحت له الظروف فوافقت على ذلك. هنا عزم الكسار على وضع النقاط فوق الحروف، والدخول في منافسة فنية مباشرة بين شخصية البربري عثمان وشخصية كشكش بك.
12
فقد عزم الكسار على إخراج هذه المسرحية الفرنسية باسم «28 يوم»، وهي المسرحية نفسها التي سيخرجها الريحاني باسم «مراتي في الجهادية». ومزيدا في التحدي قرر الكسار افتتاح مسرحيته في يوم افتتاح الريحاني لمسرحيته أيضا.
وكما يقال: يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان! ففي يوم 7 / 1 / 1926 افتتح الكسار مسرحيته الجديدة الرابعة «28 يوم»، التي عربها عن الفرنسية أحمد البابلي وحامد السيد، ووضع أزجالها بديع خيري، ولحنها زكريا أحمد، ومثلها: علي الكسار، وحامد مرسي، ورتيبة رشدي، وزكي إبراهيم، ودوللي أنطوان، وفكتوريا كوهين، وجبران نعوم، ومحمد سعيد.
13
وفي اليوم نفسه قدم الريحاني مسرحيته الجديدة «مراتي في الجهادية» على مسرح دار التمثيل العربي.
14
وكما ذكرنا أن المسرحيتين معربتان عن أصل واحد، وشخصياتهما واحدة وموضوعهما واحد. وهنا كان الامتحان الصعب للكسار والريحاني - أكبر رمزين للكوميديا المسرحية في ذلك الوقت - خصوصا وأن الامتحان كان بين شخصيتيهما الفنيتين؛ أي بين البربري عثمان وكشكش بك . وعلى الرغم من أن نص الكسار بين أيدينا، إلا أن نص الريحاني لا نملكه. وهنا يصعب علينا المقارنة، خصوصا أن النص شيء والعرض شيء آخر.
الصفحة الأخيرة من مخطوطة مسرحية «28 يوم».
ولكن لحسن الحظ أن قام بهذه المقارنة - في ذلك الوقت - الناقد محمد عبد المجيد حلمي، الذي شاهد العرضين فكتب بحثا نقديا مهما، شغل صفحات عديدة من جريدة كوكب الشرق، ونشر على مدار أربعة أيام، قارن فيه بين العرضين من حيث التعريب والديكور والموسيقى والإضاءة والتمثيل والتلحين والملابس والغناء وشخصيتي البربري وكشكش بك، وكانت المقارنة في صالح الكسار وضد الريحاني.
15
وقد اختتم الناقد بحثه هذا بقوله: «بذلت مجهودا كبيرا في أن أكون عادلا، وأظنني أرضيت ضميري الآن. سيغضب قوم ولكنني أزدري الغضب، وخير لهم أن يكونوا هادئين سواء في الماجستيك أو في دار التمثيل العربي. لقد حكمت على الروايتين إجمالا، والآن أريد أن أفصل باختصار. رأيي أن رواية «28 يوم» نالت نجاحا أكبر من رواية «مراتي في الجهادية». المناظر والملابس عند الماجستيك أكثر إتقانا من دار التمثيل العربي. الألحان في دار التمثيل العربي أقل روعة وتأثيرا وتمشيا مع الرواية، بعكس الماجستيك فقد كانت الألحان أقوى وأوفق. كانت هناك منافسة بين أمين صدقي وعلي الكسار، فانتصر علي الكسار انتصارا مزدوجا على منافسه.»
16
وهكذا سقطت مسرحية «مراتي في الجهادية»، وهذا السقوط أسفر عن انفصال الريحاني وزوجته عن فرقة أمين صدقي.
17
وفي المقابل سار الكسار في نجاحه المتواصل، فعرض يوم 4 / 2 / 1926 مسرحيته الجديدة الخامسة «أنوار»، من تأليف أحمد توفيق وأزجال بديع خيري وألحان زكريا أحمد وتمثيل: علي الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وزكي إبراهيم ومحمد سعيد وجبران نعوم وفكتوريا كوهين. ونجحت هذه المسرحية بشكل ملحوظ، فأشارت إلى ذلك جريدة مصر، وأبانت أن الكسار يسير بخطوات متقدمة نحو خطته في التطوير الأخلاقي للكوميديا، باختياره الموضوعات ذات الدروس المفيدة أخلاقيا، وتقديمها في ثوب كوميدي وبشكل جذاب. ومسرحية أنوار من هذا النوع؛ لأنها تحث الجمهور على الجد والسعي في تنمية حياته الاجتماعية، وتحذر من أعمال الدجل والشعوذة، وتبين عن قيمة الحب النقي الذي يعتبر أساسا متينا للحياة الزوجية.
18
أما أمين صدقي فقد صمد بعض الشيء، بعد انفصال الريحاني عنه، فمثل بفرقته عروضا مسرحية على دار التمثيل العربي منها «بنت الشبندر» و«ناظر المحطة»، بطولة: محمد بهجت وفوزي منيب وعبد اللطيف جمجوم وفتحية أحمد وشرفنطح، ورتيبة أحمد ودوللي أنطوان وعبد الحميد زكي وحسن كامل.
19
ومسرحية «ناظر المحطة» من تأليف أحمد كامل المحامي، وقد استعان فيها أمين صدقي بفوزي منيب ليمثل دور البربري، في محاولة منه لينافس الكسار في شخصيته الفنية. فكتب الناقد جمال الدين حافظ عوض كلمة في هذا الشأن، قال فيها: ... وقام فوزي منيب بدور البربري عثمان. وهنا أرى أنه لا بد من كلمة بسيطة في هذا الموضوع. شخصية البربري هذه ابتكرها علي أفندي الكسار وأخرجها بنجاح كبير، وهو لا يزال يخرجها إلى اليوم بنجاح مستمر. ومن العدل أن نقول إن ليس في البلد من يستطيع إتقان هذا الدور مثله حتى لتظنه بربريا بالفطرة خفيف الروح سريع الحركة يدرس كل حركة من حركاته. أما صديقنا منيب أفندي «البربري النونو»، فهو شاب حديث العهد بالمسرح، أغرم بهذا الدور وعمل على إخراجه من مدة. هو في الواقع صورة صغيرة لعلي أفندي الكسار، لايزال ينقصه الشيء الكثير لإتقان هذه الشخصية، وإخراجها كما يخرجها علي الكسار.
20
وفي مقابل ذلك النشاط لأمين صدقي، واصلت فرقة الكسار نجاحها، فعرضت مسرحيتها الجديدة السادسة «آخر مودة»، يوم 4 / 3 / 1926، تعريب أحمد البابلي وأزجال بديع خيري وتلحين زكريا أحمد وتمثيل: علي الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وفكتوريا كوهين ومحمد سعيد ومحمد العراقي وبباوي فرج الله وليلى وزكية إبراهيم.
21
والمسرحية تعالج مضار ظاهرة اجتماعية جديدة ظهرت في هذا الوقت، وهي انتشار إعلانات وطلبات الزواج بين الجنسين في الصحف المصرية. وقد نجح الكسار في تمثيل دور البربري في هذه المسرحية، ذلك الدور الذي قال عنه الناقد محمد عبد المجيد حلمي:
مثل علي أفندي الكسار دور عثمان كما هي العادة، وعثمان هذا شخصية أزلية ضمن الله لها الخلود بفضل علي أفندي الكسار . فقد اجتازت عصور التاريخ، وبنت الهرم الأكبر من خوفو، ووقفت إلى جانب رمسيس في فتوحاته، وانحدرت مع الإسكندر الأكبر إلى قوم يأجوج ومأجوج، وعبرت البحر مع سيدنا موسى يوم شقه بعصاه، واحتملتها فلك سيدنا نوح فوق أمواج الطوفان، ومثلت مع شكسبير، ثم عادت فتسلقت جبال الألب مع نابليون، بعد أن فرغت من مصاحبة السلطان محمد الفاتح يوم سير السفن على ظهر الأرض ففتح القسطنطينية، واكتشفت أمريكا مع كريستوف كولمبس، وأقامت أسس الولايات المتحدة مع واشنجتون، وفتحت السودان مع كتشنر، وأعلنت الحرب الأوروبية مع غليوم الثاني، ودعت إلى السلام مع ولسن، ودحرت اليونان مع مصطفى كامل، وقاومت الإسبان والفرنسيس مع عبد الكريم، وثارت في الجبل مع الدروز، وحضرت اجتماع المؤتمر الوطني مع سعد. هذه شخصية أزلية خالدة.
22
بعد ذلك أخذت الفرقة راحة يسيرة، تستعد فيها لتقديم مسرحيتها الجديدة التالية، فقدمت طوال شهرين مجموعة كبيرة من مسرحياتها السابقة - التي عرضت أيام جوق صدقي والكسار - مثل: «ناظر الزراعة»، «عثمان حيخش دنيا»، «دولة الحظ»، «إيدك على جيبك»، «إمبراطور زفتى».
23
وفي يوم 29 / 4 / 1926 عرضت الفرقة مسرحيتها الجديدة السابعة «نادي السمر»، اقتبسها من الفرنسية حامد السيد وكتب أزجالها بديع خيري ولحنها زكريا أحمد، ومثلها: علي الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وفكتوريا كوهين وعبد الحميد زكي وعبد العزيز أحمد ومحمد العراقي وسميرة محمد وجانيت حبيب. والمسرحية تعالج مشكلة الخيانة الزوجية، وتبين أن من يعبث بشرف الآخرين، لا بد أن يتجرع من الكأس نفسه. وتم عرض المسرحية على مسرح الماجستيك بعد تحديثه بوضع مراوح كهربائية من أجل راحة الجمهور.
24
وقد كشف الناقد المسرحي محمود طاهر العربي جانبا مهما من شخصية الكسار الفنية، عندما كتب نقدا للمسرحية بدأه بقوله:
قبل أن أبدأ بكلمة عن هذه الرواية أذكر عبارة وعيتها عن علي أفندي الكسار عقب النهاية من مشاهدة رواية «نادي السمر» سألني رأيي، فأبديت له الاستحسان بموضوع الرواية، فقال في حدة: أنا مش عايز كده، أنا أنتظر كلمة النقد قبل الحمد والتشجيع. دلني على خطأ أو موضع ملل. أصلح لي عيبا أكن لفضلك شاكرا. ثم أشاح مشككا غير مرتاح الضمير. وكم كان لهذه العبارة أثر عميق في نفسي؛ فأكبرته من أجلها، وأدركت منها سر نجاحه المدهش وظفرة نبوغه السريع الذي لا يتسنى إلا للنذر القليل من العبقريين الذين يهبهم الله بهبات خاصة.
25
في هذه الفترة ظهر الريحاني ظهورا متواضعا - بعد سقوط مسرحيته «مراتي في الجهادية» - حيث قرأنا أن مصطفى حفني مدير مسرح برنتانيا فسخ العقد المبرم بينه وبين الريحاني؛ لأن الأخير لم يلتزم ببعض بنوده ومنها عدم الاستعداد بأي شيء لافتتاح التياترو، ولم يؤلف أية مسرحية جديدة، ولم ينشر في الصحف كلمة واحدة تدل على رجوعه إلى المسرح. وهكذا أصبح الريحاني وفرقته بلا مسرح! فراح يعرض بعض مسرحياته القديمة على تياترو محمد علي بالإسكندرية، ويستغل سفر أية فرقة مسرحية كي يعرض على مسرحها الثابت؛ مثل فرقة عكاشة عندما سافرت إلى الإسكندرية فعرض بعض مسرحياته القديمة على مسرح الأزبكية، كذلك عرض على مسرح دار التمثيل عندما هجره أمين صدقي، ثم نجده يعرض على صالة سينما راديوم، وعلى مسرح الكورسال. كل ذلك في غضون شهرين تقريبا. ومن المسرحيات التي عرضتها فرقة الريحاني في هذه الفترة: «البرنسيس»، «أيام العز»، «الليالي الملاح»، «الشاطر حسن». كذلك كان يمثل أمين صدقي بفرقته بعضا من مسرحياته القديمة على مسرح كازينو مونت كارلو بروض الفرج، ومنها مسرحية «اسم الله عليه»، التي عرضت يوم 26 / 4 / 1926.
26
في مقابل تشتت الريحاني وصدقي بين المسارح المختلفة، وإعادة عروضهما القديمة، قدم الكسار مسرحيته الجديدة الثامنة والأخيرة لهذا الموسم يوم 3 / 6 / 1926 بالماجستيك، وهي مسرحية «الكرنفال»، تأليف حامد السيد وتلحين زكريا أحمد، وتمثيل: علي الكسار ورتيبة رشدي وحامد مرسي وأنصاف رشدي. وكانت المطربة أم كلثوم تغني في بعض عروض هذه المسرحية.
27
طلب الحصول على تصريح الرقابة لتمثيل مسرحية الكرنفال.
الصفحة الأولى من مخطوطة مسرحية الكرنفال.
وإذا كانت مسرحية «الكرنفال» هي آخر مسرحية جديدة قدمتها فرقة علي الكسار في هذا الموسم، فإن نشاط الفرقة الفني استمر ثلاثة أشهر أخرى، فيما يعرف بالموسم الصيفي، الذي قدمت فيه الفرقة إعادة لأشهر مسرحياتها السابقة، بالإضافة إلى مسرحيات هذا الموسم، ومنها: «إمبراطور زفتى»، «ألف ليلة»، «البربري في الجيش»، «الطمبورة»، «ابن الراجا»، «أنوار». وهذه العروض قدمت على مسارح السويس وبور سعيد وميت غمر وطنطا والمنصورة والإسكندرية. بالإضافة إلى سفر الفرقة إلى سورية وفلسطين وعرض مسرحياتها هناك.
28
هذا النجاح الكبير الذي حققه الكسار، أثار غيرة منافسيه، فكتبوا خطابا موقعا بالأحرف الأولى «ز. م. أ.»، ونشروه في مجلة المسرح تحت عنوان «خطاب مفتوح إلى علي أفندي الكسار». وهذا الخطاب من ألفه إلى يائه يقطر حقدا وحسدا من منافسي الكسار؛ بسبب نجاحه الكبير بفضل شخصيته الفنية «البربري»، وقد رد على هذا الخطاب الناقد محمد عبد المجيد حلمي مفندا ما فيه من مغالطات.
29
وفي مقابل نجاح أول موسم مسرحي لفرقة الكسار، نجد الريحاني مشتتا حائرا، يحاول تجميع أعضاء فرقة مسرحية يعمل بها في الموسم الجديد. فنجده يعلن في الصحف عن حاجته لممثلات هاويات، ثم نجده يصرح بأنه سيتخلى عن تقديم المسرحيات الكوميدية، وسيقدم المسرحيات الجادة. ثم نجد المشاكل تدب بينه وبين زوجته بديعة مصابني، لدرجة أنه فكر في اعتناق الإسلام كي يطلقها، ثم نجده يتفق مع روز اليوسف للانضمام إلى فرقته، ونسمع أنه اتفق أيضا مع عزيزة أمير بخصوص انضمامها إلى فرقته كذلك.
30
أما أمين صدقي فكان حظه أفضل من الريحاني في اختتام هذا الموسم، حيث وجدناه مازال يعمل بمسرح المونت كارلو بروض الفرج، استعدادا لافتتاح مسرحه الجديد - تياترو سميراميس - بعماد الدين. وإن فرقته تتكون من: فوزي منيب، فؤاد شفيق، سيد فوزي، حسين المليجي، أحمد حافظ، أحمد جمال، حسن راشد، ماري منيب، أديل ليفي، ليلى خريستو، عزيزة توفيق.
31
وبطبيعة الحال لم يكن التمثيل الكوميدي قاصرا على فرق الكسار والريحاني وصدقي، بل كانت هناك فرق كوميدية أخرى تعمل في هذا الموسم. ومنها على سبيل المثال فرقة فوزي الجزايرلي التي كانت تعرض مسرحياتها بكازينو البوسفور، ومن أهمها مسرحية «كشكش في الجيش».
32
وفرقة عبد اللطيف جمجوم التي كانت تعمل على مسرح ليلاس بروض الفرج معتمدة على تمثيل عزيزة زمبلك وغناء شفيقة القبطية.
33
وفرقة حسن فايق التي كانت تعرض أعمالها الكوميدية في حديقة كازينو حمامات مصر الجديدة.
34
وفرقة فوزي منيب التي كانت تعرض أعمالها صيفا بكازينو البلفي بالإسكندرية وبمسارح روض الفرج.
35
وأخيرا نجد فرقة يوسف عز الدين التي كانت تعرض أعمالها بكازينو سان أستفانو بروض الفرج، معتمدة على غناء فاطمة قدري.
36
موسم 1926-1927
كانت فرقة أمين صدقي أول فرقة مسرحية كوميدية تفتتح هذا الموسم، بمسرحيتها الجديدة «ليلة في العمر»، وكانت أيضا افتتاحا لمسرحها الجديد - تياترو سميراميس - بشارع عماد الدين يوم 20 / 8 / 1926. ومثل هذه المسرحية: محمد بهجت وتوفيق المردنلي وسيد شطا ومحمد شكري وحسين المليجي وأنصاف رشدي ودينا ليسكا. وقد اختلف النقاد حول هذه المسرحية؛ فقد مدحها محمد عبد المجيد حلمي، وذمها ذما شديدا محمود طاهر العربي.
1
وقبل أن تبدأ أية فرقة كوميدية عروضها المسرحية، عرضت فرقة أمين صدقي مسرحيتها الجديدة الثانية «الكونت زقزوق» يوم 9 / 9 / 1926. واستقبل النقاد هذه المسرحية استقبالا حسنا، عكس مدى نجاحها، خصوصا محمود طاهر العربي.
2
وفي 30 / 9 / 1926 وعلى مسرح الماجستيك، افتتحت فرقة علي الكسار موسمها المسرحي بمسرحية «أبو زعيزع»، تأليف بديع خيري وحامد السيد، وتلحين زكريا أحمد، وتمثيل: علي الكسار ورتيبة رشدي وحامد مرسي وزكي إبراهيم وفكتوريا كوهين ودوللي أنطوان ومحمد سعيد وبباوي وعبد الحميد زكي وفرج وشفيق. وهذه المسرحية لاقت استحسانا كبيرا من قبل النقاد، رغم بعض الهنات فيها؛ لأن الكسار تخلى فيها عن دوره الكوميدي المعهود - عثمان البربري - واستبدله بدور درامي محلى بالكوميديا، ليثبت للجميع أنه يصلح للأدوار الجادة المرحة، مثلما يصلح للأدوار الكوميدية الصرفة، مقلدا في ذلك الريحاني، الذي عزم على التخلي عن شخصيته الفنية كشكش بك، فكان النجاح من نصيب الكسار.
3
واستكمل أمين صدقي نشاطه المميز في هذه الفترة بتياترو سميراميس، فأخرج مسرحية «مملكة العجائب»، التي نجحت بصورة كبيرة بفضل غناء المطربة ملك، وتقدم مستوى فوزي منيب في تمثيل شخصية البربري، لدرجة أن النقاد مدحوه واعتبروه بحق منافسا للكسار.
4
وهذا النجاح أتبعه صدقي بمسرحية أخرى هي «عصافير الجنة»، التي أضافت نجاحا جديدا لهذه الفرقة الكوميدية .
5
لم يقف الريحاني متفرجا أمام نجاح منافسيه الكسار وصدقي، فواصل استعداده لتجهيز مسرحه وافتتاحه بسرعة كبيرة، خصوصا بعد أن أنهى مشاكله العائلية وانفصل عن زوجته بديعة مصابني، التي افتتحت صالة للتمثيل والغناء بين مسرحي الكسار وأمين صدقي. وفي أول نوفمبر 1926 افتتح الريحاني موسمه بمسرحية «المتمردة» تعريب فؤاد سليم، بطولة الريحاني وروز اليوسف وفؤاد سليم وماري منصور وفؤاد شفيق. وفي هذه المسرحية تخلى الريحاني عن شخصيته الفنية كشكش بك، فكان النجاح القليل من نصيبه.
6
وفي يوم 4 / 11 / 1926 مثلت فرقة الكسار مسرحية «الأستاذ»، تعريب جبريل أسود وأحمد زكي، وأزجال بديع خيري وتلحين زكريا أحمد، وتمثيل: الكسار ورتيبة رشدي وحامد مرسي ومحمد سعيد وحسين حسن وسيد مصطفى وفكتوريا كوهين وملكة توفيق ودلال إبراهيم. وكانت المطربة أم كلثوم تغني الطقاطيق في بعض الحفلات النهارية لهذه المسرحية، على تخت العقاد وسامي الشوا والقصبجي.
7
الصفحة الأولى من مخطوطة مسرحية «الأستاذ».
أما الريحاني فقد استطاع بعد أسبوع واحد من نجاح مسرحية الافتتاح، أن يعرض مسرحيته الثانية «مونا فانا»، اقتباس إبراهيم المصري، فجاءت ضعيفة المستوى بسبب سرعة إخراجها دون الاستعداد الجيد لها. وبعد أسبوع آخر استطاع الريحاني أن يمحو - بعض الشيء - الأثر السيئ لهذه المسرحية، بعرضه لمسرحية «الجنة»، التي جاءت أفضل من سابقتها نوعا ما، رغم أن فرقة أمين صدقي مثلتها من قبل باسم «عصافير الجنة».
8
وبعد أيام قليلة أعلن الريحاني عن مسرحية «الشرك»، ولكنه عدل عنها، فمثلت فرقته مسرحية «اللصوص» تعريب عبد الله الرياشي، فلم تلق الإقبال الجماهيري المتوقع.
9
ولم يصمد الريحاني أمام هبوط مستوى مسرحياته جماهيريا، فأغلق مسرحه وحل فرقته التي لم تستمر سوى شهر واحد. والأسباب لهذه الأزمة كثيرة؛ منها تراكم الديون المالية بسبب عدم دفع الريحاني مرتبات ممثليه، وعدم دفعه ثمن الإعلانات للمطابع والصحف. هذا بالإضافة إلى سوء الإدارة وتخبطها في العروض المتوالية دون تجهيز مسبق. يضاف إلى ذلك طبيعة الريحاني المترددة والكسولة، حيث إنه لا طاقة له على العمل الشاق، فصدمة واحدة تكفي لأن ترده عن أي طريق يعتزم السير فيه. ناهيك عن انسحاب روز اليوسف من فرقته ، وتحقيق النيابة العمومية معه بسبب عدم التزامه بحفلات قبض ثمنها دون أن يقيمها، وقيامه بضرب أحد النقاد؛ لأن الأخير ذكر رأيه بصراحة في فرقة الريحاني.
10
في مقابل هذه الأزمة كان الكسار يسير في نجاح عروضه المسرحية الجديدة، حيث عرضت فرقته مسرحية «الوارث» يوم 25 / 11 / 1926، تأليف بديع خيري وألحان زكريا أحمد وتمثيل: علي الكسار وحامد مرسى ورتيبة رشدي وفكتوريا كوهين وعبد الحميد زكي ومحمد سعيد ومحمد العراقي.
11
ومسرحية «حكيم الزمان» يوم 22 / 12 / 1926، تأليف بديع خيري وتلحين زكريا أحمد، وتمثيل: علي الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وحكمت فهمي وفكتوريا كوهين وهانم البغدادي، بالإضافة إلى غناء أم كلثوم. وقد هاجمت جريدة المطرقة المسرحية لصالح أمين صدقي،
12
بينما قال ناقد مجلة الفنون عن دور الكسار في هذه المسرحية:
لا شك في أن الكسار هو الذي اخترع شخصية البربري على المسرح المصري، وإخال أنه سيظل فيها الفرد العلم. فهو ممثل خفيف الظل على المسرح ومحبوب من جمهوره إلى درجة أنه إذا وقف أمام المتفرجين ضجوا له بالتصفيق والتهليل. أما إذا تكلم وضحك أو أشار أية إشارة فإنك ترى الناس وقد انطلقوا، ولا يبقون على وقارهم وأيديهم تمسح عن جفونهم دموع الضحك والسرور. وقد مثل في هذه الرواية دور حكيم الزمان، وكان هو كما يكون دائما. وحسب المنصف أن يقول في وصفه والإشادة بنبوغه في فنه، إنه هو الكسار، وأن إنسانا يمثل شخصية واحدة خمس سنوات كاملة فلا يملها الجمهور، لخليق بأن يقال عنه إنه نابغة بطبعه.
13
وتوالى نجاح فرقة الكسار فقدمت مسرحية «السفور» لحامد السيد يوم 3 / 2 / 1927، من تمثيل: علي الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وفكتوريا كوهين وعبد الحميد زكي ومحمد سعيد، بجانب غناء عبد اللطيف البنا. وهي مسرحية عالجت إحدى المشكلات الاجتماعية في ذلك الوقت، وهي مشكلة الحجاب والسفور. فأبان الكسار عن وجهة نظره في المشكلة بصورة فنية كوميدية، دلالة على أن مسرحه غير منعزل عن مشاكل عصره الاجتماعية.
14
بعد غلق مسرح الريحاني، لم يبق منافس أمام الكسار سوى أمين صدقي، الذي عرضت فرقته مسرحية «خالتي عندكم » في ديسمبر 1926. وهذه المسرحية لم تكن جديدة كما تصورها البعض، بل هي نفسها مسرحية «عصافير الجنة» التي قدمتها الفرقة سابقا، واكتفت فقط بتغيير اسمها واليسير من مواقفها. وربما هذا الأمر كان بداية نهاية الفرقة في هذا الموسم، حيث انسحبت مطربة الفرقة ملك، وبدأ صدقي يتنقل بعروضه بين تياترو سميراميس وكازينو حلوان فعرض مسرحية «هوانم اليوم»، ثم عرض بعض مسرحياته السابقة في الأقاليم، وأخيرا قرر السفر إلى فلسطين في رحلة فنية.
15
وقبل أن ينفرد الكسار بساحة الكوميديا بعد سفر منافسه الوحيد أمين صدقي في ذلك الوقت، ظهر الريحاني مرة أخرى لينافس الكسار من جديد، حيث استعد الريحاني استعدادا نقلته لنا الصحف بصورة مبالغ فيها، خصوصا مساعدة مدام مارسيل له بالمال الوفير. ومهما كان من أمر هذه المبالغة، إلا أن الريحاني قدم مسرحيته الجديدة «ليلة جنان» يوم 3 / 2 / 1927، تأليف بديع خيري والريحاني، فاستحسنها بعض النقاد لما فيها من راقصات أجنبيات يخلبن العقول. وفي مارس 1927 قدمت الفرقة مسرحية «مملكة الحب» تأليف بديع والريحاني، ثم قدمت في أبريل من العام نفسه مسرحية «الحظوظ» تأليف بديع والريحاني،
16
وقد كتب ناقد مجلة الفنون كلمة عنها، قال فيها:
فرغ الريحاني وجوقات رقصه اللواتي جلبهن من بغايا باريس المرة مارسيل لتجربهن على حسابه، من تمثيل رواية «مملكة الحب» وما فيها من دعارة وفجور. وخرج لنا برواية الحظوظ، وهي لا تقل عن سابقتها تبذلا واستهتارا. حتى ليغلب على ظني أن هذا الماخور المسمى تياترو الريحاني، إن لم ينظر إليه البوليس بعين ساهرة لينقلبن «واسعة»
17
لكن بلا رخصة. فهل يتلافى رجال حفظ الآداب هذه الحال التي لا يحسن السكوت عليها؟ هذا ما ننتظره من همة رجال بوليسنا الأماثل.»
18
ولعل هذا الهجوم - وربما غيره - كان من أسباب توقف الريحاني بعد ذلك، حيث كانت هذه العروض آخر عروض مسرحية قدمها في هذا الموسم.
وهكذا خلت الساحة الكوميدية المسرحية أمام الكسار يصول ويجول فيها وحده، بعد سفر أمين صدقي وتوقف الريحاني. فبدأت فرقة الكسار تمطر الساحة بأعمالها المسرحية الجديدة المتوالية ، التي بدأتها بمسرحية «البرنس الصغير» في مارس 1927، تعريب حامد السيد وزكي إبراهيم وتمثيل: علي الكسار ورتيبة رشدي وحامد السيد وفكتوريا كوهين وزكي إبراهيم ومحمد البغدادي وجانيت حبيب وعبد الحميد زكي ومحمد سعيد. وفي أبريل من العام نفسه عرضت الفرقة مسرحية «أبو النوم» تعريب حامد السيد وأزجال بديع خيري وتلحين زكريا أحمد. وقام بتمثيلها أعضاء الفرقة عدا الكسار الذي أراد أن يستريح استعدادا لحفلات عيد الفطر.
19
وفي العيد قدم الكسار مجموعة ضخمة من الحفلات المسرحية، فعرض مسرحياته السابقة، ومنها: «الوارث»، «أبو زعيزع»، «البرنس الصغير»، «البربري في الجيش».
20
بعد ذلك قدمت الفرقة يوم 14 / 4 / 1927 مسرحيتها الجديدة «الأميرة الهندية»، تعريب حامد السيد وزكي إبراهيم، وأزجال بديع خيري، وألحان زكريا أحمد، وتمثيل: علي الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وفكتوريا كوهين، وعبد الحميد زكي ومحمد سعيد وعزيزة صفوت وزكي إبراهيم. وقد دار الجدل بين النقاد حول هذه المسرحية؛ لأنها معتمدة على الأصل الأجنبي لمسرحية «شهرزاد» التي مثلتها فرقة سيد درويش قبل ست سنوات.
21
وفي منتصف مايو 1927 مثلت الفرقة مسرحية «المطامع» تنقيح حامد السيد - حيث إنها في الأصل، مسرحية «زبائن جهنم» التي مثلها محمد بهجت وبشارة واكيم أيام جوق صدقي والكسار - وقام ببطولتها الكسار بجانب أعضاء فرقته.
22
وبعد ذلك مثلت الفرقة يوم 28 / 5 / 1927 مسرحيتها الجديدة «ملكة الجمال»، اقتباس حامد السيد وأزجال بديع خيري وألحان زكريا أحمد، وتمثيل علي الكسار وأعضاء فرقته. وفي يوم 23 / 6 / 1927 قدمت الفرقة آخر مسرحية جديدة لها - وتعتبر العاشرة في هذا الموسم - وهي مسرحية «قفشتك» لحامد السيد.
23
توقفت الفرقة عن تقديم المسرحيات الجديدة، وبدأت موسمها الصيفي خارج العاصمة، فعرضت - على تياترو عدن بالمنصورة، وتياترو سينما أبولون بميت غمر، وتياترو زيزينيا بالإسكندرية - أعمالها المسرحية السابقة، ومنها: «الأستاذ»، «حكيم الزمان»، «إديني عقلك»، «ابن الراجا»، «الوارث»، «أبو زعيزع»، «السفور»، «عثمان حيخش دنيا»، «نادي السمر»، «ملكة الجمال»، «ناظر الزراعة»، «قفشتك»، «دولة الحظ»، «المطامع»، «الأميرة الهندية».
24
وهكذا أنهى الكسار موسمه هذا بنجاح كبير، بعكس ما كانت نهاية منافسيه أمين صدقي والريحاني.
وإذا كان حديثنا فيما سبق اتجه نحو الفرق المسرحية الكوميدية الكبرى، فهذا لا يعني أنها الفرق الكوميدية الوحيدة التي عملت في هذا الموسم. فقد كانت هناك فرق أخرى تعمل، ولكن بصورة غير منتظمة، أو إن عروضها كانت قاصرة على الأقاليم، أو إنها فرق صغرى لا تستطيع منافسة الفرق الكبرى أمثال الكسار وصدقي والريحاني. وأول فرقة من هذه الفرق ظهرت في هذا الموسم، كانت فرقة حافظ نجيب
25
التي عرضت مسرحية فودفيلية بعنوان «بم بم» بتياترو برنتانيا في أكتوبر 1926، وفي مارس 1927 أعلنت عن تمثيل مسرحية أخرى بعنوان «الهوسة» على مسرح سميراميس، ولكنها لم تمثل.
26
أما فرقة علي محجوب الكوميدية، فكانت فرقة جوالة في الأقاليم، عرضت بعض مسرحياتها بالمنيا، مثل «الحلاق الفيلسوف» و«أيام العز» في أكتوبر 1926. وكان من أعضائها البارزين علي محجوب ودولت فهمي وحكمت فهمي ومحمد يوسف. والأخير تخصص في تمثيل شخصية كشكش بك.
27
كذلك نجد فرقة أحمد المسيري تعرض في أكتوبر 1926 مسرحياتها الكوميدية في مدينة طنطا، ويقوم المسيري بتمثيل شخصية البربري.
28
أما حسن فايق فنجده يؤلف فرقة كوميدية ويجوب بها دمنهور والمحلة والمنصورة في أبريل 1927. كذلك نجد بشارة واكيم يؤلف فرقة كوميدية ويعمل بها على مسارح روض الفرج، ومن عروضه في صيف 1927، مسرحيات: «أحب أفهم»، «أهو كده»، «المحامي المزيف»، «حاجب الظرف». وفي روض الفرج أيضا نجد يوسف عز الدين يمثل مع فرقته مسرحيات كشكش بك في كازينو ليلاس، بينما يمثل فوزي منيب مع فرقته مسرحيات البربري عثمان في صيف 1927.
29
وآخر عمل كوميدي في هذا الموسم - تبعا لما بين أيدينا من دوريات ووثائق - كان مسرحية «مهجاص الدايرة» التي عرضتها فرقة حسين علي داود على تياترو فكتوريا في يونيو 1927.
30
موسم 1927-1928
بدأ هذا الموسم بتألق من فرقة الكسار، حيث كانت أول فرقة كوميدية تفتتحه بمسرحيتها الجديدة «ابن فرعون» يوم 1 / 10 / 1927، تأليف زكي إبراهيم، وأزجال بديع خيري، وتلحين زكريا أحمد، وتمثيل: علي الكسار ورتيبة رشدي وحامد مرسي وزكي إبراهيم ومحمد سعيد وفكتوريا كوهين وزكية إبراهيم. وقد كتب عبد الرازق ناقد جريدة كوكب الشرق بحثا نقديا - لا مقالة نقدية - بين فيه قيمة هذه المسرحية فنيا وتاريخيا ، بعد أن قارن بين أحداثها وبين التاريخ الفرعوني، معتمدا في مقارنته على بعض كتب التاريخ. كما تحدث أيضا عن التمثيل والملابس والإخراج ... إلخ. وأهم نقطة لفتت نظره أن المسرحية كتبت بمزيج من الفصحى والعامية، في سابقة لم تحدث في عروض الكسار.
1
الصفحة الأخيرة من مخطوطة مسرحية ابن فرعون.
وفي يوم 20 / 10 / 1927 عرضت الفرقة مسرحيتها الجديدة الثانية لهذا الموسم، وهي مسرحية «زهرة الربيع»، تأليف حامد السيد وأزجال بديع خيري وتلحين زكريا أحمد، وتمثيل الكسار وأفراد فرقته.
2
بعد نجاح هاتين المسرحيتين، ظهر الريحاني بعد غيبة طويلة ومثل مع فرقته مسرحية «يوم القيامة» تأليف أمين صدقي، في أوائل نوفمبر 1927. وهذا يعني أن منافسا الكسار اتحدا سويا في هذا العمل، الذي لم نجد له أية أصداء نقدية.
3
بينما نجد النقد والمديح يتجه صوب الكسار الذي عرض مسرحيته الثالثة في هذا الموسم، وهي «الحساب» تأليف بديع خيري وتلحين زكريا أحمد، وتمثيل الكسار وأعضاء فرقته يوم 10 / 11 / 1927. وهي مسرحية تظهر مساوئ إجراءات السجون، وأعمال الدجل والنصب من قبل المحامين، وتدخل أصحاب النفوذ في عدم تنفيذ القانون، واستخدام الوساطة والمحسوبية ... إلخ.
4
وبعد أقل من شهر عرض الكسار مسرحيته الرابعة «بدر البدور» يوم 5 / 12 / 1927، تأليف بديع خيري، وتمثيل الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وعبد العزيز محمد وزكي إبراهيم وحكمت فهمي.
5
وقد استحسن النقاد هذه المسرحية خصوصا الإخراج، الذي قال عنه الناقد عبد الرازق: «كان إخراج هذه الرواية كثير الإتقان، وكانت مناظرها وملابسها على درجة من الجمال كبيرة. ولعل هذه الناحية، هي أكثر نواحيها روعة وجلالا، ويعزى إليها السر في نجاح هذه الرواية.»
6
وبعد نجاح الكسار في هاتين المسرحيتين أيضا، أخرج الريحاني في ديسمبر 1927، مسرحيته الجديدة الثانية «علشان بوسة» تأليف بديع خيري.
7
وكتب ناقد مجلة المصور كلمة عنها، قال فيها: «ليس في الرواية حكمة بليغة أو فكرة سامية أو تحليل خلقي يجتنى منه نفع ما. ولكن إذا تساهل النقد إلى حد المجاملة. يقال إن فيها عبرة لهؤلاء النفر الذين جعلوا مضايقة السيدات والتحرش بهن صناعة. كما أنه لا يؤخذ على المؤلف بديع شيء البتة؛ إذ قد وفى ما يطلب من مؤلفي هذا النوع من حسن السبك وملاحة النكتة، اللهم إلا بعض ألفاظ يمكن تلافيها في المستقبل لثقلها على السمع.»
8
ورغم هذا الهجوم على الريحاني، إلا أنه كان منافسا حقيقيا للكسار، طوال فترة ليست بالقصيرة في هذا الموسم. فعندما عرض الكسار مسرحيته الجديدة الخامسة «حلم ولا علم»، تأليف بديع خيري وتلحين زكريا أحمد يوم 5 / 1 / 1928. نجد الريحاني بعد أسبوع يعرض مسرحيته الجديدة «جنان في جنان» تأليف بديع خيري والريحاني. فيقوم الكسار بعد أسبوعين بعرض مسرحيته السادسة «الساحر أبو فصادة» تأليف حامد السيد وأزجال بديع خيري وتلحين زكريا أحمد يوم 1 / 2 / 1928. فيقوم الريحاني بعد أسبوعين أيضا بعرض مسرحيته الجديدة «آه من النسوان» تأليف بديع والريحاني.
9
وقد كتبت مجلة الستار كلمة عن هذه المسرحية، قالت فيها:
هي رابع رواية ناجحة أخرجها مسرح الريحاني هذا العام - إذا اعتبرنا رواية يوم القيامة من الروايات الناجحة - وهي أقرب إلى نوع الفودفيل منها إلى نوع الريفيو، الذي برع الريحاني في إخراجه هذا العام، ولولا ظهور الراقصات على المسرح بمناسبة وغير مناسبة، لكانت رواية فريدة في نوعها، ولصح أن تمثل على أي مسرح من مسارح أوروبا. ولا يعني هذا أن الرقص جاء مشوها للرواية - وإنما كان «زيادة حلاوة» لازمة لإدخال السرور على قلوب المتفرجين المصريين. التأليف: وهنا لي ملاحظة قد أحتاج إلى شيء من الشجاعة لإبدائها بكل صراحة. اشترك في تأليف هذه الرواية كل من الأستاذين نجيب الريحاني وبديع خيري، على أن الناقد المدقق يلاحظ أن الروايات التي أخرجها مسرح الماجستيك - وهي من تأليف الأستاذ بديع خيري بمفرده - تختلف كل الاختلاف عن روايات مسرح الريحاني، فلست تجد فيها تلك الحركة المسرحية المحبوكة، ولا تلك الروح الخفيفة ولا النكتة الطريفة الجديدة، ولعل السبب في ذلك راجع ولا شك إلى اشتراك الأستاذ نجيب الريحاني في التأليف.
10
غلاف مخطوطة مسرحية «الساحر أبو فصادة».
وفي مارس ينشط الكسار بصورة ملحوظة، ويعرض مسرحيته السابعة «السكرتير» تأليف حامد السيد وأزجال بديع خيري وألحان زكريا أحمد يوم 1 / 3 / 1928. وبعدها بأسبوع نجده يعرض بتياترو البلفدير بالإسكندرية مسرحيتي «الحساب وبدر البدور»، ثم ينشط أكثر فأكثر ويعرض حفلتين كل يوم من أيام العيد، فيمثل مسرحيات: «الحساب»، «بدر البدور»، «حلم ولا علم»، «البربري في الجيش». وفي يوم 5 / 4 / 1928 نجده يعرض مسرحيته الجديدة الثامنة «غاية المنا»، تأليف بديع خيري وتلحين زكريا أحمد.
11
الصفحة الأولى من مخطوطة مسرحية «غاية المنا».
تقرير الرقابة عن مسرحية «غاية المنا».
ومقابل هذا النشاط المتواصل للكسار، نجد الريحاني يمثل آخر مسرحياته الجديدة في هذا الموسم «إبقى اغمزني»، في أبريل 1928، وقد تخلى فيها الريحاني عن شخصيته الفنية كشكش بك.
12
وتخلى أيضا عن منافسة الكسار بقية الموسم، فانطلق الكسار في نجاح عروضه المتوالية، فنجده يوم 8 / 5 / 1928 يمثل مسرحيته الجديدة التاسعة «نصيحة عالهامش»، تأليف حامد السيد وأزجال بديع خيري، وتمثيل: علي الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وفكتوريا كوهين وصوفي جوزيف وزكية إبراهيم. وفي يوم 14 / 6 / 1928 يختتم الكسار موسمه بمسرحيته العاشرة «الشيخ عثمان»، تأليف بديع خيري وتلحين إبراهيم فوزي وبطولة الكسار وأعضاء فرقته.
13
إحدى صفحات مخطوطة مسرحية «نصيحة عالهامش».
لم يتوقف الكسار بعد انتهاء موسمه ليلتقط أنفاسه، بل بدأ في منتصف يونيو 1928 موسمه الصيفي، فعرض مجموعة من مسرحياته السابقة على عدة مسارح، منها: مسرح كازينو مونت كارلو بروض الفرج، ومسرح زيزينيا بالإسكندرية، ومسرح البلدية بطنطا. ومن العروض التي قدمها في هذا الموسم الصيفي: «بدر البدور»، «الشيخ عثمان»، «الحساب»، «ناظر الزراعة»، «البرنس الصغير»، «الطمبورة»، «الوارث»، «غاية المنا»، «ابن فرعون».
14
وفي هذا الموسم الصيفي ظهر أمين صدقي بعد اختفاء ظل لمدة عام كامل، بسبب هدمه لمسرحه «سميراميس»، واشتغاله بتأليف المسرحيات للفرق الأخرى. ظهر صدقي مرة أخرى في مايو 1928، بعد أن اتفقت معه شركة بيرة الأهرام على تشكيل فرقة مسرحية، تمثل على حديقتها بالجيزة. وبالفعل شكل صدقي هذه الفرقة، وتكونت من: محمد بهجت، عبد اللطيف جمجوم، فؤاد شفيق، دوللي أنطوان، هنريت كوهين، والراقصتين بتروفنا، وفيوري الراقصة الإيطالية، ولويزة الراقصة الشرقية، عبد الحميد زكي، شفيقة المصرية، فؤاد شفيق، حسين المليجي، حسين إبراهيم، توفيق المردنلي. ومثلت هذه الفرقة - على مدار ثلاثة أشهر - مجموعة من المسرحيات الكوميدية، منها : «ناظر الزراعة»، «جوزي جاي ورايا»، «بنت الشبندر»، «زقزوق في الجيش»، «مرحب»، «عصافير الجنة»، «حزب السح وحزب النح»، «ألف ليلة»، «زقزوق حيخش دنيا».
15
وإذا نظرنا في هذا الموسم إلى الفرق الكوميدية التي تعمل صيفا فقط، سنجد فرقة فوزي منيب التي تعرض مسرحيات الكسار بعد تحويرها وتغيير مواقفها، على مسارح روض الفرج، ويقوم فوزي منيب فيها بتقليد شخصية البربري. كذلك فرقة يوسف عز الدين التي تعرض مسرحيات الريحاني بعد تغييرها على مسارح روض الفرج أيضا، ويقوم يوسف عز الدين كذلك بتقليد شخصية كشكش بك. وبالإضافة إلى هاتين الفرقتين نجد فرقة عبد العزيز خليل التي كانت تعرض أعمالها الكوميدية على مسرح مونت كارلو بروض الفرج.
16
أما فرقة محمد كمال المصري «شرفنطح»، فكانت تعرض مسرحياتها الكوميدية - في سبتمبر 1928 - على مسرح بيرة الأهرام، بعد أن تركه أمين صدقي، ومنها: «وراهم»، «الضابط المأثور».
17
موسم 1928-1929
يعتبر التنافس الفني بين الفرق الثلاث - علي الكسار ونجيب الريحاني وأمين صدقي - السمة الغالبة في هذا الموسم، الذي افتتحه الكسار يوم 20 / 9 / 1928، بمسرحية «أنا عارف وأنت عارف»، تعريب السيد والي، وأزجال بديع خيري وتلحين داود حسني، وبطولة الكسار وحامد السيد. وهذه المسرحية لاقت هجوما من بعض النقاد؛ لأنهم اعتبروها نسخة من مسرحية «المتصرف بالعباد»، التي مثلتها فرقة جورج أبيض، وقام بتحويلها إلى كوميدية السيد والي. ولكن الكسار سرعان ما رد على ذلك بنجاح مسرحيته الثانية «أبو النواس» التي عرضت يوم 11 / 10 / 1928، تأليف حامد السيد وتمثيل: الكسار وحامد مرسي ولطيفة نظمي وعبد الحميد زكي وعبد العزيز أحمد ومحمد شفيق ومحمد سعيد.
1
علي الكسار في دور أبو النواس.
وبعد أسبوعين افتتح الريحاني مسرحه، بعد تجهيزه تجهيزا جيدا، وبعد أن تم الوفاق بينه وبين بديعة مصابني، التي شاركته بطولة مسرحية الافتتاح «ياسمينة»، من تأليف الريحاني وبديع خيري. وهذه المسرحية لاقت نجاحا كبيرا، فاق كل التوقعات، رغم أنها مأخوذة من موضوع مسرحية الكسار «إمبراطور زفتي». وكان من أسباب نجاح المسرحية، ألحان زكريا أحمد ملحن جميع مسرحيات الكسار منذ تكوين فرقته. وهذا النجاح أكمله الريحاني بنجاح مسرحيته الثانية «أنا وأنت»، بفضل تألق بديعة مصابني وغناء محمد عبد الوهاب. والمسرحية من تأليف الريحاني وبديع خيري. وفي 1 / 12 / 1928 أخرج الكسار مسرحيته الجديدة الثالثة «البلابل»، تأليف حامد السيد وأزجال بديع خيري وألحان زكريا أحمد، وتمثيل: الكسار وعلية فوزي وحامد السيد ولطيفة نظمي. وفي 20 / 12 / 1928 أخرج الكسار أيضا مسرحيته الجديدة الرابعة هذا الموسم، وهي مسرحية «الكنوز» تأليف بديع خيري، ولكننا لم نجد أثرا نقديا لها - تبعا لما بين أيدينا من معلومات - ولعلها لم تنل النجاح المرجو.
2
طلب تصريح تمثيل مسرحية «الكنوز».
تقرير الرقابة عن مسرحية «الكنوز».
صورة من عرض مسرحية «الكنوز».
وفي أوائل يناير 1929 ظهر المنافس الثالث أمين صدقي، وكان ظهوره قويا هذا الموسم، حيث افتتح أعمال فرقته في دار التمثيل العربي بمسرحية «يا رايح قول للجاي»، من تأليفه. وقد نجحت هذه المسرحية جماهيريا ونقديا، كما نجحت أيضا مسرحيته الثانية «أميرة مراكش».
3
فرد الكسار على هذا النجاح يوم 17 / 1 / 1929، بنجاح مسرحيته الجديدة الخامسة «العروسة»، تعريب حامد السيد وأزجال بديع خيري وألحان زكريا أحمد، وتمثيل: الكسار وحامد مرسي وعلية فوزي.
4
فرد عليهما الريحاني بنجاح ساحق، عندما عرض مسرحيته «علشان سواد عينها»، التي قال عنها سهيل، ناقد مجلة المصور:
مازال نجيب الريحاني يعمل على التقدم بفرقته إلى الأمام، فلا يقف بها عند نوع واحد يقتصر عليه، بل نراه يكثر من التحوير والتغيير في إخراج رواياته. وهذه ميزة نعترف بها لنجيب ونسجلها لفرقته. أما الرواية التي نحن بصددها ففكاهة خفيفة الظل لا تشوبها شائبة من بذيء الألفاظ وسخيف النكات وسفيه العبارات، بل تسير في جو يسوده الصفاء والسرور وتتخلله العبرة النافعة والعظة البالغة ... على أن أحسن ما سرني وأمتعني هو خلو الرواية من أي إشارة أو كلمة بذيئة، فجميع نكاتها بريئة وكل هزلها في حدود الأدب الجم والمتعة الخالية من كل ما لا يلائم الذوق السليم. وأستطيع أن أقول في غير تحفظ أن نجيبا لم يبلغ في رواية من روايات هذا الموسم ما بلغه في قصته هذه من سمو وارتفاع.
5
وظل النجاح من نصيب الفرق الثلاث المتنافسة طوال هذا الموسم، مما أثرى الحياة المسرحية الكوميدية في مصر، فإذا نجحت إحدى الفرق في عرض لها، ترد عليها الفرقة الأخرى بنجاح مساو لها، ثم ترد عليهما الفرقة الثالثة بنجاح أكثر بعض الشيء. وهكذا توزع النجاح بينهما بصورة يصعب على المرء تحديد نصيب كل فرقة منه. فعلى سبيل المثال نجد فرقة أمين صدقي تعرض مسرحية «ليلة دخلتي» في فبراير 1929، فتقوم فرقة الكسار في 14 / 2 / 1929، بعرض مسرحيتها الجديدة السادسة «العيلة المزيفة»، تأليف حامد السيد وأزجال بديع خيري وألحان زكريا أحمد، فيختتم الريحاني آخر مسرحياته الجديدة هذا الموسم في مارس 1929، بمسرحية «مصر في سنة 1929»، من تأليف الريحاني وبديع خيري، فيعرض الكسار مسرحيته السابعة «مين فيهم»، يوم 28 / 3 / 1929 تأليف حامد السيد وأزجال بديع خيري وألحان زكريا أحمد، كذلك يعرض مسرحيته الجديدة الثامنة «مافيش منها»، تأليف بديع خيري يوم 25 / 4 / 1929، ثم يختتم الكسار موسمه يوم 30 / 5 / 1929 بمسرحيته الجديدة التاسعة «ابن الأمباشي»، تأليف حامد السيد، ليبدأ الكسار بعد ذلك موسمه الصيفي بالإسكندرية فيعرض مجموعة من مسرحياته السابقة.
6
وإذا نظرنا إلى الفرق الكوميدية الصغرى التي عملت في هذا الموسم، سنجد فرقة محمد بهجت - التي كان لها شأن كبير فيما مضى - تظهر مرة أخرى وتمثل مسرحيتي «البرنسيس» و«بنت الحاوي»، على مسرح حديقة بيرة الأهرام بطولة شفيقة القبطية. كذلك نجد فرقة محمد كمال المصري التي عرضت مجموعة من مسرحياتها الكوميدية على تياترو حديقة الفانتازيو بالجيزة، ومنها: «شرفنطح حرامي»، «العمدة في الكباريه»، و«أفيونتي».
7
أما فرقة أحمد المسيري - وتبعا لما بين أيدينا من وثائق
8 - فإنها عزمت على تمثيل مجموعة من المسرحيات الكوميدية على مسرح الكونكودريا بالإسكندرية، ومنها: «اللوكاندة المسحورة»، «حرامي الفراخ»، «شايب وعايب»، «الكذاب». وأخيرا نجد فرقة يوسف عز الدين تعتزم تمثيل مسرحية «ملايين الهندية» على مسرح كازينو سان أستفانو بروض الفرج.
أما فرقة فوزي منيب فقد تألقت تألقا غير مسبوق في هذا الموسم، حيث عرضت - تبعا لما بين أيدينا من وثائق رقابية - مجموعة كبيرة من المسرحيات على مسرح كازينو ليلاس بروض الفرج، طوال خمسة أشهر. ومن هذه المسرحيات: «عريس الغفلة»، «كنز القبطان» أو «جزيرة المتوحشين»، «إمبراطور زفتى»، «السر في السبت»، «ليالي الأنس»، «بنت الوالي»، «خاتم الملك»، «الأميرة قمر الزمان»، «لوكاندة الحظ»، «مملكة العجائب» أو «بلاد السند والهند»، «غرايب الدنيا» أو «ابن الشمس»، «مملكة الباباظ» أو «دولة الحظ»، «القرش الأبيض»، «كوهين وكيلي»، «وراه ليتجوز»، «موسى الخضري» أو «أما لبخة»، «بريه من حماتي».
9
موسم 1929-1930
يعتبر هذا الموسم امتدادا للموسم السابق، من حيث التنافس الفني بين الفرق الكوميدية الكبرى الثلاث: علي الكسار ونجيب الريحاني وأمين صدقي. وكان للكسار - كعادته - السبق في افتتاح الموسم بمسرحية «طاحونة الهوى»، يوم 26 / 9 / 1929 تأليف حامد السيد وأزجال بديع خيري وألحان زكريا أحمد، بطولة الكسار وحامد مرسي وعلية فوزي. أما أمين صدقي فقد افتتح موسمه في أكتوبر 1929، على مسرح البوسفور بمسرحية «مصر في المنام». وفي يوم 24 / 10 / 1929 أخرج الكسار مسرحيته الثانية هذا الموسم بعنوان «ملكة الغابة»، تأليف بديع خيري وبطولة الكسار وحامد مرسي وعقيلة راتب، فقام أمين صدقي بإخراج مسرحيته الثانية أيضا «قضية زربيحة هانم» في نوفمبر 1929.
1
وفي نوفمبر أيضا ظهر الريحاني بقوة كبيرة، عندما افتتح موسمه بمسرحية «نجمة الصبح»، من تأليفه بالاشتراك مع بديع خيري. وقد استحسن النقاد هذه المسرحية، ومدحوها من حيث التنظيم والاستعداد والديكور. وكان من أسباب نجاحها أيضا غناء أم كلثوم المصاحب للعرض.
2
فحاول المنافسان الآخران سلب هذا النجاح من الريحاني، فعرض كل واحد منهما مسرحيته الجديدة في يوم واحد، وهو يوم 28 / 11 / 1929. ففي هذا اليوم عرض الكسار مسرحيته الجديدة الثالثة «قاضي الغرام»، تأليف بديع خيري، كما عرض صدقي مسرحيته الجديدة «دولاب الغرام» في اليوم نفسه.
3
الصفحة الأولى من مخطوطة مسرحية «قاضي الغرام».
ومن الواضح أن مسرحية الكسار لم تفلح في سلب النجاح الذي حققه الريحاني، بقدر ما تفوقت على مسرحية أمين صدقي، الذي قال عنها أحد النقاد: «دولاب الغرام لفرقة البسفور: لقد رأيت في هذه الرواية كثيرا من الفضائح التي يندى لها الجبين. وتنزل إلى الحضيض من ناحية الأخلاق الشعبية العامة ... كان يجب على أمين صدقي أن يربأ بقلمه عن الإسفاف إلى هذه الدرجة، وهذا الأسلوب الذي يكتب به نكات رواياته، التي هي أشبه بنكات السوقة من الناس. وقد علمنا أن وزارة الداخلية قد صادرت هذه الرواية وعطلت تمثيلها. ويدور الآن شبه تحقيق مع المؤلف لإضافته بعض ألفاظ ونكات إلى الرواية بعد اطلاع قلم المطبوعات عليها والتصريح بتمثيلها.»
4
وفي ديسمبر 1929 واصل الريحاني تألقه ونجاحه، عندما عرض مسرحيته الثانية «اتبحبح»، من تأليفه بالاشتراك مع بديع خيري. وقد أثنى النقاد على هذه المسرحية كثيرا من المدح، خصوصا تألق الريحاني في شخصية كشكش بك. فقام الكسار بعرض مسرحيته الجديدة الرابعة «زهرة الخبازة»، يوم 3 / 1 / 1930 تعريب حامد السيد وأزجال بديع خيري، وتمثيل: الكسار وحامد مرسي وعقيلة راتب وعبد الحميد زكي ولطيفة نظمي وفؤاد الجزايرلي. وقد لاقت هذه المسرحية بعضا من النجاح.
5
وفي يناير 1930 عرض أمين صدقي مسرحيته «أول بختها»، التي كان حظها أفضل من سابقتها. بينما نجد الكسار يعرض مسرحيته الجديدة الخامسة «بوابة جحا»، يوم 23 / 1 / 1930 بطولة الكسار وحامد مرسي وعقيلة راتب. فينسحب صدقي من المنافسة ويسافر إلى الإسكندرية مع مجموعة أخرى من الفرق الصغرى. ويقوم الريحاني بإنهاء موسمه في فبراير 1930، بعرض مسرحية «ليلة نغنغة»، من تأليفه بالاشتراك مع بديع خيري، ومن ثم سافر إلى سورية في رحلة فنية. أما الكسار فقد اختتم هذا الموسم مبكرا، حيث عرض مسرحيته السادسة والأخيرة هذا الموسم يوم 13 / 3 / 1930، وكانت بعنوان «عجايب».
6
ومن الملاحظ أن هذا الموسم كان أقصر المواسم المسرحية التي مرت على الفرق الثلاث الكوميدية المتنافسة. كما أن عدم النجاح الذي أصاب أغلبها، لم يكن سببه إلا الأزمة الاقتصادية العالمية التي أثرت على الحالة الاقتصادية في مصر، مما انعكس سلبا على المسرح وجمهوره. وإذا كان الريحاني لاقى النجاح الأوفر في هذا الموسم رغم هذه الأزمة، فهذا راجع إلى الاستعراضات التي أدخلها في عروضه، والتي اعتمدت على رشاقة الراقصات الأجنبيات. ورغم هذا العامل، إلا أن الريحاني آثر الانتقال إلى سورية هربا من الأزمة الاقتصادية الخانقة. كذلك فعل أمين صدقي عندما سافر بفرقته إلى الإسكندرية، لعل حظه يكون أفضل من العاصمة. أما الكسار فبقي وحده صامدا أمام هذه الأزمة، التي أثرت عليه وتجلت في صورة قلة المسرحيات الجديدة، التي تم عرضها هذا الموسم.
ومن الجدير بالذكر أن الأزمة الاقتصادية كما طالت الفرق الكبرى، طالت أيضا الفرق الكوميدية الصغرى. فأغلب الفرق التي كانت تعمل في مسارح روض الفرج، سافرت إلى الإسكندرية في محاولة التغلب على أزمة عزوف الإقبال الجماهيري في العاصمة. ومن هذه الفرق فوزي الجزايرلي، وفوزي منيب، ويوسف عز الدين. وكانت هذه الفرق بالإضافة إلى فرقة عبد اللطيف جمجوم، وفرقة بشارة واكيم، تتنقل بين مسارح الإسكندرية وبين مسارح روض الفرج والجيزة أغلب فترات هذا الموسم.
7
موسم 1930-1931
لم يكن هذا الموسم أفضل من سابقه، بسبب استمرار الأزمة الاقتصادية وتفاقمها بشكل كبير. ورغم ذلك استمرت الحركة المسرحية ولكن بصورة مضطربة، وبالتالي اضطربت الحالة النقدية، وقلت الإعلانات المسرحية المنشورة في الصحف. وتبعا لما بين أيدينا من معلومات، لوحظ أن الكسار - كعادته - كان أسبق الفرق المسرحية الكوميدية في افتتاح هذا الموسم، حيث افتتحه بمسرحية «وردشاه» يوم 6 / 11 / 1930، تأليف وأزجال بديع خيري وألحان إبراهيم فوزي، وبطولة الكسار وحامد مرسي وعقيلة راتب. وقد نجحت هذه المسرحية نجاحا جماهيريا ونقديا كبيرا، رغم اشتداد الأزمة الاقتصادية.
1
أما الريحان، فقد افتتح موسمه بمسرحية «أموت في كده» في نوفمبر 1930 أيضا، في حين أن المعلومات عن الكسار أصبحت شحيحة، حيث تعرض إلى ظروف طارئة، منها مرض بطلة فرقته عقيلة راتب، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية. وبسبب ذلك تأخرت مسرحيته الجديدة الثانية إلى يناير 1931. ففي هذا الشهر عرض الكسار مسرحية «المدينة المسحورة»، اقتباس أحمد زكي السيد، وبطولة: الكسار وحامد مرسي وعبد العزيز أحمد وصوفي جوزيف ولطيفة نظمي وزكية إبراهيم ومحمد سعيد ومحمد شفيق.
2
وفي يناير 1931 أيضا قدم الريحاني مسرحيته الثانية «عباسية»، التي قدمها يوسف وهبي عام 1926 باسم «مستشفى المجاذيب». ورغم هذا فقد نجحت مسرحية الريحاني بعض الشيء. ولكن الأزمة الاقتصادية أخذت تشتد بصورة كبيرة، مما أثر على نشاط الفرق المسرحية؛ فنجد الكسار طوال شهرين يتنقل بعروضه القديمة بين المنيا وأسيوط وبور سعيد والزقازيق والمنصور، أملا في إنقاذ فرقته من التوقف بسبب الأزمة. أما الريحاني فأعلن في فبراير عن تمثيل مسرحية «الأرنبة»، ثم عدل عنها واستعد لإخراج مسرحية «حاجة حلوة»، التي عرضها في الشهر التالي.
3
وفي 13 / 3 / 1931 استطاع الكسار أن يخرج مسرحيته الثالثة «البطة العجيبة» تأليف حامد السيد، التي قال عنها ناقد مجلة المصور:
أخرجت فرقة الماجستيك هذه الرواية بعد فترة كانت تعيد فيها رواياتها القديمة. ويظهر أن التسرع كان له شأن كبير في عدم التوفيق الذي صادفته هذه الرواية. ولولا خفة روح ممثلها الكبير الأستاذ علي الكسار، لتقوضت أركانها وانهدم بنيانها. فهي في كثير من مواقفها مرتبكة غير مفهومة؛ لذلك نقف عند هذا الحد، ونقدم الأستاذ علي الكسار للجمهور كأساس متين وقف يسند هذا البناء المتداعي.
4
وفي مارس أيضا استطاع الريحاني إخراج مسرحيته الجديدة «ليلة غرام»، بينما أخرج الكسار مسرحيته الجديدة الرابعة «الغجرية» في أبريل 1931، من تأليف أمين صدقي وبطولة الكسار وعقيلة راتب ولطيفة نظمي، وقد لاقت هذه المسرحية استحسان النقاد في ذلك الوقت. ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية، قامت الحكومة بصرف إعانات مالية لأصحاب الفرق، فأعطت كلا من الكسار والريحاني ثلاثمائة وخمسين جنيها. وبناء على هذه الإعانة أخرج الريحاني مسرحيته الأخيرة هذا الموسم «كذبة أبريل»، المقتبسة من مسرحية «بسلامته بيصطاد»، التي أخرجتها فرقة فاطمة رشدي سابقا. أما الكسار فقد أخرج مسرحيته الجديدة الخامسة «حماتك تحبك» في مايو 1931، من تأليف أمين صدقي، وهي المسرحية التي قدمها الريحاني عام 1917.
5
لم يقدم الريحاني أية عروض أخرى في هذا الموسم، ونقلت الصحف عنه بعض الأخبار، منها: عزمه على الانتقال من مسرحه إلى كازينو الفانتازيو بالجيزة بعد إصلاحه وتغيير اسمه إلى سمر فوليز. ولكنه عدل عن هذا المشروع، واستأجر قطعة أرض بشارع الملكة نازلي مملوكة لجمعية الهلال الأحمر - كان يشغلها سيرك ابن عمار - ليشيد عليها مسرحا شتويا. أما مسرحه القديم فقد يئول إلى الأختين رتيبة وأنصاف رشدي، فيتم تحويله إلى صالة رقص وغناء. ومن أطرف ما نشر عن الريحاني في هذا الموسم، أنه أعطى تصريحا لفوزي منيب بتمثيل مسرحياته على مسارح روض الفرج، نظير مبلغ من المال كل شهر. وبعد أيام أعطى الريحاني تصريحا مماثلا ليوسف عز الدين. وكسب الريحاني من الاثنين مبلغا من المال، وتركهما يتنازعان أمام المحاكم.
6
أما الكسار فقد واصل نشاطه طوال هذا الموسم دون توقف - رغم الأزمة الاقتصادية - فنجده يعرض مسرحيته الجديدة السادسة «عريس الهنا» في مايو 1931 أيضا، من تأليف أمين صدقي. وفي شهر يونيو 1931 قدم الكسار مسرحيته الجديدة السابعة - والأخيرة هذا الموسم - «حلال عليك»، من تأليف أمين صدقي وتلحين إبراهيم فوزي، وتمثيل: الكسار وحامد مرسي وعقيلة راتب وعبد العزيز أحمد ولطيفة نظمي.
7
ومن طرائف هذه المسرحية، أنها كانت، وقت عرضها، المسرحية الوحيدة التي تعرض على الجمهور المصري في العاصمة. ومجلة المصور كان بها باب ثابت بعنوان «خلاصة الحركة الأسبوعية»، وكاتب هذا الباب أشار إلى هذا الأمر بقوله: «وأية خلاصة يتطلبها القارئ العزيز في وقت أقفلت فيه المسارح ولم يبق منها إلا مسرح واحد قد يحذو حذوها قبل أن يشرف الشهر القادم على نهايته. ذلك هو مسرح الماجستيك وقد أخرج يوم الخميس الماضي روايته الجديدة والأخيرة وهي رواية «حلال عليك».»
8
وفي نهاية يوليو 1931، بدأ الكسار موسمه الصيفي بعرض مجموعة من مسرحياته السابقة على مسارح الأقاليم المختلفة. ودائما ما كان يختتم الكسار موسمه هذا بقضاء شهر في الإسكندرية، حيث يمثل على مسرح زيزينيا مجموعة كبيرة من مسرحياته. وهذه الرحلة أصبحت عادة عند الفرقة، ينتظرها جمهور الإسكندرية كل عام بفارغ الصبر. ولكن بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة، لم تنجح الفرقة جماهيريا هذا الموسم، ولم تكسب ماديا كعادتها، وما كان إيرادها يفي باحتياجاتها الضرورية في هذا الموسم.
9
وهذه الأزمة أثرت أيضا على الفرق الكوميدية الصغرى، ومنها فرقة يوسف عز الدين التي كانت تعمل على تياترو سان أستفانو بروض الفرج، وفرقة فوزي منيب التي كانت تعمل على مسرح كازينو ليلاس بروض الفرج أيضا، وتحدثنا فيما سبق عن تنازعهما حول حق كل منهما في تمثيل مسرحيات الريحاني. أما فرقة فوزي الجزايرلي فقد استوطنت كازينو كامب شيزار بالإسكندرية تعرض عليه مسرحياتها الكوميدية.
10
موسم 1931-1932
انفرجت الأزمة الاقتصادية وكادت أن تنتهي، فعاد النشاط المسرحي وتألقت الفرق المسرحية كما كانت قبل حلول الأزمة. وكعادة الكسار كان له السبق في افتتاح هذا الموسم التمثيلي بمسرحية «خير إن شاء الله» يوم 24 / 9 / 1931، تأليف بديع خيري وبطولة الكسار وحامد مرسي وعقيلة راتب.
1
وقد امتدح ناقد مجلة المصور هذه المسرحية، قائلا: «براعة استهلال وفاتحة طيبة وفأل حسن لعمل مجيد يتقدم به الأستاذ الكسار، ويفتتح به الموسم التمثيلي هذا العام مبكرا، ليقوي من عزائم الفرق ويبعث فيها روح النشاط. الكسار مثل حي في المثابرة والصبر، فهو فرقة في شخص لا شخص في فرقة. تراه طوال العام صيفا وشتاء يجد ويعمل لا يعرف السأم والملل، بل رائده الكفاح الدائم والمنافسة الحرة الشريفة، التي تعود عليه بالربح الحلال؛ ولذا تراه يتقدم إلى الأمام نحو غايته السامية. ولا غرابة في ذلك لأن الرجل ذو عقيدة ثابتة وسريرة نقية خالصة، يحسن الإدارة إلى حد بعيد، ويدأب دائما على خير إخوانه وسعادتهم.»
2
وبعد أسبوعين من نجاح مسرحية الافتتاح، وتحديدا يوم 16 / 10 / 1931 عرض الكسار مسرحيته الثانية «أنا لك وأنت لي»، تأليف أمين صدقي وبطولة الكسار وحامد مرسي وعقيلة راتب. وفي يوم 15 / 11 / 1931 عرضت فرقة الكسار مسرحيتها الثالثة «الصياد»، بالإضافة إلى غناء صالح عبد الحي المصاحب لعرض المسرحية. وفي يوم 26 / 11 / 1931 عرضت الفرقة أيضا مسرحيتها الجديدة الرابعة «سرقوا الصندوق يا محمد»، تأليف حامد السيد.
3
وبطولة: الكسار وعقيلة راتب وحامد مرسي ومحمد سعيد وعبد العزيز أحمد ومحمد شفيق وفؤاد الجزايرلي وسيد مصطفى ولطيفة نظمي وزكية إبراهيم وسيدة منصور.
4
أما الريحاني فقد افتتح مسرح الكورسال بمسرحية «الجنيه المصري» في ديسمبر 1931، من تأليفه بالاشتراك مع بديع خيري، فقام الكسار في ديسمبر أيضا، وتحديدا في 10 / 12 / 1931 بعرض مسرحيته الجديدة الخامسة «بتاع الزيت»، تأليف بديع خيري وبطولة الكسار وحامد مرسي وعقيلة راتب، ثم أتبعها بمسرحيته السادسة «عمرو بن العاص فاتح مصر» يوم 24 / 12 / 1931، تأليف أحمد زكي السيد ومحمد زكي إبراهيم، وبطولة: الكسار وحامد مرسي وعقيلة راتب وزكي إبراهيم وإبراهيم الجزار وفؤاد الجزايرلي وسيد مصطفى وزكية إبراهيم.
5
صورة من عرض مسرحية «عمرو بن العاص».
الصفحة الأخيرة من مخطوطة مسرحية «عمرو بن العاص».
وفي يناير 1932 عرض الريحاني مسرحيته الثانية «المحفظة يا مدام» بمسرح الكورسال، التي شهدت نجاحا أفضل من نجاح مسرحية الافتتاح. وبعد أيام قليلة شغلت إحدى الفرق الأجنبية مسرح الكورسال، لنجد الريحاني ينتقل بعروضه إلى مسرح برنتانيا، فيعرض مسرحيته الجديدة «أولاد الحلال»، التي تعتبر آخر مسرحية جديدة له هذا الموسم - تبعا لما بين أيدينا من معلومات - فيرد الكسار عليه بعرض مسرحيته الجديدة السابعة «يا أولاد الإيه»، في فبراير 1932. تأليف محمد نبيه عبد الكريم، وتمثيل: الكسار وحامد مرسي وعقيلة راتب ولطيفة نظمي وزكية إبراهيم وعبد العزيز أحمد وزكي إبراهيم ومحمد شفيق وفؤاد الجزايرلي.
6
صورة من مسرحية «يا أولاد الإيه»: في الوسط زكي إبراهيم، ويمينه حامد مرسي وعقيلة راتب، ويساره الكسار وفؤاد الجزايرلي.
وفي مارس 1932، قام الكسار بإعادة تقديم مسرحياته القديمة، استعدادا لمسرحيته الجديدة الثامنة «الحلواني»، تأليف علي الكسار التي قدمها في الشهر نفسه، لتكون آخر مسرحياته الجديدة هذا الموسم، تبعا لما بين أيدينا من معلومات. وذلك على الرغم من وجود خبر نشر في أبريل 1932، يفيد بأن الكسار سيخرج مسرحية جديدة يستعد لتقديمها. ولكننا لم نقف على حقيقة هذا الخبر، ولم تسعفنا الدوريات بتفاصيله.
7
صورة من عرض مسرحية «الحلواني»، من اليمين: حامد مرسي، علي الكسار، لطيفة نظمي.
مجمل بقية المواسم
يعتبر موسم 1931-1932 هو آخر موسم يغطي فترة النصوص المسرحية المنشورة في هذا الجزء. وبذلك يستطيع القارئ أن يطلع على تاريخ فرقة علي الكسار المصاحب للنصوص المنشورة، وعلى تاريخ بقية الفرق الكوميدية الأخرى خصوصا فرقة الريحاني. وحتى تكتمل الفائدة سنتتبع - في الصفحات المتبقية لدراستنا - تاريخ هذه الفرق في مواسمها المتبقية، حتى نهاية فرقة الكسار، ولكن بصورة عامة تبعا لما بين أيدينا من معلومات.
وأول موسم يأتي بعد ذلك، هو موسم 1932-1933، وقد افتتحه الكسار بمسرحية «البربري في الهند» يوم 24 / 11 / 1932 بمسرح الماجستيك. وهي من تأليف محمد شكري وألحان إبراهيم فوزي، وتمثيل: علي الكسار وحامد مرسي وزكي إبراهيم ومحمد سعيد وسيد مصطفى وحسين حسن وعبد القادر قدري وصلاح إبراهيم ولطيفة نظمي وزكية إبراهيم . وقد أنهت الفرقة موسمها هذا في شهري أغسطس وسبتمبر 1933 برحلة فنية إلى الشام، حيث عرضت مجموعة كبيرة من مسرحياتها في يافا وحيفا والقدس ونابلس وسورية ولبنان.
1
أما موسم 1933-1934 فقد افتتحه الكسار يوم 23 / 11 / 1933 بمسرحية «الجنايني» أو «البستاني»، من تأليفه، ثم أتبعها في يوم 10 / 12 / 1933 بمسرحية «اطلع من دول»، تأليف زكي إبراهيم. وفي مارس 1934 عرض الكسار أوبرا «بنت الشحات»، تأليف محمد شكري وتلحين سيد مصطفى وعزت الجاهلي وحسن كامل. وهذه الأوبرا هي في الأصل مسرحية «قسمت» تعريب خليل مطران وبيرم التونسي.
طلب التصريح بتمثيل مسرحية «الجنايني».
وفي يوم 26 / 4 / 1934 عرض الكسار آخر مسرحياته الجديدة لهذا الموسم - تبعا لما بين أيدينا من معلومات شحيحة - وهي مسرحية «اللي يعيش»، من تأليف الكسار. وفي الصيف انتقل الكسار للعمل بفرقته على مسارح روض الفرج، ثم سافر إلى الشام في رحلة فنية حيث عرض مجموعة من مسرحياته في سورية ولبنان وفلسطين.
2
طلب التصريح بتمثيل مسرحية «اللي يعيش».
أما الريحاني فكان نشاطه بارزا في هذا الموسم، خصوصا في الصيف، حيث عرض مجموعة كبيرة من المسرحيات على مسرح لونابرك بالإسكندرية، ومنها: «الدنيا لما تضحك» في فبراير 1934، و«حاجة حلوة»، و«حسن الحلواني» في يوليو 1934، و«فانو»، و«حلاق بغداد» في أغسطس 1934.
3
وفي موسم 1934-1935 تجدد التنافس بقوة مرة أخرى بين الكسار والريحاني، حيث تميز نشاطهما بالكثرة والتنوع، بالمقارنة بين هذا الموسم والموسم السابق. كما أن انتعاش النشاط المسرحي لهذين العلمين، كان له سبب آخر، هو كثرة الإقبال الجماهيري على الأفلام السينمائية، حيث إن السينما في تلك الفترة أصبحت منافسا قويا للمسرح، بل وأصبحت أكبر تهديد يهدد المسرح، بجانب تهديد آخر بدأ يظهر بقوة وهو انتشار الصالات الغنائية والاستعراضية. وأمام هذه العراقيل افتتح الكسار موسمه بمسرحية «هانت» يوم 12 / 10 / 1934، تأليف بديع خيري وتلحين سيد مصطفى وعزت الجاهلي، وبطولة الكسار وحامد مرسي وعقيلة راتب وزكية إبراهيم وبهيجة المهدي وزكي إبراهيم وبباوي فرج وعلي أبو زيد وشحاتة حافظ وجانيت حبيب.
4
وهذه المسرحية على وجه الخصوص كانت بداية تغيير في أسلوب عرض الكسار لمسرحياته. وقد أشار ناقد مجلة المصور إلى ذلك في كلمة قال فيها:
بدأت فرقة علي الكسار موسمها الشتوي برواية «هانت» من تأليف بديع خيري، ولقد نجحت الرواية نجاحا كبيرا. وأقبل الجمهور على المسرح إقبالا نرجو دوامه. ويظهر أن مدير الفرقة أحس بما لقي من عنت في حرب الصالات للمسارح فرأى أن يحاربها بنفس سلاحها؛ ولذلك أعد برنامجا واسع الأطراف عقب تمثيل الرواية في كل مساء؛ إذ يشاهد الجمهور أنواعا مختلفة من الرقص، تقوم به راقصات راسخات منهن الآنسات رجاء وسعاد وجورجيت وغيرهن. هذا إلى مونولجات فائقة يضطلع بإلقائها حسين ونعمات المليجي والمضحكون الثلاثة وغيرهم. أضف إلى ذلك الألعاب الرياضية التي تقوم بها فرقة مافستو. ولئن استمر الكسار على ذلك فنحن على يقين أنه ناجح في عمله طيلة موسمه.
5
وبهذا الأسلوب الاستعراضي الغنائي الراقص قدم الكسار مسرحيته الثانية «يا بنت الإيه» يوم 1 / 11 / 1934، تأليف بديع خيري وتلحين عزت الجاهلي وسيد مصطفى، وبطولة الكسار وأعضاء فرقته. وكذلك مسرحيته الثالثة «بيت النتاش»، التي قدمت يوم 15 / 11 / 1934، تأليف زكي إبراهيم. وفي نوفمبر أيضا استطاع الريحاني أن يشكل فرقة مسرحية، ضم إليها مجموعة من ممثلي فرقة رمسيس وافتتح موسمه بمسرحية «الشايب لما يدلع»، من تأليفه بالاشتراك مع بديع خيري، وتم عرضها على مسرح برنتانيا.
6
وفي ديسمبر 1934 قام الكسار برحلة فنية إلى بعض الأقاليم مثل السويس والإسماعيلية وبور سعيد والزقازيق وطنطا والمحلة الكبرى والمنصورة وأخيرا الإسكندرية، فعرض فيها مجموعة كبيرة من مسرحياته. أما الريحاني ففي يناير 1935، أخرج مسرحيته الجديدة «الدنيا جرى فيها إيه» من تأليفه بالاشتراك مع بديع خيري، وبطولة عزيزة أمير. وكانت هذه المسرحية آخر مسرحية جديدة يقدمها الريحاني في هذا الموسم، حيث تعرض إلى أزمات عديدة، منها خلافه مع بطلة فرقته عزيزة أمير الذي وصل إلى المحاكم. كذلك توعك صحته وملازمته للفراش فترات طويلة. وتمثل نشاطه بعد ذلك - في فترات متقطعة من هذا الموسم - على إعادة بعض مسرحياته القديمة في الأقاليم والإسكندرية.
7
وابتعاد الريحاني عن نشاطه الفني أغلب فترات هذا الموسم، جعل الكسار يتألق فنيا، حيث احتلت عروضه الساحة الكوميدية دون منافس. فنجده يعرض مجموعة كبيرة من مسرحياته الجديدة، منها مسرحية «حبايب» يوم 17 / 1 / 1935 تأليف محمد شكري، ومسرحية «الدنيا بخير» يوم 7 / 2 / 1935، تأليف حامد السيد وزكي إبراهيم، وبطولة حسين ونعمات المليجي، مع الراقصة العالمية إيلي فستر وغناء أحمد حلمي. ومسرحية «كلمة في ودنك» يوم 1 / 3 / 1935، تأليف زكي إبراهيم وتلحين سيد مصطفى. ومسرحية «عثمان وبس» يوم 18 / 3 / 1935. ومسرحية «الصلح خير» يوم 23 / 3 / 1935. واختتم الكسار هذه الكوكبة بتقديم آخر مسرحيات موسمه «صح النوم» يوم 28 / 3 / 1935، تأليف محمد شكري وتلحين سيد مصطفى، وبطولة الكسار وأعضاء فرقته.
8
وفي صيف هذا الموسم قام الكسار برحلة فنية إلى سورية، وعرض بمسرح سينما الأمبير الشتوي بدمشق مجموعة كبيرة من مسرحياته، منها: «وردشاه»، «الجنايني» أو «البستاني»، «سرقوا الصندوق يا محمد»، بالإضافة إلى مسرحيته الجديدة «بنت فرعون».
9
وكان الكسار يصطحب معه في هذه الرحلة أربعين ممثلا وممثلة، بالإضافة إلى الراقصات والبهلوانات وعازفي الموسيقى.
10
ومن الجدير بالذكر أن أمين صدقي ظهر مرة أخرى كصاحب فرقة مسرحية هذا الموسم، بعد أن اختفى تماما فيما سبق، مكتفيا بتأليف المسرحيات الخفيفة لأصحاب الصالات. ففي ديسمبر 1934 افتتح صدقي فرقته المسرحية الجديدة - مسايرا موجة انتشار الصالات بما تقدمه من استعراضات منوعة - بمسرحية «ديل الردنجوت»، بالإضافة إلى مجموعة من الإسكتشات مثل: «الحور والزهور»، «ملكة الوحوش»، «الألعاب الرياضية»، «حوريات زحلة». وذلك على مسرح كازينو الإجيبسيانا. وفي يناير قدم صدقي أيضا مسرحية «مشكاح وريمة»، بجانب إسكتش «مملكة الغرام»، واستعراض «الرقص الشرقي». كما ظهر أيضا عزيز عيد في فبراير 1935 كصاحب فرقة كوميدية، مثل بها على دار التمثيل مسرحيتي «بسلامته مطينها»، و«يا ستي ماتمشيش كده عريانة».
11
ونختتم حديثنا عن هذا الموسم الكوميدي الثري، بوصف إعلانين عن فرقة الكوميدي المصري لصاحبها أحمد جمال الدين، وهي من الفرق الكوميدية الجوالة في الأقاليم. والإعلانان اللذان بين أيدينا يوضحان أن هذه الفرقة مثلت بالفيوم ومنوف مجموعة من المسرحيات الكوميدية مثل: «إكبريس طنطا»، و«جوز أمي»، و«دموع البائسة». وجميعها من تأليف أحمد جمال الدين، ومن تمثيل: نجمة إبراهيم، أحمد جمال الدين، السيد فوزي، إسحاق سامي، مدموازيل ليلى، كريمة عثمان ، إيزيس كمال، خيرية جمال ، ليندا شقير، مصطفى شريف، محمد حامد، عبد الحميد شريف، موريس إبراهيم، محمود صائب، حسين عبد العزيز.
12
وإذا أردنا التحدث عن الموسم التالي 1935-1936، سنجد أن الساحة الفنية والمسرحية كانت تطلع باهتمام كبير لظهور الفرقة القومية المصرية، كأول فرقة مسرحية تشرف عليها الدولة، خصوصا بعد نجاح أول عرض لها يوم 10 / 12 / 1935، وهو مسرحية «أهل الكهف» لتوفيق الحكيم. وهذا الحدث الكبير غير مجرى الحياة المسرحية في مصر منذ ذلك الحين، حيث انتهت فرق وظهرت أخرى، وتوقفت ثالثة ... إلخ التغييرات المعروفة في تلك الفترة.
13
ومن الفرق التي تأثرت بلا شك، فرقة علي الكسار التي افتتحت هذا الموسم يوم 17 / 10 / 1935 بمسرحية «الدار أمان»، تأليف علي الكسار وزكي إبراهيم وتلحين سيد مصطفى، وبطولة الكسار وحامد مرسي وعقيلة راتب. وفي 1 / 11 / 1935 قدمت الفرقة مسرحيتها الثانية «زربيحة هانم»، وفي يوم 8 / 11 / 1935 قدمت مسرحيتها الثالثة «الملاهي»، تأليف عبد الحميد كامل وتلحين سيد مصطفى. بعد ذلك قامت الفرقة برحلة فنية إلى الأقاليم، ثم مثلت بعدها في يناير 1936 آخر مسرحياتها هذا الموسم، وهي مسرحية «اللي يخاف من العفريت»، تأليف زكي إبراهيم.
14
أما الريحاني في هذا الموسم، فقد افتتح مسرحه الجديد، مسرح ريتس - مسرح رمسيس ليوسف وهبي سابقا - بمسرحية «حكم قراقوش» يوم 14 / 11 / 1935، من تأليفه بالاشتراك مع بديع خيري. وفي يناير 1936 مثل مسرحية «مين يعاند ست»، التي مثلتها فرقة يوسف وهبي سابقا باسم «2 = 1». وكانت هذه المسرحية - فيما توفر لنا من معلومات - آخر مسرحية لفرقة الريحاني في هذا الموسم، قبل سفر الريحاني إلى قبرص في صيف هذا العام. وذلك على الرغم من أنه عزم في مارس 1936 على تمثيل مسرحية «الدنيا على كف عفريت»، ولكنه عدل عنها.
15
وعلى الرغم من أن التنافس الكوميدي كان قاصرا - في هذا الموسم وفي المواسم السابقة - على الكسار والريحاني، إلا أن فرقة يوسف عز الدين - التي كانت من الفرق الصغرى سابقا - أصبحت في هذا الموسم إحدى الفرق المنافسة الكبرى. فهذه الفرقة مثلت عددا كبيرا من المسرحيات هذا الموسم، فاق عدد المسرحيات التي مثلتها فرقتا الكسار والريحاني. هذا بالإضافة إلى انتقال يوسف عز الدين من مسارح روض الفرج إلى مسارح شارع عماد الدين - شارع الفن والشهرة - حيث أصبح له مسرح خاص به، وهو مسرح كازينو الإجيبسيانا - الذي شهد شهرة الريحاني فيما مضى - والذي تحول إلى البيجو بلاس فيما بعد، ثم أطلق عليه يوسف عز الدين اسم تياترو عز الدين.
ومن المسرحيات التي مثلتها فرقة يوسف عز الدين هذا الموسم: «زغروطة يا حبايب»، «منديل العمدة وجواز البندر» لمحمد مصطفى، «بشاير الهنا» و«حضرة الناظر» و«الأسطى» لمحمد البيه، «الدنيا وما فيها» ليونس القاضي، «مع السلامة»، «رزق الهبل»، «حاجة تهوس»، «خليها في سرك»، «ست الحسن»، «بنت المرحوم»، «ليالي العز»، «الأصل يغلب»، «سلامة عقلك». وقام بتمثيل هذه المسرحيات: يوسف عز الدين وماري عز الدين وأحمد عبد الله ومحمد الصغير وفايزة رشدي وسميرة حسين ونعيمة جمال ووهيبة أحمد وحياة خيري ونعيمة ولعة وفردوس مصطفى وحكمت لبيب.
16
وتجدر الإشارة هنا إلى ظهور فرقة كوميدية صغرى جديدة، في صيف هذا الموسم، وهي فرقة مختار عثمان التي عرفت باسم كلية الحظ. وأول مسرحية قدمتها كانت بعنوان «الدكتور يويو» على مسرح ديانا بالإسكندرية في يوليو 1936، وهي من تأليف روفائيل جبور، ومن تمثيل: مختار عثمان وأستفان روستي وحسن فايق وعلي كامل وسعيد خليل وماري منيب وفيوليت صيداوي وجانيت حبيب ومحمد يوسف وحسن صالح، ثم توالت مسرحيات الفرقة، ومنها: «ثلاثة لطوخ»، «كلية الأنس»، «الكونت زقزوق» بطولة زينات صدقي.
17
وتنتقل بنا الأحداث إلى موسم 1936-1937، لنجد الكسار يفتتحه بمسرحية «اليانصيب» من تأليفه بالاشتراك مع زكي إبراهيم يوم 15 / 10 / 1936. وبعد انتهاء عرض المسرحية بأسبوعين هاجم البوليس مسرح الماجستيك، وصادر مطبوعات وأكليشهات إعلانات المسرحية؛ لأنه اكتشف تشابها كبيرا بين إعلان المسرحية والورقة النقدية فئة الخمسة جنيهات! وفي يناير 1937 عرض الكسار مسرحيتين جديدتين، الأولى «البكاشة» تأليف محمد شكري وزكي إبراهيم، والأخرى «كلنا في الهوا» تأليف محمد شكري وزكي إبراهيم أيضا. وفي صيف هذا الموسم قامت فرقة الكسار برحلة فنية إلى الإسكندرية كعادتها، وعرضت مجموعة من مسرحياتها على كازينو الأنفوشي، ثم قرأنا خبرا في ختام هذا الموسم، مفاده أن الكسار قرر ترك التمثيل والتفرغ إلى العمل السينمائي، وإدارة أملاكه العقارية المؤلفة من خمسة بيوت.
18
طلب التصريح بتمثيل مسرحية «اليانصيب».
أما الريحاني فلم يكن حظه أفضل من حظ منافسه الكسار، حيث مثل في هذا الموسم ثلاث مسرحيات جديدة، هي: «قسمتي» في نوفمبر 1936، «ومندوب فوق العادة» في يناير 1937، و«الدنيا على كف عفريت» في أبريل 1937. وفي يوليو 1937 حل الريحاني فرقته ليتفرغ بعض الوقت لأفلامه السينمائية.
19
ومن الفرق الكوميدية الأخرى، نجد فرقة يوسف عز الدين تتألق كتألقها في الموسم السابق، وتتنقل بعروضها بين كازينو عز الدين بعماد الدين، وبين مسارح روض الفرج. ومن مسرحيات هذه الفرقة في الفترة من أكتوبر 1936 إلى فبراير 1937: «بختك رزقك»، «غيرك أشطر»، «دقة بدقة»، «مكتب الزواج»، «آن الأوان»، «تباريح الهوى»، «الدنيا الجديدة».
20
وفي موسم 1937-1938، وجدنا الكسار - تبعا لما بين أيدينا من معلومات قليلة - مثل مسرحيتين جديدتين، الأولى «الغني والفقير» يوم 27 / 1 / 1938، تأليف محمد شكري وألحان محمد الدبس وإبراهيم فوزي، وتمثيل: الكسار وحامد مرسي وعقيلة راتب وزكية إبراهيم ومحمد العراقي وأفكار كامل وصلاح إبراهيم ومحمد سعيد. والمسرحية الثانية «شندي بندي» تأليف الكسار ومحمد شكري، وتم عرضها يوم 17 / 2 / 1938.
21
طلب التصريح بتمثيل مسرحية «شندي بندي».
أما الريحاني في هذا الموسم فقدم مسرحيتين جديدتين أيضا، رغم أن ما قدمه يعتبر مسرحية جديدة واحدة فقط. فقد أعلن الريحاني مرارا وتكرارا - منذ نوفمبر 1937 - عن تمثيل مسرحيته الجديدة «لو كنت حليوة». وأخيرا عرضها في فبراير 1938، فشاهد الجمهور نسخة جديدة من مسرحية «اتبحبح»، التي عرضها الريحاني عام 1929. وفي أبريل 1938 عرض الريحاني مسرحيته الجديدة الثانية «الستات مايعرفوش يكدبوا».
22
ومع بداية موسم 1938-1939، أصبحت الأخبار المسرحية عن علي الكسار وغيره شحيحة للغاية، بسبب انتشار السينما بشكل كبير واتجاه معظم الفنانين إليها بما فيهم الكسار نفسه، كذلك انتشار الصالات بكثرة غير مسبوقة، وأخيرا بداية نشوب الحرب العالمية الثانية. وعلى الرغم من ذلك وجدنا الكسار يمارس نشاطه المسرحي، حيث وجدنا فرقته تمثل مسرحية «عريسي» يوم 22 / 5 / 1939.
23
كما وجدنا إعلانا لفرقة الكسار مؤرخا في 5 / 6 / 1939، يفيد بأن الفرقة في هذا اليوم ستمثل مسرحية «عامل التليفون» بقلم علي الكسار وتلحين سيد مصطفى، بكازينو وكباريه الماجستيك إدارة عبد العزيز محجوب! بجانب فقرات تتمثل في إسكتش «المصوراتي» لمحمد شكري، ورقصة «يا ساهر» لأنيس أمين. وإن هذا البروجرام يعاد نهارا بكازينو سان أستفانو بروض الفرج. أما أعضاء الفرقة في ذلك الوقت، فهم: علي الكسار، حياة صبري، حسن سلامة، الراقصة زوزو محمد، نعمات المليجي، نوسة أحمد، وداد فهمي، المطربة إخلاص جمال، عايدة محمد، منيرة جلال، منيرة لطفي، عواطف محمد، سعاد محمد، الراقصة ماري الجميلة، الراقصة كيكي، منيرة جلال، فاطمة، نبوية.
24
وكما عرض الكسار مسرحيتين جديدتين هذا الموسم، عرض الريحاني مثلهما أيضا، فكانت الأولى بعنوان «استنى بختك»، وعرضت في مارس 1939، والأخرى بعنوان «الدلوعة» أو «لازم أتجوزك»، وعرضت في أبريل 1939. وفي هذا الموسم ظهر عزيز عيد مرة أخرى كصاحب فرقة كوميدية مؤقتة، حيث عرض مسرحية «الأستاذ كيكا» في فبراير 1939، بطولة عزيز عيد ومختار عثمان وعبد العزيز خليل وأستفان روستي.
25
وتألق يوسف عز الدين في هذا الموسم، كتألقه في الموسمين الماضيين، فعرضت فرقته على كازينو عز الدين بعماد الدين مسرحيات كوميدية متنوعة، منها: «الفهلوية» ليونس القاضي، «السعد وعد» للسيد زيادة، «من القلب»، «بلقيس»، «غرام اليوم»، «بشاير الهنا».
26
ومع اشتداد الحرب العالمية الثانية طوال سنوات 1939-1945، قلت الأخبار المسرحية والفنية بشكل ملحوظ، لاهتمام كافة وسائل الإعلام بالحرب الدائرة. ومن بعض الأخبار اليسيرة التي توفرت لنا، بالإضافة إلى بعض الوثائق. نلاحظ أن الريحاني عرض مسرحية «ماحدش واخد منها حاجة» في فبراير 1940، ومسرحية «حكاية كل يوم» في أبريل 1940، ومسرحية «حسن ومرقص وكوهين» في فبراير 1943، وهي في الأصل مسرحية «فهموه» التي عرضها الكسار عام 1920. أما فوزي منيب فوجدناه يعمل عام 1940 بمسرح كازينو دازور بالإسكندرية ويعرض مسرحية «قمر الزمان». بينما نجد يوسف عز الدين متألقا في عامي 1939 و1940 حيث عرض مجموعة من مسرحياته، ومنها: «كسبنا القضية»، «أصلها غلطة»، «لقيناها في الدولاب».
27
أما فرقة علي الكسار، فكانت تعمل عام 1943 بكازينو سان أستفانو بروض الفرج. وفي عام 1944 نجد الكسار يكون فرقة مسرحية جديدة ويجوب بها الأقاليم المصرية وبعض الأقطار العربية مثل فلسطين وسورية ولبنان، ثم يعود ويستقر في مسارح روض الفرج. وهذه الفرقة كانت تتكون من: سعاد حسين، فايزة رشدي، بديعة صادق، لطيفة نظمي، سونيا رشدي، رجاء محمد، إبراهيم حمودة، إسماعيل ياسين، عبد العزيز أحمد، فهمي أمان، محمود شكوكو، عبد الحليم القلعاوي، الدكتور سعيد.
28
وظلت هذه الفرقة تعمل بنشاط متقطع حتى حلها الكسار عام 1950، واتجه إلى العمل بالمسرح الشعبي التابع للدولة. وظل الكسار يعطي ويعطي، حتى فارق الحياة في يوم 15 / 1 / 1957.
29
تاركا لنا رصيدا فنيا كبيرا، وشخصية فنية ظلت ومازالت تسعد الأجيال، هي شخصية البربري عثمان عبد الباسط، تلك الشخصية التي تمثل عماد فرقة الكسار، تلك الفرقة التي جمعت كوكبة من عمالقة الفن والإدارة المسرحية، ومنهم على سبيل المثال:
إبراهيم الجزار، إبراهيم حمودة، أحمد حافظ، أحمد حلمي، إخلاص جمال، إسماعيل ياسين، أفكار كامل، أنصاف رشدي، إيلي فستر، باسترينو، بباوي فرج الله بباوي، بديعة صادق، بهيجة المهدي، جانيت حبيب، جبران نعوم، جلبي فودة، جورجيت، حامد مرسي، حسن سلامة، حسين المليجي، حسين حسن، حكمت فهمي، حياة صبري، الدكتور سعيد، دلال إبراهيم، دوللي أنطوان، رتيبة رشدي، رجاء محمد، زكية إبراهيم، زوزو محمد، سعاد حسين، سعاد صبري، سعاد محمد، سميرة محمد، سونيا رشدي، السيد أبو العلا مرسي، سيد إسماعيل، سيد مصطفى، سيدة منصور، شحاتة حافظ، صلاح إبراهيم، صوفي جوزيف، عايدة محمد، عبد الحليم القلعاوي، عبد الحميد زكي، عبد العزيز أحمد، عبد القادر قدري، عبد القادر مصطفى، عزيزة صفوت، عفيفة أمين، عقيلة راتب، علي أبو زيد، علية فوزي، عمر وصفي، عواطف محمد، فؤاد الجزايرلي، فؤادة السيد، فؤادة حلمي، فاطمة، فايزة رشدي، فكتوريا كوهين، فهمي أمان، كيكي، لطيفة نظمي، ماري الجميلة، محمد البغدادي، محمد العراقي، محمد سعيد، محمد شفيق، محمد صالح، محمود شكوكو، مدام دالبريه، ملكة توفيق، منيرة جلال، منيرة حمدي، منيرة لطفي، نبوية، نعمات المليجي، نوسة أحمد، نينا، هانم البغدادي، وداد فهمي.
نتائج الدراسة
في موسم 1925-1926 (1)
كون الكسار أول فرقة مسرحية كوميدية خاصة به، حملت اسم فرقة علي الكسار. وكان مدير إدارتها الخواجة كوستى حاجياناكس، ووكيل إدارتها حامد مرسي. وكانت هذه الفرقة أول فرقة مسرحية كوميدية مصرية تبدأ هذا الموسم التمثيلي، بعرض مسرحية «الطمبورة» يوم 8 / 10 / 1925 على مسرح الماجستيك. (2)
كانت مسرحية «الطمبورة» امتحانا صعبا للكسار، فقد أشيع أنه سيفشل فنيا بعد أن انفصل عن أمين صدقي، ولكنه نجح نجاحا كبيرا، حيث لم يقصد من ورائها إضحاك جمهوره وتسليته فقط، بل أراد أن يلقي عليه درسا اجتماعيا. هذا بالإضافة إلى استعداده الكبير خصوصا في مناظر وملابس المسرحية، حيث أنفق عليها من ماله الخاص، واستعان فيها بأخصائي للمكياج لأول مرة، وهو جبران نعوم. (3)
تعرض الكسار في هذا الموسم إلى إشاعة مفادها: أنه لا يستطيع الفكاك من أسر شخصية البربري، ولكن الناقد المسرحي جمال الدين حافظ عوض دافع عن ذلك، مبينا طبيعة هذه الشخصية الفنية، ومدى استساغة الجمهور لها وتقبلها. (4)
عرضت فرقة الكسار مسرحية «الخالة الأمريكانية» بنجاح كبير، خيب آمال من وقفوا ضد الكسار، ووصموا مسرحه بالمسرح الشعبي الذي يجب أن يتجنبه الجمهور. فقام الناقد المسرحي محمد عبد المجيد حلمي، وأوضح معنى المسرح الشعبي، الذي يتمشى مع عقلية الشعب ويقدم له ما يستسيغه ويتقبله، ولا يقدم له تدليسا أو تهريجا. واعتبر الناقد مسرح الكسار أنه المسرح الوحيد في مصر الذي يهذب عقلية الشعب، ويتمشى معه حتى يرتفع به إلى المستوى الفني الذي نتطلبه. (5)
عرضت فرقة الكسار مسرحية «ابن الراجا»، فكانت نقلة جديدة بالنسبة للفرقة، حيث تميزت بالفخامة والإبهار، فقد أنفق الكسار على الديكور والملابس 600 جنيها مصريا - في ذلك الوقت - مما كان له أكبر الأثر في نجاح المسرحية فنيا وجماهيريا. (6)
اتحد الريحاني وأمين صدقي كمنافسين للكسار، وقدما «مسرحية قنصل الوز»، التي نجحت نجاحا كبيرا، بفضل وجود كوكبة من رموز الكوميديا أمثال محمد كمال المصري «شرفنطح» وعبد اللطيف جمجوم وعلى رأسهما كشكش بك. كذلك تمثيل بديعة مصابني، وغناء فتحية أحمد، وتلحين الموسيقار الشاب محمد عبد الوهاب. (7)
شهد هذا الموسم امتحانا عسيرا تنافس في المتنافسون الثلاثة - الكسار والريحاني وصدقي - حيث عرض الكسار مسرحية «28 يوم»، وعرض الريحاني وصدقي مسرحية «مراتي في الجهادية»، والمسرحيتان مأخوذتان عن أصل فرنسي واحد. ومزيدا في التشويق، عرض المتنافسون المسرحيتين في يوم واحد هو يوم 7 / 1 / 1926. وكما يقال: يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان! فقد قام الناقد محمد عبد المجيد حلمي بمقارنة العرضين، وجاءت المقارنة في صالح عرض الكسار من حيث التعريب والديكور والموسيقى والإضاءة والتمثيل والتلحين والملابس والغناء ... إلخ. وأدى سقوط مسرحية «مراتي في الجهادية»، إلى انفصال الريحاني عن أمين صدقي. (8)
مثل أمين صدقي مسرحية «ناظر المحطة»، واستعان فيها بفوزي منيب ليمثل دور البربري، في محاولة منه لمنافسة الكسار في شخصيته الفنية. فكتب الناقد جمال الدين حافظ عوض كلمة في هذا الشأن، أبان فيها رسوخ قيمة شخصية البربري عند الكسار، أمام هشاشة محاولات بعض الهواة لتقليده. (9)
بعد سقوط مسرحيته «مراتي في الجهادية»، أصبح الريحاني وفرقته بلا مسرح! فراح يعرض بعض مسرحياته القديمة على تياترو محمد علي بالإسكندرية، ويستغل سفر أية فرقة مسرحية كي يعرض على مسرحها الثابت طوال شهرين. (10)
لم يكن التمثيل الكوميدي - في هذا الموسم - قاصرا على فرق الكسار والريحاني وصدقي، بل كانت هناك فرق كوميدية أخرى تعمل، ومنها فرق: فوزي الجزايرلي، وعبد اللطيف جمجوم، وحسن فايق، وفوزي منيب، ويوسف عز الدين.
في موسم 1926-1927 (1)
كانت فرقة أمين صدقي أول فرقة مسرحية كوميدية تفتتح هذا الموسم، بمسرحيتها الجديدة «ليلة في العمر»، وكانت أيضا افتتاحا لمسرحها الجديد - تياترو سميراميس - بشارع عماد الدين يوم 20 / 8 / 1926. (2)
افتتح الكسار هذا الموسم بمسرحية «أبو زعيزع»، التي لاقت استحسان النقاد - رغم بعض الهنات فيها - لأن الكسار تخلى فيها عن دوره الكوميدي المعهود - عثمان البربري - واستبدله بدور درامي محلى بالكوميديا، ليثبت للجميع أنه يصلح للأدوار الجادة المرحة، مثلما يصلح للأدوار الكوميدية الصرفة. (3)
تألق أمين صدقي في هذا الموسم، وقدم عروضا ناجحة من أهمها مسرحيتي «مملكة العجائب» و«عصافير الجنة»، كما تقدم المستوى التمثيلي لفوزي منيب في تقليده لشخصية البربري، لدرجة أن النقاد مدحوه واعتبروه منافسا للكسار. (4)
افتتح الريحاني هذا الموسم بمسرحية «المتمردة»، وفيها تخلى عن شخصيته الفنية كشكش بك، فكان النجاح من نصيبه، ولكن هذا النجاح لم يلبث أن محته مسرحيته الثانية «مونا فانا»، التي جاءت ضعيفة المستوى بسبب سرعة إخراجها دون الاستعداد الجيد لها. وسرعان ما محى الريحاني هذا الضعف، بعرضه لمسرحيته الناجحة «الجنة»، على الرغم من قيام فرقة أمين صدقي بتمثليها من قبل باسم «عصافير الجنة». وتخبط الريحاني بعد ذلك، حيث أعلن عن عرض مسرحية الشرك، ولكنه عدل عنها، ومثل مسرحية «اللصوص»، التي لم تلق الإقبال الجماهيري المتوقع. ولم يصمد الريحاني أمام هبوط مستوى مسرحياته جماهيريا، فأغلق مسرحه وحل فرقته التي لم تستمر سوى شهر واحد. (5)
لم يكن حظ أمين صدقي أفضل من حظ الريحاني؛ حيث أعاد صدقي بعض مسرحياته بأسماء جديدة، مثل مسرحية «خالتي عندكم»، وهي في الأصل مسرحية «عصافير الجنة» التي قدمتها الفرقة سابقا. وبعد أيام انسحبت مطربة الفرقة ملك، وبدأ صدقي يعيد عرض مسرحياته السابقة في الأقاليم، وأخيرا قرر السفر إلى فلسطين في رحلة فنية. (6)
ظهر الريحاني مرة أخرى، وقدم عروضا مسرحية اعتمد فيها على الراقصات الأجنبيات، مثل مسرحيات: «ليلة جنان»، و«مملكة الحب»، و«الحظوظ». وقد هاجم النقاد هذه العروض هجوما شديدا، كان من آثاره توقف الريحاني عن التمثيل فترة من الوقت. (7)
خلت الساحة الكوميدية المسرحية أمام الكسار - بعد توقف الريحاني وسفر صدقي - فقدم أعمالا متنوعة ناجحة، مثل: «البرنس الصغير»، و«أبو النوم»، و«الأميرة الهندية»، و«المطامع»، و«ملكة الجمال»، و«قفشتك». (8)
في هذا الموسم نشطت الفرق المسرحية الكوميدية الصغرى، نشاطا ملحوظا، وظهرت فرق لم نكن نسمع بها من قبل، مثل فرقة حافظ نجيب، وفرقة علي محجوب الكوميدية، وفرقة أحمد المسيري. هذا بالإضافة إلى النشاط المعتاد للفرق المعروفة ومنها: فرقة حسن فايق، وفرقة بشارة واكيم، وفرقة يوسف عز الدين، وفرقة فوزي منيب.
في موسم 1927-1928 (1)
كانت فرقة الكسار أول فرقة كوميدية تفتتح هذا الموسم بمسرحية «ابن فرعون»، التي كتبت بمزيج من الفصحى والعامية، في سابقة لم تحدث من قبل في عروض الكسار. (2)
ظهر الريحاني بعد غيبة طويلة ومثل مسرحيتي «يوم القيامة»، و«علشان بوسة»، وتلقت الأخيرة هجوما من قبل النقاد. ورغم هذا الهجوم إلا أن الريحاني كان منافسا حقيقيا للكسار أغلب فترات هذا الموسم. (3)
وفي هذا الموسم ظهر أيضا أمين صدقي، كصاحب فرقة مسرحية - بناء على اتفاق مع شركة بيرة الأهرام - عرضت على مسرح حديقة الشركة مجموعة كبيرة من المسرحيات. (4)
كانت فرقة فوزي منيب تعرض بروض الفرج مسرحيات الكسار بعد تحويرها وتغيير مواقفها، وكان فوزي منيب يقوم فيها بتقليد شخصية البربري. كذلك كانت فرقة يوسف عز الدين تعرض مسرحيات الريحاني بعد تغييرها على مسارح روض الفرج أيضا، ويقوم يوسف عز الدين بتقليد شخصية كشكش بك.
في موسم 1928-1929 (1)
يعتبر التنافس الفني بين الفرق الثلاث - علي الكسار ونجيب الريحاني وأمين صدقي - السمة الغالبة في هذا الموسم، الذي افتتحه الكسار بمسرحية «أنا عارف وأنت عارف». (2)
افتتح الريحاني هذا الموسم بمسرحية «ياسمينة»، التي لاقت نجاحا كبيرا، فاق كل التوقعات، رغم أنها مأخوذة من موضوع مسرحية الكسار «إمبراطور زفتى». (3)
افتتح أمين صدقي هذا الموسم بمسرحية «يا رايح قول للجاي». وقد نجحت هذه المسرحية جماهيريا ونقديا، كما نجحت أيضا مسرحيته الثانية «أميرة مراكش». فرد الكسار على هذا النجاح بنجاح مسرحيته «العروسة». فرد عليهما الريحاني بنجاح ساحق، عندما عرض مسرحيته «علشان سواد عينها». (4)
ظل النجاح من نصيب الفرق الثلاث المتنافسة - الكسار والريحاني وصدقي - طوال هذا الموسم، مما أثرى الحياة المسرحية الكوميدية في مصر، فإذا نجحت إحدى الفرق في عرض لها، ترد عليها الفرقة الأخرى بنجاح مساو لها، ثم ترد عليهما الفرقة الثالثة بنجاح أكثر بعض الشيء. وهكذا توزع النجاح بين الفرق بصورة يصعب على المرء تحديد نصيب كل فرقة منه. (5)
ظهرت في هذا الموسم فرقة محمد بهجت، التي كان لها شأن كبير فيما مضى، ومثلت مجموعة من المسرحيات على مسرح حديقة بيرة الأهرام بطولة شفيقة القبطية. (6)
تألقت فرقة فوزي منيب تألقا غير مسبوق في هذا الموسم، حيث عرضت مجموعة كبيرة من المسرحيات على مسرح كازينو ليلاس بروض الفرج، طوال خمسة أشهر.
في موسم 1929-1930 (1)
يعتبر هذا الموسم امتدادا للموسم السابق، من حيث التنافس الفني بين الفرق الكوميدية الكبرى الثلاث: علي الكسار ونجيب الريحاني وأمين صدقي . وكان للكسار - كعادته - السبق في افتتاح الموسم بمسرحية «طاحونة الهوى». (2)
ظهر الريحاني بقوة كبيرة، عندما افتتح موسمه بمسرحية «نجمة الصبح»، التي استحسنها النقاد، ومدحوها من حيث التنظيم والاستعداد والديكور. وكان من أسباب نجاحها أيضا غناء أم كلثوم المصاحب للعرض. وتكرر هذا النجاح في مسرحيته الثانية «اتبحبح». (3)
كان هذا الموسم أقصر المواسم المسرحية التي مرت على الفرق الثلاث الكوميدية المتنافسة - الكسار والريحاني وصدقي - بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية. (4)
كان الريحاني الأوفر حظا في هذا الموسم رغم الأزمة الاقتصادية، بسبب الاستعراضات التي أدخلها في عروضه، والتي اعتمدت على رشاقة الراقصات الأجنبيات. ورغم هذا العامل، إلا أن الريحاني آثر الانتقال إلى سورية هربا من الأزمة الاقتصادية الخانقة. كذلك فعل أمين صدقي عندما سافر بفرقته إلى الإسكندرية، لعل حظه يكون أفضل من العاصمة. أما الكسار فبقي وحده صامدا أمام هذه الأزمة، التي أثرت عليه وتجلت في صورة قلة المسرحيات الجديدة، التي تم عرضها هذا الموسم.
في موسم 1930-1931 (1)
هذا الموسم لم يكن أفضل من سابقه، بسبب استمرار الأزمة الاقتصادية وتفاقمها بشكل كبير، فاستمرت الحركة المسرحية ولكن بصورة مضطربة. وعلى الرغم من ذلك، كان الكسار أسبق الفرق المسرحية الكوميدية في افتتاح هذا الموسم بمسرحيته «وردشاه». (2)
قدم الريحاني عروضا قليلة هذا الموسم بسبب اشتداد الأزمة الاقتصادية، وربما بسببها أيضا، أعطى تصريحا لفوزي منيب بتمثيل مسرحياته على مسارح روض الفرج، نظير مبلغ من المال كل شهر. وبعد أيام أعطى تصريحا مماثلا ليوسف عز الدين. وكسب الريحاني من الاثنين مبلغا من المال، وتركهما يتنازعان أمام المحاكم. (3)
كانت عروض فرقة الكسار - في فترات من هذا الموسم - العروض الوحيدة التي تعرض على الجمهور المصري في العاصمة، حيث لم يجد الجمهور مسرحا عاملا غير مسرح الكسار.
في موسم 1931-1932 (1)
انفرجت الأزمة الاقتصادية وكادت أن تنتهي في هذا الموسم، فعاد النشاط المسرحي وتألقت الفرق المسرحية كما كانت قبل حلول الأزمة. وكعادة الكسار كان له السبق في افتتاح هذا الموسم بمسرحيته «خير إن شاء الله». (2)
افتتح الريحاني هذا الموسم بمسرحية «الجنيه المصري»، فلم تلق النجاح المتوقع ، فأخرج مسرحيته الثانية «المحفظة يا مدام»، فشهدت نجاحا أفضل من سابقتها.
مجمل بقية المواسم (1)
في موسم 1934-1935 كان التنافس قويا بين الكسار والريحاني، حيث تميز نشاطهما بالكثرة والتنوع، على الرغم من انتشار السينما، التي كانت أكبر تهديد يهدد المسرح، بجانب تهديد آخر بدأ يظهر بقوة وهو انتشار الصالات الغنائية والاستعراضية. (2)
في ديسمبر 1934 افتتح أمين صدقي فرقته المسرحية الجديدة، مسايرا فيها موجة انتشار الصالات بما تقدمه من استعراضات منوعة. (3)
ظهر عزيز عيد في فبراير 1935 كصاحب فرقة كوميدية، مثل بها على دار التمثيل مسرحيتي «بسلامته مطينها»، و«يا ستي ماتمشيش كده عريانة». (4)
في موسم 1935-1936، تطلعت الساحة الفنية والمسرحية باهتمام كبير لظهور الفرقة القومية المصرية، كأول فرقة مسرحية تشرف عليها الدولة، خصوصا بعد نجاح أولى مسرحياتها «أهل الكهف» لتوفيق الحكيم. وهذا الحدث أثر سلبا على أغلب الفرق المسرحية العاملة في تلك الفترة، ومنها فرقة الكسار، التي قدمت عروضا قليلة في هذا الموسم. (5)
ابتداء من موسم 1935-1936، ولمدة ثلاثة مواسم متتالية، أصبحت فرقة يوسف عز الدين - التي كانت من الفرق الصغرى سابقا - إحدى الفرق المنافسة الكبرى، خصوصا بعد انتقالها إلى شارع عماد الدين، حيث عرضت عددا كبيرا من المسرحيات في هذا الموسم والمواسم التالية، فاق عدد المسرحيات التي مثلتها فرقتا الكسار والريحاني معا. (6)
في يوليو 1936، ظهرت فرقة مختار عثمان الكوميدية التي عرفت باسم كلية الحظ، وكانت عروضها تقدم على مسرح ديانا بالإسكندرية. (7)
افتتح الكسار موسم 1936-1937، بمسرحية «اليانصيب»، وبعد انتهاء عرض المسرحية هاجم البوليس المسرح وصادر مطبوعات وأكليشهات إعلانات المسرحية؛ لأنه اكتشف تشابها كبيرا بين إعلان المسرحية والورقة النقدية فئة الخمسة جنيهات! أما الريحاني فمثل في هذا الموسم ثلاث مسرحيات جديدة، ومن ثم حل فرقته وتفرغ لأفلامه السينمائية. (8)
مع بداية موسم 1938-1939، أصبحت الأخبار المسرحية عن علي الكسار وغيره شحيحة للغاية، بسبب انتشار السينما بشكل كبير واتجاه معظم الفنانين إليها بما فيهم الكسار نفسه، كذلك انتشار الصالات بكثرة غير مسبوقة، وأخيرا بداية نشوب الحرب العالمية الثانية. (9)
في عام 1939، تحول مسرح الماجستيك إلى كازينو وكباريه، عرض عليه الكسار مسرحيات وإسكتشات وفقرات راقصة على غرار ما كان يقدم في الصالات. وفي عام 1943 كان الكسار يعرض أعماله بكازينو سان أستفانو بروض الفرج. وفي العام التالي كون فرقة مسرحية جديدة جاب بها الأقاليم المصرية وبعض الأقطار العربية. (10)
ظلت فرقة الكسار تعمل بنشاط متقطع حتى حلها الكسار عام 1950، واتجه إلى العمل بالمسرح الشعبي التابع للدولة، حتى وفاته يوم 15 / 1 / 1957. (11)
ضمت فرقة الكسار طوال تاريخها الفني، كوكبة من عمالقة الفن والإدارة المسرحية، ومنهم على سبيل المثال: إبراهيم الجزار، إبراهيم حمودة، أحمد حافظ، أحمد حلمي، إخلاص جمال، إسماعيل ياسين، أفكار كامل، أنصاف رشدي، إيلي فستر، باسترينو، بباوي فرج الله بباوي، بديعة صادق، بهيجة المهدي، جانيت حبيب، جبران نعوم، جلبي فودة، جورجيت، حامد مرسي، حسن سلامة، حسين المليجي، حسين حسن، حكمت فهمي، حياة صبري، الدكتور سعيد، دلال إبراهيم، دوللي أنطوان، رتيبة رشدي، رجاء محمد، زكية إبراهيم، زوزو محمد، سعاد حسين، سعاد صبري، سعاد محمد، سميرة محمد، سونيا رشدي، السيد أبو العلا مرسي، سيد إسماعيل، سيد مصطفى، سيدة منصور، شحاتة حافظ، صلاح إبراهيم، صوفي جوزيف، عايدة محمد، عبد الحليم القلعاوي، عبد الحميد زكي، عبد العزيز أحمد، عبد القادر قدري، عبد القادر مصطفى، عزيزة صفوت، عفيفة أمين، عقيلة راتب، علي أبو زيد، علية فوزي، عمر وصفي، عواطف محمد، فؤاد الجزايرلي، فؤادة السيد، فؤادة حلمي، فاطمة، فايزة رشدي، فكتوريا كوهين، فهمي أمان، كيكي، لطيفة نظمي، ماري الجميلة، محمد البغدادي، محمد العراقي، محمد سعيد، محمد شفيق، محمد صالح، محمود شكوكو، مدام دالبريه، ملكة توفيق، منيرة جلال، منيرة حمدي، منيرة لطفي، نبوية، نعمات المليجي، نوسة أحمد، نينا، هانم البغدادي، وداد فهمي.
د. سيد علي إسماعيل
مسرحيات قام ببطولتها علي الكسار في مرحلة التألق الفني1
م
عنوان المسرحية
تاريخ العرض
الكاتب
1
الطمبورة
8 / 10 / 1925
حامد السيد
2
الخالة الأمريكانية
12 / 11 / 1925
حامد السيد
3
ابن الراجا
10 / 12 / 1925
بديع خيري
4
28 يوم
7 / 1 / 1926
أحمد البابلي وحامد السيد
5
أنوار
4 / 2 / 1926
أحمد توفيق
6
آخر مودة
4 / 3 / 1926
أحمد البابلي
7
نادي السمر
29 / 4 / 1926
حامد السيد
8
الكرنفال
3 / 6 / 1926
حامد السيد
9
أبو زعيزع
30 / 9 / 1926
بديع خيري وحامد السيد
10
الأستاذ
4 / 11 / 1926
جبريل أسود وأحمد زكي
11
الوارث
25 / 11 / 1926
بديع خيري
12
حكيم الزمان
22 / 12 / 1926
بديع خيري
13
السفور
3 / 2 / 1927
حامد السيد
14
البرنس الصغير
مارس 1927
حامد السيد وزكي إبراهيم
15
الأميرة الهندية
14 / 4 / 1927
حامد السيد وزكي إبراهيم
16
المطامع
مايو 1927
حامد السيد
17
ملكة الجمال
28 / 5 / 1927
حامد السيد
18
قفشتك
23 / 6 / 1927
حامد السيد
19
ابن فرعون
1 / 10 / 1927
زكي إبراهيم
20
زهرة الربيع
20 / 10 / 1927
حامد السيد
21
الحساب
10 / 11 / 1927
بديع خيري
22
بدر البدور
5 / 12 / 1927
بديع خيري
23
حلم ولا علم
5 / 1 / 1928
بديع خيري
24
الساحر أبو فصادة
1 / 2 / 1928
حامد السيد
25
السكرتير
1 / 3 / 1928
حامد السيد
26
غاية المنا
5 / 4 / 1928
بديع خيري
27
نصيحة عالهامش
8 / 5 / 1928
حامد السيد
28
الشيخ عثمان
14 / 6 / 1928
بديع خيري
29
أنا عارف وأنت عارف
20 / 9 / 1928
السيد والي
30
أبو النواس
11 / 10 / 1928
حامد السيد
31
البلابل
1 / 12 / 1928
حامد السيد
32
الكنوز
20 / 12 / 1928
بديع خيري
33
العروسة
17 / 1 / 1929
حامد السيد
34
العيلة المزيفة
14 / 2 / 1929
حامد السيد
35
مين فيهم
28 / 3 / 1929
حامد السيد
36
مافيش منها
25 / 4 / 1929
بديع خيري
73
ابن الأمباشي
30 / 5 / 1929
حامد السيد
38
طاحونة الهوى
26 / 9 / 1929
حامد السيد
39
ملكة الغابة
24 / 10 / 1929
بديع خيري
40
قاضي الغرام
28 / 11 / 1929
بديع خيري
41
زهرة الخبازة
3 / 1 / 1930
حامد السيد
42
بوابة جحا
23 / 1 / 1930 -
43
عجايب
13 / 3 / 1930 -
44
وردشاه
6 / 11 / 1930
بديع خيري
45
المدينة المسحورة
يناير 1931
أحمد زكي السيد
46
البطة العجيبة
13 / 3 / 1931
حامد السيد
47
الغجرية
أبريل 1931
أمين صدقي
48
حماتك تحبك
مايو 1931
أمين صدقي
49
عريس الهنا
مايو 1931
أمين صدقي
50
حلال عليك
يونيو 1931
أمين صدقي
51
خير إن شاء الله
24 / 9 / 1931
بديع خيري
52
أنا لك وأنت لي
16 / 10 / 1931
أمين صدقي
53
الصياد
15 / 11 / 1931 -
54
سرقوا الصندوق يا محمد
26 / 11 / 1931
حامد السيد
55
بتاع الزيت
10 / 12 / 1931
بديع خيري
56
عمرو بن العاص فاتح مصر
24 / 12 / 1931
أحمد زكي السيد وزكي إبراهيم
57
يا أولاد الإيه
فبراير 1932
محمد نبيه عبد الكريم
58
الحلواني
مارس 1932
علي الكسار
59
البربري في الهند
24 / 11 / 1932
محمد شكري
60
الجنايني أو البستاني
23 / 11 / 1933
علي الكسار
61
اطلع من دول
10 / 12 / 1933
زكي إبراهيم
62
بنت الشحات
مارس 1934
محمد شكري
63
اللي يعيش
26 / 4 / 1934
علي الكسار
64
هانت
12 / 10 / 1934
بديع خيري
65
يا بنت الإيه
1 / 11 / 1934
بديع خيري
66
بيت النتاش
15 / 11 / 1934
زكي إبراهيم
67
حبايب
17 / 1 / 1935
محمد شكري
68
الدنيا بخير
7 / 2 / 1935
حامد السيد وزكي إبراهيم
69
كلمة في ودنك
1 / 3 / 1935
زكي إبراهيم
70
عثمان وبس
18 / 3 / 1935 -
71
الصلح خير
23 / 3 / 1935 -
72
صح النوم
28 / 3 / 1935
محمد شكري
73
بنت فرعون
1930-1935 -
74
الدار أمان
17 / 10 / 1935
علي الكسار وزكي إبراهيم
75
زربيحة هانم
1 / 11 / 1935 -
76
الملاهي
8 / 11 / 1935
عبد الحميد كامل
77
اللي يخاف من العفريت
يناير 1936
زكي إبراهيم
78
اليانصيب
15 / 10 / 1936
علي الكسار وزكي إبراهيم
79
البكاشة
يناير 1937
محمد شكري وزكي إبراهيم
80
كلنا في الهوا
يناير 1937
محمد شكري وزكي إبراهيم
81
الغني والفقير
27 / 1 / 1938
محمد شكري
82
شندي بندي
17 / 2 / 1938
علي الكسار ومحمد شكري
83
عريسي
22 / 5 / 1939 -
84
عامل التليفون
5 / 6 / 1939
علي الكسار
رواية الطمبورة1
أوبرا ذات ثلاثة فصول، عربها عن التليانية، حامد أفندي السيد، العرض الأول بتاريخ 8 / 10 / 1925
الفصل الأول (يرفع الستار عن منظر ساحة وبها منزل على اليسار ببلكون مرتفع وعلى اليمين بار. أعني خمارة موضوع أمامها جملة مقاعد وتربيزات وفي الصدر منظر شارع. عند رفع الستار يكون بالمرسح جملة رجال وسيدات جالسين بالخمارة ويقولون لحنا معناه أن هذا اليوم هو يوم عيد؛ ولهذا السبب اجتمعوا ليسكروا، وفي نفس اللحن يدخل المسيو بدرو المحافظ حاملا سبتا به جمبري ومتزيا بزي البائعين وينادي على الجمبري على الموسيقى ... إلخ.)
الجميع :
الليله ليلة تفريح كل ما نعمله يجوز
ناكل ونتحظ صحيح عالوسكي ونهجم بالجكوز
موش بالكاس ولا بالطاس
وإحنا اسأل كل الناس لو نلتقي نشرب فنطاس
الغاية والغرض
انفردوا بلاش مرض
لا بد ما نونن خالص لحد ما نخطرف
ولما نتجنن حالا ندق كام بشرف
والرقص يدور بولكا وما تشيسن
على حس العيد وإن شا الله تعيش باتاتي
باتاتا. لاميلو. لا ميلا
م السنة للسنة لما يجينا يوم زي ده تفرح له بلدنا
نجلي مزاجنا ونسكر طينة
إحنا ونسواننا وعيالنا
راح تاخد إيه يا عبيط
م الدنيا غير تنطيط وملاعبة ومر وطيط.
من حيث كده ياله نزيط
راح تاخد إيه يا عبيط م الدنيا غير تنطيط
وملاعبه وزمر وطيط.
في المارتل والقراوه
اغرقوا لودانكم ياهو
مبروكة الأعياد هلت
بون فيث ألا فوتر أيوه اتنغنغ نني وتلت
ما فيناش من قولة لو
ستين مجنون اللي يروح بيتهم ولا هوسة لام ألف
لذتنا الراس كده تتطوح
على كيف كيف كيف الكيف
دام بون سانتيه شن شن موسييه. (بعد نهاية اللحن يجلس بدرو على كرسي ويضع سبت الجمبري بجانبه، ثم يصفق فتذهب إليه جانيت وكارولينة صاحبات الخمارة.)
جانيت (مقتربة منه) :
نعم يلزم حاجة.
كارولين :
من فضلك يا مسيو، شيل السبت بتاعك من على التربيزة.
بدرو :
إيه .
كارولين :
أيوه لأنه وسخ.
بدرو (ضاحكا) :
الزبون حر على كيفه.
جانيت :
عندك حق. لأ وموش كل الزباين اللي تكون حرة على كيفها. بس بياعين الجمبري اللي زي جنابك.
بدرو :
إيه ... إشمعنا بياعين الجمبري.
جانيت :
أيوه. لأن الجمبري أصبح ما يبعوش دلوقت إلا عظماء الرجال.
كارولين :
إيه عظماء الرجال (وهي ناظرة إليه باحتقار) .
جانيت (ضاحكة) :
معزورة لإنك مابقتيش فاهمة حاجة.
بدرو :
يعني إيه؟
جانيت :
يعني حضرتها معزورة؛ لأنها ما تعرفش مين بياع الجمبري.
بدرو :
وأنت عرفتيه؟
جانيت :
مين مايعرفش المسيو بدرو محافظ البلد.
كارولين (بدهشة) :
إيه. محافظ البلد. المسيو بدرو.
بدرو :
طيب هس. لأني أنا موش عاوز حد من الموجودين هنا يعرفني.
كارولين :
بردون سامحني لأني ماعرفتكش وأنت بالشكل ده.
بدرو :
لا ماعلهش لأن الليلة دي مباح فيها كل شيء لمناسبة عيد مولاي الدون منتشوف حاكم مقاطعة البيرو هنا في أمريكا الجنوبية. وبالسبب ده أمرت كل أصحاب الحرف والملاهي يدوروا في جميع أنحاء المدينة بدون ما حد يعارضهم.
كارولين :
عال عال.
جانيت :
وبالسبب ده كل خمس دقايق بتجينا منهم أشكال وألوان. من بهلوانات ورقاصات. ومغنيات وغيره وعلشان كده الناس الموجودين عندنا هنا كلهم في حظ وسرور.
كارولين :
ويضحكوا وبيشربوا ويغنوا.
بدرو :
عال عال. حيث كده هاتولي وسكي علشان أشرب وأغني وأحمس الموجودين يغنوا وياي.
البنات :
حاضر (يذهبن لإحضار الوسكي) .
زبون 1 (مصفقا) :
يا مدمازيل.
جانيت (خارجة) :
نعم. لازم حاجة.
زبون 1 :
إيه ده. فين المزة؟
جانيت :
حاضر (وتهم بالخروج) .
زبون 1 :
وهاتي لنا شوية جمبري.
بدرو :
إيه جمبري.
زبون 1 (ملتفتا) :
آه أنت لسه هنا يا بتاع الجمبري.
بدرو :
أيوه. يلزم حاجة.
زبون 1 :
قشر لنا ...
بدرو (وهو جالس في مكانه) :
لا أنا ببيعه بقشره.
زبون 2 :
إزاي ده. ليه إنت ما تعرفش تقشر.
بدرو :
لأ وإن كنتوا عايزين خدوا وقشروا انتو لبعض.
زبون 1 :
سيبو يظهر إنه سكران.
زبون 2 :
معزور لازم داير من الصبح في كل البارات، وكل بار يخش يشحت له منه كاس لحد ما سكر لدرجة إنه موش قادر يقشر الجمبري (يضحكون وفي أثناء ذلك تدخل جانيت حامله صنية عليها كاس وسكي وكباية ماء وبيدها سيفون ثم تضع الصنية على التربيزة التي بجوار بدرو وتشير إليه بحفاوة) .
جانيت :
أحط سيفون.
بدرو :
لا هاتي زجاجة بيريه.
جانيت :
حاضر (وتخرج) .
زبون 1 (باستغراب) :
إيه. بيريه (باستهزاء)
أهه دا لسه أول واحد شفته بتاع جمبري بيشرب وسكي بالبريه (أثناء ذلك تدخل جانيت ومعها زجاجة البريه) .
جانيت :
يلزم حاجة تانية؟
بدرو :
أيوه شوفي حضرتهم يشربوا إيه على حسابي (مشيرا على الزباين 1، 2) .
جانيت :
حاضر (ثم تقترب منهم)
أجيب لكوا إيه على حساب حضرته.
زبون 1، 2 :
إيه. قال معقول نشرب على حساب بياع الجمبري.
زبون 2 :
فيها إيه. يجوز إنه كسب فلوس كتير النهارده وسوقه كان رابح وياه بمناسبة العيد. وإحنا إيه يهمنا. أهه في الآخر إن ماكنش معاه فلوس أصحاب المحل يمسكوه يضربوه.
جانيت :
لا يا مسيو ما تخافش دا زبون معروف عندنا.
زبون 1 :
هاتي اتنين وسكي بالبريه.
جانيت :
حاضر (وتخرج وفي أثناء ذلك يظهر من الخمارة أربعة أشخاص بحاله سكر وهم يغنون قطعة من اللحن السابق فيشترك معهم الموجودون. وفي أثناء ذلك يدخل السكرتير بتلاس وهو بزي بائع الصندوتش ويغني معهم على الصندوتش) .
بتلاس (بعد اللحن مناديا) :
يا اللي عايز الصندوتش.
بدرو (هامسا) :
أنا اللي عايز يا جناب الكونت.
بتلاس :
إيه غريبه. وانت إزاي عرفتني.
بدرو (هامسا له) :
إزاي ما أعرفش زميلي جناب الكونت بتلاس سكرتير الدون منتشوف حاكم البلد. وفوق كده من واجباتي إني أعرف كل شيء حاصل هنا في البلد ده بصفتي المحافظ.
بتلاس :
إيه. المسيو بدرو.
بدرو :
نعم. بس وطي صوتك.
بتلاس :
غريبة. ولكن اسمحلي أقول لك إن فيه حاجات كتير بتحصل هنا وجنابك ما تعرفهاش.
بدرو :
تقدر تقول لي هي إيه؟
بتلاس :
أيوه. هل أنت عندك خبر باللي حصل من نص ساعة دلوقت في سراية الدون منتشوف.
بدرو (ضاحكا) :
أظن تقصد الشخص اللي خرج متنكر من جهة باب المطبخ تحت زي الدكتور يني.
بتلاس (مادا يده إليه مصافحا) :
برافو يا مسيو بدرو. وأظن جنابك تعرف مين هو الشخص ده.
بدرو :
نعم. مولاي الدون منتشوف وعلشان كده أنا منتظر هنا للحفاظ عليه بدون ما يشعر. ولكن تسمحلي جنابك بسؤال بسيط.
بتلاس :
اتفضل قول وامنع كل تكليف بيننا.
بدرو :
أنت بصفتك سكرتير مولاي الدون تقدر تقول لي عالسبب اللي خلاه ينزل من قصره متنكر.
بتلاس :
أهه دا السبب اللي أنا مندهش له وبدي أكتشف السر ده.
بدرو (ضاحكا باستهزاء) :
ها ها ها.
بتلاس :
غريبة بتضحك ليه؟ لازم فاهم السر؟
بدرو :
بالطبع. شايف البيت ده جنابك (مشيرا على منزل) .
بتلاس :
أيوه.
بدرو :
وتعرف مين صاحبه؟
بتلاس :
أيوه الراجل بيترو الحلواني.
بدرو (ضاحكا) :
ها ها ها.
بتلاس :
لازم البيت ده فيه سر.
بدرو :
أيوه لأن البيت ده خصوصي لمولاي الدون. ومستأجره باسم بيترو الحلواني؛ ده علشان ماحدش يطلع على أسراره، وده متخذه زي ملهى خصوصي له بعد طلاق زوجته.
بتلاس :
أوه. بدرو أنت داهية.
بدرو :
وهو لما يحب يجي هنا بيجي متنكر. وموش بعيد أنه جاي هنا الليلة بخصوص شخص يميل له.
بتلاس :
ومولاي الدون يعرف إن عندك الأخبار دي كلها.
بدرو :
لا ولكن أنا بصفتي محافظ البلد دي يجب علي أعرف كل حاجة وللسبب ده عملت كل الاحتياطات اللازمة، واديت تعليمات لكل رجال البوليس (تحصل ضجة من الخارج) .
بتلاس :
إيه الزيطة دي؟
بدرو :
لا، دي إشارة من بعض أبنائي، أفهم منها إن مولاي الدون على بعد ميت خطوة من هنا.
بتلاس :
وإيه العمل دلوقت؟ لايشوفني ويعرفني.
بدرو :
لا ماتخافش. اتفضل أقعد جنابك هنا ونزل البرنيطه على عينك وهو مايعرفكش (ثم يجلس بجانبه) .
جانيت (داخلة حاملة صنية عليها كأسان وسكي وزجاجتان بريه وتقدمهم للزباين) :
الوسكي يا حضرات.
الزباين1، 2 (يصبون البريه على الوسكي ويقرعون الكاسات) :
إشرب في صحة بتاع الجمبري (أثناء ذلك يغنون لحنا يدخل في أثنائه الدون وهو بزي الدكتور يني) .
اللحن
هو هس بص لدقنه العيرة.
هو بس أوعك تفتح سيرة.
من حيث إنه بيستحمرنا برضك نستلطخ وياه.
وإذا عمينا بنظرنا ولا شفناش وشه ولا قفاه.
متأكد وانا بالهيئة دي أن شافنى الجن ما يفقسنى
ولا عسكر وحاشية قصادي .
شغل الرسميات يفرسني.
أما عجيبه أما نجاسة على ماله وغناه.
دنيته موش عاجباه.
السرايات عند الأغنياء إيه لذة اللي ساكنها.
وإيه الجنة من غير حرية.
غارت السجن أفضل منها عيشة إن كان عالوصف ده تبعه.
بالتأكيد أهو شرابة خرج ولعبة تحت الإيد.
مين بيدوم له مركز عالي.
وإيديه للآخر تنباس.
ممكن استغني عن مالي كله ولا استغناش عن الناس.
هس هس.
الدون (بعد اللحن مصفقا) :
يا جرسون.
جانيت (متقدمة) :
نعم. يلزم حاجة.
الدون :
هاتي لي كرسي وواحد وسكي.
جانيت :
حاضر يا دكتور (تذهب) .
الدون (على حدة ضاحكا) :
ها ها ها ها. مظبوط أهه أنا شكل الدكتور يني بالحرف الواحد (في أثناء ذلك يتهامس بدرو وبتلاس، وبعد يتكلمان بصوت عالي) .
بدرو :
إنت تشتري الصندوتش دا بالوفه والا بالميه؟
بتلاس :
لا والله، أنا بشتري العيش لوحده بالميه وبعدين أشتري السردين والأنشوقة والجبنة والزبدة والحاجات اللي تلزم ودول بالطبع يبقوا بالوقة.
بدرو :
طيب تقدر تقول لي وقة الجبنة تعمل كام صندوتشايه؟
بتلاس :
يا سلام. أظن دا كتير يا عزيزي. دانت زي ما تكون شايف واحد متخفي وتقول لي إعرف لي دا مين.
الدون (على حدة) :
إيه. متخفي.
بدرو :
أوه. دا شيء في غاية البساطة.
بتلاس :
طيب تقدر تقول لي وقة الجمبري تطلع كام جمبريايه.
بدرو :
موش كل الجمبري. فيه جمبري كبير وجمبري صغير. لكن الجبنة هي وقة واللي بتقطع إيديك فبالسبب ده يمكنك تعرف الوقة تعمل كام صندوتشايه يا أخ.
الدون (على حدة) :
محاضرة غريبة. (يقترب منهما)
بردون موسييه. تسمحولي جنابكم بالجلوس.
بدرو :
العفو. اتفضل يا جناب الدكتور.
الدون (على حدة وهو يجلس) :
الدكتور.
بدرو :
أظن يصح إننا نقوم نقعد بعيد عن جناب الدكتور.
الدون :
إزاي ده. أنا جاي أتآنس بكم.
بدرو :
يا سلام على أدب الدكاترة يا سلام (لبتلاس)
أظنك يا أخي ماسبقش لك معرفة بجناب الدكتور يني.
بتلاس :
لي الشرف بس أسمع بإن جنابه حكيم مولاي الدون منتشوف حاكم البلد اللي الشعب بيحتفل بعيده النهارده.
بدرو :
تعرف بمناسبة العيد ده أنا بعت جمبري قد إيه. يا سلام.
بتلاس :
وتعرف أنا بعت صندوتش قد إيه. يا سلام.
الدون :
على كده البلد مهتمه بالعيد دا قوي.
بدرو :
لا وفوق كده جناب المحافظ صرح لجميع أصحاب الحرف والملاهي يمروا في الشوارع من غير أي معارضة لهم من رجال البوليس.
الدون :
موش بطال (ويقف)
وعلشان كده اسمحولي دلوقت أعمل لفة في البلد بقصد الفرجة.
بدرو وبتلاس (واقفان) :
يا سلام اتفضل يا دكتور.
الدون :
مرسي (ويخرج) .
بدرو وبتلاس (ضاحكين) :
ها ها ها ها.
بدرو :
أحسن شيء دلوقت يا عزيزي إننا نتبعه.
بتلاس :
بس أنا خايف لا يعرفنا.
بدرو :
لا ما افتكرش (يصفق) .
جانيت (داخلة) :
نعم.
بدرو :
خدي (يعطيها نقود ثم يخرج مع بتلاس) .
جانيت :
مرسي (تضحك) .
كارولين (داخلة) :
فيه حاجة يا أختي.
جانيت :
فصل ما فيش كده.
كارولين :
إيه هو؟
جانيت :
المحافظ بياع الجمبري وسكرتير الدون بياع صندوتش وجناب الدون دكتور. أما حتة كرنفال (يضحكن، ثم تسمع ظيطة من الخارج وموسيقى بصوت واطي) .
كارولين :
يا ترى إيه الظيطة دي كمان؟
جانيت :
أظن ماهم بهلوانات والا مغنيين.
كارولين :
أف. داحنا النهارده اندوشنا خالص (هنا يدخل عثمان وجميل وكاترين وكل منهم حامل آلة موسيقية ويتبعهم الشعب من رجال وسيدات. وأول ظهورهم يقولون لحنا ويشترك معهم الشعب. بعد نهاية اللحن) .
لحن
ساعة البعد علي طويلة
أطول منها ساعة الجوع
أعمل إيه ما بيديش حيلة
اللحظة كأنها أسبوع أسبوع
إيه وشهر إيه جاكو نيلة
جوليت روميو اختشوا ممنوع
يا قلة اللي يواسيني
يا قلة اللي يغديني
يا صبر فين أراضيك
أحارب الهوى بيك
يا عيش فين ألاقيك أعلق وأهبش فيك
أحب شيء في الدنيا علي
ساعة ما أشوفك متهنية
تروق وتحلا لي المصافية
يا عمري على حلة ملوخية
مسبكة وفوقها التقلية
أكلها كده وألحس في إيديه
آه لو دريتي محبتك لية
هيامه طال ولا شاف لي نهاية
لكنتي قلت العطف عليه أجمل وسيلة وأحسن غاية الودودة في نني عنيه يسكنك يادي القمراية
أنا لو قالوا لي تتمنى إيه
أتمنى حبيبي معاية
وأنا لو قالوا تتمنى إيه
ولو من شقة وطعمياية
عن أهلي بعدت وأديني لأجلك فت محبيني
هايم والعشق كاويني
كانت ألذ ليالي فاتت معاك يا غزالي
يا رب رجعها لي
وكوارع العجالي
إياهم اللي في بالي.
يا رب دوقها لي
أمانه قلبي وفته لك
قبل ما أودع أوعك تهينيه
خلاص أنا سلمته لك
ونهار ما أرجع تبقي ترديه.
كاترين :
مين فينا اللي حايلم النقطة.
جميل :
عم عثمان.
كاترين :
يا سلام من غيرتك. طيب خد وشوف إن كان حد حايدي له حاجة.
عثمان (وهو يتناول منها الدف) :
ليه. هو أنا وشي وحش ماحدش يديني حاجة. دانا وشي مصبح. دلوقت تشوف الفلوس اللي أنا راح نجيبه (ثم يمسك الدف ويقترب من الجالسين وهو يلعب الدف بيده ويتمحك في الموجودين فلم يعطه أحد شيئا، فيعود وهو ساخط ويقول لجميل)
عجبك؟ كده كويس؟ يعني الغيرة بتاعك راح تخلينا نموت من الجوع.
كاترين :
علشان يعجبه.
جميل :
ماهو أنا موش ممكن أقدر أشوف الحركات دي اللي بتحصل وأسكت. أعذريني يا حبيبتي.
عثمان :
معزور. بس ياله بنا دلوقت نقول حتة تانية وخليها هي تلم النقطة علشان نجيب حاجة ناكل وبعدها أبقى غير على كيفك ويبقى يحلها ربنا لما نجوع تاني.
جميل :
آه يا عم عثمان طيب. (للجمهور رافعا قبعته)
دام مسييه. قطعة مغنى بين الشاب المصري والبنت الإسبانيولية.
الجميع (مصفقين) :
برافو برافو (هنا تبدأ الموسيقى ويغنون اللحن. بعد النهاية تتقدم كاترين وبيدها الدف تلم النقطة) .
عثمان (عندما يرى كاترين تتناول نقود من الموجودين يغمز جميل) :
شايف الفلوس كنت عايز تموتنا من الجوع (تنتقل كاترين لآخر فيلقي لها نقودا ويصفق عثمان ويتنطط فرحا)
برافو على دينك، النهارده راح ناكل عند الحاتي (فتنتقل كاترين لآخر فيضع يده على ذراعها وهي تتمايل عليه) .
جميل (ناظرا بحالة جنون) :
شايف شايف (وهو يريد الهجوم فيعترضه عثمان) .
عثمان :
يا سيدي بس طول بالك لحسن يحمرقوا وياخدوا الفلوس تاني. دلوقت يشيل إيده. آه أهه شال إيده. مبسوط بقى.
جميل :
أخ يا عم عثمان .
عثمان :
عثمان إيه وزفت إيه. أنت راح تعمل فينا إيه زيادة عن كده (هنا تسمع موسيقى)
إيه دي؟ مزيكة إيه دي كمان؟
جميل (وهو ناظر للخارج) :
دول الجماعة البهلوانات (تدخل الرقاصات وترقص وأثناء ذلك تعود كاترين وتناول النقود لعثمان فيعدها. وبعد ذلك تخرج الرقاصات ويتبعهم الجميع وهم يصفقون استحسانا) .
الجميع :
برافو برافو (ويخرجون ويبقى بالمرسح عثمان وجميل وكاترين) .
عثمان :
أربعة فرنك ونص ومعايا نص فرنك من الأول يبقى خمسة فرنك ياله عمر لما يدوبوا.
جميل :
لكن إزاي يسبونا ويخرجوا كده ورا شوية بهلوانات زي دول.
عثمان :
أمال حايناموا ويانا.
جميل :
لا ولكن يجب أنهم يحترموا الفن. يظهر إن الفن هنا مالوش قيمة، قال يسبونا كده إحنا التلاتة زي الأنطاع.
عثمان :
لا وعلى كده ما نبقاش تلاتة.
كاترين :
أمال نبقى إيه؟
عثمان :
نبقى احنا أربعة.
كاترين :
أربعة؟ مين ومين؟
عثمان :
أنا وأنت وحضرته والفن (يضحك) .
جميل :
بتضحك على إيه؟
عثمان :
بضحك عليك.
جميل :
ليه؟
عثمان :
أيوه؛ لأن أنت أبوك كان بعتك في بلاد الوشنطن علشان تتعلم طب، موش علشان تتعلم فن ومدورنا نشحت في الشوارع.
كاترين :
آه يا عم عثمان الكلام ده بيألمني.
عثمان :
لا أنت ماتزعلش يا ست علشان أنت حضرتك مغنية من الأول، يعني بنت الفن وواخد على الفن، ولكن حضرته لو ماكانش حبك ووقع فيك كان في زمان بقى دكتور تمام.
جميل :
بس بس يا عم عثمان.
عثمان :
لكن أرجع أقول الحق علي أنا اللي طاوعتك، وطاوعت أبوك، وجيت وياك في البلاد الزفت دي. قال علشان نخلي بالي منك أحسن تخسر، أديك خسرت في أمان الله وأنا بقيت أخسر من أبوك، وداحنا دايرين نتلطم من بلد لبلد لحد ما جينا هنا في بلاد البيرو دي، وبس أنا موش فاهم ابن كلب مين ده اللي بعت خبر لأبوك وعرفه أنك خسرت.
جميل :
الغاية يا عم عثمان. وهه بفكرك دلوقت إن ماغنناش وعملنا العمل ده ناكل منين وأبويا قطع عنا كل المرتبات اللي كان بيبعتها.
عثمان :
عنده حق. بعت لك النولون بتاع السفر ثلاث مرات وأنت تاخده تضيعه أنت وحضرتها ولا بتتجوزوا بعض ولا بتسيبوا بعض.
كاترين :
وأنت يخلصك نسيب بعض يا عم عثمان. يظهر إنك ماجربتش حرارة الحب.
عثمان :
لا والله أنا ماجربتش غير حرارة الجوع بس، ولما أنتم بتحبوا بعض بكل الحرارة دي. إيه المانع من كونكم تتجوزوا بعضكم.
جميل :
المانع الأربعة جنيه.
عثمان :
الأربعة جنيه؟ آه يعني الأربعة جنيه الرسوم بتاع الجواز.
كاترين :
آه يا عم عثمان. أهم هما دول الأربعة جنيه.
عثمان :
ويعني لازم جوازة برسوم. لازم تكون جوازة ميري. خليه جوازة أهالي. كده خالي الأربعة جنيه.
كاترين :
أبدا موش ممكن.
عثمان :
موش ممكن. طيب خلينا على كده. ويستحيل طول ما إحنا في البلاد دي محناش شايفين ابن جنيه واحد من الأربعة جنيه. الغاية دلوقت خلونا في المهم.
جميل :
مهم إيه تاني؟
عثمان :
فكرو لنا كده في أكله ماتزدش عن الاتنين فرنك.
كاترين :
أيوه أحسن أنا سخسخت من الجوع يا روحي، وأنت؟
جميل :
أنا مغذيني حبك يا حياتي.
كاترين :
آه (تقبله) .
عثمان :
عظيم، أنتو بوسو بعض، وأنا أرقص من الجوع.
كاترين :
لك حق، طيب روح شوف لنا أي حاجة ناكلها وادحنا منتظرينك هنا.
عثمان :
أنا اللي نروح؟
كاترين :
أيوه.
عثمان :
عظيم، إن رحت مانرجعش لكو تاني.
جميل :
إزاي؟
عثمان :
أيوه لأني مانعرفش شوارع اللبد دي، وإن كنتو عايزين تسربوني خلوني أروح لوحدي.
جميل :
عندك حق (لكاترين)
ياله بنا يا روحي نروح نشوف أكل في حتة تانية.
كاترين :
أظن أنا من التعب والجوع مايمكنش أتحرك من هنا ولا خطوة.
عثمان :
ويعني إيه الرأي؟
كاترين :
الرأي تروحوا أنتو تجيبولنا حاجة ناكلها وأنا أرتاح هنا شوية لحد ما تيجو.
جميل :
ونسيبك لوحدك؟
كاترين :
ما تخافش كون مطمئن يا حياتي.
جميل :
طيب إحنا رايحين ونرجع حالا (وهو يقبلها من جبينها) .
عثمان (بغيظ على حدة) :
أف. الله يخرب بيت الحب وبيت اللي عملوه (لجميل)
ماتيلله بقى يا أخي (يخرجون) . (كاترين تفرش سجاده صغيرة معها بجوار البلكون وتجلس ساندة رأسها للحائط. يسمع حركة أشخاص جالسين داخل الخمارة.)
أحدهم (من داخل الخمارة) :
مين فيكم يعرف لينا قطعة الشاب المصري والبنت الإسبانيولية اللي سمعناها من المغنيين دلوقت؟
جملة الأشخاص (من داخل الخمارة) :
كلنا نغنيها بس مانعرفش نقول الحتت بتوع البنت.
كاترين :
إيه. الشاب المصري والبنت الإسبانيولية. ولا يعرفوش الحتت بتوع البنت. أخش أغنيها لهم. لكن لا، يستحيل ما دام حبيبي جميل موش موجود.
أحدهم (من داخل الخمارة) :
موش ضروري حتت البنت نفوتهم على المزيكة إليه. (يغنون من الداخل وكاترين تغني قطعها من الخارج حتى يتلاشى صوتها وتنام) .
لحن
إكمني عشقت المصري وأنا شابة إسبانيولية
بيعايروني المجانين مع أن الذوق العصري، الحب مالوش جنسية
ولا لوش ملة ولا دين الحب ملك ويسوي بالعدل ما بين الناس
عربي والا نمساوي. العبرة بالإحساس
واللي يعشق يا بلاوي اسمه لزقة برسراش
إن ضاع الذوق والرقة
تتبدل الراحة مشقة
والبوفتيك يجي من بعده الفول النابت والدقة
في الحب أبوكي ما هو أبوكي
وأنا أحسن عليك من أخوكي
حكم ومعناها جميلة. مثبوتة بألف دليل
يمكن من جنسي ويخونني
وأبيض أحسن منه البني. وغريب عن لغتي ويصونني
لغة العواطف بالعنين والحاجبين الطالعين النازلين
مش باللسان مهما رطبه
قالوا الغرام أوطانه فين
أوطانه فين
بين الصورين عند الحسين ماعرف منين
قلت الغرام مالوش وطن
أيوه الغرام مالوش وطن. (بعد نهاية اللحن يخرجون الأشخاص الذين كانوا بداخل الخمارة وهم يتمايلون من السكر.)
أحدهم (يخرج من جيبه ساعة) :
يا سلام الساعة 12 قوام.
نمرة 2 :
يا سلام فات الوقت من غير ما نحس.
نمرة 3 :
أي عيد يا عزيزي (يخرجون شمالا) .
الدون (داخلا من اليمين يتبعه بتلاس وبدرو) :
أظن يستحيل حد يشوفكم بالشكل ده ويقدر يعرفكم.
بدرو :
ولكن جنابك عرفتنا إزاي.
الدون :
معرفتكوش إلا لما لقيتكم متتبعني، وتفرست فيكم طيب ودا السبب اللي خلاني عرفتكم.
بتلاس :
ولكن جناب المحافظ عرفك هنا من أول ما دخلت قبل ما تقعد جنبنا.
الدون :
برافو مسيو بدرو.
بدرو :
مرسي. دا واجب يا مولاي . وأظن دقن عيرة زي دي ما تغيرش شكلك عن اللي يعرفوك زيي. ودلوقت يسمح مولاي إننا نروح نغير ملابسنا ونرجع تاني.
الدون :
يعني تلبسوا ملابسكم الرسمية.
بتلاس :
لا ملابس اعتيادية. بس يعني تكون أنضف من كده شوية.
الدون :
أيوه لأن ما يصحش تظهر شخصيتنا الحقيقية في وقت زي ده.
بدرو وبتلاس :
وهو كذلك. عن إذن مولاي (يخرجون. هنا الدون يهم بدخول المنزل فيسمع كاترين تغني قطعة من التي كانت تغنيها من قبل بصوت منخفض كأنها تحلم. فيقف الدون باهتا)
إيه ده (يقترب منها ويحقق النظر في وجهها)
غريبة. أما جمال! لكن إيه النومة الوحشة دي سكرانة. لازم أصحيها وأستفهم منها عن السبب في وجودها هنا.
كاترين (تتحرك) :
آه.
الدون :
أيوه. أهه راح تصحى.
كاترين (تفيق تدريجيا) :
آه يا ربي. جميل (ترفع رأسها وتنظر فترى الدون)
إيه؟ إنت إيه؟ (تقف) .
الدون (بغرام) :
أنا ما تخافيش يا روحي، اسمحيلي أسألك عن سبب نومك بالشكل ده.
كاترين :
وأنت إيه يهمك؟
الدون :
يهمني جمالك لأن ما يصحش واحدة جميلة بالشكل ده وتنام النومة دي. هل أنت مالكيش أهل؟
كاترين :
لا يا مسيو.
الدون :
يا سلام. ولا زوج؟
كاترين :
لأ، وبنت بكر.
الدون :
أمال بتعيشي فين؟ يعني مين بيصرف عليك؟
كاترين :
أنا بصرف على نفسي.
الدون :
إزاي؟ لك صنعة؟
كاترين :
مغنية.
الدون :
وما عندكيش صاحب ولا حبيب؟
كاترين :
هه، لأ.
الدون :
لكن أنا سمعتك أول ما تنبهتي بتقولي جميل. مين هو جميل؟
كاترين :
هه. لا، يعني الطقس هنا جميل لدرجة إني استحسنت الحتة دي ونمت فيها.
الدون :
كويس خالص. أهه دلوقت بس تحقق سعدك.
كاترين :
سعدي؟ إزاي ده؟
الدون :
أيوه علشان حاخدك.
كاترين :
تاخدني؟ تاخدني على فين؟
الدون :
في سراية الدون منتشوف.
كاترين :
سراية الدون؟ وأنا أعمل إيه في سراية الدون؟
الدون :
يعني تكوني دموزيل شرف لمراة الدون.
كاترين (باندهاش) :
لمراة الدون؟ دي مراة الدون ماتت يا مسيو.
الدون :
مفهوم. ولكن أنا محافظ على شيء يخليني دائما أتذكرها وهو وجود وظيفة دموزيل الشرف بتاعتها.
كاترين :
يخليك تتذكرها؟ على كده لازم تكون جنابك الدون منتشوف؟
الدون :
نعم. أنا نفسي الدون منتشوف حاكم البلاد دي وأتعشم أنك ماترفضيش طلبي.
كاترين (على حدة) :
آه يا ربي (عاليا)
وإيه اللي يثبت لي يا مسيو إنك أنت الدون منتشوف؟
الدون :
اللي يثبت لك. اتفضلي (يخرج جنيه من جيبه ويعطيه لها) .
كاترين (تتناول الجنيه) :
إيه ده؟
الدون :
دا جنيه من عملة البلد دي. حققي في الصورة اللي عليه. (تنظر في الجنيه وتقلبه)
هي، عرفتي رسم مين اللي عليه ده؟
كاترين :
فيه شبه منك، ولكن أنت بدقن.
الدون :
عندك حق ولكن الدقن دي عيرة؛ لأني أنا نازل الليلة متخفي علشان لي غاية في كده ولحسن حظي إني عترت فيك.
كاترين (على حدة) :
آه يا ربي. تلاتة جنيه على ده يبقوا أربعة ونعقد العقد.
الدون :
هه، قلت إيه يا روحي؟
كاترين :
قلت اتفضل الجنيه بتاعك وشوف لك مدموازيل شرف غيري.
الدون :
إيه يعني بترفضي؟
كاترين :
أنا حرة.
الدون (بحدة) :
أنا الحاكم.
كاترين :
يعني قصدك إيه؟
الدون :
قصدي إذا ما قبلتيش ورفضتي أستعمل معاك الشدة وأرغمك على القبول، شاوري عقلك.
كاترين (على حدة) :
آه يا ربي، الأحسن أوافق دلوقت وبعدين اجتهد إني أخلص نفسي.
الدون :
هه، شاورتي عقلك؟
كاترين :
مافيش مانع، ولكن عندك من صنف الجنيه دا كتير؟
الدون :
أطلبي زي ما أنت عايزة. كل شيء تحت أمرك.
كاترين :
لا، بس شيء بسيط علشان أتركه لواحدة عجوزة من معارفي، مالهاش حد وأنا اللي بصرف عليها.
الدون :
طيب انتظريني برهه، أما أخش البيت ده وأرجع لك حالا.
كاترين :
اتفضل.
الدون :
مرسي، ولكن احذري إنك تمشي لأنك إذا تحركتي من هنا أأمر البوليس بالقبض عليك مطرح ما تكوني (يخرج) .
كاترين :
لأ منتظرة. آه يا ربي. مافيش طريقة غير كوني أكتب جواب لحبيبي جميل وافهمه فيه الحقيقة (تخرج ورقة وقلم وتكتب)
عزيزي جميل، بعد ما تركتني حضر لي الدون منتشوف حاكم هذه البلاد وعرض علي الذهاب معه، فرفضت فأرغمني واستعمل سلطته، ولما وجدت أن لا فائدة من المعارضة قبلت مؤقتا، واجتهدت حتى تحصلت منه على هذه النقود المرسلة إليك تساعد بها على زواجنا ببعض، وأما أنا سأجتهد في خلاص نفسي وبعد نتقابل خارج المدينة، حبيبتك المخلصة كاترين (بعد كتابة الجواب تصفق فتدخل جانيت) .
جانيت :
فيه حاجة يا مدموازيل؟
كاترين :
أيوه. من فضلك، أنت شوفتي الاتنين المغنيين زملاتي؟
جانيت :
أيوه موش الراجل الأسود والجدع الأبيض.
كاترين :
مظبوط.
جانيت :
مالهم؟
كاترين :
من فضلك لما ييجو سلمي لهم الجواب ده، ولما أجيب لك فلوس تديها لهم ويا الجواب. وفي نظير الخدمة دي خدي الجنيه دا علشانك. بس احذري إنك تجيبي سيرة لحد.
جانيت :
لا ما تفتكريش (هنا ترى كاترين الدون داخلا فتهمس لجانيت بالسكوت) .
الدون (داخلا وبيده كيس به نقود لكاترين) :
يكفيك الكيس دا يا روحي؟
كاترين (وهي تتناول الكيس) :
مرسي. كفاية (لجانيت)
الفلوس أهه إبقي اديها لها زي ما قلت لك. هه.
جانيت :
ما تخافيش. أول ما تيجي أديها لها.
الدون (مشيرا لها على المنزل) :
اتفضلي يا عزيزتي.
كاترين :
طيب بس أما ألم أدواتي (وهي تلف السجادة وتحمل الدف) .
الدون :
أظن دول مابقاش لهم لزوم دلوقت.
كاترين :
أهم ينفعوا.
الدون :
على كيفك (تحمل أدواتها وتدخل معه المنزل. جانيت وهي بالمرسح) .
جانيت (تقلب الكيس بيدها) :
يا ترى دا فيه كام؟
كارولين (داخلة) :
جانيت. أنت بتعملي إيه هنا؟
جانيت (بفرح) :
كنت بقبض فلوس (وهي تديها النقود) .
كارولين (باستغراب) :
فلوس. من مين؟
جانيت (وهي تضحك) :
من مولاي الدون منتشوف.
كارولين :
علشان إيه؟
جانيت :
أنت شفتي البنت المغنية اللي كان وياها الراجل الأسود والجدع الأبيض.
كارولين :
أيوه. مالها؟
جانيت :
أخدها الدون وإداها الفلوس دي وهي إدتهم لي علشان أسلمهم للاتنين اللي كانوا وياها هم والجواب ده.
كارولين :
غريبة. الدون منتشوف يتنازل ويحب واحدة مغنية زي دي.
جانيت :
يمكن موش واخدها علشان يحبها.
كارولين :
أمال واخدها علشان إيه؟
جانيت :
يمكن واخدها علشان تغني له، ولكن إحنا يهمنا إيه، يحبها والا تغني له إحنا المهم دلوقت نسلم الجواب ده لحد من اللي وياها، وفي نظير الخدمة دي ناخد كيس الفلوس إيه رأيك في كده؟ تعالي بنا جوه نعده نشوف فيه كام (أثناء ذلك يدخل يدخل بدرو وبتلاس) .
بتلاس :
هو راح فين مولاي الدون?
بدرو :
لازم دخل الفيلا بتاعته (مشيرا على المنزل) .
بتلاس :
وإيه فكرك نخش له؟
بدرو :
أظن ما يصحش. ربما يكون موش لوحده.
بتلاس :
إيه يعني تفتكر كده؟
بدرو :
موش بعيد.
بتلاس :
آه، أهه جاي أهه.
الدون (داخلا) :
إنتوا جيتوا؟
بدرو :
نعم وتحت أمر مولاي.
الدون :
أسمعوا أنا عايز منكوا خدمة.
الاثنين :
أؤمر.
الدون :
بقى أنا عترت في بنت جميلة، ونويت أني أخدها عندي في قصري وأجعلها مدموازيل.
بتلاس :
مافيش مانع. ولكن هي متجوزة؟
الدون :
لأ.
بتلاس :
أمال إزاي جنابك حاتدخلها القصر وقانون البلاد مايسمحش بدخول أي واحدة إلا إذا كانت متجوزة.
الدون :
وللسبب ده أنا عاوز أنك تشوف لي واحد يتجوزها في الحال بأي طريقة، وأنت يا مسيو بدرو تجيب لنا المسجل علشان يعقد العقد دلوقت حالا.
بتلاس :
أمر مولاي.
الدون :
ودلوقت حالا تنفذولي المأمورية دي، وأنا داخل دلوقت أقنعها علشان تقبل العريس اللي حانقدمه لها. سامعين (يصفق فتدخل جانيت)
ياله يا مدموازيل هاتي لي قزازة وسكي قوام.
جانيت :
حاضر يا دكتور (ثم يدخل الدون وجانيت) .
بتلاس (لبدور) :
إيه رأيك بقى في الشغلانة دي؟
بدرو :
والله رأيي أنا ما علي إلا أروح أجيب المسجل من بيته وأنت تدبق لك على عريس من حيث كان.
بتلاس :
وأي مغفل ده اللي حايقبل بأنه يكون جوز عيرة.
بدرو :
إيه المغفلين كتير وكله بالفلوس. ياله بنا ياله (يخرجان) .
عثمان (داخلا يبكي) :
أما أنا راح يتجنن. الولد تاه في الزحمة ما أعرفش راح فين، لا والمصيبة إني أديته الخمسة فرنك اللي كان وياي وبطني كركب من كثر الجوع. هو راح فين كاترين (وهو ناظر محل مأكولات)
يا كاترين. هو راح فين. الله يلعن كاترين على اللي جاب كاترين في المشوار اللي زي الطين. أنت يا كاترين الزفت.
جانيت (داخلة) :
أنت جيت يا ابو سمرة؟
عثمان :
أيوه جيت. عاوز إيه أنت كمان؟ فيه حاجة؟
جانيت :
أيوه.
عثمان :
فيه إيه؟
جانيت :
الست اللي كانت وياكم مشيت وسابت لكوا الجواب ده.
عثمان :
جواب؟ وريني. جواب إيه دا كمان؟
جانيت (تناوله الخطاب) :
خد افتحه وأنت تعرف فيه إيه (تعطيه الجواب وتخرج) .
عثمان (يفتح الجواب ويقرؤه) :
عزيزي جميل، بعد ما تركتموني حضر لي الدون منتشوف حاكم هذه البلاد وعرض علي الذهاب معه، فرفضت فأرغمني واستعمل سلطته ولما وجدت أن لا فائدة من المعارضة قبلت مؤقتا واجتهدت أني تحصلت منه على هذه النقود. هذه النقود؟ فين هي النقود؟ (يقلب في الظرف والجواب)
لتساعد بها عند زواجنا ببعض، وأما أنا سأجتهد في خلاص نفسي، وبعد نتقابل خارج المدينة، حبيبتك المخلصة كاترين.
عثمان :
آه يا ربي، إيه العمل دلوقت؟ الولد تاه، والبنت خده الدون، وفلوس مافيش، وغريب عن البلاد دي. نسرق؟ لأ، الأحسن نموت نفسي ونرتاح من العيشة المرة دي، نموت نفسي إزاي بقى؟ سم، مافيش فلوس علشان نشتريه. سكينة نضرب روحي بيه، مافيش. أحسن طريقة نحل الحزام ده ونشنق نفسي. أيوه مافيش غير كده (ويفك حزاما من وسطه، ويربطه بالبلكون، ويضع كرسيا تحت قدمه، ويقف عليه، ويزيد ربط عنقه فيدخل بتلاس عليه) .
بتلاس (داخلا) :
لحد دلوقت موش قادر أعتر في الشخص المطلوب مني، وكل ما أعرض الفكرة على أي واحد يرفض، ما علي إلا أقابل جناب مولاي الدون وأخليه يكلف واحد غيري بالمأمورية دي.
عثمان :
أهه كده. دلوقت نزق الكرسي نتخنق تطلع روحي، وخالصين، أحسن من الجوع والغربة.
بتلاس :
إيه ده اللي حاتطلع روحه (ناظرا لعثمان)
إيه أنت إيه؟
عثمان :
وأنت عايز إيه؟
بتلاس :
أنت بتخنق نفسك ليه؟
عثمان :
وأنت مالك.
بتلاس :
أنا مالي؟ أنا مالي يعني إيه. إنزل هنا كلمني.
عثمان (بحدة) :
روح في حالك.
بتلاس :
الظاهر عليك إنك مجنون.
عثمان :
أوعى تطول لسانك أحسن أنزل أخلص على عمرك وميت ميت. إتاخر شوية خليني نزق الكرسي.
بتلاس :
ارجع يا راجل يا مجنون.
عثمان :
يا راجل روح بعيد خليني نشوف شغلي.
بتلاس :
انزل هنا فهمني . علشان إيه راح تخنق نفسك؟ وبعدين ابقى ارجع تاني.
عثمان :
ويعني لما أفهمك راح تعمل لي إيه؟
بتلاس :
يمكن أريحك.
عثمان :
طيب أديني نزلت (ينزل) .
بتلاس :
تقدر تقول لي لأي سبب عاوز تخنق نفسك؟
عثمان :
أول سبب الجوع وتاني الغربة وتالت الناس اللي كانوا وياي راح.
بتلاس (على حدة) :
أيوه. أهه دا المطلوب.
عثمان :
هي، فهمت السبب. عن أذنك بقى (ويعزم على العودة للمشنقة) .
بتلاس (يعترضه) :
تعالى هنا رايح فين؟
عثمان :
إيه، لسه عاوز تستفهم عن حاجة تاني؟
بتلاس :
لا دا أنا حاقول لك على حاجة تجعلك سعيد إلى الأبد.
عثمان :
إيه راح تشوف لي شغلانة؟
بتلاس :
لا دا أنا حا أجوزك.
عثمان :
أما مغفل.
بتلاس (بحدة) :
إيه؟
عثمان :
إذا كنت بقول لك موش لاقي آكل. جاي تقول لي أجوزك.
بتلاس :
لأ دا انت حاتتجوز وتاخد ميت جنيه.
عثمان :
إيه. ميت جنيه. فين الجوازة دي؟!
بتلاس :
بس على شرط إنك بعد ما تتجوز العروسة تسيبها.
عثمان :
موش راح أخذ الميت جنيه؟
بتلاس :
بالطبع.
عثمان :
خلاص أنا أسيب أبوها (للجمهور)
أهه بالميت جنيه دول ندور على الولد جميل وناخده ونسافر على مصر أحسن من البلاد الزفت دي.
بدرو (داخلا) :
مسيو بتلاس. لقيت الراجل المطلوب منك.
بتلاس :
أيوه أهه (مشيرا على عثمان) .
عثمان :
إيه ده؟ هو دا اللي راح نتجوزه؟!
بدرو :
بتقول إيه؟
عثمان :
لا ما هي جوازة عيرة. أنا بس ناخد الميت جنيه ونسيبك على طول.
بتلاس (ضاحكا) :
الله يجازيك (لبدرو)
وأنت جبت المسجل.
بدرو :
حالا جاي هو الشهود وجملة معازيم.
الدون (من البلكون) :
هه. حضرتوا اللي قلت لكم عليه؟
الاثنين :
أيوه يا مولاي.
بدرو :
وأهم جايين أهم. اتفضلوا (مشيرا للخارج فيدخل الجميع باللحن الختامي وتنزل الستار) .
لحن
الورد أهه ملو القفف
جبناه وجنيالكم طفف
صيت الفرح مالي البلد حتى الحواري والعطف
ياله ما دام الحال هدي. لازم نخلي الزفة دي
هي البريمو في الزفف
عقبالنا يا أولاد جنجلوا هيصوا
الليلة دي وانجلوا
والعقد إحنا نسجله
بس اخلصوا بنا استعجلوا
حاكم بقى الطاسة يدوب سخنت قوي
والعبد لله خلطبيطة ومستوي
يا أهل البلد ممنون أنا
العاقبه عندكو في الهنا
توضيكو حاضر يا ترى
أمال هنعمل إيه هنا
الطبالين والزمارين جايين خصوصي مشمرين
والرقص ده خليه لنا
شطار في هزة وسطنا أشيا من حيث كده
هاتوا العروسه مسندة
يا أبهة حظك انضمن
وربنا هدالك الزمن يا ألف مبروك مننا
من الليله دي فهمت صحيح إن الخمرة دهليز التفريح
أم الحظوظ هي والبدع والنية. تجي الخمورجية
جناني فيك يا أمريكا
ثبت خلاص عثمان مهفوف
الوسكي وسكي من الماركة الأمريكاني
أبو خاروف أبو سمرة لون المكادام
وعروسته أبيض من العاج
اتجوز وبقت له مدام
قال يعني الواد يعني مزاج
عبد عبيد فرق بعيد
من حتة فحم لأسيبداج
دي عروستي جوازة ظهورات
عالكيف والا موش عالكيف حواليها شوية جنيهات
نشقطهم وادي وش الضيف
والنبي على قد سوادك
خفة يا مضروب وقيافة
ومن إمتى جدود أجدادك شافوا بالهيئة دي لطافة
القدر هيف والخصر نحيف والدم خفيف
والجيب له الحمد نضيف
وسداح ومداح طالب من ربنا رغيف
موش طالب أفراح
ليلاتي يجعل في بيتكو باللو
ويدوم جوازكم العمر كله
عريس حدق ياله نطبل له.
الفصل الثاني (عند رفع الستار يدخل المركيز ترانولي وهو في حالة انفعال شديد ومعه مزانيلا ومانولتا، والمركيز متقدم في السن وهن شابات ثم يقولون لحنا.)
لحن
مالك يا جناب المركيز ملوي بعد الشر عليك
ربنا ما يجيب لك تبويز أبدا
ما إحنا حواليك
نحب راحتك
لكن عيبك. عدم صراحتك
مع محاسيبك تخبي عنهم ليه
مالكش تحمل هم كثير
قول الحكاية إيه ولك علينا السر في بير
أنا بحكايتي لما أبوح
تبقى فضيحة وبهدلة زايدة. واشتكي وألا أقول أبوح
هلضمة ولا فايدة ولا عايدة
يمكن عندنا كلمة تصبر فيها الحل يجوز ألقاه
ربنا قبل ما يبلي يدبر. ولا داء لما خلق دواه
فضفض بهمومك ولا تكتم. ريحنا بدال ما توغوشنا
حتى إذا كان في المسألة ترتم
في الإمكان برضه توشوشنا
ماهي ترتم
وفي غاية الترتم
كلتها ترتم في ترتم ترتم ترتم ترتم .
المركيز (بعد اللحن) :
أوه دا شيء وحش. دا شيء طمع فينا الدول المجاورة لنا لدرجة إني عرفت أنهم بيبعتوا جواسيسهم يتجسسوا على أحوالنا وسياستنا في بلادنا.
مزانيلا :
جواسيس؟
مانولتا :
لأ، إذا كانت المسألة حصلت لحد كده دا إحنا بقيت حالتنا خطرة.
المركيز :
خطرة وبس. دا أنا بلغني اني النهارده جه واحد جاسوس من المكسيك، وتمكن من الاتفاق مع بعض الحراس على أنه يرتدي ملابسه ويدخل بها، ويتحايل على الحارس لما يسكره ويخليه طينة وبعدها يدخل في القصر ويتجسس علينا.
مزانيلا :
يتجسس علينا علشان إيه؟
المركيز :
علشان يتجسس على الحاكم لما يتأكد أنه راجل مهمل في وظيفته، متراخي في أشغاله، منصرف إلى لذاته الخصوصية. وشهواته النفسانية يقوم يبعت تقرير بكرة لحكومته وحكومته تنتهز فرصة إهمال الحاكم لشئون البلاد وتطلب منا مطالب صعبة، وفي الحالة دي يا نكون مضطرين لتنفيذها أو نضطر لإعلان الحرب عليها.
مانولتا :
آه يا عمي (تحصل ضجة من الداخل) .
المركيز (ناظرا) :
يا سلام هي حصلت لحد كده؟
مزانيلا :
إيه بس الحكاية يا جناب المركيز؟
مانولتا :
ما تفهمنا فيه إيه، مال عصبيتك ... كده.
المركيز :
موش مصيبة دي، موش حاجة تجنن، موش فضيحة كبيرة.
مزانيلا :
فضيحة؟!
المركيز :
أيوه. المسألة الوسخة اللي عملها الدون منتشوف ابن عمي.
الاثنين :
عمل إيه بس موش تفهمنا؟
المركيز :
عمل إيه، جاب لنا واحدة مغنية ... وأنعم عليها بلقب مركيزة وعينها هنا في السراية بصفة دموازيل شرف.
مزانيلا :
يا سلام، وعرفت منين إنها مغنية؟ مين اللي قال لك؟
المركيز :
مين، الكونت بتلاس هو جنابه بيخبي عني حاجة. أهه حكى لي المسألة من أولها لآخرها.
مانولتا :
غريبة، ولكن إزاي المغنية دي تخش هنا في القصر والقانون يحرم دخول واحدة ست هنا ما تكونش متجوزة؟
المركيز :
جوزوها يا مدموازيل. جوزوها لواحد يظهر أنه بربري وكتبوا عقد الزواج إمبارح بعد ما سكروا العريس والعروسة، وخلوهم طينة لدرجة أنهم ما يعرفوش بعض لحد دلوقت وجابوهم هنا الساعة تلاتة تقريبا، وسكنوا المغنية في الشقة إياها اللي كانت ساكنة فيها المركيزة دي مكايرو مع جوزها المغفل الثاني الماركيز إياه، يعني المغنية وزوجها حلو محلهم هنا في القصر. فهمتوا بقى.
الجميع :
آه كده بقى.
مانولتا :
وجوزها دلوقت موش وياها في الشقة.
المركيز :
لأ خلوه في الشقة اللي هناك دي (مشيرا يمينا)
وجنابه لسه نايم؛ لأنه وقت ما جابوه كان في حالة سكر يعلم بها ربنا.
إحداهن :
دي فضيحة أعوذ بالله.
المركيز :
فضيحة وبس، موش مصيبة إن الدون يجيب أسود الوش ده هنا ويساويه بي أنا المركيز ترانولي ابن عمه، ويدي له لقب مركيز ويجيب واحدة مغنية من السكة ويساويها بمراتي ويديها لقب مركيزة.
مانولتا :
دا شيء وحش خالص. وإيه الرأي دلوقت؟
المركيز :
الرأي إني أعمل كل طريقة علشان أقطع جدر الجماعة دول من هنا، وأديني فهمت كل أمراء القصر والحاشية بحقيقة المسألة، وكلهم معايا ومن رأيي وموش راضين أبدا عن الفصل البارد ده اللي عمله الدون ابن عمي. واتفقنا جميعا على قطع جدر الجماعة دول من هنا بأي وسيلة (تقترب الزيطة وتحصل ضجة في الخارج) .
الجميع :
الله إيه ده؟
المركيز (ناظرا) :
دا يا ستي المركيز أسود الوش الجديد والحاشية حواليه، يا حفيظ موش قادر أشوفه كده أبدا (يخرج، هنا يدخل عثمان بملابس مركيز ومعه الجميع يقولون لحنا) .
لحن
إخص أتفوه يا عريس الغفلة
دمك راح فين
إخص أتفوه حتت نتفت مسألة سافلة ولا هوش مكسوف ياهوه
أما حيلة يا بختك بيها الدنياميت ما يأثر فيها
إزاي تقبلها على ذاتك يا هليهلى يا عريس الشوم
في الظاهر تتسمى مراتك والباطن أمره معلوم
هس أوعى تزود وتنقص قبل السر ما ترسي عليه
موش بس الواحد يترقص من غير ماهو عارف أنا إيه
عارفينك ما حناش جاهلين
نفهمها طايرة يا إبليس
اتنين والاثنين عاشقين
وجنابك في إيديهم ميس
جي ورايح صورة وبس
ولا من دقق ولا من حس
إخرسوا يا اولاد المركوب عثمان موش وش حاجات من دي
كلكو فاهمين بالمقلوب إسمعوا وأنا أحكي اللي عندي
نسمع إيه ونسأل ليه
الإنسان شايف بعنيه
إخص أتفوه يا عريس الغفلة
إخص أتفوه
إخص أتفوه.
الجميع (بعد اللحن) :
أهلا وسهلا بك يا عريس، إفرح وزقطط واتهنى.
عثمان :
وقصدكوا إيه يعني دلوقت؟
مزانيلا :
قصدنا نحيك يا جناب المركيز.
عثمان :
مركيز.
مانولتا :
ونرجوك أنك تبلغ تحياتنا دي للمركيزة.
عثمان :
مركيزة.
مانولتا :
أيوه مراتك.
عثمان :
أنا مركيز ومراتي مركيزة كمان؟
الجميع :
أيوه.
مزانيلا :
ليه مانتش عارف؟
عثمان :
لأ أنا عرفت منك دلوقت بس إني أتجوزت، لكن ما أعرفش إني اتمركزت.
مزانيلا :
دا أنت أتجوزت واتمركزت وقبضت كمان.
عثمان :
قبضت؟ قبضت إيه؟
مزانيلا :
أجرة الجوازة.
عثمان :
يا وليه حرام عليك. إنت شفتيني قبضت حاجة؟
مزانيلا :
لأ ماشفتكش، إنما ضروري تكون قبضت.
عثمان :
لا لا إن كنتوا ناوين تبلطجوا علي وتشهدوا مع بعض علشان تاكلوا علي الميت جنيه اللي اتفقتوا معي عليهم، أقلع لكوا هدومكو ومانيش شغال من دلوقت بلا جوز بلا فرد يا خويا. (الجميع يضحكون)
عثمان :
بتضحكوا على إيه؟ إضحكوا على مغفلينكم اللي تجيبوا الناس م السكة وتجوزوهم وتمركزوهم وتدوهم فلوس من غير مناسبة.
أحدهم :
من غير مناسبة إزاي وأنت جوازتك دي حاتكون سبب في سعادة الحاكم.
عثمان :
لهو أنا لما أجوز يبقى الحاكم سعيد.
الجميع :
معلوم.
عثمان :
ليه هو أنا نافد عليه؟
مانولتا :
لأ إنما لما تتجوز أنت يقدر الحاكم يتمتع بمحبوبته؛ لأنه ما يقدرش يدخلها القصر وهي مش متزوجة.
عثمان :
إيه؟ محبوبته؟ لهي اللي جوزوها لي دي تبقى ...
الجميع :
عشيقة الحاكم.
عثمان :
يا خبر اسود، لا لا يفتح الله، ولا بميت ألف جنيه، أشتغل الشغلانة دي، إحنا يا عم ما عندناش كلام زي ده.
مزانيلا :
لكن ده حصل بالفعل.
عثمان :
لكن أنا ما كنتش أعرف والعروسة كمان ماشفتهاش.
أحدهم :
يا سيدي ما تدقش.
عثمان (يبكي) :
إزاي أنا عمري ما اشتغلتش كدا، صنعة إيه دي كمان اللي حا أتعلمها هنا في بلادكم الزفت دي؟! (يدخل المحافظ والسكرتير) .
بتلاس :
إيه فيه إيه؟ (يرى عثمان)
آه هو هنا.
بدرو :
إيه الزحمة دي؟ انتوا بتعملوا إيه هنا ؟
أحدهم :
إحنا جايين بمناسبة الحفلة الهايلة اللي حاتتعمل هنا بعد شوية.
بتلاس :
لكن لسه ميعاد الحفلة ماجاش، اتفضلوا دلوقت من فضلكم ولما ييجي الميعاد ابقوا تعالوا ياله اتفضلوا (يخرجون وعثمان في أثرهم فيمسكه)
تعالى أنت رايح فين؟ (يقف الجميع ليسمعوا الحديث) .
عثمان :
رايح اتفضل ولما ييجي ميعاد الحفلة أبقى آجي.
بدرو :
لا خليك أنت هنا وأنتوا اتفضلوا دلوقت.
الجميع (بتهكم) :
طيب أوروفوار يا حضرة المركيز.
عثمان :
أوروفوار ورحمة الله وبركاته (يخرجون) .
بتلاس :
أنت موش عارفنا والا إيه؟
عثمان :
عرفتكم ولو أنكم لبستم الهدوم الجديدة دي، حضرتك الجورنجي اللي اتفقت ويايا على الميت جنيه، وحضرته أظن المأزونجي مش كده.
الاثنين :
مظبوط.
عثمان :
لكن حضرتكم بدستور بقى تبقوا مين في البلد.
بدرو :
حضرته المسيو بتلاس سكرتير حاكم البلد.
عثمان :
تشرفنا، وحضرتك؟
بتلاس :
حضرته المسيو بدرو محافظ البلد.
عثمان :
تشرفنا يا حضرة المحافظ.
الاثنين :
مرسي يا مركيز.
عثمان :
برده أنتو روخرين حاتقولوا لي مركيز زي اللي كانوا هنا.
بتلاس :
معلوم دلوقت جنابك مركيز.
عثمان :
مركيز مركيز. ما أنا كنت حا أشنق نفسي والله المركيز أخف م الشنق برده (لهم)
إنما أنتم عايزين إيه بقى؟
بتلاس :
إحنا جينا هنا علشان ندافع عنك.
عثمان :
تدافعوا عني. ليه حد حايتخانق معايا؟
بدرو :
لأ، إنما غرضه يعني يحميك.
عثمان :
ليه أنا فرن؟
بتلاس :
لأ يعني ...
عثمان :
يعني إيه؟ مش بزيادة إنكم عملتوا معايا الفصل البارد ده، وجوزتوني غصبن عني، والآخر ضحكتوا علي ولا اديتوني أبيض ولا أسود.
بتلاس :
معناها إيه؟ بتلومنا وتوبخنا؟
بدرو :
لأ يا شيخ هو يقدر يوبخنا.
عثمان :
ما أقدرش ليه؟
بتلاس :
لأ ما تقدرش.
عثمان :
لأ أقدر أبوخكم وأبوخ أبوكم كمان.
بدرو (يخرج سيفه بحدة) :
بقول لك ما تقدرش.
عثمان (خائفا) :
أيوه مقدرش. مقدرش.
بدرو :
وأنت لازم تشكرنا.
عثمان :
أشكركم قوي، بس رجع السيف ده مطرحه وروق دمك خليني نعرف نكلمك.
بدرو :
طيب اتكلم (يرجع سيفه) .
عثمان :
أنتو موش اتفقتم معايا أني لما أتجوز تدولي اللي أطلبه وأروح لحالي، موش كده؟
بتلاس :
أيوه.
عثمان :
وعلشان الفلوس مخصوص أنا قبلت؛ لأني بالفلوس دي أقدر أدور على ناس عزاز عندي.
بدرو (لبتلاس على حدة) :
دا باينه راخر بيحب.
عثمان :
موش كده.
بتلاس :
مظبوط. ولو كنت أنا في مركزك كنت أقبل لأنك لازم تحب.
عثمان :
باحب (على حدة)
خليهم على عماهم (لهم)
أيوه باحب. هو فيه حاجة في الدنيا أحسن م الحب.
بدرو :
أبدا. واللي بتحبها دي سودة والا بيضة؟
عثمان :
من دا على دا. ما هو عندنا الاثنين زي بعض ما تقدرش تفرق أسود من أبيض أبدا.
بتلاس :
النهاية. خلينا دلوقت نتكلم عن الشيء اللي يهمنا إحنا كلنا.
عثمان :
يهمنا كلنا؟
بتلاس :
أيوه كلنا أنا بصفتي مستشار الحاكم وحضرته محافظ المدينة وحضرتك زوج محبوبة الحاكم وأهو احنا الثلاثة بصفتنا دي نبقى أكبر وأشرف أعيان البلد.
بدرو :
طبعا. ما دام كل واحد منا بيشتغل وظيفة كبيرة زي دي اللي هي السبب في رفعته وشرفه.
عثمان :
في رفعته وإيه؟
الاثنين :
وشرفه.
عثمان :
يا شيخ خليها على الله.
بدرو :
وأهه دلوقت ما علينا إلا أننا نقتسم إحنا الثلاثة كده الثروة والشرف.
عثمان :
شوف الراجل برضه لسه بيقول الشرف.
بتلاس (بحدة) :
يعني إيه؟ غرضك تقول أننا ماعندناش شرف؟
عثمان :
مش حضرتك بتدور على جوز لبنية الحاكم علشان يقدمها له علشان يقدر يدخلها القصر بصفة رسمية حسب قانونكم؟
بتلاس :
أيوه.
عثمان (لبدرو) :
وحضرتك مش رحت جبت المسجل علشان تكتب عقد الزواج ده اللي بواسطته يقدر الحاكم يحصل على محبوبته؟
بدرو :
أيوه.
عثمان (لبدرو) :
وحضرتك موش جيت وأنا كنت رايح أشنق روحي، ولما عرضتوا علي إني أجوز حبيبة الحاكم علشان أقدمها له في نظير إنكو تدوني فلوس قبلت وماشنقتش روحي؟
الاثنين :
أيوه.
عثمان :
أهه ساعتها سهيتكم ورحت شانقة بدالي.
الاثنين :
هو إيه؟
عثمان :
شرفنا إحنا الثلاثة ولولا كده ما كنتش تتم مأمورية زي دي.
بدرو (بحدة) :
أما صحيح راجل مغفل.
عثمان :
وهو أنا قلت إني أكثر من مغفل.
بتلاس :
طيب أخرس بقى بلاش فلسفة وكلام فارغ. خلينا في المهم.
عثمان :
طيب اتفضل قول المهم.
بتلاس :
بقى احنا فكرنا قبل كل شيء إننا نقابل جناب المركيز ونتفق معاه.
عثمان :
المركيز مين؟
بدرو :
حضرتك أنت.
عثمان :
أنا مركيز ولي حضرته كمان.
بتلاس :
معلوم. ازاي منتش عارف حضرتك؟
عثمان :
لأ، أنا ما نعرفش حضرتك.
الاثنين :
أمال تعرف إيه؟
عثمان :
نعرف حضرة السيدة وحضرة الإمام وحضرة الجلشني، ولكن ماكنتش عارف إني أنا كمان لي حضرة يا خويا.
بتلاس :
حضرتك، يعني جنابك، يعني سيادتكم. أما راجل عبيط صحيح.
عثمان :
النهاية وكنتم عايزين تقابلوا حضرة جناب سعادة مركيزيتي وتتفقوا معاها على إيه.
بدرو :
نتفق معاك ونعلمك الأمور الرسمية.
عثمان :
رسمية إيه وودية إيه؟ أنا اتفقت على الجواز وبس.
بتلاس :
دي مسألة بسيطة خالص تعملها وتقبض وتروح لحالك.
عثمان :
طيب إذا كان كده معلهش علم يا معلمي.
بتلاس :
عظيم أبقى دلوقت بعد نص ساعة بالكثير حانجمع جميع أمراء القصر هنا، ولما ندخل مراتك المركيزة دي وتدخل أنت بعدها تنحني كدا (ينحني)
وتتقدم للمركيزة بلطف وأدب وتروح واخدها من إيدها وتقدمها لسيادة النائب وتقول يا سعادة النائب أنا أتشرف وأقدم لسعادتكم المركيزة مراتي.
عثمان :
الله الله يا بو عفان.
الاثنين :
الله دا ماله ده؟
عثمان :
لا يا سيدي يفتح الله موش ممكن أبدا شوفوا لكو مقدم غيري.
بدرو :
طيب ودي فيها إيه لما تقدمها بنفسك؟
عثمان :
فيها إيه ازاى بس أبقى جوزها وأقدمها إزاي؟!
بتلاس :
إنت مختشي إنك تقدمها وفاكر إن دي واحدة وحشة.
عثمان :
وحشة إيه وحلوة إيه. المصري منا بيقول مثل: الموت ولا العار.
بدرو :
يا سيدي عار إيه، هي مراتك من حق وحقيق؟! وأنت موش قلت دا عقد فاسد لأنه عقد على الطريقة الأمريكانية؟
بتلاس :
يعني ماهيش مراتك ولا حاجة. دي مسألة صورية وبس.
عثمان :
آه صحيح، يعني مسألة رسميات، يعني كلمة والتانية ونقبض ونروح.
بتلاس :
تقبض وتروح تدور على حبيبتك. ماتضيعيش وقتك يا أخي.
عثمان :
لكن يا سيدي أنا اتفقت على أجرة الجواز بس. موش على أجرة التقديم.
بتلاس :
أطلب اللي أنت عاوزة. بس من فضلك طلباتك تكون معقولة.
بدرو :
ولا تنساش إنك كنت راجل فقير.
بتلاس :
يعني عرفتك في وقت كنت فيه عالحديدة.
عثمان :
لا يا سيدي موش عالحديدة. كنت عالمشنقة بس.
بدرو :
أيوه يعني راجل متشرد.
عثمان :
أخرس متشرد في عين أبوك (يتقهقرون إلى الوراء) .
بدرو :
لا لا موش قصدي. قصدي أقول أنك كنت بائس فقير ويرضيك أي شيء.
عثمان :
لا أنا موش راضي بالعبارة الوسخة دي.
بتلاس :
أهه أف ماقبلتش مافيش غير حبسك مؤبد.
عثمان :
لا ما دام المسألة فيها حبس أنا قابل بكل اللي عاوزينه إنما تنفذولي انتو لوخرين طلباتي.
بدرو :
طيب قول لنا بقى إيه طلباتك؟
عثمان :
طلباتي بسيطة.
بتلاس :
عال. قول إيه هي؟
عثمان :
ما دام إن العروسة اللي جوزتوها لي دي موش على زمتي بحق وحقيق، وما دام أن الميت جنيه دول لازميني ضروري علشان أقدر أجتمع على أعز الناس عندي، أنا أقدم لكو المركيزة دي لكن على شرط.
بتلاس :
أشرط زي ما أنت عايز.
عثمان :
الشرط الأول، إنكو تدوني الميت جنيه مقدما لحسن تبلطجوا علي.
بتلاس :
ماشي كلامك.
عثمان :
الشرط التاني، سكروني زي ما سكرتوني في الأول علشان ما أدراش بحاجة أبدا وأنا بأقدمها، والله أنا مكسوف من العبارة دي. الله ينكد عليكم.
بدور :
يا سيدي ما فيش كسوف ولا حاجة.
عثمان :
الشرط التالت بعدها في الحال تسبوني حر أروح أدور على أحبابي.
بتلاس :
وهو كذلك وكل طلباتك تنفذ ومقبولة، ودلوقت ما دام اتفقنا ياله بنا بقى من هنا لحد ما يجي وقت الحفلة ونعمل الرسميات. اتفضل يا مريكز انتظرنا في الشقة المخصصة لجنابك.
عثمان :
اتفضلوا يا سيدي أمري لله (يخرجون) .
كاترين (داخلة) :
آه يا ربي، إيه المصيبة دي يا ناس.
الحاكم (من الخارج) :
يا جناب المركيزة، إسمحي لي أقول لك إن المركز اللي حاتكوني فيه حايكون فيه سعادتك وهناك فالشيء اللي حاقول لك عليه إعمليه وانت تصبحي أسعد نساء العالم.
كاترين :
طيب وإيه اللي أنت عايزه مني دلوقت؟
الدون :
اللي أنا عاوزه منك إن وقت جوزك ما يقدمك لي في الحفلة الرسمية اللي حاتتعمل هنا بعد شوية ماتعارضيش ولا تظهريش أي اشمئزاز.
كاترين :
يا سلام.
الدون :
أيوه لأنك إذا أظهرت نفورك أو أي علامة من علامات عدم الرضى حاتكون فضيحتي كبيرة فأضطر بحكم الضرورة لسجنك لحد ما تطيعي إرادتي.
كاترين :
ولكن موش تقول لي بس، مين جوزي ده اللي بتقول عليه؟ شكله إيه؟ جنسه إيه؟
الدون :
دلوقت تشوفيه. هو واحد كده أسمر اللون يظهر إنه من سود أمريكا.
كاترين :
إخيه.
الدون :
إخيه إيه؟ هو راح يستنى وياك يا روحي! دا حايقوم بس بالرسميات ويروح في داهية ما يورناش وشه.
كاترين :
لكن قول لي بس.
الدون :
نعم.
كاترين :
إيه حاتكون صفتي في القصر بتاعك ده؟ إيه حاتكون وظيفتي هنا؟
الدون :
الوظيفة بتاعتك الرسمية مدموازيل شرف زي ما قلت لك، يعني تستقبلي الستات بتوع القناصل والأشراف في المواسم والأعياد.
كاترين :
بس كده؟
الدون :
لا فيه كمان وظيفة غير رسمية.
كاترين :
إيه هي؟
الدون :
تسليني في وقت وحدتي. تقولي لي فوازير وحكايات وما أشبه ذلك. مفهوم.
كاترين :
ودي تبقى وظيفة شرف دي والا ...
الدون :
أي حد يطول المركز ده يا روحي؟!
كاترين (على حدة) :
لازم أوافقه لحد ما أغتنم الفرصة اللي تخلصني.
الدون :
هه. خلاص اتفقنا؟
كاترين :
خلاص قوي. دا من حسن حظي يا دون منتشرف.
الدون :
مرسي، اتفضلي حضرتك على المخدع بتاعك لحد ما يجوا لك الحشم يتلفوا حواليك ونعمل الرسميات، وأنا رايح أدي الأوامر اللازمة علشان الاحتفال.
كاترين :
حاضر يا جناب الدون (يخرج الدون)
أما دي مصيبة ياخواتي. وأنا كنت فين والبلوة دي فين. ومين بس اللي يقدر يوصل الخبر ده لجميل علشان يشوف له طريقة ويخلصني يا ناس؟
لحن
يا ترى مفتكره في
والا نستك الليالي
ذكرتي الأولانية كلمات حبك في بالي
يا ترى دلوقت هايص يا جميل
والا أنت لايص لوصة مجوز زي حالي
في قيامي في قعادي
لم يفارقني خيالك
النهاية أنا فؤادي
ما التقاش في الدنيا حالك
غيرك انتي يا اللي برضاي حياتي موهوبة لك.
عثمان (داخلا) :
أنا يا روحي.
كاترين :
آه . عثمان (تعانقه) .
عثمان :
اسكت اسكت.
كاترين :
فين حبيبي جميل؟
عثمان :
لازم دلوقت مسكين داير ينادي يقول يا ولاد الحلال.
كاترين :
وأنت إيش جابك هنا؟
عثمان :
جاي أقدم مراتي.
كاترين :
مراتك؟
عثمان :
أيوه.
كاترين :
تقدمها لمين؟
عثمان :
للراجل الدون.
كاترين :
غريبة دي، أنت متجوز؟
عثمان :
اتجوزت إمبارح.
كاترين :
ومين دي اللي اتجوزتها؟ مين عروستك؟
عثمان :
إنت عروستي يا روحي.
كاترين :
يا خبر! وقبلت تعمل العمل الفظيع ده وتخون سيدك جميل يا خاين؟!
عثمان :
لا لا لا أوعى تقول خاين. الحق عليك أنت. مين قال لك تطلع في اللوترية بتاعي؟
كاترين :
لوترية بتاعتك؟
عثمان :
أيوه علشان أنا إتجوزتك من غير ما نعرف إني إتجوزتك، ومافهمتش إنك إنت العروسة بتاعي إلا دلوقت أهه لما سمعتك بتتكلم ويا الراجل الدون الملعون ده.
كاترين :
وقبلت إنك تقدمني بنفسك له يا عثمان؟
عثمان :
أبدا، ما دام دلوقت أنا عرفت الحقيقة وعرفت إنك إنت اللي وقعتي في المصيبة دي على غير غرضك، ومحافظة على حب سيدي جميل أنا لازم نخلصك ولو تروح روحي.
كاترين :
مرسي يا عثمان، لكن حاتعمل إيه دلوقت وبعد ربع ساعة بالكثير لازم تقدمني رسمي للدون في الحفلة اللي رايحين يعملوها هنا دي؟
عثمان :
أرفض بشهامة وأصون شرفي.
كاترين :
أنا أفتكر إنك إذا رفضت لازم يهينوك ويحبسوك.
عثمان :
يحبسوني يموتوني زي بعضه. السجن والموت وكل الأرف أحلا من الحفاوة في العار وضياع الشرف.
كاترين :
آه يا ربي، طيب يا عثمان أرفض تقديمي زي ما بتقول، وبالطريقة دي بالطبع حايخرجوني من هنا؛ لأن اللي زيي أنا ولا تكونشي متجوزة، فقانون البلد دي يحرم وجودها هنا في القصر، وما دام أنا خرجت من هنا بالطبع حانتلم على جميل، وإذا سجنوك نبقى نتدبر في حيلة نخلصك بها.
عثمان :
لا ماتفتكرش إتلموا أنتو بس على بعض، وأنا برضه السجن يلمني.
كاترين :
آه، أنا سامعة حس رجلين ياله بنا دلوقت كل واحد يروح مطرحه.
عثمان :
أيوه ياله (يخرجان) .
لحن
آدي الجمل وآدي الجمال
دي حاجه حلوة بديعة
يا سيدنا ياله انهينا قوام
مابدهاش أيها تلكيعة
اللي علينا إحنا نخدمها بعنينا وأمرها مسموع
واللي عليك إنت تقدمها بس بكل أدب وخضوع
والنبي لما تموتوا كمان مش ممكن الحاتا باتا كات
ما يبيعشي كرامة عثمان دي من عاشر المستحيلات
تهزر والا من جد اتملح
ماتقولش لحد غصب عنك والا بكيفك حا تقدمها وعينك مني
وريه يا جناب الدون سيفك خليه يتنيل ويكن
كلمه ورد غطاها قوام إن طولت موش حاخضع لك
بتهوشني فاكرني برام
نه ياخ قوم ينعل أبو شغلك
طولت لسان وقباحة وزبلحة ووقاحة ضروري من فعلة أبو خاشه
وهلك بدنه وقطع معاشه
ولو كان قومتوا قيامتي
أنا اللي قلته حاكرره برضه
أموت شريف أحسن بكرامتي ولا يقولوش إتنجس عرضه
عليكوا بيه ياله كتفوه ودوغري عالحبس إحدفوه.
المركيز (يدخل ومعه رئيس الحرس) :
بقى صحيح اللي بتقوله؟
رئيس الحرس :
أيوه يا جناب المركيز، وجاتنا إشارة من أحد رجالنا اللي في بلاد الأعداء إن الجاسوس اللي قام من هناك ده طب للبلد هنا في المدينة ولا يعرفوش إيه قصده ولا غرضه.
المركيز :
آه يا رئيس الحرس، أنا خايف لا المستعمرة دي تروح من إيدنا، ويكون سببها تغافل الدون وإهماله بشئون الدولة.
رئيس الحرس :
وإيه اللي يشوفه جناب المركيز؟
المركيز :
راح ألقي الأوامر على جميع حرس المدينة بزيادة الانتباه والالتفات، وأنا حاانبه على حراس القصر علشان ياخدوا بالهم طيب ونقبض على الجاسوس ده بأي وسيلة.
رئيس الحرس :
أمرك يا جناب المركيز (ينحني ويخرج) .
جميل (داخلا بعد برهة لابسا ملابس عسكري من حرس السراي) :
آه يا ربي، يا ترى فين هي دلوقت؟ دول قالوا لي خدها الدون على سرايته، ولما عرفت كده عملت كل حيلة على واحد من الحراس كان في خمارة في المدينة، وسكرته وقلعته البدلة دي علشان أتمكن من الدخول هنا. لكن هي فين دلوقت؟ آه يا حياتي آه. (يقول لحنا) .
لحن
قال لي حاتهوى ما صدقتوش
وقلت يا منجم كداب
حتى الهوى أنا ما أحسبوش من صغر سني أوفى حساب
كررها تاني وعادها لي يادي الجدع حالك مسكين
من ظن قلبه يبات خالي
يصبح أشد المشبوكين
وصبحت أهه لا مال ولا وطن
والبخت بالعند أهه مال
كان لي حبيبة أشوف من وشها البدر الزاهي
جدت عليك يا فؤادي أمور
والعصر فيك آمر ناهي
حكم بفرقتي وبنوحي
وبعادي عن ملكة روحي
لكن أخوض النار ولا أبالي
وأدور في ملك الله سواح
يا شفتها وارتاح بها بالي
يا مت وآهي روح في الأرواح.
المركيز (داخلا بعد اللحن) :
هو لا. إنت إيه؟
جميل :
أنا. أنا ...
المركيز :
أنا أنا إيه؟ قول لي انت إيه؟
جميل :
أنا من حرس القصر.
المركيز :
حرس القصر؟! لكن كلامك ولهجتك دي تدل على إنك غريب موش من البلاد دي، قول لي إنت مين وازاي واقف هنا تغني؟ إخلص إتكلم.
جميل :
لا أنا، أنا أصلي بغني ولما سمعت إن فيه حفلة هنا الليلة جيت علشان أغني لكم وأطربكم إكراما لعيون الدون.
المركيز :
مغني؟
جميل :
أيوه.
المركيز :
واسمك إيه؟
جميل :
اسمي جميل.
المركيز :
جميل. مافيش حد من جنسنا اسمه جميل.
جميل :
لا لا لا أنا اسمي ...
المركيز :
إخرس. إنت لازم تكون الجاسوس اللي جاي يتجسس علينا من بلاد الأعداء. يا حراس.
الحراس :
مولاي (يدخل الحراس) .
المركيز :
اقبضوا على الراجل ده واسجنوه في سجن القصر علشان لما نخلص من الحفلة نحقق وياه ونعرف هو مين (ويخرج) .
الحراس :
أمرك يا مولاي (يخرجون ومعهم جميل، ثم يدخل الجميع ويقولون اللحن الختامي للفصل وينزل الستار) .
الفصل الثالث (يفتح الستار عن سجن مظلم، وبه مسجون.)
السجين :
الحمد لله، أديني دلوقت بقيت على وش هروب. الله الله دانا في زنزانة تانية يا خويا. آه يا خيبة آمالي. دانا كنت فاكر إني تخلصت نهائيا من السجن الملعون ده يا خفيف، يا خفيف ست سنين وأنا مسجون في السجن ده في زنزانة لوحدي، ما أشوفش فيهم غير السجان بس، لكن برضه معلهش، أديني في الست سنين دول تمكنت إني أفتح طاقة في الحيطة بالعتلة الصغيرة دي اللي تحصلت عليها، وحيث إن سجن الأزواج دا مافيهش غيري أنا برضه لي عشم إن بعد ست سنين تانيين أعمل طاقة في الحيطة دي لوخرة، وبعد كده أتمتع بنور الحرية. ودلوقت موش لازم أضيع ولا دقيقة من وقتي علشان أوصل لغرضي (ضجة من الخارج)
آه. أنا سامع حس رجلين، أما أرجع لزنزانتي قوام، لحسن يكتشفوا مشروعي. ويروح تعبي علي هدر. أيوه لما الواحد يدور على إطلاق حريته لازم يكون حريص، بلا كلام (يدخل من حيث أتى، يدخل السجان ومعه حارسان قابضان على جميل) .
حارس 1 :
هو دا سجن الأزواج؟
السجان :
أي نعم، سجن الأزواج.
حارس 2 :
لكن أنا ماشفتش السجن دا قبل دلوقت.
السجان :
بس علشان زباين السجن دا قليلة؛ لأنه مخصص للأزواج اللي بيعصوا أوامر مولاي الدون.
جميل :
لكن يا سيدي أنا لا جوز ولا حاجة، وجايبني هنا ليه؟
حارس1 :
جبناك هنا لأنك متهم بالتجسس. وتهمتك فظيعة، ولا يناسبش سجنك في السجن العمومي.
جميل :
يا سيدي أنا لا جاسوس ولا حاجة.
السجان :
إخرس (يخرجون، ويقفل السجان الباب) .
جميل (وحده) :
آه يا ربي، آدي جزاء اللي يخالف والديه. آه يا كاترين، بسببك إنت حصلت لي كل المصايب دي. آه يا إلهي (لحن) ، أما أنام هنا وأمري لله (ينام) .
السجان (من الخارج) :
دا جاسوس راخر والا إيه؟
المحافظ (من الخارج) :
لا، دا من الأزواج اللي عاصيين أوامر مولاي الدون.
السجان :
أهلا وسهلا، اتفضل شرف (يدفعون عثمان للداخل) .
عثمان :
ما تزقش كده يابن المركوب أنت وهو.
السكرتير :
إخرس يا بربري.
عثمان :
بربري في عين أبوك منك له.
السجان :
عيب يا راجل أسكت.
عثمان :
أسكت إيه، إنت موش شايف بيقول بربري. ماله البربري؟ بربري لكن أشرف من أبوهم كمان.
المحافظ :
عيب يا عثمان (للسكرتير)
يا سيدي موش كده. يمكن يندم علي اللي عمله ويوافقنا (لعثمان)
معلهش يا عثمان. وإذا ندمت على عملك ووافقت مولانا الدون على رغباته، إبعت لنا السجان واحنا نطلق سراحك. علشان تقدم الست بتاعتك وتقبض وتروح لحالك.
عثمان :
لا، أبدا.
السكرتير :
بخاطرك، خليك هنا مسجون إلى الأبد . بنسوار يا عثمان.
عثمان :
بنسوار يا حضرات الأشراف (يخرج المحافظ والسكرتير) .
السجان :
ماتزعلش يا بني أمرك لله، ولما تحب تنام، أهه عندك القش دا نام عليه (يخرج) .
عثمان :
أما غريبة دي، بقى المحافظة على الشرف يعمل في الواحد كده! (يتجه نحو جميل)
الله! دا مين كمان؟ إنت يا جدع يا للي نايم، إنت هو؟
جميل :
مين دا؟!
عثمان :
الله، الله جميل؟!
جميل :
عثمان؟!
عثمان :
إنت إيه اللي جابك هنا؟ مارضيتش تقدم إنت راخر؟
جميل :
أقدم إيه راخر يا عم عثمان؟ دانا دخلت أبحث على كاترين في قصر الدون أندريا، قاموا ظبطوني بصفة جاسوس، وجابوني هنا في السجن الملعون دا، وأديك لقيتني نايم النومة الفظيعة دي.
عثمان :
أيوه نايم تمام زي خيل الشفخانة، لكن تعرف لو كنت أنا قبلت طلبات الدون وقدمت له مراتي، كنت دلوقت نايم على سرير بأربعة وتسعين مرتبة.
جميل :
مراتك إيه وسرير إيه؟ موش تفهمني إيه المسألة يا أخي، إنت متجوز؟
عثمان :
أيوه، ولكن لسه مادخلتش الدنيا.
جميل :
إلا متجوز، إنت لاقي تاكل لما حاتتجوز كمان. بس بلاش كلام فارغ.
عثمان :
كلام فارغ إيه، دانا أتجوزت واحدة ست لكن مافيش كده، يا سلام على شكله، على قوامه، على عيونه!
جميل :
يا سلام، يعني مالقيتش الا انت. ست مين دي اللي تقبلك على سواد وشك ده؟!
عثمان :
ست كاترين.
جميل :
إيه؟! هو انت الجوز اللي اتفقت معاهم على الجريمة الفظيعة دي يا خاين؟!
عثمان :
ما تقولش خاين بلاش كلام فارغ. هي تقول خاين، إنت تقول لي خاين. أنا مالي قالوا لي أتجوز من غير ما تعرف العروسة مين، رحت متجوزه غيابي علشان نقبض الميت جنيه ونجوزك لكاترين وندفع لك رسم الجواز. يعني بسببك إنت برضه قبلت الجواز. وبعدين قالوا لي قدم العروسة واقبض وروح لحالك، ولما عرفت إن العروسة اللي جوزوها لي دي كاترين الزفت بتاعك، مارضتش نقدمه، ودلوقت أهم سجنوني بسببك إنت وهي، وجاي تقول لي كمان خاين وماخاينش. داهية تنعلك إنت وعروستك سوا.
جميل :
إختشي يا عثمان عيب.
عثمان :
عيب إيه، موش بزيادة الوقعة الزفت بتاعكم دي.
جميل :
طيب دلوقت إيه الرأي؟
عثمان :
رأي إيه، أهه إن ماكنتش حاتبطل الكلام الفارغ ده حانروح نقدم العروسة للدون، وأقبض وأروح على مصر طوالي، وانت خليك مرمي في السجن هنا جزاء لك على مخالفتك لأبوك ولا سمعتش كلامه. هو اللي يخالف أبوه يكسب طول حياته.
جميل :
لا لا، في عرضك يا عم عثمان. أنا في عرضك. أوعى تقبل وتعمل كده. وأهه برضه ربنا كريم. ما دمنا مظلومين يفك سجننا ونرجع إن شا الله لمصر العزيزة سالمين.
عثمان :
إن شا الله، بس ياله ننام بقى واللي في علم ربنا يتم يا خويا.
لحن
يا اللي جمالك ما اتوصف
لا في الغزال ولا في القمر
ما شفت يوم قبلي اتنصف
إلا الزمان في آمر
بعدوك يا نور العنين عني وأشوف منين
كم آه ليلاتي كم آهين ودا كله كان غايب لي فين
وحدي ما بين أربع حيطان
الأرض أشكي لها تميل
سجاني قاسي ياريته لان
وعطف على بلوة جميل
يا سجن مين يقوى عليك أنا في غرامها أرتضيك
ومزيتك يا حب إيه
إن ما اتحملش الذل فيك. اللي يحب ما يشتكيش
هو الغرام شكواه تفيد
من خانه صبره ولا وعيش
أهه دا اللي مات موتة شهيد.
عثمان :
إنت وبعدين وياك، موش تسيبنا ننام شوية نرتاح من الغلب اللي شفناه ده.
جميل :
حاضر يا عم عثمان. ياله ننام أمرنا لله (ينامان) .
كاترين (داخلة مع السجان) :
لكن هو عثمان مكتف والا سايب؟
السجان :
لا، موش مكتف ولا حاجة.
كاترين :
وهو فين أمال؟
السجان :
أهه عندك، أظن إنه نايم على القش اللي جوه هو والجاسوس اللي جابوه وياه.
كاترين :
أيوه عارفة. الجاسوس جميل موش كده؟
السجان :
أيوه يا مولاتي.
كاترين :
طيب أنا حاصحيه، إتفضل حضرتك لحد ما أنده عليك إبقى تعالى.
السجان :
أمرك يا مولاتي (يخرج) .
كاترين :
جميل، جميل.
جميل :
مين ده؟ نعم يا حضرة السجان.
كاترين :
سجان مين دانا.
جميل :
إنت مين؟
كاترين :
أنا كاترين.
جميل :
كاترين؟
كاترين :
أيوه.
جميل :
وإيش جابك هنا، وجرأك توريني وشك بعد العمل الفظيع اللي عملتيه ده يا خاينة؟!
كاترين :
خاينة إزاي؟! إذا كنت أنا خاينة زي ما بتقول ماكنتش كتبت لك جواب قلت لك فيه الحكاية، وفت لك كيس مليان جنيهات عند البنت الخامورجية اللي كنا بنغني في خمارتها.
جميل :
إزاي ده؟! يمكن عثمان اللي خد الكيس؟ إستني أما أصحيه وأسأله. عثمان عثمان.
عثمان :
هه.
جميل :
قوم إصحى.
عثمان :
إنت وبعدين وياك في ليلتك السوده دي، ماتخلينا ننام يا أخي.
كاترين :
قوم إصحى يا عثمان، أنا كاترين.
عثمان :
كاترين؟ كاترين هنا؟
الاثنين :
أيوه.
عثمان :
أهلا وسهلا بمراتي (يهم بضمها) .
جميل :
مراتك إيه وزفتك إيه.
عثمان :
معلوم مراتي غصب عن عين أبوك كمان، وجناب الدون شاهد إنها مراتي، عاوز أكبر من الدون منتشوف.
جميل :
يا شيخ إتلهي!
عثمان :
إنت شاهدة على قباحة الولد ده؟
كاترين :
معلهش يا عثمان.
عثمان :
معلهش إيه. تعالي نقدمك للدون ونفرسه (يسحبها) .
جميل :
لا لا يا عم عثمان. مراتك. تمام مراتك، وأنا كمان شاهد مبسوط.
عثمان :
أيوه. كده قر بالوحدانية، قال إنت موش مراتي يا ست؟
كاترين :
أيوه.
عثمان :
قولي له.
جميل :
يا سيدي عرفنا إنها مراتك، أسكت بقى.
عثمان :
ياله بوس إيدي، وقول لي حقك علي يا عم عثمان.
جميل :
أبوس إيديك؟!
عثمان :
ما هو إن ماكنتش راح تبوس إيدي، ورجلي كمان، حاروح أقدمها وأقبض وأفوتكم هنا وأروح، وتندعقوا في بعض.
كاترين :
يا سيدي بوس إيده خلينا نخلص.
جميل :
طيب وآدي إيدك يا عم عثمان. حقك علي، مبسوط.
عثمان :
أيوه كده يا مجسجساتي الكلب.
جميل :
يا سيدي بزيادة بقى لا حد ياخد باله، خلينا في المهم.
عثمان :
مهم إيه.
كاترين :
إنت موش قلت إنك قريت الجواب بتاعي؟
عثمان :
أيوه.
كاترين :
وفين الفلوس؟
عثمان :
فلوس؟
جميل :
أيوه اللي فاتتهم لنا عند الخامورجية.
عثمان :
فلوس إيه؟ أنا قريت الجواب، ودورت على الفلوس اللي فيه مالقتش فلوس . قلت يا واد أشنق نفسك علشان أخلص من أمور النصب بتاعتكم دي.
الاثنين :
تشنق نفسك؟ إزاي؟
كاترين :
إحنا موش فاهمين يا عم عثمان.
جميل :
تشنق نفسك، والا تتجوز يا خويا؟
عثمان :
أيوه أتجوز، أتجوز جوازة المشنقة يا خويا.
كاترين :
موش تفهمنا يا عم عثمان.
جميل :
أيوه فهمنا إنت إتجوزت كاترين.
عثمان :
أيوه قولوا كده، بقى أنا لما رحت الخمارة اللي كان نايم جنبه كاترين، البنت الخامورجية إداني الجواب، ولما قريته وفهمت اللي فيه، قلعت الحزام، ونويت أشنق نفسي. جيت أأدي الوظيفة مسكني الراجل السيروس، وعرض علي الجوازة دي في نظير ميت جنيه أقبضهم وأروح لحالي. سكروني وجوزوني من غير مانعرف العروسة مين. وأهم كلوا علي الميت جنيه. وانتو بتدعوا علي. يعني دلوقت أنا واقع في إيدين جماعة نصابين وأمري لله يا خويا.
كاترين وجميل :
آه كدا بقى.
عثمان :
لكن إنت إزاي جيت هنا؟
كاترين :
لا، أنا جيت هنا بإذن الدون.
جميل :
إزاي ده؟!
كاترين :
أهه من كتر حبه في مابيرفضليش طلب أبدا.
جميل :
أيوه يا ستي عارف.
عثمان :
واقع فيك الملعون.
كاترين :
لكن أنا بالعكس بارفض له كل طلب.
جميل :
صحيح يا روحي.
كاترين :
أيوه أنا بارفض له طلباته بلطف، وأتعلل له بالموانع الطبيعية. إنت تصدق إني أنا أحب غيرك يا حياتي؟
جميل :
آه يا روحي (يضمها) .
عثمان :
الله الله! يا سيدي بلاش فضايح. القانون بتاع السجن مايسمحش بده لا يخالفوك.
جميل :
لكن إنت جاية هنا بأي حجة؟ وازاي سمح لك؟
كاترين :
أيوه أنا أقول لك. سمح لي علشان أظهرت له ميلي وحبي له، وفهمته إني خايفة لحسن قانون البلد دي يعترضني في طريق سعادتي، وطلبت منه شيء أراضي به عثمان علشان يقبل ويقدمني له بصفة رسمية، فدخلت عليه الحيلة واداني الكيس ده مليان جنيهات علشان أغري به عثمان وأخليه يقبل.
عثمان :
ودلوقت جنابك حاتعمل إيه؟
كاترين :
إستنى (تذهب نحو الباب وتصفق)
يا سجان.
الدون (داخلا لابسا ذقن وملابس السجان) :
مولاتي.
كاترين :
تعالى هنا، شايف الكيس دا؟
الدون :
أيوه يا مولاتي.
كاترين :
دا مليان جنيهات.
الدون :
كويس.
كاترين :
تعرف إذا أطلقت حرية الجماعة دول؟
الدون :
نعم.
كاترين :
الكيس دا بتاعك.
الدون :
يا سلام بتاعي أنا.
عثمان :
أيوه بتاعك إنت، بس ابقى إديني منه الميت جنيه بتوعي.
جميل :
يا سيدي إتلهي، موش وقت هزار من فضلك.
الدون :
طيب إذا سبتهم وأطلقت لهم الحرية زي ما بتقولي إيه اللي راح تعملوه؟
كاترين :
نهرب إحنا التلاتة ولا نقعدش في البلد دي ولا دقيقة.
الدون :
إيه؟! تهربي إنت كمان؟!
كاترين :
أيوه.
الدون :
لكن تهربي إزاي، ومولاي الدون بيحبك، وواقع فيك لشوشته؟
كاترين :
وأنا يهمني إيه من حبه.
الدون :
يهمك إزاي؟! طيب دانت إذا حبيتي الدون وشعر بميلك له أظن الألماظات تبقى من راسك لكعب رجليك.
كاترين :
أيوه عارفة، لكن مع الأسف أنا ماباحبوش.
الدون :
ولا شوية صغيرة بس.
جميل :
لا هي ما تحبش غيري أنا عارف.
كاترين :
أيوه صحيح، أحبه حب فوق الوصف. يعني ما دام هو بيحبني، وأنا باحبه بإخلاص موش ممكن إن حد يقدر يفك رابطتنا دي؛ لأننا عايزين نعيش مع بعض ونموت مع بعض، ويستحيل حد يفرقنا.
الدون :
يا سلام، يعنى دلوقت خلاصكم في إيدي موش إيده؟
جميل :
أيوه ياسجان المظاليم. خلاصنا في إيدك إنت إرحم شبابنا قدر إخلاصنا لبعض وخلصنا.
الدون :
طيب ما دام إنتم وثقتم بي واتكلتم علي في خلاصكم أنا حاقوم بواجب الإنسانية، وأنفذ لكم طلبكم ولو يكون فيه علي أكبر خطر.
الثلاثة :
مرسي، مرسي (يعانقونه فيدفعهم) !
الدون (ناظرا للخارج) :
ياسجانين (يدخل اثنان من الحرس) .
سجان :
مولاي.
الثلاثة :
إيه دا يا خبر؟!
الدون :
ياله إمسكوا الأسود ده وسلسلوه في كرسي العذاب ده، والتاني دا راخر زيه هنا (يقبضون على عثمان وجميل ويربطونهما) .
الحراس :
خلاص يا مولاي، والمدام لوخره؟
الدون :
لا لا بس الراجلين دول. العذاب للرجالة بس يعني إذا عذبتوهم أو أذيتوهم، مافيش عليكم بأس، لكن أوعى حد منكم يكلم الست أو يمسها بأذى.
الحراس :
حاضر يا مولاي الدون (يخرجون) .
كاترين :
الدون أندريا؟
جميل :
يا خبر!
عثمان :
يا دي الداهية.
الدون (يقلع الذقن) :
أيوه الدون أندريا اللي ماهوش مغفل زي مانتو فاكرين، اللي في لحظة واحدة كشف ستركم وعرف ينتقم لنفسه، ودلوقت أدنتو اجتمعتوا هنا، ولا فيش حد يقدر يفرقكم أبدا عن بعض، وإذا كان في نفسكم تغازلوا بعض في عشق أو غرام. أهه المجال قدامكم واسع إتكلموا زي ما أنتم عايزين.
كاترين :
أيوه نتكلم.
عثمان :
أيوه ونغازل بعض، إنت مالك موش مراتي.
جميل :
إخرس. مراتك في عينك.
عثمان :
لا لا لا، إذا كان حاتتكلم كلام فارغ راح نسلم البضاعة ونقبض ونروح لحالي.
الدون (لكاترين على حدة) :
إسمعي أنا لازال أحبك، وإذا كنت عايزة تعيشي في هناء ونعيم بلغي البربري ده علشان يقدمك بالصفة الرسمية، وإذا قبل إبقي سقفي، وهم كل السجانين ناموا ولا فيش حد بره غيري، وأديني حاقعد بره لوحدي أنتظر النتيجة.
كاترين :
حاضر.
جميل :
كان بيقول لك إيه الدون بتاعك يا ستي؟
كاترين :
ولا حاجة.
جميل :
يا سلام على اللؤم يا سلام.
كاترين :
وقصدك إيه يعني، موش كفاك إني رميت نفسى وياك في السجن وكمان موش مخلصك؟
جميل :
وياي؟
كاترين :
أيوه.
جميل :
لا يا ستي، إنت جاية لسي عثمان جوزك تترمي وياه موش وياي، وماكانش عندك خبر إني هنا، موش كده؟
عثمان :
أيوه جاية علشاني، هو عيب مراتي وبتحبني إيش حشرك إنت يا بارد؟
جميل :
هس إخرس أهي ليلة دخلتك زي وشك.
عثمان :
هي هي.
الاثنين :
إيه فيه إيه؟
عثمان :
أنا زي اللي سامع.
كاترين :
وأنا لوخرة. (المسجون يخرج من الفتحة.)
عثمان :
وادي عفريت المساجين يا خويا.
المسجون :
هس، ولا كلمة.
عثمان :
إنت إيه؟
المسجون :
أنا اللي جايب لكو الفرج.
الجميع :
فرج؟
المسجون :
أيوه علشان أنا قعدت ست سنين علشان أفتح الطاقة دي، لسه كمان ستة وبعدين نهرب.
عثمان :
إيه يبشرك بالخير برضه مدة بسيطة الصبر طيب.
كاترين :
وفتحت الطاقة دي بإيه بقى؟
المسجون :
بعتلة صغيرة.
كاترين :
ومعاك العتلة دي؟
المسجون :
أيوه أهه.
عثمان :
طيب إذا كان كده طير لنا بها حلقة من السلسلة دي ، والا إكسر الكلبش دا ويبقى لك ثواب.
كاترين :
أيوه شوف لك طريقة وفك الجماعة.
المسجون :
أنا في الخدمة يا مدام (يهجم عليها ويضمها ويقبلها) .
جميل :
إيه دا يا راجل أنت مجنون؟!
عثمان :
هس إخرس هي مراتك، بوس على كيفك بس تعالى خلصني أنا في عرضك.
المسجون (لعثمان) :
لا مؤاخذة يا عزيزي، بقى لي ست سنين هنا ما شفتش ستات أبدا علشان خاطر الست أنا أخلصكم (يكسر كلبش عثمان) .
عثمان :
أيوه كدا براوة عليك.
المسجون (لكاترين) :
مبسوطة يا مدام؟
كاترين :
مرسي، بس فك التاني.
عثمان :
لا لا، خليه كده يستاهل.
المسجون :
ليه؟
عثمان :
علشان أنا مارضتش بالتقديم سجنوني، وهو مارضيش بالبوس خليه مسلسل يا خويا.
كاترين :
هس هس.
المسجون :
مانا راخر زيك، والمصيبة واحدة (يكسر كلبش جميل) .
جميل :
الحمد لله.
كاترين :
ودلوقت إسمعوا.
الجميع :
نعم.
كاترين :
الدون أندريا قال لي ...
جميل :
قلنا كده قالوا إطلعوا م البلد.
كاترين :
إنت وبعدين وياك.
عثمان :
قال إيه، سيبك منه؟
كاترين :
قال لي إذا كنت عاوزة تعيشي في هناء ونعيم، أبلغي البربري ده علشان يقدمك بالصفة الرسمية، وإذا قبل سقفي، وأهم كل السجانين ناموا وأنا قاعد بره لوحدي أنتظر النتيجة.
عثمان :
كويس، كل واحد منا يرجع محله، وأنت سقفي، ولما يدخل الدون نهجم عليه وناخد منه مفاتيح السجن ونسلسله هنا.
جميل :
وبعدين نحل قلوعنا ونهرب من هنا طوالي.
عثمان :
وانت يا حضرة رصيفي، استخبى هنا لحد ما يدخل الدون.
المسجون :
أيوه أيوه.
كاترين :
هه، مستعدين؟
الجميع :
أيوه خلاص. (كاترين تصفق)
الدون (داخلا) :
أنا عارف برضه إنك بتحبيني يا روحي.
كاترين :
أدوب فيك خالص.
الدون :
وعثمان قبل؟
الجميع (يهجمون عليه) :
أيوه قبل.
الدون :
إلحقوني يا هو.
عثمان :
هس إخرس. خليك كده يا ملعون. قلت يا فاحت البير وموطيها أديك وقعت فيها يا خويا.
الدون :
أنا في عرضكم يا هوه. نصطلح واللي فات مات.
جميل :
إطلع يا لئيم، دي حاجات ما بقيناش ناكلها.
الدون :
آه من النساء آه!
المسجون :
الله على الخاين الملعون.
جميل :
إعتق الراجل ده اللي بقى له ست سنين في أشد العذاب.
الدون :
طيب سيبوني وأنا أفك سجنكم، وأنعم عليكم وتروحوا لحالكم.
عثمان :
إحلف بشرفك إن كان عندك شرف.
الدون :
بشرفي أسيبكم تروحوا مطرح مانتو عايزين.
جميل :
إحلف بذمتك إن كان عندك ذمة.
الدون :
بذمتي.
كاترين :
إحلف بي إن كنت تحبني.
الدون :
وحياتك يا روحي.
عثمان :
تحلف بكل مقدس إنك تسيبنا نروح لحالنا وتتوب عن العادة الملعونة دي؟
الدون :
أحلف لك بكل مقدس إني أطلق سراحكم، وتوبة من دي النوبة.
عثمان :
سيبوه، ودلوقت يا جماعة حيث إن اتحاد قلوبنا وصلنا لغرضنا قولوا كلكم فليحي اتحاد القلوب.
الجميع :
فليحي اتحاد القلوب.
لحن الختام
أهه ربنا نصرك يا بو سمرة
ولا نفعت حيلة ولا مؤامرة
طققت عدوك من غيظه
والغيظ ناره جهنم حمرة
ما دمت تتبع الإخلاص ومعتمد على صفو النية
ضمنت كل العز خلاص وعشت عمرك عيشة هنية
دافعت عن شرفك بشهامة
وتحت رجليك الملايين
ابن العرب خليت له كرامة رفعت راس الشرقيين.
رواية 28 يوم
تعريب أحمد بك البابلي وحامد أفندي السيد، العرض الأول بتاريخ 7 / 1 / 1926 (يرفع الستار عن منظر دكان برانيط، الصانعات يقلن لحنا، تدخل زبائن.)
لحن الافتتاح
بنات :
البرانيط على آخر مودة
وكحلي وسودة البرانيط
يا مين يشوف زباينا
قيافة جنسها إيه
في بدعهم عاجبينا
حاجات الأفرنسية
بنات :
يا رب نغنغهم وأبسطهم
وديم لنا دماغهم كلتهم
نهيص ونكسب منها فلوس، البرانيط
أوكتفي :
دي صنعة فضلها فوق الروس، البرانيط
شغله تسلي ورايجة تملي
والأشيا في غاية الترللي
هندسة أهيأ من دي مافيش، البرانيط
بالكورديلات والكرانيش، البرانيط
ومهاودين في البيع يا زباين
موش عايزين غير حق الريش
بنات :
دام الريش إن شاء الله تعيش
الجميع :
بص وشوف عالمكشوف
البرانيط جوه البترينة
شيء يهوس منظرهم زينة
وأنا مالي هه
يا تجيب برنيطة
يا أزعل هه
وأعمل لك زيطة
رجال :
بريه م الحريمات بريه
تحلوا وبرنا ولاد الإيه
ما يونوش عن قولة هات
واللي عليهم اسمه جنيه
أوكتفي :
الحريم مالهومش غير البغددة
والأصول في الدنيا كلتها كده
بنات :
الرجال واجب عليهم
الفلوس ما يعزوهاش
داحنا بنشبرق عليهم
والمحبة موش بلاش
الرجال :
المحبة شيء مقدس في القلوب
موش ضروري بالمطامع والفلوس
الفصل الأول
أوكتفي (بعد اللحن) :
ياله يا بنات، أحسن صاحبة الدكان زمانها جاية، وانت خلصي البرنيطة اللي في إيدك دي قوام، أحسن المدموازيل برنيس صاحبة الدكان تزعل.
بنت :
هي لحقت تزعل، دي يا دوب شارية الدكان من صاحبتها القديمة مابقالهاش يجي عشرة أيام.
أوكتفي :
وماله، ما هو علشان رخره عايزة تظهر للزباين إن مواعيدها في الشغل مظبوطة. ياله كل واحدة تشوف شغلها.
الجميع :
حاضر (ضجة)
إيه دا كمان؟
أوكتفي :
آه، دا الراجل الحلواني اللي جنبنا.
بنوا (داخلا) :
بالعسل النحل يا بقلاوة
محشية صنيبر يا حلاوة
بنات :
بالعسل النحل يا بقلاوة
محشية صنيبر يا حلاوة
بنوا :
لا دي رخيصة لأجل خاطركم
اشتروا حتة وأنا أراهنكم
لا صينية ولا تنين يقضوكم
فرقوا يا بنات على روح أبوكم
بالعسل النحل يا بقلاوة
محشية صنيبر يا حلاوة
بنات :
بالعسل النحل يا بقلاوة
محشية صنيبر يا حلاوة
بنوا :
عمكو بنوا غنوا له غنوة
على بقلاوته الناعمة الحلوة
بقلاوتك بتنقط سكر
وفرسكا وطازة ومليانة
زي نهود البنات البكر
واللي تشوفها تقول رمانة
يا سلام على دي البانتسيانيا
بفرنك أعدلكو ثمانية
لما يدوقها البق لوحده
موش ممكن يقبل حاجة تانية
بالعسل النحل يا بقلاوة
محشية صنيبر يا حلاوة
أوكتفي :
بقى حضرتك الحلواني جارنا اللي فتحت جديد؟
بنوا :
أيوه يا مدموازيل، أنا محسوبك، جاركم بنوا الحلواني، وجاي أقدم لكم خدماتي: عندي بسطة، فطير، بوغاشة، خد البنت، لقمة القاضي، كنافة بلح الشام.
أوكتفي :
أوه عال عال!
بنوا :
أمال، أنا عارف المداموزيلات الحلوين اللي زيكم تملي ريقهم يجري عالحلو.
بنت 1 :
صحيح؟
بنوا :
أي، هو يحب الحلو إلا الحلو، دانتو لو دقتوا حلوياتي ما تسلوهاش أبدا. هه، أجيب لكم كنافة والا بلح الشام؟
أوكتفي :
لأ كنافة نحلي بها بعد الأكل.
بنوا :
إن شاء الله تكون صاحبة المحل الجديدة بحبوحة زيكم كده.
أوكتفي :
والله لسه ما نعرفش أخلاقها.
بنوا :
على كل حال أهي برضه ست زيكم، وتحب اللي تحبوه .
أوكتفي :
طيب ياله جهز لنا الكنافة بقى، أحسن ميعاد الغدا قرب.
بنوا :
أديني رايح أهه، بس مع الأسف بكرة مش حاقدر آجي لكم.
أوكتفي :
ليه؟
بنوا :
لأني مسافر، راح أقضي الثمانية وعشرين يوم بتوعي في الفرقة اللي بتمرن الرديف، يعني 33 جي أورطة.
بنات :
بكره، بكره.
بنوا :
أيوه، لكن الدكان برضه شغال، وطلباتكم توصلكم تمام. أورفوار مدموازيلات (يهم بالخروج فيصطدم بميشونيه)
إخص دا بتاع الجاز.
ميشونيه :
إنت يا حلواني الزفت، إنت خلاص الحلو طلع على عينيك عماها، بونجور مدموازيلات.
الجميع :
آه، مسيو ميشونيه.
ميشونيه :
عبدكم، تحت أمركم.
أوكتفي :
فيه خدمة يا مسيو ميشونيه، يلزمك برنيطة؟
ميشونيه :
لا مرسي، أنا موش متعود عالبرانيط، أنا ما خدتش إلا على دي؛ لأنها قيمة وهيأة أكتر، (على حدة)
يا سلام على لطافتهم وخفة دمهم، تسمحوا لي يا مدموازيلات أقدم لكم ... (يخرج وردا من الصندوق) .
الجميع :
إيه ورد؟
ميشونيه :
أيوه، وأنا آسف اللي مانيش وردة أنا كمان.
الجميع :
إزاي؟!
ميشونيه :
أيوه، كان يبقى لي الشرف إني أكون على صدر واحدة منكم.
أوكتفي :
آه، مرسي، إنت لطيف خالص يا مسيو ميشونيه، ولكن إنت جاي هنا ليه النهارده؟
ميشونيه :
أنا جاي أشقر عالجاز.
أوكتفي :
ماله؟
ميشونيه :
فيه هنا خرم بيتصرف منه الجاز.
أوكتفي :
فين؟
ميشونيه :
والله موش عارف، لكن لازم فيه.
أوكتفي :
لكن إنت موش كنت هنا إمبارح وأول؟
ميشونيه :
أيوه، أول إمبارح لقيته خرم سديته، وإمبارح كمان، ولازم النهارده فيه واحد تاني، بقى ما انتوش شامين؟
الجميع :
أبدا.
ميشونيه :
آه، السلم أهه، يظهر إنكم ما بتشموش.
أوكتفي :
والله طيب ياختي عالمواسير بتاعه الجاز دي، اللي كل يوم بتنفس، هيه لقيت حاجة؟
ميشونيه :
أيوه، أديني عترت في الحتة اللي بتنفس.
أوكتفي :
دا آه صحيح فيه ريحة، موش كده؟
الجميع :
أيوه صحيح.
ميشونيه :
أحسن ماكنتوش مصدقين، لكن معلهش، أنا دلوقت أروح أجيب العدة وآجي وأكتم لكم نفسه.
أوكتفي (على حدة) :
وبعدين بقى في الراجل بتاع الجاز ده، وأكتر مجيه هنا ورايح يخسر سمعتنا، أنا لازم أفهم إيه غرضه، إسمع بقى، دي موش مسألة الجاز اللي إنت بتيجي علشانها يوماتي، لازم فيه حاجة تانية، فمن فضلك فهمني إيه غرضك من كده؟
ميشونيه :
غرضي؟ من إيه؟
أوكتفي :
من مجيك عندنا كل يوم.
ميشونيه :
لا مافيش، بس ...
أوكتفي :
بس إيه؟ إحنا فاهمين تمام، إن حضرتك ماتجيش هنا إلا علشانا إحنا.
ميشونيه :
طيب وماله.
أوكتفي :
وعاوز منا إيه؟
ميشونيه :
موش عاوز منكم إلا واحدة بس أتجوزها.
الجميع :
مين؟ أنا أنا أنا.
ميشونيه :
أيوه، بس بدي أؤجل النقاوة دلوقت أحسن مسافر.
الجميع :
مسافر؟ على فين؟
ميشونيه :
على مونتارجي، أمضي الثمانية وعشرين يوم بتوعي تحت السلاح، وحارجع لكم إن شاء الله بعد كده. أورفوار بقى.
أوكتفي :
طيب والماسورة المنفسة دي موش حاتصلحها؟
ميشونيه :
أيوه حاضر، بس أما أروح أجيب العدة واجي.
الجميع :
بس ماتغيبش.
ميشونيه :
حاضر، أيوه وادي حيلة أرجع بها تاني، يا سلام حلوين قوي، دمهم زي الكازوزة. لو كنت أتجوزهم كلهم دفعة واحدة (يخرج).
أوكتفي :
باين عليه راجل لطيف ميشونيه ده.
زينب :
أيوه ابن حلال.
توحيده :
لا وخصوصا إنه عاوز يتجوز واحدة منا.
برنسيس :
أيوه، أهه.
أوكتفي :
هس، صاحبة المحل جات، ياله شوفوا شغلكم.
برنسيس (تدخل) :
أديني رحت شباك البوسته، وبرضه مفيش مفيش مفيش ... هيه ماحدش جه هنا وأنا غايبة؟
أوكتفي :
أيوه يا مدموازيل.
برنسيس :
مين؟
أوكتفي :
زباين ستات.
برنسيس :
ستات بس، مافيش حد تاني.
أوكتفي :
أيوه، فيه كمان الراجل ال...
برنسيس :
مين؟
أوكتفي :
اللي بيصلح مواسير الجاز.
برنسيس (تشمشم) :
أيوه أنا برضه شامه ريحه جاز، يظهر إن فيه ماسورة بتنفس. إسمعي، ماجاش هنا واحد أسمر؟
أوكتفي :
أسمر؟!
برنسيس :
أيوه جدع أسمراني شويه، خفيف كده، وعليه القيمة.
أوكتفي :
لا يا مدموازيل.
برنسيس (لنفسها) :
بالطبع بالطبع؛ لأن جواباتي مابتوصلوش.
أوكتفي :
وحضرتك، بتحبي الجدع الأسمراني ده؟
برنسيس :
قوي يا أوكتفي قوي.
أوكتفي :
يا سلام، ودا غني يا مدموازيل.
برنسيس :
غني قوي، وفوق كده تصوري الدم المصري، الظرف المصري، الكرم المصري.
أوكتفي :
مصري؟ ليه ماهوش فرنساوي كمان ؟!
برنسيس :
لا، ما هو الكونت فيفاريل لما كان في مصر، جاب وياه ولد أسمر صغير إسمه عثمان عبد الباسط، وكان يحبه قوي، ونظرا لأن الكونت ماكانش عنده أولاد تبنى عثمان ده، وأوصى بثروته كلها له. يعني بقى دلوقت إسمه الكونت فيفاريل عثمان.
أوكتفي :
ودا بقى له كتير هنا في فرنسا.
برنسيس :
كتير قوي؛ لأنه جابه الكونت وهو عمره خمس سنين، واتجنس بالجنسية الفرنساوية، وأصبح كل قوانين فرنسا تسري عليه. اشتغلوا يا بنات اشتغلوا، مافيش شيء ينفعكم غير الشغل وبس. إسمعي أنا داخلة لحد المكتب، إذا جه حد إديني خبر، حاضر (تخرج) .
أوكتفي :
والله إن عقلها صغير، بقى تشغل نفسها علشان راجل، طب دنا لو كنت نزلت دمعة واحدة على كل راجل عرفته، كنت مليت بحور.
كلاريت (داخلة) :
بونجور يا جماعة.
أوكتفي :
أوه مدموازيل كلاريت! بقى لك مدة ماحدش شافك، تلات تشهر دلوقت من قبل ما يتباع المحل لصاحبته الجديدة.
كلاريت :
جديدة؟ إخص دنا كنا جاية أوصي على برنيطة.
أوكتفي :
وماله، إحنا برضه في خدمتك.
كلاريت :
لكن أنا عايزاها حالا؛ لأني مسافرة بكره الصبح عند خالتي في انجوليم، آه، وكمان جوزي جاي يقابلني هنا دلوقتي، إنت تعرفيه طبعا لأنه مشهور خالص، وهو اللي رباني وطلعني من تحت إيده راجل.
أوكتفي :
راجل!
كلاريت :
أيوه، يعني علمني لعب الشيش، البوكس، التحطيب، النيشان، الجمباز المقالب، الروسيات. يعني مافيش حد يغلبني أبدا في أي حاجة من دول.
أوكتفي :
يا حفيظ!
كلاريت :
موش عيب أبدا إن الست تعرف تدافع عن روحها بإيديها. عندكو مودات جديدة؟
أوكتفي :
راح أوريكي حاجات على ذوقك يا مدموازيل.
كلاريت :
من فضلك قولي له يا مدام، موش يا مدموازيل.
أوكتفي :
إزاي إنت أتجوزت؟
كلاريت :
أيوه بقى له شهر، وكمان جوزي جاي يقابلني هنا دلوقت.
أوكتفي :
إنتي اتجوزتي، مبروك يا مدام، ودا طبعا كان جواز حب.
كلاريت :
لا والله، هو أنت تنتظري من واحدة سبور زيي أنا، إنها تتجوز إلا بالنبوت.
أوكتفي :
إزاي ده؟
كلاريت :
أوه، دي حكاية طويلة عريضة. إسمعوا لما أحكيها لكم، بقى كنت في يوم 26 الشهر اللي فات رايحة أزور واحدة ست صاحبتي، وأنا ماشية راح مقابليني كبشة تيران، وعنها، وواحد منهم بمجرد ماشاف حزامي الأحمر هاج وراح هاجم علي، فرحت صارخة بعلو صوتي.
الجميع :
يا سلام!
كلاريت :
وفي الوقت ده كانوا جماعة رجالة قريبين مني.
أوكتفي :
وراحوا حايشينه عنك طبعا؟
كلاريت :
أبدا، ولا حد منهم سأل في، لولا ربنا ستر وجه واحد أسمر وراح ماسك التور من ديله، فضل يشد يشد ...
الجميع :
يا سلام.
كلاريت :
وأهه فضل يشد، لحد ما نفدت من التور، يا سلام على جماله!
الجميع :
التور؟
كلاريت :
لا، الجدع اللي خلصني منه. يا سلام! ساعتها عجبني خالص، وانقلب سواده ده، بقى قمر قدامي.
الجميع :
وبعدين؟
كلاريت :
وبعدين أنا رحت مسخسخة ولا درتش بنفسي، ولما فقت لقيت الجدع الأسمر ده واقف يبتسم لي، قمت رحت ماسكة فيه دوغري، وقلت له وأنا موش في وعيي، ياله حالا إتجوزني، قال مستحيل، قلت له مستحيل؟ إنت بترفض؟ وعنها ورحت سافخاه كام قلم على وشه، وقلت له لازم أبارزك، وبكره أبعت لك شهودي.
أوكتفي :
وهو قبل؟
كلاريت :
أبدا، ضحك وقال لي ماليش بركة إلا إنت يا مدموازيل، وبالطريقة دي إتجوزنا بعض.
أوكتفي :
دا شيء غريب خالص.
كلاريت :
معلوم، إتعلموا يا بنات المبارزة، ماحدش يعرف بكره حايحصل إيه. يا سلام جوزي ماجاش لسه، هو أتأخر ليه؟ بس مين عارف جوزي أتأخر ليه؟
أوكتفي :
تحبي تتفرجي علي شوية برانيط لحد ما يجي المسيو جوزك يا مدام؟
كلاريت :
لأ، موش دلوقت أحسن عندي ميعاد مع الخياطة الساعة 3 تمام. عن إذنكم دلوقت، ولما أخلص منها أرجع لكو. أوعوا تنسوا يا بنات، ذاكروا كويس.
أوكتفي :
ياله سامعين يا بنات، خشوا الورشة، وأنا حاستنى هنا. (يقولون لحنا) .
خشي يا أختي من هنا هو
ياله نشوف أشغالنا جوه
لا الوقت يروح ونقول أبوح
لما تتخصم اليومية
والدكان صاحبته خلقية
الواحدة بعينها وعافيتها
دايرة تدور على لقمتها
قايمة نايمة حايسة ولايصة
على نص فرنك لعيلتها
بالزور طايلة مصاريف بيتها
نشقى ونهلك غصب عنا
يا حرام الراحة ما بندوقها
حتى بنرهن حلق أوداننا
لما الصنعة يخسع سوقها
لكن برضه احسن من غيرنا
دي معايش مافيهاش جعيص
فقرا وبناكل من خيرنا
وخلافنا يبيع عرضه رخيص
عثمان (داخلا) :
بونجور مدموازيل.
أوكتفي :
أهلا وسهلا، حضرتك عاوز برنيطة؟
عثمان :
لا موش دلوقت، موش دي دكان البرانيط المودة؟
أوكتفي :
أيوه يا مسيو.
عثمان :
عال خالص، أنا مواعد واحدة ست من زباينكم علشان أقابلها هنا.
أوكتفي :
واحدة من الزباين؟ آه، مدام كلاريت.
عثمان :
مظبوط، إنت تعرفيها؟
أوكتفي :
وأعرف كمان حكاية التور بتاعها.
عثمان :
أي، هي قالت لك الخلبوصة؟!
أوكتفي :
على كل حاجة، وعلى الكام لزق كمان.
عثمان :
داهه أنا راخر اتلزقت فيها من يوميها، وهي فين أمال؟
أوكتفي :
كانت هنا دلوقت أهه، وراحت عند الخياطة.
عثمان :
بقى يعني أنا أتأخرت؟
أوكتفي :
تقدر جنابك تنتظرها هنا، وأنا أروح أبعت لك صاحبة المحل تفرجك على حاجات آخر مودة، لحد ما تيجي الست بتاعتك.
عثمان :
هي قالت لك إنها حاترجع تاني؟
أوكتفي :
أيوه يا مسيو، إنتظر لما أبعت لك صاحبة المحل (تخرج) .
عثمان :
والله موش بطالة البنت دي. يا سلام، أنا في غاية الانبساط من كلامها في غاية السرور من مقابلتها، في غاية ال... الحمار لأني نسيت أني متجوز، لأ ومتجوز مين، بنت مجدع، لو عرفت عني أي حاجة مافيش غير اللزقان بأمان وطمان قال زي زمان. بيني وبين الحاجات دي ربنا. آه والله إتحرمت منها يا ابو عفان. فين أيام البنت دي اللي زي الغزال، فين أيامك يا برنسيس. الغاية ما بقاش يجي منه (تدخل برنسيس)
آه، برنسيس!
برنسيس :
آه، فيكونت، إنت هنا؟! إنت جيت بعد كل الغياب ده؟!
عثمان :
لا، أيوه ... لا ...
برنسيس :
إنت اللي جيت تطلب البرانيط؟
عثمان :
برانيط، برانيط إيه؟
برنسيس :
برانيط حريمي.
عثمان :
ومن إمتى بالبس برانيط حريمي ياختي!
برنسيس :
أمال إزاي أوكتفي قالت لي فيه واحد خواجة ...
عثمان :
خواجة؟ آه، أيوه صحيح افتكرت، كان فيه واحد خواجة هنا ساعة ما دخلت، لكن مشي وراح يرجع حالا، بس كان نسي شمسيته في العربية اللي كان راكبها إمبارح، راح يدور عليها وجاي حالا.
برنسيس :
أمال إنت جاي علشاني أنا؟
عثمان :
أمال علشاني أنا، هي البنت اللي كانت هنا ما قالتلكيش حاجة؟
برنسيس :
أبدا!
عثمان :
إخص، الله يخيبها، موش كانت تقولك على كل شيء، نهايته الحمد لله اللي شفتك بعافية، ودلوقت أورفوار بقى (يهم بالخروج) .
برنسيس :
رايح فين؟
عثمان :
بس لآخر الشارع ده وراجع تاني، علشان نسيت شمسيتي.
برنسيس :
إنت راخر؟
عثمان :
أيوه نسيتها في العربية اللي كنت راكبها من يومين تلاتة. أروح أدور عليها وأرجع.
برنسيس :
لا لا بخاطرها، أنا عندي شمسية عال قوي حاديهالك؛ لأني موش ممكن أسيبك أبدا، بعد ما لقيتك.
عثمان :
لقتيني، ليه أنا كنت ضايع؟!
برنسيس :
تلات تشهر دلوقت وأنت غطسان، وأنا بأدور عليك يا خاين.
عثمان :
والله وأنا كمان بأدور عليك يا خاينة، بس يا خسارة ماليش بخت.
برنسيس :
إزاي؟
عثمان :
لا يعني، لو كان عندي بخت، كنت لقيتك قبل دلوقت.
برنسيس :
طيب وليه فتني وسافرت؟
عثمان :
لا أنا ما سافرتش، أنا كنت غايب بس علشان، علشان ...
برنسيس :
علشان إيه؟
عثمان :
علشان كان لي قضية في بلاد برة.
برنسيس :
بلاد برة؟!
عثمان :
أيوه برة وبعيد، وانت عارفة القضايا البراني دي إن ماكنش الواحد يتصرف فيها بنفسه، يسيبوه يرن ولا يسألوش عنه.
برنسيس :
طيب كنت خدني وياك.
عثمان :
ماكنتش أقدر.
برنسيس :
ليه؟
عثمان :
لأن كان معاي تلات شنط كبار، حاتبقوا كام، ومع ذلك أنا عرفتك في الجواب اللي بعته لك.
برنسيس :
إيه جواب؟
عثمان :
لا جواب مين، تلات جوابات إنت ما استلمتهمش؟
برنسيس :
أبدا.
عثمان :
إزاي ده؟ أنا لازم أروح حالا في البوليس وأشتكي مصلحة البوستة دي (يهم بالخروج) .
برنسيس :
لا لا، وما دام إنت جيت، دلوقت خلاص نسيت كل حاجة، مابقتش زعلانة.
عثمان :
والله أنا كمان موش زعلان، بس مزنوق هنا قوي (يمر يمينا) .
برنسيس :
وخلاص موش حانفارق بعض أبدا بعد دلوقت.
عثمان :
إن شاء الله موش حانفارق بعض أبدا ، أورفوار بقى. (يهم بالخروج) .
برنسيس :
الله مالك؟!
عثمان :
لا ماليش، بس عامل حساب للأقلام.
برنسيس :
أقلام!
عثمان :
أيوه، أقلام كنت إشتريتهم، وبعد ما دفعت ثمنهم نسيتهم في المكتبة، رايح أجيبهم وأرجع تاني.
برنسيس :
والأقلام دول يعني كويسين، يستاهلوا الاهتمام ده كله؟
عثمان :
إيه، دا صنف عال أنا مجربه.
برنسيس :
الغاية بخاطرهم دلوقت علشان خاطري أنا، إخص عليك.
عثمان :
أيوه، إخص علي وعلى الأقلام، آه يا حبيبي لو جات كلاريت دلوقت، الله على الأقلام والبراطيش اللي تشتغل.
برنسيس :
مالك بتفكر في إيه؟
عثمان :
بأفكر في الأقلام برضه.
برنسيس :
اللي نسيتهم.
عثمان :
أنا أنساهم طول حياتي.
برنسيس :
ماقلنا بخاطرهم دلوقت، وإحنا حانتعشى سوا، ولا نفارقش بعض أبدا موش كده؟
عثمان :
أيوه، لا ... بس ...
برنسيس :
بس إيه؟
عثمان :
أيوه بس مع الأسف ماعنديش وقت؛ لأني أنا بكره مسافر الصبح بدري علشان أقضي التمانية وعشرين يوم بتوعي في الجيش، ولسه حتى الشنطة بتاعتي ماوضبتهاش، لما أرجع تاني، أورفوار (يهم بالخروج) .
برنسيس :
طيب موش على الأقل أساعدك في توضيب الشنطة؟
عثمان :
بكل ممنونية (حدة)
بس نخرج لتيجي مراتي وتزنقني هنا.
برنسيس :
طيب أنا رايحة أدي خبر للبنات، علشان يخلوا بالهم من المحل (تخرج) .
عثمان :
أيوه إدي خبر وأنا أدي جري. (تدخل الورشة) .
جيبار (داخلا) :
آه!
عثمان :
مسيو جيبار!
جيبار :
أما صدفة جميلة جدا يا فيكونت، أنا جيت النهارده، علشان أتمم على أنفار الرديف، وانت برضه موش مسافر مونتارجي علشان تقضي التمانية وعشرين يوم بتوعك في الجيش.
عثمان :
أمال يا عزيزي، بكره من بدري مسافر، أشوف وشك في خير بقى (يهم بالخروج) .
جيبار :
كده دوغري، موش بس تستنى شوية؟
عثمان :
لكن قول لي، إنت جيت ليه دلوقت، عايز حاجة من هنا؟
جيبار :
أيوه، كلمة ورد غطاها، معاي جواب أوصله لصاحبة المحل ده من مراة الميرالاي بتاعنا ونخرج سوا.
جيبار :
أيوه، من حق أنا نسيت أهنيك.
عثمان :
تهنيني على إيه؟!
جيبار :
على إيه؟ آه يا مكار! على جوازك.
عثمان :
آه صحيح، من مدة شهر إتجوزت واحدة جميلة ، ومتعلمة خالص.
جيبار :
متعلمة إيه؟
عثمان :
شيش وبوكس، ومقالب ، وأقلام رصاص وبسط وأمريكاني وأنا كنت منتظرها علشان بيني وبينها ميعاد هنا، ولكن ما جاتش ولازم أروح أشوفها عن أذنك، أورفوار (يهم بالخروج) .
جيبار :
بس استني، يا سلام عليك، اتنين أصحاب زينا بقى لهم زمان ماشافوش بعض يفترقوا بالسرعة دي؟!
عثمان :
هي صاحبة المحل مسلطاك؟
برنسيس (داخلة) :
أديني فت خبر للبنات، آه وياك حد؟
عثمان :
المسيو جيبار ظابط بلوك السواري في الرديف، وإن شاء الله من بكرة حانكون سوا في قشلاق واحد.
جيبار :
مدام ... والله بنت مكن.
عثمان :
خدها لك يا أخي.
برنسيس :
أنا تشرفت يا مسيو بمعرفتك، وخصوصا إنك حاتبقى زميل عثمان.
جيبار (لنفسه) :
عثمان، عثمان من غير تكليف كده، آه دي لازم تكون هي مراته مدام، تشرفنا، إحنا لسه كنا في سيرتك أنا وصديقي الفيكونت.
برنسيس :
في سيرتي؟!
عثمان :
الله الله، وحايلبخ يقول إيه ده؟
جيبار :
صديقي الفيكونت يعبدك صحيح يا مدام، لسه دلوقت كان بيقول لي يا عزيزي دي موش ست، دي ملاك.
عثمان :
الله يخرب بيت اللي ملاك الملوة السودة دي.
برنسيس :
آه يا عزيزي.
جيبار :
عال عال.
برنسيس :
صحيح يا مسيو جيبار كان بيقول لك علي كده؟
جيبار :
هو بس كده يا مدام، دا ياما كتب لي جوابات، كل جواب يجي أربعين ورقة وكلهم وصف في جمالك، وفي حبه لك، وياما قال لي في الأول، إذا ماكنتش أتجوز البنت دي حاتجنن.
برنسيس (لعثمان) :
صحيح يا عزيزي.
عثمان :
أي، مانا حاتجنن أهه. ودي عايزة كلام، أنا متذكر إنك قلت لي ساعة ما جيت إنك عاوز تروح ديوان الحربية علشان تستلم كشوفات الأنفار.
جيبار :
آه، والله فكرتني، بس عايز أسلم صاحبة المحل الجواب ده بتاع مراة القومندان.
برنسيس :
وصل يا مسيو (تأخذ الجواب) .
جيبار :
أوه، العفو يا مدام، ولولا إني مستعجل خالص، ماكنتش أقبل أبدا إنك تقومي لي بخدمة زي دي، متشكر جدا يا مدام، موش تيجي معاي يا فيكونت.
عثمان :
أيوه أمال، ياله بنا.
برنسيس :
لا، إنت تفضل معايا.
جيبار :
أيوه المدام لها حق، مايصحش أخطفك منها وخصوصا إنك مسافر بكرة، لكن أوعى تنسى إنك تقابلني الساعة 8 تمام قدام محطة ليون، تشرفنا يا مدام دا بيعبدك يا مدام، بيموت فيك (يخرج) .
عثمان :
دا مصيبة، الله ينكد عليك وعلى معرفتك يا شيخ.
برنسيس :
أنا رايحة أغير هدومي وأجي علشان نخرج سوا عن أذنك (تخرج) .
عثمان :
أيوه غيري غيري (تدخل كلاريت) .
كلاريت :
أنت هنا؟
عثمان :
أيوه، لا، هنا.
كلاريت :
أنت بتبص على إيه؟
عثمان :
لا مافيش بس ال...
كلاريت :
بس إيه، أنا غبت عليك؟ ولكن الحق على الخياطة هي اللي أخرتني.
عثمان :
براوة عليها.
كلاريت :
إيه؟ بتقول إيه؟
عثمان :
لأ، يعني قصدي أقول، إخص عليها اللي أخرتك كده، ياله بقى نخرج من هنا يا عزيزتي.
كلاريت :
لا موش دلوقت، أنا عاوزة أنقي لي شوية برانيط.
عثمان :
ومين اللي حايفرجك عالبرانيط، ما إنت شايفة الدكان فاضية مافيهاش حد أهه؟
كلاريت :
طيب إستنى أما أشوف كده.
عثمان :
لا لا لأ، تعالي أحسن أنا اكتشفت حكاية لكن موش كويسة.
كلاريت :
حكاية إيه؟
عثمان :
بقى صاحبة المجل فلست وباعته لواحدة تانية، الولية اللي اشترته مجنونة بتضرب الزباين والعمال، ودلوقت كانت ماسكة المقشة ونزلت ضرب في العمال، بطحت اتنين وموتت سبعة.
كلاريت :
وانت مين قال لك كده؟
عثمان :
هي بنفسها اللي قالت لي.
كلاريت :
وانت شفتها؟
عثمان :
لا، والله ماشفتهاش.
كلاريت :
مالك متلخبط كده ليه؟
عثمان :
لا مفيش، بس بطريق الصدفة عرفت خبر زعلني خالص، خبر أثر علي قوي.
كلاريت :
خبر إيه؟!
عثمان :
قال حايبطلوا يوم الحد.
كلاريت :
يعني إيه، ماهم طول عمرهم بيبطلوا يوم الحد؟
عثمان :
أي والنبي إيه؟
كلاريت :
سيبك من التهويش ده، دا موش مربط الفرس، العبارة لازم فيها شيء مستخبي.
عثمان :
لا يا عزيزتي، مستخبي إيه.
كلاريت :
أمال مالك مانتاش على بعضك ليه من ساعة ماشفت وشي؟!
عثمان :
ما أنا على بعضي أهه.
كلاريت :
إنت فاكر إني أنا عبيطة، دانا أفهمها وهي طايرة.
عثمان :
لا أستغفر الله، أنا عارف، ياله بينا بقى.
كلاريت :
لا موش ممكن أطلع من هنا قبل ما أخد البرانيط اللي أنا عاوزاها، أما أروح أشوف حد يفرجني على البرانيط (تدخل الورشة) .
عثمان :
يا ست إخزي الشيطان وتعالي، ودي بلوة إيه دي، أيوه المفتاح من برة، نسك الباب عليها لتخرج تلخبط لنا الدنيا.
ميشونيه (داخلا) :
برافو، أديني جيت أصلح الماسورة اللي بتنفس.
عثمان :
ودا إيه كمان؟ حضرتك عايز برنيطة يا مسيو؟
ميشونيه :
آه، فيكونت عثمان، صدفة جميلة؛ لأني ماكنتش منتظر أشوف جنابك قبل بكره في القشلاق.
عثمان :
إنت كمان مسافر بكرة؟
ميشونيه :
أيوه من دفعتك في تلاتة وتلاتين جي أورطة، يعني حانسافر سوا.
بنوا (داخلا) :
أدي الكنافة العال يا مدموازيلات.
ميشونيه :
آه، دا الحلواني اللي زغدني وهو طالع.
بنوا :
إنت برضه هنا يا بتاع المواسير يا وسخ، بقى كل ماجي هنا ألقاك.
ميشونيه :
بقى وانت خارج قبل دلوقت، زغدتني وسكت لك، وكمان جاي تقل حياك.
بنوا :
والله إنك بارد.
ميشونيه :
دا بس لما شفتك يا لوح.
بنوا :
أنا لوح يا مغفل!
عثمان :
أيوه إياك يحموا، علشان أخرج أنا ومراتي.
بنوا :
طيب أنا لازم أكيل لك.
ميشونيه :
يعني أنا اللي حافرغ لك (يدخل عساكر ورجال وسيدات ويقولون لحن ختام الفصل الأول) .
بنات :
مالكم يا ترى هايجين لايجين
إيه اللي جرى ما احناش فاهمين
زيطة وضجة وشيلة ورجة
عالحال ده لا بايعين ولا شاريين
دي أمور توقف حال الدكاكين
عثمان :
دكاكنوا مرستان يا حبيبة
واللي يخشها عقله في راسه
تحصل عنده نوبة عصبية
زيي ولا يعرفش خلاصه
أوكتفي :
لا قول لنا يا ابو سمورة
إيه المسألة إيه السورة
عثمان :
شبكة وربكة وحبكت حبكة
ويا أبو بسطة وأبو ماسورة
كلاريت :
خضيتوني جريتوني
الزعيق دا كله إيه
بنات :
ناس أراذل ناس أسافل
خانقوا بعض أبصر في إيه
بنوا :
اسأليه المسيو سامبو
اللي غلطان فينا مين
عثمان :
هس جاك سمبو في عينك
نطع وكنافتك عجين
ميشونيه :
يا مدام عندي شهود
عالومانجي ابن الوطا
عثمان :
الحواجب والخدود
للكنافة متزروطة
عسكر :
الجيران متضررة يا أجرمة يا كلاب
كل ساعة مدووشين دي إسمها قلت آداب
ياله حالا عالبوليس
واللي شفته حاكتبه
واللي مايكونش حسيس
له حكومة تؤدبه
له معاون له ملاحظ
له بلاوي تكركبه
صفدان حذا صوله طبر
لا بد من نحل الوبر
وأشهد هناك عالمسألة
باللي رأيته يا نفر
عثمان :
وأنا كنت ناقص بهدلة
معلهش يا شيخ الخفر
عسكر :
ايلرى قوام سر عتلرى
عثمان :
وحستلرى، لخمتلرى، وهو تلرى، نايبتلرى
الفصل الثاني (يرفع الستار عن قشلاق، الجنود يقولون لحنا بعد الرقص.)
البروجي راح يزمر
للطابور في القشلاقات
ياله انت وهو شمر
واعملم الاستعدادات
إن دي تروا، إن دي تروا
الكساوي هيأوها باشليل
والزراير لمعوها باشليل
والبنادق للمناورات جهزوها
زيتوها باشليل عمروها باشليل
كل منهو يشد حيله يتبع واجب أصوله
السواري يجر خيله والبيادة يجر طوله
الجيوش العظام
ركها عالنظام
الجنود مفروض عليهم
واجبات لا بد منها
والبلاد قدام عنيهم
مستحيل واحد يهنيها
في شرفهم في عهودهم
هم أرباب الدراية
ده وطنهم في وجودهم
يستحيل تنزل له راية
بيبن :
ياله دلوقت روحوا استعدوا والطابور؛ لأن جناب القومندان حايستعرض أورطة الاحتياطي، وإذا جه ولقي حد منكم موش مستعد حايعاقبه أشد عقاب.
ميشونيه :
حقه صحيح؛ لأن القومندان بتاعنا باين عليه إنه راجل شديد قوي.
بيبن :
شديد وبس، صحيح إنه في الاحتياطي، وبيأدي ثمانية وعشرين يوم زيك، لكن بصفة قومندان فرقة الخيالة الاحتياطي في غياب القومندان الحقيقي ما بيتركش هفوة صغيرة تحصل من أي واحد، إلا ويعاقبه عليها.
ميشونيه :
في الاحتياطي! بقى على كده دا أصله ملكي زينا موش جهادي.
بيبن :
أيوه، دا واحد تاجر من التجار الكبار.
ميشونيه :
وبيتاجر في إيه حضرته؟
بيبن :
والله مانا عارف؛ لأني ما اشتريتش منه حاجة، ياله روحوا كلكم استعدوا للطابور (يخرجون) .
جيبار (داخلا يحمل بدلة) :
جناب القومندان موش هنا؟
بيبن :
لا لسه ماجاش.
جيبار :
البدلة دي زيادة عندي، بتاعه واحد اسمه بنوا، ما استلمهاش لأنه ماقدمش نفسه للخدمة لحد دلوقت.
بيبن :
عظيم، إذا ماجاش لحد الساعة أربعة، إدي له جزا تمان تيام حجز قشلاق.
جيبار :
إذن، أديها لعثمان علشان يرجعها المخزن .
بيبن :
عثمان!
جيبار :
أيوه الفيكونت عثمان، وريث الكونت فيفاريل.
بيبن :
آه البربري، هو أتعين في إيه؟
جيبار :
لما استلمت النوبتشية عرفت إنه إتعين بلوك أمين برتبة باشجاويش في المكتب، وتلاقيني انبسطت جدا لأنه جدع لطيف، وفوق كده صديقي.
بيبن :
عظيم خالص، ودلوقت أسمح لي أروح أمر عالإسطبلات والعنابر، قبل جناب القومندان مايجي ويفتش عليها.
جيبار :
إتفضل جنابك (يخرج بيبن)
يا عثمان، يا فيكونت.
عثمان (من الداخل) :
مين اللي بيندهلي؟
جيبار :
أنا، تعالى هنا.
عثمان :
آه، مسيو جيبار، إنت جيت من الأجازة، ما شفتكش ليه من ساعة ما استلمت؟
جيبار :
أيوه لأني استلمت نوبتشية الأسبوع بتاعي من النهارده الصبح بأمر جناب القومندان، خد البدلة دي خليها عندك؛ لأن صاحبها ماقدمش نفسه لحد دلوقت، لكن إنت إزاي حالك؟
عثمان :
في غاية ... لكن أنا كنت فاكر إن أجازتك حاتستمر تلات أربع تيام.
جيبار :
لا والله يا سيدي، القومندان ما ادانيش غير أربعة وعشرين ساعة بس، ودا بسبب الاحتياطي الزفت ده، ولاكانش عندي وقت إلا مسافة الطريق.
عثمان :
ودا شيء يضايقك طبعا؟
جيبار :
أبدا، بالعكس، أنا رجعت في غاية الانبساط.
عثمان :
على كده ماكنتش لوحدك في أورليان؟
جيبار :
وحدي فشر، دنا كنت مع حتة بنت لكن رقة إيه وظرف إيه!
عثمان :
إش، بقى على كده حصلت لك حوادث؟
جيبار :
حوادث وبس، دي حوادث، وحكايات، وقصايد.
عثمان :
تبقى إيه بقى الحوادث دي؟
جيبار :
دي حكاية نكتة قوي (بروجي) آه البروجي بيضرب البس. ياله روح استعد والبس هدومك، وبعد الطابور أحكي لك الحكاية بس ابقى فكرني أحسن دي حكاية لذيذة خالص (يخرجان) .
القائد (داخلا مع بيبن) :
هيه، مفيش حاجة حصلت في القشلاق؟
بيبن :
لا يا جناب القومندان، بس فيه اتنين غايبين. إمبارح بالليل واحنا بنتمم لقيناهم موش موجودين.
القائد :
ودول غايبين ليه؟
بيبن :
والله موش عارف.
القائد :
هيه، عظيم قوي، إحبس كل واحد منهم أربع تيام. وإيه كمان؟
بيبن :
وديكاسيو دوران السواري من الدرجة الأولى، يوم حجز قشلاق؛ لأنه تعدى على حصانه بالضرب في الطابور.
القائد :
آه، اتعدى على الحصان في أثناء تأدية وظيفته، إدي له بالجوز خليهم يومين. وابقى هات لي قايمة الجزآت دي في المكتب علشان أصدق عليها، ودلوقت قول للبروجي يضرب طابور.
بيبن :
حاضر يا جناب القومندان (ينادي)
بروجي، اضرب طابور (يدخل الجميع) .
القائد :
دول كل العساكر الاحتياطي الجداد، ماحدش ناقص؟
بيبن :
مافيش إلا الاتنين الغايبين اللي قلت لجنابك عليهم، وواحد لسه ماجاش خالص، اسمه بنوا.
القائد :
لما يجوا ابقى هاتهم لي المكتب.
بيبن :
حاضر يا جناب القومندان.
القائد :
اسمعوا، إنتوا جايين هنا علشان تقضوا ثمانية وعشرين يوم تتمرنوا فيهم على حمل السلاح، وبعد كده يروح كل واحد منكم لشغله، ودا علشان بتقول متمرنين على الأعمال العسكرية، ودايما مستعدين لحمل السلاح إذا أحتاج الأمر لكده، فدلوقت مفروض على كل واحد منكم إنه يفتح عينيه كويس، ويتبع الأوامر ويمرن نفسه على النظام؛ لأنه بعد كده حايعتبر طول عمره عسكري تحت السلاح، مفهوم؟
بيبن :
مفهوم يا جناب القومندان.
القائد :
فين الظابط النوبتشي؟
بيبن :
موجود، الملازم جيبار.
جيبار :
أفندم.
القائد :
هيه، تممت يا حضرة الظابط على نضافة القشلاق والإسطبلات؟
جيبار :
أيوه يا جناب القومندان.
القائد :
كويس، أنا دلوقت حامر عليهم بنفسي، نمرة واحد.
جيبار :
ماترد يا أخي.
عثمان :
إيه، أنا؟
جيبار :
أيوه انت، نمرة واحد.
عثمان :
أفندم.
القائد :
أنت مادخلتش قبل كده في الخدمة؟
عثمان :
لا يا أفندم لسه طاظة.
القائد :
وإيه وظيفتك أو صنعتك؟
عثمان :
فيكونت.
القائد :
فيكونت! عال خالص ... تعالى هنا.
عثمان (لنفسه) :
حايقول لي كلام سر.
القائد :
اسمع، إنت عايش إزاي؟
عثمان :
زي الناس.
القائد :
لا موش غرضي، يعني عايش لوحدك، والا ويا أهلك؟
عثمان :
ويا مراتي.
القائد :
برافو، وطبعا بتاكلوا كويس، وبتشربوا نبيت عال؟
عثمان :
طبعا.
القائد :
عظيم قوي (يناوله ورقة)
خد ده فيه أتمان البضاعة وعنوان المحل بتاعي.
عثمان :
دا بيوزع إعلانات أهه!
القائد :
فيه هناك نبيت عال وكل أصناف البقالة، ثم الأثمان متهاودة جدا؛ تنزيل عشرة في المية للي يشتري بالجملة ، وثلاثة في المية للي يشتري بشكك.
عثمان :
واللي ما يشتريش؟ اللي ما يشتريش يتفرج.
القائد :
لا موش ممكن إنك ما تشتريش؛ لأن كل البضايع مضمونة وكويسة، مفهوم؟
عثمان :
مفهوم يا جناب ال... القومندان.
القائد :
وأهه بالطبع بعد ما تخلص الثمانية وعشرين يوم بتوعك حاتبقى تشتري من المحل ده، وأؤكد لك إنك حاتكون مبسوط من معاملتنا، مفهوم؟ ياله ارجع.
عثمان :
بس من فضل جنابك عايزين بالنص فرنك ده جبنة، ولا تنساش تنزيل المية عشرة.
القائد :
يظهر إنك غبي، الحق علي أنا اللي بأدي الأوامر دي لواحد زيك ينفذها صحيح أنا جحش.
عثمان :
لا العفو، إنت أكبر من كده يا أفندم.
القائد :
ياله خش الطابور.
عثمان :
زعلان ليه؟ أنا قلت ننفعك إنت أحسن من الغريب، يوجد عند جنابك مشابك غسيل؟
القائد (لنفسه) :
يظهر إن طريقة الإعلان عن محلي موش حاتنفع بالشكل ده، الأحسن إني أطلبهم واحد واحد في المكتب وأنبه عليهم، وأفهمهم إن دي أوامر رسمية لازم ينفذوها (لبيبن)
ودلوقت دستور الطابور ده وتعالى انت المكتب علشان أديك الأوامر اللازمة (يخرج) .
بيبن :
يالله يا دستور (يخرج) .
الجميع :
الواجب دعانا نحمل السيوف
والنفير نادانا هيا للصفوف
جيبار :
مين يصون الحصون
ويفاديها قدنا
دي القلاع بالدفاع
عنها نحيي مجدنا
الجميع :
الخطر مانرهبوش
والهوان مانرضابوش
والشرف تنباع له روحنا
أما هو مانبيعوش
جيبار :
العلم فوق العلالي
نرفعه إحنا ببيدنا
مهما كان العمر غالي
لأجله يرخص عندنا
الجميع :
العلم فوق العلالي
نرفعه إحنا بيدنا
مهما كان العمر غالي
لأجله يرخص عندنا
جيبار :
في ميادين القتال
عزمنا يدك الجبال
بالشهامة والكرامة
تنعرف قيمة الرجال
الجميع :
الممات عالكل يسري
والوطن وحده يعيش
طول ما فينا دم يجري
البلاد ماتتنسيش (يخرجون)
عثمان :
تعالى قول لي حكايتك بقى يا حظ.
جيبار :
إنت لسه فاكر؟
عثمان :
ودي حاجات تتنسي، لا وخصوصا الحكايات اللي فيها ستات؟
جيبار :
بقى حكايتي يا سيدي إن النهارده الصبح لما كنت حاركب قطر الإكسبريس اللي قايم على انجوليم ...
عثمان :
انجوليم! البلد اللي سافرت فيها مراتي.
جيبار :
بس يا سيدي، أول ما طلعت القطر، لقيت لك في العربية اللي دخلتها حتة بنت في غاية الجمال.
عثمان :
رحت لازق جنبها طبعا؟
جيبار :
لا قدامها، بس يا سيدي، وقعدت أبص لها، لكن جمال إيه! عليها قوام، عليها عيون، عليها مناخير!
عثمان :
ما كل الستات عليهم الحاجات دي.
جيبار :
لا أبدا، دي أجمل من كل الستات اللي شفتهم.
عثمان :
طيب وبعدين.
جيبار :
وبعدين واحنا قاعدين بالشكل ده، وما أشعر إلا واستوب وراح واقف القطر، واقف مرة واحدة.
عثمان :
ليه؟ أتنقل من على الشريط؟
جيبار :
لا بس كان الصنافور مقفول، وعلشان القطر ربط مرة واحدة، رحت محدوف على صاحبتنا، ودا كان السبب في جر الكلام وياها.
عثمان :
والله الصنافور دا خدمك عال، روح يا شيخ ربنا يجعل لك في كل خطوة صنافور؛ لأنك راجل طيب تستاهل صنافورات الدنيا والآخرة، وبعدين؟
جيبار :
النهاية، فضلت أعتذر لها وهي تبتسم، وأنا أقرب لحد ما بقيت جنبها ورحت ماسكها من دراعها مسكة لكن بظرف ...
عثمان :
وهي سكتت على كده؟
جيبار :
اللي أنا مندهش له إنها سكتت.
عثمان :
وبعدين؟
جيبار :
وبعدين يا سيدي، ما أشعر إلا واستوب وراح القطر رابط مرة واحدة.
عثمان :
إيه صنفر تاني؟
جيبار :
لا وصلنا المحطة اللي حانزل فيها.
عثمان :
إخص دانت بختك وحش، ولكن برضك لما نزلت من القطر مشيت وراها طبعا؟
جيبار :
مع الأسف ما أمكنيش؛ لأني لما نزلت من القطر رحت واقع.
عثمان :
إخيه، على الأرض طبعا؟
جيبار :
لأ يا سيدي، على القومندان بتاعنا اللي مسك في زي العلقة، وفضل يرغي معاي لحد ما اختفت عن نظري ولاعرفش راحت فين.
عثمان :
يا مسكين طلع نقبك على شونة.
جيبار :
يستحيل، أنا قلبي حاسس إني ضروري حاقابلها وأشوفها؛ لأن نظراتي أثرت فيها، لا ولا تنساش إن الفضل في استلفات نظرها لي كان ...
عثمان :
للصنافور طبعا.
جيبار :
لا، للبدلة الرسمية اللي أنا لابسها.
عثمان :
عال، مبروك مقدما.
جيبار :
مرسي، ودلوقت أما أروح أمر في القشلاق لأني نوبتشي الليلة (يخرج) .
عثمان :
مسكين جيبار على نياته، فاكر إن دي ست من عائلة، دي لازم واحدة من الجماعة إياهم ورايحة المعسكر بتاعها.
برنسيس (داخلة) :
مرسي يا أونباشي، مرسي.
عثمان :
آه، برنسيس؟
برنسيس :
آه، بونجور فيكونت.
عثمان :
بونجور، إنت جيتي؟
برنسيس :
أيوه يا سيدي، وأظن موش أنا اللي بتنتظرها جنابك؟
عثمان :
ليه بقى؟
برنسيس :
أنا عارفة كل شيء، إنت لك متريس.
عثمان :
أنا؟ أبدا.
برنسيس :
بلاش كدب، دي هي اللي كنت بتنتظرها في المحل بتاعي، وعلشان كده سكيت علي
عثمان :
لا، أبدا. دي كانت مرا، الله الله، أنا أحلف لك إني ماليش متريس أبدا.
برنسيس :
مصدقاك يا عزيزي، ودلوقت خلاص راح كل الزعل، وكمان علشان أثبت لك إني موش زعلانة منك حاقعد كام يوم معاك هنا.
عثمان :
عال، برافو (لنفسه)
الحمد لله اللي مراتي في انجوليم ... بس للأسف يا عزيزتي الستات مابيناموش هنا في القشلاق، ولازم آخد تصريح من جناب القومندان.
برنسيس :
لا ماتفتكرش، أنا أطلب لك التصريح بنفسي.
عثمان :
أنت تطلبيه؟ لا أبدا.
جيبار (وهو داخل) :
طيب طيب.
عثمان :
جيبار؟
جيبار :
إيه؟ إنت شرفت يا مدام عثمان، حمد الله على السلامة.
برنسيس :
مرسي (على حدة)
دا لسه فاكرني مراة عثمان؟
جيبار :
أما مفاجأة غريبة!
برنسيس :
ليه؟
جيبار :
لأن عثمان ماكانش منتظر جنابك.
برنسيس :
لا ماهو حاكم أنا ما أقدرش على بعده.
عثمان :
أيوه ماتقدرش على بعدي!
جيبار :
طبعا، وكمان جاية تطبي عليه على غفلة.
عثمان :
أيوه علي، على غفلة.
جيبار :
وانت لازم مبسوط قوي من الزيارة دي يا فيكونت؟
عثمان :
أمال، أنا حافرقع من كتر الانبساط، ودلوقت اتفضلي يا حبيبتي، على اللوكاندة اللي أنت نازلة فيها وأنا محصلك حالا.
برنسيس :
عظيم، أنا نازلة في أوتيل دي باري نمرة الأودة 171.
القائد (من الخارج) :
استعدوا للسفر بالليل. البسوا ملابسكم الحربية. السفر الساعة 6.
عثمان :
جناب القومندان، اتداري وراي.
القائد (يدخل) :
آه مسيو جيبار، أنت هنا؟
جيبار :
فيه أمر يا جناب القومندان.
القائد :
إيه ده؟ واحدة ست في المعسكر، مين الست دي؟!
جيبار :
دي المدام، جات علشان تشوف جوزها. يا فيكونت قدم الست بتاعتك لجناب القومندان.
القائد :
لا، مافيش لزوم، كفاية إنك عرفتني بها، أنا سعيد جدا يا مدام اللي تشرفت بمعرفتك.
عثمان :
الله الله! بردون يا جناب القومندان، دي ...
القائد :
الست بتاعتك، في غاية الجمال يا فيكونت، أظن جنابك ما زرتيش أبدا قشلاق زي ده قبل دلوقت؟
برنسيس :
لأ، أبدا.
القائد :
تسمحي إنك تتفرجي عالقشلاق ده، وأنا أتشرف إني أكون دليلك وترجمانك في الفرجة اللطيفة دي.
برنسيس :
بكل ممنونية.
عثمان :
دا باين حايلزق يا أخ؟
جيبار :
لا مؤاخذة، أنا مشغول في النوبتشية، عن إذنكم (يخرج) .
القائد :
تسمح يا فيكونت، إني آخد المدام علشان أفرجها.
عثمان :
لأ، يا جناب القومندان، أنا ماسمحش.
القائد :
إنك تتعبني، لا مافيش تعب ولا حاجة، وكمان علشان أعرفها بكل إخوانك، اتفضلي يا مدام (يخرجان) .
عثمان :
عال عال، لا والمصيبة إنه عايز يعرفها بكل إخواني، بس إياك ماتغلطش قدامه وتفهمه الحقيقة، الحمد لله لحسن حظي إن مراتي كلاريت في انجوليم. النهاية أما أخش المكتب نهيص شوية، أنا عارف دي صدفة إيه دي (يخرج) .
كلاريت (داخلة) :
مرسي يا جناب الأونباشي مرسي، اتفضل انت. آه، دا عثمان جوزي لازم حايندهش قوي من المباغتة دي، أيوه لأني لما رحت انجوليم مالقتش خالتي؛ لأنها سافرت على نيس بسبب عيا جوزها بالروماتيزم؛ ولذلك فضلت إني أجي هنا أحصل جوزي. بيقولوا المكتب هنا، يا ترى فين هو؟
جيبار (داخلا) :
الله، واحدة ست ثانية؟!
كلاريت :
آه، دا الظابط اللي كان وياي في القطر، لازم هو اللي يدلني.
جيبار :
مدام، آه حضرتك شرفت؟ أنا برضه كان قلبي حاسس إنك لازم حاتيجي هنا علشان تشوفيني؟
كلاريت :
لا بالعكس يا مسيو، أنا جيت علشان أسأل عن الفيكونت عثمان.
جيبار :
عثمان!
كلاريت :
جنابك تعرفه؟
جيبار :
إزاي ما اعرفوش، دا أعز صديق لي.
كلاريت :
عال عال، من فضلك قول لي هو فين؟ أنا مستعجلة قوي علشان أشوفه.
جيبار (لنفسه) :
تشوفه! آه دي لازم المتريسة بتاعته القديمة، لكن حايعمل إيه في مراته اللي هنا دلوقت؟
كلاريت :
هيه، موش تتكرم علي جنابك وتدي له خبر إن فيه واحدة ست عايزة تقابله؟
جيبار :
لا، يستحيل يا مدام.
كلاريت :
ليه، هو خرج؟
جيبار :
لا، أيوه، أنا موش عارف خرج ماخرجش.
كلاريت :
بتقول إيه؟!
جيبار :
باقول موش ممكن تشوفيه، وأحسن شيء تتفضلي من هنا دلوقت.
كلاريت :
أتفضل؟ ليه؟
جيبار :
عاوزه تعرفي ليه؟
كلاريت :
طبعا.
جيبار :
لأنه مع الست بتاعته، مع مراته.
كلاريت :
مراته!
جيبار :
أيوه مراته، واحدة في غاية الجمال. قدمني لها واحنا في باريز، وأهي جات النهارده تقضي الثمانية وعشرين يوم وياه. وأحسن طريقة إنك تتفضلي دلوقت من هنا؛ لأن القومندان بيفرجها على المعسكر وراجعين تاني.
كلاريت :
أنت بتفتكر إني أروح من هنا أحسن.
جيبار :
ودي بدها كلام، والا يعني عاوزة تعملي فضيحة للراجل؟
كلاريت :
فضيحة، ها ها ها.
جيبار :
طيب، انتظري على الأقل لما مراته تسافر، وفي الوقت ده يصح ...
كلاريت :
مراته (على حدة)
دي لازم المتريسة بتاعته، الا مراته دي كمان!
جيبار :
ومزعلة روحك قوي كده ليه؟ هو مافيش حد غير عثمان في الدنيا؟
كلاريت :
لحسن الحظ فيه كتير.
جيبار :
موش كده (على حدة)
أما أجتهد إني أخلصها من عثمان. أمال بدك إيه ياما حاجات بتحصل، أهه كان بيحبك في الأول، لكن دلوقت بيحب مراته ويعبدها، وإذا سمعت كلامي تسيبك منه وتنسيه.
كلاريت :
أنساه؟
جيبار :
أيوه انسيه، دانا أساعدك إذا حبيتي؛ لأني من ساعة ماشفتك في القطر وأنا مافيش في فكري غيرك.
كلاريت (على حدة) :
حيث كده لازم أنتقم من عثمان، آه يا عزيزي دانا كمان من ساعة ماشفتك حبيتك، استلطفتك قوي.
لحن
جيبار :
يا هلترى يا حياة الروح
حايتنصف قلبي في هواك
والا تفوتيني أسير النوح
وتبخلي علي برؤياك
كلاريت :
أنا اللي يحفظ لي ودادي
أفتح له مهجتي وفؤادي
جيبار :
وأنا الوفا دين عندي وملة
خاضع لحبك مهما يكون
غرام شريف لا غرض ولا علة
وكل غالي علشاني يهون
شبابي أوهبه في الدنيا دي
وأبيعه طايع لاجل اتنين
مرافقتي بالروح لبلادي
وحبك أنت يا نور العين
عثمان (داخلا) :
إنت هنا يا عزيزي؟
جيبار :
أيوه أنا و...
عثمان :
إيه كلاريت، ودي إيه اللي جابها هنا دلوقت؟!
كلاريت :
بونجور فيكونت، إزاي صحتك، موش مبسوط؟
عثمان :
أنا ... أأ، أيوه ... قوي، لأ لأ.
جيبار :
خليك تقيل، أنا صلحت لك المسألة.
عثمان :
مرسي يا عزيزي، أنا ممنون.
جيبار :
لا، كن مطمئن يا فيكونت، أنا فهمت المدام إن وجودها هنا موش مناسب.
عثمان :
إيه موش مناسب؟!
كلاريت :
أيوه يا سيدي، صاحبك ده فهمني إن مراتك الشرعية عندك هنا.
عثمان :
يخرب بيتك، يخرب بيتك، إنت اللي قلت لها كده؟
جيبار :
أيوه يا أخي علشان أصلح لك المسألة، وأخلي مراتك ماتشوفهاش.
عثمان :
تصلح لي إيه، وتزفت لي إيه؟
كلاريت :
هيه، إيه رأيك؟ موش أروح من هنا دلوقت، أحسن ياله السلامة؟
عثمان :
لا لأ، جيبار دا واحد مايفهمش معنى الكلام اللي بيقوله.
جيبار :
أوه، لا يا عزيزي، ما تنساش إنك بتكلم رئيسك هنا. اسمعي يا عزيزتي، أنا حافهمك المسألة.
عثمان :
إيه، حاتصلح حاجة تاني؟
كلاريت :
من فضلك سيبه يتكلم، إحنا موش معرفة دلوقت.
عثمان :
يعني إيه؟
كلاريت :
يعني سيبه خليه يشرح ويفهمني كل شيء؛ لأنه كان زميلي في القطر وإحنا جايين على هنا.
عثمان :
زميلك في القطر؟! هي دي حضرتها الست بتاعه الصنافور؟! هي دي اللي مسكتها من دراعها؟!
جيبار :
أيوه يا سيدي، وأنت مالك.
عثمان :
إزاي تمسك مراتي من دراعها إزاي؟
جيبار :
مراتك؟!
عثمان :
أيوه مراتي، مراتي الحقيقية ... بس من فضلك بلاش فضيحة؛ لأن جناب القومندان إذا عرف إن التانية موش مراتي حايخلي وقعتي زي الطين.
جيبار :
ها ها ها، كويس قوي، غرضك يعني تمنعني عن مغازلتها، وعلشان كده عايز تبلفني وتفهمني إنها مراتك؟
عثمان :
دانت مصيبة أعوذ بالله، ما تقولي له يا ست إنك مراتي.
كلاريت :
أنا ما أحبش الكدب، مراتك الحقيقية اللي جات هنا قبلي.
جيبار :
إيه رأيك بقى؟
عثمان :
إزاي تنكري إنك مراتي؟ ماتصدقهاش دي مراتي وستين مراتي كمان.
جيبار :
ماتتعبش نفسك، من فضلك يا مدام قولي الحقيقة.
كلاريت :
الحقيقة إني موش مراته زي ما قلت جنابك.
عثمان :
يا ولية خلي عندك ذمة .
جيبار :
بزيادة بقى؛ لأنها لو قالت لي بعد كده إنها مراتك، موش حاصدقها كمان (يسمع صوت القائد)
آه القومندان.
عثمان :
يا ساتر يا رب يا ساتر.
كلاريت :
ووياه مدام عثمان أهه، أما أروح أقابلها أنا.
عثمان :
لا إعملي معروف، لحسن دا راجل شديد إستخبي.
كلاريت :
أستخبى يستحيل.
جيبار :
أيوه له حق، استخبي هنا في المكتب.
كلاريت :
طيب أنا برضه حاستخبى، لكن يكون في معلومكم إني لازم أنتقم لنفسي.
عثمان :
أيوه استخبي وبعدين أبقى انتقمي لنفسك زي ما انت عاوزه (تدخل المكتب، يدخل القائد وبرنسيس ويقف عثمان وجيبار أمام المكتب) .
القائد :
أنا أوصيك إنك تحتمي على جوزك، مايشتريش بضاعة إلا من المحل اللي وصفته لك.
برنسيس :
أيوه يا جناب القومندان، إن شاء الله موش راح ناخد حاجتنا إلا من المحل ده.
القائد :
عال عال (على حدة) ... أدي احنا ضمنا زبون للمحل ... آه، إنت هنا يا فيكونت؟
عثمان :
أيوه يا جناب القومندان، أنا ... هنا ... لأني وأنا فايت من هنا لقيت نفسي هنا.
القائد :
وانت كمان يا جيبار؟
جيبار :
أيوه برضه، أنا كنت فايت من هنا.
القائد :
لقيت نفسك هنا زيه موش كده؟ أنا عرفت الست بتاعتك للأورطة كلها.
عثمان :
تشرفنا.
برنسيس :
وجنابه صرح لك تنام في البلد ما دمت أنا وياك.
عثمان :
أهه دا اللي ناقص.
جيبار :
والثانية اللي جوه دي (على حدة) .
عثمان :
ما هو تصليحك.
القائد :
ودلوقت موش فاضل إلا مخازن المهمات، تتفرجي عليها؟
برنسيس :
بكل ممنونية.
القائد :
قول لي يا جيبار.
عثمان :
نعم.
القائد :
اليوزباشي بيبن قال لي إن فيه واحد غايب من غير أجازة.
جيبار :
أيوه صحيح، واحد اسمه بنوا، والبدلة بتاعته أديتها لك يا فيكونت، أظن في المكتب.
عثمان :
أيوه، أهه جوه في المكتب.
القائد :
ودا ماجاش لحد دلوقت ولا عندوش أجازة؟
جيبار :
أيوه يا جناب القومندان.
القائد :
أما غبي، أول ما يجي وديه عالسجن، ثمان تيام سجن.
جيبار :
حاضر يا جناب القومندان.
القائد :
أيوه لأن التقصير في واجب الخدمة جريمة ما يصحش تغتفر. لا مؤاخذة يا مدام، الخدمة لها واجبات.
برنسيس :
معلوم يا جناب القومندان.
عثمان :
أما أجتهد إني أوزعها. بردون يا جناب القومندان، الست بتاعتي لازم تكون دلوقت تعبانة، ويلزمها ...
القائد :
لا يا فيكونت، أنا لسه مافرجتهاش على مخازن المهمات.
عثمان :
لكن أنا ...
القائد :
ولسه كمان ما اتفرجتش عالإسطبلات.
برنسيس :
إسطبلات؟ أيوه أنا أدوب في الخيل.
القائد :
هيه، أهه بتحب الخيل يا فيكونت، إيه رأيك؟
عثمان (لنفسه) :
أيوه وعلشان كده بتحبني أنا راخر، لكن يا جناب القومندان ...
القائد :
آه، إنت لازم غاير مني، لا ما يكونش عندك فكرة، الست بتاعتك حاتتفرج وتيجي حالا، إنت فهمت عقاب بنوا، لازم يكون عقاب بالجملة فاهم؟
عثمان :
أيوه بالجملة، ولاتنساش تنزيل المية عشرة.
القائد :
على السجن على طول أول ما يجي، خليك فاكر بنوا (تدخل كلاريت بملابس عسكري) .
كلاريت :
أفندم، حد بينده على بنوا.
جيبار :
آه.
عثمان :
إخص، مراتي لابس عسكري!
القائد :
إنت بنوا؟
كلاريت :
اسأل جناب الفيكونت، هو يعرفني طيب إذا كنت بنوا والا لأ؟
عثمان :
رأيه بنوا قوي، هي دي بدها كلام، يا نهار أسود.
القائد :
أمال بتقول إنه غايب ليه؟
جيبار :
لا، ما هو عثمان اللي قال لي ...
عثمان :
أيوه، أنا اللي قلت له، بس دا سهو مني، لازم أنا ناسي.
القائد :
هيه، وجود الست بتاعتك طير عقلك أنا عارف.
عثمان :
حايصلح زيك راخر.
القائد (لكلاريت) :
كويس خالص، إنت جاي دلوقت علشان تتخلص من عقابك اللي بالجملة.
كلاريت :
عقابي أنا!
القائد :
بس، موش عاوز منك تفسير ولا معارضة.
عثمان :
معلهش يا خوي بلاش دلوقت تفسير ولا معارضة من فضلك.
القائد :
وبما أنه ظهر إنك جيت قبل دلوقت، واتأخرت شوية صغيرة حاديلك خمسطاشر يوم نوبتشية باستمرار. ياله يا جيبار نفذ الأمر ده.
عثمان :
تعالي يا ستي، إنت اتجننت والا إيه، إيه البدلة اللي أنت لابساها دي؟
كلاريت :
علشان أكون جنبك، ولازم نمضي الثمانية وعشرين يوم بتوعك سوا.
جيبار :
لكن وجودك هنا بالشكل ده خطر عليك، يحكموا عليك بتلاتين يوم سجن.
كلاريت :
زي بعضه.
عثمان :
واحنا كمان يحكم علينا زيك.
كلاريت :
أحسن.
جيبار :
أحسن؟ لا أنا في عرضك تقلعي البدلة دي.
عثمان :
لأ والمصيبة إذا جه بنوا صاحب البدلة.
كلاريت :
وماله خليه ييجي.
عثمان :
الله لا يقدر.
بنوا (داخلا) :
بردون موسيو.
عثمان :
دا الحلواني، وجاي هنا ليه كمان؟
جيبار :
يا مسيو حضرتك عاوز إيه؟
بنوا :
أنا جيت علشان أمضي الثمانية وعشرين يوم بتوعي، أنا الحلواني بنوا.
عثمان :
إيه؟ اسمك إيه؟
بنوا :
بنوا.
عثمان :
يخرب بيتك، عجبك كده؟
كلاريت :
والله جه في وقته.
جيبار :
إيه العمل دلوقت؟
بيبن (داخلا) :
فين العسكري اللي حكم عليه جناب القومندان بخمسطاشر يوم نوبتشية، آه لازم هو ده؟
جيبار :
أيوه هو.
بيبن :
ياله عالنوبتشية.
كلاريت :
مابلاش، مافيش لزوم للنوبتشية دي.
عثمان :
أيوه علشان خاطري، والا خدوني أنا بداله.
بيبن :
ليه يعني؟
عثمان :
لأنه مراة ... إخص؛ لأنه صاحبي قوي.
بيبن :
لا، موش ممكن لازم هو اللي يستلم النوبتشية بنفسه، ياللا.
جيبار :
لكن يا عزيزي ...
بيبن :
ما لكنش ولا حاجة، دا أمر القومندان ولازم يتنفذ. ياللا قدامي (يخرج) .
عثمان :
إنت جيت ليه يا أخي دلوقت؟ كنت في أنهي داهية؟
بنوا :
كنت محجوز في قشلاق باريز بسبب خناقة حصلت لي إمبارح في دكان بتاع برانيط.
عثمان :
وهنا كمان أتحكم عليك بالحبس تمان تيام، ولازم تتحبسهم.
جيبار :
أيوه صحيح، حكم عليك القومندان بتمان تيام سجن.
بنوا :
أنا عملت حاجة؟!
عثمان :
دانت عملت أزفت حاجة، دا تأخيرك ده ودانا في داهية.
جيبار :
هو لا، اتنين عساكر قوام.
بنوا :
طيب أدوني بدلتي.
عثمان :
أوعى تجيب سيرة بدلتك، أحسن لو عرف جناب القومندان إنك ما استلمتهاش، راح يديلك 97 سنة سجن (يدخل اثنان من العساكر) .
جيبار :
ياله خدوا البقف دا ودوه عالسجن حالا.
بنوا :
اعملوا معروف بلاش المرة دي.
عثمان :
أيوه أيوه، جرجروه.
بنوا :
يا ناس أنا مظلوم (يخرج مع الجنديين) .
عثمان :
أيوه كده كويس، علشان القومندان مايشوفوش، ولا يعرفش بنوا الحقيقي، لكن إيه الرأي بقى في مراتي؟
جيبار :
لسه برضه بتقول مراتي ؟
عثمان :
يا جدع صدق جننتني (نفير)
آه الطابور (يدخل الجميع) .
بيبن :
كلكم موجودين، زنهار.
كلاريت (داخلة) :
واحد دون صحيح.
بيبن :
إيه فيه إيه يا بنوا؟
كلاريت :
فيه واحد عسكري كربسني على السلالم.
ميشونيه :
هو فين؟ أنت أزاي بتشتمني؟
كلاريت :
شتمتك، وعاوز إيه؟
ميشونيه :
عايز تشتمني كمان.
كلاريت :
إنت جبان.
عثمان :
أخ أخ، لا لا، مافيش لزوم.
جيبار :
أيوه مافيش لزوم.
ميشونيه :
أنا لازم أنتقم لنفسي.
كلاريت :
تنتقم لنفسك؟ طيب خد بالمرة (تضربه بالقلم) .
بيبن :
لا دي إهانة ما يحميهاش إلا الدم.
كلاريت :
يعني دويللو، وهو كذلك.
بيبن :
معلوم دا شيء أصول، وأنا حابلغ القومندان، استعدوا للدويللو (يخرج) .
ميشونيه :
دويللو! يادي الداهية، دويللو إيه وأنا راجل سباك لا أعرف دويللو ولا دياولو؟!
عثمان :
مابلاش الدويللو ده أنا في عرضك.
كلاريت :
أبدا، إنت عارف إني أشجع منه؛ لأني أتعلمت السيف والشيش كويس.
عثمان :
إنت موش واخدة إلا على ضربي أنا بس.
جيبار :
إيه مالك بترتعش كدا ليه؟
ميشونيه :
أنا بارتعش؟ لا أبدا، بس أنا موش مبسوط شوية من الدويللو ده.
برنسيس (داخلة) :
إنتو مسافرين دلوقت؟
جيبار :
أيوه مسافرين دلوقت علشان المناورة.
بيبن (داخلا) :
كل شيء انتهى، جناب القومندان قرر إن الدويللو يكون دلوقت حالا (يسلم كلا منهما سيفا وتبدأ المبارزة على اللحن) .
الجميع :
إهانة مالهاش غير الدويللو
وكل منهو يفش غلة
رجوع مافيش أهه السلاح موجود
رصاص وشيش ونعمل إحنا شهود
اتنديه خش عليه
أول ما نقول كومانسيه
ميشونيه :
وأنا كان مالي ومال دي العركة
جي برجلي للموت ليه
بردون موسيه صلحة مباركة
أنا أبوس جزمة أبوك موسيي
الجميع :
غلباوي بلاف
إخص عليك خواف
عريت الأشراف
عثمان :
أنا عندي الأشراف تنعر
أحسن من يا شر اشتر
يمكن رمية
نطلع حامية
ينزل واحد منهم كر
عالأسعاف كوعك والبر
كلاريت :
أسكت موش وقت كلام فارغ
ليحمرق حد ولا يزاوغ
الجميع :
أسكت موش وقت كلام فارغ
ليحمرق حد ولا يزاوغ
كومانسيه، كومانسيه (مصارعة)
ميشونيه :
أقل نغزة في قلبي
تودي عمري بلاش
أحط دولا في عبي
علشان ما احسبهاش
الجميع :
كومانسيه، كومانسيه (مصارعة)
برنسيس :
أهه سقط من طوله حرام يا هوه
في عرضكم هووا له وفوقوه
عثمان :
بطلوا له بمية باردة
وافتحوا له عنيه فردة فردة
وإن لزم رشوة بخردل
وادلقوا على وشه جردل
كلاريت :
إسندوني الحقوني
شيء منمل جتتي
عثمان :
لأجل بختي اتلبختي
ردي ياختي إيه العمل في حضرتي
الجميع :
الصديري حلوا يا أخواتي الصديري
عثمان :
الصديري لم يحله حد غيري
برنسيس :
مستحيل دي مأمورية
بدها الأيد الطرية
الجميع :
آه يا عيني آه يا وعدي
عالحاجات المستوية
ست لابسة عسكرية
عثمان :
الحكاية حبشي بلشي
وأتوحل الباتشاويشي
ميشونيه :
إيه جرى لي يا ترى
وإيش ملحقني هنا
كلاريت :
حالتي مالها مكسرة
ما تقولوا لي فين أنا
الجميع :
الدويللو انتهى
والإهانة شلتها
كل منهو خد حقوقه
صافحوا بعضكم بقى
ميشونيه :
مسيو.
كلاريت :
مسيو.
جيبار :
البوري بيندهكم يا عساكر جاوبوه
والفرض اللي عليكم لبلادكم أدوه
ودنيتكم أنسوها ووطنكم افتكروه
بدماكم وشرفكم وبروحكم أفدوه
عثمان :
مالي يا مالي وأنا كنت مالي واللي جرى لي (انتهي الفصل الثاني.)
الفصل الثالث (ترفع الستار عن صالون منقسم قسمين، عثمان وجيبار راقدان في القسم الشمالي.)
جيبار :
آه يا فيكونت حب كلاريت دي حايجنني خالص.
عثمان :
يا جدع اختشي على دمك، ماتقولش الكلام ده عيب عليك، دي الست بتاعتي. مراتي.
جيبار :
اعمل معروف بلاش كلام فارغ.
عثمان :
يا أخينا باقول لك مراتي، كلاريت باسترو ومراة الفيكونت عثمان عبد الباسط.
جيبار :
كلاريت باسترو، وإيه يعني لما يكون اسمها كده صحيح، لكن برضه المتريسة بتاعتك، هو لما تكون اسمها كده، يعني لازم تكون مراتك؟
عثمان :
يا حفيظ، دانت مصيبة.
جيبار :
من فضلك أنا مش عايزك تقول لي من دلوقت إنها مراتك، يا راجل عيب عليك، إنت متجوز.
عثمان :
يا سيدي ما هي دي الست اللي أنا متجوزها.
الخادمة :
اتفضلوا من هنا، أهي دي الأودة اللي كلمتكم الست عنها.
القائد :
لكن دي أودة وحشة قوي.
بيبن :
هو فيه محل لسكن العساكر أحسن من كده.
القائد :
لكن ما عندكوش أودة غير دي؟
الخادمة :
لا مافيش غير الأودة الخصوصية بتاعة الست.
القائد :
عظيم تعالى وريني أودة الست (يخرج)
إلا قولي ستك دي عمرها كام سنة؟
الخادمة :
ما يجيش تسعين.
القائد :
إخص، لا مافيش لزوم للأودة دي.
الخادمة :
آه، اسمعوا فيه كمان أودة عم المدام، أودة حلوة قوي وفيها سرير مفروش كويس.
القائد :
ولا فيش حد نايم فيها؟
الخادمة :
لأ مافيهاش حد؛ لأن عم الست مسافر.
بيبن :
وأنا حاستنى هنا، بس هاتي لي مخدة علشان أحب راسي تكون عالية.
الخادمة :
أجيب لك مخدة حالا (تخرج) .
بيبن :
أهو أنا ما يضايقنيش إلا عدم الراحة في النوم.
الخادمة (تدخل ومعها كلاريت) :
اتفضل المخدة أهه، وآدي زميلك اللي حاينام وياك في السرير.
بيبن :
حد حاينام معاي في السرير ده؟ إيه هو أنت يا بنوا؟
كلاريت :
أيوه يا جناب اليوزباشي ... إخص دنا كنت فاكرة إنها أودة فاضية (تهم بالخروج) .
بيبن :
لا لا، تعالى يا بنوا.
كلاريت :
لا مرسي، مايصحش أضايقك في النوم.
بيبن (لنفسه) :
لا مافيش مضايقة ولا حاجة، تعالى تعالى والسلام.
الخادمة :
هي ماحصلتش إن راجلين يناموا ويا بعض.
كلاريت :
لا يستحيل يا جناب اليوزباشي، ما يناسبش إن واحد عسكري زيي، ينام ويا واحد ظابط كبير زي حضرتك.
بيبن :
أقول لك، حتى الأودة دي ساقعة موش عاجباني، ويصح إني أسيبها لك لوحدك.
كلاريت :
أوه مرسي.
بيبن :
مافيش أودة غير دي.
الخادمة :
مافيش إلا أودتي أنا.
بيبن :
لازم أودتك دي دفا عن هنا، تعالي وريهالي تعالي.
الخادمة :
حاضر، اتفضل (تخرج وبيبن) .
كلاريت :
يا حفيظ دنا تعبت قوي، الله يكون في عون الرجالة، لا لا شغلة العسكرية دي ماتوافقش الستات أبدا.
الخادمة :
اتفضل من هنا يا حضرة السواري.
كلاريت :
إيه فيه إيه؟
ميشونيه :
آه، بنوا.
كلاريت :
ميشونيه.
الخادمة :
إنتو تعرفوا بعض؟
ميشونيه :
إلا نعرف بعض، قوي.
الخادمة :
كويس خالص. بقى حضرته معاه تصريح علشان ينام هنا الليلة، واحنا ماعندناش فاضي إلا الأودة دي.
كلاريت :
الأودة دي موش فاضية، أنا خدتها علشان أنام فيها.
ميشونيه :
طيب وماله ، ما دام اصطلحنا مفيش مانع إننا ننام الليلة دي سوا.
الخادمة :
دا حتى أحسن، لما تناموا مع بعض، تدفوا بعض أكتر.
كلاريت :
لا لا، موش ممكن.
ميشونيه :
موش ممكن ليه يا أخي؟
الخادمة :
طيب وحانعمل إيه؟ إنت ماعندكش تذكرة تصريح علشان تنام هنا، لكن جنابه معاه.
ميشونيه :
إيه؟ مامعكش تصريح كمان؟!
كلاريت :
لا معاي، لكن علشان أنام عند واحد خياط، ولما رحت لقيته منيم العساكر كلهم في أودة واحدة؛ فاضطريت إني أجي أنام هنا.
ميشونيه :
لكن أنا التصريح بتاعي إني أنام في البيت ده، تقوم إنت تمنعني؟
كلاريت :
وأنا يستحيل أفوت الأودة دي.
ميشونيه :
يا سلام، دا تلم قوي بنوا ده، الغاية مرسي يا مدموازيل، اتفضلي انت.
الخادمة :
طيب اتفقوا مع بعض (تخرج) .
ميشونيه :
أنا ماكنتش منتظر أبدا إنك حاتكون الليلة زميلي في النوم.
كلاريت :
يعني أنا اللي كنت منتظر!
ميشونيه :
أقول لك الحق، أنا موش مبسوط من نومي وياك.
كلاريت :
ولا أنا.
ميشونيه :
أيوه؛ لأن القلم اللي ضربته لي، لسه بيحرقني لحد دلوقت.
كلاريت :
يا سيدي سيبك، اللي فات مات.
ميشونيه :
لك حق، المسامح كريم، وحيث إننا حانسافر بكرة الساعة 6، الأحسن إننا ننام من دلوقت (يقلع هدومه) .
كلاريت :
إيه، إنت بتعمل إيه؟
ميشونيه :
باعمل إيه؟ باقلع هدومي.
كلاريت :
بتقلع قدامي ماتختشيش؟!
ميشونيه :
ألا اختشي دي كمان! ياله يا شيخ اقلع هدومك انت راخر.
كلاريت :
أقلع؟ أقلع قدام راجل يستحيل!
ميشونيه :
قدام راجل؟ أمال عايز تقلع قدام مرة؟! هاهاها.
كلاريت :
ميشونيه، احفظ مركزك.
ميشونيه :
بلاش كلام فارغ، أنا بدي أنام.
كلاريت :
الحق علي اللي فت بيت الخياط، وجيت هنا.
ميشونيه :
بنوا.
كلاريت :
مالك؟
ميشونيه :
جرى لك إيه يا أخي؟ إنت حتنام والا لأ؟ ياله أن كنت حاتنام، تعالي نام من جوه، وأنا علشان خاطرك حنام من الناحية دي، مبسوط يا سيدي؟
كلاريت :
لا مرسي أنا موش جاي لي نوم الليلة، ويمكن إذا نمت جنبك موش حاتعرف تنام، وعلشان كده أنا حاقعد على الكرسي ده، لحد ما يطلع النهار.
ميشونيه :
على كيفك بنسوار (ينام)
يا سلام الدنيا برد قوي، ما تيجي يا أخي ندفي بعض مايبقاش عقلك فارغ، تعالى السرير واسع أهه يسعنا إحنا الاثنين.
كلاريت :
لا مرسي، خد راحتك انت، أف، يا سلام فيه ريحة وحشة هنا، أما أفتح الشباك ده، علشان تطلع منه الريحة (يفتح الشباك) .
ميشونيه :
إيه ده، أنت بتعمل إيه؟!
كلاريت :
بافتح الشباك علشان فيه ريحة بطالة هنا.
ميشونيه :
إنت عاوز تجيب لي الزكام (يعطس)
كده يا سيدي عجبك، من فضلك أقفل الشباك.
كلاريت :
يعني عاوز تموتنا فطيس.
ميشونيه :
أوه، دا شيء موش كويس، شيء يضايق، أنا موش عاوز إن الشباك ده ينفتح، فاهم والا لأ (يقفل الشباك) .
كلاريت :
إيه المضايقة دي.
ميشونيه :
خلينا أصحاب، تعالى نام بدال ما تقعد تقلق منامي.
كلاريت :
أنا ما أحبش أنام ويا حد في سرير واحد.
ميشونيه :
طيب يا سيدي، اتفضل حضرتك نام في السرير لوحدك.
كلاريت :
وانت؟
ميشونيه :
أنا حانام على الكرسي ده، أقله أخلص من دوشتك.
كلاريت :
طيب، إذا كان كده معلهش، أنا حتى حانام بهدومي (تنام) .
ميشونيه :
أما مصيبة دي، بقى الواحد ينام على كرسي وفيه سرير للنوم، لا أنا لازم أشتكي للقومندان، لو كانت الدنيا حر، كان معلهش، إلا الدنيا برد والواحد مثلج (يعطس)
أهه كده، مانيش خالص من الزكام في سنتي، لا سيبك، أنا حاطلع أنام في السرير جنبه ... أيوه أهه نام.
كلاريت :
يا خبر، إيه ده حرامي!
ميشونيه :
لا لا دانا.
كلاريت :
إنت، ياللا انزل من السرير بلاش مسخرة (تدفعه فيقع على الأرض) .
عثمان (ينظر) :
إيه، كلاريت! (يخرج) .
كلاريت :
أما أروح أشوف لي أودة ثانية أنام فيها (تخرج) .
ميشونيه :
أنا مالي، يا سلام، أهه أنا دلوقت حنام حتة دين نومة، ولا ضرب المدافع يصحيني.
عثمان :
أيوه هي الأودة دي مظبوط، هي نامت والا إيه؟ أصحيها؟ أما إذا صحيتها حايبقى حتة دين مناورة، قبل كل شيء نبوس إيدها الحلوة أولا، والا أحسن نبوسها هي علشان تبقى مباغتة عظيمة (يقبل ميشونيه) .
ميشونيه :
إيه ده، إيه ده، الفيكونت ؟!
عثمان :
ميشونيه؟ إنت بتعمل إيه هنا؟!
ميشونيه :
أنا نايم يا جناب الفيكونت.
عثمان :
فين بنوا أمال؟
ميشونيه :
بنوا راح يشوف له أودة ثانية ينام فيها؛ لأنه مارضيش ينام جنبي.
عثمان :
طيب من فضلك روح شوفه لي أحسن عاوزة.
ميشونيه :
يعني إن لقيته نايم أصحيه؟
عثمان :
أيوه.
ميشونيه :
الغاية أما أستعد للروسيات وأمري لله، أقول لك أنا حانده له من هنا أحسن، إنت يا بنوا، يا مسيو بنوا.
كلاريت :
إيه مالك؟ فيه إيه؟
ميشونيه :
لا بس، دا الفيكونت عاوزك.
كلاريت :
الفيكونت!
عثمان :
أيوه تعالى لي يا بنوا أحسن أنا عايزك.
ميشونيه :
عن إذنك أنا راح أنام ثاني.
عثمان :
حايضايقنا البقف ده ... إنت إزاي تنام كده يا بارد، وتسيب ولد شاب زي ده من غير نوم؟
ميشونيه :
وأنا حاعمل له إيه، ما قلت له تعالى نام جنبي مارضيش.
عثمان :
لكن دا موش ذوق، إنت لازم تسيب له السرير، وتروح تشوف لك محل ثاني تنام فيه.
ميشونيه :
زي بعضه، يتفضل ينام، أنا أروح أنام لي على كرسي في الأودة الثانية دي، القصد أنام والسلام (يخرج) .
عثمان :
كلاريت إيه الرأي؟ عاجبك كده؟ يخلصك الحالة اللي فيها دي؟ دا موش كويس، أنا لا باكل، ولا باشرب، ولا بانام.
كلاريت :
أحسن، علشان أنتقم منك.
عثمان :
لكن أنا خايف لتنكشف العبارة، وتبقى فضيحة.
كلاريت :
أحسن.
عثمان :
أحسن بعدين يحبسوك، ودا يبقى عيب في شرفي.
كلاريت :
برافو، وأنا عاوزه كده.
عثمان :
عاوزه كده إزاي، عايزة تحطي في شرفنا رقعة طول العمر، الناس تقول إيه؟ مراة الفيكونت فيفاريل اتجننت، دا شيء موش كويس أبدا.
كلاريت :
ويعني إذا الشيء دا حصل، يغيظك قوي؟
عثمان :
طبعا يغيظني قوي.
كلاريت :
وأنا عاوزه اللي يغيظك قوي.
عثمان :
ما بيغظنيش، ولافيش لزوم.
كلاريت :
ويعني انت كان فيه لزوم، لما وزعتني على بيت خالتي، وخدت لك متريسة تقعد وياك ثمانية وعشرين يوم.
عثمان :
أنا ماعنديش متريسة، دي هي الملعونة اللي خدت لها متريس.
كلاريت :
برضه، وأنا لازم أجرسك وأهتكك، علشان تعرف إن اللي يخون مراته اللي يجرى عليه.
عثمان :
عندك حق، ولكن أرجوك تسامحيني .
جيبار :
يا خواتي الخوتة اللي جنبنا دي، الواحد موش عارف ينام له شوية؟ أمال عثمان فين؟
عثمان :
اعملي معروف اقلعي الهدوم دي، والبسي هدومك ومن بدري روحي عند خالتك في انجوليم.
جيبار :
الله، ده زي صوت عثمان ... مظبوط هو ووياه المتريس بتاعتنا إحنا الاثنين.
عثمان :
كلاريت، أنا في عرضك (يخرج مسرعا) .
كلاريت :
مستحيل باقول لك.
عثمان :
كلاريت، بصفتك عسكري، وأنا باشجاويش، أأمرك.
كلاريت (تضحك) :
طيب يا سيدي، أسمع أوامرك العسكرية اللي تختص بالخدمة بس، ولكن الأوامر اللي خارجه عن الخدمة، يستحيل أنفذها.
عثمان :
طيب أربع تيام حبس وياي في أودة واحدة.
كلاريت :
إنت اتجننت والا إيه؟!
عثمان :
بعدين تشوفي، أنا لازم أفرجك.
جيبار (داخلا) :
الله! إنت مجنون والا إيه؟ بتهدد واحدة ست، أنا لازم أجعل الست دي تحت حمايتي.
عثمان :
لا يا جيبار ماتتداخلش من فضلك، أنا مافيش عندي غير كلمة واحدة أقول لها لك، العمل اللي بتعمله ده عمل سافل.
جيبار :
بس بلاش كلام فارغ، أنا لازم أحميها لأنك أنت ما تعرفش قيمتها.
كلاريت :
أما قليل الأدب (يضرب جيبار بالقلم) .
ميشونيه :
إرمي، بيقلم كمان لواحد ظابط، يا بوليس، يا عسكر يا جماعة يا اللي معانا (يمنعه جيبار وعثمان من الصريخ) .
كلاريت :
إخص، أنا عملت كده ليه؟
جيبار :
ما تسكت يا أخي، إنت حد ضربك يا بارد.
ميشونيه :
لا بس انت صعبان علي.
بيبن (يدخل ومعه جندي) :
إيه جرى إيه يا جماعة؟
عثمان :
مافيش حاجة.
جيبار :
أيوه مافيش حاجة أبدا.
ميشونيه :
لا يا جناب اليوزباشي، دا العسكري بنوا ضرب الظابط جيبار بالقلم.
بيبن :
ضرب جيبار؟ صحيح يا جيبار؟
عثمان :
لا أبدا ... أنت حسيت بحاجة يا عزيزي؟
جيبار :
أبدا.
ميشونيه :
إزاي ده؟! دنا شايفة بعيني، وسامع رنته بودني، أما غريبة!
بيبن :
كويس، ياله خدوه احبسوه في الكشك اللي في الجنينة.
كلاريت :
إيه بتقول إيه؟ أنا أتحبس؟
بيبن :
يعني هو انت جعيص عالحبس ... ياله.
كلاريت :
إيه بتزق كمان؟ (تضربه) .
ميشونيه :
إخص كمان لزق اليوزباشي، عال، مابقاش فاضل إلا القومندان، يا شاويش (يدخل الجميع ويقولون اللحن الختامي) .
عثمان :
خير إيه جرى إيه الدوشة دي إيه
لازم تقولوا زعيقكم ليه
أوعك تقول إنه هنا
عند الجيران موش عندنا
داحنا في غاية الفرفشة
باين أهه على وشنا
جيبار :
ومنين تجينا العكننة
ودا شيء على يدي أنا
زي العسل مع بعضنا
ولا حد رايق زينا
بيبن :
ما ارجعش أنا عن فكرتي
في الأمر سر بذمتي
عساكر :
ظاهر عليكو بتنكروا
والمسألة فيها نظر
ظابط يغشوه عسكره
دا شيء ماكانش منتظر
ميشونيه :
سيدنا الفيكونت بزيه
ما تلطش بوكس في خلقته
عسكر :
إيه إيه صاحب المقام المعتبر
يحصل له تهزيء يا خبر
البقف دا اللي استلبخه لازم نوريه العبر
عثمان :
ماحصلش حاجة في جتتي
حتى اكشفوا على صحتي
النفر دا هو أقبضوا عليه
جرجروه لجوه كلبشم إيديه
الجميع :
له عقاب له عذاب
وقعته زي الهباب
سين وجيم تبقى الحكاية
زفت وتلبخ معاي
بس كان من اللي قال لك
تعملي لي له شاويشاية
يا حبيبتي يا ضناية
سلطة ملطة والنهاية
الجميع :
شقلي بقلي هيلا هيه
طوله طبره ايلريه (انتهي الفصل الثالث.)
الفصل الرابع
زيح الهم بشرب الكاس
وإنجلي مايهمكش الناس
اللي يغني يعيش متهني
واللي يحبكها ينداس
أدي الوسكي وأدي البيرة
ياله نفرفش ياله نزيط
حتة نتفة هيصة كبيرة
يلزمها رقص وتنطيط
ساعة للقلب وساعة للجيش
خفف عن نفسك بشويش
إبسط روحك واترك نوحك
دي الدنيا لا فيش ولا عليش
زي ما توفي حق السيف
والعمر تضحية علشانه
افهم إن الحظ دا كيف
وأهه آن لك دلوقت أوانه
اسكر وافرح وارقص وامرح
دا التفريح الرك عليه
بيبن (بعد اللحن داخلا) :
هيه يعني عايزين تفضلوا تفلقوا في قلبكم لحد ما يجي ميعاد السفر، مايبقاش فيكم نفس، ولا تقدروش تسافروا.
عثمان :
والله لك حق، خلي كل واحد في غلبه، بلا مغنى بلا كلام فارغ.
ميشونيه :
ليه يعني؟ هو التفريح حرام؟
عثمان :
ما هو لو كان جرى للست بتاعتك حاجة، ماكنتش تقول كده.
جيبار :
أيوه، ماهو حكم الفيكونت عثمان جاله خبر إن الست بتاعته عيانة شوية.
عثمان :
أيه، هي عيانة كمان؟ موش بزيادة الحبسة اللي هي محبوساها.
بيبن :
إيه، الست بتاعتك محبوسة؟
جيبار (لعثمان) :
إيه ده، إنت بتخرف بتقول إيه؟
عثمان :
إخص، دنا من قلبة كياني نسيت.
جيبار :
طيب أسكت بقى أما اصلح لك المسألة.
عثمان :
لا في عرضك ماتصلحش، بزيادة اللي صلحته.
بيبن :
مالكم بتقولوا إيه؟
عثمان :
لا بس الست بتاعتي من زعلها على سفري، حبست نفسها في البيت للسبب ده، مالهاش كيف شوية، عيانة.
بيبن :
يظهر إنك متجوزها جديد يا فيكونت؟
عثمان :
بقى لي شهر بس.
بيبن :
هاهاها عريس جديد، لها حق تزعل. ودلوقت ياله عالبوفيه اللي عاملاه البارونة صاحبة القصر ده.
ميشونيه :
بس أنا صعبان علي بنوا اللي محبوس في الكشك ده.
الخادمة :
والله صحيح مسكين، صعبان علي قوي.
بيبن :
إبقوا ارقصوا وغنوا في حتة ثانية علشان ما ياخدش على خاطره.
الخادمة :
ودلوقت اتفضلوا على البوفية.
عثمان :
والله لانا عاوز بوفية ولا كلام فارغ.
بيبن :
خليك انت هنا يا ميشونيه، أحسن أنا عايزك.
ميشونيه :
الله الله! اشمعنى أنا ... خير يا حضرة اليوزباشي.
بيبن :
امسك وردية بدال بوارد.
بوارد :
أيوه تعالى استلم علشان ألحق لي حاجة، قبل إخواتنا ما يشطبوا عالبوفية.
ميشونيه :
لكن دي موش نوبتشيتي، أنا كنت ديدبان الصبح.
بيبن :
ماتعارضش، امسك وردية الديدبان باقول لك، وخلي بالك من الكشك ده اللي محبوس فيه العسكري بنوا.
بوارد :
أيوه استلم يا خوي، خليني أشوف شغلي في البوفية.
ميشونيه :
لكن ...
بيبن :
بس اخرس، وفتح عينك طيب لأن جناب القومندان جاي هنا دلوقت يحقق ويا العسكري بنوا، وقليل إن ما حكم عليه بضرب الرصاص.
ميشونيه :
ضرب الرصاص!
بيبن :
أيوه ما هو انت السبب، لأنك انت اللي كبرت الحكاية.
ميشونيه :
خبر إسود، بالرصاص بالرصاص!
بيبن :
الله، جرى لك إيه؟
ميشونيه :
يا جناب اليوزباشي، موش مصيبة دي.
بيبن :
أمال عايز عسكري زي ده، يتعدى على رئيسه ولا يتجازاش، إمسك بندقيتك، أقف زي الناس، بلا كلام فارغ (يخرج مع بارو) .
ميشونيه :
يا سلام يضربوه بالرصاص وأنا السبب، بقى علشان قلم بسيط، من تغفيلي أكون السبب في مصيبة الشاب ده، إخص علي، بهيم، حمار، مغفل، جبان (يبكي) .
الخادمة (داخلة) :
الله الله! مالك بتعيط ليه؟
ميشونيه :
اعملي معروف تعالي ساعديني.
الخادمة :
أساعدك؟ عاوزني أعيط وياك.
ميشونيه :
لا، ساعديني على خلاص روح من الخطر، من الإعدام.
الخادمة :
آه، ما دام فيها خلاص روح، أنا أساعدك بكل ممنونية.
ميشونيه :
عظيم، ياله بقى اقلعي هدومك.
الخادمة :
هدومي! أبدا يستحيل.
ميشونيه :
طيب شوفي لي أي بدلة حريمي عندك.
الخادمة :
بدلة حريمي! تعمل بها إيه؟
ميشونيه :
علشان يلبسها بنوا ويهرب، قبل ما يبندقوا عليه.
الخادمة :
يبندقوا عليه؟
ميشونيه :
حياته دلوقت في هدومك، اعملي معروف هاتي لي البدلة اللي قلت لك عليها.
الخادمة :
حالا يا مسيو، مسكين بنوا مسكين (تخرج) .
ميشونيه :
أنا مقايس على كل حاجة، أحسن ما أكون السبب في إعدام شاب جميل زي ده، أما أفتح الكشك اللي هو فيه ... بنوا، إنت يا بنوا.
بنوا :
جرى إيه؟
ميشونيه :
إنت عاوز تخلص؟
بنوا :
علشان إيه؟
ميشونيه :
علشان إيه! علشان تخلص (صوت)
آه حد جاي.
الخادمة :
اتفضل يا مسيو، أدي بدلتي اللي بالبسها يوم الحد.
ميشونيه :
أوه مرسي، أما أديها له بقى ... بنوا، ياله قوام البس الهدوم الحريمي دي علشان تهرب قبل ما يحكموا عليك بالإعدام ... آه يا مدموازيل الجميل اللي عملتيه ويانا ده تستحقي عليه كل الشكر.
الخادمة :
لا العفو يا مسيو دا واجب (تخرج) .
ميشونيه :
الله راحت فين! إخلص يا بنوا.
عثمان :
آه ميشونيه.
ميشونيه :
خبر أسود.
عثمان (على حدة) :
يظهر البقف ده حايضايقنا، وموش حايمكنا نهرب صاحبتنا، إنت بتعمل إيه هنا؟
ميشونيه :
أنا يا حضرة الباشجاويش ديدبان وحارس على بنوا.
عثمان :
لا مافيش لزوم.
جيبار :
أيوه مافيش لزوم. روح انت لأننا حانخش وياه في سين وجيم.
عثمان :
ونون كمان، ياله حصل أصحابك، خد لك حاجة عالبوفية.
ميشونيه :
واعمل إيه في صاحبنا ده اللي لبسته مرة جوه؟ لكن دا اليوزباشي اللي كلفني إني أنفذ الأوامر، أربع تيام.
جيبار :
بتعصى الأوامر؟ أربع تيام ...
ميشونيه :
لا لا مافيش لزوم، أديني رايح، مسكين بنوا موش حايعرف يهرب، لا والمصيبة الثانية إنهم حايلاقوه لابس مرة، نهايته أمره لله (يخرج) .
عثمان (لكلاريت) :
ياله تعالي اهربي دلوقت حالا.
حيبار :
أيوه اخرجي قوام، أنا جيبار، ومعاي الفيكونت عثمان.
كلاريت :
نعم عاوزين إيه (تدخل بملابس نسائية) .
جيبار :
إيه دا؟
عثمان :
جبت الهدوم دي منين؟
كلاريت :
ميشونيه اللي اداهم لي، وأنا افتكرت إنكم أنتم اللي باعتينه بيهم.
عثمان :
طيب ياله اهربي قوام.
كلاريت :
لا موش عاوزه أهرب، علشان أنتقم منك، واثبت لهم في المجلس العسكري إني أنا ست موش راجل، وافضحك قدامهم علشان خيانتك لزوجتك يا خاين.
جيبار :
لها حق يا أخي، ما دام زوجتك جات لك، كان لازم تعمل ترتيبك، وماتخليش رخره تجيلك وتبهدل نفسها بالشكل ده.
عثمان :
الله! إيه الكلام الفارغ ده؟
جيبار :
دنا بس باصلح لك المسألة.
عثمان :
بزيادة التصليح.
كلاريت :
تستاهل كل اللي يجرى لك.
عثمان :
بس اهربي، وبعدين أفهمك.
كلاريت :
تفهمني إيه؟ أنا فاهمة كل حاجة، ولازم حانتقم منك بشكل ثاني.
عثمان :
شكل ثاني!
كلاريت :
حاتشوف بعدين، ودلوقت أديني حاخرج من هنا أروح بيت ماما أستنى عندها.
عثمان :
أيوه ياله، وأنا محصلك.
كلاريت :
لا أبدا، أنا موش عاوزاك تحصلني (تخرج) .
جيبار :
تحصلها إيه يا أخي، إنت حاتكوش على نسوان البلد كلها.
عثمان :
يا خواتي أنا حاتجنن يا هوه!
جيبار :
دلوقت بقينا في بنوا، نعمل إيه وياه؟
عثمان :
نعمل إيه؟ نحبسه مطرحها.
بنوا (يدخل) :
ماحدش شاف حضرة الظابط جيبار، آه أهو جنابه أهو.
عثمان :
إنت إزاي خرجت من السجن؟
بنوا :
أنا عارف هم سيبوني الصبح وجابوني مع الفرقة الثانية، ولما طلبت جناب القومندان قال لي روح للظابط جيبار.
جيبار (لعثمان) :
وهي فين بدلته؟
عثمان :
يعني ما انتاش عارف؟ أهي في الكشك.
جيبار :
أيوه صحيح ... بدلتك في الكشك، ياله قوام روح البسها.
بنوا :
مرسي.
عثمان :
أنا لازم أروح أحصل كلاريت.
برنسيس (تدخل) :
آه أديني لقيتك.
جيبار :
أش وادي مراته الشرعية جات ثاني.
برنسيس :
إن شاء الله تكون مبسوط من الفسحة دي يا فيكونت.
عثمان :
مبسوط قوي، وخصوصا من تصليح صديقي جيبار.
جيبار :
أوه، ده مبسوط قوي بدون شك.
عثمان :
بس عن إذنك يا حبيبتي، علشان علي واجب في الخدمة ولازم أأديه دلوقت.
برنسيس :
لا إستنى من فضلك، أحسن عاوزه أتكلم وياك.
عثمان :
تتكلمي وياي؟
برنسيس :
أيوه، أنا عايزة منك تفسير عن الست دي اللي كانت لابسة عسكري، وعملت الدويللو.
جيبار (على حدة) :
إخص مراته رخره عرفت.
عثمان :
ست إيه يا ستي؟ دا العسكري بنوا اللي عمل الدويللو.
برنسيس :
ولكن مع الأسف بنوا ده كان واحدة ست.
عثمان :
وأنا مالي، مين قال له يبقى واحدة ست.
برنسيس :
أسكت، أنا عارفة كل حاجة، دي المتريسة بتاعتك.
جيبار :
هيه شفت إن الست بتاعتك عارفة الحقيقة زيي.
عثمان :
يا سيدي بس اتلهي واسكت.
برنسيس :
ولا تخشتيش إنك تدخل المتريسة بتاعتك في أورطة زي دي كلهم تحت السلاح؟!
جيبار :
إخيه على كده.
عثمان :
إخيه عليك وعلى معرفتك.
برنسيس :
ودلوقت حيث إني عرفت كل حاجة، لازم أنتقم منك.
عثمان :
الله ينتقم منكم يا بعدا (يدخل القومندان) .
جيبار :
إخص جناب القومندان.
القائد :
هيه، أنا جيت دلوقت علشان أبتدي في التحقيق مع بنوا.
جيبار وعثمان :
آه، إتوحلنا.
القائد :
حط الترابيزة هنا، وحط الأوراق عليها، واقعد علشان تكتب.
ميشونيه :
حاضر.
برنسيس :
جناب القومندان جاي يحقق مع بنوا؟
القائد :
أيوه؟
برنسيس :
وإيه اللي عمله بنوا علشان تحقق وياه؟
القائد :
متهم بأنه امبارح ضرب جماعة من الظباط والصف ظباط، ومن ضمنهم الفيكونت.
برنسيس :
يستاهل، مين قال له ياخد له متريس زي دي.
القائد :
بقى بنوا ده يبقى المتريس بتاعتك يا فيكونت؟
عثمان :
لا يا جناب القومندان، أنا مجنون لما أخلي المتريس بتاعي راجل بقف زي ده.
برنسيس :
هو إيه الكلام دا؟ دا بنوا اللي عندكم ده، واحدة ست موش راجل.
القائد :
عجيبة، بقى بنوا ست موش راجل؟!
برنسيس :
أيوه ست.
القائد :
طيب وازاي عرفت إنه ست؟
برنسيس :
لأنه امبارح لما أغمى عليه بعد الدويللو، فكيت له صدره، لقيته ست موش راجل.
ميشونيه :
بقى المبارزة اللي كنت حاموت فيها دي، كانت مع واحدة ست، ياريتني موت فيها.
القائد :
بقى صحيح اللي بتقوليه دا يا مدام؟
برنسيس :
أيوه وشرف جناب القومندان.
عثمان :
لا يا جناب القومندان دي بتهزر، بلاش الهزار البارد ده.
القائد :
أسكت أنت؛ لأن دي جريمة فظيعة، ولازم أحققها بنفسي، خليك انت هنا يا مدام لحد ما نطلبك.
برنسيس :
حاضر يا جناب القومندان.
القائد :
جيبار، هات المسجون هنا حالا.
جيبار :
إيه العمل دلوقت؟
القائد :
باقول لك هات لي حالا بنوا.
بنوا :
بنوا حاضر يا افندم (يخرج من الكشك بملابس عسكرية) .
القائد :
آه.
ميشونيه :
الله! دا موش بنوا، دا صاحبنا الحلواني اللي اتخانقت وياه في دكان البرانيط.
القائد :
اتقدم شوية.
بنوا :
حاضر.
القائد :
أيوه صحيح الست لها حق، دا موش بنوا أبدا.
ميشونيه :
ودا كان بيعمل إيه في الكشك يا خوي.
بنوا :
بردون يا جناب القومندان.
القائد :
مظبوط دي سحنة مرة موش راجل، اسمع يا بنوا.
بنوا :
جناب القومندان.
القائد :
لازم تفهم إني أنا عرفت كل شيء.
بنوا :
لكن الغلطة موش غلطتي يا جناب القومندان؛ لأني لما اتخانقت في دكان البرانيط ...
القائد :
برانيط! طيب، وإيه اللي خلاك تعملي كده؟ موش عيب بصفتك ست، تعملي عمل زي ده؟!
بنوا :
إيه، أنا واحدة ست؟!
عثمان :
أيوه انت ست يا أخي.
القائد :
وعارفة انت معرضة نفسك لإيه؟
عثمان :
أيوه عارفة انت معرضه نفسك لإيه؟
القائد :
للسجن، علشان لبست بدلة رسمية بغير وجه قانوني.
بنوا :
إزاي ده؟! أنا عسكري تحت السلاح يا جناب القومندان.
القائد :
بقى انت حاتفضلي مصممة إنك راجل؟
بنوا :
أما غريبة دي، أيوه أنا راجل!
عثمان :
قال بتخشن حسها، علشان نقول إنها راجل.
القائد :
إنت غلطانة.
عثمان :
غلطان قوي.
جيبار :
معلوم غلطان قوي.
بنوا :
غلطان اللي أنا راجل؟!
القائد :
تعرفي إذا كنت راجل زي ما بتقولي، لازم تموت رميا بالرصاص.
عثمان :
أيوه بالرصاص والطوب والبطاطس اللي عنده في الدكان.
بنوا :
بالرصاص؟
القائد :
لازم نحاكمك لتعديك على الظباط اللي ضربتهم، وعضك عشيقك كمان.
بنوا :
أنا لي عاشق وعضيته كمان؟
القائد :
أيوه امبارح بالليل.
ميشونيه :
أيوه أما نطول في التحقيق شوية، على بال صاحبنا ما يكون فك ... أيوه قدامي، أنا شاهد.
بنوا :
شاهد؟ ومين هو العاشق اللي عضيته ده؟
عثمان :
الفيكونت اللي قدامك ده.
بنوا :
لكن أنا ما اعرفش حضرته أبدا.
ميشونيه :
أسكتي يا الغبرة.
عثمان :
أسكتي يا عضاضة الغبرة، يا نطاحة.
القائد :
وانت ما تعرفهاش يا فيكونت؟
عثمان :
لا بس معرفة بسيطة كده، ما كانتش تصل للرفصان والعضضان والنطحان.
القائد :
اعترفي أحسن لك.
عثمان :
أيوه أحسن لك من ضرب الرصاص.
جيبار :
أيوه أحسن من الإعدام.
بنوا :
إعدام! لا أنا أعترف لكو باللي أنتو عايزينه.
عثمان :
أيوه أحسن.
جيبار :
أحسن قوي.
القائد :
اكتب يا ميشونيه، بقى الفيكونت عثمان هو اللي غواك؟
بنوا :
أيوه، هو اللي غواني.
القائد :
غواك ازاي؟ احكي لنا الحكاية.
بنوا :
حاقول لدول إيه دلوقت؟
عثمان :
دا شيء في غاية البساطة، خلي صوتك ستاتي.
بنوا :
أصل الحكاية يا جناب القومندان، أنا كنت ماشية في الشارع، النبي ما تغلب لك ولية، ولا يتيم لك ذرية، وتنعزم في فتحة وتاكل مهلبية، وتترقى وتشتغل في الكهربائية.
القائد :
إيه ده يا ولية؟!
عثمان :
وبعدين جنابه قال له يا مدموازيل أما أقول لك، وبعدين أنا سمعت اللي قاله لي.
بنوا :
وبعدين أنا سمعت اللي قاله لي.
القائد :
وقال لك إيه؟
عثمان :
قال لي تيجي تتغدي وياي يا كتكوتة.
بنوا :
قال لي تيجي تتغدي وياي يا كتكوتة.
عثمان :
وبعدين قلت له بكل ممنونية يا كتكوت.
بنوا :
وبعدين قلت له بكل ممنونية يا كتكوت.
عثمان :
أديك سمعت الحكاية يا جناب القومندان، حيث إن اللي ضربته واحدة ست أظن مافيش لزوم.
جيبار :
مافيش لزوم إيه، وشرفنا العسكري نوديه فين، لما ولية زي دي تضربنا كلنا.
عثمان :
أنت لسه حاتصلح ثاني؟!
القائد :
أيوه صحيح، دي دلوقت منسوب لها تلات تهم؛ أولا: تعديها بالضرب والرفس. ثانيا: لبسها ملابس عسكرية. ثالثا: لأنها كانت تبقى أجمل من كده لو فضلت ست.
بيبن (داخلا ) :
يا جناب القومندان.
القائد :
إيه فيه إيه؟
بيبن :
ضبطنا بنوا خارج من هنا، وهو لابس ملابس واحدة ست.
القائد :
هو فين؟
بيبن :
أهم جايبينه أهم.
كلاريت :
سيبوني باقول لكم (تدخل وخلفها جنديان) .
القائد :
مظبوط، أهه دا العسكري بنوا اللي حكمت عليه بخمسطاشر يوم نوبتشية أما كويس خالص، هو لابس ست، والست لابسة عسكري؟
كلاريت :
لا أبدا، أهه دا بنوا الحقيقي، وأنا مايصحش أتحاكم قدام مجلس عسكري لأني ست. أنا كلاريت مراة الفيكونت عثمان.
ميشونيه :
مراة الفيكونت!
جيبار :
معذورة، عاوزه تخلص نفسها، حاتقول إيه غير إنها مراته.
عثمان :
يا جدع فرستني!
القائد :
صحيح يا فيكونت الكلام ده؟
عثمان :
أيوه للأسف يا جناب القومندان.
القائد :
أمال مين الحرمة دي؟!
كلاريت :
أهه دا بنوا، وأنا خدت اسمه وحليت محله علشان أنتقم من جوزي.
القائد :
بقى المغفل دا هو بنوا الحقيقي.
بنوا :
آه، بنوا.
القائد :
أمال ليه بتقول إنك واحدة ست؟
بنوا :
علشان يعجبكم.
القائد :
إخص الله يخيبك، أربع تيام حبس، ياله خدوه.
بنوا :
هو أنا حاقضي الثمانية وعشرين يوم كلهم في السجن (يخرج بالعساكر) .
عثمان (لكلاريت) :
عجبك كده؟ مبسوطة من الجرسة دي؟
كلاريت :
بالطبع.
برنسيس (داخلة) :
آه، دا بنوا أهه، اسمع يا بنوا.
كلاريت :
لا يا مدام، أنا موش بنوا، أنا واحدة ست.
برنسيس (لعثمان) :
شوف ازاي ظهر إنها واحدة ست.
كلاريت :
والست بتاعته، يعني مراته، فهمت يا مدام؟
جيبار :
ياخي بزيادة ماتطلعش فيها بقى، إنت بتقول مراته، قدام مراته الشرعية كمان؟
برنسيس :
يالأسف يا مسيو أنا موش مراته.
عثمان :
صدقت؟
جيبار :
إنتو بتقولوا إيه؟
كلاريت :
باقول إني أنا زوجته الحقيقية.
جيبار :
غريبة! وانت ازاي يا أخي مافهمتنيش من الأول إنها مراتك.
عثمان :
يخرب بيتك، كل دا ولا فهمتكش، وأنا قايل زيادة عن ميت مرة، دانت نازل في تصليح لما هريتني.
جيبار :
أوه، لا أنا أعتبر إنك خنتني يا فيكونت.
كلاريت :
وخاني أنا كمان (تبكي) .
برنسيس :
وأنا كمان، مافيش قدامي دلوقت غير كوني أرمي روحي في البحر.
جيبار :
لا أوعي خسارة، بس طولي بالك، وأنا أصلح لك المسألة.
عثمان :
أيوه، خليه يصلح لك، الأسطى دا راجل طيب، وإيده خفيفة. بردون يا مراتي، سامحيني علشان خاطري.
كلاريت :
لا أبدا.
القائد :
بقى المسألة فيها جريمة وأنا بنفسي حكمت فيها، تعالوا كلكم (يدخل الجميع)
حيث إنه ظهر من التحقيق إن المسألة سوء تفاهم عائلي، حكمت أنا القائد بأن الزوجة تسامح زوجها.
جيبار :
أمر القائد لازم ينفذ.
كلاريت :
والعسكري واجب عليه الطاعة.
عثمان :
آه يا مراتي.
الجميع (يقولون اللحن الختامي للرواية) :
أديك يا عثمان بعد جهاد
طلعت متهني بمراتك
سوء التفاهم مهما زاد
رجع ظهر بركة نياتك
تعيش لنا وتجيب أولاد
وربنا يبارك في حياتك
وأدي 28 يوم
فيها مزايا تفيد القوم
التمثيل أفضاله عديدة
بس الرك على الإصلاح
الأمة تصبح به سعيدة
والشعب ينول كل نجاح (انتهت الرواية بحمد الله.)
رواية أبو زعيزع
تأليف بديع خيري وحامد السيد، العرض الأول بتاريخ 30 / 9 / 1926
الفصل الأول
المنظر الأول (منظر ميدان خارج مدينة روما، فريد 100 ولان الإمبراطور، بيتريك، شوب، تراك.)
لحن
النهارده جميل كده ليه
صدفة من دون الأيام
والنسيم يا حلاوة عليه
شيء في غاية الرقه تمام
الزهور ضاحكة لنا والفؤاد متهني
والطيور جايالنا ع الغصون بتغني
لا وتنادينا هيصوا واتمتعوا يا أحبة
ياللا بنا ننبسط ونزقطط حبة
ده الشباب أيامه هنية
ساعة منه بمقدار مية
والهنا والفرفشة من غيرهم
الحياه مالهاشي مزية
إيه يفيد الهم يا ناس
كل شغل الدنيا لا رنجة
لم يفوز غير الهلاس
اللي تنه ضاربها طبنجة
يرحم أيام الشبوبية
فاتت زي الأحلام
العمر مافيهشي إلا هي
دي سحابة تمر قوام
ركك على تقل الجيب
والعبرة بكتر المال
هوا اللي يداري العيب
ويخللي القرد غزال
هاتشكو هاتشكي
هاتشكوا هاتشكي (يخرجون بعد اللحن.)
فريدولان :
أيوه أهم انصرفوا، إيه رأيكم بقى يا جماعة؟
الجميع :
في إيه يا مولاي؟
فريدولان :
في تغيير هيئتي بالشكل ده، أظن دلوقتي لو شافني أي شخص من الرعية موش ممكن يعرفني أبدا إني أنا الإمبراطور فريدولان الرابع والعشرين.
تراك :
طبعا يا مولاي، مع التنكر الغريب ده يستحيل حد يعرفك أبدا، إنما بعد إذن سيادة فخامة لياقة زياقة سمو الإمبراطور بدي أعرف إيه السبب اللي خلى سموك تخرج من قصرك متخفي بالشكل ده؟
بيتريك :
أيوه صحيح يا مولاي، لأن ده شيء يهمنا ويجب إننا نفهم السبب.
فريدولان :
بكل تأكيد موش حاخبي عنكم حاجة، وطبعا إن ماكنتوش أنتم يا رجال حاشيتي تعرفوا أسراري حاقولها لمين غيركم.
تراك :
لا وخصوصا انت عارف قد إيه تفاني تداني محسوبية معلومية رئيس عسكرية حربية دولتكم.
بيتريك :
نعم ولا ننساش يا مولاي إخلاص محسوبكم، وما أظنش إن فيه محافظ قبل مني عينته سموك على مدينة روما وأظهر لك الطاعة والإخلاص أكثر من محسوبك.
شوب :
أما أنا يا مولاي، فإني أعتبر نفسي أحق من كل إنسان بمعرفة أسرارك الخصوصية.
فريدولان :
طبعا بصفتك المستشار الإمبراطوري (ضجة م الخارج)
إيه الزيطة دي؟
بيتريك (ينظر) :
ده يا مولاي الكونت كوفر خازندار الدولة.
كوفر (يدخل) :
ستة في ستة بستة وتلاتين، تنزيل 42 يبقى المطلوب ستة، يعني يلزمنا في خانة الإيرادات ستة علشان تبقى المسألة حاصل فارغ.
فريدولان :
إيه اللي وياك ده؟ وإيه هوا اللي حاصل فارغ؟
كوفر :
آه ده يا مولاي كشف بالمحصول والحاصل واللي حايحصل.
فريدولان :
أيوه أنا فاهم، ودلوقتي يا جماعة فيه قدامنا طريقة إذا تمت تصلح ميزانيتي ونخلص من الحالة اللي إحنا فيها دي.
بيتريك :
أيوه يا مولاي إحنا عارفين إنك اليومين دول خاطب بسلامتها ...
تراك :
الأميرة كليجرند بنت الأمير كراكرسين.
فريدولان :
مظبوط، وأهو النهارده جاني خبر من أبوها بإن المركب بتاعها قامت من عاصمة مملكته، ولازم الليلة دي توصل العروسه هنا.
شوب :
مبروك مقدما يا مولاي.
بيترك :
عقبال البكاري يا مولاي، ونتعشم إن سموك تملأ لنا القصر إمبراطورات صغيرين، وأظن تنكر سموك له علاقة بالموضوع ده.
فريدولان :
طبعا أنتو عارفين إن عوايدنا ما تسمحشي لأي إمبراطور من السلالة الرومانية بأنه يشرف خطيبته إلا بعد وصولها داخل قصره، وعلشان كده أنا غيرت ملابسي بالشكل ده .
شوب :
معلوم ده شيء متبع في الإمبراطورية الرومانية أبا عن جد (ضجة) .
فريدولان :
إيه ده؟
كوفر (ينظر) :
آه، ده يا مولاي مربيك سماح حكيم الدولة ومنجمها.
فريدولان :
آه المنجم يا حفيظ، قد إيه الراجل ده بيضايقني بنصايحه وكلامه الفارغ، ولولا أنه مربيني من الصغر وأبوي موصيني عليه قبل ما يموت كنت تخلصت منه بأي طريقة.
بيترك :
إنما يا مولاي ماتنساش إنه بيحبك قوي، وإن نصايحه اللي بتألم سموك دي مايقصدشي بها إلا منفعتك بس.
فريدولان :
بلا منفعة بلا زفت، هوا يعني مايعرفشي ينفعني إلا بكلامه الناشف ده؟!
بيترك :
من عشمه يا مولاي، هوا بيحبك نظرا لكون المرحوم والدك هوا اللي جلبه من بلاد السنغال، وهو اللي رباه وعلمه العلوم دي كلها.
سماح (من الخارج) :
إيه هو هنا؟ (يدخل)
آه إنت هنا يا مولاي.
فريدولان (بشدة) :
أيوه هنا.
سماح (لكوفر) :
الله الله، إيه ماله؟
كوفر :
أنا عارف.
سماح (لشوب) :
جرى حاجة؟
شوب :
أنا عارف.
سماح (لبيتريك) :
حاصل حاجة؟
بيتريك :
أنا عارف.
فريدولان (لسماح) :
إيه فيه حاجة؟
سماح :
أنا عارف.
فريدولان :
أظن جاي تديلي نصايحك البايخة.
سماح :
لا والله يا مولاي، ده انت مقابلتك بايخة.
فريدولان :
إيه؟
سماح :
أيوه لأنك لو كنت تعرف قد إيه باتعب روحي علشانك، وسهران طول الليل باحسب لك النجم وأشوف لك الطالع بتاعك، ماكنتش تقابلني المقابله دي، وأديني عرفت إيه اللي حايحصل لك ويجرى لك (همسا)
خصوصا حكاية العروسة اللي جايه لك النهارده.
فريدولان :
بس بلاش كلام فارغ، والله لولا إني باحترمك علشان وصية المرحوم والدي وكونك مربيني، لكنت دلوقتي حالا ...
سماح :
موتني أظن؟
فريدولان :
ولا حاجة.
سماح :
وأنا أفضل الموت أحسن ما أشوفك بالحالة اللي انت فيها دي.
فريدولان :
أخ يا ربي، أعمل فيه إيه ده؟!
سماح :
اضربه ... كسر سنانه ... تعالى نط في كرشه.
فريدولان :
أنا باقولك دلوقتي حالا تروح من قدامي.
كوفر :
سيبه دلوقتي يا حكيم سماح.
سماح :
هس اخرس أنت ماتتحشرش، نحن ناس كبار بنتكلم ويا بعض.
تراك :
معلهش هدي دمك يا مولاي.
كوفر :
يا سيدي روح من هنا دلوقتي.
فريدولان :
سيبوني خلوني أشوف ده عايز مني إيه.
سماح :
سيبوه سيبوه آه، لو كنت تشعر بالواجب اللي بأديه في خدمتك، وسهري على راحتك وسعادتك، ما كنتش تعاملني المعاملة دي، كنت أفتكر إنك تقدر نصيحتي وترد الجميل بأجمل منه، ولكن يا خسارة مابقاش حد يقدر الإخلاص.
فريدولان :
يعني إيه؟
سماح :
يعني مهما عملت أنت، أنا لا أتنازل عن نصحك وإرشادك وأتمم جميلي وأرضي ضميري.
ترك :
معلش يا مولاي سامحه.
فريدولان :
آه سماح سامحني، ماهو انت اللي بتألمني بكلامك الناشف ده، خصوصا في وقت زي ده داخل فيه على جواز.
سماح :
جواز ... وأظن طمعان في قبض دوطه، وفاكر إنك بواسطة الدوطه دي تصلح ميزانيتك وتسدد الديون اللي عليك؟
فريدولان :
طبعا، وده السبب اللي اضطرني للجواز كده بسرعة.
سماح :
مسكين.
فريدولان :
إيه؟
سماح :
أيوه، لأن الطالع بتاعك دلني على إنك لانت قابض ولا صارف.
فريدولان :
صحيح الكلام ده؟
سماح :
صحيح قوي، وتقدر تقول لي سموك إيه السبب في إن العروسة تيجي وحدها من غير ما يجي معاها أبوها.
فريدولان :
اتفضل اقرأ (يعطيه جواب) .
سماح (يقرأ) :
إيه، بيعتذر لأنه عيان؟
فريدولان :
هيه، فهمت دلوقتي ليه ماجاش وياها؟
سماح :
عيان، وعارف عيان بإيه؟
الجميع :
بإيه؟
سماح :
بجيوبه زيك، يعني حق سموك وسموه تروحوا عند حكيم واحد.
كوفر :
يعني إيه الكلام الفارغ ده؟
سماح :
بس اتلهي انت على جيوبك الفارغة دي.
فريدولان :
دلوقتي مافيش غير كوني أفكر في طريقه تانية أجيب منها فلوس.
سماح :
زي إيه؟
شوب :
أحسن طريقة يا مولاي إنك تبيع الأنتيكخانة بتاعتنا والأثارات اللي فيها بقد اتنين تلاتة مليون جنيه مثلا، تتصرف فيهم دلوقتي أحسن لك من الجثث المركونة كده من غير لزوم.
فريدولان :
برضه رأي مافيش أحسن من كده.
سماح :
يا سلام! بلغت بك الدرجة يا مولاي إنك تبيع أمواتك وأموات أبوك، علشان تتصرف بحقهم. أجدادك اللي خلفوك وخلفولك المجد والجاه، اللي يصح إنك تفتخر بهم تبيعهم زي ما بيقول لك النطع ده، لا أنا يستحيل أستنى وياكم.
فريدولان :
رايح على فين؟
سماح :
حاتمشى شويه لأن دلوقتي ميعاد مجيء العروسة بتاعتك.
فريدولان :
بالطبع قبل ماتيجي حانسمع زيطة المركب بتاعها.
سماح :
أبدا، لأنها حاتيجي من غير زيطة ولا زمبليطة.
الجميع :
إزاي؟
سماح :
أيوه، لأنه طالع في مخها إنها تيجي من سكات من غير ما حد يعرف، علشان تستفهم عن عريسها وأخلاقه وطباعه.
فريدولان :
إزاي وجاية كده من غير موكب خالص؟
سماح :
لا بموكب، ولكن مدية أوامر إن الموكب يستنى خارج المدينة لحد ما تبعت له إشارة وتؤمره بالدخول (على حدة)
أقولوش إنها موش مقسومة له زي ما شفت في الطالع بتاعه، ولكن نخللي كل شيء لأوانه، واللي في علم الله هوا اللي يكون.
فريدولان :
وده كله ظهر لك في الطوالع؟
سماح :
أمال في النوازل.
حارس (يدخل) :
خبر مهم يا مولاي.
فريدولان :
إيه هوا؟
حارس :
فارس غريب جاي من بعيد ومعاه واحدة ست.
فريدولان :
ودول مين يا ترى؟
سماح :
بعدين حاتعرف حقيقتهم؟ وأوكد لك أن البرنسيسة عروستك فيهم؟ وأنا من فكري ماحدش يستنى وياه هنا علشان يقدر يقابلها لوحده وياخد حريته وياها.
الجميع :
عن إذن مولاي.
فريدولان :
وانت يا تراك بصفتك القائد العام إدي الأوامر لفرقة الحرس والأهالي إنهم يستعدوا لاستقبال الموكب.
تراك :
أمر مولاي (يخرجون) .
فريدولان :
الغريبه إن قلبي بيدق قوي، بس إياك على كده تكون صاحبتنا دي حاجه تستاهل كويسة.
كليجوند (من الخارج) :
زي ماقلت لكم الموكب لازم يستنى بعيد فاهمين.
فريدولان :
إش والله دي صوتها جميل، بس إياك شكلها يكون أجمل.
كليجوند (تدخل ومعها جلسرين وهي بملابس رجالي) :
ولكن إزاي لحد دلوقتي ماحدش يقابلني علشان نستعلم منه؟!
فريدولان :
خبر إسود هي دي العروسة؟!
جلسرين :
آه واحد أهو.
كليجوند :
طيب حيث كده أما نجر وياه الكلام، وناخد منه المعلومات اللي تهمنا عن الإمبراطور، ولكن إزاي بس حافاتحه في الكلام؟
جلسرين :
ودي فيها إيه؟
كليجوند :
بردون مسييه، جنابك بالطبع من أهالي البلد دي موش كده؟
فريدولان :
أيوه يا مسيو.
كليجوند :
إحنا عاوزين نسألك سؤال بسيط.
فريدولان :
اتفضل اسأل يا مسيو.
كليجوند :
حضرتك موش تعرف الإمبراطور فريدولان ؟
فريدولان :
طبعا، هو فيه حد ما يعرفش الإمبراطور بتاعه!
كليجوند :
لا لا موش غرضي، يعني ما تعرفش شيء عن أخلاقه؟
جلسرين :
أيوه أخلاقه وعوايده ومعاملته للناس مثلا.
فريدولان (لنفسه) :
آه بدها ترسي على كل شيء، أهي دي أحسن فرصة علشان أكرهها في وأطفشها من هنا.
جلسرين :
يعني مابتجاوبش حضرتك؟
فريدولان :
حاجاوب أقول إيه، ما هي حاجة تكسف.
كليجوند :
إزاي بقى؟
فريدولان :
تصوروا إني عمري ماسمعت إن فيه واحد هلاس زي الراجل ده.
كليجوند :
يا سلام!
فريدولان :
وفوق كده عليه حتة خلقة أعوذ بالله يعني.
كليجوند :
يا ساتر، وعلى كده يطلع سنه قد إيه؟
فريدولان :
سنه أهو بين 90 و105 راجل عجوز كركوب كهنة مضحضح خالص، لكن أنا شايف حضرتكم مهتمين قوي بالمسألة دي.
كليجوند :
طبعا لأن فيه واحدة ست صاحبتي أعزها ورايحة تتجوز الإمبراطور ده
فريدولان :
أظن ما هي بالبلا خالص؟
جلسرين :
أبدا، دي حاجة مافيش كده؛ جمال إيه ورقة إيه وخفة إيه!
فريدولان (على حدة مشيرا لجلسرين) :
بقى بالذمة ده جمال؟
كليجوند :
بالك يا مسيو، لو تشوف البرنسيسة مرة واحدة ماكنتش تتلم على عقلك من جمالها ورقتها وظرفها وحسن ألفاظها الرقيقة.
فريدولان (لنفسه) :
الله بقى على كده اللي هناك دي موش هي العروسة، على كل حال كلام حضرتك مصدق يا مسيو.
كليجوند :
وعلشان كده أقول لك إنها خسارة تتجوز واحد بالأوصاف اللي بتقول عليها دي.
فريدولان :
لا لا يجوز إن الأوصاف اللي بقولكم عليها دي كدب في كدب، مين عارف هوا الإنسان يخلا من عدوين يكرهوه يطلعوا فيه العبر، ودول غايته بالكتير اتنين ثلاثة في البلد، ولكن فيه غيرهم ملايين نازلين مدح في لطافة الإمبراطور وقيافته وخصاله.
كليجوند :
أما عجيبة دي!
فريدولان :
كرم إيه، إنسانية إيه، أدب إيه مافيش كده تربية عالية.
كليجوند :
وصحيح هوا عجوز زي مابتقول؟
فريدولان :
عجوز، بالعكس دول بيقولوا إن عمره مايزيدش عن 25-26 سنة.
كليجوند :
أهو ده الكلام اللي قالولي بابا.
فريدولان :
بابا؟ بابا مين بقى؟
كليجوند :
الأمير كراكوسين.
فريدولان :
على كده سموك ...
كليجوند :
لا لا، ماتقولش سموك قول سموك.
فريدولان :
إيه؟ سموك البرنسيسة كليجوند خطيبة الإمبراطور؟
كليجوند :
أيوه يا مسيو.
فريدولان :
الله الله، أمال اللي هناك دي تبقى مين؟
كليجوند :
دي الوصيفة بتاعتي جلسرين.
فريدولان :
وصيفة؟ آه يبقى هي دي عروستي، يلزمنا بقى نصلح اللي قلناه. بالك يا برنسيس لو تشوفي سمو الإمبراطور ماكنتيش تتلمي على عقلك من جماله ورقته وظرفه وحسن ألفاظه الرقيقة.
كليجوند :
يا سلام! للدرجه دي؟
فريدولان :
وأكتر من الدرجة دي كمان.
جلسرين :
أما حقه كنت حاتغشنا يا مسيو.
فريدولان :
لا مؤاخذة، ما هو أنا راخر كنت مغشوش فيكي يا مدموازيل.
كليجوند (لجلسرين) :
روحي إدي إشارة للموكب علشان ييجي.
جلسرين :
أمرك يا مولاتي (تخرج) .
كليجوند :
وأظن يا مسيو جنابك حاتكون من ضمن المشرفين في حفلة الاستقبال.
فريدولان :
بكل تأكيد وخصوصا إن الليلة فيه باللو هايل، ولا يصحش أضيع الفرصة دي.
كليجوند (بعد سماع الضجة) :
آه عن إذنك يا مسيو لازم أنضم مع الموكب.
فريدولان :
اتفضلي يا مولاتي (تخرج) .
اللحن
الموكب نصبوا له الزينة
وأبو مين اللي مايلحق فينا
يتفرج ويشوف عروستنا
لما تشرف هنا وتجينا
ونبوس أيدها ونسندها
في الزفة وهي في وسطينا
يا عساكر زينهار اترصوا
قدامها ودقوا المزازيك
حيوها بلطافة وبصوا
للشكل الحلو المانيفيك
تحيا عروستنا وتعيش
يا خبر إيه ده يا خويا ده
لا لا لا لا لا إخيه
بخت إيه ده اللي رماه
واتوحل في الشكل ده
الجواز لطش معاه قسمته
جات ليه كده
البلد فيها العرايس فري نايس
كلهم خفه ونمايس ليه يقايس
دي البعيدة اللي جايبها مرعبة
وخلقة زي الطين وفرمة مقرفة
وأبصر إزاي سلت ملت مكببة
ومين يشوفها يقول عليها زحلفة
أمير :
اسمعوا لي كلكم يا اهل البلد
جوقة :
سماعين يا ترى إيه الخبر
أمير :
دي اللي خاطبها الأمير إيه يا ولد
هي دي ذات الجمال المعتبر
أيوه قول أمال كده طمنتنا
الزعل من لحظة كان حايغمنا
شيء لطيف شيء ظريف
يا ختي ع الدم الخفيف
دي البلد يا أميرة الليلة
فرفشت بوجودك فيها
ياللا خشيها بهليلة
واسكنى في عنين أهاليها
يعظموكي ويكرموكي
أميرة :
أنا اللي قلبي بيتمناه
شريك يدوم العمر معايا
أضحي روحي ومالي فداه
ما دام يكون مخلص ويايا
جوق :
عشمنا كده وأنت عند قولك
حديد بعيد من شر العين
ده بكره زوله ما يفارقشى زولك
وتبقوا روح واحدة في جسدين (يخرجون بعد اللحن.)
سماح :
اتفضلي يا سمو البرنسيس على القصر الإمبراطوري.
فريدولان :
هيه إيه رأيك بقى في العروسة عجبتك؟
سماح :
والله يا بني موش بطالة، لكن كل شيء قسمة ونصيب.
فريدولان :
يعني إيه؟
سماح :
ما يعنيش ولا حاجة، ولكن موش كان من الواجب إن أبوها ييجي وياها علشان تقديم الدوطه حسب العادة المتبعة.
فريدولان :
أيوه، وأهو أبوها مجاش.
سماح :
ودلوقتي يلزمك فلوس علشان تقوم بالواجب.
فريدولان :
طبعا.
سماح :
ومنين رايح تجيب الفلوس دي؟
فريدولان :
آه يا بويا سماح دبرني.
سماح :
اسمع يا بني.
فريدولان :
نعم.
سماح :
تعرف القصر المهجور اللي كان يملكه جدك؟
فريدولان :
أيوه عارفه.
سماح :
القصر ده فيه كنز، ولاحدش يعرف يفك الرصد بتاع الكنز ده الا أنا، فإذا قدرنا نوصل للطابق الموجود فيه الكنز يمكني أخليك تتحصل عليه.
فريدولان :
وإيه المانع ياللا بنا حالا، من دلوقتي نروح على هناك.
سماح :
آه بس القصر ده مخيف، وخصوصا ساكنة فيه واحدة ساحرة عجوزة، وإذا شافتك هناك ضروري حاتنتقم منك؛ لأنها عدوة لدودة للعائلة الإمبراطورية. وأنا من فكري أروح ألم لك جماعة من الأهالي علشان ييجوا ويانا على سبيل الونس.
فريدولان :
الونس، خللي أنفاسك معايا.
سماح :
أنا قادر أتنفس (يخرج) .
تراك (يدخل وشوب وبيتريك) :
فيه أوامر يا سمو الإمبراطور؟
فريدولان :
اسمعوا روحوا دلوقتي حالا في قصري، وقدموا التحية الواجبة للبرنسيس عروستي بالنيابة عني لحد ما آجي.
الجميع :
أمر مولاي (يخرجون ويدخل الجميع يقولون لحن ختام المنظر الأول) .
بيتك بيتك بيتك بيتك
بيتك بيتك بيتك بيتك
خلاص بقى يا شقيان ارتاح
أهو النهار خد بعضه وراح
وأديك سمعت نفير الليل
بيقول عليك وعلى المرواح
بيتك بيتك
ياللا بينا القصر نطوفه
حتة حتة من غير خوف
ع الأقل السحر تشوفه
له حقيقة والا بلوف
واسمها فسحة وتليين رجلين
وأيدينا في بعض اتنين اتنين
اتنين اتنين اتنين اتنين
المنظر الثاني (بيت الساحرة كولوكنت. ندا نايمة وتحلم.)
ندا :
في السعادة والهنا ما حد متهني زي أنا. الحبيب قريب وخاتم الخطبة في إيدي، علامة حلقة اتصال الحب اللي ماتقواش على كسرها إيد الزمن مهما كانت قاسية، تعالى تعالى أهي دي الساعة اللي (تستيقظ)
آه يا ربي، ليه الحلم ده؟ حلم لذيذ لو كان الإنسان يتمتع في عالم الأموات بحلم لذيذ مستمر زي الحلم ده. كنت أتمنى يا رب إنك تدخلني في ملكوتك ورحمتك، سبع سنين وأنا هنا عند كولوكنت الساحرة دي، تعذبني ولا من يرحم ولا من يعين، سجينة ماليش أنيس إلا دموعي، ولا مواسي إلا صدى تنهداتي اللي طالعة من قلبي المحروق على شبابي الضايع، بقى يا ربي موش قادر تجعل لي من الشدة دي فرج، وترسل لي من عندك ملاك سماوي يخلصني من الضيق اللي أنا فيه ده، أما أخلص الشورة دي أحسن تيجي العجوزة تؤذيني، يا رب أنت قادر ترحمني يا أرحم الراحمين (يدخل سماح)
آه إنت إيه، عفريت؟!
سماح :
لا أنا الملاك اللي كنتي بتطلبيه من شوية.
ندا :
ملاك؟ والملاك يبقى أسود كده؟!
سماح :
لا ماهو حاكم أنا لما آجي للجماعة الحزانى اللي زيك أقوم أجيلهم ملاك حزايني.
ندا :
طيب، وإيه اللي جابك هنا يا حضرة الملاك الحزايني؟
سماح :
أنا يا بنتى بني آدم زيك وكنت جاي القصر ده في مأمورية، وسبت الجماعة اللي ويايا في أوده من الأود، وتني أبحث في الأود التانية والداهاليز لحد ما وصلت لك هنا.
ندا :
قبل كل شيء لازم تفهم إنك دلوقتي في مركز خطر.
سماح :
مركز خطر؟ ده لازم بقى تبع مديرية جهنم؟
ندا :
إنت هنا في بيت العجوزة السحارة كولوكنت.
سماح :
تشرفنا يا ست، عارفها وعارف إنها حابساكي هنا، وبتطرزي لها شور تبيعهم في السوق وتعيشي منهم، ولكن اسمعي إنتي ما تتذكريش إنك قبل كده كنتي في قصر عظيم في وسط بستان في مدينة كبيرة؟
ندا :
أيوه أنا ساعات باتصور حاجة زي كده ولكن ذاكرتي زي اللي عليها شبه غيام من نهار مادخلت هنا نسيت كل شيء، وبافتكر حياتي القديمة زي حلم، باشوف زي اللي كنت في قصر كبير وحواليا حاشية وخدم وبأقل إشارة مني يسرعوا لخدمتي وتنفيذ أوامري، ولما آجي أوصل للحقيقة ألاقي الغيوم هجمت على مخيلتي وكل شيء يتغير في الحال، وأصبح في وسط ظلام موش قادرة أشوف فيه شيء أبدا غير الساحرة اللعينة والسجن المشئوم ده.
سماح :
آه مسكينة، وده كله من شدة تأثير سحر كولوكنت الملعونة، لكن من حسن حظك إن الشباك ده يطل على قصر الإمبراطور فريدولان، وبتشوفي منه حاجات تسليكي شوية.
ندا :
حاجات زي إيه؟
سماح :
الإمبراطور مثلا.
ندا :
إمبراطور، بقى هوا القصر ده قصر الإمبراطور؟ والشاب الجميل اللي بشوفه ده هوا الإمبراطور فريدولان؟
سماح :
أيوه، وأنا عارف إحساسك من جهته، وفاهم إنك لما بتشوفيه بتزول عنك آلام الوحدة اللي إنتي فيها دي، موش كده بالذمة؟
ندا :
زي كده، لكن حضرتك بتعرف الحاجات دي إزاي؟ أنت مين قبله؟
سماح :
أنا أبوكي سماح حكيم الدولة ومنجمها.
ندا :
صحيح الكلام اللي بتقوله ده؟
سماح :
صحيح قوي، وبعدين حايتضح لك كل شيء خدي دي (يناولها كرة) .
ندا :
ودي إيه بقى؟
سماح :
دي كورة سحرية عجيبة صنعتها من أسلاك فضة، استعرتها من ضوء القمر، ومن أسلاك ذهب استعرتها من حرارة الشمس، وطلسمتها بالطلاسم الروحانية، ويستحيل على أي إنسان يقدر يمنع قوتها السحرية.
ندا :
ودي فايدتها إيه؟
سماح :
فايدتها لما تتلي عليها العزيمة اللي حاقولها لك وتحدفيها، ينفتح الطريق قدامك، تتبعيها مطرح ما تروح، وهي عارفة الطريق اللي ينجيكي من كل ضيق.
ندا :
وإيه هي العزيمة اللي لازم أقولها يا عم سماح؟
سماح :
تقولي خلنجان بدنجان يا جابر ابن حيان بحق الكوزماتيك والحواري والشبابيك تنشق الحيطان وتنفتح الببان والمخبي يبان، وتخرجي يا كوره كتر كتر عورة عورة. بس ابقي فتحي عنيك لعورة عورة دي.
ندا :
هي دي العزيمة اللي أقولها للكورة علشان تخرجني من محل الخطر؟
سماح :
أيوه، وخليها وياكي بقى لوقت اللزوم (صوت م الخارج) .
ندا :
آه، الساحرة كولوكنت، آه يا ربي والشورة لسة ما خلصتهاش.
سماح :
ماتخافيش أنا أخلصهالك. متهندق مشبنداق حبندق حبنداق بأمارة مادار الشقلة ودب الخناق بين عفاريت السمندل وشياطين واق الواق، ياللا يا زحل وأخوه اللي أتوحل خلصوا لنا الشورة بالعجل (يطفأ النور ثم يعود)
هيه شوفي الشورة كده.
ندا :
يا خبر! دي خلصت صحيح، أما شيء مدهش.
سماح :
إنتي لسة شفتي إيه، ده أنا أعمل صنف شراب فلتكوس على كيفك (يختفى سماح) .
الساحرة (تدخل) :
إنتي واقفة كده ليه؟ خلصتي الشورة اللي في إيدك؟
ندا :
أيوه خلصتها.
الساحرة :
وريني.
ندا :
أهه.
الساحرة :
أبدا، ده شغل عفاريتي موش شغل بني آدمين، قوليلي اللي وياكي هنا مين.
ندا :
لا لا أبدا مافيش حد.
سماح (يظهر)
أنا اللي هنا.
الساحرة :
إيه؟
سماح :
مانتش عارفاني؟ إخص عليكي قوام نسيتي أصحابك القدام.
الساحرة :
آه سماح الساحر العاقل، وإيش جابك هنا على غفلة.
سماح :
يعني موش عارفة يام الفلافل، أنا هنا علشان أوقفك عن أعمالك الجهنمية وألخبط مشروعاتك الشيطانية.
الساحرة (لندا) :
آه انتهزتي فرصة غيابي، ولا خفتيش من عذابي، إمشي يا شقية، إتلقحي في الخزانة الجوانية.
ندا :
حاضر (تخرج) .
الساحرة :
وانت يا سيد سماح ليه المعاكسة والمشاكسة؟ موش أحسن نتفق يا بن الحلال وبلاش الخلاف والجدال؟
سماح :
اختشي بقى يا ولية، وأنا عارف إنك عدوة لدودة للعائلة الإمبراطورية؛ لأنك سبق اتعديتي على المرحوم أبو الإمبراطور فريدولان من غير حق، وبناء على طلبي أنا حكمت عليكي محكمة الجن الأزرق بحرمانك من السر الموجود في عصايتك لمدة سبع سنين، حتى بقالك دلوقتي سبع سنين ساحرة مع إيقاف التنفيذ، وللسبب ده اضطريتي تشتغلي غجرية وتدوري في البلاد، واتمكنتي من سرقة البنت المسكينة دي، البرنسيسة ندا الصباح بنت إمبراطور النمسا، وحكمتي عليها تعيشك من شغل التطريز اللي بتعمله بإيدها.
الساحرة :
اللعنة والعذاب والذل والدمار عليك يا فريدولان يا إمبراطور الرومان ، كل ما افتكر إني اتحرمت من السر اللي في عصايتي سبع سنين بسبب أبوه اللعين وأتباعه الخاينين، ودرت فيهم سواحة نواحة، دمى يجمد ونفسي يهمد وأنا ولية فلازم أحرمه من الإمبراطورية وانتقم منه أشد انتقام.
سماح :
هئ هئ انزلي عنه، وده أظن علشان فاضل ساعة واحدة ويترد لعصايتك سرها وترجع لك قوتك وسطوتك ونفوذك. فاكره إنك تنتقمي من الإمبراطور علشان خاطر أبوه؟
الساحرة :
طبعا.
سماح :
وهوا ذنبه إيه المسكين؟
الساحرة :
في مذهبي أنا جريمة الأب لازم يعاقب عليها الابن، وأهو فريدولان قاعد جوه يسكر مع جماعة م اللي زيه في الأودة اللي جنبنا دي اللي فيها الآلات الحربية بتاعة أجداده، ولا هو سائل في حاجة.
سماح :
آه وده شيء يغضب أجداده، وبالسبب ده الأسلحة الموجودة تتحرك وبمجرد ما تتحرك الأسلحة ينفذ فيه القدر.
الساحرة :
إيه رأيك في شخص منغمس في اللهو بالشكل ده موش يستحق التأديب؟
سماح (على حدة) :
يصح إننا نجاريها على فكرها مؤقتا. أنا وياكي يستحق التأديب لأنه مكتوب له في عالم الغيب إنك تأدبيه، وأنا ما أقدرشي أعارض فيه، ولكن إيه اللي ناوية تعمليه؟
الساحرة :
أهو بمجرد ما يترد لي السر في عصايتي حأوجد حالا بقوة السحر مخلوقات مدهشة ناس موش بني آدم.
سماح :
موش بني آدم، أمال بني فاتورة؟!
الساحرة :
لا، ناس ماهماش من العالم الإنساني، يعني من عالم النباتات، وهما دول اللي حايطردوا الإمبراطور ويستولوا على عرشه وعلامة رد السر لعصايتي.
سماح :
عارف لما تتحرك الأسلحة (ضجة ورعد) .
الساحرة :
آه، حانت ساعة الانتقام يا ويلك يا ظلام ليلك يا فريدولان، لازم تفقد إمبراطوريتك استعد حالا للمزاحم العنيد الإمبراطور أبو زعيزع.
سماح :
أبو زعيزع؟ ده إيه كمان؟
الساحرة :
ده شخص من جزر، وبأمري أنا حايمتلك البلاد بعد خلع فريدولان.
سماح :
لا لا أبدا، حيث إنه مقدر عليه إنه ينزع من عرشه، وما أقدرشي أعارض فيه، أنا أسمح لك عشان يتأدب، ولكن ما أسمحلكيش تولي غيره بلا أبو زعيزع بلا أبو جلمبو.
الساحرة :
يستحيل يهدأ سري ولا يرتاح بالي إلا لما أشوفه طريد شريد زي ما كنت أنا بسبب أبوه، وبما إن السر اللي في عصايتي اترد لي لازم أنفذ خطتي.
سماح :
أنا بقولك يا عجوزة الشوم اللوم، أنا بحمايته ملزوم، يستحيل حد يتولى خلافه ولا يتمدد في لحافه، ماذا وإلا أضطر بواسطة علومي وطوالعي ونجومي أوقفك عند حدودك وأنعل سنسفيل قرمة أبو جدودك (يخرج) .
الساحرة :
آه، طلع لي منين إسود الوش ده كمان؟ محدش من السحرة كلهم يقدر يقف قصادي ولا يتجاسر على عنادي إلا الملعون ده! لكن معلهش أنا برضه تني وراه لحد ما أجيب ديله على قفاه وأعرف شغلي وياه (تخرج) .
ندا (تدخل) :
آه الحمد لله مافيش حد، حقه ماكنتش فاكرة إنه ييجي علي يوم أنفد فيه بعمري من الساحرة الملعونة دي. أما اقرأ العزيمة وأجرب الكورة اللي ادهالي عم سماح، جلنجان بدنجان يا جابر ابن حيان بحق الكوزماتيك والحواري والشبابيك تنشق الحيطان وتنفتح الببان والمخبي يبان وتخرجي يا كورة كتر كتر عورة عورة (تخرج ويتغير المنظر) .
المنظر الثالث (في قصر الإمبراطور فريدولان.)
الجميع :
كمل هنانا مين قدنا
أهو النهارده يوم سعدنا
قمر ونورتي أرضنا
يا فرفشتنا يا فرحنا
فريدولان :
يا اللي جمالك يملا العين، قدمك نادي حسنك ده زيه مافيش اتنين في الدنيا دي.
الجميع :
حقيقي مالا عروسة دي عروسة مقطقطة وحنتوسة حسب مزاج الإمبراطور تساوي ملكه بحاله، ياخواننا ودولته ومحتاله، ومين يقول لأه يكون طور، يا ألف خطوة عزيزة ع البلد وأهاليها، يا ألف صدفة لذيذة نهار ما أنستيها، ده اللي زيك يعز بلاد ولو يبيع الروح والمال.
تراك (بعد اللحن مقدما) :
البارون كوفر خازندار الدولة، المركيز بيتريك محافظ المدينة، الكونت شوب المستشار الخاص لسمو الإمبراطور، ومحسوبكم الماريشال تراك رئيس الحربية والبحرية والسراري والبيادة والطوبجبة.
كليجوند :
تشرفنا يا جناب المارشال، أنا ممنونة جدا من الحفاوة اللي لقيتها عندكم.
تراك :
العفو يا برنسيسة، ده النهارده أسعد يوم في أيام الإمبراطورية الرومانية.
كليجوند :
حضرتك يا جناب المارشال قدمتلي كل أمراء القصر والأشراف إنما سمو الإمبراطور ما جاش يقابلني لحد دلوقتي.
تراك :
إزاي لهوا إنتي ما تعرفشي لحد دلوقت؟
كليجوند :
ولا شفته.
فريدولان :
بالطبع لأن عوايد البلاد ماتسمحش إن الإمبراطور يقابل خطيبته إلا بعد ما تشرب الشربات، موش كده يا مارشال؟
تراك :
أيوه صحيح (لها)
أنا فاتني أستلفت أنظار سموك إن عوايد الإمبراطورية زي ما بيقول تمام. يعني ساعة ما ييجي الشربات عادة هوا اللي يقدمه بنفسه وبالطريقة دي يتم التعارف بينك وبينه والا إيه؟
فريدولان :
مظبوط زي ما بيقول كده.
خادم (يدخل حاملا صينية) :
شراب التفاح لسمو البرنسيسة.
تراك :
يتفضل سمو الإمبراطور يقدم بنفسه شراب التفاح لسمو البرنسيسة حسب العوايد المتبعة.
كليجرند :
غريبة هوا فين الإمبراطور؟
فريدولان :
اتفضلي يا برنسيسة (يناولها الشراب) .
تراك :
أما مفاجأة لكن لطيفة!
الجميع :
لطيفه قوي قوي.
كليجوند :
آه سموك الإمبراطور موش انت اللي قابلتني خارج المدينة، وقمت تذم لي في الإمبراطور وأخلاقه؟
فريدولان :
أيوه أنا يا حياتي.
كليجوند :
آه دلوقتي فهمت السبب. بقى كنت فاكر إن جلسرين هي خطيبتك، وعشان كده قلت الكلام ده؟
فريدولان :
مظبوط يا روحي.
كليجوند :
أما فصل لكن لطيف منك يا سمو الإمبراطور.
فريدولان :
اسمعوا يا جماعه، أنا اخترت سمو البرنسيسة شريكة لي في حياتي، ويجب إنكم تعرفوا من الآن سموها خطيبتي.
شوب :
أهلا وسهلا بصاحبة السمو الإمبراطوري فلتحيا الإمبراطورة.
الجميع :
فلتحيا الإمبراطورة.
فريدولان :
ومن دلوقتي يا جماعة قيموا الأفراح احتفالا بقدوم سموها (ضجة من الخارج) .
الجميع :
ضجة زي الرعد جاية من قريب
يا ترى إيه الخبر ده شيء غريب
الأمير :
ابعتوا الحراس واستعدوا بالسيوف
ياللا حالا شهلوا من غير وقوف
الجميع :
زيطة من أبقى شمر بارول دونير
وغوشتنا في الحقيقه كلنا
لا إحنا عارفين شر جانا والا خير
الغرض دلوقتي إحنا وبختنا
حارس :
يا وريث العرش والتاج العظيم
الأمير :
إخلص احكي اللي حصل إيه باختصار
الجوقة :
إخلص إحكي
حارس :
خش موكب جوه في القصر الفخيم
ناس ولكن شكلهم شكل الخضار
وأبصر إزاي جنس يا مولاي في غاية البزرميط
اللي قوطة واللي كرنب واللي أرنبيط
الجميع :
هاهاها البعيد لا بد شيء من عقله راح
شوفوا ياخواننا الجنان والخطرفة
حيث كده أمال بدال كركون سلاح
إزعقولهم قولوا كركون مغرفة
حاشية :
وسعوا المجلس ياهوه للأمير المنتظر
صفقوا له وعظموه إمبراطور الجزر
الجميع :
إمبراطور الجزر إمبراطور الجزر
اسم إيه ده الخلطبيس العلطبيس
إخيه صحيح قلة نظر
كليجوند :
يامه أخاف يامه أكش
قال دي أكتاف قال وده وش
سماح :
على طرطوره تعالوا نهلل
المرضان الأصفر أبو شرش
آدي العينة ياللي تخلل
قبل ما نجبر ستة بقرش
الجميع :
على طرطوره
فريدولان :
قوللي حالا إنت إيه حيثيتك
وإيش دعاك بالزور تلقح جتتك
زعيزع :
أنا بجلالة قدري وسطوتي
أمير ونافذ أمري في دولتي
إمبراطور دكتاتور
جوق :
إمبراطور ههالو دكتاتور هههالو
زعيزع :
رعيتي زروعات وحاشيتي خضارات
إشي طماطم وبدنجان وإشي كرنب
وإيشي خرشوف وكل دول أشكال وألوان
عبيد حاكمهم بالمعروف
سماح :
يا نخ على إمبراطورية
مسبكينها بالتقلية
مؤامرتك ويا السحارة
حاتخرطك يا عروس القلية
الجميع :
روح جاك غارة جاك سخونية
جاك دموية
الساحرة :
حنتريش منتريش بكل ريح هابة بكل رجل دابة
تطاوعوا أمري قوام وينقلب كرهه بمحبة
حنتريش منتريش
الجميع :
يا لطافته يا حلاوته ده غزال ابن الإيه
يا هنانا يا صفانا لو بسناه في عنيه
سماح :
السبب في كل ده جاتها حريقة
غيرت من سحرها شكل الحقيقة
حتى روخرين دولا خلتهم جحوشة
بس ناقصين البرادع والعليقة
فريدولان :
مين يطيق الصبر أكتر من كده
يستحيل الحر يرضى الذل ده
السلاح هوا اللي يفصل وسعولي
كله هين إلا تحكيم العدا
آدي يومكم يا رجالي الانتقام
ياللا حالا خوضوا في الدم الصبيب
ساحرة :
كلهم أقسمت بالجن العظام
يكرهوك ما تلتقي بينهم حبيب
حنتريش منتريش
الجميع :
فلعيش الإمبراطور الجديد
هو سيدنا وإحنا كلتنا عبيد
اخضعوا له واطردوا الخصم العنيد
وارفعوه للعرش في اليوم السعيد
كليجوند :
وأعلنوا من بعد أمري للرعية
العلايق من بيناتنا منتهية
العريس اللي صبح مالك فؤادي
هوا صاحب الأمر والدولة السنية
فريدولان :
كتير حزنت يا قلبي ع طولة بالك
وكل مر شربته قريب يحلالك
لمين يا ربي أنادي وكل شعبي أعادي
خانوني أهل بلادي في مملكة أجدادي
الجميع :
خللي أجدادك يا غافل في القبور
غضبانين من لفظ نسبتهم إليك
ليه تجيب سيرتنا يا غاوي الفجور
يا اللي ضيعت الوطن من بين أيديك
من يضحي في الملذة أمته
شوف أخره أيه
ينكره بعد المعزة
والقلوب تغضب عليه (ستار)
الفصل الثاني
المنظر الأول (مكتب الحكيم كرابيبي.)
ندا (داخلة وراء الكورة) :
آه يا ربي، أديني فضلت ماشية ورا الكورة لحد ما جت هنا ووقفت، يا ترى أنا فين دلوقتي؟ (وقع أقدام)
سامعة حس رجلين جاية على هنا، يا ترى مين؟
فريدولان (من الخارج) :
أنت جايبنا من هنا ليه؟ يعني مالقيتشي سكة غير دي تجيبنا منها؟
سماح :
خش بلاش غلبة لتروح في داهية.
ندا :
آه صوت عم سماح.
سماح (يدخل) :
إنتي لبستي البدلة اللي ادتهالك؟
ندا :
أيوه، مين اللي بتكلمه ده؟
سماح :
ده الشخص اللي بتحبيه وحاتموتي روحك عشانه.
ندا :
الإمبراطور؟
سماح :
أيوه، بس ما تظهريش حقيقتك قدامه دلوقتي.
فريدولان :
مين اللي بتكلمه ده يا عم سماح؟
ندا :
أنا واحد يا مولاي جيت هنا علشان أرجوك تقبلني في خدمتك، وأعرض عليك إني أكون خدامك أو عبدك أو زي ماتحب.
سماح :
أيوه ده يا بني شاب مقطوع مالوش حد، ومتطوع لخدمتك مطرح ماتروح.
فريدولان :
بقى صحيح إن فيه حد لسه بيعطف علي؟!
ندا :
أيوه يا مولاي، وأتعشم إنك ماترفضش طلبي.
سماح :
لا يا بني، ولا يكون عندك فكر، أهه يكون في معلومك إنك حاتكون من دلوقتي على ذمته كده طوالي، موش كده يا سمو الإمبراطور.
فريدولان :
مافيش مانع، بس وجود شاب زي ده معايا صعب عليه بالنسبة للأخطار والصعوبات اللي دلتك الطوالع إني حاشوفها.
ندا :
أنا قابل يا مولاي، ومن دلوقتي حياتي تحت أمرك موش حاسيبك، أبدأ أروح وياك مطرح ما تروح، أعرض نفسي لكل أخطار العالم في سبيل حمايتك، أبيع روحي بأرخص الأثمان في سبيل مساعدتك.
فريدولان (على حدة) :
آه يا ربي، بقى شاب رقيق زي ده يضحي بنفسه علشاني من غير ما أعرفه، ده لازم أرسله لي ربنا علشان يواسيني في أحزاني، لكن خدمتك لي في الظروف دي تجر عليك الفقر والجوع.
سماح :
معلهش ماهو ظاهر عليه متمرن ع الجوع، مانتاش شايف خلقته خلقة جوعنجية إزاي، شوف نحيف إزاي يا مسكين.
فريدولان :
أهو ده الشيء اللي يثبت لي إن فيه في الدنيا قلوب تعرف معنى الشهامة والإخلاص.
ندا :
وخصوصا قلبي أنا يا مولاي، ما تقدرش تعرف الإخلاص اللي في قلبي لسموك، قلبي اللي يحمل لك أسمى العواطف، قلبي اللي يشعر من جهتك بأرق الإحساس قلبي ...
سماح :
هو هو، ده يا بني قربت أبقى مغفل.
فريدولان :
أهو ماحدش أخلص لي في الرعية إلا انت يا عم سماح والشاب ده و... من حق فين المارشال تراك؟
تراك (يدخل) :
أنا أهو يا مولاي يا سلام، إيه يا عم سماح السكة اللي جبتنا منها دي؟ ده لو كان جيش بزيه كان انهزم في الموقعة الهايله اللي أنا جاي منها دلوقتي.
الجميع :
يا حفيظ.
فريدولان :
إيه المسألة؟ إنت موش كنت ماشي ورانا في الدهليز واحنا جايين على هنا؟
تراك :
أيوه، ولكن وأنا ماشي وراكم في دهليز البيت ده، بصيت كده لقيت شيء لابد لي في زاوية الدهليز وعنيه بتقدح شرار، ده كان شيء في منتهى الفظاعة.
الجميع :
يا حفيظ! وبعدين؟
تراك :
وبعدين أنا وقفت مطرحي ولساني اتربط، وما قدرتش أفتح بقي، ولا أنده لكم، وفضلت واقف مغمض عيني، وكل ما افتحهم ألقاه برضه باصص لي.
الجميع :
مسكين، وبعدين؟
تراك :
وبعدين رحت مطلع سيفي، ومن سكات كده وبكل شجاعة رحت مخطي خطوه لقدام، فلما حس هوا إني هاجم عليه راح قايم راخر واستعد للدفاع، بس يا مولاي أنا شفته اتنطر كده، وأنا أقول لكوا الحق، روحي بقت في رجلي ورحت واقع على الأرض.
سماح :
وقعت على الأرض؟!
تراك :
أيوه ولكن بكل شجاعة، وبقيت متمدد في الأرض، وهوا راخر يبص لي وقلت أهجم عليه، وأهو يا موته يا موتك.
الجميع :
يا ساتر يا رب.
تراك :
وعنها ورحت هاجم عليه.
سماح :
هجمت عليه وانت نايم؟!
تراك :
أيوه وهوا لما حس إن خصمه عنيد وأقوى منه راح واخد بعضه وانسحب من سكات، وجيت على هنا رافع أكاليل النصر والفخار، لكن أقول لكوا الحق أنا ما كنتش مصدق إن الموقعة دي حاتنتهي بانهزام الملعون ده أبدا.
الجميع :
هو إيه؟
تراك :
القط اللي قابلني في الدهليز.
سماح :
بقى الموقعة الهايلة دي كانت ويا قط؟!
تراك :
وهوا القط بالليل شوية، ده عينه زي شعلتين النار.
سماح :
أمال لو كان نمر والا سبع كنت عملت إيه؟!
تراك :
سبع، وأنا يهمني، هات لي كده ميت سبع وشوف أعمل لك فيهم إيه (تسقط العصا من سماح فينذعر تراك) .
سماح (بعد سماع الحركة ورعبهما) :
اجمد يا ابو السباع.
فريدولان :
الغاية يا عم سماح، أهو ولو انه جبان كده، لكن على كل حال أثبت لنا إخلاصه وجه معانا.
تراك :
أما إخلاصي لسموك ده شيء واجب؛ ولذلك أنا كرست حياتي للدفاع عنك يا مولاي.
سماح :
دفاع يا شيخ اتلهي ده قط خلاك ...
ندا :
ولكن ده ما يمنعش من إنه يكون مخلص يا عم سماح.
ندا :
آه مافيش أحسن من الإخلاص اللي يكون صادر من القلب، وأهو إحنا دلوقتي مع بعض يا متنا سوا يا عشنا سوا (يقولون لحنا) .
فريدولان :
أنا يا زمان لا أخاف الشدايد
ولا أشكي مهما يزيد الأنين
أحارب بعزمي سهام المكايد
وأخلص وربي مع المخلصين
سماح :
وأنا برضه وياك نشيل البلاوي
ونضحك لها واحنا متمرمطين
ولو يعني عارفك ولد فنجصاوي
لكن ابن أصل ابن ناس طيبين
ندا :
تؤدي الشهامة لبيع الحياة
في حب الكرامة ومن له عليك
بروحه بقلبه يدافع معاه
أهو العبد سيده مالوش فيه شريك
فريدولان :
أديني بعيني رأيت الهوايل
وبانلي معاها العدو م الحبيب
وياما صفيت ناس فاكرهم أصايل
وهم اللي خانوني قبل الغريب
تراك :
ماتحملش هم انت جنبك شجاع
يطربق ممالك ويفتح قلاع
سماح :
وقطة تقول نو يا ابو السباع
تخليك ساعتها زي العيال
فريدولان :
ماحدش ضمن لليالي عهود
وعمر القدر لم يرده احتراس
إذا كل شيء اتفقد في الوجود
كفاية الشرف هوا أحسن ميراث
فريدولان :
لكن احنا فين دلوقتي يا عم سماح؟
سماح :
إحنا هنا في مكتبة أستاذي الحكيم كريبي.
فريدولان :
كريبي ده مين؟
سماح :
ده راجل عجوز متقدم في السن؛ لأن عمره كان 117 سنة وقت ما كلفه المرحوم والدك إنه يعلمني مبادئ السحر والطلاسم.
فريدولان :
طيب وغرضك إيه من كونك جايبنا هنا؟
سماح :
أنا أقولك على غرضي (وقع أقدام) .
تراك (بذعر) :
هش أنا سامع صوت مشي جاي على هنا.
سماح :
ما داهية ليكون القط.
تراك :
قط، أعوذ بالله (يدخل كريبي) .
سماح :
سلام على أستاذي الحكيم البريمو في علم التنظيم.
كريبي :
سلام لتلميذي سماح، وعزيزي الشطاح النطاح، إنت جيت يا سيد الملاح، أنا عارف إنكم جايين، ولمساعدتي طالبين، فما عندكم من الأخبار، أيها السادة الأخيار.
سماح :
أولا جينا للسلام عليك وتقديم تحياتنا إليك.
كريبي :
وثانيا جايين لتستشيروني في مسألة مهمة تختص بشاب من العظماء، والشاب ده هوا الإمبراطور فريدولان موجود وياكم هنا الآن.
تراك :
مظبوط يا جناب الحكيم، وأهو سموه يبقى جناب الإمبراطور، ومحسوبك المارشال تراك راجل شجاع قطع فرط.
سماح :
أيوه شجاع قطع فرط، وله وقايع مشهورة مع القطط.
كريبي :
أيوه أنا عارف اللي حصل له في الدهليز (يضحك) .
فريدولان :
ودلوقتي يا جناب الحكيم، أنا أتوسل إليك إنك تخلصني من المصيبة اللي أنا فيها دي.
كريبي :
عظيم هاتوا الكتاب اللي عندكم ده، أهو ده كتاب الحكيم أجريبا خصصه للبحث في خواص النباتات وطريقة تحويلها إلى إشخاص. ما اطلعتش عليه يا سماح في وقت وجودك عندي؟
سماح :
للأسف يا أستاذ أنا بس كنت باتفرج على الصور اللي فيه.
كريبي :
أهو الكتاب ده فيه كل أنواع النباتات، فإذا وجدنا الجزر من ضمن أبحاثه تأكدوا بانتصار الإمبراطور على عدوته اللدودة؛ لأن الجزر ده حايكون تحت سلطتي ونفوذي.
سماح :
اللهم عطرنا في الجزر جرجير، جراجولا، جردل ...
كريبي :
آه من الأسف الجزر مالوش أي أثر هنا.
ندا :
وبعدين بقى مافيش طريقة دلوقتي ننتصر بها على الساحرة الملعونة؟
سماح (لفريدولان) :
إخص عليك وعلى بختك اللي زي الطين، حتى نفسك مسح الجزر من الكتاب.
كريبي :
لا لا ماتيأسشي يا سماح، أنا حارشدكم عن الطلسم الغريب اللي كان سبب في القدرة والسعادة للحكيم سليمان بن داود عليه السلام.
سماح :
وإيه هوا الطلسم ده؟
كريبي :
هوا الخاتم اللي كان في إيده.
سماح :
والخاتم ده عندك؟
كريبي :
لا، ولكن أنا عارف محل وجوده.
سماح :
وموجود فين الخاتم ده؟
كريبي :
موجود في مدينة بومبيه اللي أغار عليها بركان فيزوف من 1800سنة.
الجميع :
غريبة دي.
سماح :
أدحنا خرفنا أهو.
كريبي :
أي نعم لأن العسكري الروماني اللي استولى على الخاتم ده وقت الإغارة على أورشليم، خده وياه في مدينة بومبيه، ولأجل القدر بركان فيزوف انفجر في نفس اليوم اللي وصل فيه العسكري للمدينة.
ندا :
غريبة دي! يبقى الخاتم معاه ولا يخلصوش من الموت؟
كريبي :
طبعا لأنه كان يجهل السر الموجود فيه وكيفية استعماله.
فريدولان :
وإيه الطريقة للحصول على الخاتم ده يا أستاذي؟
كريبي :
أنا ما اطلعكوش على الطريقة دي إلا على شرط.
فريدولان :
شرط إيه؟
كريبي :
تريحوني من حياتي.
فريدولان :
يعني إيه؟ نموتك؟
كريبي :
أيوه.
فريدولان :
لا يا جناب الحكيم إحنا ما يمكناش نعمل العمل الفظيع ده أبدا.
تراك :
إيه إنت حاتجيب لنا تهمة؟! أنا ما أقدرشي أشوف واحد يقتل قدامي، إنت عايزني أسورق والا يجرى لي حاجة.
كريبي :
مافيش فايدة، أنا بقى لي سنين عديدة ومنتظر اللحظة اللي احنا فيها دي، نفذولي طلبي وأنا أنفذ لكم طلبكم، خدمة نظير خدمة، الخاتم ثمنه موتي، موتوني تبقوا دفعتوا الثمن.
سماح :
نموتك إزاي؟ نخنقك زي العرسة؟
كريبي :
لا تحرقوني.
سماح :
نحرقك؟! نحطك في مصيدة وندلق عليك جاز؟
كريبي :
لا ترموني في المحرقة دي (يشير فتظهر المحرقة؛ نور أحمر) .
الجميع :
يا حفيظ!
سماح :
الراجل عامل له جهنماية صغيرة على قده.
كريبي :
ياللا أمال، شيلوني كده شيلة بيلة واحدفوني في الفرن.
سماح :
لكن يا جناب الأستاذ إذا حرقناك حاعرف السر اللي نتحصل به على الخاتم من مين؟
كريبي :
مني أنا برضه.
سماح :
منك بعد ماتموت؟!
كريبي :
أيوه بعد ما أموت، بقى يا سماح مانتاش قادر تفهم غرضي إيه من الكلام ده؟
سماح :
آه ... آه فهمت يا أستاذ ياللا يا جماعة ما دام دي طلبات حضرته، وبيطلب منا الموتة دي أجرته مالناش بركة إلا حرق جتته (يحملوه) .
فريدولان :
آه يا عم سماح.
سماح :
شوف ياخوي بيطشطش إزاي (يغمى على ندا) .
فريدولان :
إلحق يا عم سماح، الشاب اللي ويانا باينه راخر مات.
سماح :
إخص ده باين حايبقى موت الجنة وموت في النار (يحصل رعد ويتغير المنظر) .
المنظر الخامس
كريبي (يظهر شابا) :
أشكركم يا إخواتي على الخدمة الهايلة دي، خصوصا انت يا سماح، لو ماكنتش قلت لهم ما كانوش قبلوا يحطوني في الفرن.
تراك :
لا يا عم، دي أمور لارنجة بقى سيبك.
سماح :
لكن يا أستاذ إزاي رجع لك شبابك بالشكل ده؟
فريدولان :
يا سلام! أما ساحر عظيم من أكابر الحكماء.
كريبي :
لا لا، أنا دلوقتي مابقيتش لا ساحر ولا حكيم.
الجميع :
إزاي؟
كريبي :
أيوه لأن الشباب طايش، والحكمة والشباب يستحيل يتفقوا مع بعض أبدا.
فريدولان :
ولكن ... (ضحك سيدات من الخارج) .
كريبي :
هس أنا سامع حس نتي بيضحكوا، ياختي عليهم وعلى قطاقيطهم. أما أروح أمتع نظري بهم (يهم بالخروج) .
سماح :
استنى هنا انت رايح فين؟
كريبي :
رايح فين؟ رايح أمتع نظري بالجنس اللطيف اللي بقالي فوق الثمانين سنة محروم منه.
ندا :
لكن الخاتم ما قلتلناش على السر اللي تتحصل عليه بواسطته.
كريبي :
آه صحيح، خد يا سماح اللمبة الأثرية دي وروحوا على بومبيه، ولما تبقوا هناك إضغط على اليد دي تنور اللمبة. تنكوا ماشيين على ضوئها والمكان اللي يفقد فيه نور اللمبة دي هو ده محل وجود الخاتم، فتبعثوا في أنقاض بومبيه بعد تلاوة عزيمة تحضير الأرواح اللي كنت علمتها لك، وانتو تعثروا فيه (ضحك)
عن إذنكم أحسن الستات الحلوين يتوهوا مني يا عيني عليهم يا قطاقيطهم يا كتاكيتهم يا حلاوتهم (يخرج يرقص) .
سماح :
إخص ده الراجل خسر خالص.
فريدولان :
إيه رأيك دلوقتي يا عم سماح؟
سماح :
رأيي إننا نروح حالا على مدينة بومبيه.
الجميع :
إلى مدينة بومبيه (يخرجون ويتغير المنظر) .
المنظر السادس (مدينة بومبيه وأنقاضها.)
سماح (داخلا) :
أهي اللمبة جات لحد هنا وانطفت، فلازم يكون هنا محل وجود الخاتم زي ما قال لنا الحكيم كريبي.
فريدولان :
ولكن إيه اللي حايدلنا دلوقتي عن محل وجود الخاتم؟
ندا :
أيوه صحيح، إيه اللي حايدلنا؟
سماح :
أنا حاتلي عزيمة تحضير الأرواح ولما يحضروا نستعلم منهم عن العسكري اللي معاه الخاتم.
فريدولان :
أيوه اعمل معروف يا عم سماح.
سماح :
يا حبشتقان يا سفرتقان يا بايع الخلجان بحق عفاريت نفاريت سفاريت براغيت كتاكيت، والدك قنصل الجان وسر براطيش ملاطيش يغانيش فراطيش اللي يختشي واللي ما يختيشيش ترجع لنا الأموات عيال ورجالة وستات، وتقوم لنا الأموات سليمة مستقيمة، وترجع ريمة لعادتها القديمة سرك يا كريبي (يتغير المنظر) .
لحن
أشباح :
عبرة للي يعتبر القوي مهما كبر
ملكه في لحظة يزول
والرخيص اللي غلي يشبه الطيران
على العلا بعده النزول
أدي بومبيه العظيمة الفخيمة
مركز الشهرة المهولة في البطولة
اللي كانت زينة في وسط البلاد
اللي كانت دولة مرفوعة العماد
يضربوا الأمثال بها
في الحضارة والبها
خانها حظها بعد عزها
مجدها انتهى
أصبحت بومبيه في لحظة كوم رماد
والدوام لله ما هواش للعباد
أمير :
يا اللي بتذلوا الشعوب
للمطامع والغايات
وتسوقوها للحروب
والبلايا والممات
ليه تبكوا الأمهات ع اليتامى بالدموع
ليه تضحوا الأبهات وتسيبوا الأطفال تجوع
أصلحوا بين الأمم بالإنسانية والسماح
يتمحي الشر اللي يحوج للعداوة والسلاح
سماح :
اسمعوا أيها الأشباح، إحنا جينا هنا لأجل البحث عن جندي استولى على خاتم سليمان من هيكل أورشليم.
بيرجوليس :
أنا العسكري اللي اتحصلت على الخاتم.
سماح :
وفين هوا الخاتم؟
بيرجوليس :
أهديته للي بأحبها وماقدرشي على مخالفة أمرها.
فريدولان :
هي مين؟
بيرجوليس :
هي كورين الجميلة.
سماح :
تحضر كورين.
كورين :
حد بينده على كورين؟
فريدولان :
إش والله بت جميلة.
سماح :
ماتبقاش دني كده، أنت إيه؟! بصبصة في الدنيا وفي الآخرة، حتى الأموات مش عاتقهم، إنتي معاكي خاتم أهداه لك الجندي ده؟
كورين :
أيوه، ولكن ده خاتم حديد مالوش قيمة عندي، عشان كده إديته للكميريرة بتاعتي.
تراك :
إيه، أدت خاتم سليمان لخدامتها، ده شيء غريب!
سماح :
طبعا، ما كانتشي عارفة قيمته (تحضر الكمريرة) .
الكمريرة :
نعم فيه أمر؟
سماح :
فين الخاتم اللي أهدته لك ستك كورين؟
الكمريرة :
ضحك علي الشاعر الملعون ده وخده مني (تشير عليه) .
سماح :
فين الخاتم اللي خدته منها يا حضرة الشاعر؟
الشاعر :
بالأسف، خسرته في القمار مع كربيون.
سماح :
ممتاز، أموات وتلعبوا القمار، إنتوا إيه ميتين في كلوب؟!
سماح :
يا غزال يا رباط يا حلال، تحضر لنا كربيون في الحال.
كربيون :
أديني أهو.
سماح :
إنت كربيون؟
كربيون :
أيوه كربيون.
سماح :
فين الخاتم يا مسيو كربيون؟
كربيون :
اسألوا الست بتاعتي، هي اللي لابساه في صباعها.
زوجته :
إيه خاتم الخطبة بتاعي.
كربيون :
أيوه هوا.
زوجته :
عار مصيبة، بقى الخاتم ده أصله بتاع الفاجرة دي، أنا يستحيل أخليه في إيدي أبدا (تقلعه وترميه) .
سماح (يلتقطه) :
بس أهو ده اللي احنا عاوزينه.
كورين :
أنا فاجرة بتقولي؟ آه يا قبيحة يا قليلة الحيا! (تهجم عليها) .
زوجته :
وبتشتمني كمان، وعاوزة تضربيني طب تعالي (تهجم عليها) .
سماح :
هي الأموات حايموتوا بعض من الضرب تاني! أيها الأشباح الشطاح منكم والنطاح ترجعوا تاني إلى عالم الأرواح، يا حارس خاتم سليمان اللي حكم الأنس والجان إظهر وبان عليك الأمان (نور أحمر ويظهر عفريت) .
عفريت :
شبيك لبيك من راسك لرجليك، أطلب أنا بين إيديك.
سماح :
أطلب توصلنا مدينة روما حالا.
العفريت :
غمضوا عنيكم واتبعوني وأنا في أقل من لحظة أوصلكم على هناك عن الطريق السماوي.
سماح :
اتبعه يا مولاي ده عفريت حصاوي (يخرجون) .
المنظر الثامن
أبو زعيزع :
هيه قوللي بقى يا جناب المحافظ، إزاي مازبطتش الشخص ده اللي اتجرأ بكل وقاحة على إنه يسبقني هنا ويستولى على عرشي.
بيتريك :
كل شيء يا مولاي تم على ما يرام ، وعساكرنا الشجعان يستحقوا أعظم مجد واحترام.
كوفر :
معلوم لأنهم نفذوا أوامر ورغبات مولاي الإمبراطور.
بيتريك :
بس من سوء الحظ يا مولاي إن فريدولان هوا اللي هرب.
زعيزع :
هرب؟! إزاي تمكنوه من الهرب وتخالفوا أوامري الإمبراطورية؟
بيتريك :
بردون يا مولاي ...
زعيزع :
هس إخرص، بردون لما يلخبط جتتك قليل الحيا، موش أنا الإمبراطور اللي اخترتوه حاكم عليكم؟ أيوه والا لأ؟
الجميع :
أيوه يا مولاي.
زعيزع :
وحيث كده كان لازم لما سموي يطلب شيء أو يأمر أمر لازم تطيعوه وتنفذوه.
كوفر :
بس يا مولاي ...
زعيزع :
إخرص بس لما يبسبس عضمك، ودلوقتي أنا لازم أقبض عليكم حالا.
بيتريك :
لكن الجماعة اللي هربوا دول يا مولاي اقتفينا أثرهم، وقتلناهم عن آخرهم.
زعيزع :
آه إذا كان كده معلهش، وأنا رجعت لي ثقتي بيمشريني العظام. وإثباتا لذلك سمحت لكم بتقبيل كعب نعل طالونة راس سموي.
الجميع :
مرسي يا مولاي.
زعيزع :
دلوقتي، فين البرنسيسة خطيبتي عايز أشوفها حالا؟
كوفر :
البرنسيسة بتلبس هدومها وزمانها جاية يا مولاي.
زعيزع :
حد يروح يستعجلها قوام؛ لأني ما أحبش الانتظار، ياللا اخرجوا وسيبو سموي لوحده.
الجميع :
أمر مولاي الإمبراطور (يخرجون) .
زعيزع :
يا سلام، دي لذة صحيح لما الواحد يتمتع بملك زي ده، يحكم ويؤمر فيه زي ماهو عايز، لكن باشوف كل الناس اللي حواليه اللي يقول عمي واللي يقول خالي واللي يقول أمي، ولكن أنا موش عارف لي أم ولا أب ولا عمة ولا خالة. آه لازم تكون أمي هي الحكيمة كولوكنت الله يخليكي ياما يا كولوكنت. إنتي اللي رفعتيني للعز والجاه ده كله (حركة م الخارج)
آه البرنسيسة جاية أهي يا فرحتي يا فرحتي.
كليجوند (تدخل) :
يظهر إنك مسرور قوي يا مولاي؟
زعيزع :
ومين يشوفك يا سمو البرنسيسة ولا يكونشي مبسوط.
كليجوند :
يا سلام يا سمو الإمبراطور، وانت كمان ماتقدرشي تعرف أنا قد إيه باحبك يا عزيزي زعيزع.
زعيزع :
صحيح الكلام ده يا روحي؟
كليجوند :
صحيح قوي يا حياتي (يضحكان) .
كولوكنت (تدخل) :
إنتو بتضحكوا هنا وأعداءكم جوا في القصر بيتآمروا عليكم، والخطر بيهددكم من كل مكان؟!
زعيزع :
خطر إيه يا أمي؟
كولوكنت :
فريدولان واللي وياه وصلوا المدينة، ومعاهم قوة عظيمة ما أقدرشي أنا ولا أعظم ساحر في الدنيا عليها، فإذا عتروا فيك دلوقتي يا حضرة الإمبراطور المهزأ رايحين يرجعوك للطين مطرح ماكنت مزروع، ويخسروا كل ترتيباتي ويضيع تعبي سدى ولا يكملش انتقامي.
زعيزع :
فريدولان مين، ما مات وشبع موت من زمان.
كليجوند :
أيوه المحافظ بيتريك قال إن عساكره موتوه.
كولوكنت :
آه الأنذال الكدابين، وانت ياللا من هنا دلوقتي أحسن إذا دخل عليك فريدولان ولقاك هنا حايخسف بك سابع أرض.
كليجوند :
ويفارقني حبيبي أبو زعيزع؟
زعيزع :
أبدا يام زعيزع.
كولوكنت :
وانتي بتحبيه قوي للدرجة دي؟
كليجوند :
باحبه قوي يا أمي.
كولوكنت :
عال عال حيث كده ماحدش غيرك انتي في استطاعته تجريد عدونا من سلاحه.
كليجوند :
إزاي بقى؟
ساحرة :
أيوه لأن فريدولان اتحصل على خاتم سليمان وأهو جاي هنا علشان يقابلك ومعاه الخاتم، فكل اللي عليكي إنك تظهري له حبك وتجتهدي إنك تمسكي إيده اليمين وبمجرد ما مسكتي إيده يسقط الخاتم من إيده الشمال، فيظهر في الحال خادم يلتقطه ويخفيه إلى الأبد؛ لأن دي آخر مرة يظهر فيها خاتم سليمان على وجه الأرض، تعالي ويايا أفهمك الباقي (تخرجان) .
زعيزع :
الله الله، دول سابوني لوحدي، ما داهيه لا ييجي يموتني ياما (يخرج) .
فريدولان (داخلا) :
أديني عملت كل حيلة بواسطة الخاتم ده، ودخلت هنا من غير ماحد يشوفني. مافيش حد هنا والا إيه؟ أنا اللي يهمني دلوقتي خطيبتي البرنسيس كليجوند. يا ترى جرى لها إيه في مدة غيابي؟ أنا خايف ليكون استولى عليها أبو زعيزع الملعون زي ما استولى على الإمبراطورية بتاعتي. آه ما إيدي ما تعتر فيه، كنت بواسطة الخاتم ده أنسفه واخسف به الأرض، لكن معلهش أسيبه دلوقتي لحد ما أتطمن على حبيبتي، وبعدين أعرف شغلي وياه، يا ترى هي فين؟
كليجوند (تدخل) :
آه، إنت جيت يا حبيبي فريدولان، تمسك يده فيقع الخاتم ويظهر في الحال عفريت يلتقطه ويختفي.
فريدولان :
أيوه جيت يا حياتي ، أنا كنت خايف عليكي قوي. قوليلي عمل إيه وياكي الملعون أبو زعيزع؟
كليجوند :
أبو زعيزع، آه.
فريدولان :
إيه بتحبيه؟ آه يا خاينة! أنا لازم أنتقم منكم دلوقتي حالا.
كولوكنت (تدخل) :
أنت جيت يا شقي؟
فريدولان :
أيوه جيت علشان أنتقم منك بواسطة الخاتم ده ... الله الخاتم راح فين؟!
كولوكنت :
الخاتم راح لحال سبيله، وبعد كده موش حايظهر على وجه الأرض، ودلوقتي لازم أنتقم منك وأهلك بدنك.
فريدولان :
إزاي ده؟
كولوكنت :
اجمد بأمري في مكانك لا تتحرك يا فتان يابن خرفان يا ملك العفاريت والجان تأخد فريدولان تسجنه في طبقة النمل (يختفي فريدولان وهي ويظهر سماح) .
سماح :
آه نفذ السهم يا ملعونة، وفقدتي منه الخاتم، لكن يستحيل أنا أغفل عنه. اتبعوني يا أولادي (تغيير المنظر) .
المنظر التاسع
سماح :
تعالوا ورايا (يدخلان) .
ندا :
إحنا بقينا فين دلوقتي؟
سماح :
إحنا في طبقة النمل المسجون فيها فريدولان.
ندا :
وإمتى حانشوف حبيبي فريدولان يا عم سماح؟
تراك :
زمان النمل كله.
سماح :
والله يا بنتي أنا تعبت، ولكن الصبر مفتاح الفرج، ماتيأسيش من رحمة الله، وأنا حاعمل كل جهدي واللي في علم الله يكون.
ندا :
أيوه أنا في عرضك يا بويا سماح، نجيه إحميه خلصه م اللي هو فيه.
سماح :
أقسمت عليكي يا ملكة النمل بأمك وأبوكي وكل الصراصير اللي يعرفوكي بحق العيش والنخال تظهري في الحال (رعد وضجة وتظهر ملكة النمل) .
النملة :
شبيك لبيك محسوبتك بين إيديك.
سماح :
إسمعي إنتي عندك شاب مسجون.
النملة :
أيوه يا حكيم الزمان الإمبراطور فريدولان.
سماح :
إحنا عاوزين نشوفه دلوقتي حالا.
النملة (للداخل) :
إطلقوا سراح المسجون.
نداء :
آه يا عم سماح حايجي صحيح.
سماح :
أيوه يا بنتي تشجعي.
فريدولان (يظهر) :
آه هوا أنت يا عم سماح، أنا موش عارف أجازيك بإيه؟ ودي مين الست اللي وياك دي؟
سماح :
دي البرنسيس ندا الصباح، بنت إمبراطور النمسا اللي كانت عاملة شاب ولازمتك من يوم محنتك.
ندا :
أيوه البرنسيسة ندا، اللي بتحبك ومضحية نفسها علشانك.
سماح :
أيوه دي اللي مقسوم لك إنها تكون زوجتك وشريكتك في حياتك.
فريدولان :
طيب موش كنت تقوللي م الأول إنها ست؛ لأني من ساعة ماشفتها ما تفهمشي إزاي قلبي حبها، آه يا حبيبتي ندا.
ندا :
آه يا حياتي.
سماح :
الواد باين حايستعمانا في الضلمة يا حضرة الجنرال.
فريدولان :
دلوقتي أنا في عرضك يا عم سماح، خلصني م الورطة دي علشان أتجوز حبيبتي ندا، اللي أصبحت عندي أعز من كل مخلوق في الدنيا.
سماح (للنملة) :
اسمعي يا صديقتي.
النملة :
نعم.
سماح :
هي الساحرة كولوكنت مازالت عدوة لدودة لملكة النحل.
النملة :
هو هو، العداوة بينها وبين النحل مستحكمة خالص؛ لأنها دمرت كل خلايا النحل الموجودة في مملكة روما.
سماح :
كويس خالص أهو النحل دلوقتي من صفنا.
النملة :
لأ، وجيت في وقتك.
سماح :
إزاي ده؟
النملة :
لأن النهارده عيد افتتاح فصل الخريف، وكل عالم الحشرات يجتمعوا هنا، وأنا مستعدة إني أقدمك لملكة النحل اللي تنفذ لك كل أغراضك.
سماح :
أيوه علشان كمان نستعين بعربيتها ذات الأجنحة الطيارة لوصولنا إلى مدينة روما (ضجة ورعد) .
الجميع :
إيه الزيطة دي؟
النملة :
لأ ده موكب الحشرات، وفي مقدمته ملكة النحل سابقاهم وجاية لوحدها (تدخل النملة)
أهلا وسهلا بملكة النحل العظيمة، جيتي في وقتك.
النحلة :
أيوه أنا عارفة كل شيء، وللسبب ده جيت بسرعة ولهلاك اللعينة كولوكنت متطوعة.
سماح :
يا ملكة النحل وست الكل ويا لاحسة الزهر والفل، أستحلفك بكل الدبابير والنحل والعصافير إنك تساعديني وتاخدي بيميني، وعلى الساحرة اللعينة تنصيريني، وتفرجي لنا عليها اللي يسوى واللي ما يسوى، وتاخديها لنا كده ياختي جر كسوة.
النحلة :
آه من اللعينة كولوكنت، اللي دمرت جميع خلايا النحل في روما، ولذلك أنا جيت دلوقتي علشان أدلكم على الطريقة اللي بها تنتصروا على أبو زعيزع.
الجميع :
وإيه هي الطريقة دي؟
النحلة :
أبو زعيزع ده ما يمكنش الانتصار عليه بيد أي إنسان؛ لأنه مرصود له قرد، والقرد ده هوا اللي ينتصر عليه، ويفسد سحر الملعونة كولوكنت.
سماح :
والقرد ده نتحصل عليه إزاي؟
النحلة :
القرد ده موجود في غابة يمكنكم الوصول إليها بعربيتي ذات الأجنحة الطيارة اللي منتظراكم في الخارج، وخدام العربية عارفين مكانه وبمجرد ما توصلوا الغابة دي تجدوا القرد ده في انتظاركم؛ لأنه محكوم عليه من قديم الأزل بكده. تاخدوه معاكم وتنكم رايحين لأبو زعيزع، وهوا اللي يهجم عليه ويرجعه جزرة زي ما كان ويريحكم منه.
سماح :
نشكرك على صنع جميلك اللي يستحيل يتنسي أبدا.
ندا :
آه يا فرحتي يا فرحتي.
سماح (لتراك) :
ودلوقتي ياللا بنا يا رئيس الحربية، نجيب القرد في العربية، ونروح نهلك جزر البلية.
الجميع :
أيوه ياللا بينا ربنا معانا.
فريدولان :
أيوه ياللا بنا ربنا معانا يا ابو سماح.
الفصل الثالث
لحن بياعين في السوق
بياعين :
يا زباين قدموا ياللا أمال
السوق شغال
والبيع والشرا بتراب المال
طلباتكم عندنا عال العال
أجناس وأشكال
حصلوا يا حريم الحقوا يا رجال
عز الموجود قدكو وقدود
بثمن محدود
وكلام برفكس مافيهش فصال
بياع :
قبل ما نجبر قبل ما نمشي
مين عايز العيش الطازة
الجميع :
القرد القرد تعالوا شوفوه
يا ولاد القرد أوعوا له ياهوه
سماح :
الليل الليل وأنا كان مالي
دي وظيفة وكانت غايبالي
سرحتني وياك قرداتي
خايف لاتثبت طوالي
ندا :
ادحنا أهو متخفيين
ولاحدش عارف أصلنا مين
الأمير :
يا هنايا بفرحة القلب الساعة دي
لما شفتك بعد غيبتي يا بلادي
مهما فارقتك ومهما طال بعادي
ذكرتك ماتغيبشي لحظة عن فؤادي
النهارده الحق هو اللي حيعلى
والنهارده ينتهي حكم الأعادي
سماح :
وطي صوتك يا أخينا
لا حسن الملعوب يبوظ
كان ده كله منين يجينا
لولا موتك في الحظوظ
شاري :
البيض يا ولية بكام
الواحدة بصولديين
الله يرحم الأيام
كان صلدي يجيب اتنين
بياعة :
انجر بلاش تخريف
هنا عندي مافيش تخطيف
عسكري :
تنبيه يا بهيم انت وهي
ممنوع الندا والمهانية
وسعوا من وش الدورية
شاري 2 :
أرغفة إيه دي يا فران
الناس م الجوع حاتلود
ده زمان حكم فريدولان
كان رحمه إلهي يعود
عسكري :
خد من سكات بقى وانتهي
ما تحل عنه وتتلهي
الجميع :
ظلم وغلا ما نطيقشي نستحمل كده
الموت ولا ذل الحياة بالشكل ده
الهيصة أحسن حل ياللا اتجمعوا
ده احنا وأولادنا لأوطاننا فدا
الأمير :
ساعة الخطر فيها يبان عزم الرجال
ترخص لها الأعمار وتفنى لها الأجيال
يا شعب هيا للجهاد الظلم حتما له ميعاد
والعدل رايته تترفع ابن الوطن للنصر عاد
الجميع :
ده فريدولان ده فريدولان
يحيا أميرنا فريدولان
أهلا وسهلا بالحكيم الأسود سماح
الشر لما شفنا وشك زال وراح
سماح :
اتجدعنوا ياولاد ونادوا للأمير
واتسلحوا بالدبش والطوب والبنادق والصرم
شرش الجزر التراللي
تعالوا بنا نقول له يوللي
يا ابو زعيزع قوم صلي
خللي مراتك تقللي (يتغير المنظر إلى قصر الإمبراطور.)
كوفر (بعد اللحن) :
يا سلام، أما النهارده حاتبقى حته دين دعكة مالهاش مثيل أبدا.
بيتريك :
بالطبع لأن ده اليوم اللي بينتظره مولاي الإمبراطور أبو زعيزع والبرنسيسة كليجوند بفروغ صبر.
كوفر :
معلوم لأنهم بيحبوا بعض حب فوق الوصف، آه أهو مولاي أبو زعيزع أهو جاي على هنا ومعاه خطيبته (يدخل أبو زعيزع ومعه الجميع) .
لحن استقبال
الليلة الزفة الموعودة
مين قدك يا عروسة
داعيين لك تنك مسعودة
بعريسك كده ننوسة
ياولاد هاتوا الكاس والطاس
نشرب في صحة الاثنين
ما يقضيش ولا ميت فنطاس
ع الفرحة دي يا نور العين
مالكيش قسمة في أول بختك
بفريدولان
دلوقتي اتهني بفخفختك
جالها أوان
ياللا نزيط ياللا نهيص
ولا نسأل في أحسنها جعيص
ونهلل ونشعر ونطبل ونزمر
وندور شغل الترقيص
فريدولان (يدخل) :
ودلوقتي لا بد من هلاكك يا ملعون.
زعيزع :
يا خبر إسود (ينتقل ويقف فوق التربا) .
كولوكنت :
أبدا كداب؛ لأن ده ما يمكنشي توصل له إيد أي إنسان، والحيوان اللي مقسوم له هلاكه على إيديه ما يمكنشي حد يتحصل عليه.
فريدولان :
ده بيتهيألك يا أستاذة.
كولوكنت :
وانت طلعت تاني بعد ما سجنتك في طبقة النمل، طيب حنتريش منتريش (تلوح بعصاها) .
سماح :
لا لا، ما تتعبيش نفسك، عصايتك دي تكسريها وتتدفي عليها.
كولوكنت :
إزاي؟
سماح :
أيوه لأن محكمة الجن الأزرق حكمت عليك بنزع السر الموجود فيها للأبد، ودلوقتي اخرجي من هنا طريدة شريدة يا ظالمة يا جحودة.
كولوكنت :
آه يا مصيبتي (تخرج) .
سماح (لزعيزع) :
وانت يا ملعون جه وقت هلاكك، ماركو إقضي على حياته. وانتم يا خونة يا أشرار، تخرجوا حالا م الدار للنار جزاء لكم على ارتكاب الخيانة والعار، وده جزاء من يخون مولاه وكل ظالم يلتقي جزاه.
بيتر وكوفر :
لكن إحنا ...
سماح :
أخرجوهم.
تراك :
ياللا اخرجوا من هنا، لا حنا منكم ولا انتو مننا (يخرجون) .
سماح :
وانتي اقلعي التاج اللي على راسك ده يا خاينة؛ لأن دي هي اللي أحق بيه (يخلع عنها التاج لندا)
ودلوقتي اخرجي من هنا مخذولة مهانة، وابقي سلمي على أبوكي نسيب أبو زعيزع.
كليجوند :
طيب أنا حاقول لبويا.
سماح :
روحي يلعن أبوكي.
فريدولان :
آه يا بويا سماح، أنا موش عارف أشكرك بأي لسان.
سماح :
لا شكر على واجب يا بني؛ لأن ده كان دين علي للمرحوم أبوك، والحمد لله أديني رديته له النهارده في شخصك، وده برهان على أن الشرقيين ما يضعشي عندهم الجميل أبدا، بس يا بني أوصيك بالسهر على راحة شعبك، وإن شاء الله عن قريب أنا أكتشف لك الكنز الموجود في قصر جدك، ولا تنساش المكافأة للسيد تراك.
تراك :
يعيش الحكيم سماح.
الجميع :
يعيش الحكيم سماح.
سماح :
لا، قولوا تحيا القلوب المخلصة.
الجميع :
تحيا القلوب المخلصة.
سماح :
ودلوقتي زفوا الإمبراطور على عروسته البرنسيسة ندا الصباح، واهتفوا كلكم بلسان واحد فليعيش الإمبراطور.
الجميع :
فليعيش الإمبراطور.
لحن ختام الرواية
موعظة وفيها الدليل
العويل مهما يعمل لم يخيل
عمره ما يضيعشي الجميل
في الأصيل وانهزامه مستحيل
العساكر والمدافع والجيوش
كل دول ويا المظالم ما يفيدوش
اللي فوق الكل هوا الحق وحده
قوته تحمي الممالك والعروش (ستار ختام الرواية.)
رواية ابن فرعون
تأليف زكي إبراهيم، العرض الأول بتاريخ 1 / 10 / 1927
نشيد رثاء المغفور له سعد باشا زغلول
1
يا اللي رج الدنيا صوتك في الجهاد
حالنا يصعب بعد موتك عالجماد
مين خلافك للبلاد
في نوايبها الشداد كان عماد
مصر كان الله في عونها م الآلام
كنت دايما شمعدانها في الظلام
ياما أظهرت اهتمام
بالعمل مش بالكلام عالدوام
نبكي عالذات الشريفة معجبين
خلت الأمة الضعيفة عن يقين
أنصفوها الجبارين
واستراحو المظلومين بعد حين
بالرضا قضيت عذابك واتنفيت
والمرض لما أصابك لم شكيت
مالطة كام فيها قاسيت
والأكاده لما جيت ما انطويت
ادخل الجنة الهنية للخلود
يرحم النفس الوفية بالوعود
سعد يا أصل السعود
شهم زيك لم يعود للوجود
المقدمة (في بلاد الحبشة. المنظر برية بها جبل وعلى سفحه منزل صغير أمامه بعض أشجار ولنزور واقف يغني لحن الافتتاح، والشعب من الداخل يرد عليه، والشمس تظهر تدريجيا في أثناء اللحن.)
لحن الافتتاح
المهابة والخشوع لك لوحدك يا فتاح
نقصدك منك الجموع للهداية والصلاح
الغيور الشهم خدام الوطن
خد بيده والهمه سر الحياة
والدنيء العاصي جلاب الفتن
خيبه واخلف ظنونه يا ألله
في حراسة رع وحضرة آمون
علمك مرفوع يا أرض النيل
ونهار ما يموت ألف مليون
تضحية لمجدك برضه قليل
لنزور (بعد اللحن بخوف) :
أيتها العظمة السماوية التي لم أستطع أن أدرك شيئا من أسرارها، ولم أعرف ماهيتها، نبئيني من أنا وإلى أي شعب من شعوب الأرض أنتمي. إنني من قوم سود الوجوه، ومع ذلك فأنا أبيض اللون مخلوق من أب فلاح أسود وأم سوداء على أنني أمقت هذا البياض وإن حسن لأنه سبي وعاري ... تنكسر نفسي أمام هذا الخاطر وتصغر وتضاءل. بيد أني أشعر بكبرياء يتغلب على هذا الصغار بقوة لا أستطيع وصفها فتسمو بي إلى أرقى مراتب البشر، وتظهر عليها ملامح الأنفة والشمم. فيا أيها النور المنبعث في عظمة هذا الخالق أنر مستقبلي، وأرشدني إلى ما أثبت به جناني، وألهمني الحقيقة إلهاما أمجدك من أجله، وأسبحك بحمده وأقدس لك.
نيفر (تدخل) :
لنزور، لنزور آه مر علي الليل بطوله ما دقتش فيه النوم؛ لأن لنزور حبه تملك كل حواسي. فهل هو مفكر في؟ هل يشعر من جهتي بالعاطفه المعنوية الجميلة اللي بشعر بها أنا دي؟ يا ترى هو نايم لدلوقت ... لنزور لنزور حبيبي لنزور.
لنزور :
لنزور أنا؟
نيفر :
آه إنت، تعالى يا حبيبي.
لنزور :
آه نيفر.
نيفر :
أما أشوف قلبه من جهتي؛ لأني مش قادرة أعرف لحد دلوقت إذا كان بيحبني والا لأ.
لنزور (يقترب منها) :
نعم ما أصبحت يا سيدتي الشريفة.
نيفر :
الشريفة، آه يا عزيزي لنزور، لو ماكنش أبويا من أشراف الحبشة كنت قد إيه أكون سعيدة.
لنزور :
السبب يا سيدتي الأميرة؟
نيفر :
أيوه لأنك ما تعرفش قد إيه أنا باستاء من كلمة يا سيدتي اللي بتقولها دي، وعايزاك تكلمني من غير تكليف كده، وتنده باسمي علشان أشعر إني مساوياك في الطبقة وفي المقام.
لنزور :
لكن يا عزيزتي، إنت من بنات الأشراف وأنا من عامة الشعب.
نيفر :
آه يا قاسي، بقى انت عمرك ماحبتش أبدا؟
لنزور :
أؤكد لك يا عزيزتي، إني في حياتي ما عرفتش الحب ده جنسه إيه.
نيفر :
بقى ما بتشعرش من جهتي بشيء أبدا.
لنزور :
نعم، أشعر من جهتك بكل احترام وإجلال، وثقي يا سيدتي، إنك أولى من تتعلق بها نفسي إذا خطر لقلبي يوم ما أن يحب.
نيفر :
آه يا حياتي، أنا يكفيني منك الوعد ده، بس أنا خايفة عليك من أخويا السيد أوسر.
لنزور :
خايفه علي منه؟
نيفر :
طبعا ويظهر أنه بلغه شيء عن حبي لك. فإن تحداك في يوم من الأيام أخاف عليك منه.
لنزور :
لكن أنا ما أسأتش إليه في شيء.
نيفر :
ما أسأتش إليه إزاي؟ هو فيه إساءة أكبر من كون أخته بتحبك وأنت من عامة الشعب؟!
لنزور :
على ما أظن ده مش ذنبي أنا. وأشكر لك اهتمامك ده ودلوقت اسمحي لي لأني مضطر لدخول البيت دلوقت حالا.
بيفر :
مضطر؟!
لنزور :
نعم لأن عمتي المسكينة مريضة، والمرض اشتد عليها ليلة امبارح لدرجة إنها ما نامتش بسببه أبدا.
نيفر :
إذن قوم بالواجب لعمتك، بس ما تنساش حبيبتك نيفر يا ... (تنظر)
آه أخويا أوسر جاي على هنا ومعاه ابن عمي بيبو، وخايفة ليكونوا شافوني. خلي بالك. دافع عن نفسك كويس ومتخافش علي أنا (تخرج مسرعة) .
لنزور :
الله الله! غريبة دي كل مأموريتها يعني ما كانتش جاية إلا علشان تجيب لي مصيبه مع أهلها وتروح. النهاية أما ادخل أطمئن على عمتي المسكينة وأشوف أبويا اتأخر عن مزرعته لحد دلوقت ليه (يهم بالخروج) .
أوسر وبيبو (يدخلان) :
هو انت، إنت؟
بيبو :
هو انت أطرش مش سامع السيد أوسر وهو بينادي؟
لنزور :
بيناديني أنا؟
بيبو :
أمال بيناديني أنا؟
أوسر :
عارف احنا مين؟
لنزور :
أيوه عارف، دا شرف عظيم ما كنتش أحلم به يا حضرات السادة.
أوسر :
ودلوقت احنا جايين هنا علشان نسألك عن شيء، ولازم تجاوب بالحق على الأسئلة اللي حانسألها لك.
بيبو :
أيوه لأنك إن كذبت السيد أوسر يزعل منك، والسيد أوسر إذا زعل هوهو قول على الدنيا السلام.
لنزور :
يا سلام.
أوسر :
هي اتكلم حاتقول الحق والا لأ؟
لنزور :
أنا أقول الحق، ولكن مش خوفا من غضبكم، وإنما لأني تعودت إني أقول الحق دايما.
بيبو :
عظيم، قول لي بقى، مين اللي كان وياك دلوقت واحنا جايين على هنا؟
لنزور :
اللي كان ويايا هنا هي الأميرة السيدة نيفر أخت السيد أوسر.
أوسر :
أختي أنا؟! وبأي حق يتعرض لبنات الأشراف واحد من عامة الشعب حقير زي ده؟
لنزور :
من عامة الشعب (ضاحكا)
أنا من عامة الشعب وابن صاحب مزرعة يشتغل فيها مع والدي وبنستغلها وعايشين من ثمرة مجهودنا وعملنا، لكن إنتو تقدروا تقولوا لي بتشتغلوا إيه وعايشين منين؟
أوسر :
وهو اللي عنده ألقابنا دي يشتغل في حاجة؟!
بيبو :
بنشتغل أولاد أشراف وبس.
لنزور :
تشرفنا يا حضرات أولاد الأشراف وبس، ولكني أفتخر بأني رجل عصامي واكتسب قوتي كل يوم بعرق جبيني، وأنام ليلي مرتاح الضمير ما اشعرش لحد بجميل علي، حتى ولا والدي اللي رباني؛ لأني أكون تقيل إذا لم أعمل لمساعدته في جهاد الحياة وأحمله عبء حاجياتي. وفي هذا منتهى اللذه، اللي ما يشعرش بها إلا أبناء الشعب أمثالي، لا الكسالى المترفين أولاد الأشراف أمثالكم.
أوسر :
وكمان بتتجرأ على رفع صوتك قدامنا بالشكل ده يا وقح؟!
بيبو :
أما قليل الأدب، اللي بيساوي نفسه بأولاد الأشراف ويخاطبهم مخاطبة النظير للنظير.
لنزور :
نعم أخاطبكم مخاطبة النظير للنظير؛ لأني نفسي أرفع من نفوسكم، وده لأنكم من الأشراف اسما ونسبا. أما أنا فمن الأشراف نفوسا وقلوبا، وإن شرفكم ده عماده الأسماء الكبيرة والألقاب الضخمة، أما أنا فمستمد شرفي من الاعتماد على النفس والعمل الصالح في الحياة.
أوسر :
العمل الصالح (يضحك)
أيوه صحيح باين على وشك أهه.
لنزور :
يعني إيه؟
بيبو :
يعني وشك أبيض مع إن أمك وأبوك سود.
لنزور (بغضب) :
وغرضه يقول ...
أوسر :
إنك لقيط من بلاد أجنبية اتولى تربيتك حبشي وحبشية هنا في بلاد الحبشة.
لنزور :
آه يا ربي، أهه ده اللي كنت عامل حسابه (يضع يده على رأسه) .
أوسر :
هه شايف إزاي ماقدرتش تجاوب لما عرفت حقيقة أصلك؟
بيبو :
وإنك ابن زنا ولقيط، ولا يصحش تساوي نفسك بأولاد أسيادك.
لنزور (صارخا بيأس) :
آه آه، بزيادة كده حتموتوني، بس بس.
سيتو (من الداخل) :
إيه الزيطة اللي بره دي؟ بتتكلم مع مين يا ابني يا لنزور؟
أوسر :
آه أهه سيتو اللي رباه جي أهه، ولازم نخليه يؤدبه على وقاحته دي.
بيبو :
طبعا.
سيتو (يدخل) :
إيه مالك يا ابني فيه إيه سلامتك؟
أوسر :
قبل كل شيء أنا عايز تأدب الولد اللقيط قليل الحيا ده.
سيتو :
إخرس أوعى تحرك لسانك.
أوسر :
إيه بتقول إيه؟!
سيتو :
بقول الزم أدبك؛ لأني وإن كنت بحترمك علشان خاطر أبوك، لكن ما اسمحلكش إنك تقول في حق ابني الكلام ده.
أوسر :
ابنك (يضحك) .
سيتو :
أيوه ابني، بتضحك ليه؟
بيبو :
لأنه شبهك تمام.
سيتو :
آه، يعني هو أبيض وأنا إسود. طيب وماله ربنا قادر على كل شيء، وهو حد يقدر يعارضه في حكمته، وأظن آداب أولاد الأشراف اللي زيكم كده ما تسمحلهمش يواجهوا أي واحد من الشعب بالشكل ده.
لنزور :
ولكن يا والدي أعذرهم؛ لأنه لو كانت المرحومة أمي بيضه ع الأقل كنت أتعزى وأقول إني طلعت لها، لكن انت اسود وأمي سودة والفاملية كلها سود في سود، لهم حق إنهم يتهموني بأني لقيط وانتو اللي مربينني، وده الشيء اللي حايموتني خالص (يبكي) .
سيتو :
سد يا ابني سد، ما تسمعش كلام العيال دول.
أوسر :
عال خالص، أهي كده التربية والا بلاش.
بيبو :
إيه ده يا سيد سيتو، إنت حمش في تربيتك وحامي كده ليه.
سيتو :
وانت وحش في عقليتك وبارد كده ليه.
أوسر :
إيه! إنت بتهين أولاد الأشراف علشان ولد زي ده مش معروف له أصل.
سيتو :
أبدا ده ابن ناس لو عرفتم هم مين كنتوا تعرفوا إنه أحسن وأشرف وأأصل منكم، وتسجدوا حالا قدامه وتطلبوا منه السماح والمغفرة.
لنزور (بفرح) :
أنا؟! أرجوك يا والدي تقول لي عن حقيقة أصلي أتوسل إليك أبوس إيديك؛ لأن نفسي من زمان بتحدثني إني أنا لي شأن في العالم، أحب إني أعرفه دلوقت.
سيتو :
والله يا ابني لسه ما أنش الأوان علشان تعرف السر ده، وكل اللي أقدر أقوله لك دلوقت إنك ابن أعظم عظيم في العالم.
لنزور :
آه يا ربي، إمتى يئون الأوان؟
موريث (داخلة وهي عجوز ومريضة) :
هدي نفسك يا ابني، آن الأوان اللي يصح تعرف فيه إنت مين وابن مين.
لنزور :
عمتي موريث.
موريث :
نعم موريث مربيتك، المحتفظة بوارث عرش فرعون العظيم.
سيتو :
الله الله أختي، إنت عارفة بتقولي إيه؟ أوعى تكوني بتخرفي من شدة الحمى.
موريث :
لا يا أخويا، أنا بكل صوابي وسامعة كل الكلام اللي قالوه حضرات الأشراف، وبما أنه آن الأوان يصح إنك تقول له على حقيقة أصله.
سيتو :
النهارده؟
موريث :
نعم دلوقت حالا، خصوصا وإني حاسة إنه حايكون آخر أيامي في الدنيا علشان أموت وأنا مرتاحة الضمير، وروحي تطمئن في قبرها لما تعرف إني أديت الأمانة دي.
لنزور :
آه يا عمتي أستحلفك بالله، قولي طمنيني إنقذيني من العار اللي أنا فيه.
سيتو (للأولاد بعظمة) :
حيث كده ما فيش مانع إني أفهمكم يا حضرات العظماء، كبار النفوس، أولاد الأشراف، مين ده اللي تعديتوا على كرامته وهنتوه بالشكل ده.
الاثنان :
مين يا سيدي؟
سيتو :
ده الأمير رعمسيس الوارث الشرعي لعرش المرحوم أبوه رعمسيس الثاني عشر فرعون مصر، صاحب السيادة على الحبشة وحبيب حورس الإله الأبدي.
لنزور :
أنا؟ إزاي الكلام ده ؟!
أوسر :
وابن فرعون ووارث عرشه إيه اللي جابه هنا؟
موريث :
أنا مربيته جبته هنا وهو عمره سنتين، وفهمته إن أخويا أبوه وزوجته أمه، ولما ماتت مراة أخويا اتوليت أنا تربيته بصفتي عمته وأخويا بصفته أبوه (تئن من المرض)
آه آه.
بيبو :
وإيه السبب اللي خلاك جبتيه هنا في بلادنا بلاد الحبشة؟
سيتو :
السبب لأنها شافت إن أبوه في آخر أيامه انفضوا من حواليه كل الموالين له؛ نظرا لمرضه وضعفه وانضموا لحرحور رئيس كهنة الإله آمون، وحيث إن رئيس الكهنة ده، كان يطمع في العرش خطر بفكره إنه يموت الولد علشان يكون هو الوارث للعرش بعد وفاة والده.
لنزور :
هه، هه، وبعدين؟
سيتو :
وبعدين يا ابني لما شافت أختي كده هربت بك على هنا وربناك لما بقيت زي ما انت شايف كده.
الابن :
غريبة دي!
سيتو :
أيوه وعلى أثر هروب أختي أشاعو إن ولي العهد خطفوه جماعة من أسرى الحرب، وقتلوه باتفاقهم مع مربيته، وبالسبب ده بعد وفاة والده توجوا الكاهن الأعظم حرحور فرعون على مصر، وبحسب القانون تزوج بالملكة أستى أرملة فرعون المتوفي وأم الشاب ده.
أوسر :
ولكن إيه اللي يثبت لنا حقيقة كلامك ده؟
موريث :
اللي يثبت لكوا صدق كلام أخويا الأوراق دي، اللي ما يمكنش الطعن فيها أبدا؛ لأنه محضر ميلاده الموقع عليه من جميع الكهنة بخطهم، ثم ده خاتم الإمارة اللي فصه على شكل الإله خفيرا ويتوارثوه الأمرا واحد بعد واحد، ولافيش زيه في الدنيا أبدا. ودلوقت خد المستندات دي وروح على مصر وقدمها للسيد خفرن رئيس كهنة معبد الإله فتاح، وهو يعرفك حالا بمجرد اطلاعه عليها ويساعدك على أخذ حقك؛ لأنه هو الشخص الوحيد اللي كان موالي لوالدك ووالدتك، فضلا عن كرهه لحرحور رئيس كهنة آمون (تسقط إعياء)
آه آه الوداع يا ابني الوداع (تقبله) .
لنزور :
ودلوقت صدقتم يا حضرات الأشراف.
الاثنان (يركعان) :
أيوه واحنا نطلب العفو والمغفرة.
لنزور :
لا لا مافيش لزوم، وأنا متشكر لكم لأنكم كنتم السبب في معرفتي حقيقة نفسي (لسيتو)
ودلوقت حالا لازم نروح على مصر، وأقابل حرحور مغتصب عرش والدي وأنتقم منه شر انتقام.
سيتو :
لا لا إنت حاتتفرعن من دلوقت، اصبر أما نشوف حايجرى لنا إيه هناك قبله (يقول الموجودون اللحن الختامي) .
لنزور :
أسعدها لحظة رأيتها في عمري
هي الدقيقة دي اللي أنا فيها
أدركت مين أنا وظهر أمري
والنفس فهمت كل خافيها
أوسر وبيبو :
مافيش أقل جدال
أصيل وعال العال
ونشهد احنا ثقال
ودون صحيح ورذال
نهايته مهما اتقال
ندمنا أهه في الحال
لنزور :
عفيت خلاص والعفو فضيلة
وغايتي بس أشوف لي وسيلة
ترد مجدي ودولتي تاني
وأعود بطلبي وأنقذ أوطاني
الفصل الأول (معبد الإله فتاح في منفيس به جملة تماثيل للآلهة القدماء، وعند رفع الستار يكون رئيس كهنة المعبد خفرن ومعه الكهنة والكاهنات بأيديهم المباخر وقطع موسيقية وهم يرتلون صلاة الصباح في حفلة كشف النقاب، حيث يعود المعبود فتاح إلى الحياة على ماكانوا يعتقدون.)
لحن الافتتاح
المهابة والخشوع لك لوحدك يا فتاح
نقصدك منك الجموع للهداية والصلاح
الغيور الشهم خدام الوطن
خد بيده والهمه سر الحياة
والدنيء العاصي جلاب الفتن
خيبه واخلف ظنونه يا ألله
في حراسة رع وحضرة آمون
علمك مرفوع يا أرض النيل
ونهار ما يموت ألف مليون
تضحية لمجدك برضه قليل
2
خفرت (بعد اللحن) :
يا أبنائي الأعزاء، الآن وقد فرغنا من صلوات رفع النقاب عند المعبود فتاح القوي العجيب، الذي تتجدد فيه الحياة صباح كل يوم، دعوني أصلي إليه وحدي ليوحي إلي حسب عادته مايسدد خطانا جميعا إلى طريقه المستقيم، وأنت أيتها الرئيسة أيموزيس الصالحة، يا من نذرت نفسك للإله فتاح الأعظم بالجسم والروح، لا تنسي أن تبتهلي إليه في صلواتك الحارة أن يبارك أرض مصر بلادنا العزيزة، وأن يوفق أبناءها إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم.
أيموزيس :
تأكد يا قداسة الأب المحترم، أني لا أترك وسيلة إلا وأتوسل بها لإلهنا الأعظم لأجل مصر وأبناء مصر، كما أني متأكده أن خير البلاد ما هو إلا ببركة دعواتك الصالحة.
خفرت :
فليباركك فتاح وليجعل منك خير قدوة للصلاح والفلاح، ويقوي جنانك ويثبت إيمانك، اذهبوا يا أولادي تحفكم البركات، واطلبوا لبلادكم الخير تثابوا بأحسن الخيرات (الجميع يرددون الجزء الأخير من اللحن ويخرجون) .
خفرت (وحده) :
أيتها الإله فتاح المعبود الأكبر الذي يقدسه الجميع، أرفع وجهي إليك متوسلا راجيا أن توحي إلي ما أطمئن به نفسي، وأثبت به فؤادي أن حرحور المغتصب ذلك الطاغية قد تمادى في ظلمه واستبداده بشعبك، وسخرهم في قسوة وغلظة بما يعود بالخير عليه وحده وبالويل عليهم جميعا، فأدركهم بحكمتك وراعهم بقدرتك وعظمتك، واردد علينا ابن فرعون الوارث الشرعي لعرش أبيه وأجداده الفراعنة المقدسين، عله ينقذنا من الدمار، ويكون للبلاد في مقدمه خير يمن ويسار (يركع ويصلي فيطفأ المسرح ويحصل رعد وبرق ويسمع صوت) .
الصوت :
أي خفرت، رئيس كهنتي وخادمي الأول.
خفرت :
أي إلهي، فتاح الأعظم.
الصوت :
لقد وصلت صلواتك إلى أعتاب مجدنا كما وصل أنين الشعب إلى مسامعنا. إن عبيدنا الذين يتقدمون إلينا بالقرابين فنتقبلها سيرد إليهم سيدهم الرحيم بهم. اليوم يصل إليكم فأوصله إلى حقه عن طريق الحكم لا عن طريق الجهر بالقول، واستعن على قضاء حاجتك بالكتمان. مر ابن فرعون ومن معه أن يكونا حسني السيرة بعيدين عن الفساد. هذا ما رضيته لهما. لقد قدر على ابن فرعون الخطيئة ولكنه سيكفر عنها.
خفرت :
شكرا لك يا إلهي، يتجدد بوجودك الدائم الأبدي على ما أوليت من نعم وتفضلت به من نعمة.
الصوت :
خفرت لقد استجبنا دعاءك فنفذ ما أريد (يحصل رعد ويختفي الصوت ويعود المسرح كما كان) .
خفرت :
اليوم يصل ابن فرعون الأمير رعمسيس الثالث عشر إلى هنا، كما شاءت إرادة المعبود (يفكر)
اليوم 15 باشوت فيكون عمره اثنين وعشرين سنة يعني أنه بلغ رشده اليوم بحسب القوانين المعمول بها في بلادنا، ويحق له أن يتولى. فرعون بلا قوامة ولا وصاية (يبتهل)
أسالك أيها المعبود أن توفقني لمقابلته في وقت مجيئة (يرى قادمين)
مين اللي جايين دول؟
بيبي :
السلام لقداسة الرئيس الصالح.
خفرت :
ولكما السلام .
بسار :
نرجوك يا قداسة الرئيس تغتفر لنا الجرأة اللي دخلنا بها دي.
خفرت :
لا بأس عليكم.
بيبي :
إحنا جاين هنا علشان نقول لك إن حرحور اللي كان رئيس كهنة لمعبد الإله آمون واتولى فرعون علينا، جمع دلوقت ميت ألف عامل من الأهالي وبيسخرهم في بناء مقبرة له.
بسار :
واللي بيساعده على كده توثميس رئيس كهنة معبد الإله آمون، وده لأن حرحور هو اللي عينه رئيس كهنة في المعبد بداله، وبالطبع يكون من حزبه.
خفرت :
أيوه عارف.
بيبي :
وحيث إن الشعب يعتقد فيك إن قداستك رجل صالح ودعواتك مستجابة عند الآلهة، أرسلنا لك بالنيابة عنه علشان نرجوك أن تطلب لهم في صلواتك رفع المظالم دي عنهم، وتخفيف مصايبهم وآلامهم.
خفرت (بحزن) :
يا أولادي، انقلوا للشعب أن قلبي بين شفتي المظلوم يحس بأنينه فأبتهل لأجله. بلغوهم أني أشعر بآلامهم وأحزانهم، ودائما أطلب لهم الرحمة من الإله فتاح الذي استجاب لدعواتي، قولوا لهم إن الساعة قربت لرفع المظالم عنهم. فليكونوا أشداء عند الحاجة؛ لأن الآلهه تبذل رعايتها دائما للأبطال الذين ترجى على أيديهم منفعة البلاد، والآن أستودعكم الآلهة لأني داخل أتمم صلواتي (يخرج) .
بيبي :
إنت مش ملاحظ إن السيد خفرت بيلمح عن شيء مهم، ومش راضي يصرح به.
بسار :
أيوه واخد بالي. النهاية هو راجل طيب وأدحنا جيناله وقال كلمتين طيب بهم خاطرنا أحسن من غيره.
بيبي :
إي ده راجل مبروك ومن المقربين للآلهة هو فيه زيه (تسمع ضجة من الخارج)
إيه ده؟
بسار :
دول جماعة من العمال المسخرين جايين على هنا.
بيبي :
حيث كده ياله بنا لحسن لو شافنا رئيس العمال يأذينا.
بسار :
لا لا ما تخفش؛ لأنه موش موجود معاهم (تنشد الموسيقى ويدخل العمال المسخرون يقولون اللحن ويدخل سيتو ولنزور) .
برد الشتا وحرارة الصيف
واخدين من جتتنا راقات
بالكرباج وبحد السيف
غصبنا على الشقا بسكات
يحل ظلمك لنا في أنهي شرع يا جبار
تعيش في جنة وينحدفوا الأبرياء في النار
ماهوش حرام استعبادهم ولا تخشى العار
وأمهاتهم قبلك ولدوهم أحرار
بيسار (بعد اللحن وخروج العمال) :
الله إنتوا مارحتوش وياهم ليه؟
سيتو :
نروح وياهم على فين؟
بيبي :
تروحوا تشتغلوا.
سيتو :
لا إحنا بطالين النهارده.
بسار :
آه إنتو الظاهر عليكوا إنكوا أغراب.
سيتو :
هس إخرس، أغراب في عينك، إحنا أولاد البلد وأصحاب البلد.
لنزور :
أيوه أنا ...
سيتو :
لا لا، موش وقته أما نشوف الراجل اللي احنا جايين له.
الاثنان (يضحكان) :
الظاهر إنهم مجانين.
سيتو :
إخرس جن لما يلخبطك منك له، موش عارفين إنتوا دلوقت واقفين قدام مين، موش عارفين مين أنا ودا مين؟
لنزور :
أيوه أنا ...
سيتو :
لا لا موش وقته.
الاثنان (يضحكان بصوت عال) :
ها ها ها.
رئيس العمال (يدخل وبيده كرباج) :
إنتوا واقفين بتضحكوا هنا وسايبين الشغل؟ ياله امشي انت وهو قدامي (يريد أن يسوق الجميع فيخرج الاثنان العمال ويبقى سيتو ولينزور)
الله! إنتوا واقفين مستنين إيه؟ ما خرجتوش مع إخوانكم ليه؟
لنزور :
إنت إيه؟
رئيس :
أنا رئيس العمال.
سيتو :
تشرفنا يا رئيس العمال، ولكن احنا مش عمال.
رئيس :
إيه؟ أمال انتوا إيه؟
سيتو :
إحنا ناس أغراب موش من البلد دي (أثناء هذه الجملة يكون خفرت دخل ووقف بباب المعبد) .
خفرت :
آه يا إلهي، أغراب موش من البلد دي.
رئيس :
أغراب موش أغراب يجب إنكوا تشتغلوا مع العمال غصبن عنكم.
لنزور :
ومين دا اللي حايغصب؟
رئيس :
أنا بصفتي رئيس العمال.
خفرت :
لا أتركهم يا حضرة الرئيس؛ لأن الاثنين دول ضيوفي.
رئيس :
ليه هو ده موش مصري؟ (يشير على لنزور) .
لنزور :
نعم مصري.
رئيس :
حيث كده لازم تروح تشتغل معاهم حالا؛ لأن الأوامر تحتم إن كل مصري لازم يشتغل في بناء مقبرة صاحب المجد والارتفاع.
سيتو :
لكن ده ما يصحش إنه يشتغل لأنه ...
رئيس :
أسكت انت موش شغلك. أنا قلت يروح فلازم يروح حالا (إلى لنزور)
ياله قدامي (يرفع الكرباج يضربه) .
سيتو :
أوعى تمد أيدك عليه أحسن أدوب الكرباج ده على جتتك، إنت ما تعرفش ده مين؟
رئيس :
إيه، مين يعني؟
لنزور :
أنا سيدك، وسيد سيدك كمان.
سيتو :
لا لا موش وقته .
رئيس :
إيه، سيدي؟
خفرت :
لا، يعني قصدهم يقولوا إنهم فاهمين إننا كرماء ليضوفنا لدرجة إننا نبقى زي خدامين لهم، ولذلك بيقولولك سيدك وسيد سيدك.
رئيس :
آه بحسب، النهاية الشاب ده لازم يجي يشتغل مع العمال.
خفرت :
لا وأنا ما أسمحش إنك تاخده أبدا؛ لأن دول ضيوفي وأنا مسئول عن إكرامهم ويستحيل أسلمهم لك أبدا.
رئيس :
على كل حال أنا حابلغ المسألة لصاحب المجد والارتفاع، بمجرد ما يوصل دلوقت حالا للإشراف بنفسه على العمال، وبعد كده هو صاحب الرأي الأعلى (ويخرج) .
خفرت :
أدحنا بقينا لوحدنا، وحيث إن الإله فتاح العظيم أوصي إلي النهارده بقدوم شخص يهمني مجيئه، قولوا لي إنتو مين؟
سيتو :
إحنا ناس أغراب وجايين هنا قاصدين واحد اسمه ... حضرتك اسمك إيه؟
خفرت :
أنا خفرت رئيس كهنة معبد الإله فتاح العظيم.
سيتو (يصافحه) :
أهلا إنت حضرتك اللي احنا جايين قاصدينه، ودلوقت يصح نعرفك حقيقتنا، أنا سيتو أخو موريث مربية ولي العهد اللي خدته وهربت للأسباب اللي انت عارفها، وحضرته رعمسيس الثالث عشر الوارث الوحيد لعرش فرعون والآن اسمه لنزور.
خفرت (للنزور) :
إنت؟
لنزور :
أيوه واللي يثبت حقيقتي الأوراق دي والخاتم ده (يعطيه الأوراق والخاتم) .
خفرت (بعد فحصها) :
مظبوط هي دي أوراق ميلاد الأمير رعمسيس الثالث عشر، وهو ده خاتم ولي العهد على شكل الإله خفيرا (ينظر للنزور جيدا)
مافيش شك أبدا؛ لأنه شبه المرحوم والده تمام، ما شاء الله شوف بقى قد إيه!
سيتو :
أي أنا حاغشك يا شيخ دا كان أكبر من كده، وكش مني في السكة م الزعل بس.
خفرت :
ودلوقت مابقاش عندي أي شك (يركع أمام لنزور)
سلام أي فرعون، إله مصر السفلى والعليا رعمسيس الثالث عشر صاحب التاج المزدوج. له المجد والارتفاع والقوة والعظمة العقاب الأعظم محبوب حورس ومعطي القوة كالشمس، يا من لا تنتهي له حياة سيد الجميع وحاكم الشمال والجنوب.
سيتو :
يا سلام، دا إنت زحمه يا واد! موش أما يتفرعن زي الناس، وبعدين تبقى تعمل كده.
خفرت :
آه يا سيتو، إنت ما تعرفش إن ده هو الشخص الوحيد المعقود على وجوده آمال أكبر أمة في العالم (يركع ثانيا)
تحية وسلام، أي فرعون العظيم بن الآلهة المقدسين.
سيتو :
لا لا، وانت لعوق قوي، ياله بقى إطلع فيها واتنفخ علشان تملى عينهم.
لنزور :
أيوه ودلوقت حالا أنا حاروح أقابل حرحور ده، وأنزله من على العرش واقعد مطرحه (يهم بالخروج) .
سيتو (يمسكه) :
استنى استنى. إنت فاهم إنه كان منتظرك لحد ما تيجي ويتنازل لك عن العرش طوالي كده؟ طيب ده لو عرف حقيقتك يشوف له طريقة في موتك حالا.
خفرت :
أيوه يا ابني، لأن دي مسألة يجب فيها استعمال الحكمة، وموش لازم حد يعرف.
سيتو :
أيوه يجب استعمال الحكمة ثلاث مرات في اليوم؛ الصبح والظهر وعند النوم.
خفرت :
ومش لازم حد يعرف حقيقتك دلوقت لحد ما نعلن الحقيقة للشعب سرا، ونتأكد إنه معانا وبعدها نطالبه بحقوقنا.
سيتو :
طبعا لأنه حايدافع عن مركزه على قد ما يقدر.
خفرت :
أي نعم، وكذلك توتحيس رئيس كهنة آمون.
سيتو :
ولكن رئيس العمال اللي كان هنا ده لما يقول لهم علينا ويطلبنا لمقابلته نعمل إيه؟ (تسمع ضجة) .
خفرت (ينظر) :
أهه حرحور والملكة أمك وتوتحيس وأتباعهم جايين على هنا.
لنزور :
أمي معاهم (يهم بالخروج) .
خفرت (يمنعه)
إصبر شوية يا مولاي.
سيتو :
إيه العمل دلوقت، والواد حايشبط في أمه أهه؟
خفرت :
لا لا، تعالوا بنا أما نتدارى هنا على بال ما يدخلوا ونسمع حايقولوا إيه. (يخرجون وتبتدي الموسيقى بلحن استقبال فرعون ثم يدخل الجميع وأثناء اللحن يدخل فرعون محمولا والملكة أيضا والكهنة أمامهما والكاهنات.)
لحن استقبال فرعون
بحق عنخ وباسم إيزيس
وحورس الطفل القديس
3
حرحور (بعد اللحن) :
نحن حرحور حورتيب وخليفة صاحب المجد والارتفاع رعمسيس الثاني عشر آخر سلالة الآلهة الفراعنة، فاستمعوا أيها الكهنة والأشراف والجنود لما أقول.
الجميع (يركعون) :
الجد والارتفاع لفرعون.
حرحور :
كلكم يعلم أنني من عشرين عاما؛ أي في يوم توجت فرعونا على مصر، وأنا عزيز الجانب قوي الجاه، ولم أترك هفوة صغيرة تصدر عن أحد إلا أوقعت به وبأهله مهما عظم شأنه.
توتحيس (يتقدم) :
ومن ينكر ذلك يا صاحب المجد والارتفاع، إن الشعب لم يسعد إلا في أيام حكمك وكثيرا ما أوحى إلي أنا، تونميس الكاهن الأعظم للإله آمون أن أيامك ستطول على الأرض، وأن شعب النيل لا يسعد كسعادته في أيام حكمك (يبتهل بتملق)
اللهم يا آمون العظيم، أطل لنا حياة صفيك حرحور، وأفضي علينا بركاته، ووفقنا لما فيه ملذاته وكثر فلوساته ونفعنا ببقشيشاته وأدخلنا في جنتك مع عماته وخالاته وستاته وسبعاته وتمانياته و...
حرحور :
كفى.
توتحيس :
أي دا واجب يا مولاي.
حرحور (للشعب) :
وإني لأعجب أن يوجد هنا من يخالف أمري ويحتمي من غضبي بخفرت رئيس كهنة هذا المعبد فقسما برأس ...
توتحيس :
وهو قسم لو تعلمون عظيم.
حرحور :
أقسم براسي وبإلهي المقدس آمون لو تحقق هذا الأمر لأهدمن هذا الهيكل على رأس من فيه (حركة اشمئزاز من الموجودين) .
الملكة (لنفسها) :
يا إلهي فتاح العظيم أنت ترى أعمال الظالمين، فأنقذني من أيديهم بقدرتك وامنن علي بولدي، الذي أنذره لك إذا أهديتني إليه.
حرحور :
علي بخفرت رئيس كهنة هذا المعبد.
توتحيس :
أمرك يا صاحب المجد والارتفاع (ينظر فيرى خفرت)
آه أهه جي يا مولاي أهه، اتفضل يا سيد خفرت (لحرحور)
مش هو دا اللي وياه يا مولاي.
حرحور :
نعم.
توتحيس (مناديا) :
إنت والاثنان اللي معاك دول تعالوا تعالوا (يدخل خفرت وسيتو ولنزور) .
خفرت :
سلام للعقاب الأعظم صفي الآلهة وسيد الجميع فرعون العظيم.
الملكة :
آه يا ربي، يا ترى مين الشاب اللي مع خفرت ده؟
حرحور :
لم يخطر ببالنا أنه يوجد من يحمي الخارج على إرادتنا ويدافع عنه، خصوصا من الكهنة الذين نعتمد عليهم في هداية الشعب للطريق القويم وإلزامه طاعة أوامرنا المقدسة.
سيتو (للنزور) :
أوعى تبقى تترازل زي البقف ده.
خفرت :
عفوا يا صاحب المجد والارتفاع، أنا لولا أنني على يقين من أني لم أعمل إلا ما يرضي مولاي، إنهم ضيوفنا ويجب إكرامهم؛ لما اجترأت على منع رئيس عمال مقبرتكم المقدسة من أخذ لنزور وتشغيله فيها.
حرحور :
ضيوف ومن أي بلد؟
سيتو :
من بلاد الجنة.
حرحور :
وإيه اللي جابكم هنا ؟
سيتو (لخفرت) :
إيه الرأي؟ تقول له الحقيقة؟
خفرت :
لا لا، دا يا مولاي السيد سيتو من أكابر علماء الحبشة، وقد دلته علومه الغزيرة على وجود كنز فرعون بأرض مصر.
سيتو (للنزور) :
الله الله، دا بيخرف بيقول إيه ده؟
حرحور :
كنز؟! طيب ماقلتش كده ليه م الأول أهلا وسهلا بضيوفنا الكرام (يقترب منه ويصافحه) .
سيتو :
أهلا وسهلا أزيك.
حرحور :
بقى حضرتك من أكابر علماء الحبشة زي ما بيقول السيد خفرت؟
سيتو :
إلا دي عايزة كلام (هامسا لخفرت)
إيه الرأي دلوقت؟
خفرت :
وافق وافق ماتخفش وأنا أصلح لك.
سيتو :
تصلح لي إيه يا اسطى؟
حرحور :
يا اسطى، إنت بتقول لمين يا اسطى؟
سيتو :
إخص لا إيه الرأي، والله اتوحلنا يا اسطى.
خفرت :
لا يا مولاي دي اصطلحات عندهم في بلاد الحبشة، بيقولوا للكهنة اللي زينا يا أسطى.
حرحور :
غريبة وأظن حضرته (مشيرا على لنزور)
يبقى تلميذك؟
سيتو :
أمال تلميذي المفتخر وصبي المعتبر اللي صيته ملا بلاد الشمس والقمر (يقدمه لها) .
الملكة (للنزور) :
اسمك إيه ياشاطر؟
سيتو :
صلح يا اسطى.
لنزور :
اسمي لنزور يا مولاتي.
الملكة :
آه يا ربي، أنا مش عارفه شفت الشاب ده فين.
ايموزيس :
لنزور، آه اسم جميل قوي.
حرحور :
وأظن تلميذك ده ماهو مستمد أشياء كتير من علومك.
سيتو :
أوه، وفضل يستمد مني علوم لما بقى دلوقت أعلم مني، أنا بقيت صبيه من جمعة.
الملكة :
وحضرته راخر من بلاد الحبشة؟
سيتو (لخفرت) :
آه جينا للأسئله الصعبة، إلحق يا اسطى.
خفرت :
أيوه يا مولاتي من بلاد الحبشة؛ لأن أمه وأبوه مصريين وكانوا مقيمين في بلاد الحبشة ولما توفو خده السيد سيتو وتولى تربيته.
حرحور (للنزور) :
وحضرتك عالم في إيه بقى؟
لنزور :
عالم ... (ناظرا لسيتو) .
سيتو (مقاطعا) :
عالم في كل حاجة يا مولاي.
توتحيس :
لا، قصد مولاي يعني يفهم، عالم في إيه؟ في الشمس مثلا؟ في القمر؟
سيتو :
الشمس والقمر. دا عالم في الشمس والقمر والنجوم وكبريت الهوا.
الجميع :
يا سلام.
سيتو :
أوه، دي حاجة بسيطة يلعبوا بها العيال عندنا.
حرحور :
آه طيب، ويعرف إيه من أبواب السحر؟
سيتو :
يعرف الباب الأخضر وباب الخلق وباب النصر وباب الوزير والأبواب كلهم.
توتحيس :
طيب وانت تقدر تعمل لنا حاجة دلوقت علشان نعرف إيه قوتك في السحر؟
سيتو :
معلوم.
حرحور :
تعمل إيه؟
سيتو :
حاجة بسيطة خالص. لعبة ع المكشوف مافيهاش لا غش ولا أونطه ولا بلوف.
حرحور :
وإيه هيه؟
سيتو :
أقطع رقبة رئيس الكهنة السيد توتحيس ده وأرجعها مطرحها من غير ما يموت.
توتحيس :
يا خبر إسود، لا لا أنا مصدقك (لحرحور)
دا يا مولاي عالم من أكبر علماء الدنيا وبزياده ما تسألوش في حاجة ثانية.
سيتو :
هي صدقت؟ وآدي شاهد اعترف بنفسه، حدش سلطه؟ حدش قال له حاجة؟
حرحور :
وصحيح انت تعرف طريق كنز هنا في أرض مصر.
سيتو :
هه (ناظرا لخفرت) .
خفرت :
أمال يا مولاتي، هو جاي من بلاده مخصوص إلا علشان الغرض ده.
سيتو :
أمال يا مولاي أنا جاي من بلادي مخصوص إلا علشان الغرض ده (مشيرا على لنزور)
والا إيه يا تلميذي؟
لنزور :
أمال يا أستاذي.
حرحور :
حيث كده أمرنا بالانصراف، وانت يا قداسة الكاهن خفرت خليهم في ضيافتك لحد ما أرسل في طلبهم علشان نتكلم على انفراد في مسألة الكنز اللي بيقول عليه ده (يخرج الجميع على الموسيقى ماعدا خفرت وسيتو ولنزور) .
خفرت :
عظيم خالص، أهي مسألة انشغال حرحور وتوتحيس في حكاية الكنز اللي قولنا لهم عليه ده، يجعل لنا فرصة كبيرة ومتسع في الوقت نطلع الشعب فيه على الحقيقة من غير ما ياخدوا بالهم.
لنزور :
وما نقدرش نشرع في العمل من دلوقت.
خفرت :
لا أبدا، لأني تلقيت من الإله فتاح أمر بما يجب عمله، فلا تتسرع لأن حياة الأمير رعمسيس ليست كحياة لنزور صبي الفلاح. كما سترى بعد قليل؛ ولذلك تجد أن الأمير أقل حرية من أحط العبيد لأن السلاسل التي تقيده هي من الشرف لا من الحديد.
سيتو :
سلاسل إيه وحديد إيه، إنت ناوي تودينا في داهية؟! بس بس يا شيخ ما تفسرش في وش الواد لا يحمرق من الشغلانة قبل ما يستلمها.
خفرت :
دا أحسن، لأنه يجب إنه يعرف إن التاج اللي حايلبسه مثقل بالتبعة. فعليك يا ولدي قبل كل شيء أن تحذر المرأة لأن حبها سر غريب رهيب وفي استطاعته أن يرفع الرجل إلى أعلى عليين، كما في وسعه أن يجتذبه إلى أسفل سافلين.
لينزور :
ولكني لا أتذكر إنه كان لحب المرأة من سلطان على نفسي في يوم من الأيام.
خفرت :
والآن هيا بنا إلى القاعة المقدسة لنقسم بحضورنا على هيكل المعبود فتاح.
لنزور :
أقسم.
خفرت :
نعم تقسم إنك تخدم مصر بلادك بكل ما في وسعك وقدرتك.
لنزور :
وهو كذلك اتفضلوا وأنا أقسم لكم.
سيتو (على حدة للنزور) :
اسمع يا ابني، إنت لسه شاب طايش، فإذا كنت ناوي تمشي كده والا كده ما تحلفش أحسن الآلهة بتوع هنا باين عليهم حاميين، موش غلابة زي بتوع الحبشة.
لنزور :
لا أبدا، وأنا مستعد أن أقسم.
سيتو :
والله أنا خايف لتسود وشي مع الناس. النهاية ياله بنا.
خفرت :
ياله بنا على القاعة المقدسة علشان تقسم اليمين وأفهمكم الواجب عمله (يخرجون) .
أيموزيس (تدخل ومعها إحدى ساحرات المعبد) :
مش عارفه أنا نفسي مضطربة ليه، وحاسة بحاجة غريبة مش قادرة أحكم إن كانت سعادة والا تعاسة، وعايزاك بصفتك أكبر ساحرة في المعبد تنبئيني عن مستقبلي، لأني حاسة بخطر غريب يهدد حياتي.
الساحرة :
وريني يا بنتي كفك وأنا أقول لك ع اللي حايصادفك (تنظر في كفها)
شوفي يا بنتي، قدامك خطر يجي لك من أي شخص حاتحبيه ويحبك وتعزيه ويعزك، وينسى نفسه ويوطي حسه، وتتوه معاكم الأصول ويتعلق العزول، وتخلوا اللي يقول يقول، تخطي عتبة عظيمة يا تتكربسي يا تقومي سليمة، وتدخلي من باب كبير، وتسمعي كلام كتير، واللي حاتقفي قدامه يا يكون أمير يا يكون غفير، قدامك سكة مفتوحة، حاتمشي فيها، يا توصلي يا ترجعي مبطوحة، وتقاسي أهوال ويتغير الحال، واللي حاتمشي في سكته يا يكون ابن حرام يا يكون ابن حلال.
أيموزيس (لنفسها) :
إن شاء الله يكون ابن حلال.
الساحرة :
شوفي يا بنتي مكتوب على جبينك رجالة بالفرد، يا واحد ياحداشر يا مفيش حد، والخطوة وخيمة والعاقبة سليمة.
أيموزيس :
إن شاء الله.
الساحرة :
وقدامك تلات مواعيد في طريق بعيد، يا تيجي سليمه يا تروحي في حديد.
أيموزيس :
بس بس بلاش كلام فارغ، روحي اتفضلي على أودتك.
الساحرة :
أديني يا بنتي رايحة، وإذا حبيتي أشوف لك طوالع والا نوازل أديني في أودتي، يا تيجي يا متجيش، وإن جيت يا تلاقيني يا متلاقنيش، وإذا تعبتيني يا أشوف لك بختك يا ما اشوفلكيش (وهي خارجة)
شيش بيش تهويش حلمنتيش (تخرج) .
أيموزيس (وحدها) :
آه أنا مش عارفة الشاب اللي مع الراجل الأسود ده تملك قلبي كده ليه، ومن ساعة ماشفته وأنا بشعر بعاطفة مش قادرة أقاومها أبدا، كنت بحس في الأول إن روحي حيرانة، بترفرف زي اللي بتدور على شيء تايه منها، ولا نيش عارفه معنى لحيرتها دي، لكن دلوقت فهمت إنها كانت بتدور على الحب اللي ظهر في قلبي دفعة واحدة من ساعة ما وقع نظري على الشاب الجميل ده، يا ترى هو فين دلوقت؟ أنا زي اللي سامعة صوت في نفسي بيقول إنه حايكون لي معاه شأن كبير (تفكر)
لنزور اسم جميل انطبع على قلبي بحروف من نار أول ما نطق به الراجل الحبشي اللي معاه. آه يا حبيبي بشعر بأن قلبي وقلبه اتربطوا مع بعض بسلاسل الحب اللينة المتينة إلى الأبد (تسمع أقدام)
آه آهه جي آهه، أما أستخبى هنا وأمتع نظري بشكله الجميل (تختفي خلف تمثال) .
لنزور (يدخل) :
أديني أقسمت ولازم أبر بقسمي، تركتهم يتشاوروا في الأمور ويرسموا الخطة اللي حايتبعوها في الوصول للغرض، بعد ما حلفت لهم إني أضحي كل حب في سبيل حب مصر بلادي العزيزة.
أيموزيس (وهي مختبئة) :
مصر بلاده؟!
لنزور :
سوف لا أجعل سبيل لأي حب إلى قلبي وخصوصا حب المرأة، وإذا وصل إليه فإنني أحطمه بيدي خير لي من أن أصرفه إلى حب غير حب بلادي.
أيموزيس :
آه آه يا ربي (تقع على الأرض) .
لنزور :
إيه ده لازم حد بيتجسس علي (يجري نحو الصوت فيرى أيموزيس)
مين ده؟ (ينظر)
الله دي رئيسة كهنة المعبد اللي كانت واقفة معاهم (يستعمل وسائل التفويق)
فوقي فوقي مالك؟
أيموزيس (تفيق) :
آه إنت.
لنزور :
مالك فيه إيه؟
أيموزيس :
لا ما فيش بس ...
لنزور :
جرى لك حاجة؟ فيه شيء بيوجعك؟
أيموزيس :
قلبي.
لنزور :
قلبك، ماله؟
أيموزيس :
آه يا حبيبي لنزور.
لنزور :
حبيبك؟ الله الله! طيب مش كنت تقولي قبل ما احلف.
أيموزيس :
كنت منتظرة مجيئك هنا، وفاهمة إن روحك اشتركت مع روحي وبادلتها الحب، ولما سمعتك بتقول الكلام اللي قلته ده، فهمت إنك ما بتحبنيش وماقدرتش أتحمل الصدمة دي، وبالسبب ده أغمى علي.
لنزور :
أيوه، لكن انت هنا مش منذورة للآلهة؟
أيموزيس :
من يوم ما اتولدت، لكن دلوقت تأكدت إن روحي كانت منذورة لك قبل ما ينذروني أهلي لخدمة الآلهة؛ ولذلك أنا بحبك بعبدك كما لو كنت شفتك من ألف سنة، إنت ما بتشعرش بشيء من جهتي؟
لنزور :
أنا؟ (ينظر لها.)
أيموزيس :
أيوه انت يا روحي (يقولان لحنا) .
حامد :
أنا أغرب العالم عندي
هو اللي قلبه ما يهواش
4
باستعجب إزاي الأشجان دي
كانت زمان ما أعرفهاش
رتيبة :
هو الندى واحنا الغصون
يجينا في البستان سوا
أنا وانت أخلص من يصون
وفي الدنيا ميثاق الهوا
حامد :
لولا الغرام ما سمعنا تغريد الطيور
تنشد وتشجي بالأغاني والحنين
لولا الغرام ما تبسمت كل الزهور
تشرح برقة شكلها القلب الحزين
الحب يبخل بالسعادة عالقصور
ويجود بها يمكن لنا يا مظلومين
الحب ده ينبوع صافي
والقلب يشبه طير لهفان
والانعطاف هو الشافي
للمغرم اللي يكون حيران
لنزور (بعد اللحن) :
ولكن قولي لي، إنت اسمك إيه؟
أيموزيس :
اسمي أيموزيس.
لنزور :
آه أيموزيس، أيموزيس اللي ملكت عقلي وكل حواسي وقلبي وروحي.
أيموزيس :
لنزور حبيبي.
لنزور :
أيموزيس حياتي (يتعانقان) .
سيتو (يدخل فيراهما) :
الله الله! ماقلنا كده قالوا اطلعوا م البلد، إيه ده يا مولاي؟
لنزور :
لا ده ... ده ...
سيتو :
ده إيه (ينظر لها)
ومع رئيسة الكهنة كمان، يعني عايز تودينا في داهيه من وسع.
لنزور :
مش بإيدي يا أبويا ده شيء غصبن عني، إنت ماجربتش الحب؟
سيتو :
الحب، حب إيه يا سيدي؟! دانت لسه فاقع يمين يطير الحب اللي في الدنيا كله. أنا مش قايل لك ماتحلفش يا ابني.
أيموزيس :
إرادة الآلهة لا ترد؛ لأنها فوق كل إرادة. أهه أنا مثلا مع إني مقيدة بأقسام وعهود قطعتها على نفسي أمام الكهنة العظام والآلهة المقدسين، اللي نذرت نفسي لهم ماقدرتش أقاوم تيار الحب اللي امتزج بدمي وقلبي امتزاج الروح بالجسد.
لنزور :
وأنا كمان مع إني أقسمت أمام هيكل الإله فتاح إني أبتعد عن كل حب وخصوصا عن حب المرأة، ما قدرتش أقاوم نظرات أيموزيس اللي كانت مصوبة لقلبي.
سيتو :
وأنا كمان بعدما سمعت الشكوى بتاعتك دي يجب أوافق على حبكم وأساعدكم فيه بكل قوتي. مادامت دي إرادة الآلهة بتوع هنا واللي في علمهم هو اللي يكون.
أيموزيس :
أشكرك يا عم سيتو، آه يا فرحتي.
لنزور :
آه يا حياتي (يتعانقان) .
سيتو (ملتفتا حوله) :
إخشى يا واد انت وهي لحد يخش علينا (تسمع ضجة)
آه فيه ناس جاين على هنا، اتفضلي بقى حضرتك خشي الهيكل بتاعك أحسن حد يشوفك هنا يفهموا العبارة ونروح في داهية كلنا.
أيموزيس :
حاضر أديني رايحه أهه، أستودعك الآلهة يا حبيبي (يخرج) .
لنزور :
وحاتسبيني قوام كده يا روحي؟
سيتو :
روحك إيه؟! خليها تطلع يا سيدي.
لنزور :
آه يا بويا سيتو.
سيتو :
أبوك إيه وأمك إيه! استنى أما نشوف اللي جاين دول إيه.
رسول (يدخل يؤدي التحية) :
السيد سيتو والسيد لنزور يتفضلوا في قصر صاحب المجد والارتفاع فرعون مصر حسب أوامره المقدسة.
سيتو :
وهو كذلك (يخرجون، تبدأ الموسيقى وتدخل الكهنة والكاهنات والشعب يقولون لحن ختام الفصل الأول) .
كل غالي في الحياة
عندنا مالوش تمن
5
الفصل الثاني (في قصر فرعون وهو جالس على العرش، وعن يمينة الملكة إسني ونفرو واقفة بجوار الملكة، وتوتحيس بجوار حرحور ومع كهنة آمون، والجنود والوصيفات والأشراف والوزراء والجميع يقولون اللحن الآتي):
مين في نعمة زينا
إحنا حراس البلاط
6
حرحور (بعد اللحن) :
أي صاحبة المجد ملكة البلاد، ويا كهنة آمون العظيم، أيها الوزراء والأشراف والقواد، كلكم عارفين إن بكرة اليوم اللي وعد سيتو الحبشي إنه يدلنا فيه على محل وجود الكنز اللي بيقول إنه عارف مطرحه في أرضنا مصر، وإني أشكر الإله على مضي المدة دي من غير ما يعطي موعد آخر، والا أكون مضطر لعدم تصديقه والجزم بأنه كاذب محتال.
توتحيس :
تأكد يا صاحب المجد والارتفاع، إني من ساعة ما شفت الناس دول، وانا مش مرتاح لوجودهم؛ ولذلك أشرت على سموك بنقلهم من المعبد للقصر، علشان يمكننا مراقبتهم بدون ما يشعروا.
الملكة :
ما أظنش إنهم يكونوا كدابين؛ لأن شكلهم وكلامهم يدل على الشهامة وصدق العزيمة، واللي يكونوا كده مايكدبوش أبدا.
توتحيس (بتملق) :
كلامك مقدس يا صاحبة المجد، ونظرك في محله قوي قوي قوي، ولا يمكنش بعد ما قلتي كده حد يفتكر فيهم غير الصدق والإخلاص بس يعني ...
الملكة :
يعني إيه؟
توتحيس :
يعني طولوا معانا في الحكاية شوية، فلو فرض وكانوا، ده بس من باب الافتراض يا صاحبة المجد، مش من باب سوء الظن لا سمح الله، لو فرض وكانوا كدابين مافيش غير استنزال اللعنات الأبدية عليهم، وتشغليهم في مقبرة صاحب المجد لما تطلع عنيهم.
الملكة :
طيب وإذا طلعوا صادقين ودلوكم ع الكنز ده بكرة تعملولهم إيه؟
توتحيس :
نعمل لهم اللي ما يعمل، نهيصهم خالص (لحرحور)
والا إيه يا صاحب المجد؟
حرحور :
طبعا، ودي بدها كلام يا قداسة الكاهن الأعظم، ودلوقت اتفضلوا بنا على قاعة المشاورة أحسن المجلس زمانه انعقد علشان النظر في شئوننا السياسية (يخرجون) .
الملكة :
أنا أستأذن سموك؛ لأني في حاجة للراحة وعايزة أروح غرفتي الخصوصية.
حرحور :
زي ما يعجبك يا عزيزتي (للجميع)
والآن أمرنا بالانصراف (يخرج الجميع على لزمة موسيقية) .
لنزور (من الخارج) :
إنت مودينا على فين؟
سيتو (يدخل) :
بس تعالى تعالى، أما احنا بقينا في غاية الأنتيكة.
لنزور (يدخل) :
لكن احنا موش في كده، أنا حامل هم بكره اللي عايزينا نوريهم الكنز فين، وبالطبع ده حايكون آخر ميعاد نعرف فيه نتيجة المسألة، هو بكرة كام في الشهر، مش ثلاثين؟
سيتو :
أيوه ثلاثين، وخايف إن ذاد عن كده يحرق، وأنا ما أقدرش أقعد في السجن ده أكثر من كده.
لنزور :
لك حق إنما احنا هنا فين دلوقت؟
سيتو :
إحنا هنا في أودة استقبال فرعون للحاشية بتاعته (مشيرا على الكرسي)
وده عرش فرعون اللي حاتقعد عليه بكرة زي ما قال لنا خفرت.
لنزور :
أنا رايح أبقى على كرسي من دول يا أبويا.
سيتو :
أيوه ويبقى قدامك هنا الكهنة والوزراء والأشراف والتوابع والزوابع، وانت تأمر وتنهي وهم ينفذوا أوامرك بكل احترام وخضوع.
لنزور :
طيب وانت حاتبقى قاعد فين أمال؟
سيتو :
أنا عارف، إنت لما تستلم الشغل بكرة حاتعينى في إيه؟
لنزور :
حاعينك الوزير الأول بتاعي.
سيتو :
كويس خالص، أهه أبقى واقف جنبك هنا، وأنفذ أوامرك أول بأول.
لنزور :
بس أنا خايف لا معرفش أقعد على العرش ده، والا ما عرفش أتكلم وأمر وأنهي زي ما بتقول والحاشية تضحك علي.
سيتو :
مسألة بسيطة خالص، اتفضل سموك اتمرن من دلوقت ع الفرعنة علشان بكره تبقى عارف كل شيء.
لنزور :
أعرف إزاي بقى؟
سيتو :
افرض مثلا إن صاحب المجد والارتفاع فرعون داخل من هنا، ووراه صاحب الرفعة الوزير الأول يعني أنا، وحواليه الكهنة والأشراف والوصيفات.
لنزور :
وهم فين دول كلهم؟
سيتو (مشيرا على نفسه) :
أهم.
لنزور :
إنت يعني؟
سيتو :
أيوه مؤقتا لحد ما تفرج بالباقي، واتفضل امشي سموك بقى بعظمة كده، واطلع على عرشك واصدر أوامرك للحاشية بتاعتك بكل احترام، ياله وريني كده يا صاحب السمو الفرعوني.
لنزور :
طيب أنا أوريك.
سيتو :
توريني، راح تضربني. (لنزور يتظاهر بالعظمة ويمشي وخلفه سيتو ويصعد على العرش فيعتر بالسلم ويقع.)
سيتو :
على مهلك أحسن بعزقت الشغل (يجلس لنزور على الكرسي) .
سيتو :
ودلوقت ياله قول الأوامر اللي أنت عايز تنفذها، بس اتكلم رسمي وبعظمة على قد ما تقدر علشان تاخد عليها .
لنزور :
يا أبويا يا سيتو.
سيتو :
أبويا إيه وسيتو إيه ياشيخ ؟! قول يا وزيرنا الأول أحسن يقولوا عليك غشيم فرعنة.
لنزور :
طيب يا وزيرنا الأول، يا من عليه في المملكة كل المعول.
سيتو :
نعم يا صاحب المجد والارتفاع، يا من أمره واجب الاتباع، يحب يتنفذ بالزوق أو بالدراع.
لنزور :
أقول إيه كمان؟
سيتو :
قول اللي تقوله إنتش زي ما يعجبك، إنت خاسس عليك حاجة، أؤمر إنهي، إرفت، إقتل، إعفي. أهه الرعية قدامك كلها أهه، اتصرف فيها زي ما يعجبك.
لنزور :
الرعية؟ هي فين الرعية دي؟
سيتو :
يا سيدي ما قلنا إني أنا الرعية مؤقتا، رعية كده ع الضيق، لحد ربنا ما يوسع عليك ويفرجها بالباقي.
لنزور :
طيب (بعد قليل)
مانيش لاقي حاجة أقولها.
سيتو :
أوه وانت باينك ولد مش نافع، أوعى كده انزل وأنا أوريك الكلام يبقى إزاي علشان تتعلم.
لنزور :
طيب وريني كده لما أشوف (ينزل لينزور ويصعد سيتو) .
سيتو :
أهو أنا دلوقت فرعون مثلا وانت صبيه، يعني الوزير الأول بدالي، إقف كده وحط إيدك على صدرك وشوف إزاي الأوامر والعظمة (يقف لنزور بخضوع)
يا وزيرنا الأولاني ويا رجال حاشيتنا التحتاني منكم والفوقاني، اسمعوا أوامرنا من غير كاني ولا ماني ولا دكان الفسخاني ... الله، ماترد يا واد.
لنزور :
إنت بتقولي أنا؟
سيتو :
أمال إيه، ياله رد.
لنزور :
أؤمر يا مولاي، وكلنا خاضعين ولأوامرك سامعين.
سيتو :
اسمع يا وزيرنا الأول.
لنزور :
نعم.
سيتو :
أقول إيه بقى؟
لنزور :
الله، وانت زودت عني إيه، ما أنا برده عملت كده؟
سيتو :
لا لا، يعني أتكلم في أي موضوع الأول؟
لنزور :
أنا عارف، قول لنا شوية في أبو زيد.
سيتو :
أبو زيد إيه ياشيخ اتلهي، هو كان لسه طلع!
لنزور :
طيب، قول اللي يعجبك.
سيتو :
نتكلم في السياسة، اسمع الأوامر السياسية والأحكام السندسية الممزوجة بالحلاوة الطحينية. ياله يا حضرات الوزراء والحاشية اللي حوالينا، كبسونا من راسنا لرجلينا، واللي يخالف منكم الأوامر ولايختشيش نحرمه من البقشيش، ونصدر عليه أحكام اليفنيش وننفيه في جزائر الحلمنتيش يا أبو الريش إن شاء الله تعيش.
لنزور :
الله إيه اللخبطة دي !
سيتو :
هي شايف الأبهة، شايف العظمة أهو يبقى كده.
لنزور :
يا سلام يا بويا سيتو، وأنا لسه ما أنجلتش كمان، طيب ده لما أنجلي أطير التخت اللي أنا قاعد عليه ده، ياله اتمنى علي تعطى علشان أوريلك كرم الفراعنة يبقى إزاي، أطلب أي طلب بصفتي فرعون العظيم وانت واحد من الرعية المساكين الجربانين الكحيانين ياله قول.
لنزور :
يا صاحب الجاه وشيخ العتاة، محسوبك طالب من الله ولا يكتر على الله ومن خير الله ومن فضل الله.
سيتو :
الله يحنن عليك يا ابني، والله لسه ماستفتحناش، وانت راجع نبقى نديلك حق شقة عيش محبة في سبيل الله.
لنزور :
لا لا، أنا مش طالب عيش ولا فلوس يا صاحب السمو.
سيتو :
أمال طالب إيه يا أحد أفراد الرعية، وواكل السلطة والطعمية من أعتابنا الفرعونية؟
لنزور :
طالب يا صاحب السجع والارتجال، تجيب لي حبيبتي أيموزيس هنا في الحال.
سيتو :
إيه إيه، وده من ضمن شغل الفرعنة ده؟!
لنزور :
مش أنت اللي بتقول اتمنى علي تعطى.
سيتو :
لا يا بني يفتح الله. إذ كان على كده أنا ما انفعش في الشغلة دي (يهم بالنزول فتدخل تنزو) .
تنزو :
سلام للأمير رعمسيس الثالث وارث عرش فرعون مصر المقدس.
سيتو :
إخص دي الولية افتكرت إني أنا فرعون صحيح (ينزل)
والله مش أنا اللي بتسألي عليه ده.
تنزو (ضاحكة) :
مفيش لزوم للإنكار عارفة كل شيء.
لنزور :
عارفة؟ عارفة إيه؟
تنزو :
عارفة أن سموك رعمسيس الثالث عشر ابن فرعون مصر المقدس ووارث عرشه، وحضرته السيد سيتو أخو مربيتك موريث.
سيتو :
إيه الكلام الفارغ ده، تكونيش بتشبهي؟
تنزو :
أبدا، لأني اتجسست عليكم بنفسي من أول ما وصلتم للقصر ده، وبقيت أروح معبد فتاح كل ليلة من غير ماحد يشوفني لحد ما سمعت خفرت رئيس الكهنة يقول للعمال ولجماعة من الكهنة ومن الشعب إن حضرته وارث العرش، وإن عنده المستندات اللي تثبت كلامه، وأنا لدلوقت ماجبتش سيرة لحد بالكلام اللي سمعته ده إلا لما أقابلكم وأشوف رأيكم إيه.
سيتو :
في إيه ؟
تنرو :
في الشروط اللي حاعرضها عليكم دلوقت.
سيتو :
شروط؟ وحضرتك تبقي مين بدستور؟
تنزو :
أنا تنزو وبنت السيد توتحيس الكاهن الأعظم لمعبد آمون.
سيتو :
تشرفنا وحيث إن حضرتك عرفتينا بالشكل ده، إيه شروطك اللي جاية تعرضيها علينا علشان ما تقوليش لحد على حقيقتنا؟
تنزو :
لي طلب واحد أعرضه عليكم، فإذا وافقتم عليه ينضم أبويا لحزبكم من الآن ويساعدكم على انتزاع العرش من إيد حرحور، ويسلمه لكم في الحال، وانتم طبعا عارفين إن أبويا قوة ما يستهنش بها.
سيتو :
وإيه طلبك ده؟
تنزو :
هو إن الأمير يقعدني جنبه على العرش، وأصبح زوجته الشرعية وملكة مصر.
لنزور :
إيه؟ بتقولي إيه؟
تنزو :
بقول إن بينك وبين العرش دلوقت كلمة واحدة، وهي إنك تقول قبلت كما إن بينكم وبين الموت كلمة واحدة، وهي إنك تقول رفضت.
لنزور :
لا أبدا، أنا يستحيل أقبل مهما حصل.
تنزو :
إذن ما تلمش إلا نفسك.
لنزور :
زي بعضه.
سيتو :
طيب وإذا كان واحد زي حالاتي يعني مايسدش بداله في المأمورية دي.
تنزو (غاضبة) :
أوه، لا دي إهانه.
سيتو :
فشر وأنا حتى لما تستولى على العرش يخلصني أتجوز بنت كاهن زيك، وأنا ساعتها مايخلصنيش أتجوز رئيس كهنة بزيه.
لنزور :
على كل حال طلب السيدة تنزو يشرفني، بس مع الأسف ما أقدرش أنفذه لها لأسباب خصوصية.
تنزو :
إذن أنت بتحب واحدة تانية، وعلى كل حال أنا حافوتك تفكر في الموضوع، وإذا أردت إنك تنتفع بالظرف ده تكتب لي جواب بالقبول وأنا أرد عليك، وآخر ميعاد لإبلاغ فرعون عنكم النهارده في وقت الغروب، أنا حافوتك دلوقت وأنت اختار اللي يعجبك إما عداوتي وأما صداقتي (تخرج) .
لنزور :
إيه العمل دلوقت يا بويا سيتو؟
سيتو :
ماهو الحق عليك، يعني هي وحشة كنت وافقها والسلام.
لنزور :
ما أقدرش أبدا. شيء مش بإيدي يا أبويا.
سيتو :
ليه يعني؟
لنزور :
أولا لأني باحب أيموزيس (يرى خفرت)
وآدي السيد خفرت جاي أهه، أما ناخد رأيه في الموضوع ده.
سيتو :
اتفضل يا قداسة الكاهن وخلصنا م الورطة دي إعمل معروف.
خفرت (يدخل) :
فيه إيه مالك؟ هل أصبتم بسوء؟
سيتو :
أيوه، لأن بنت توتحيس عرفت حقيقتنا وجت هنا للأمير تطلب منه يا إما يتجوزها يا إما تقول لحرحور على حقيقتنا.
خفرت :
والأمير قبل؟
سيتو :
أبدا، ومشيت من هنا واشترطت عليه إنه إن ما كتبلهاش جواب بالقبول قبل غروب الشمس حاتفشي سرنا في القصر.
خفرت :
وعملت كده ليه يا سمو الأمير؟ ما تعرفش إن دي فرصة أرسلها لنا الإله فتاح من غير مشقة؟ وانت ضيعتها من إيدك، ودلوقت حالا لازم تكتب لها جواب، وتقول لها إنك قبلت؛ لأنك إن ماعملتش كده تأكد من هلاكنا جميعا.
لنزور :
يا سلام!
سيتو :
أيوه أيوه، اكتب يا ابني اكتب.
خفرت :
خد (يعطيه ورقة ومحبرة) .
لنزور :
واكتب أقول إيه؟
سيتو :
قول أصل الوداد ... المحبة. كل شيء مكتوب، وفضلت أسطر بدمعي كل يوم مكتوب.
خفرت :
إيه الكلام الفارغ ده! لا لا اكتب (يمليه)
سيدتي الشريفة تنزو، لقد قبلت بما عرضته علي، فاحضري للاتفاق وننتظر الرد. بس خد الجواب ده يا سيتو واديه لها في إيدها، وانت يا سمو الأمير، روح من هنا دلوقت أحسن الملكة بعتت لي وعايزة تقابلني هنا وحدها وبعدين ابقى تعالى.
لنزو :
حاضر بس ما تغبش علي يا أبويا سيتو (يخرج) .
سيتو :
وأنا رايح أديها الجواب أهه، وبعدين أبقى ارجع علشان نتقابل هنا برده (يهم بالخروج) .
خفرت :
اسمع يا سيتو (يخرج مفتاحا)
خد ده خليه معاك، وإذا حسيتم هنا بأي حركة ضدكم اهربوا من الباب ده (مشيرا على باب)
وتعالوا على المعبد.
سيتو :
بقى الباب ده يوصل للمعبد؟
خفرت :
أيوه فيه دهليز خفي يوصل للمعبد، بس أوعى للمفتاح كويس؛ لأن ده كان بتاع فرعون السابق واداه لي قبل ما يموت، ولا فيش الا هو ومفتاح تاني عندي في الهيكل (يأخذ سيتو المفتاح)
ياله بقى روح تمم مأموريتك وشوف الأميرة تنزو راح تقول لك إيه.
سيتو :
أديني رايح لها (يخرج) .
خفرت (وحده) :
ودلوقت أديني جيت حسب أمر الملكة، يا ترى عايزة تقابلني هنا على انفراد ليه؟ (ينظر)
آه أهي جاية أهه.
الملكة (تدخل) :
آه إنت جيت يا سيد خفرت حسب أمرنا.
خفرت :
أي نعم يا صاحبة المجد.
الملكة :
أنا عايزة أسألك سؤال وأرجوك إنك ما تنكرش مني شيء.
خفرت :
لك ذلك يا صاحبة المجد.
الملكة :
أنا رحت إمبارح بالليل في المعبد سرا، وسمعت كلام يفهم منه إن الإله فتاح نبأك بأمر خطير يتعلق بابني، فهل ده صحيح؟
خفرت :
أيوه يا صاحبة المجد، وقد نقلت نبوءة الإله لكثيرين من العمال والكهنة والشعب؛ ليكونوا على تمام الاستعداد.
الملكة :
وده معناه إن ابني موجود على قيد الحياة، وانت تعرف هو فين؟
خفرت :
سامحيني إذا لم أجاوب على هذا السؤال؛ لأن الوقت اللي يصح إني أجاوبك فيه على السؤال ده لسه ماجاش، واغفري لي هذه الجرأة يا سيدتي الملكة.
الملكة :
لا لا يا قداسة الكاهن، أنا مابكلمكش دلوقت بصفتي ملكة، أنا بكلمك بصفتي أم فقدت ولدها مدة عشرين سنة، ولا تعرفش هو فين، ولو كانت الأم المسكينة دي متأكدة إن ابنها مات كانت على الأقل تتعزى بزيارة قبره، وتقول إنه في حراسة الآلهة، لكنها تعلم الآن إنه حي يرزق، وربما كان قريب منها، ولكنه بعيد عن عطفها وحنانها، وإن عزه وجاهه وسلطانه دول متمتع بهم غيره، بينما يكون هو من أحط العبيد اللي ضربت عليهم الذلة والمسكنة وهو أحق بالسيادة من الجميع، فاستحلفك باسم الآلهة، وبكل عزيز على الأرض، ومقدس في السماء، أناشدك ذكرى فرعون أبو ولدي رعمسيس الثاني عشر صديقك القديم، أن ترأف لحالي وتدلني على ولدي إن كنت تعرف مكانه، إنت رجل صالح ومن الموالين لنا، فلا أظنك تبخل علي بالحقيقة، وقد رأيت دموعي وشعرت بآلامي وشاهدتني وقد تنزلت من كبريائي باكية راكعة على قدميك (تركع وتبكي) .
خفرت :
آه يا إلهي، إنني أرثي لك يا سيدتي الملكة، ولكن الإله لم يأمرني بإبلاغك الأمر، وإرادة الإله فوق إرادة الجميع.
الملكة :
هل قال لك شيء عن ولدي؟ هل نبأك بأنه حي لم يمت؟ أتوسل إليك أن تدلني على مكانة ، وأنا أذهب إليه بنفسي وأنادي به فرعون وأديله حقه غصبن عن الجميع.
خفرت :
آسف يا سيدتي، لأن دلوقت أقل كلمة منك على الأخص فيها خطر محقق على ابنك؛ ولذلك أعدك وعد شرف إني أقول لك الحقيقة باكر في منتصف النهار.
الملكة :
باكر في منتصف النهار؟
خفرت :
أي نعم، وسأحضر إليك بنفسي في مخدعك الخصوصي، وأفهمك كل شيء، ودلوقت أستودعك الآلهه؛ لأني راجع المعبد، ولا تنسي أن تكوني بانتظاري غدا في منتصف النهار.
الملكة :
إذن سأنتظر لباكر، سأذهب الآن لمخدعي، ولا أخرج منه إلا إذا حضرت (تخرج) .
خفرت :
في حراسة الآلهة. مسكينة، ولكني خايف أقول لها ماتستطعش كتمان السر، وده شيء مش في مصلحتنا دلوقت، النهاية أما أروح المعبد وبكره لازم نتمم كل شيء بمشيئة الإله (يخرج) .
سيتو (يدخل وبيده جواب) :
يا ترى الأمير بتاعنا فين؟ أديني جبت له منها رد جوابه أهه، بس إياك يتهدي ويوافقها خلينا نخلص (ينظر في الجواب)
يا ترى الجواب ده فيه إيه؟ ده تقيل قوي يظهر إنها كاتبة له فيه كلام كتير (ينظر)
آه وآدي الراجل أبوها ومعاه واحد كاهن من كهنة فتاح من صبيان خفرت جاين على هنا، وبيتكلموا باهتمام قوي. ده لازم بيقول لتحوتحيس حاجة تخصنا أما استخبى هنا وأشوفهم حايقولوا علينا إيه (يختفي) .
توتحيس (يدخل ومع رافحوتب) :
هي أدحنا بقينا لوحدنا، ولاحدش هنا يشوفنا ولا يسمعنا زي ما انت عايز. قول لي بقى أخبارك إيه عند كهنة فتاح يا سيد رافحوتب.
رافحوتب :
إنت عارف يا قداسة الكاهن الأعظم، ولائي لك من يوم ما اتفقت معايا إني أكون جاسوس من قبلك على خفرت رئيس كهنة فتاح.
توتحيس :
أيوه عارف.
رافحوتب :
ومن يومها لدلوقت وأنا بوافيك بأخبار خفرت طازة بطازة؛ لأني من ضمن خدمة المعبد ويمكني معرفة كل ما يحصل فيه بسهولة.
توتحيس :
أي نعم، والمرة دي عندك إيه بقى؟
رافحوتب :
بخفرت وسيتو الحبشي والولد لنزور اللي معاه.
سيتو (وهو مختبئ) :
آدي اللي أنا حاسه.
توتحيس :
مالهم دول؟
رافحوتب :
مالهم؟! ده أنا لو ماكنتش اكتشفت سرهم، كانوا خدوا العرش من حرحور وطردوك من المعبد ولخبطوا الدنيا خالص.
توتحيس :
الله الله! ليه بس قول قوام أحسن كركبت مصارين قداستنا.
رافحوتب :
أيوه لأن الولد اللي اسمه لنزور ده يبقى رعمسيس الثالث عشر ابن فرعون المتوفي ووارث عرشه.
سيتو :
يخرب بيتك.
رافحوتب :
وجاي م الحبشه مع سيتو أخو المربية موريث ومعاهم المستندات اللي تثبت شخصية الولد ده، فإيه رأيك في الخبر ده اللي يودي في داهية؟
توتحيس :
في داهية وبس، لكن المستندات اللي بتقول عليها دي فين دلوقت؟
رافحوتب :
معايا هنا، سرقتهم من أودة خفرت الخصوصية، وأظن من غير الورقة دي يستحيل خفرت يقدر يقنع الشعب إن الولد ده رعمسيس أبدا؛ لأنها ورقة ميلاده الموقع عليها م الكهنة كلهم.
توتحيس :
يا سلام على إخلاصك يا سيد رافحوتب، هات يا خويا هات.
رافحوتب :
أجيب إيه؟!
توتحيس :
الورقة اللي بتقول عليها دي.
رافحوتب :
وأنت لاخر هات.
توتحيس :
أجيب؟ (وقد أدرك)
آه فهمت بس مش توريني الورقة قبله.
رافحوتب :
وهو كذلك (يخرج الورقة ويفتحها فينظر فيها توتحيس) .
توتحيس :
يا خبر إسود! (يضع يده في جيبه ليخرج كيس نقود) .
رافحوتب (لنفسه) :
أما أكبر له المسأله علشان الحساب يتقل (يمسك الورقة ويرفعها)
شوف يا صاحب القداسة شوف (يضع الورقة على العرش)
أهي الورقة البسيطة دي هي رعمسيس الثالث عشر اللي حايجلس بعد قليل مطرح ما هي كده، ويأمر وينهي ويحكم ويعفي والجميع من حواليه ساجدين راكعين زي ما أنا عامل كده (يركع)
وهات يا تعظيم وهات يا تكريم وهات وهات.
توتحيس :
بس بس كتر خيرك على الخدمة دي خد (يأخذه من يده بعيدا عن العرش) .
سيتو (يظهر من مخبئه) :
أما آخد بقى الورقة دي وأحط بدالها الجواب ده علشان مايفهموش إنها اتسرقت (يضع الجواب مكانها)
وأهرب من هنا لا يظبطوني وهات ياجري (يخرج) .
توتحيس (وقد أعطى رافحوتب النقود) :
هي مبسوط بقى؟
رافحوتب :
ومن غير حاجة مبسوط يا صاحب القداسة.
توتحيس :
ودلوقت اتفضل يا عزيزي على المعبد أحسن خفرت مايلقاكش هناك ياخد باله منك، وإذا عرفت حاجة ثانية تعالى قول لي حالا.
رافحوتب :
على عيني، بس ابقى اتوصى بنا شوية (وهو خارج)
الورقة على العرش أهه (يخرج) .
توتحيس (يأخذ الورقة) :
تعالي تعالي، وانت كنت حاتخربي بيتنا خالص، ودلوقت حالا لازم أروح أدي خبر لحرحور علشان نشوف لنا طريقة في الناس دول (يخرج) .
أيموزيس (تفتح الباب السري الموصل للمعبد وتتركه مفتوحا وبه المفتاح) :
أديني بقيت في القصر. يا ترى هو فين دلوقت؟ آه ماشفتوش من يوم ما كان في المعبد لحد دلوقت، وأخيرا عرفت إن مفتاح الباب ده في أودة السيد خفرت، فخدته وتني جاية على هنا حالا علشان أمتع نفسي بلنزور حبيب قلبي (تراه)
آه أهه جاي أهه.
لنزور (يدخل) :
آه أيموزيس، إنت هنا يا حياتي وأنا كنت حاموت روحي علشانك؛ لأني موش عارف أهرب م القصر، وآجي كده المعبد علشان أشاهد محياك الجميل.
أيموزيس :
آه تأكد يا حبيبي إن قلبي بيدوب من الحسرة كل ما أفتكر إني كاهنة، ومنذورة للإله فتاح ولا يمكنش نتجوز بعض أبدا.
لنزور :
حتى إذا كنت فرعون مصر مايمكنش برضه؟
أيموزيس :
فرعون مصر؟
لنزور :
أيوه أنا رعمسيس الثالث عشر ابن فرعون مصر السابق ووارث عرشه.
أيموزيس :
صدقت، قلبي كان يحدثني إنك من دم نبيل، لكن تأكد إنك سواء كنت لنزور أو فرعون فإني أحبك في الحالتين، ومع الأسف فرعون لازم يتجوز واحدة أميرة من دم الفراعنة وأنا مش كدة.
لنزور :
إذن أهرب أنا وانت ونعيش مع بعض في بلاد بعيدة.
أيموزيس :
نهرب؟
لنزور :
نعم نهرب.
أيموزيس :
مستحيل يا حبيبي أجني عليك الجناية دي، وأفوتك عرش أجدادك اللي حاتتمتع فيه بالعظمة والجاه والمجد والسلطان، وأخليك تشعر معايا بالفقر والحاجة اللي حايكونوا نصيبك بسبب الفكرة اللي بتقول عليها دي.
لنزور :
آه يا حياتي (يقولون لحنا معا) .
لنزور :
بالأمانة توعديني وأوعدك
عهدنا في الحق ما يمكن يزول
إن رأيت الملك عني يبعدك
كام أحب الفقر وأتمناه يطول
إنت وحدك ثروتي
إنت معبودي أنا
وإيش تساوي محبتي
لما أبيعك بالغنى
أيموزيس :
مستحيل إن الوفية بحبها
قلبها يهاودها تشقي محبها
هي تختار غصب عنها غلبها
والسعادة هو يتمتع بها
لنزور :
مين له دخل في ملكي لما أحكم زمامه
وأرفعك في دولتي زوجة وشريكة
أيموزيس :
لك قانون واجب صيانته واحترامه
من بنات الشعب ما يولوش مليكه
لنزور :
نقتنع بالفقر ونعيش مخلصين
دا الغرام وحده نعيم للمغرمين
أفضل ابن الشعب وابن الشعب مين
زيه واكل لقمته بعرق الجبين
تنزو (تدخل بعد اللحن) :
ديهدا ديهدا يا صاحب السمو الفرعوني، إنت اللي باعت لي الجواب علشان آجي أتفق معاك على الجواز، وبعت لك الرد بأنك تنتظرني هنا.
لنزور :
بعتي لي الرد.
تنزو :
أيوه وأظن ماكانش يصح تقف تغازل حضرتها بالشكل ده في الوقت اللي انت عارف إني جايه فيه (لأيموزيس)
وانت يا قداسة الكاهنة يا اللي وهبتي نفسك للآلهة، جاية هنا تعملي إيه؟
أيموزيس :
جاية أقوم بواجب الإخلاص والحب وأشوف نصيبي في الحياة؛ لأن الحب الشريف له فروض زي الفروض الدينية وواجبات ماتقلش عن الواجبات الاجتماعية.
تنزو :
ما شاء الله ما شاء الله! (تنظر فترى الباب وبه المفتاح)
إنت جيتي من هنا، عظيم قوي وأنا رايحة أسك الباب ده واخد مفتاحه (تسك الباب وتأخذ المفتاح)
علشان ما تعرفيش ترجعي على بال ما أبعت لك اللي يأدبوك على كده (تخرج) .
أيموزيس :
إيه العمل دلوقت؟ لو عرفوا إني تركت المعبد وجيت لك هنا يموتونا إحنا الاثنين؛ لأن دي جريمة عقوبتها الإعدام.
لنزور :
إعدام؟ يا خبر أسود!
أيموزيس :
ونعمل إزاي؟ أنا بس خايفة عليك انت.
لنزور :
دا أنا اللي خايف عليك أنت (يحاول فتح الباب) .
سيتو (يدخل) :
الله مالكو بتعملوا كده ليه؟
لنزور :
تنزو سكت الباب ده، وخدت المفتاح علشان يجو يظبطوا أيموزيس هنا.
أيموزيس :
أيوه وإذا شافوني هنا يموتونا كلنا.
سيتو :
يموتونا كلنا؟ لا لا إذا كانت الحكاية فيها يموتونا كلنا أنا معايا مفتاح تاني (يفتح الباب ويعطيها الورق)
ياله ع المعبد، وخدي دي معاك إديها للكاهن خفرت ، وقولي له إن اللي سرقها من عنده واحد كاهن اسمه رافحوتب ، ويبقى ياخد باله منه. ياله روحي بقى، واوعي تضيعي الورقه لانروح في داهية.
أيموزيس :
شكرا للآلهة اللي نجتني من الورطة دي (تخرج) .
سيتو :
وانت روح دور على تنزور، وصلح وياها المسألة قبل ماتقول لحد عالموضوع.
لنزور :
طيب أديني رايح أدور عليها، بس إياك أعرف أصلح (يخرج) .
سيتو :
أما لو ماكنش الكاهن إداني المفتاح ده كانت انظبطت البنت هنا، ورحنا كلنا في داهية (ينظر)
وآدي حرحور وتوتحيس جايين على هنا ولازم بيتكلموا علينا أما استخبى وأشوفهم حايقولوا إيه (يختفي) .
حرحور وتوتحيس (يدخلان) :
بقى صحيح الكلام اللي بتقول عليه ده؟
توتحيس :
إلا صحيح، ما قلت لسموك إن معايا ورقة ميلاده اللي تثبت إنه هو ولي العهد ووارث العرش الوحيد (يعطيه الورقة)
تفضل خد أهه علشان تصدق.
حرحور :
عظيم قوي.
توتحيس :
أيوه اقرأ يا مولاي اقرأ.
حرحور (يقرأ) :
حبيبي ومالك فوادي، وصلني جوابك وأرجوك انتظاري في المكان نفسه، واعلم أن ما عرضته عليك لم يكن طمعا في أي شيء، وإنما بدافع حبي لك؛ لأني من ساعة ماشفتك حبيتك. الإمضا مفهوم.
توتحيس :
إيه الكلام اللي بتقوله ده يا مولاي؟
حرحور :
اللي مكتوب في الورقة اتفضل اقرأها (يعطيه الورقة)
إنت يظهر إنك خرفت يا سيد توتحيس.
توتحيس :
أما عجايب دانا قاريها بنفسي يا خواتي، وهي في إيد رافحوتب وشايف الإمضاءات اللي عليها بعيني دي.
حرحور :
عنيك؟ طيب وانت إذا كان لك عين تشوف بها كنت تجيب لي ورقة زي دي، وتقول عليها إنها ورقة ميلاد ولي العهد.
توتحيس :
باقول لسموك أنا قاريها قبل ما اخدها وأحلف لك بآمون العظيم، طيب وإيه اللي حانعمله دلوقت يا صاحب المجد والارتفاع علشان نخلص منه.
حرحور :
أهه دلوقت حاتيجي هنا الحاشية كلها وجميع رجال البلاط علشان يظهروا سرورهم زي العادة بوفاء النيل، اللي حاتكون حفلة تقديم العروسة له بكره.
توتحيس :
أيوه صحيح.
حرحور :
ونجتهد إننا نوجد في الاجتماع ده لنزور والراجل الحبشي اللي معاه بصفتهم ضيوف.
توتحيس :
هيه .
حرحور :
وأنا في أثناء المغنى والطرب أفهم رئيس السقاة إنه لما يقدم للموجودين الخمر المقدس في نهاية الحفلة، يقدم كمان للنزور وسيتو كاسين مسمومين، وبالطريقة دي يموتوا.
سيتو :
يا خبر إسود أما أروح أدور على الولد وافهمة العبارة (يخرج) .
توتحيس :
يا سلام على أفكار سموك اللي مافيش من فرمتها أبدا، من حق على فكرة إحنا لسه ما اتفقناش على اسم البنت اللي حاتكون بكره عروسة النيل.
حرحور :
أهه ابقى إعلنه بكره الصبح في الشعب إن الآلهة اختارت أي واحدة نكون متضايقين منها ضحية للنيل، والضهر أبقى أحدفها والسلام وأنا موافق ع اللي حاتقول على اسمها من دلوقت (تحصل ضجة)
آه أهم جاين على هنا كل الحاشية والأشراف ومن محاسن الصدف لنزور جاي معاهم.
توتحيس :
عال قوي يظهر إننا موفقين ومدام جه الولد مش ضروري خدامه، وأهه الحاضر يسد (تسمع موسيقى ويدخل الجميع ويجلس حرحور على العرش) .
حرحور :
ليقدم رئيس السقاة الخمر المقدس لنشرب نخب آمون العظيم (يقدم رئيس السقاة الخمر للجميع وأيضا لنزور) .
توتحيس :
إن الآلهة تفيض علينا المياه من سجور المقدس، فاشكروها وقدسوا لها واشربو هذا الكاس نخب وفاء النيل مصدر حياتنا (يرفعون الكئوس) .
الجميع :
النيل مصدر حياتنا.
سيتو (يدخل مسرعا) :
ارجع (يأخذ الكأس من يد لنزور ويحطمه) .
حرحور :
إزاي يتجرأ أي مخلوق ويعمل عمل زي ده في حضرتنا؟
سيتو :
لا مؤاخذة يا مولاي، ده تلميذي وأنا المسئول عن تربيته وتهذيب أخلاقه، ولا أسمحلوش إنه يشرب الخمر أبدا؛ لأني أعتقد أنها مفسدة للأخلاق ولا احناش متعودين عليها كمان.
توتحيس :
ما انتوش متعودين عليها.
سيتو :
أيوه لأننا بنشرب في بلدنا بوظة بس فقط.
حرحور :
لكن إحنا أمرنا.
سيتو :
واحنا مانشربش.
حرحور :
وكان لازم ينفذ أمرنا المقدس.
سيتو :
إنتو حاتخسرونا يا مولاي (إلى لنزور)
مش عيب ياولد، أنا جايبك هنا تفتح كنز والا قزايز.
لتنزور :
وأنا مالي ما همه اللي طالبين لي على حسابهم (تحصل ضجة من الخارج) .
سيتو :
حسابهم في عينك ولد قبيح، ياله قدامي (يخرجان) .
حرحور :
إيه ده؟
جندي (يدخل) :
بعد أمر صاحب المجد أتكلم.
حرحور :
تكلم.
جندي :
تمثال سموكم اللي أقمناه في ساحة القصر وقع النهارده مرتين، وفي كل مرة نحاول إننا نرجعه مطرحه يقع تاني.
توتحيس (له سرا) :
دي يظهر إنها لطشت مع سموك خالص؛ لأن وقوع التمثال لوحده بالشكل ده فأل وحش قوي.
حرحور :
لا أبدا، دي مكيدة مدبرة، ولازم أحققها بنفسي، وأعمل اللازم من جهة الناس دول (ثم يقولون اللحن الختامي) .
7
الفصل الثالث (ترفع الستار عن ساحة على شاطيء النيل بقصر فرعون معدة للاحتفال بوفاء النيل ثم يقولون لحنا.)
8
سيتو (يدخل ومعه خفرت) :
بقى يعني خلاص دلوقت حاينفذوا حكم الإعدام في لنزور (يبكي)
آه يا ابني يا اللي مالحقتش تتفرعن يا ابني، يا اللي جايبك تحكم انحكم عليك يا ابني.
خفرت :
طيب اسكت ماتعيطش كده.
سيتو :
ماعيطش كده إزاي يا سيدي ده اللي بيربي معزة بتصعب عليه مش ولد زي ده طول بعرض (يبكي)
آه يا ابني، يا شقا العمر كله يا بني، يا اللي ماحوشتش غيرك يا ابني.
خفرت :
يا راجل اسكت تفضحنا، بس اعمل اللي بقولك عليه ومالكش دعوة أنت.
سيتو :
ماهو يا سيدي لو كان الكلام اللي بتقوله ده معقول كان يبقى كويس، لكن على رأي المثل إن كان اللي بيتكلم مجنون يكون المستمع عاقل.
خفرت :
إزاي بقى.
سيتو :
طبعا، لأن الشمس مش على قد إيدكم تطلعوها وتنزلوها وقت ما يعجبكم، مش بزيادة حكاية الكنز اللي قعدتنا في قصر حرحور لحد ما عرفوا حقيقتنا، ورايحين يموتوا الواد أهم.
خفرت :
يا سيدي صدق وآمن، بقول لك إمبارح وأنا بحسب الفلك ظهر لي إن نجم من النجوم السيارة حايتوسط بين الأرض والشمس.
سيتو :
يتوسط؟ حتى السما لخره بقى فيها وسايط.
خفرت :
لأ لأ، يعني نجم كبير حايمر بين الأرض والشمس في نص النهار تمام، وبالسبب ده يحتجب نور الشمس عن الأرض مدة من الزمن ويحصل لها كسوف.
سيتو :
لها حق؛ لأن المسخرة كترت ولابقاش حد ينكسف، ولذلك الشمس بتنكسف بدالهم.
خفرت :
النهاية وده شيء بيحصل كتير ومواعيده معروفه عند علماء الفلك اللي زي حالاتي.
سيتو :
ويعني مافيش حد هنا غيرك انت يعرف في حساب الفلك؟
خفرت :
أبدا ولا توتحيس رئيس كهنة آمون حتى ولا حرحور نفسه.
سيتو :
لكن إذا طلع حسابك ده فاشوش، مش الكسوف ده يبقى في وشي أنا.
خفرت :
ما يمكنش لأن حسابي ما يخيبش أبدا، ومن جهة ثانية مايكونشي عندك فكرة لأن الإله فتاح أوصى إلي أن ولي العهد لازم يجلس على عرش أجداده النهارده.
سيتو :
نهايته ياله بنا. قال طاوع الكداب. أما من جهة كده اسمح لي أقول لقداستك إن الآلهة بتوعكم دول عيارهم مفلوت خالص.
خفرت :
ليه بقى؟
سيتو :
أيوه لأن اللي بيحرته فتاح يبططه آمون، وكل واحد منهم بكلمة لحد ما لوصونا معاهم خالص.
خفرت :
لا لا ماتقولش كده أمال يا سيد سيتو.
سيتو :
ما أقولش كده إزاي يا سيدي ما احنا فيها أهه.
خفرت :
إزاي؟
سيتو :
إنت مش بتقول إن فتاح أوحى إليك أن لنزور حايجلس على عرش أبوه النهارده؟
خفرت :
أيوه.
سيتو :
كويس خالص، وتوتحيس قال إن آمون أوحى إليه إن لنزور هرب من الباب السري اللي في القصر علشان يدنس معبد فتاح المقدس، وللسبب ده اتحكم عليه بالإعدام.
خفرت :
أيوه بكل أسف.
سيتو :
أهي دي يا قداسة الكائن يبقى اسمها لخبطة وعدم نظام بين الآلهة وبعضها، والأحسن إنكوا توفقوهم سواء، وإذا كان فيه سوء تفاهم بناتهم تزيلوه وتصلحوهم على بعض، يبقى لكم ثواب.
خفرت :
إنت بتلخبط بتقول إيه يا شيخ انت؟!
سيتو :
باقول يا بخت من وفق راسين في الحلال، وكمان علشان مايخربوش الدنيا بعمايلهم دي اللي بتيجي على دماغ الغلابة اللي زي حالاتنا.
خفرت :
لك حق تقول كده؛ لأن الكهنة علشان ينفذوا رغباتهم ويراعوا مصالحهم الشخصية بيقولوا للناس أشياء ما تنطبقش على الواقع ولا لهاش أي نصيب من الحقيقة.
سيتو :
أمال الحقيقة إيه بقى؟
خفرت :
الحقيقة إن تماثيل وهياكل الآلهه الكثير اللي بتشوفها دي ماهي إلا رموز لمعاني مختلفة وقوات متباينة في نقطة واحدة ، وتجتمع في قوة هايلة وشيء كبير مايمكنش وصفه ولا التعبير عن ذاته وهو الخالق الأزلي والمعبود القديم.
سيتو :
شيء غريب!
خفرت :
وإن تقديسنا للرموز دي وتقربنا منها ما هو إلا توصلا لمرضاة إله واحد وإن تعددت أسماؤه وكثرت صفاتة. أهي دي الحقيقة يا سيتو.
سيتو :
أيوه قول لي كده أمال أنا لاخر بقول إيه الديانة الهايصة اللي فيها ربعميت إله وإلاهاية دي.
خفرت :
أسكت أسكت أحسن توتحيس رئيس الكهنة وميريس رئيس السحرة جاين سوا على هنا، تعالى بقى أما أفهمك ع اللي حاتعمله وأنا علي إتمام الباقي (يخرجان) .
توتحيس (يدخل ومعه ميريس) :
أهه صاحب المجد والارتفاع زمانه رايح الاحتفال.
ميريس :
كويس خالص إنما تقدر تقول لي سيادتك ليه بلغت الشعب إن الإله آمون اختار أيموزيس رئيسة كاهنات معبد فتاح ضحية تقدم للنيل، واشمعنى يعني اخترت دي دونا عن بنات البلد كلها. إيه الحكمة في كده يا قداسة الرئيس؟
توتحيس :
أنا أقول لك على سر المسألة علشان نبقى مع بعض ع المكشوف كده. بقى المحروسة تنزو ...
ميريس :
بنتك؟
توتحيس :
أيوه اسم آمون عليها وحواليها عرفت إن الولد لنزور ده هو وريث عرش الفراعنة.
ميريس :
أيوه عارف.
توتحيس :
وعلشان كده قابلته بنفسها وعرضت عليه جوازها، بفكرة إنها تخدمني وتحافظ على مركزي بكونها تجعله نسيبي، لكن هو رفض واتضح إن رفضه ده بسبب حبه لأيموزيس الكاهنة؛ ولذلك شفت إني لو حدفتها النهارده في النيل تروح لحالها ويخلى الجو لبنتي.
ميريس :
كويس لكن الولد ده مش حكم عليه بالإعدام بتهمة هروبه من القصر وتدنيسه المعبد المقدس؟
توتحيس :
صحيح لكن مين عارف يمكن في أثناء الاحتفال يجد في الأمور أمور، ويجي خفرت ومعاه المستندات اللي تثبت للشعب حقيقة الولد، ويستلم العرش غصبن عن عين حرحور وأتباعه، مش جايز إنه يحصل كده خصوصا بعد ما انسرقت من إيدنا ورقة ميلاده اللي كنت اتحصلت عليها.
ميريس :
كل شيء جايز.
توتحيس :
أهه لو حصل أكون وقتها خلصت من أيموزيس، ولا يبقاش قدام فرعون الجديد غير بنتي ولما يجوزها ...
ميريس :
حاتكون بالطبع ضمنت استمرارك في رئاسة الكهنة زي ما انت دلوقت.
توتحيس :
فهمت بقى يا أستاذ إيه الحكمة في إن إلهنا آمون العظيم أوحى إلي باختيار البنت دي للتضحية دونا عن بنات البلد كلها.
ميريس :
يا سلام على آمون بتاعنا ده يا قداسة الكاهن، أما عليه كل حكمة وحكمة، مايعملهاش إلا أنا وانت وهو بس.
توتحيس :
أمال يعني سيادتك فاهم إننا بنعلب هنا.
ميريس :
لا أبدا، واحنا بنفذ إرادة الآلهة بالحرف الواحد يا قداسة الرئيس.
توتحيس (ضاحكا) :
مش كده والا إيه (يضحكان)
ودلوقت ياللا بنا على محل الاحتفال علشان نستقبل هناك صاحب المجد والارتفاع زي العادة المتبعة كل سنة (يخرجان ويتغير المنظر عن المحل المخصص لإلقاء الضحية في النيل وتبدأ الموسيقى ويدخل حرحور وتوتحيس والكهنة والكاهنات وأيموزيس والحاشية، ثم يقولون اللحن) .
9
حرحور (بعد اللحن) :
يا شعب مصر المقدس المطل على أرضكم حورس من سماء مجده، ويحرسها آمون العظيم.
الجميع :
المجد لآمون العظيم.
حرحور :
اعلموا أني حضرت بنفسي لأشترك معكم في السرور والابتهاج بهذا اليوم السعيد، ولأباشر بنفسي تنفيذ رغبات الآلهة.
توتحيس :
علشان تعرفوا إن صاحب المجد ما بيغفلش دقيقة واحدة عن الالتفات لشعبه المحبوب، كما أنه محافظ كل المحافظة على إقامة الشعائر الدينية وبيضحي راحته وسعادته في سبيل راحتكم وسعادتكم.
الجميع :
فرعون مصدر حياتنا.
حرحور :
ودلوقت يا قداسة الكاهن الأعظم، نفذ الإجراءات الرسمية وقدم الضحية (يتقدم توتحيس من أيموزيس ويريد أخذها للمحل المخصص) .
أيموزيس (تبكي) :
آه ارحموني ارحموا شبابي (تركع أمام حرحور)
العدل الرحمة، أسألك الرحمة يا مولاي، إنت لك قلب وللشفقة سبيل إليه، فاعفي عني وعن الشاب المسكين اللي حكمتم عليه بالإعدام ده؛ لأنه ما ارتكبش أي جريمة، ولا لوش أي ذنب يستحق عليه العقاب.
حرحور :
اسكتي يا كاهنة فتاح، واستعدي لمقابلة النيل عريسك الجميل.
توتحيس (ينهضها) :
قومي يا بنتي قومي، وانت قد دا المقام لما يقع اختيار الإله عليك لتأدية المهمة العظيمة دي، ياللا ياللا بدال ما بتعيطي كده انبسطي وفرفشي علشان تقابلي وجه آمون وانت ميتة م الضحك. أحسن ياخد على خاطره منك لو رحت له مبوزة بالشكل ده.
أيموزيس :
آه يا قداسة الكاهن، عندي من الأسباب ما يحبب إلي الحياة دلوقت.
توتحيس :
إيه ده! ما قلنا اضحكي بقى وياللا نوديك للنيل. تعالي يا بنتي أقدمك عروسة للنيل المقدس، أصل حياتنا ومنبع ثروتنا ونعيمنا، إياك يقبلك منا اعترافا له بالشكر والتمجيد.
الجميع :
لسيمور الشكر والتمجيد.
سيتو (يدخل مسرعا) :
اسمعوا يا جماعة كلكم رغبة الإله آمون العظيم اللي بلغها دلوقت على لسان المعبود نتاش ابن بكاش إله الأحباش.
حرحور :
إنت برضه جاي هنا تتداخل في شئوننا المقدسة؟!
سيتو :
اسمعوا يا كهنة يا شعب، إذا كنتم سمحتوا للناس دول يعملوا العمل ده اللي هم رايحين يعملوه رايح يقلب عليكم ويخزق عنيكم، وبعدها يجرجركم على جهنم والحديد في إيديكم وفي رجليكم.
الجميع :
يا حفيظ! إتكلم اتكلم.
سيتو :
أيوه لأنه بيقول إنه ما أمرش بتقديم الضحية دي، ولا بموت لنزور والدليل على صدق كلامي إنه دلوقت حالا حايحجب وشه عنكم.
الجميع :
يعني إيه؟
سيتو :
يعني إن الشمس حاتغيب دلوقت، وإذا تممتم شيء من عملكم ده مش حاتطلع عليكم أبدا بعد كده.
الجميع (مفزعين) :
إرحمنا يا آمون.
حرحور :
ده كلام فارغ.
سيتو :
أديني بين أيديكم، وإذا ما حصلش الكلام اللي بقول عليه ده موتوني ونفذوا كل خطتكم.
حرحور :
بس اسكت. تمم واجباتك يا قداسة الكاهن.
الجميع :
لا أبدا أبدا.
حرحور :
إذن هاتوا المحكوم عليه بالإعدام علشان إن ماكنش كلام الراجل ده صحيح نعدمهم نظير تعديهم على الطقوس المقدسة، وبعد كده نقدم الضحية.
الجميع :
أيوه لازم ننتظر، لازم ننتظر (يدخل لنزور بجوار جنديين ويقف بجوار سيتو) .
توتحيس (لسيتو) :
ودلوقت لو اتضح إن كلامك ده مالوش أصل حانموتكم بالجملة كده في قلب بعض فاهم.
سيتو :
أيوه فاهم واحنا مستعدين (يحصل رعد وتبتدئ الشمس بالكسوف) .
سيتو :
هي جالكم كلامي وصدقتوا إن الإله غضبان عليكم، وغير راض عن أعمالكم الجهنمية دي؟
لنزور :
إيه ده يا أبويا سيتو؟! إنت عملت إيه في الشمس؟
سيتو :
أسكت انت وأنا حاخليها لهم ضلمة خالص (تختفي الشمس تماما ويقع الجميع على الأرض ويقولون لحن استرحام آمون.
10
وفي أثناء اللحن تبتدئ الشمس بالظهور وبعد الانتهاء من اللحن تكون الشمس ظهرت تماما) .
حرحور :
ولكن أنا فرعون مصر أأمر بإعدامهم جميعا.
الجميع :
أبدا أبدا لأن الآلهة تغضب علينا.
توتحيس :
لكن ده فرعون وأمره من أمر آمون.
الجميع :
مش ممكن مش ممكن.
سيتو :
فرعون؟ أمال ده مين يا نور العين؟
لنزور :
يا جماعة يكون في معلومكم كلكم إني أنا ...
الجميع :
مين مين؟
الملكة : (تدخل مسرعة ومعها خفرت)
ابني ابني.
لنزور :
أمي أمي.
الجميع :
ابنها؟
خفرت :
أيوه اللي كنت بقول لكم عليه.
الملكة :
نعم ابني ووارث عرش أبوه رعمسيس الثاني عشر فرعون مصر السابق، وآدي ورقة ميلاد سيدكم، وآدي خاتم الإمارة كمان (تريهم الخاتم والورقة فيفحصونهما) .
الشعب :
تمام تمام، هو ده الأمير رعمسيس الثالث عشر، والملكة صادقة في اللي بتقوله.
الملكة :
ودلوقت يا جماعة، يكون في معلومكم إن الجواز بيني وبين السيد حرحور أصبح باطلا بحسب قوانين البلاد؛ لأن عرش الفراعنة ظهر الوارث الشرعي له، وعليه مابقاش بيني وبين حضرته أي علاقة من دلوقت.
الجميع :
فليطرد الظالم.
سيتو :
وحيث كده سيب بقى التاج ده لصاحبه (يأخذ منه التاج ويلبسه للنزور)
ومدام خدت كلمتك من صاحبة السمو جماعتك اتفضل بقى شوف لك شغلانة تانية.
حرحور :
يا عبيدي.
الجميع :
ياللا فليطرد الظالم.
توتحيس :
ماتيللا بقي يا أخي هي لزقة (للنزور)
وأنا يا مولاي؟
سيتو :
وانت تروح ويا الأسطى بتاعك، ودوروا لكوا على شغلانة غير دي (الجميع يطردوا حرحور وتوتحيس) .
لنزور :
وحيث إني تحصلت على جميع حقوقي، هل تسمح والدتي بزواجي بحبيبتي أيموزيس.
الملكة :
مافيش مانع.
أيموزيس :
يا فرحتي يا فرحتي!
الملكة :
وانت يا قداسة الكاهن خفرت، ياللا بنا دلوقت حالا على المعبد المقدس لعقد زواجهم هناك.
سيتو :
قولوا كلكم يعيش فرعون.
الجميع :
يعيش فرعون (هنا يطفأ النور ويرفع الستار عن أبو الهول ورمز مصر بجواره) .
مصر :
يا أولادي الأعزاء، أنتم جددتم شبابي بأعمالكم المجيدة، وأعليتم شأني بين الشعوب بجهادكم المستمر، وأثبتم أنكم أبناء أبرار بأمكم مصر؛ ولهذا أنا أبارككم.
الجميع :
فلتحي أمنا مصر العزيزة.
مصر :
والآن على صاحب الحق أن يصل لحقه بالروية وأصالة الرأي، ويقابل الإساءة بالإحسان، ولتكونوا أحرارا في بلادكم، كرماء لضيوفكم، وليكن رائدكم جميعا الصدق في القول والإخلاص في العمل، وأن تقوم المحبة بين الناس مقام القانون.
الجميع :
أرواحنا فداء المخلصين (ثم يقولون اللحن الختامي للرواية) .
11
رواية أبو النواس
تأليف حامد السيد، العرض الأول بتاريخ 11 / 10 / 1928
الفصل الأول (شاطىء نهر - قنطرة في اليمين - مرسى مراكب - منازل قديمة - في وسطها باب فوقه يافطة «حانة أبي النواس» وإلى ناحية أخرى مدخل شارع، وعلى مسافة ممر مؤد إلى القنطرة المنظورة. الوقت ليلا. يظهر الضوء منبعثا من نوافذ المنازل البعيدة - فانوس أحمر جهة المرسى - دور «حانة أبي النواس» يرى فريق من النور والشحاتين منتشرين يمينا ويسارا تحت القنطرة وفي مدخل الشارع وفي جهة السلم.)
اللصوص :
في هدو الليل وضلامه
الناس تبطل حركتها
بمجرد هم ما ناموا
نصحى احنا ياحراميتها
نتنشط ونقشط
ونرازي ونهوش
وننعم ونكوش
ولا نتتل من يمشي
في طريق ولا يفوت
وإن عصى ولا سلمشي
حتما إنه يموت
ضلالية وحيلية
وعشان ما ننفي الشبهة
نختار صنعة هيفه
إيه قولت يعيشوا بها
إشي أدباتي
وإشي قرداتي
وأهي ماشية ديابها في كلابها
والسرقة تعوز أولاد كار
وأسيادنا العسكر لونها
كار القط ماكلشي الفار
الجميع :
لله لله
يا اللي تعامل الله
يا شحاتين يا حنا يا مساكين
يا مرميا بالقوي يا مسورقين
يا جواعه يا صراعه
عافيتنا خايبه وعضامنا سايبه
وهدومنا دايبه
ولا حته خاليه من الأوجاع
لا عين ولا رجل ولا دراع
من أهل الله يا اللي تعامل الله
الأعمى :
يام العواجز دستورك
أنا اللي جاني العما حيثي
يعوض الله بقى في نورك
يا عيني ياللى بقيتي ليثي
أعمى وشبه يهش
بده حتى رغيف العيش
من أهل الله يا اللي تعامل الله
المكسح :
أنا المفرطم أنا المكسح
طالب من الله فقط سيجاره
حايبقى ولا أنط ولا أتفسح
وكيف مافيش أما دي عاره
من غير رجلين
وأتعشى منين
من أهل الله يا اللي تعامل الله
الأكتع :
أكتع وبيمشي يزك
وولايا وراه وعيال
وقفاه ياكله ولا يحك
إكمن صوابعه تقال
له ست أيام
ولا كل ولا نام
إحسان لله يا اللي تعامل الله (بعد اللحن يخرج الجميع واحدا فواحدا ولا يبقى في المسرح غير نقرذ وجعضيض ومحممش.)
نقرذ :
جرى إيه اليومين دول يا جعضيض؟ الدنيا ملطشة معانا كده ليه؟! النوري منا كان زمان مسافة ما يقطع الطريق ساعتين تلاته يسقط له على كام واحد من الجماعة المحينين إياهم يأشطهم بصنعة لطافة، وحلني على بال ما يضيع الغنيمة يكون إبليس رزقه بغيرها.
جعضيض :
يظهر يا أبو النقاريذ إن الفلس ضارب أطنابه الإيام دي في البلد، والحرامي منا على رأي المثل تبع الرابحة.
محممش :
ومن جهة تانية كمان، عم عثمان شيخ الطايفة بتاعتنا من يوم ما اغتنا ولقبوه بأمير النور محدش سايعة في الدنيا.
جعضيض :
ولا الحق، وأهو مش ملتفت إلا للربابة بتاعته، وداير يسرح بها مع البنت ثريا الرقاصة الحليوة دي اللي ما حد عارف إنه كان مخلفها صحيح ولا شوف خاطفها منين، وأهو الغرض عمال يهبش من هنا لهنا وفاتنا احنا نرن وخلاص.
نقرذ :
أيوه، يا سيدي اللي عطاه يعطينا، مين قده.
1
محسن :
أوه، يا حافيظ! دانتوا كابوس، قلتلكوا غورو من وشي.
جعضيض :
نغور؟ لا حول الله، إخص العالم ضلت.
محممش :
ما حدش بقى عنده شفقة، ما حدش عنده إيمان. هو انت إيه، قلبك حجر؟!
محسن :
نعم، حاتقولولي خطبة يا شحاتين، يا أوباش، يا متشردين.
نقرذ :
إيه، متشردين؟!
محممش :
أوباش؟!
جعضيض :
لا لا، دي إهانة. دي قلة حيا. دي وقعتك الليلة سوده من إيدينا. عليه يا رجاله.
محسن :
ارجع انت وهو، إياك واحد منكو يقرب.
نقرذ :
اسمع. كلمة ورد غطاها. إن كنت خايف على أجلك قوام طلع اللي في جيبك يا خفيف.
محسن :
اللي في جيبي إلا ده بعدكم. لازم تفهموا أولا إنتو بتكلموا مين. أنا حسان ابن الأمير زياد.
محممش :
ابن زياد ابن عفريت أزرق طلع اللي في جيبك.
جعضيض :
أيوه ، إخلص ورد الموجود. خلينا نشوف غيرك.
حسان :
لتاني مره أفهمكم إني أنا حسان ابن الأمير زياد.
نقرذ :
واحنا لتاني مره نقولك يا أمير حسان يا ابن الأمير زياد هات اللي في جيبك ولا مافيش غير ده (يشهر سيفه)
إنت شايف؟
حسان (على حدة) :
إخص، دي بينها واقعة مزفتة، لكن مايصحش أضعف قدامهم (لهم)
وأنا مستحيل أسلم في دينار واحد ما دام معايا السيف ده (يشهر سيفه) .
جعضيض :
إيه؟ يعني بتمتنع خد (يهم بضربه) .
حسان :
ارجع (يتلقى الضربه على سيفه ويتعاركون، وهو يدافع عن نفسه تسمع غوغاء من الخارج) .
محممش :
استنوا (ينظر للخارج)
لا دول الزملا ما تخافوش (يدخل فريق من النور وبينهم ثريا) .
لحن
حسان :
طبعي أنا غير طبع الناس
ما انساش جميل ما انساش معروف
وانتي التقيتك في الإحساس
فرقتي عن رجاله ألوف
الطيبة عمرها ما تزول
والسيئة تؤثر م الغير
وتمللي من كان ابن أصول
الخير يجازي عليه بالخير
ثريا :
في الدنيا شيء اسمه الواجب
تأديته فرض وإلزام
على قد ماهو عندك عاجب
أنا ما انتظرشي عليه إكرام
حسان :
يا اللي افتكرت إن الوفا مات
وإن المروءة عدمت كداب
لسه الوفا ولسه المروءات
برضك لهم أهل وأصحاب (ينتهي اللحن بأن تنقذه من بين أيديهم وتصرفهم عنه فيخرجون.)
ثريا :
قد إيه أنا خجلانة خالص من اللي حصل، وعلى كل حال الحمد لله اللي أمكنني أؤدي لك خدمة بسيطة وأبعد أذاهم عنك.
حسان :
آه، وانت ماتقدريش تتصوري قد إيه أنا ممنون من مروءتك دي. المروءة العظيمة اللي مايصادفش زيها في الرجال، وتأكدي إني من دلوقتي أصبحت مديون لك بحياتي دين مايتنسيش على مر الزمن، تسمحي لي أسألك عن اسمك؟
ثريا :
مش مهم.
محسن :
مش مهم إزاي! واحد تنجي حياته من الخطر ولا أهتمش كمان بإني أعرف اسمها، بس على الأقل خالص علشان يوم من الأيام أقدر أجازيها على الجميل بأجمل منه.
ثريا :
لا لا، ماتتعبش نفسك أنا واحدة عندي ضمير، وإذا عملت جميل في أي إنسان ما انتظرش مكافأة عليه .
حسان (على حدة) :
يا سلام إيه العواطف النبيلة دي! إشحال أمال إن ماكنتيش فقيرة. حقيقة الدنيا أسرار. اللي يدور عليها لازم يلتقيها بنت أصل (لها)
ويعني خلاص مش عايزة تقولي لي على اسمك. معلهش. أقول لك أنا على اسمي. يمكن يجيلك يوم وتعوزي مني أي خدمة أؤديها لك ولو كانت على حياتي. أنا الأمير حسان ابن الأمير زياد. أمير الحديدة.
ثريا :
وأنا لي الشرف، وأقول إني سعيدة الحظ اللي تعرفت بحضرتك.
حسان :
وأرجوك دايما تذكريني وتفكري في عند الحاجة، ودلوقت عن إذنك (يدخل إلى الحانة) .
ثريا (وحدها) :
الأمير حسان ابن زياد آه يا ربي جميل، ألفاظه رقيقة. ما اعرفش ليه قلبي من جوه انفتحله، آه. لكن إيه الفايدة؟ جنون لما اطمع في حبه يوم من الأيام. فين أنا وفين هو، بس لو كان استنى شوية لما اتمتع بجماله وشكله الظريف وكلامه الرقيق، الا يا خسارة سابني من غير حتى ما يحقق فيه. آه، ياريتني ما شفته. أسر قلبي ومشي مرتاح ولا على باله، آه يا ربي آه (تخرج) .
نقرذ (داخلا بحذر ومعه زملائه) :
إخص، داهية لا تكسبها البعيدة، أهي طيرت منا الصيدة كدا في الشيطان الرجيم. دي مش أزية دي.
صعلوك :
أزية وبس دي مصيبة. الله ينكد عليها. تعرف أقل ما فيها كنا طلعنا بكام.
محممش :
أي، إنت حاتقولي، مبلغ وقدره.
نقرذ :
إلهي تبتليها برمية البعيدة.
جعضيض :
اسكت يا أخي وطي صوتك لا تودينا في داهية.
محممش :
آه، يا ناري أهي الليله دي راحت علينا كده فاشوش، وأهو النهار شقشق ولا قبضنا بالشمال ...
الاثنين :
ولا باليمين (يسمع صوت عم عثمان يغني على الربابة) .
عثمان (في الخارج) :
يقول الفتى شيخ الحلنجية والنور، أنا مصنفاتي الشعراء أبو عفان.
نقرذ :
يوه، دا حس صاحبنا عم عثمان.
صعلوك :
آه، تعالوا بنا نزوغ من وشه.
محممش :
أيوه ياله ياله (يخرجون مسرعين) .
عثمان (داخلا وفي يده الربابة وهو ينشد) :
أول ما نبدي نكتر من البكى
وانا مخي دايما بالبكى عمران
ياما أكتر كلام متنقي اللي يسبكه
ولا يسبكه غير البطل عثمان
يهجص في أبو زيد والزناتي وعنتر
ويمزع ويمعر ويقولوا له كمان
عثمان (يلتفت حوله) :
دهدي، هو فين يا خويا الواد صبيي؟ (ينادي)
إنت يا واد يا زعيط، إنت يا صبي، يا صبي الكلب.
زعيط (داخلا) :
أيوه يا عمي جيت أهه، بادور على ...
عثمان :
على إيه؟ وقعت حاجة من الإيراد؟ دانا أوقع صواميل ركبك.
زعيط :
لا ركبي ولا سناني يا عمي، على إيه كده؟ هي السرحة كلها من طلعة النهار لدلوقت كملت ستة ونمر يا معلم.
عثمان :
وماله يا قفة، هو احنا يعني اتغدرنا في الرسمال ولا الزناتي خليفة حايجي يقاسمنا في النص، خسرنا إيه إحنا في قولت «يقول الفتى» اتكلفت علينا كام بنشتغل إيه في البلد، جوهرجيه ولا شباحين يلا أقرع.
زعيط :
وبس إيه الحاوجة للمنطاشي ده كله يا عمي، إنت بتسألني وأنا بجاوبك.
عثمان :
مش بتقولي بتدور يا واد، بتدور على مين؟
زعيط :
بادور على اسم النبي حارسها ثريا.
عثمان :
ثريا، قلت لك ستين مرة مالكش وياها كلام يا بارد، واقطع عشمك خالص من جهة حبها.
زعيط :
إيه، ما أقدرشي يا عمي، دي مخرطة قلبي من جوه، أقطع عشمي إزاي؟!
عثمان :
عجايب! يا واد ماتبقاش تلم، هو الحب ده راخر بالنبوت يا بارد؟!
زعيط :
بقى يعني يا عمي أنا مش أولى بجوازها من الغريب. هي اسمها بنتك معنى وانا اسمي صبيك، والجوقه لما تتعشف في بعضها.
عثمان :
تحمل بقى وتخلف وتبطل الشغل.
زعيط :
لا أبدا، واللي يتولدم رخرين أهم يبقوا من ضمن الشغل.
عثمان :
بس بس يا واد بلاش كلام فارغ، إنتو ماعندكوش مرايا في بيتكم بصيت فيها وشفت خلقتك.
زعيط :
يا عم عيب، طيب وشرفك أنا لما أبص في المرايا ياترحم على أبويا دا كان نفسي أشوف أمي لازم كانت أحلى مني.
عثمان :
بس. بس يا واد بلا هجص، امسك القدح امسك، اسند ويايا. أنا في أول كلامي، يظهر لك مقامي، لما أشمر كمامي. اسمع تراني، رجل تهامي، وفي إيدي الربابة. أوتارها تزقزق ، فشر معزة تمأمأ، أو عيل يوأوأ. يقول بابا بابا بابا.
زعيط :
الله الله يا فن! ينصر دينك يا عم (يصفق) .
نقرذ :
إوعا انت وهو يا جدع، وسع للحتة الملبن، للقوام الرعاش اللي زي الزمبلك. ثريا بنت شيخ الكار (تدخل ثريا ووراءها الجمهور يهلل ويحييها بلحن ترقص على نغماته منذ دخولها، وتنشد فيها المقطع والأهالي يرددون ويشترك فيه عثمان بالربابة) .
الجميع :
براوة، عفارم، براوة (تصفيق) ، (بعد اللحن يمر زعيط على الموجودين وإلى جانبه ثريا وقد مد برنيطته للبقشيش) .
زعيط :
ياله يا ستات، ياله يا رجالة، بوسوا إيديكم كرامة لأهل الفن، اهرشونا، بشبشونا، بحبحونا، فرفشونا ماتياله (الجميع يعطونه نقود) .
عثمان :
أهه كده، وشها مصبح، دي عايزة كلام.
زعيط :
الفاتحه. خد يا عم (يعطيه النقود) .
عثمان (لزعيط) :
هيه مش باقول لك يا قفة، اسمعوا يا حضرات الحاضر ويا حضرات الغايبين، يكون في معلومكم إننا حانفرفش بإذن واحد أحد، بعد ساعة ونص، في ميدان السبع سواقي.
زعيط :
ورا الجنينة القبلية.
عثمان :
دياب ابن غانم حايشبط الليلة في هلال ابن مرة.
زعيط :
وشيبوب ابن عنتر، حايتجاحش راخر مع الزناتي خليفة.
عثمان :
الدم حايبقى للركب، عشرين ألف مرماح، وأربعين ألف مزراق حايبهدلوا الدنيا في قصة بني عبسه، اللي قلبه ضعيف يوعى لروحه، ما احناش مسئولين عن اللي يسخسخ، قلنا كده.
زعيط :
قلنا كده، والقلب العامر يصلي على النبي.
عثمان :
ياله يا واد يا زعيط (ينشد على الربابة وهو خارج)
أبو زيد قال لدياب خش شقوقك، لا مشمش عضاك واخلي تحتك فوقك (يخرج هو وزعيط والأهالي وراءه محتاطين به) .
وردانتشي (وحدها) :
آه يا ربي، من ساعة فاتني ودخل هنا في الحانة، مابانشي عنه لا حس ولا خبر، يظهر ما سمعش الهوجة دي كلها، باجتهد على قد ما يمكنني إياك أقدر أنساه. مانيش طايقة. كانت لي فين الشبكة دي روخرة. أتاريهم بيقولم الحب جبار، ويلبس ثياب من نار.
زياد (من الخارج) :
مد يا سعدان شوية.
سعدان :
أف ، تعبت خالص يا مولاي.
وردانتشي :
حد جي (تختبئ على ناحية) .
زياد (داخلا) :
شايف يا سعدان شقاوة الولد الفاسد التلفان محسن الزفت ده؟!
سعدان :
شايف يا مولاي، دي كانت خلفته، أرجوك السماح، سوده من أولها، يقولوا في المثل إن الولد سر أبيه لكن الحال طلع بالعكس.
زياد :
أي نعم، طلع ألعن من أبيه، أنا صحيح يا سعدان كنت باعمل في طوشة شبابي أعمال زي دي كتير، وأسكر، نعم، وأطفش من أبويه برده، لكن مش خمستاشر يوم زي الملعون ده! غايته يومين، غايته تلاته.
سعدان :
بقى يعني كمان نوبه، أرجوك السماح، مش جايبه من بره (على حدة) .
زياد :
اتفرج على المحلات المشبوهة اللي مجرجرني حضرته لحد عندها (يقرأ اليافطة)
حانة أبو نواس، مظبوط سمعت عنها اللي ما يتسمع، ماتلمش على حسب ما قالولي غير الشبان إياهم الفلافيس اللي دايرين على حل شعرهم. خش يا سعدان اتبصص عليه جوه خش.
سعدان (مقتربا إلى الباب مناديا) :
يا سيد محسن يا ابن السيد.
زياد :
يا سي مولاي الأمير محسن.
وردانتشي (تطل من مخبئها) :
آه، دول ناس جايين له مخصوص، لما أقف لحد الآخر واصطنط عليهم.
زياد :
يعني ماحدش بيرد، ادخل انت يا سعدان شوفه بنفسك.
سعدان :
بس يا مولاي، كمان مرة أرجوك السماح. دخلة اللي زي هنا في خمارة عمومية ...
زياد :
تعوصه يعني؟ وانا يا بارد ما انتش خايف على سمعتي لما أخش بدقني دي وهيبتي؟!
سعدان :
لا يا مولاي، أنا داخل أهوه، حاضر (يهم بالدخول فيسمع من الداخل صوت محسن) .
محسن (من الداخل) :
إخص دانتو ناس بكاشين، ناس محمرقاتية، ده لعب اللي بتلعبوه ده؟ ده نصب! ده سرقة!
سعدان :
سامع يا مولاي، هوه صوته بعينه.
زياد :
عمال يبرطم، يظهر نضفوا جيوبه في القمار، استخبا الناحية دي اتخبا (يتواريان على جنب) .
محسن (داخلا) :
ميه وستين دينار يا حراميه يا نور، يتخطفم مني على الترابيزه في مسافة مافيش ساعتين. دا نهب (لنفسه)
لكن ما يهمش فلوس إيه، الواحد جزمته بالدنيا أنا دلوقتي مش هاممني حقيقي وشاغل فكري غير الصبية دي اللي مالحقتش أتحقق حتى من شكلها، إنما صحيح أنا إيه اللي كان مدهولني ساعتها لدرجة إني ما أسايرهاش لحد ما اعرف تمام إيه أصلها وإيه فصلها. آه لو تسمح لي الظروف نوبه تانيه وأقابلها. الظاهر من رقة ألفاظها ومن نعومية صوتها إنها لازم جميله. أهي خلصت فلوسي من إيدين الحراميه لطشوهم ولاد الهرمه القمارتيه. مافيش طريقه خلاص مع التفليس ده غير كوني أروح تاني على قصر أبويا، لحد ما يتملي الكيس وارجع أفك زي عوايدي. (يهم بالذهاب فيجد نفسه أمام والده وجها لوجه)
آه، أبويا!
زياد :
أيوه، أبوك يا فسدان يا تلفان يا طفشوني.
سعدان :
أيوه أبوك يا مولاي وخدام أبوك (مشيرا لنفسه) .
زياد :
يعني دلوقتي عاجب حضرتك مع السن ده يا خباص، يا قليل الحيا، أخطي برجلي عتبة محل مشبوه زي ده؟!
محسن :
ماعلهش يا أبويا، أهي اسمها برضه فسحه ولو تغيير مناظر.
زياد :
أنهي مناظر وأنهي بلاوي على دماغ أبوك يا صرماح يا متبجح؟! أنا صحيح مشيت مشيك ده، لكن رجعت حسنت سيري في الوقت المناسب، وعقلت واتجوزت، يا عازب يا عديم التربيه يا عديم الجواز.
محسن :
أوه حانرجع بقى تاني للجواز والهباب.
سعدان :
هو حد يا مولاي يطول عروسه زي اللي خطبهالك والدك؟! حرام عليك دا ريقه نشف. إخلص بقى يا سيد محسن اكسبها واتلم.
زياد :
بقى شوف هنا لما أقولك تطلع السما تنزل الأرض حتما حاتتجوز.
وردانتشي (تطل من مخبئها) :
آه، يتجوز يادي البخت المطين.
زياد :
المسألة دلوقت استوت في غيابك، وكل شيء، لله الحمد، ماشي في مجراه.
سعدان :
ماشي وبس، دا كل شيء بيجري بيرمح رمح.
زياد :
يكون في معلومك إن عروستك حاتوصل هنا في اليخت المخصوص بتاع والدها بعد بالكتير ساعة ساعة ونص.
محسن :
ساعة؟ يا خبر!
زياد :
أهو كده زي مابقولك. الأميرة صبيحة على سن ورمح. بنت الأمير خصيب. حاكم الحديده في بلاد اليمن. نعم إني ماسبقليش مقابلة الأمير ده، ولا شفتش شبهه يبقى إزاي، لكن المهم إن أهل الخير من أصحابي وأصحابه عملوا اللازم بيننا وبين بعض في إتمام الجوازه الغنية المعتبرة دي. الجوازه اللي حاتسدد ديونا من خزاينها ونتدارى فيها قدام العالم. وانت مش غشيم. عارف اللي فيها.
محسن (على حدة) :
يادي الداهية، والبنت إياها اللي قابلتها، العمل فيها إيه؟ هو أنا قلبي فاضي (إلى أبيه)
لكن مع الأسف يا والدي أنا بكل صراحه الجوازه دي يستحيل أتممها.
زياد :
مستحيل تتممها؟
وردانتشي (تطل من مخبئها) :
أيوه كده أيوه، يا فرحتي. ريح قلبي الله يريح قلبه.
زياد :
دانا بصفتي أبوك باقول لك دلوقتي لازم غصبن عن حبة عينك تتممها. فاهم ولا لأ؟
محسن :
لكن بس ...
زياد :
ما لاكنش ولا يحزنون. كلمه واحده ماعنديش غيرها.
محسن :
بس على الأقل مش لما أشوفها قبله، وحشه ولا حلوه، تناسب ماتناسبش.
زياد :
غنيه بنقول لك يا بجم. غنيه غنى هايل.
سعدان :
هي فيها يا مولاي تبقى غنيه ويتقال عليها وحشه؟!
زياد :
أهو يا الجواز كوم يا أنا وأهلك وعملتك كلها كوم تاني.
محسن :
الأمر لله يا أبويا.
وردانتشي (تطل من مخبئها) :
أخ، أهو سمع الكلام. يا كسرة قلبي ياني.
زياد :
ودلوقتي مابدهاش عطله، فوت ياله قدامي على القصر تلبس وتستعد لاستقبال عروستك، ونرجع تاني على المرسى قبل ما توصل دهبيتها. تعالى ياله تعالى.
محسن (وهو خارج) :
أهي صحيح اللي يقولوا عليها جوازة الغفله. أنا مش فاهم إيه العروسة دي رخره اللي تنحدف عليه من السما خبط لزق؟! النهاية والسلام (يخرجون) .
وردانتشي (تظهر من مخبئها) :
أما دي كمان غريبه يا خواتي، حد يتغصب على الجواز كده من غير ما يشوف عروسته؟! لكن دلوقتي إيه يكون الحل لما يقابلوا بعض ويشوفها وتشوفه، ويمكن تعجبه؟ أروح فين ديك الساعة؟ أبقى اعمل إيه وأنا قلبي اتشعلق في حبه وخلاص، آه يا ربي، يا قسمتي السوده ياني آه (تجلس على كرسي بجوار ترابيزة على باب الحانة وهي تبكي ورأسها بين يديها) .
زعيط (داخلا) :
يا خويا هي دي إيه؟ أيوه، لفينا عليها في كل حته، فين وردانتشي؟ مافيش وردانتشي؟ (يراها)
آه، دهدي انت هنا، الله يجازي شيطانك، المعلم واقف حايتجنن. المتفرجين راسهم وألف برطوشه إلا ترقص لهم وردانتشي. صنوا شويه كرامه لله. شفاعة لله. أبدا، لمينا العدة وبوظنا الشغل وأهو أبوك جاي ورايا حايتفرتك من الغيظ اللي يخبطه بالفوله يطق.
وردانتشي :
اعمل معروف سيبني دلوقت في حالي، بالي ماهواش رايق لا شغل ولا زفت.
زعيط :
الله! (ينظرون لوجهها)
دي مالها يا خويا، إيه انت بتعيطي؟
وردانتشي :
لا، حاعيط علشان إيه.
زعيط :
أيوه بتعيطي، هو أنا خلاص من العواجز، دموعك أهي مغرقا الصحون خدودك (ينادي)
يا عمي، عمي.
عثمان (من الخارج) :
جرى إيه يا لوح؟
زعيط :
الحقني يا عمي.
عثمان (داخلا) :
جرى إيه يا واد، قرصتك حاجه؟
زعيط :
بتعيط، شوف مفرهدا نفسها إزاي شوف.
عثمان :
إيه، بتعيط؟ (ياخد بيدها ويسحبها)
كلميني هنا، بتعيطي من شيء؟ عندك مغص؟ حد زعلك؟ خبرك إيه بس ما تقولي؟ مفاصلي، أنا راجل مريوح، انطقي، جتتي مش خالصه. ابن صرمه مين اللي أزاك وانا أزيه لك في مصارين أبو اللي نفضوه.
وردانتشي :
آه، يا أبويا، آه.
عثمان :
عنين أبوكي يا ختي، مالك.
وردانتشي :
عزيني.
عثمان :
في مين بقى؟ بسم الله الحفيظ.
وردانتشي :
في قلبي.
عثمان :
قلبك؟
وردانتشي :
أيوه يا أبويا باحب.
عثمان :
نعم، بتحبي؟ أشيا رضا. أدي اللي كان ناقصنا راخر. بقى بالله العظيم دي خلقه دي يتبص فيها (مشيرا إلى وجه زعيط)
دا شيء يتوجع علشانه قلب واحده زيك انتي. لا لا، دانت خلاص عنيكي ليست قوي.
زعيط :
دهده يا معلم، سبحان الله! ما تخليها على عماها وبس.
وردانتشي :
العدو، بعد الشر علي! هو أنا خلاص قد كده انطسيت في نظري لما أقع على كوم سباخ زي ده.
زعيط :
إخص، أهي حاتحمرق أهه (على حدة)
الله يؤذي المؤذي.
عثمان :
اجري انت لم الأدوات اللي بره لاحد يخطف منها حاجه (يخرج زعيط)
أيوه أمال، أنا راخر باقول جرى إيه في الدنيا، وده بقى مين اللي بتحبيه على كده؟
وردانتشي :
واحد يا خساره ما بيحبنيش.
عثمان :
طب ولما هوا بقف للدرجه دي، إيه اللي يرميك عليه؟ هي قلة عشاق في البلد؟!
وردانتشي :
والمصيبة مافيش أمل أبدا في كونه يستمنى واحدة فقيرة زي حالاتي، قد ما تكون اسمها برضه نورية، من ضمن النور.
عثمان :
ليه، هو يعني بيشتغل في بيت المال؟!
وردانتشي :
أكتر يابا، فين درجتي أنا وفين درجته هوا.
عثمان :
درجات، مرتبات؟ مافيش في الحب حاجات من دي. إذا كان بيميل لك صحيح ينزل لك هو كام درجه يبقى جنبك ويتفض المشكل.
وردانتشي :
مستحيل؛ لأنه ابن أمير، وبيني وبينه فرق بعيد.
عثمان :
ابن أمير، طب وانتي يعني اللي مش بنت أمير! أمال أنا هنا بين النور صفتي إيه مش أبوكي، مش أمير على الشباحين والقرداتية والمغناواتية والطوايف المتلتلة دي كلها، ودا يعني اللي بتحبيه متجوز ولا عازب؟
وردانتشي :
لسه على وش جواز يابا، النهارده بالنفس حايجوزوه. عدوك الغيرة مش مخلياني على بعضي أبدا، حاطق، حاتجنن، حاموت.
عثمان :
لا لا، تموتي إزاي، في عرضك ونشتغل بمين؟ أوعي تعمليها، حطي عقلك في دماغك.
وردانتشي :
ويعني إيه واحدة زيي من الغجر وماتت.
عثمان :
ومنين عرفت إنك إنتي من الغجر؟ وليه ما تكونيش يعني بنت أمير حق وحقيق من أمرا اليمن الكبار العظام.
وردانتشي :
إزاي ده؟
عثمان :
أنا أخلص ذمتي من الله، وأقولك بالظبط على تاريخك كله من الأول للآخر.
ورد :
أيوه، بذمتك اعمل معروف.
عثمان :
في يوم من ذات الأيام من مدة يجي تسعتاشر سنة، لقيتك ساعة صبحية مركونة جنب الحيط، عمرك ماكانش يزيد لسه عن ست سبع تيام بالكتير.
ورد :
يا سلام شيء غريب! هه وبعدين؟
عثمان :
رجليك من كتر السقعة كانت يا ستار! متلجة خالص، فضلت نهارها أدعكهم شوية وأدفيهم شوية، لحد يدوبك ماردت الدموية تاني في جتتك.
ورد :
هه، كتر ألف خيرك، وبعدين؟
عثمان :
وبعدين رحت لافعك دوغري على كتفي، وقلت لنفسي أهو تربيها يا واد، إنت راجل مقطوع مالكش حد في الدنيا، تبقى دي لما تكبر في منزلة بنتك تمام.
ورد :
والله كلك إنسانية يا عم عثمان.
عثمان :
عم عثمان مافيش، قولي برضه يابا، قليلة الحيا قوام حاتنفردي يا بت.
ورد :
لا يابا، وبعدين كمل؟
عثمان :
ولا بعدين ولا قبلين، من يومها لدلوقتي وأنا الخير هاجم علي طوفان، وظهري طقطق في الشغل خالص لدرجة إن الغجر كلهم والنور والحوش اللي في البلد والشحاتين والأدباتية والأرداتية عينوني من قيمة سنة دلوقتي زي أمير عليهم. أحكم لهم في المنازعات، وأساوي بيناتهم، وأعاقب وأجازي فشر هارون الرشيد في زمانه، يعني برضه الحمد لله ما صبحتيش بنت واحد مهزأ ولا واحد عرة.
ورد :
لكن إيه فايدتي في الدنيا ما دام أبويا ده اللي بتقول عليه مانيش لاقياه لدلوقتي، ولا أنا أعرفه ولا هو يعرفني؟
عثمان :
مين عارف، هو إنتي دخلت في علم الله، يمكن برضه مسيرك تعرفيه وتلاقيه.
ورد :
ياخي دهده، ما اظنش.
عثمان :
ليه ماتظنيش؟ اتفضلي (يخرج من جيبه نصف محرمة) .
ورد :
إيه هي دي؟
عثمان :
ما انتيش شايفة؟ ماتبحلقي كويس يا بدر.
ورد :
نص محرمة.
عثمان :
أهي هي دي نص المحرمة اللي حاتدلك ضروري على شخصية والدك في يوم من الأيام.
ورد :
إزاي؟
عثمان :
نظام الحسابات في الدنيا، كل فردة لا بد لها من فردة، وكل نص بالطبع لا بد له من نص تاني. عارفة لقيتها فين المحرمة دي؟ لقيتها مربوطة في دراعك اليمين ومصرور جواها تلتميت دينار بصي كويس، بالك مكتوب عليها إيه؟
ورد :
مكتوب إيه؟
عثمان :
ألف لام ألف ميم ياء را. يعني الأمير، وجنبها حرف خ.
ورد :
طب واستفدنا إيه؟ أهي كلمة لا طلعت فوق ولا نزلت تحت.
عثمان :
إيه هو العبط بتاعك ده! أقل ما فيها استفدنا بالتأكيد إنك لا بنت غفير ولا مزين ولا طورشجي ولا حاجة من دي. بنت أمير ومن عيلة إمارة.
ورد :
أهي الدنيا مليانة أمرا أشكال وألوان، اللي كان يهم حقيقي هو الاسم نفسه.
عثمان :
وأنا كنت بقى حاعملك إيه في زناخة عقل أبوكي، إذا كان ده عنده تمييز، ماكانش قطع النص التاني اللي واكل بقية الاسم، وعلى أي حال أدحنا أهو لحسن الحظ شغلتنا نقالي كل يوم بترمينا على بلد جنس. نقدر واحنا دايرين كده سواحة نستفهم بصنعة لطافة من كل بلد نروحها، لغاية ما يريد ربنا ونعتر يا إما على أهلك يا إما على التاني.
ورد :
حلني بقى. فين لما يئون الأوان ومين عارف يمكن مانستدلش.
عثمان :
وانتي يعني مستعجلة على إيه؟ مالك ملحوقه كده زي النيلة؟!
ورد :
مش بقولك النهارده بالذات، خلاص اللي أنا باحبه حايتجوز.
عثمان :
واحنا بقى يا ترى حانضرب الأرض تطلع سفرجل.
ورد :
آه يابا إذا اتجوز مافيش طريقة تريحني غير كوني أموت روحي.
عثمان :
هه حانرجع بقى للجنان والكلام الفارغ.
ورد :
أمال بس دبرني، أعمل إزاي؟
عثمان :
صلي عالنبي.
ورد :
اللهم صلي عليه.
عثمان :
نقدر نشوف لك طريقه نعطل بيها الجوازة دي مؤقتا.
ورد :
يا سلام، كنت أبوس رجلك، وتقدر والنبي؟!
عثمان :
ماقدرش ليه هو اللي عنده زي حالاتي متشردين بالألوفات حايغلب في تبويظ أعظمها زفة، دانا تحت يدي رعية تقرقش الظلط، بس قولي لي العروسة دي اللي حاتتجوزه إنتي عارفه تبقى مين؟
ورد :
أبدا.
عثمان :
أبدا إزاي، واحنا يعني حانجم؟!
ورد :
إذا كان هو العريس نفسه مايعرفهاش، حااعرفها أنا.
عثمان :
كلام إيه الفارغ ده!
ورد :
كده زي مابقول لك، أنا وقفت هنا واسطنت على كل شيء بينه وبين أبوه، واتضح لي إنه حتى أبوه راخر لا يعرف لا العروسه ولا أبوها راخر.
عثمان :
طب ده بقى عال، بس ياريت يكون كده.
ورد :
عال إزاي؟
عثمان : [...]
2
بطيخه صيفي لا بد ما أوريك النهارده أبو عفان المهول يطلع من كوعه إيه، تعالي معايا تعالي نغير الهدوم دي ونلبس ونتقيف ونبقى حاجة مملكة. فوتي الله ينعل أبو الحب لأبو سنينه أهو خسر لنا الشغل ووقف حالنا. والغرض نوافقك على عقلك وخلاص، بس لو أعرف الأمير حرف خ ده يبقى مين. يجوز الأمير خروب، الأمير خروف. النهاية (يخرجان، يدخل الأمير خصيب وبنته الأميرة صبيحة وكاتم السر قاسم وجمهور من المسافرين بالبحر والصيادين والشيالين) .
لحن دخول السفينة للمينا
الجميع :
يا ريس الغليون يا حنين
لا نمت ولا غمضت لك عين
سهرت تحرسنا ومش هين
مجاهدتك في البحر يومين
صبيحة :
وحق من غربنا معاك
وكل موجة تشيل موجة
تعبت والدفة معانداك
ونوبة عدلة ونوبة عوجة
من اليمن واحنا وياك
وسلم الله من الهوجة
يا ريس الغليون يا تمام
الجميع :
يا ريس الغليون يا حنين
لا نمت ولا غمضت لك عين
سهرت تحرسنا ومش هين
مجاهدتك في البحر يومين
صبيحة :
أمانه لم تنس يا ريس
نهار ما ترجع كده راسي
يا غالي وأنا طلبي رخيص
تقول لأهلي ولناسي
النزهة دي تغييرها كويس
بس الفراق مر وقاسي
يا ريس الغليون يا تمام
الجميع :
يا ريس الغليون يا حنين
لا نمت ولا غمضت لك عين
سهرت تحرسنا ومش هين
مجاهدتك في البحر يومين (ينصرف الجمهور لأشغالهم في آخر اللحن.)
خصيب :
يا سلام دا شيء غريب.
صبيحة :
هو إيه يا بابا؟
خصيب :
منظر المدينة يا بنتي أكبر من الحديدة، وشكلها أفخر من بلاد اليمن كلها.
قاسم :
أفخم بزمان يا مولاي.
خصيب :
أنا جيت هنا قبل كده من مدة 23 سنة لكن فين، الدنيا اتغيرت خالص، دي صبحت دلوقت ولا بغداد اللي بيقولوا عنها يعني قلبي انشرح خالص لمعيشتك إن شاء الله في بلد عمرانة زي دي.
صبيحة :
معيشتي، هو إحنا فقط جايين نتفسح.
خصيب :
الحقيقة غير كده يا صبيحة، أنا ماحبتش أفهمك سر الموضوع اللي جابنا من بلدنا لحد هنا.
صبيحة :
إيه يا ترى؟
خصيب :
أنا جايبك هنا علشان، اسمعي قبله، حاسبي على نفسك من الفرح.
صبيحة : [...]
3
خصيب :
جايبك هنا علشان تتجوزي.
صبيحة :
أتجوز؟
قاسم :
تتجوز آه يا دماغي!
خصيب :
أيوه تتجوزي الأمير محسن ابن زياد، شاب نعم ما شفتوش بعيني لكن الكل بيقولوا لي عنه لطيف ومؤدب وحاجة تستاهل بقك.
صبيحة :
إنت بتتكلم جد يا بابا؟
خصيب :
مش قولت لك حاسبي على نفسك من الفرح.
صبيحة :
لكن بالعكس دا شيء ما يفرحنيش.
قاسم :
معلوم، لا هي ولا أنا.
خصيب :
إيه ، مايفرحكيش بتقولي؟!
صبيحة :
طبعا يا بابا. أنا لو كنت أعرف إن مجيي هنا علشان الجواز مخصوص ما كنت حطيط رجلي في المركب، ولا انتقلت من قصرنا خطوة واحدة.
خصيب :
يعني إيه؟
قاسم (هامسا على حدة) :
دي مابدهاش سكوت، لازم تفهميه أوام.
صبيحة (همسا) :
أيوه أهو حافهمه كل شيء. اسمع يا بابا، إنت مش تحب إني أكون صريحة وياك؟
خصيب :
اخلصي، عايزة تقولي إيه؟
صبيحة :
عايزة أقول إننا بنحب بعض أنا وقاسم.
خصيب :
إيه إيه إيه! بتحبوا بعض؟!
قاسم :
يا نهار أسود مادهية لا يخسف بي الأرض.
خصيب :
قاسم الراجل البسيط الموظف عندي تحبه واحدة زيك إنتي أميرة عظيمة من بيت أمرة؟!
صبيحة :
وماله مش المهم الواحده تكون قلبها مرتاح وخلاص وشاب زي ده متربي ...
خصيب :
هس، ما احبكيش تتلفظي أبدا بالكلام الفارغ ده قدامي أأمرك ماتحبيهش ولا تخليش حتى شعرة في بدنك تقبله.
صبيحة :
هي اللي تحب يا بابا قلبها يبقى في إيدها؟ الحب سلطانه فوق كل شيء، الحب ربنا خلقه للحرية. الواحدة لما تحب ...
خصيب :
هس قولت لك يا قبيحة يا قليلة الأدب، عاوزة تسودي وشي حضرتك بعد ما خلاص اديت كلام للأمير زياد، وكل شيء تم على يد الناس الطيبين اللي اتوسطوا بيننا وبين بعض، تقبلي ماتقبليش تنفلقي، تنخنقي، أنا مستحيل أتنازل عن كلمتي واهه كلها برهة صغيرة، ويجيلك يستقبلك هنا الأمير محسن بذاته هو ووالده وحاشيته، وتباتي الليلة في القصر بتاعه معززة مكرمة.
صبيحة :
لكن بس يا بابا ...
خصيب :
انتهينا لكن مالكنشي، كلامك بعد كده مالوش عندي أي قيمة بالكلية. فهمتي والا مافهمتيش.
صبيحة :
آه، يا بابا آه ما باليد حيلة.
خصيب :
أيوه كده أمال. اتهدي. ماتخليش قلبي يغضب عليك يا صبيحة يا بنت كبدي وحشاي. اسمعي هنا لما أقول لك على جنب (يأخذها إلى آخر المسرح) .
صبيحة :
نعم.
خصيب :
بقى أنا عندي مسألة سرية مخبيها عليكي من زمان، وأحب دلوقت أعترف لك بيها قبل ما تتجوزي وكل منهو يفترق عن الثاني.
صبيحة :
مسألة إيه يا بابا ؟
خصيب :
بقى يا بنتي في أيام وجود المرحومة والدتك كان عندي في القصر جارية شركسية جميلة وفي ليلة من الليالي (يسمع صوت من الخارج) .
زعيط (من الخارج) :
اتفضل يا حضرة الأمير اتفضل.
عثمان (من الخارج) :
أيوه، وسع لي السكة انت وهو.
خصيب :
هس بلاش الحكاية دلوقت. أتممها لك بعدين لأحسن يظهر إن الأمير حماكي جي هو والعريس صلحي نفسك صلحي.
عثمان (داخلا يحيط به فريق من النور وقد لبس هو وزعيط ملابس ثمينة، ولكنها غير مسبوكة عليهما) :
أهلا وسهلا بنسيبي. نورت البلد. الحمد الله على السلامة.
خصيب :
الله يسلم عمرك يا سمو الأمير (لبنته)
شايفة النسب العالي، شايفة التحية اللي ترد الروح يا عبيطة.
صبيحة (همسا) :
إخص، بقى دا بالله عليك وش يصح إنك تناسبه، وإسود كمان وزي الغراب؟!
عثمان (همسا لزعيط) :
والله يا واد يظهر إنه مغفل وحاتخش عليه اللعبة زي الحلاوة. اسبك الموضوع اسبك (بصوت عالي)
أفندم يا حضرة سمو جناب ولدنا العزيز والطع إيدين صهرك الجديد وش وقفا.
زعيط :
حاضر، على عيني يا عمي.
عثمان :
عمه الدبب. عمك إيه يا واد ماتهندز هو احنا هنا في السامر يابن الصرمة؟! قلت لك إنت دلوقت اسمك الأمير محسن بجلالة قدره. مافيش لا عمي ولا خالي ما تفضحناش يالوح قول يا بابا (يذهب فيقبل يد خصيب) .
خصيب :
ما شاء الله ما شاء الله، ونعم التربية ونعم الأدب!
عثمان (على حدة) :
عظيم خالص باينه حايفلح، ربنا يستر للآخر.
صبيحة (على حدة) :
أعوذ بالله يا حفيظ! دي سحنته تقطع الخميرة من البيت. عريس إيه، وزفت إيه اللي زي القرداتي ده!
خصيب :
اسمحوا لي يا سادة يا كرام.
عثمان :
ده دي إيه العبارة ياواد؟ ياسادة ياكرام دي كلمتنا احنا، يكونش راخر عاملها أونطة وسايق العظمة وهو ابن كار زيينا.
خصيب :
اسمحوا لي يا سادة يا كرام، أقدم لكم العروسة كريمتي الأميرة صبيحة بنت الخصيب.
الجميع :
تحيا الأميرة صبيحة.
آخرين :
يحيا الأمير خصيب.
عثمان (على حدة) :
والله بنت الإيه زي طبق المهلبية اللي يتلحس لآخره.
زعيط (همسا) :
ماتسعى لي فيها من حق وحقيق يا عمي ينوبك ثواب؟
عثمان (همسا) :
يا أخي اتلهي على عماصة عينك، خلي الطابق مستور لا تنفقس الحكاية، وينزلوا فينا بالجزم.
خصيب :
هه هه جالك كلامي، شايفه تقاطيعه؟
قاسم :
ياباي!
خصيب :
مش قلت لك إنه خفة، كذبت عليكي؟
صبيحة :
دا خفة ده؟! إشحال امال إن كان ماكنشي قزعة وعاملي كده زي شبر نكد!
خصيب :
وماله، مسيره يتخن ويسمن ويطول ويبقى طول وعرض.
عثمان :
يا خبر يظهر الفاتورة مش عاجباهم يا واد. ما انت أقول لك الحق، شكلك يجيب المغص. الغرض أوعى لما نتداول معاهم أوعى (بصوت عال)
إيه، سمو الأميرة عندها فكرة لا سمح الله بطالة من جهة العريس.
خصيب :
لا أبدا دا هو الإنسان لما يكون لسه في شبابه وقصير مش حايجيله يوم وطوله يمد حبة حبة.
عثمان :
ودي بدها كلام يا سمو الأميرة، هو الإنسان منا مثلا زي الذقن كلما يتربى كلما يزرع، ياله اتفضلوا بالله استريحو لكو شوية في القصر وخدوا حريتكم (مناديا)
يا خدم يا حشم يا أتباعي.
الجميع :
محاسيبك أؤمر.
عثمان :
خدوهم كده هيله بيله على السراي بتاعة سمونا، واكرموهم هناك على ما ينبغي وابسطوهم ووكلوهم لحد مانحصلكم. اتفضلوا حضرتكم آنستم وشرفتم حلت البركات.
خصيب :
بارك الله فيكم وعليكم يا سمو الأمير (يخرجون محاطين بالجميع) .
عثمان :
والله ووقعتم في الفخ يا بهايم، جايين قال يجوزوا بسلامتها، يبقوا يقابلوني (يذهب نحو الباب وينادي)
وردانتشي، يا وردانتشي.
ورد (من الخارج) :
أيوه يابا.
عثمان :
خدي هنا تعالي. ظيطي بقى واتحنجلي وانبسطي.
ورد (داخلة) :
نعم يابا أديني أهه.
عثمان :
بس خلاص طبل طبلك وزمر زمرك.
ورد :
إزاي احكي لي، ربنا يبشرك بالخير.
عثمان :
الجماعه الحمير إياهم بلفناهم لك وانتهينا.
ورد :
حمير دول مين رخرين؟
عثمان :
بسلامتهم العروسة اللي عايزة تنتش منك الجدع هي وأبوها.
ورد :
النبي صحيح؟ وعملتم فيهم إيه بقى؟
عثمان :
لعبنا لك عليهم شغل التلات ورقات لغاية مادخل مخهم تمام إن حضرتي الأمير زياد واللوح ده يبقى الأمير محسن ابني، وادحنا وزعناهم لك على المغارة بتاعتنا.
ورد :
وناوي إزاي تكمل بقية الموضوع بقى؟
عثمان :
ربنا يقدرنا بعد كده [...]
4
ونلبسها بدالهم وعنها ونزق عجلنا على قصر الأمير زياد باعتبار إن احنا اسم الله علينا اللي جايين من اليمن.
ورد :
يا سلام يابا على ملاعيبك يا سلام! إيدك لما أبوسها. إلهي وانت جاهي لم يحرمني من مخك النور ده، هات لي مخك راخر لما ابوسه هات (تقبله في رأسه) .
عثمان :
ودلوقت بقى تعالوا كلكم (ينادي)
يا غجر، يا نور، يا تتر، يا شباحين، يا شحاتين.
الجميع (يدخلون) :
خير يا عمي، أدحنا أهو خدامينك، إيش تطلب؟
عثمان :
كل واحد منكم يروح دلوقت يكحت جتته كويس، ويطس وشه العكر ده بشوية مية، ويتفلى والذي منه، وإن كانت هدومه نظيفه يلسبها لاجل نعمل بروفه قبل مانروح على قصر الأمير زياد بصفتي أنا واحد أمير هايل من اليمن وانتوا كلكم أفراد الحاشيه المعظمة بتاعت سموي.
لحن ختام الفصل
اللصوص :
إتأكد واوثق يا أمير
حانفرجك السبك إزاي
والكل صغير وكبير
يزعق حواليك يا مولاي
ويا سيدي ويا سيدي
ويا سندي وتاج راسي
وانت تقول يا عبيدي
يا عساكري يا حراسي
نتقدم لك خطوة ونص
ونبوس لك طراطيف الديل
ونفنن في كلام ونرص
ولا يخفاك عفاريت الليل
أبو نواس :
خايف أنا لا تخلوه يوم
ننفضح فيه ولا ننهيهش
تنسوا بقى وتقولوا نومي نوم
واللي فيهشي ما يخلليهشي
اللصوص :
الكلام ده نعده إهانة
داحنا يابا عنينا مليانة
فوت تعال القصر معانا
مرجحوه ياله على قفانا
أبو نواس :
أول كلام حايقوله زياد
خشوا يا أسياد يا أهل اليمن
سلامات سلامات
اللصوص :
أي أي أي أي أي
أي أي أي أي أي
أبو نواس :
فيخش أبو النواس في عينيه
ويرد عليه
حفظت يا نسيب القفوات
اللصوص :
أي أي أي أي أي
أي أي أي أي أي
أبو نواس :
وعنها وازي الأحوال
الأحوال عال
وطبلوا واسقوا الشربات
اللصوص :
أي أي أي أي أي
أي أي أي أي أي
أبو نواس :
وبس يا عروسة الغفلة
تمي الحفلة
وتقعدوا بقى بالعافيات
اللصوص :
أي أي أي أي أي
أي أي أي أي أي
أبو نواس :
نحط ديلنا في أسناننا
ودي تتهنى
بعد المخلل والكرات
اللصوص :
أي أي أي أي أي
أي أي أي أي أي
الفصل الثاني (المنظر: صالون فخم في قصر الأمير زياد - في الفوندي منظر المدينة.) (الخدم والحشم رجالا ونساء يتحدثون عن تزيين القصر واستعداداته لاستقبال العروسة وأبيها.)
لحن
الجميع :
كلنا شمرنا الليلة
وأهو تممنا اللزومات
والقصر انشال هيلة بيلة
واستحضر للعوزمات
بنات :
لا فضل حاجة
ولا محتاجة
إلا السلطة
رقص يلهي
أكل يشهي
كحك وبسطة
رجال :
بالهنا والشفا لضيوفنا
العظما الأمرا اليمني
ياكل الواحد خرشوفنا
ويقول ده ما دقته في زمني
بنات :
يتلمص وينحنح
ويغمض ويفتح
من كتر اللذة
ومرقة الوزة
الجميع :
وبكده تطول رقبنا
وتزيد بكره ماهيتنا
ونبيض وش عريسنا
ونبغم في البقشيش
مين زيه تمللي بالهنا
إن شاء الله يا رب يعيش
الجميع :
شوفوا الإماره وشوفوا أربابها
ياما هي خايله في وش أصحابها
أهي السراية فتحت أبوابها
لفرح بنتك يحمي شبابها
نساء :
عرف أميرنا يناسب
وينتخب أجاويد
فضل يخاف ويحاسب
عشان مايملا الإيد
وأهو ملاها
ونال مناه
وفي الوجاهه
شبه حماه
أبو النواس :
طردنا يجي ميت ألف عريس
وقلت ده وقعته عاجباني
على الله ماينطش إبليس
ويقلب الجواني براني
الجميع :
يا كريم يا قادر تقبل دعاه
ده فرح ونادر ينعاد هناه
نساء :
ياله بنا ياله نعمل له دوكة
وعينين حسودنا فيها ألف شوكة
ارقصو بنا هيله هبه
وابتدوا بنا حبه حبة
زياد (داخلا ومعه سعدان ومحسن) :
أنا مندهش جدا يا سعدان من تأخيرهم لحد دلوقت، فكري ابتدا ينشغل من جهة العروسة هي وأبوها، إيه يا ترى اللي أخرهم عن المجي؟
سعدان :
جايز يا مولاي تكون السفينة عاكستها الرياح في البحر ولا قدروش يوصلوا في الميعاد بالظبط.
زياد :
برضك معقول السبب ده.
محسن (على حدة) :
إياك تكون غرقت بهم، لأجل ما أخلص من الجوازة دي اللي حايلزقوها لي كده بالغصب.
زياد :
لكن عمال المينا بيؤكدوا تمام إنهم شافوا النهارده بين المسافرين اللي وصلوا من اليمن اتنين أغراب أوصافهم تنطبق تمام على أوصاف الأمير وبنته، ومعاهم شخص تالت زي تبع لهم.
سعدان :
لازم اختلف نظرهم يا مولاي.
زياد :
صحيح معاك حق، مجرد أوصاف بسيطة بالطبع ماتكفيش، وخصوصا لا شفناهم قبل كده ولا قابلناهم بالكلية. على كل حال إن ماوصلوش النهارده ضروري حنعرف إيه سبب تأخيرهم.
حسان :
يوصلوا النهارده بكرة بعده زي بعضه.
زياد :
يعني قصدك تقول إيه؟
حسان :
لا، قصدي أقول ...
زياد :
أظن تأخيرهم ده شيء يفرحك، موش كده؟
حسان :
لا بص يا والدي ...
زياد :
بس اخرس، والدي في عينك، أنا لما أقول كلمة والا افتكر فكرة يستحيل تعارضني فيها.
سعدان :
أيوه يستحيل معارضته فيها.
زياد :
ولد مفعوص زيك ما شاء الله.
سعدان :
أيوه ولد مفعوص زيك ما شاء الله.
زياد :
عروسة أنا اخترتها لك بنفسي، وبأمرك إنك تتجوزها لازم تتجوزها، أيوه لازم لازم.
سعدان :
لازم تتجوزها، أيوه لازم لازم.
حسان :
بس إزاي حتجوز واحدة لسه عيني ماشفتهاش.
زياد :
موش مهم، بكره تشوفها.
سعدان :
أيوه بكرة تشوفها وتشبع فيها شوفان.
حسان (على حدة) :
لا لا ده ظلم، ده حرام، آه أعمل إيه يا ربي وأنا قلبي صبح مشغول بالبنت دي اللي خلصتني من إيدين النور، اللي صبح خيالها مايفارقش عيني ولا لحظة.
زياد :
إنت بتكلم نفسك بتقول إيه؟
حسان :
لا ما باقولش حاجه (بخضوع) .
سعدان :
يقدر يقول حاجة، هو اسمه كلام عيال.
حاجب (يدخل بلهفة) :
بشرى بشرى جميله يا مولاي.
زياد :
إيه فيه إيه يا فضل؟
حاجب :
شرف الأمير خصيب هو والعروسة الكريمة بموكبه العظيم.
محسن :
إخص، برضك وراي وراي. بخت إيه المطين ده يا هو!
زياد :
وفين هما دلوقت؟ في المينا لسه؟
حاجب :
لا يا مولاي، هنا في القصر.
زياد :
عظيم خالص، ياله جميعا استقبلوهم الاستقبال اللايق بمقامهم (لحسان)
وانت ياله فوت قدامي علشان تستعد لاستقبال عروستك (ينادي) .
حسان :
والله يا ربي مانا عايز لا عروسة ولا زفت (يخرج غاضبا مع أبيه وسعدان) .
فضل :
ياله يا خدم يا حشم يا رقاصات يا مغنيات (يدخل الجميع)
استعدوا لاستقبال الأمير، والا مانا عارف اسمه إيه أهه الأمير والسلام.
لحن
الجميع :
يا مرحبا يا سيادنا الأمرا
يا ألف أهلا ويا ألفين
ده إيه ده كل النور ده يا قمره
يا بهجه يا أصيله الجدين
بنات :
سمح الزمن وسيد اليمن
شرف وجاب ست الغزلان
ومقدما سعده انضمن
المبخت السعد حسان
خصيب :
ناسبت أنا من غير جدال
نسب الهنا والأشيا عال
وأهو هكذا تكون الرجال
الجميع :
وأهو هكذا تكون الرجال
أهل الجواهر بالشوال
أبو نواس :
وأهو هكذا وأكتر كمان من هكذا
تبقى البنيه اللي غرضها القزقزه
يسترها ربنا لو نشوفها مبوزه
حاكم قسم والقسمة فيها إذا وإذا
الجميع :
عقبال مانهيص في سبوعها
إن كان جي لها سبوع
هي الدنيا ساعات مطلوعها
يقلب ضحكتها دموع (ينتهي اللحن برقصة.)
زعيط :
عمي عمي.
أبو النواس :
اسمي مولاي يا واد قلنا لك.
زعيط :
الله، ماهو الواحد بينسى سبحان الله! بالك يا مولاي أنا متهيأ لي إن احنا إيه دلوقت؟
أبو النواس :
إيه يا سيدي؟
زعيط :
إن انت عنتر وأنا شيبوب، ودي عبلة.
أبو النواس :
شوف الواد حايكلمني بالفن، ابن الصرمة إحنا أمرا يا واد دلوقت زي ما قلت لك.
زعيط :
ها ها ها الله يجازيك يا مولاي.
ثريا :
يابا ده ناوي يفضحنا.
أبو النواس :
لا ماتخافيش، خلي قلبك جامد.
وردانتشي :
لكن مع كل ده، أقول لك الحق مانيش قادرة لسة أبلع ريقي.
أبو النواس :
وأنا ريقك ده راخر حابلعولك بإيه زياده عن كده؛ قلة ذمة وقبلناها، واصاحبنا حبسناهم وخدنا هدومهم وحلينا محلهم، إيه بقى اللي راح أعمله لك زياده عن كده؟!
زعيط :
لكن احنا موش في كده.
أبو النواس :
إيه فيه إيه تاني؟
زعيط :
أنا بطني قرت علي.
أبو النواس :
يا واد بلاش فضيحة ياواد.
زعيط :
فضيحة إيه يا عم، أنا لسه ماشفتش أمرا على لحم بطنهم غيرنا احنا!
خادم :
يلزم حاجه لمولانا الأمير؟
زعيط :
ودي عايزة سؤال !
أبو النواس (للخادم) :
لا لا، ده ابني دايما يحب يهزر.
ثريا :
أيوه، أيوه، يحب يهزر يادي الفضيحة.
زعيط :
أهزر، ده كلام فارغ يا عم خدوا هدومكم موش عايزين نشتغل.
ثريا :
يا فضيحتي، يا فضيحتي!
أبو النواس :
الله ينكد عليك.
زياد (من الخارج) :
يا فرحتي يا فرحتي، ده القمر النهارده نور.
أبو النواس (لزعيط) :
أقف بأدب وصلح نفسك. أحسن حانخش في الجد.
ثريا :
يا فرحتي يا فرحتي أديني حاشوفه، يا ترى يابوي هو لما يشوفني حيعرفني؟
زياد (داخلا) :
أهلا وسهلا يا مرحبا، يا ستميت ألف حمد الله عالسلامة.
أبو النواس :
أهلا وسهلا بالأمير ابن الأمير أخو الأمير عم الأمير ومحاسيبه وقرايبه من كبير وصغير.
زياد :
يا للفصاحة ويا للبلاغة!
زعيط (على حدة) :
أمال، أكبر شاعر في الدنيا، عمي أبو النواس.
ثريا :
أبوي.
أبو النواس :
يا نهار أبوك مطين!
زياد :
إيه، أبو النواس؟
أبو النواس :
آه. لا. ده قصده يقول يعني إننا نستقبلكم بحتة من ديوان أبو النواس.
زياد :
أشكركم وأظن جنابه ...
أبو النواس :
أيوه، جنابه بقى وكيلنا.
زعيط :
إحنا لسه يا عم كلنا حاجة.
أبو النواس :
يا واد بلاش فضيحة.
زياد :
ما شاء الله، ما شاء الله! وحضرتها تبقى ...
أبو النواس :
عروسة نجلكم الكريم، الأميرة صبيحة بنت الأمير خصيب بن الأمير هان بن مسعود بن جعفر بن سعفان بن أبو زيد من نسل الغربان.
زعيط :
أي أي أي أي.
أبو النواس (لزعيط) :
الله الله إيه ده يا واد؟!
زعيط :
ضربه بسن الحربه قام ولى وهرب. أي أي أي أي.
زياد :
الله الله ده بيقول إيه؟!
أبو النواس :
لا ما تؤاخذوش يا مولاي، حاكم هو مغرم بالشعر والشعرا.
زياد :
ما شاء الله! وده دليل على الذكاء المفرط؟
أبو نواس (همسا) :
أوه إنتو شفتوا إيه، ده لما ينجلي يبقى حاجة عال.
ثريا (لأبو نواس) :
إحنا موش في كده يا بابا، أنا لحد دلوقت لسه ماشفتش حبيبي الأمير حسان.
أبو نواس :
عندك حق (لزياد)
أمال فين بسلامته المحروس عريس بنتنا الأمير حسان؟
زياد :
حالا يحضر علشان يتمتع بمقابلة عروسته الجميلة (ينادي)
حسان، يا حسان.
سعدان (من الخارج) :
باقول لك أدخل بلا عصلجه، ماتسودش وشنا مع الناس.
حسان :
أدحنا داخلين أهه (يدخل مع سعدان) .
ثريا :
آه يا ربي، قلبي بيطب كده ليه؟
أبو نواس (لثريا) :
لا والله يا بت ناصحه بتعرفي تنقي، واد يتاكل حاف.
زعيط :
يا سم، بقى أنا موش أحلى منه بالذمه.
زياد (لحسان) :
إتقدم وبوس إيد نسيبك وسلم على عروستك.
حسان :
مين أنا؟
زعيط :
لا أنا.
ثريا (لأبي النواس) :
لسة لحد دلوقت موش عارفني.
أبو نواس :
طولي بالك دلوقت يعرفك ويعرف أبوك كمان.
ثريا :
أقدم له نفسي وأفهمه أنا مين؟
أبو نواس :
لا لا اتقلي. إتقدم يا سمو الأمير خد إيد عروستك وعبر لها عن شعورك من جهتها.
حسان :
والله أنا ...
زعيط :
سمع هس، القلب السامر يصلي عالنبي.
أبو نواس :
هيه، شوف وكيلنا المعظم فرح بك إزاي لما لقاك حتتكلم.
حسان :
أتكلم أقول إيه بس؟
أبو نواس :
قول لها يا عروستي الجميله ماتقدريش تفهمي قد إيه أنا فرحان، وتروح قايل لها قصيدة كمان.
زعيط :
أي أي أي.
ثريا :
اتلهي وانسد أنت (لزعيط) .
حسان (لثريا) :
اسمحي لي أقول لك يا أميرة بمناسبة تشريفك هنا في قصرنا، إني أتمنى لك الصحة والعافية وكل حاجة.
أبو نواس :
بس كده.
زعيط :
قبضنا بالصلاة عالنبي.
أبو نواس :
إتقدمي انت يا بنتي، وحيي عريسك.
ثريا (لحسان) :
أنا من كل قلبي أشكر عواطفك الرقيقة يا سمو الأمير، وإذا كان لساني بيتكلم قيراط يكون فؤادي بيناجيك من جوه 24.
زياد :
ما شاء الله ما شاء الله! دي فصاحة إيه دي!
أبو نواس :
علشان تشوف التربية، تشوف البضاعة.
زعيط :
آه موش بنغشكم معناها.
أبو نواس (يضربه على رأسه) :
يا سيدي بس اتلهي وانسد انت.
حسان (لنفسه) :
غريبة! الحس ده أنا موش عارف سمعته فين قبل كده. إنت ... إنت، آه يا ربي.
ثريا :
أيوه، أيوه، أهه قرب يعرفني.
زياد (لحسان) :
هيه إيه رأيك يا بني في عروستك دي بقى؟
حسان :
والله يا بوي أنا ...
أبو نواس :
لا ما اسموش كلام، اللي أعرفه أنا إننا نسيبهم لاتنين لوحدهم يتكلموا بحريه، علشان ياخدوا على بعض.
زياد :
والله رأيك في محله.
أبو نواس :
آه موش إيه رأيك يا ابني، وأنا أسألها إيه رأيك يا بنتي.
زياد :
ودلوقت اتفضلوا بنا ونسيبهم لوحدهم.
أبو نواس :
أيوه اتفضلوا، ياله قدامي يا وكيلنا المحترم.
زعيط :
إيه، وأنا راخر أخرج وياكم؟
أبو نواس :
طبعا.
زعيط :
اسمع يا عم، ده الواد ده باين من عينه إنه نحس.
أبو نواس :
إخرس وامشي قدامي، إيه بتخالف كلامي؟ امشي قدامي يا ولد.
حسان (لنفسه) :
أما دي غريبه! طولها وصوتها وبسمتها بالظبط، نعم كانت الدنيا ضلمة ولا حققتش في وشها، لكن قوامها تمام ووقفتها وخفة دمها. القصد على أي حال نجرها في الكلام. برضه حايبان لي دلوقت إذا كانت هي والا لأ (يتقدم إليها) .
ثريا :
أدحنا دلوقت بقينا لوحدنا، إيه بقى اللي حاتقوله لي؟
حسان (لنفسه) :
بقى ده موش حسها بعينه ياخواتي، أنا حاتجنن.
ثريا :
إنت بتكلم نفسك بتقول إيه؟
حسان :
باقول إن مسألة جوازنا يا عزيزتي، عايزة شيء من الصراحة.
ثريا :
يعني قصدك تقول إيه؟
حسان :
قصدي أقول إن الشيء اللي حاقوله لك ده، أود إنه مايجرحش إحساسك.
ثريا :
إيه هو ده يا ترى؟
حسان :
بقى لا يخفاك إن الجواز ده قسم.
ثريا :
يعني إيه؟
حسان :
يعني قلبي دلوقت ماهوش ملكي أنا.
ثريا :
إزاي، مأجره لحد؟
حسان :
أيوه، بالعربي الفصيح، باحب واحده تانيه.
ثريا (تتنهد) :
آه، واحدة تانيه، يا بختها. تبقى مين هي دي اللي بتحبها؟
حسان :
صدقيني يا عزيزتي، أنا ذاتي لحد دلوقت ماعرفش هي مين.
ثريا :
غريبة دي، تحب واحده وتملكها قلبك من غير ماتعرف هي مين.
حسان :
أيوه، لإننا لما قابلنا بعض كانت الدنيا ليل وكان على وشها قناع.
ثريا :
بالتأكيد بيقول علي أنا (لنفسها) .
حسان :
وصحيح أنا ماتحققتش منها طيب، لكن قلبي صبح مشغول بها وده نظرا للجميل اللي عملته معاي.
ثريا :
وإيه هو الجميل ده؟
حسان :
أظن ده شيء مايهمكيش .
ثريا :
بالعكس ده يهمني خالص.
حسان :
حيث إنه يهمك أنا أقولك عليه، بقى أنا ليلة إمبارح كنت داخل حانة هنا في بلدنا اسمها حانة أبو نواس، وما اشعر إلا وهجموا علي جماعة لصوص كانوا عايزين يفترسوني، ولا خلصنيش من إيديهم إلا الشابة المجهولة دي اللي بقولك عليها، وهو من ساعتها لدلوقت أنا معتبر نفسي أسير لإنسانيتها ومدين لها بالمروءة اللي عمري ما انسهاش.
ثريا :
إن جيت للحق بعد الوصف اللي وصفته لي يحق لك صحيح موش تحبها بس تعبدها عبادة.
حسان :
ولكن مع تصميمي الشديد في مقابل جميلها ده على كوني ماتجوزش حد خلافها، تلاقيني دلوقت بعد ما شاهدت جمالك الفتان محتار في أمري.
ثريا :
من جهة إيه بقى؟
حسان :
بقى حيث إن أبوي مصمم على جوازنا لبعضنا، ولا يصحش إني أرفض وأخالف كلامه، أظن يمكنك تعمليلي خدمة.
ثريا :
إيه هي الخدمة دي؟
حسان :
ترفضي جوازي.
ثريا :
لا، أظن الطلب ده يستحيل أنفذه لك.
حسان :
إزاي؟
ثريا :
وأنا ما انكرشي إني من ساعة ما شفتك وسمعت صوتك حبيتك، ولكن ...
حسان :
آه يا ربي، أقولها إيه؟
ثريا :
قول، صرح، قول إنك حبيتني وأنا أصرح لك بكل شيء.
حسان :
طيب إيه حاتقولي إيه؟
ثريا :
حاقولك مين هي اللي خلصتك من إيدين اللصوص.
حسان :
مين قولي؟
ثريا :
أنا.
حسان :
إنت؟ طيب تقدري تقوليلي إيه كلام اللي قلتهلك ساعتها؟
ثريا :
قلت لي لما جيت داخل الحانة بعد ما ذكرت لي إسمك: «أرجوكي دايما تذكريني عند الحاجه يمكن يجيلك يوم وتعوزي مني أي خدمه أأديهالك، ولو كانت على حياتي.»
حسان :
مظبوط تمام! إنت بعينك يا حياتي تعالي أضمك (يهم بضمها) .
أبو نواس (يدخل يراهما يصفق وينادي) :
عال عال أهم خدوا على بعض تعالى يا عم.
زياد (يدخل مع الجميع. لحسان) :
إزاي الحال يا بني؟
حسان :
أهي دي عروستي أهي دي اللي قلبي حبها، أهي دي اللي حتكون شريكتي في حياتي، هنوني كلكم.
زياد :
هنوهم يا جماعة وابسطوهم، ودلوقت اتفضلوا يا جماعة نتناول الطعام.
أبو نواس :
أيوه أهه دلوقت اسمنا عملنا بأكلنا (يخرجون ما عدا زياد وأبو نواس) .
زياد :
ما تقدرش تفهم قد إيه أنا مسرور إن ربنا وفق بين البنت والولد.
أبو نواس :
أي أنا مش قلت لك دي بنت حنت تفتن العابد، دي اللي كانت تبصله في السامر بصة واحدة تخليه يلف ورانا بلاد.
زياد :
إيه سامر؟
أبو نواس :
الله الله، أنا باقول إيه إخيه علي.
زياد :
سامر إيه يا مولاي؟
أبو نواس :
لا أنا قصدي أقول يعني، حاكم احنا عندنا تملي عادة نجيب الشعرا في القصر بتاعنا وتيجي الرعية ورجال حاشيتي يتجمعوا ويعملوا سامر، واحنا نقعد في السلاملك بتاع حضرتنا نسمع، وكان لما أي واحد من الموجودين يزعق ولا يتحرك وتبصله بصة واحدة.
زياد :
يقعد ساكت طبعا.
أبو نواس :
حدق تعجبني، أهو كده مظبوط تمام.
حاجب (داخلا) :
مولاي.
زياد :
إيه فيه إيه؟
حاجب :
فيه على باب القصر تلات أشخاص؛ راجلين وواحدة ست طالبين الدخول يا مولاي.
زياد :
ولا فهمتش مين هم، ولا إيه طلبهم؟
حاجب :
لا يا مولاي، بس قالوا إنهم عايزين يقابلوا جنابكم وطالبين الإذن بالدخول.
زياد :
مافيش مانع اسمحوا لهم بالدخول (لأبو نواس)
وألا قولي يا أمير خصيب.
أبو نواس :
نعم.
زياد :
إحنا يلزمنا بقى دلوقت نحدد ميعاد عقد الزواج ودخول العريس على العروسة، حيث إن ربنا وفقهم واخدوا على بعض.
أبو نواس :
طبعا وخصوصا إني موش فاضي، ولازم أرجع قوام لليمن علشان أشوف مصالحي ومصالح بلادي.
الحاجب (من الخارج) :
اتفضلوا يا جماعه، جناب الأمير جوه في انتظاركم.
خصيب (يدخل مع صبيحة وقاسم) :
بقى كويس كده يا أمير إن رجالك يعملوا فينا كده؟
أبو نواس :
إخص ياخي الحمد لله اللي قلعت الجبة لحسن كانوا يعرفوني، إحنا لازم نهوشهم ونخش في عينهم.
خصيب (لأبو نواس) :
جنابك مابتردش ليه يا أمير زياد؟
زياد :
وحارد أقول لك إيه؟ إنت لسه قلت حاجة؟
خصيب :
لا من فضلك أنا موش باكلم جنابك.
زياد :
أمال بتكلم مين يا راجل؟!
أبو نواس :
يمكن بيكلمني أنا.
خصيب :
أمال باكلم خيالك يا أمير زياد.
زياد :
يا راجل أنا الأمير زياد موش هو.
خصيب :
إيه! حضرتك الأمير زياد؟
زياد :
أيوه.
صبيحة وقاسم :
غريبة!
أبو نواس :
الجماعة دول باين عليهم ملاحيس وهربانين من المرستان.
خصيب (لأبو نواس) :
ده إنت أمال تبقى مين كده يا حضرة؟
زياد :
حضرته يبقى الأمير خصيب اليماني.
الجميع :
إيه؟
خصيب :
الأمير خصيب بتقول؟
أبو نواس :
أمال الأمير بعجر.
خصيب :
لا لا، دي حاجة تجنن خالص.
أبو نواس :
وحاتجنن أكتر من كده، الله يلطف بك ويشفيك.
صبيحة :
بقى انت خصيب أنت؟
أبو نواس :
أيوه خصيب وأبو خصيب كمان.
خصيب :
ويماني؟
أبو نواس :
ويماني أصيل من نسل التبع اليماني.
خصيب :
أمال أنا أبقى إيه؟ يا عالم فهموني.
زياد :
واحنا إش عرفنا يا سيدي، هو انت عرفتنا بنفسك علشان نعرفك؟
أبو نواس (لزياد) :
ما داهية لا ياخد اسمي ويقول من جنانه إنه الأمير خصيب.
خصيب :
أيوه أنا الأمير خصيب، هي دي فيها شك؟
أبو نواس :
وهي دي تثبت لك جنانه، إستنه أما أثبت لك جنانه اللي وياه روخرين (لصبيحة)
وأظن إنت كمان حتدعي إنك الأميرة صبيحة موش كده؟
صبيحة :
أيوه أمال إيه، أنا الأميرة صبيحة بكل تأكيد.
زياد :
أما جنان صحيح!
أبو نواس (لقاسم) :
وحضرتك وكيل الأمير واسمك قاسم موش كده؟
قاسم :
أيوه محسوبك قاسم يا مولاي.
أبو نواس (لزياد) :
هيه ثبت لك جنانهم يا أمير؟
زياد :
يا حفيظ دول مجانين بدون شك، وإيه تشوفه دلوقت؟
أبو نواس :
اللي أشوفه توافقهم على قد عقلهم أحسن يعكننوا علينا.
زياد :
رأيك في محله. أعمل طريقة وأصرفهم حالا.
زعيط (يدخل) :
إخص يا عم، دول الجماعة إياهم اللي حبسناهم في المغارة وخدنا هدومهم.
أبو نواس :
أيوه بس أسكت ما تتكلمش انت.
خصيب (لأبو نواس) :
إيه، عرفتنا دلوقت والا لأ؟
أبو نواس :
أيوه عرفتك يا أمير خصيب وعرفتكو كلكم.
خصيب :
ولكن أنا بدي أعرف، إنت الأمير زياد ولا لأ؟
أبو نواس :
آه، هي بدها كلام، ما دام حضرتك الأمير خصيب أبقى أنا الأمير زياد غصب عن عيني.
خصيب :
أمال بتعمل ويانا كده ليه فهمني؟
أبو نواس :
لا أنا بس كنت بهزر وياكم.
التلاتة :
بتهزر؟
خصيب :
هي دي بدها هزار يا أمير أنا جاي أشكي لك رجالك، وأفهم السبب في المعاملة دي اللي عاملوها لي.
زياد (لأبو نواس) :
يا سيدي ما تصرفهم.
أبو نواس :
أيوه حالا (لهم)
موش وقته من فضلكم تتفضلوا في محل الضيوف لحد ما اخلص من المأمورية اللي ويا حضرته، وبعدين نبقى نتكلم في المسألة دي.
خصيب :
لا لا، أنا عايز أكلمك في المسألة دلوقت حالا، هو لعب عيال والا إيه؟!
أبو نواس :
يا سيدي بعدين قلت لك (لزعيط)
ياله خدهم يا وكيلنا المحترم في الضيافه، نزلوهم ووكلوهم وابسطوهم (هامسا)
سلمهم لرجالنا الموجودين بره ياخدوهم ع المغارة يحبسوهم واوعى يسيبوهم.
زعيط :
على عيني اتفضلوا يا حضرات الضيوف اتفضلوا.
خصيب :
طيب يا أمير، إحنا حنكون في ضيافتك ووقت ما تفضى ابعتلي علشان نتكلم.
أبو نواس :
على عيني بس اتفضلوا (يخرجون. لزياد)
هه مبسوط حضرتك؟
زياد :
أي مبسوط قوي، ده جنانهم خطر قوي.
أبو نواس :
لا سيبك الدنيا سياسة والعاقل اللي زي حلاتي يعرف يخلص نفسه وقت اللزوم.
حاجب (يدخل) :
اتفضلوا يا مولاي المعازيم في انتظاركم.
زياد :
أيوه أدحنا جايين، اتفضلوا يا أمير خصيب.
أبو نواس :
أيوه اتفضل يا أمير زياد، أعوذ بالله سبحان من خلصنا من الجماعة المجانين دول.
زياد :
ده جنان يا حفيظ! قال أمرا، قال بقى ملابسهم دي تدل على إنهم أمرا.
أبو نواس :
واخد لي بالك سيبك منهم اتفضل (يخرجون) .
ثريا (تدخل) :
آه يا ربي نفسي مش هضماني أبدا؛ لكوني أغتصب قسمة غيري، ده يبقى اسمه اختلاس، ومن وجهة تانيه جايز فيما بعد يرجع تاني يستعر من مصاهرتي ودي قد ما يكون اسمها أميرة زيه غنية وصاحبة جاه وأموال حاضيعها منه ويوم من الأيام حايستخسر ضياعها، وبدال ما يحبني حايكرهني ويحتقرني وينقلب حبه بعداوه، لا لا يستحيل ضميري يرتاح لكنه أبدا لكده أبدا (تنظر للخارج)
هو جاي على هنا، أما أشوف كده حايقولي إيه.
حسان (يدخل) :
آه إنت هنا يا عزيزتي، أهو دلوقت كل شيء تم ولا بقاش فاضل إلا كونهم يجوا هنا ويسئلوك على التوكيل حسب المعتاد، هه إنت مستعدة يا حياتي؟
ثريا :
أيوه، بس قبل كده أنا عايزة أسألك سؤال بسيط.
حسان :
إيه؟ اتفضلي.
ثريا :
جنابك قبلت جوازي حبا لشخصي والا عندك اعتبارات تانيه غير كده؟
حسان :
وإيه الاعتبارات التانيه دي؟ أنا ما قبلت جوازك إلا بالنسبة لجمالك الباهر وأخلاقك الرفيعة.
ثريا :
يعني بصرف النظر عن ثروتي وأملاكي وأصلي وفصلي؟
حسان :
وده سؤال إيه الغريب ده؟ من جهة الثروة ده شيء ما يهمش بالكلية، ولكن من جهة أصلك وفصلك دي حاجه تانية.
ثريا :
آه، كويس يعني اللي حتتجوزها لازم تكون أصيله بنت حسب ونسب؟
حسان :
ضروري لأني من أصل شريف ولا يصحش إني أتجوز إلا بنات الأشراف.
ثريا (على حدة) :
آه يا ربي (له)
طيب وإيه رأيك إذا كنت غشيتك؟
حسان :
غشتيني يعني إيه؟ موش قادر أفهم.
ثريا :
يعني لازم تفهم دلوقت إن جوازنا ببعض مستحيل.
حسان :
إيه مستحيل إزاي؟!
ثريا :
أيوه، لأني أنا صحيح بحبك، لكني واحدة عندي ضمير، وضميري أنبني على جوازي بك.
حسان :
ياهوه أنا حاتجنن!
ثريا :
لا سلامتك من الجنان، بعد الشر عليك، والله صعبان علي.
حسان :
أيوه كده، صرحي لي وقولي تاني أنا بحبك.
ثريا :
طبعا بحبك، لكن اعذرني إذا رفضت جوازك بي.
حسان :
بس تقدري تفهميني إيه السبب؟
ثريا :
ما يمكنش أقولك غير كده بس أعذرني سامحني ارحمني آه يا ربي (تبكي وتقع على مقعد) .
حسان :
الله الله الحقونا يا ناس (يدخل زياد وأبو نواس والقاضي والجميع) .
زياد :
اتفضل يا مولانا القاضي.
أبو نواس :
أيوه اتفضلوا كلكم (يدخلون)
إيه فيه إيه؟ يا خبر إسود إنت عملت فيها إيه؟ بنتي. (الجميع يندهشون)
أبو نواس :
بنتي ثريا صبيحة.
زعيط (يدخل) :
أديني عملت زي ما قلتلي يا عم (يراها)
الله الله ثريا حبيبتي.
أبو نواس :
إخرس ثريا في عينك. صبيحة قومي يا بنتي.
القاضي :
شمموها نشادر، واحرقوا لها شرموطة علها تفيق، لا حول الله، ربما تكون هذه نوبة عصبية متعودة عليها، دعوني أقرأ لها في أذنها، ربما تعود إلى صوابها.
ثريا (تستفيق تدريجيا) :
آه يا ربي، أنا فين؟
القاضي :
إنت هنا يا ذات البها، وحولك الناس كلها، أتوا ليحييوك، وضمنهم أبوك، والآن فوقي لنفسك، وارجعي إلى صوابك، وأخبرينا من هو وكيلك في كتب كتابك.
أبو نواس :
ردي، من وكيلك؟
ثريا :
أنا ماليش وكيل.
أبو نواس :
إزاي ده؟
ثريا :
أيوه لأني موش عايزه أتجوز.
حسان :
سامع يابوي سامع.
زياد :
إيه الكلام ده يا أمير خصيب؟!
أبو نواس :
خصيب إيه بقى وهباب إيه، دي يظهر إنها اتجننت!
زعيط :
أنا موش قلت لك م الأول إنها بتحبني أنا مصدقتنيش، أهو كله منك.
ثريا (بحالة جنون) :
قلت لكم موش عايزة أتجوز يا حفيظ يا حفيظ.
الجميع :
اتجننت لا حول الله (يقولون لحن ختام الفصل) .
مشقاني :
ياله هنوا القصر كله
بالجواز ده اللي في محله
الجميع :
ياله هنوا القصر كله
بالجواز ده اللي في محله
يوم مبارك يا أميرنا
يا اللي عايشين تحت ضله
ثريا :
أأمر بالنور ده كله ينطفي
والزينات بالمره تنشال وانتهي
أبو النواس :
إخص إيه اللي جرى حاتخرفي
والله عملة مطينة وعملتها
الجميع :
دهدي دهدي
كاينه إيه دي
لخبطوا لنا الدنيا ليه
الجنان ده أصله إيه
مشقاني :
جد يا سمو الأميرة
والا بس بتضحكي
ثريا :
لا أميرة ولا غفيرة
الحقيقة تنحكي
بنت يا مولاي من ضمن الغجر (تقلع هدومها)
الجميع :
الغجر
ثريا :
لا أعرف الشام فين
ولا أرض اليمن
أبو النواس :
ده جزايا اللي اسمع الشورة
العجر رحنا والفاتحة علينا مقدما
مشقاني :
أكرشوهم ألطشوهم
الغجر النور
الجميع :
إمشوا انجروا يا دبش يا كارو
دانتو تعروا جاتكوا البين
الفصل الثالث (يرفع الستار عن بيت الغجر. الموجودون يقولون لحنا ورقصة. يهنون زعيط بقرب جوازه بثريا. وهو فرحان ويقول إنه يوم عيد.)
الغجر :
أكبر أمير وأعظم عني
مايشفوش عمره يوم هني
زي اللي بتشوفه الغجر
ولا يزعلوا ولا يحزنوا
ياكلوها ملح وييسمنوا
ويناموا في ضل الشجر
نساء :
ويطبلوا ويزمروا
ويزيطوا ويهيصوا
رجال :
ياله ابسطونا وشمروا
ونغني وانتم ترقصوا
مغنى العرايس عندنا
الريفي اللي زينا
البنات :
كتر الله خيرك يا دار أبوها
فرغة ربايتك بقت رباية غيرك يا دار
رجال :
تني أدور عالأجاويد أناسبهم
لما رماني الهوى على مساطبهم
تي تي تي تي
تي تي تي تي
الدنيا أيام تنقضي
لازم نخليها انبساط
مايهمش الجيب إن فضي
والصحة أجمد م القشاط
ثريا (بعد اللحن) :
كتر خيركم انصرفوا كلكم. كل واحد يروح لشغله سيبوني لوحدي.
بنت :
أيوه انصرفوا كلكم وسيبوني أنا وهي.
الجميع :
على عنينا (يخرجون) .
ثريا (للبنت) :
إنت مستنيه إيه؟
البنت :
مستنيه وياك أونسك، آخد حسك وأعزيك ع اللي جرى لك.
ثريا :
لا سبيني أنا أعزي نفسي.
البنت :
يا بنت يجرى لك حاجة.
ثريا :
يجرى اللي يجرى لي. هو حيجرى أكتر من اللي جرى.
البنت :
ما هو إنت الحق عليك، حد في الدنيا تقع له جوازة زي دي ويطردها أمير ياريت أنا يقع لي غفير، وأنا كنت أكلبش فيه بإيدي وسناني، ما اسيبوش ولو ينزلوا علي بالصرم.
ثريا :
إعملي معروف يا أم خضرة، مش عايزة أسمع الكلام ده.
خضرة :
أهو انت كده بخاطرك. خليتك بعافية (تخرج) .
زعيط (يدخل) :
ثريا، إنت هنا يا روحي، مالك قاعده تفكري في إيه؟
ثريا :
ولا حاجة حفكر في إيه.
زعيط :
آه، ماتفكريش دا النهارده ضروري حيتم جوازنا ببعض.
ثريا :
بقى انت بتحبني يا زعيط؟
زعيط :
باحبك؟ دا أنا بموت، بادوب دوبان.
ثريا :
طيب إذا كنت بتحبني صحيح، قولي لي الأمير خصيب وبنته ووكيله وديتهم فين؟
زعيط :
وديتهم في المغارة زي ما قالي عم أبو نواس.
ثريا :
وهم محبوسين دلوقت هناك لوحدهم؟
زعيط :
لوحدهم، لا والله حانجيب لهم مزيكة! آه لوحدهم مرميين هناك.
ثريا :
آه يا قلبك القاسي إنت وأبوي.
زعيط :
يعني إيه صعبانين عليك؟
ثريا :
آه يا زعيط، ماتقدرش تفهم قد أيه أنا زعلانة علشان الناس دول، ولاتقدرش الحنية اللي في قلبي من جهتهم.
زعيط :
بس كده، ما دام إنت زعلانة علشانهم لك علي إني أسعى في خلاصهم.
ثريا :
أهو كنت صحيح وقتها أظهر لك حبي وأتجوزك.
زعيط :
يا سلام دا أنا لازم أخلصهم، ولو كانوا محبوسين عند الزير عند حسان عند الزناتي خليفة.
ثريا :
وتوعدني وعد شرف؟
زعيط :
أيوه وحياة حبك.
ثريا :
أهو دلوقت صدقت إنك بتحبني صحيح.
زعيط :
طيب أمال حيث كده، لازم تقنعي عمي أبو نواس وتفهميه الحقيقة، علشان يتم جوازنا ببعض النهارده ضروري.
ثريا :
على عيني.
أبو نواس (من الخارج) :
هي راحت فين الملعونة دي؟
زعيط :
إيه ده عم أبو نواس. أنا حاخرج من هنا دلوقت وانت كلميه.
ثريا :
روح انت مالكش دعوة (يخرج) . (أبو نواس يدخل.)
ثريا :
آه، إنت جيت يابوي.
أبو نواس :
أبوك، دانا حالعن أبوك.
ثريا :
إيه إنت زعلان؟
أبو نواس :
زعلان، دا أنا حاتجنن.
ثريا :
لا ماتزعلش دا أنا النهارده لازم أتم جوازي بزعيط.
أبو نواس :
زعيط!
ثريا :
أيوه ولازم توافق على كده.
أبو نواس :
لا سيبك. أنا بقيت أوافقك في حاجه أبدا. ده اللي يوافقك توديه في داهية.
ثريا :
داهية، داهية ليه؟
أبو نواس :
عايزة غير كده دواهي. يعني إنت موش حاسة بالدوخة دي اللي دوختيهالي وخلتيني قايست واتأخرت علشان خاطرك، وفضلت أأقلد شيبوب أخو عنتر في ملاعيبه علشان أبقى الأمير خصيب اليمني والشيخ محمد اليماني، والآخر أديني طلعت لا كاني ولا ماني بس بس.
ثريا :
لا معلهش يا بوي ما تزعلش وسيبك من الإمارة دي اللي تضايق.
أبو نواس :
ماهو أنا موش زعلان على الإمارة أبدا، أنا برضه عندي ناس تانية وبتأمر عليهم على كيفك.
ثريا :
أمال زعلان علشان إيه؟
أبو نواس :
أنا موش فاهم بس إيه اللي طلع في مخك، وخلاك اتجننتي بالشكل ده ولخبطي الترتيب اللي عملناه ده كله.
ثريا :
آه، أعذرني يابوي.
أبو نواس :
أعذرك علشان إيه؟ العريس وحش؟
ثريا :
لا.
أبو نواس :
فقير؟
ثريا :
لا.
أبو نواس :
موش انت اللي حبتيه من الأصل، وفضلت تدمعيلي لما خليتي ركبي اتلخلخت ووافقتك؟
ثريا :
أيوه.
أبو نواس :
طيب، وأعذرك علشان إيه ضروري في الأمر سر تاني؟
ثريا :
أيوه فيه سر ولا يصحش أقولك عليه.
أبو نواس (بحدة) :
إيه، ما تقولي عليه. يعني أنا إيه، لعبه في إيدك تضحكي علي تسودي وشي مع الناس الكبار، طيب والله إما قلتيلي حالا على السر ده الا بقطع خبرك وحرمانك من الجواز طول عمرك.
ثريا :
طيب ما تزعلش أنا أقول لك.
أبو نواس :
أيوه قولي.
ثريا :
بقى أنا شفت حيث إنه هو أمير وأنا غجرية، وإذا اتجوزني ضروري حايجي يوم ويعرف حقيقتي، وقتها يكرهني وأعيش منغصة.
أبو نواس :
أنا قلت لك ستين مرة إنك بنت أكابر موش غجرية.
ثريا :
أظن حاتقولي بنت الأمير خ زي ماقلت. بس، بس يجب إني أعيش فقيرة حقيرة زي ما أنا طول حياتي.
أبو نواس :
يعني مبسوطة من العيشه اللي احنا فيها دي؟
ثريا :
قوي وضميري مرتاح.
أبو نواس :
ولكن أنا ضميري مش مرتاح.
ثريا :
ليه بقى؟
أبو نواس :
أيوه علشان لو كنت اتجوزتيه كنت أنا دلوقت نسيب الأمير مشقاني، وانت الأميرة صبيحة وحواليك الخدم والحشم مش الغجر والتتر.
ثريا :
بس بس أنا موش عايزة أسمع الحكاية دي.
أبو نواس :
إن شا الله ما سمعت. خليك كده فقرية غجرية طول عمرك (يخرج) .
زعيط (داخلا بحذر) :
هيه قلتي له؟
ثريا :
أيوه قلت له، ووعدني النهارده ضروري حيتم جوازنا بس اللي عليك دلوقتي توصلني للمغارة اللي فيها الأمير خصيب وبنته.
زعيط :
بس كده، دا أنا أوصلك ولو كان لقصر أنس الوجود ياله بنا (يتغير المنظر: نور ضعيف يدل على أنه سرداب تحت الأرض) .
صبيحة (لخصيب) :
آه، لإمتى يابوي حنفضل في الأسر اللي احنا فيه ده؟
خصيب :
والله شي يعلمه ربنا يا بنتي.
قاسم :
أظن دي عوايدهم هنا في البلد دي، إكرام الضيف حبسه.
خصيب :
والله أنا حاتجنن يا قاسم يا ابني، نكونش بنحلم يا ولاد.
قاسم :
بقى كل ده حلم، طيب إذا كنا بنحلم هدومنا راحت فين؟
صبيحة :
تكونشي يابوي عملت في زمانك حاجة وعلشان كده ربنا بينتقم مننا؟
قاسم :
أهو ده الكلام الجد مفيش غير كده.
خصيب :
أنا أقول لكم يا أولادي، أنا ما عملتش في حياتي إلا غلطة واحدة، وضميري بيأنبني عليها لحد دلوقت.
الاتنين :
إيه هي؟
خصيب :
بقى على أيام المرحومة أمك، كان عندي ضمن الجواري جارية شركسية خلفت منها بنت.
صبيحة :
إيه؟ خنت المرحومة أمي؟!
خصيب :
بس اسمعي.
صبيحة :
طيب قول.
خصيب :
وزي ما تقولي من خوفي من المرحومة أمك خدت البنت دي في ليلة من غير ما حد يشعر، ولفتها في شال أبيض وتركتها على باب جامع بعد ما ربط على دراعها نص الشورة دي (يخرج الشورة)
وفيها 300 دينار.
صبيحة :
والبنت دي على كده تبقى أختي؟
خصيب :
طبعا، دا هه كل ده اللي عملته في دنيتي.
صبيحة :
مسكينة يا أختي، يا ترى إيه اللي جرى لها دلوقت؟ مين عارف طلع عليها وحش كالها والا وقعت في إيدين واحد فقير رباها تربية حقيرة؟
قاسم (يبكي) :
مسكينة يا عيني عليها، أهي لو كانت موجودة دلوقت كنت أقله أتجوزتها بدالك، مدام انت مش راضية تتجوزيني.
ثريا :
بس بقى، إحنا في إيه والا في إيه.
خصيب :
بس ما تفكرونيش.
صبيحة :
وعلشان كده ربنا بينتقم منا ولازم نصبر لحكمه (يسمع وقع أقدام) .
قاسم (بخوف) :
مولاي.
خصيب :
إيه فيه إيه يا قاسم؟
قاسم :
أنا سامع حس رجلين جايه على هنا.
صبيحة :
يمكن حد محبوس زينا هنا (تدخل ثريا) .
قاسم (بذعر) :
يا ام.
ثريا :
ما تخافوش.
صبيحة :
إنت إيه؟
ثريا :
أنا جيت علشان أخلصكم.
صبيحة :
إيه تخلصينا؟
خصيب :
أنا مش فاهم إنتو حابسينا ليه؟
ثريا :
موش ضروري تفهم، دلوقت المهم إنكم تخلصوا من هنا والسلام.
صبيحة :
وحضرتك تبقي مين؟
ثريا :
أنا ثريا النورية.
خصيب :
نورية؟ بقى انت موش من حاشية القصر بتاعة الأمير مشقان؟
ثريا :
مشقان مين وقصر مين، دا انتو هنا في مغارة أبو نواس رئيس النور.
صبيحة :
رئيس النور؟
ثريا :
أيوه.
خصيب :
وانت تقربي له إيه؟
ثريا :
بنته.
خصيب :
وهو اللي أمرك تخرجينا؟
ثريا :
لا أنا حاخرجكم من سرداب سري من غير ما حد يعرف.
صبيحة :
أيوه اعملي معروف ، نجينا خلصينا أنا في عرضك.
قاسم :
أيوه اعملي معروف إحنا في عرضك.
ثريا :
بس وطوا صوتكم ما تزعقوش وأنا رايحة افتح لكو السرداب اللي تخرجوا منه، بشرط إن مافيش حد من النور اللي هنا يشوفكم.
خصيب :
أيوه يا بنتي اعملي معروف جزاك الله كل خير.
ثريا :
ما تخافوش ما تخافوش (تخرج) .
خصيب :
يا حفيظ، بقى احنا دلوقت في مكمن لصوص!
قاسم :
ما تزعقش يا مولاي، اللهم اجعل كلامنا خفيف عليهم.
صبيحة :
أنا لحد دلوقت موش مصدقة إننا حنخرج من هنا، لا بد دي حيث إنها نوريه منهم موش ممكن إنها تخلصنا زي ما بتقول.
خصيب :
لا يا بنتي دي لازم ملاك ربنا أرسله لنا من السما علشان ينقذنا.
قاسم :
سما هي فين السما (يفتح باب السرداب) .
الثلاثه :
يا حفيظ يا حفيظ!
ثريا (تظهر) :
ما تخافوش تعالوا بشويش (هنا تحصل ضجة عنيفة وصوت ينادي العساكر) .
الجميع :
إيه جرى إيه؟
أحد الغجر :
الحذر يا جماعة الحذر.
مشقاني (من الخارج) :
خلي بالك يا عسكري، اغفر فتحات، سد مسالك، اظبط غجر نور، موش خلي يهرب ولا نفر.
صوت (من الخارج) :
حاضر.
مشقاني (داخلا هو وولده حسن واتنين عساكر) :
أما غجر خنازير بتاع قصة زير وربابات واحتمالات جنن مشقاني وجعل المخ بتاعه خرافات.
حسن :
بس هدي دمك يا والدي.
مشقاني :
لا موش هدي أنا دلوقت مسكتوا أبو نواس، ومن المخ بتاعي راح كل وسواس، ولازم أحرق موت غجر منشان أهان ضيوفات، وعذب عروسات، وعمل حضرتي هزوات.
جندي (داخلا بثريا وقد دفعها) :
خشي هنا.
ثريا :
موش كده يا جماعه، أنا في عرضكم.
مشقاني :
ها ها.
حسن (وحده) :
آه يا ربي، أنا خايف لايؤذوها.
مشقاني :
آه هيه سلامات ألف احترامات عروسة تقليد، مثل دور بإتقان عفارم عفارم غشاشين دجالين ها ها قدم هنا شقي.
حسن :
يا ساتر يا رب، لكن يابوي دي مالها ذنب، الذنب كله على أبوها اللي ثبت لنا إنه شيخ الدجالين اللي في الدنيا كلها.
مشقاني :
لا لا، كله في الجرائم شريكات فابريقة تلاعب غشاشين بشوف بخت أضرب رمل. أمسك ربابات. نقو.
حسن :
طيب اتكلم وياها بلطف موش بقساوة قد كده.
مشقاني :
سكوت، تداخل ممنوعات في تحقيقات رسميات كلم هنا قوام.
ثريا :
أفندم.
مشقاني :
فمين أمير خصيب وعروسان حقيقان؟
ثريا :
أهم هنا جوه وبعاملهم أحسن معاملة، حتى ابقى اسألهم.
مشقاني :
ها ها ياللى روح جيبه هنا حالا بالا نور تتر كبشة غجر.
ثريا :
حاضر (تخرج) .
حسن :
بس دي مالها يا والدي، إحنا عايزين نجيب أبو النواس ده علشان ننشف دمه زي ما نشف دمنا.
مشقاني :
إيفت لك حق.
حسن (لأحد العساكر) :
إنده لنا أبو النواس الملعون ده اللي هزأنا ولا اختشاش على عرضه.
عسكري (للخارج) :
يحضر أبو النواس الغجري.
جندي (يدفعه) :
خش هنا (يدخل مع أبو النواس) .
ابو النواس :
إيه ده خليكو ذوق يا غجر، داهية تلعن اللي مشغلينكم.
مشقاني :
ها ها ها.
أبو النواس :
آه السلام عليكم.
مشقاني :
سلامات احترامات خزعبلات بلوفات مش لازم يا كلب.
أبو النواس :
من أصلك يا فندم.
مشقاني :
اخرس غشاشين دجال مكر خبيث أسود غطيس، مناخير فطيس.
أبو النواس (يمسك بأنفه) :
هه، أنا اللي مناخيري فطيس!
مشقاني :
إيفت.
أبو النواس :
طيب الله يسامحك برضه، بس ماتشخطش كده.
مشقاني :
إخرس.
أبو نواس :
بس طول بالك، خد نفسك وأنا أفهمك الحقيقة.
مشقاني :
حقيقات معروف إن حضرتكم شيخ تعابين دجالين غجر تتر نور.
أبو نواس :
ماهو ده مفهوم بس أصل الحكاية دي إن ابنك ...
مشقاني :
إخرس موش كلم يا كلب.
ضابط :
عائلة الأمير خصيب أهم جايين أهم.
زياد :
الحمد لله يا بني، أدنت حاتشوف عروستك الحقيقية وتتفرج على نقاوة أبوك.
أبو نواس (يدخل مديرا ظهره لهم ومتكلما للخارج) :
جمدي قلبك يا صبيحة (وتكلم زياد وزعيط اللذان يدخلان معه)
أهه ربنا خلصنا (يلتفت)
أنا يا جماعه الأمير خصيب ... خص... خص...
ابن الأمير (وقد رآهم) :
آه، هو أنتم.
ثريا (على حدة) :
آه، هو هنا.
زعيط (على حدة) :
إيه ضرتي هنا.
أبو نواس :
انظبطنا والحمد لله.
ابن الأمير (وقد ذهب نحو أبو نواس) :
أظن المرة دي مابقاش هزار، ولا تقلدش الأمير خصيب ولا بنتك تمثل دور الأميرة صبيحة.
ثريا :
لا أنا مثلت الدور ده صحيح بإتقان، ولكن تركته لما اعتقدت إن تمثيله موش في محله. ولا يليقش لواحد زيك واحدة زيي.
ابن الأمير :
إيه بتقولي إيه؟
أبو نواس (لثريا على حدة) :
طولي بالك أما أهدي عصبيته (عاليا)
اسمع مني كلمتين من فضلك يا نسيبي.
ابن الأمير :
نسيبك أنا نسيبك أنا؟!
أبو نواس :
إنت دلوقت صحيح موش نسيبي، ولولا ذمة حضرتها كنت وقعت وبقيت نسيبي، وأنا أقول لك يا نسيبي إن بنتي دي موش هي المذنبة ولازم تسامحها، وخلي الذنب كله علي أنا، بس طول بالك وهدي دمك شوية وخلينا نتلكم مع بعض.
ابن الأمير :
إيه؟
زياد :
شوف الراجل ياخوي بيقول نسايب برضه كده بسداغته، بقى انت عاوز تقول إيه دلوقت؟
أبو نواس :
أنا عاوز أقول إن الحب هو اللي أصل اللخبطة دي كلها.
ابن الأمير :
يا سلام.
أبو نواس :
أيوه، لأن بنتي دي كانت بتحبك لدرجة الجنون.
ثريا :
لا يا بابا ماتقولشي كده.
أبو نواس :
أيوه كنت بتحبيه حب بدنجاني بلاش إنكار.
زعيط :
بتحبه إيه، دي مابتحبش غيري أنا.
أبو نواس :
أيوه من قلة الحيلة، وكنا دلوقت حانكتب كتابهم على بعض.
زياد :
ولكن احنا موش في كده، إيه اللي عملتوه في الأمير خصيب والجماعة اللي وياه؟
أبو نواس :
ماعملناش فيهم حاجة، غايته حبسناهم هنا.
ابن الأمير :
بقى لازم هم الجماعة اللي كانوا هنا؟
زياد :
أيوه والراجل العجوز ده هو اللي جه في القصر، وقال أنا الأمير خصيب ولا صدقتوش.
أبو نواس :
أيوه يا مولاي هو خصيب بنفسه.
زياد :
إخص على تغفيلي قال وأأمر بحبسهم قال.
أبو نواس :
معلهش دلوقت يفرح.
زياد :
ياله خدوهم واحجزوهم عندكو لحد ما أطلبهم، أما أروح أطيب خاطرهم المساكين (يخرج) .
أبو نواس (لزعيط) :
والله طبينا يا حضرة وقعتنا بقت زلق.
ثريا :
لا ماتخافوش يا بابا يمكن ربنا يخلصنا.
أبو نواس :
يا نسيبي اعمل الواجب، وراعي حقوق النولافيش فرق بينكم أبدا بردونسب مايصحش.
ابن الأمير (للعساكر) :
إنتم ماسمعتوش الأوامر؟
أحدهم (يعترضها) :
لا لا استنى شوية من فضلك.
ثريا :
أنا.
ابن الأمير :
أيوه دلوقت بقينا لوحدنا.
ثريا :
لوحدنا يعني إيه؟
ابن الأمير :
يعني ماعندكيش كلام تقوليه لي أبدا؟
ثريا :
وحاقولك إيه يا مولاي؟
ابن الأمير :
يعني دلوقت أدنتي وقعتي في قبضة إيدي، وكلمة واحدة مني تخليني انتقم منك زي الجماعة التانين، فاهمة؟
ثريا :
صحيح يا مولاي (تضحك)
هي هي هي.
ابن الأمير :
إيه إنت بتضحكي موش خايفة؟ وإيه اللي يطمنك على نفسك بالشكل ده؟
ثريا :
اللي طمني على نفسي علم المستقبل يا مولاي.
ابن الأمير :
إيه إنت تعرفي في العلم ده؟
ثريا :
ماعرفش إزاي يا مولاي وأنا من خاص الغجر؟! ناولني إيدك كده.
ابن الأمير :
إيدي؟
ثريا :
أيوه علشان أقرأ لك اللي فيها، وأؤكد لك إنك ضروري سامحتني.
ابن الأمير :
يا سلام (لوحده)
دي حلوت البنت في نظري أكتر من الأول.
ثريا :
وريني كفك أمال.
ابن الأمير :
اتفضلي.
ثريا (وقد مسكت بإيده وقرأت) :
مكتوب هنا في كفك إن جنابك حتأمر بأن يطلقوا سراح أبو نواس أبوي وعريسي زعيط دلوقت حالا.
ابن الأمير :
لا لا يستحيل، وأنا أحلف لك.
ثريا :
لا لا ماتحلفش، أنا أؤكد لك إنك حتأمر بالإفراج عنهم دلوقت حالا.
ابن الأمير :
إزاي ده؟
ثريا :
يعني ماتتذكرش حضرتك الليلة دي اللي هاجمتك فيها عصابة من النور، وكانت أشكالهم فظيعة خالص؟
ابن الأمير :
آه، أيوه متذكر.
ثريا :
يعني حضرتك كنت حاتروح بلاش لولا وجودي أنا، وخلصتك منهم ونجيت حياتك.
ابن الأمير :
لا ده كلام فارغ، لأني طلبت منك في القصر إنك تذكري لي الكلام اللي قلته لك وقتها، ولا أمكنكيش تقولي، وعايزة دلوقت حضرتك تغشيني بكلامك الناعم ده؟
ثريا :
أنا أغشك أنا؟!
ابن الأمير :
طيب تقدري تقوليلي أنا ساعتها قلت لك إيه؟
ثريا :
قلتلي إذا كان يحصل لك حاجة بطريق الصدفة، وتلزمك خدمتي أنا مستعد لكل خدمة، وإنك يستحيل أبدا تنسى إنك مديون لي بحياتك، وأظن إنك أمير من الأشراف، والشريف ماينساش وعده أبدا.
ابن الأمير :
أيوه صحيح، وحيث ثبت لي دلوقت إنك منقذة حياتي، إنت دلوقت حرة وتروحي مطرح مانت عايزة، إنت وأبوك.
ثريا :
ومين؟
ابن الأمير :
نهايته والتاني راخر، ولكن لازم دلوقت تديني إيدك زي ما اديتك إيدي.
ثريا :
إيدي أنا؟
ابن الأمير :
أيوه ضروري.
لحن
حسان :
لا قلبي ملكي ولا في إيدي
حتى أوهبولك برضاي
أهو تطلبي مهما تريدي
إلا عواطفي وهواي
غيرك سبق وأنا خالي
وشبك فؤادي وراح
وانتي اعطفي على حالي
وسماح لعذري سماح
ثريا :
يا شبكتي في الهوى يا عذابي
ترضى انت فرقتنا الاتنين
ويخلصك تجني على شبابي
آه لو كانتشي رمتني العين
حسان :
ياما أصعب الحيره يا ربي
وأنا زي مركب بين بحرين
لو كان يصح أنزع قلبي
كنت أقطعه وأقسمه نصين
زياد :
تعالى يا أمير خصيب تعالى (ويدخل لاروش وسكرتيره وصبيحة، يرى ابنه وثريا متعانقين)
يا خبر إيه ده؟!
ابن الأمير :
أرجوك السماح يا والدي، قلبي تغلب على عقلي، أنا بحبها باعبدها، ولازم أتجوزها وهي دي اللي بابحث عنها.
خصيب :
إيه الكلام ده تتجوز واحدة زي دي من الغجر؟!
أبو نواس (داخلا وخلفه الجميع) :
ماتقولشي من الغجر من فضلك، الحقيقة البنت غير كده، دي أميرة بنت أمير من نسل إماره، والدليل على كده بص الشورة دي.
خصيب :
شورة؟
أبو نواس :
آه لو ألاقي النص التاني.
خصيب :
وريني من فضلك (يتناولها)
آه سندوني ياهوه، حاقع من طولي.
أبو نواس :
الله ده جرى له إيه، ده باينه اتلبس. (الجميع يحتاطون بخصيب ويسندونه.)
خصيب :
في جيبه.
أبو نواس (وقد أخرج نص الشورة من جيبه) :
أهه النص التاني اللي بقالي سنتين بدور عليه، يا فرحتي يا فرحتي (ويضعهم جنب بعضهم على ترابيزة ويقرأ)
ثريا بنت الأمير خصيب اليمني، بقى ثريا تبقى بنتك انت؟
الجميع :
بنته؟
خصيب :
أيوه بنته، ولها حكاية غريبة.
لاروش :
البنت دي خلفتها من جارية شركسية ملك يدي، ومن خوفي من مراتي الشرانية وغيرتها، أخدتها ورميتها في الخلا بعد ما ربط على حزامها نص الشورة دي عليها متين دينار.
ثريا :
يا فرحتي يا فرحتي!
ابن الأمير :
والله ما حد فرح قدي.
خصيب (لابن الأمير) :
ودلوقت يا أمير فلان، حيث إن ثريا دي بنتي وحبيتوا بعض الحب الشديد ده، أنا قبلت إنك تتجوزها بدال أختها دي (لبنته صبيحة)
وأما انت يا بنتي أنا حجوزك لسكرتيري اللي أنت بتحبيه ومايله لجوازه.
ابن الأمير :
آه ثريا آه.
سكرتير خصيب (لصبيحة) :
آه يا صبيحة آه.
أبو نواس :
وانت يا زعيط، خلي اللي أتأمر يتأمر وياله بنا نشوف ربابتنا وتغجرنا واحنا برده في وشهم.
زياد :
لا لا، حيث إننا دلوقت نسب وزي عيلة واحدة، إنتوا حاتفضلوا عندنا معززين مكرمين طول حياتكم.
أبو نواس :
يعيش الأمير.
الجميع :
يعيش الأمير.
لحن الختام
الجميع :
أهو الليله دي فرحنا تمام
يا محلا تعاديل الأيام
بدل عريس عندنا عريسين
نزفهم جنب عروستين
وادحنا بعد اللي شفناه
فهمنا حكمة صنع الله
ماحد ياخد مهما يجاهد
غير اللي مقسوم له في دنياه
رواية نصيحة عالهامش
كوميدي أوبريت ذات ثلاثة فصول، تأليف حامد أفندي السيد، العرض الأول بتاريخ 8 / 5 / 1928
لحن
سبحان من جعل التلابيخ
يا فلاسفة من قسمتنا
إحنا اللي بننشئ التواريخ
ونفننها بواسطتنا
ونؤلفها ونصنفها
وندونها ونمونها
ونحقق وندقق
ونترجم بالسورياني لهيلوغريفي لرماني
ونحوس وندوس ونلوص
بالشهر وبالشهرين
علشان نبحث مخصوص
توت عنخ ده مولود فين
وفي سنة كام وفي أي عام
عمل كذا في يوم كذا
علشان كذا وهكذا
فيه خدمة يا أسيادنا الزملاء
فيه بحث يا سيد الكملاء
هل غمتنا ابن انتا
خلف سبعة ولا ستة
تعبان عدمان عندي شوية دوخان
أبوه الظاهر ضعفان
بده الروحان حنوسع لك أهه
نرجع لك من مسافة ساعة كان
يا بحاثة يا علامة يا نهامة
الفصل الأول (في منزل الكونت.)
أجار (داخلة بعد اللحن) :
أيوه، أنا راجعة لك تاني.
الكونت :
مين! أجار؟
أجار :
أيوه يا سيدي الكونت.
الكونت :
إيه، وبتعملي إيه هنا؟
أجار :
أنا كنت رايحة أودة جناب الكونتيس.
الكونت :
الكونتيس! هي الكونتيس تصحى دلوقت؟!
أجار :
هيه بقى لسة نايمة؟
الكونت :
طبعا، سهر بالليل ونوم بالنهار.
أجار (تضحك) :
مسكين، والله صعبان علي يا سيدي الكونت.
الكونت :
لا، أنا ضروري لازم أشوف لي وياها طريقة. اسمعي، فين أمال المدموازيل لويز بنت أخوي.
أجار :
فتها جوه في أودة التواليت. عن إذنك لما أروح أخليهم يقدمولها الشاي.
الكونت :
أيوه أيوه، روحي وخلي بالك منها طيب (تخرج) .
البنات (يدخلن) :
بونجور جناب الفيكونت.
الكونت :
بونجور يا حضرات.
المركيزة :
هي فين الكونتيس يا جناب الكونت؟ إحنا جينا مخصوص علشان نسلم عليها.
الكونت :
أهلا وسهلا. الكونتيس في أودتها، وأظن لسة ماصحيتش.
الجميع :
يا سلام!
الكونت :
أي. معذورة، الله يكون في عونها؛ لأنها إمبارح طول الليل كانت سهرانة، وعينها كده محلقة للسماء وبترصد الكواكب والنجوم في الرصدخانة. ده شيء يقرف.
المركيزة :
إيه، يقرف إزاي؟ واحنا دلوقت كلنا زيها بنسهر طول الليل حبا في العلم ده. وأظن جنابك ما تقصدش بكلامك ده إنك تطعن على علم الفلك واحنا موجودين.
الكونت :
اسمحي لي أقول لك يا جناب المركيزة، إن ده شيء موش لطيف أبدا.
الجميع :
إيه، موش لطيف إزاي؟
الكونت :
بالطبع موش لطيف، أديني اتجوزت مثلا شابة جميلة زي أوديت مراتي، وتلاقيني زي واحد محكوم عليه بالوحدة الليلية، يعني أبقى مزروع هنا في البيت لوحدي، ومراتي بسلامتها بتمضي الليل بطوله في الرصدخانة، ورصد الأفلاك.
المركيزة :
وحانعمل إيه بس يا جناب الكونت، ما دام علم الفلك دلوقت بقى مودة.
الكونت :
العلوم اللي زي دي خلقت للرجال بس يا جناب المركيزة، أما انتم بزيادة عليكم علم التواليت، هو ده شوية!
المركيزة :
وزعلان ليه بس جنابك؟ حضرتك واحد مؤرخ مشهور، ومشغول ليل ونهار بعلم التاريخ، ولا تكرهش إن المدام مراتك تكون واحدة فلكية عظيمة، ولازم تكون مبسوط.
الكونت :
لا ما هو أنا مبسوط برضه، بس متضايق قوي من وحدتي بالليل.
البنات (يضحكن) :
هئ هئ هئ.
الكونت :
غريبة! وكمان بتضحكوا، يعني موش الأحسن كده إن ربنا يهديكم، وتدوروا لكم على علم تاني تشتغلوا فيه بالنهار، وبلاش الليل ده اللي مضايقني.
المركيزة :
لا لأ، إحنا يا ستات من فصيلة الملايكة، ولا نحبش إلا العلوم السماوية.
البنات :
أيوه.
الكونت :
لا، دي شوطة أعوذ بالله.
المركيزة :
بس من فضل جنابك تصحي لنا أوديت، عشان نسلم عليها ونروح.
الكونت :
طيب اتفضلوا (يخرجون) .
لويز (تدخل) :
آه يا ربي، أنا بس كان مالي ومال الحب، ما كانت أفكاري رايقة والقلب خالي. آه من الحب آه. هجم علي كده بقه، ورميت نفسي بين أحضان المجهول، وشغلت نفسي بعذابه اللي فيه اللذة، ولذته اللي فيها العذاب، وخلاني كده غرقانة في أوهامي، أدور على السعادة دي اللي بالمحها من خلال تأوهاتي وعذابي. آه م الحب آه.
أجار (تدخل) :
هيه، كلمت عمك يا مدموازيل؟
لويز :
لا لسة.
أجار :
طيب ما تكلميه أحسن البرنس خطيبك حيكون هنا بعد لحظة.
لويز :
طيب حاضر، بس إياك عمي يقبل.
أجار :
غريبة، وما يقبلش ليه؟! هو حيلاقي لك واحد أحسن من برنس زي ده تعيشي وياه مبسوطة، أمال يا عيني علي أنا. آه (تتنهد) .
لويز :
غريبة، طيب وانت بتتنهدي ليه يا مس أجار؟
أجار :
لا، بس افتكرت الملعون كابين ده اللي كنت بحبه. آه يا كابين آه.
لويز :
ويبقى مين كابين ده راخر؟
أجار :
ده واحد من سود أمريكا ومستوطن هنا في باريس، ولكن دمه خفيف أوي المضروب، وكنت تعرفت به من مدة خمس سنين في دكان الموديست اللي كنت فاتحاها. وأوعدني بالجواز، وفضل يضحك علي وياخد مني الفلوس اللي بأبيع بها أول بأول، والآخر زاغ مني واضطريت أبيع الدكان من قلة البضاعة، وخدمت عندكم بصفتي الكمريرة الخصوصية لك. يعني الملعون ده هو اللي كان سبب خرابي.
لويز :
مسكينة.
أجار :
بس لو إسود الوش ده يقع في إيدي، آه يا ناري آه.
لويز :
مسكينة، بس بس. أحسن عمي جاي.
أجار :
آه كلميه قوام في حكاية البرنس.
الكونت (يدخل) :
آه، لويز.
لويز :
بونجور يا عمي، إزاي صحتك؟
الكونت :
الله يحفظك يا بنتي.
أجار :
الله، ما تكلمي عمك، إنت مختشية من إيه؟!
الكونت :
إيه فيه إيه؟
لويز :
لا مافيش، أنا بس يا عمي عايزة ... عايزة ...
الكونت :
الله ما تتكلمي، إيه اللي عايزاه؟
لويز :
لا، أنا مختشية قوي.
أجار :
وتختشي من إيه؟ هو ده فيه خشا، أنا أقول له أنا.
الكونت :
إيه المسألة يا أجار؟
أجار :
لا، المسألة بسيطة، بس المدموازيل لويز عايزة تتجوز.
الكونت :
يا سلام! تتجوز وهي في السن ده؟
أجار :
أمال حتتجوز إمتى، لما تربي دقنها؟
الكونت :
وغرضك يعني أدور لك على عريس؟
لويز :
لا يا عمي ما تتعبش نفسك، العريس لقيته أنا بنفسي.
الكونت :
كويس خالص، ومين العريس ده بقى؟
أجار :
ده واحد من البرنسات العظام، واسمه البرنس فرناندو جرانادوس.
الكونت :
إيه، هو إسبانيولي؟
لويز :
أيوه يا عمي، إسبانيولي، ولكن في غاية الجمال.
الكونت :
موش بطال، ولكن أنا ما أعرفش العريس ده يا بنتي.
لويز :
معلهش، أنا أعرفه.
الكونت :
عال، ولكن إنت تعرفت بالعريس ده فين يا لويز؟
لويز :
في الفسحة.
الكونت :
في الفسحة؟
أجار :
أيوه، وأنا اللي كنت الواسطة.
الكونت :
كويس خالص، بقى حضرتك بدال ما تخلي بالك منها بتعملي لها واسطة وتعرفيها بالناس اللي ما نعرفهمش، إخص داهية تخيبك.
أجار :
غريبة، طيب وماله ده واحد من الأشراف، ونواياه شريفة يا جناب الكونت، داهه جاي لك النهارده وحايطلب منك إيد لويز.
الكونت :
أما غريبة دي! وازاي بس حاجوز بنت أخوي لواحد ماتعرفهوش ولاعرفش سيرة جنسه إيه!
لويز :
معلهش يا عمي علشان خاطري، أهه برضه تقدر تستعلم عنه. ده شاب في غاية الرقة واللطافة.
الكونت :
رقة ولطافة، يا سلام من بنات الأيام دي يا سلام!
خادم (يدخل) :
مولاي.
الكونت :
إيه فيه إيه؟
الخادم :
فيه واحد بيطلب مقابلة جنابك.
الكونت :
قول له يتفضل (يخرج الخادم) .
لويز :
لازم هو البرنس.
أجار :
أيوه لازم، تعالي نخش جوه ونسيبهم لوحدهم.
لويز :
عن إذنك يا عمي، بس ماوصكش بقي، خليك كده لطيف وياه (تخرجان) .
الكونت :
علي عيني، في الحقيقة إن جواز لويز بنت أخوي، ده شيء يهمني خالص، بس أما أشوف البرنس الإسبانيولي ده جنسه إيه.
بيبيرون (من الخارج) :
أوه مرسي، أنا بس حاكلمه كلمتين صغيرين (يدخل) .
الكونت :
يا خبر! إيه ده؟
بيبيرون (يحيي) :
موسيى.
الكونت :
موسيى.
بيبيرون :
موش جنابك الكونت سين كوكو؟
الكونت :
أيوه أنا.
بيبيرون :
لي الشرف يا جناب الكونت.
الكونت :
أنشانتيه موسيى ... أما غريبة، بقى لويز تحب واحد زي ده وعايزة تتجوزه!
بيبيرون :
أنا جيت هنا علشان ... علشان ...
الكونت :
أيوه أنا عارف اللي انت جاي علشانه يا حضرة، اتفضل جنابك استريح (يجلسان) .
بيبيرون :
مرسي، الظاهر عليه إنه راجل طيب.
الكونت :
يعني جنابك عايز تحسن في الفاميليا بتاعتنا، موش كده؟
بيبيرون :
أيوه، أنا عايز نخش بيتكم.
الكونت :
صدقني يا حضرة! إني أنا واحد من المعجبين بإسبانيا قوي، ولكن ...
بيبيرون :
إسبانيا! وإيش حشر إسبانيا هنا ياخوي؟
الكونت :
ولكن أنا دلوقت يلزمني أستعلم عن جنابك.
بيبيرون :
هوهو استعلم زي ما انت عايز، أنا واحد مفهوم عند العظماء وجناب البارون بلانتجراد يعرفني كويس، وتقدر جنابك تستعلم منه.
الكونت :
بقى البارون يعرف جنابك؟
بيبيرون :
حقيقة المعرفة.
الكونت :
ولكن أظن ده موش كفاية، صحيح إن لقب برنس قيمة عظيمة، ولكن أنا بدي أعرف قيمة ثروتك.
بيبيرون :
برنس إيه وثروة إيه يا جناب الفيكونت! جنابك عايز تهزر؟
الكونت :
أهزر يعني إيه؟ هو ده شيء فيه هزار؟ أنا غايته عايز أعرف إيه اللي تمتلكه حضرتك؟
بيبيرون :
شيء بسيط. أنا كل اللي امتلكه مبلغ 11 فرنك و12 سنتيم لا فوقهم ولا تحتهم.
الكونت :
إيه! بقى واحد مفلس زيك انت عايزني أقدم دوطه نص مليون فرنك، وبنت جميلة فوق البيعة؟
بيبيرون :
نص مليون وبنت جميلة؟!
الكونت :
أيوه.
بيبيرون :
ولكن أنا ما طلبتش ده كله يا جناب الكونت.
الكونت :
أمال إيه اللي انت عايزه؟
بيبيرون :
كل اللي أنا طالبه وظيفة المحرر دي اللي خالية عند جنابك.
الكونت :
غريبة بقى جنابك موش البرنس؟
بيبيرون :
برنس! ده حايجيب لي مصيبة، أنا بيبيرون المحرر بجريدة البيتي جورنال سابقا، ولانيش برنس زي ما بتفتكر جنابك.
الكونت :
عظيم خالص، وحيث إني أنا مشغول بتأليف كتاب في التاريخ ونظري ضعيف، أنا يلزمني واحد مساعد خلقته مشقلبة زيك يساعدني في أشغالي .
بيبيرون :
طيب وإيش دخل خلقتي المشقلبة في الشغل اللي زي ده؟
الكونت :
لا، ماهو أنا عندي هنا اتنين ستات لكن في غاية الجمال، وطبعا ماخافش عليهم من واحد زيك.
بيبيرون :
لا كون مطمئن، أنا واحد من الجماعة اللي يهربوا من الجنس الناعم ده، ولا أقبل لون زفره أبدا.
الكونت :
كويس خالص وعلشان كده أنا عينتك من دلوقت المساعد بتاعي.
بيبيرون :
مبروك عليك إن شا الله.
الكونت :
ولكن تحلف لي بحياة غامبيتا إنك تكون أمين لي؟
بيبيرون :
غامبيتا؟ غامبيتا مين؟
الكونت :
إيه إنت ما تعرفش غامبيتا اللي كان رئيس ...
بيبيرون :
آه افتكرت، غامبيتا اللي كان رئيس السماكين موش كده؟
الكونت :
يا سلام ده فيهم قوي، ولكن إزاي تبقى صحافي ولا تعرفش تاريخ غامبيتا؟ إنت موش أديب؟
بيبيرون :
أديب وبس، أديب وأدباتي وشاعر وزجال وكل حاجة.
لويز (تدخل مع أجار) :
آه ده موش البرنس!
بيبيرون (يرى أجار) :
إخص اللزقة الأمريكاني هنا؟ مااحناش شغالين ولا متوظفين وها تبقى خناقه زي الطين.
الكونت :
لا يا بنتي ده المساعد بتاعي الجديد اللي عينته النهارده.
أجار :
آه دا هو بعينه اللي كان خطيبي، تعالى هنا يا دون فين فلوسي فين؟
بيبيرون :
إيه إنت بتشبهي يا مدام؟
أجار :
أشبه؟ أشبه إزاي يا نصاب! يعني كويس كده يا كابين توعدني بالجواز وتضحك علي وتاخد فلوسي؟ أنا يستحيل أسيبك النهارده أبدا يا كابين الكلب انت.
الكونت :
كابين مين يا مدموازيل دا اسمه بيبيرون.
أجار :
بيبيرون؟
بيبيرون :
أيوه بيبيرون وجناب الكونت شاهد وكابين اللي بتدوري عليه ده يبقى أخوي وشبهه زي شبهي تمام.
أجار :
يا سلام ده اللي يشوفك يقول عليك كابين ولافيش فرق بينكم أبدا بردون يا حضرة.
بيبيرون :
لا دانت معذورة يا مدام لأن اللي يشوف كابين ويشوفني يقول أنا كابين وكابين أنا.
الكونت :
الغاية خلينا في شغلنا اتفضل بنا على المكتب يا حضرة المساعد (يخرجان) .
أجار :
الفرق إنه يشبه أخوه تمام. آه، بس كان لازم أسأله عن عنوان أخوه، ولكن معلهش بعدين أستفهم منه عن محله وأطلع عينه كابين الكلب ده.
خادم (يدخل) :
سمو البرنس جرانادوس.
لويز :
آه خليه يتفضل.
أجار :
ربنا يهدي لك عمك يا بنتي.
البرنس (يدخل) :
آه لويز حبيبتي.
لويز :
أهلا وسهلا.
البرنس :
إزيك يا مس أجار.
أجار :
ربنا ينولك مطلوبك يا برنس.
البرنس :
أمال فين عمك يا لويز؟
لويز :
عمي هنا بس مشغول شوية في المكتب ويا المساعد بتاعه اتفضل انتظره لحظة.
البرنس :
آه يا لويز لوعرفت قد إيه أنا خايف، وموش عارف عمك حيقابلني دلوقت بأي شكل.
لويز :
لا ما تفتكرش، عمي راجل طيب ويحب هناي وسعادتي.
البرنس :
ويعني انت تعتبري نفسك سعيدة لما تكون زوجتي يا لويز؟
لويز :
أيوه يا فرناندو، وخصوصا إذا كنت حتكون جوزي بمعنى الكلمة.
البرنس :
أوه، دانا حاقدسك، دانا حاعبدك يا أملي كله.
أجار :
آه من الحب آه، أنا حاسة دلوقت زي حاجة بتزغزغني قوي. لا لا، أنا ما أقدرش أشوف منظر زي ده اتحرمت منه من زمان آه يا كابين آه (تخرج) .
لويز :
ولكن مين عارف يا فرناندو كام ست حبيتها قبل مني؟
البرنس :
لا لا سيبك م اللي فات، إنت حبك دلوقت نار ما تنطيفيش أبدا، ولما أتجوزك حاخدك معايا إسبانيا، ونعيش في قصر أجدادي في وسط البساتين الجميلة، ونتفسح في الغابات الأثرية. يعني حتكوني ملاك في وسط جنة، ونعيش كده في المحبة الطاهرة، متمتعين بعيشة الزوجية يا حياتي.
من إمتى وأنا باتمناها
محبوبة تخلص في غرامي
وانت الحورية اللي معاها
اتحققت لي أحلامي
الحب أنصفني وهو كده عرفني
إيه الهنا ده بمعناها
لو ربي يوعدني بجوازنا ليسعدني
ويقرب الساعة إياها
لويز :
ساعة ما ننوي ونتعاهد
لم تفرق الأيام بيننا
ونفادي بعضنا ونجاهد
ونعيش ولا اللي في الجنة
البرنس :
آدي السعادة أهي المنشودة
آدي النعيم بتامه خلاص
الدنيا دنيا ما دام موجودة
حاجة اسمها عفة وإخلاص
أجار (من الخارج) :
أيوه هو بره.
الكونت (من الخارج) :
طيب أديني حاقابله.
لويز :
آه عمي جاي عن إذنك يا برنس جمد قلبك (تخرج) .
الكونت (يدخل) :
أهلا وسهلا.
البرنس :
جناب الكونت.
الكونت :
أيوه يا برنس أنا الكونت دي سين كوكو.
البرنس :
موسيى.
الكونت :
اتفضل يا برنس اتفضل (يجلسان) .
البرنس :
أنا يا جناب الكونت حصل لي عظيم الشرف اللي تعرفت بواحد مؤرخ شهير زي حضرتك.
الكونت :
مرسي يا سمو البرنس، يا سلام! ده شكله جذاب قوي.
البرنس :
وبدي أقول لجنابك إن جدي اللي كان قنصل إسبانيا في باريز ترك لي في مخلفاته جملة خطابات بخط غامبيتا، والجوابات دي في غاية الأهمية وضروري حتنفعك، وعلشان كده أنا مستعد أوضع الخطابات دي تحت تصرف جنابك.
الكونت :
أوه أنا ممنون جدا يا برنس، ولكن أظن مجيء سموك هنا دلوقت موش علشان الخطابات بس، موش كده؟
البرنس :
في الحقيقه أنا جيت هنا لغرض تاني، وافتكر إن المدموازيل بنت أخوك عرفتك عن غرضي.
الكونت :
أيوه أنا فاهم كل شيء، ولكن ما يخفاش على سموك إني ما أقدرش أوعدك بإيد لويز وجوازها، إلا بعد ما اتحصل على المعلومات اللازمة، وأتحقق من سير سموك.
البرنس :
ده شيء من حقوقك يا جناب الكونت ولأقدرش أعارض في كده.
الكونت :
وغير كده كمان لازم أستشير الكونتيس زوجتي وآخد رأيها.
البرنس :
إزاي ده، جناب الكونت متجوز؟
الكونت :
أيوه ولازم أستشير مراتي.
البرنس :
أمر جنابك، وأنا حانتظر نتيجة رأيكم بفارغ الصبر؛ لأن المسألة دي فيها كل سعادتي وهنائي.
الكونت :
صدقني إن سموك عاجبني قوي قوي، وعلشان كده أنا حاقابلك بخطيبتك دلوقت حالا اتفضل.
البرنس :
وليه بس كده يا جناب الكونت، ما تتعبش نفسك، أنا ما احبش تعبك.
الكونت :
لا لا ده واجب، يا سلام على خفة دمه، معذورة بنت أخوي، دانا نفسي قربت أقع فيه. اتفضل يا برنس اتفضل (يخرجان) .
الكونتيس (تدخل على البنات) :
أدحنا اتفقنا يا جماعة وابقوا فوتوا علي باليل نروح كلنا سوا.
المركيزة :
أيوه نروح الرصدخانة. (الجميع يضحكون.)
المركيزة :
أما صحيح مجانين أجوازنا دول.
الكونتيس :
مجانين وبس، هم بيفتكروا إنهم يتجوزوا ستات لسة شباب زينا وندفن نفسنا ويا العواجيز دول كده بالحيا!
المركيزة :
وأدحنا روخرين اخترعنا لهم علم الفلك ده ، اللي بيخلينا نبعد عن وشهم طول الليل وبنروح نسلي نفسنا في صالة الدانس دي اللي اسمها صاله المنتزة. واهم فاكرين من تغفيلهم إننا بنسهر في الرصدخانة علشان رصد الكواكب.
الكونتيس :
لكن الحق موش عليهم، الحق على أهالينا اللي ظلمونا ولاعندهم شفقة ولا رحمة وجوزونا لناس عواجيز زي دول كل عليهم الدهر وشرب، وده كله من طمعهم وحبهم في الفلوس. ياخي قطعوا وفلوسهم سوا.
من يلومنا في همومنا
ده الشباب من طبعه عزيز
إن حزنا غصب عنا
لما نتجوز عواجيز
أبهاتنا باعونا للي عنده فلوس
هم دول ظننونا في البلد دي جاموس
المال هو اللي عماهم
واحنا اللي أضرينا معاهم
والقلب يحب إزاي
من غير عاطفة ولا ميل
يبقى البيت سجن يا باي
لا نهار نرتاح ولا ليل
عيشة الشايب مع بنت اليوم
دي ظلومة يا ويل اللي جنوها
إن عابت عيبها زحف اللوم
والحق على أمها وأبوها
الكونتيس :
أهه الليلة دي حاقابل فيها حبيبي البرنس فرناندو، اللي باحبه وباعبده عبادة، ولكن في الحقيقة أنا ضميري بيوبخني اللي باروح لوحدي في محل عمومي زي ده، وكان السبب في معرفتي بالبرنس، ولكن أنا برضه أحمد ربنا لأني مع الحب الشديد ده اللي بأحبه له، محافظة على شرفي لحد دلوقت. أهه كل أملي إن الكونت العجوز ده يتضايق مني ومن سهري، ويطلب الفراق ويطلقني، والا يموت ويروح في داهية، وأتجوز البرنس ده اللي لسة شباب، وأعيش وياه سعيدة متمتعة زي غيري.
بيبيرون (يدخل) :
والله البيت موش بطال، وشغلتي سهلة خالص، بس المصيبة اللي هنا دي.
الكونتيس (تراه) :
يا خبر كابين هنا آه يا ربي.
بيبيرون :
إيه توتا مبولينا!
كونتيس :
هس أوعي تنده لي هنا بالاسم ده، وكأنك لا تعرفني ولا أعرفك.
بيبيرون :
غريبة وإيه السبب؟
كونتيس :
بعدين أقول لك على السبب، ودلوقت لازم تتفضل حضرتك ولا تستناش هنا أبدا، فاهم؟
بيبيرون :
على عيني (يهم بالخروج) .
الكونتيس :
لا لا استنى هنا.
بيبيرون :
الله جرى إيه تاني؟
الكونتيس :
إنت إيش جابك هنا؟ يعني بتعمل إيه هنا؟
بيبيرون :
أنا هنا مساعد جناب الكونت في أشغاله.
كونتيس :
يادي الداهية، ولكن أنا أعرف إنك راجل طيب وموش حاتبوح بسري أبدا للكونت، موش كده يا كابين؟
بيبيرون :
لا لا، أنا في عرضك يا تونا مبولينا.
كونتيس :
إيه، أنا موش قلت لك ما تندهليش هنا بالاسم ده أبدا.
بيبيرون :
إذا كنت عايزة ما اندهلكيش بالاسم ده، لازم ما تقوليش هنا يا كابين أبدا قولي لي يا كابين في صالة المنتزة معلهش، ولكن أنا هنا بيبيرون فقط.
كونتيس :
وهو كذلك، وأنا لازم يكون اسمي هنا الكونتيس أوديت دي سين كوكو.
بيبيرون :
يا خبر إسود! بقى جنابك تبقى مراة الفيكونت؟
كونتيس :
أيوه يا كابين.
بيبيرون :
إيه، إحنا حانلبخ ويا بعضنا تاني؟
كونتيس :
لا لا، يا بيبيرون.
بيبيرون :
أيوه كده أمال اتعدلي، والليلة كده من غير شر، موش حاتيجي صالة المنتزة علشان تقابلي حبيبك البرنس فرناندو زي العادة؟
كونتيس :
أيوه، بس أرجوك أوعى تقول للبرنس على حقيقتي أبدا.
بيبيرون :
لا ما تفتكريش، أنا حاكون أخرس من سمكة.
الكونت (من الخارج) :
أيوه يا بنتي، ده شيء ضروري.
الكونتيس :
يا خبر جوزي!
بيبيرون :
لا لا ما تخافيش. أيوه يا جناب الكونتيس، الستات الشريفات اللي زي حضرتك، واجب عليها الانتصار على الرذيلة ويزدروها، والمدنية الكاذبة ينعلوا أبوها، ويؤيدوا تعاليم الكنيسة المقدسة ويخدموها، ويسمعوا مواعظ القسس ويحفظوها، واللي يقول لك غير كده، قولي له بيضوها.
الكونت (يدخل) :
ما شاء الله ما شاء الله! إيه الفصاحة دي يا مسيو بيبيرون!
بيبيرون :
العفو يا جناب الكونت، ما هو أنا خطيب على كيفك.
الكونت :
ولكن جنابك سبق لك معرفه بالكونتيس؟
بيبيرون :
أيوه في الكنيسة يا جناب الكونت.
الكونت :
في الكنيسة؟
الكونتيس :
أيوه في كنيسة نوتردام.
الكونت :
غريبه! طيب وازاي اتعرفت بها هناك؟
بيبيرون :
لا ما هو أنا ... أنا ابن بوابة الكنيسة يا جناب الكونت.
أجار :
كويس خالص، بكرة أنا رايحة الكنيسة، علشان اسأل أمك عن كابين.
بيبيرون :
أخ ، ودي لبخة إيه دي بقى! لا يا مدام، ده أمه متبرية منه علشان سيره البطال، ولا بيروحش الكنيسة أبدا. ده تلاقيه في محلات التهجيص، اللي ما يصح إن واحدة شريفة زيك تخطي عتبتها.
الكونت :
يا جناب الكونتيس، أنا عايز أكلمك في مسألة مهمة.
بيبيرون :
أمال عن إذنكم (يهم بالخروج) .
الكونت :
لا يا بيبيرون، إنت دلوقت بقيت واحد من الفاميليا.
كونتيس :
وإيه المسألة دي يا جناب الكونت؟
الكونت :
بقى بنت أخوي خطبها واحد من الأشراف.
كونتيس :
طيب وأنا مالي، إنت حر في جواز بنت أخوك، وتجوزها للي يعجبك.
الكونت :
ولكن لازم آخد رأيك، وخصوصا إن عريسها ده واحد برنس إسبانيولي، واسمه فرناندو.
كونتيس :
إيه، البرنس فرناندو؟
بيبيرون (على حدة) :
يا خبر إسود!
كونتيس :
لا لا، أنا يستحيل أوافق على الجوازة دي أبدا.
لويز :
إيه؟
الكونت :
أما غريبة دي! إنت من لحظة كنت بتقول لي إني حر في جوازها؟!
كونتيس :
أيوه إنت حر في الجواز اللي يكون فيه سعادتها، ولكن جوازها بالإسبانيولي ده حيكون فيه أكبر مصيبة.
الكونت :
إيه، إنت تعرفيه؟
الكونتيس :
أيوه ... لأ ...
بيبيرون :
لا لا ... حاتعرفه منين يا جناب الكونت. دي عمرها ما شافتوش، ولكن كل الناس هنا في باريز بتتكلم عن حوادثه، ولازم سمعت شيء عن سيره البطال؟
كونتيس :
أيوه أيوه، كل الناس بتعرف إن البرنس ده خباص، حتى بيبيرون.
لويز :
آه يا ربي (تبكي) .
الكونت :
بقى جنابك تعرف البرنس جرانادوس؟
بيبيرون :
أيوه، لا. أنا أعرفه ولاعرفوش.
الكونتيس :
إنت خايف ليه؟ اتكلم بصراحة ماتخافش.
لويز :
أيوه اتكلم ماتخافش. هو البرنس له معشوقة؟
بيبيرون :
طبعا.
الكونت :
واسمها إيه؟
بيبيرون :
اسمها توتا مبولينا.
لويز :
وجميلة المدموازيل دي؟
بيبيرون :
أي، بخاطرك بقى.
الكونت :
ودي واحدة كوكوت طبعا؟
بيبيرون :
كوكوت وبس، دي بنت كلب خالص (تقرصه الكونتيس)
أي أي.
الكونت :
الله! إنت بتصرخ كده ليه؟
بيبيرون :
لا، ده بس برغوتة قرصتني.
الكونت :
والمدموازيل دي ساكنة فين يا بيبيرون؟
بيبيرون :
أنا ما نعرفش محل سكنها، وكل اللي أعرفه عنها إنها بتتردد على صالة الدانس دي اللي اسمه صالة المنتزة.
الكونت :
إيه، صالة المنتزة دي اللي بيروحوها الناس اللي من الأوساط الراقية؟
بيبيرون :
أيوه.
الكونت :
ولكن إزاي عرفت محل زي ده، وانت بتدعي الصلاح والتقوى؟
بيبيرون :
لا بردون، ما هو اللي عرفني المحل ده أخوي كابين.
أجار :
إيه، كابين بيروح هناك، أنا لازم أروح له الليلة وأسود عيشته.
بيبيرون :
الله الله الله، نخلص من هنا نوحل هنا.
لويز :
آه يا ربي، آه يا قلة بختي ياني، بقى فرناندو اللي كنت باعتقد فيه الإخلاص يكون بالشكل ده!
الكونتيس :
يا سلام، ده لازم بيحبها وبتحبه، ولكن أنا يستحيل أخليه يتجوزها (تخرج) .
الكونت :
طولي بالك يا بنتي موش كده.
لويز :
لا، أنا موش قادرة أبدا أحكم على قلبي، وحاسة إني حاقضي حياتي في حبه.
أجار :
إلهي تنشك في قلبك يا اللي اسمك الحب، زي ما بتعذب قلوب الناس المغرمين.
لويز :
داهيه تلعن الحب وأيامه، يا حفيظ يا حفيظ (تخرجان) .
بيبيرون :
والله صعبان علي المدموازيل.
الكونت :
ليه يعني؟
بيبيرون :
أيوه، لأنها استوت قوي وقشرت.
الكونت :
ودلوقت يا مسيو بيرون، حيث إن شغل النهارده خلص، إنت الليلة دي حر، وابقى تعالى لي بكره في الميعاد.
بيبيرون :
مرسي. عن إذنك. أعوذ بالله ده البيت ده كله حبيبه يا حفيظ (يخرج) .
الكونت :
اتفضل. أنا بس صعبان علي لويز دي اللي حتموت روحها من العياط، ومن جهة تانية صعبان علي خطابات غامبيتا اللي عند البرنس. آه فكرة، أحسن شيء أروح الليلة صالة الدانس وأقابل تونا مبولينا دي اللي بتحبه، وأراضيها بالفلوس وأخليها تفوته، وبكره أقدر أجوزه بنت أخوي، أيوه مافيش غير كده.
الكونتيس (تدخل) :
من فضلك يا جناب الكونت تصرف نظر عن الحكاية دي، اللي ما فيها من فايدة.
الكونت :
حيث كده أمال نتكلم إحنا في مسألتنا الخصوصية.
الكونتيس :
مسألة إيه؟
الكونت :
بس أنا عايز الليلة دي، آجي الأودة بتاعتك ونشرب الشاي سوا.
الكونتيس :
لا لا، الليلة دي أنا موش فاضية، علشان نجم عطارد حيتقابل بنجمته الزهرة.
الكونت :
إيه! بقى تملي عطارد ده يتقابل ويا الزهرة كل ليلة، وأنا ما اتقابلش ويا مراتي أبدا ولا ليلة (ضجة)
الله! إيه ده؟
الكونتيس :
دول الستات زملاتي جايين ياخدوني علشان نروح المرصد سوا.
الكونت :
لا لا، ده شيء وحش، شيء موش لطيف أبدا.
البنات (يدخلن) :
أدحنا ياختي ... ياله بينا.
الكونتيس :
طيب استنوا أما أغير هدومي (تخرج) .
بيبيرون (يدخل) :
يا ترى الكونت خرج؟
الجميع :
أهو بيبيرون!
بيبيرون :
إنتو هنا يا جماعة؟
الجميع :
أيوه.
بيبيرون :
وأظن رايحين على صالة المنتزة؟
بنت :
أيوه، وانت إيش عرفك؟
بيبيرون :
البركة في الكونتيس اللي قالت على كل حاجة.
بنت :
وحانعمل إيه يا بيبيرون، ما دام أجوازنا عجايز، واحنا لسة شباب؟
بيبيرون :
لا، هيصوا وفرفشوا على كيفكم. وأنا الليلة دي حاكون لكم في صالة الدانس الدش الأعظم.
الجميع :
الفلك أهه مجرد حاجة
للدوارة اللي بندورها
رقاصين مع كل خواجة
دالأوانطه سبكنا أمورها
لولا المريخ والزهرة
وعطارد وأبصر مين
كنا إزاي نقضي السهرة
وأجوازنا يا روحي، نايمين كام اسم كام اسم حفضناهم ولا عارفين معناهم. هي هي برج السرطان هي هي برج الميزان. الحيرة ياهو من دي الحريمات المبخشرات المدعيات. الدنيا انقلبت يا اخواننا. من إيه بس ياما هي رزالة لما انتوا رانذه يا نسواننا. نعمل إيه إحنا يا رجالة يطبخوا وتفتوا وإحم يا عطارد واسم الله يا سته عالجوز البارد. يا أبالسه يا عفاريت الليل يا حلاوة. النجمة أم ديل يا أبالسه يا عفاريت الليل. نفضل نكيل بالكيل.
الفصل الثاني (في صالة المنتزة رجال وسيدات يقولون لحنا.)
رجال :
الدنيا الفانية انسوها ودوسوها
واملوا الشمبانيا واسقوها وزيدوها
صالة الدانس ياما هي جميلة
ستر وغطا عالكل كليلة
نساء :
الليل هنا بيلم جوقتنا
وأجوازنا لا تعلم ولا تدري
وما دام خبينا شخصيتنا
أهه يجرى خلاص زي ما يجرى
افرحوا سيبكم ولا تفتكروا
أدي محاسيبكم روخرين سكروا
واتعززوا واتحرروا وارقصوا ياله
وخلوها ليلة مورستاني وأبوها
رجال :
ياما ناس بتموت بكدرها
وازاي العمر يهون
زي الدنيا اللي يعبرها
يبقى تلاتين مجنون
البرنس (يدخل) :
بونسوار مدموازيلات.
بنت 1 :
بنسوار برنس ، جنابك لوحدك الليلة يا برنس؟ أمال فين توتا مبولينا؟ يعني موش باينة !
البرنس :
دلوقت تجي، هي تقدر تتأخر ليلة عن مجيها هنا.
بنت 2 :
بالطبع لا؛ لأنها بتحبك قوي.
البرنس :
أيوه صحيح بتحبني، ولكن أنا خلاص نويت أقطع علاقتي وياها؛ لأني تعبت من حب الستات دول اللي بيجوا هنا في صالة المنتزة، ولا لقيتش فيه فايدة أبدا.
الجميع (من الخارج) :
برافو.
بنت 1 :
آه الدانس ابتدا. اتفضل يا برنس واحنا نجانسك على بال ما تيجي حبيبتك.
البرنس :
طيب اتفضلوا (يخرجون) .
بيبيرون (يدخل) :
آه، أدحنا بقينا في صالة المنتزة اللي فيها النعنشة والرقص والبهجة والفرفشة.
الكونتيس (تدخل) :
آه، إنت هنا يا كابين؟
بيبيرون :
إيه، إنت لسة حتقولي يا كابين.
الكونتيس :
أمال حاقول لك إيه؟
بيبيرون :
الأحسن تقولي يا بيبيرون على طول علشان لسانك ما يتعود على كده.
كونتيس :
برضه أحسن، آه.
بيبيرون :
الله، إيه مالك فيه إيه؟
كونتيس :
أنا موش عارفة اللي حاصل لى الليلة دي، وحاسة بأن نفسي حزينة، والغضب راكبني قوي.
المركيز :
غريبة، وإيه السبب يا مدام؟
كونتيس :
علشان تحقق لي النهارده إن البرنس خلاص مابقاش يحبني.
المركيز :
إزاي ده؟
كونتيس :
أيوه، وجنابه قال إيه عايز يتجوز.
بيبيرون :
بقى على كده إنت بتحبي البرنس ده قوي؟
الكونتيس :
والله مانا عارفة يا بيبيرون، إن كان ده حب والا غية، والا من ضيقتي، ولكن أنا لازم أمنعه عن الجوازة دي بأي طريقة.
المركيزة :
والله معذورة يا مدام؛ لأننا إحنا يا اللي متجوزين الرجالة العجايز، قلبنا مسكين وزي بيت فاضي، عايز اللي يسكن فيه ويشغله، آه من ظلم أهالينا آه.
بيبيرون :
معلهش ما تزعليش، إذا كان لازمك ساكن ضروري، أنا مستعد أكتب الكونتراتو دلوقت حالا.
المركيزة :
بس يا شيخ انت كمان، مابقاش الا الوحشين اللي زيك انت!
بيبيرون :
وحشين! طيب خليه فاضي كده لما تسكنه العفاريت.
الكونتيس :
هس. أهه جه أهه.
البرنس (يدخل) :
أوه، إنت جيت يا توتا مبولينا؟
الكونتيس :
بنسوار برنس.
البرنس :
أنا عايزك في كلمة ضروري.
الكونتيس :
بيبيرون موش دلوقت.
البرنس :
لحسن أنا دلوقت لسة عطشان ... جرسون، حضر الشمبانيا.
المركيزة :
شمبانيا علشان توتا مبولينا (تخرج) .
بيبيرون :
إزيك كده يا جناب البرنس؟
البرنس :
الله يحفظك يا مسيو كابين.
بيبيرون :
اسمح لي أقول لك يا برنس، إنك سعيد الحظ. عرفت تتحصل على قلب واحدة جميلة زي دي.
البرنس :
ياخي لا مافيش فايدة. وخصوصا إن توتا مبولينا دي مخلوقة في غاية الغرابة.
بيبيرون :
إزاي ده؟
البرنس :
بالطبع، لأني لحد دلوقت ما اعرفش اسمها الحقيقي، ولا صنعتها إيه وزي الوطاويط مابشوفهاش إلا بالليل بس، تكونش بتشتغل موديست والا خياطة؟
بيبيرون :
أيوه نظرك في محله، دي لازم خياطه بنطلونات رجالي، وبتيجي هنا تتدبق ع الزباين.
البرنس :
يكونش لها عاشق تاني يا مسيو كابين؟
بيبيرون :
أما سؤال بارد!
البرنس :
إيه؟
بيبيرون :
معلوم، هو أنا هنا في وظيفة عداد للعشاق، وأنا زيك عضو عامل يا برنس.
البرنس :
لا لا، موش قصدي، أنا بس لو تحقق لي أن لها عاشق تاني، كان يبقى لي حجة واتخلص منها.
بيبيرون :
وعلشان إيه عاوز تتخلص منها؟ جنابك حبيت غيرها؟
البرنس :
أيوه، أنا باحب بنت في غاية الجمال، وزي ملاك تمام.
بيبيرون :
بخاطرك بقى، لا ولطافة إيه، ورقة إيه، وفي الحقيقة يا برنس إن المدموازيل دي في غاية الأدب.
البرنس :
إيه، إنت تعرفها؟
بيبيرون :
لا بس أنا قصدي أقول إن البنات اللي بيتجوزوا، عادة بيكونوا في غاية الأدب.
البرنس :
أيوه يا كابين، المدموازيل دي مافيش زيها أبدا، ومن عائلة عظيمة، ولها عم زي ...
بيبيرون :
زي الحمار.
البرنس :
إيه، وإيش عرفك إنه زي الحمار؟
بيبيرون :
لأن دي قاعدة عمومية، واللي يكون عنده بنت حلوة ولا يجوزهاش قوام يبقى زي وأكتر من الحمار كمان.
البرنس :
الغاية، أنا عايز الليلة دي نفسها أقطع كل علاقة ويا توتا مبولينا دي بأي طريقة، وندر علي إن خلصت منها، أنا حاهاديك بألفين فرنك حلاوة خلاصي منها.
بيبيرون :
ألفين فرنك؟! لا حيث كده تعالى وياي أخلصك وأبوك كمان (يخرجان) .
لويز (تدخل مع أجار) :
آه يا ربي، أنا خايفة قوي يا مس أجار، والأحسن ياله بينا نروح.
أجار :
بقى بعد ما تعبنا نفسنا وجينا المشوار ده كله، نرجع تاني من غير فايدة.
لويز :
لكن أنا خايفة قوي وقلبي مخطوف خالص.
أجار :
بس بس بقى ما تبقيش عيلة أمال. أنا موش قلت لك خليك في البيت ومارضيتيش ومسكتي في زي العلقة. ماهو الحق عليك يا مدموزيل.
لويز :
وأنا أعمل إيه بس يا أجار، أنا لما عرفت إنك جاية هنا، ماقدرتش أحوش نفسي أبدا وجيت وياك.
أجار :
طيب أنا جيت مخصوص علشان أفقس الملعون كابين هنا، ولكن انت كان إيه بس لازمة مجيك معاي؟
لويز :
أنا جيت هنا علشان أتحقق بنفسي، إذا كان الكلام ده اللي بيقولوه عن البرنس صدق والا بيكدبوا علي. وأهه إذا شفته هنا بنفسي ويا معشوقته دي اللي اسمها توتا مبولينا، ضروري حايتبدل حبي له بكراهة، ولا أبقاش أفكر فيه ولا اتألم علشانه.
أجار :
لا يا بنتي بالعكس، دي الغيرة تزيد النار، أنا مجربة.
لويز :
طيب استني كده، أما أشوفه هنا (تخرج) .
أجار :
آه يا كابين آه يا ناري ما إيدي تمسكك، وضروري لازم أظبطه هنا الليلة.
بيبيرون :
يا خبر إسود.
أجار :
تعالى هنا يا خاين.
بيبيرون :
إيه، إنت مجنونة؟
أجار :
إخرس، جن لما يلخبطك يا حرامي يا نصاب.
بيبيرون :
إخرسي، نصاب في عين أبوك، إنت برضه حاتغلطي وياي زي ما عملت النهارده في بيت الكونت، وتفتكريني كابين أخويا؟
أجار :
غريبة! هو انت موش كابين؟
بيبيرون :
كابين مين، جاك كابينة تاخدك.
أجار :
يادي الداهية، بقى أنا غلطت غلطة تانية. سامحيني بردون.
بيبيرون :
طيب أنا النوبة دي سامحتك، ولكن أحذرك تاني مرة، أوعى تغلطي وياي أحسن ما يحصلكيش طيب.
أجار :
ما يحصليش طيب! إيه حاتعمل في إيه؟
بيبيرون :
أقول لجناب الكونت إنك ولية خباصة، وبتيجي هنا تهجصي، وأخليه يطردك أشنع طردة يا ملعونة.
أجار :
لا لا، أنا في عرضك يا مسيو بيبيرون، أنا ماجيتش هنا أبدا إلا الليلة دي، علشان أدور على أخوك كابين.
بيبيرون :
آه، بقى انت جيت هنا علشان كده بس؟
أجار :
أيوه، وانت إيش جابك هنا؟
بيبيرون :
أنا راخر جيت هنا علشان أقابل أخوي كابين، وأوبخه على سيره البطال، وأمنعه عن مشيه الهلس علشان يستقيم.
أجار :
طيب وهو فين أخوك دلوقت؟
بيبيرون :
هنا جوه بيرقص رقصة الكانكان.
أجار :
طيب تعالى وديني عنده.
بيبيرون :
لا يا مداموازيل، دي رقصة ما يصحش تحضريها.
أجار :
ماهو أنا موش حاتنقل من هنا إلا لما أشوف الوحش ده، اتفضل وديني عنده عشان أكلمه.
بيبيرون (لنفسه) :
حاجيب لها كابين ده منين بقى، الغاية أبقى أزوغ منها في الزحمة والسلام (يخرجان) .
لحن ورقصة
يا سلام يا سلام
ها ليلة تمام
حليت جوه يا حتى
سكروا بقوه على رقصتنا
إتلوينا واتنطاطنا
وانشدينا إتعفرتنا
لما اتكهربت الرجالة
سيبناهم ولايمنا الحالة
لسة البرتيتة التانية
الأوركستر شغال
بزيادة قلبنا الدنيا
بس لغاية كده عال
بالذمة شوية
لا بردون سيبنا
أبدا يا ماريا
يا نقولا تعتبنا
ارقصوا ياله ووحلوها
ليلة مرستاني وأبوها
بعد الراحة ارجعوا تاني
زيطة كبرا أهه بدنجاني
السخط يرد الروح
الله على الحظ
والإنسان لو كان لوح
ما بلقيش بكل هناه
لويز (تدخل) :
أما غريبة دي، بيقولوا على البرنس إنه بيجي هنا، ولحد دلوقت مانيش لاقياه. لا لا، ضروري إنهم بيكدبوا عليه المسكين ... آه.
البرنس (يدخل) :
يا خبر! إنت هنا يا لويز؟!
لويز :
أيوه يا برنس.
البرنس :
إزاي ده؟ ومين اللي وراك المحل ده؟!
لويز :
جابتني هنا المس أجار.
البرنس :
إخص الله يخيبها، ولكن هو ده يصح إنك تتوجدي في ملهى زي ده، ولا تخافيش على نفسك من كلام الناس.
لويز :
لا لا، أنا جيت هنا مخصوص علشان أشوف عشيقتك دي اللي اسمها توتا مولينا، من فضلك اندهالي هنا علشان أشوفها.
البرنس :
آه فهمت، بقى الغيرة هي اللي جابتك هنا يا حياتي. أهه أنا دلوقت بس تأكدت إنك بتحبيني صحيح؛ لأن الغيرة هي أكبر دليل على الحب.
لويز :
أيوه، أنا باحبك وأعترف بكده، ولكن أنا دلوقت جيت هنا مخصوص، علشان أعالج الحب ده وأكرهك لما أشوف حبيبتك دي وياك. ياله من فضلك إنده لي توتا مبولينا هنا حالا.
البرنس :
ولكن يا حبيبتي، أنا قبل ما أتجوزك حاكون قطعت كل علاقة بالماضي، وأنا جيت الليلة دي هنا مخصوص علشان أودع توتا مبولينا الوداع الأخير، وأخلص نفسي منها.
لويز :
غريبة! بقى صحيح الكلام ده يا برنس؟
البرنس :
أيوه وحياة حبك، ودلوقت واجب عليك تنصرفي من المحل ده اللي ما بيلقش بكرامتك.
لويز :
لا معلهش. أهه اللي حيشوفني وياك برضه حايحترمني يا سلام، ده محل جميل قوي (ضحك)
يا سلام! إيه الستات اللي بيضحكوا دول كلهم؟!
البرنس :
دول جماعه بيتمشوا برة على الشاطيء وبيضحكوا.
لويز :
يا سلام، فين هم دول؟ أنا نفسي أشوفهم (تهم بالخروج) .
البرنس :
لا لا، أنا يستحيل أسمح لك بكده.
لويز :
إيه بتمنعني، لازم توتا مبولينا بتاعتك دي فيهم؟
البرنس :
لا لا أبدا يا عزيزتي صدقيني.
لويز :
لا يستحيل أصدقك إلا إذا شفتهم بعيني، وهم كمان يشوفوني معاك. وقتها أتأكد طيب إن حبيبتك دي موش موجودة معاهم.
البرنس :
ولكن بعد كده تحلفي إنك تروحي على طول.
لويز :
أيوه، وحياتك.
البرنس :
طيب اتفضلي (يخرجان) .
الكونت (داخلا ومعه بنتين) :
لا لا يا مدمازيلات موش كده، اعملوا معروف سيبوني.
البنتين :
يا سلام!
بنت 1 :
إيه الكلام ده يا مسيو، هو احنا بنخوفك ولا إيه؟
الكونت :
لا موش القصد، المدموازيلات الحلوة اللي زيكم ما يخوفوني.
البنتين :
صحيح؟
الكونت :
أيوه، بس أنا جيت هنا لغرض تاني يا مدموازيلات.
بنت 2 :
والغرض ده إيه يا مسيو؟
الكونت :
أنا جيت هنا مخصوص علشان أتعرف بالمدموازيل دي اللي اسمها توتا مبولينا.
بنت 1 :
غريبة! بقى كل من جه هنا يسأل على توتا مبولينا داحنا نساوي ميت واحدة زي دي (تخرج) .
الكونت :
أعوذ بالله، دول زي الدبابير، داهيه تلعنكم، ولكن إيه دلوقت اللي حايدلني على توتا مبولينا اللي بيقولوا عليها دي؟!
بيبيرون (يدخل) :
برافو علي أديني زغت منها.
الكونت :
إيه بيبيرون؟
بيبيرون :
الكونت؟ يا خبر إسود!
الكونت :
إنت بتعمل إيه هنا يا مسيو بيبيرون؟
بيبيرون (لنفسه) :
آه مافيش غير التهويش. بردون يا حضرة مين جنابك؟
الكونت :
غريبة! إنت ماتعرفنيش؟
بيبيرون :
لا ماسبقليش معرفة بحضرتك.
الكونت :
غريبة! إنت موش بيبيرون؟
بيبيرون :
لا يا مسيو. بيبيرون ...
الكونت :
آه افتكرت، لازم جنابك تبقى أخوه؟
بيبيرون :
مظبوط، نظرك في محله، أنا أخوه كابين.
الكونت :
يا سلام، دانتو شبه واحد تمام!
بيبيرون :
أيوه، كأننا في الحقيقة شخص واحد.
الكونت :
ولكن الظاهر عليك إنك نبيه، وكلام في سرك أخوك ده واحد مغفل خالص.
بيبيرون :
الله يحفظك، ولكن شوف أخوي ده من حمريته قال إيه بيشتغل دلوقت عند واحد كونت عجوز وفي التغفيل أغفل منه.
الكونت :
إيه؟
بيبيرون :
والكونت ده اسمه الكونت ...
الكونت :
الكونت سين كوكو، موش كده؟
بيبيرون :
مظبوط، هو كده واحد عجوز وزي الحمار.
الكونت :
إخرس، الكونت ده يبقى أنا يا مسيو.
بيبيرون :
أوه بردون، أزايك كده يا جناب الكونت؟
الكونت :
زي ما يكون واحد عجوز وزي الحمار.
بيبيرون :
لا لا ما دام شفتك دلوقت، أنا حاسحب كلمة عجوز دي، ومعلهش أسيب لك الباقي.
الكونت :
مرسي.
بيبيرون :
ولكن جنابك بتتردد على المحل ده من زمان يا جناب الكونت؟
الكونت :
لا يا مسيو، دي أول مرة جيت فيها هنا، وقصدي بس اتكلم كلمتين مع المدموازيل توتا مبولينا.
بيبيرون :
آه توتا مبولينا ... ده موش عارف إن توتا مبولينا تبقى مراته المغفل ... وضروري يعني عايز تكلمها؟
الكونت :
أيوه، عايز أكلمها في شئون عائلية.
بيبيرون :
عائلية؟ بقى حضرتك عندك علم إن توتا مبولينا دي تبقى ...
الكونت :
تبقى إيه؟
بيبيرون :
الغاية. تبقى اللي تبقاه، بس أنا موش فاهم الشئون العائلية دي، تبقى إيه معناها في محل زي ده! ما بيتكلموش فيه إلا عن الشئون الغرامية.
الكونت :
موش شغلك، بس من فضلك قدمني لها، ولا لكش دعوى.
بيبيرون :
من الأسف، هي موش هنا دلوقت.
الكونت :
موش هنا إزاي، هي لسة ما جاتش؟
بيبيرون :
لا، بس كانت هنا وخرجت.
الكونت :
يا ميت خسارة، على كده معاك حق ولازم انصرف.
بيبيرون :
أيوه روح أحسن لك واقصر الشر ... إخص. وآدي صاحبتنا المجنونة جاية على هنا أهه (يخرج مسرعا) .
الكونت :
الله! هو جرى له إيه ياخوي ؟!
أجار (تدخل) :
هو راح فين؟ يا خبر الكونت!
الكونت :
إيه، إنت هنا يا أجار؟
أجار :
لا، أيوه ... بردون يا جناب الكونت، أرجوك السماح.
الكونت :
سماح مين وعفريت مين! إنت إيه اللي جابك هنا؟
أجار :
لا، أنا اللي جابني هنا ... جابني هنا ...
الكونت :
هيه قولي. اتكلمي.
أجار :
لا، ماهو أنا جيت هنا علشان أبحث عن كابين.
الكونت :
لا لا، واحدة زيك تعرف تيجي في محلات زي دي، يستحيل آتمنها على بنت أخوي. ومن النهارده تاخدي حسابك وتروحي في ستين داهية. خباصة ملعونة.
أجار :
أي طيب، أنا حاخد حسابي، ولكن حاقول للكونتيس إنك داير تتفسح وبتيجي هنا، في صالة المنتزة، وظبطت معاك ستات كمان.
الكونت :
لا لا، أنا في عرضك يا أجار، أوعى تعملي كده.
أجار :
يستحيل.
الكونت :
اعملي معروف، أحسن مراتي دي واحدة ست مستقيمة، ولا لهاش شغلة إلا الرصدخانة دي اللي هي موجودة فيها دلوقت، وإذا عرفت كده حاتسود عيشتي خالص.
أجار :
طيب أنا موش حاقول لها، ولا تطردنيش بقى؟
الكونت :
لا لا، أطردك إزاي. دانا حازودلك ماهيتك كمان، بس ما تجيبلهاش سيرة اعملي معروف.
أجار :
لا ما تفتكرش.
الكونت :
ودلوقت عن إذنك، واتفسحي انت على كيفك مالكيش دعوى. يا خفيف من التهم الباطلة يا خفيف (يخرج) .
أجار :
هاهاها، الحمد لله. أما إذا كان عرف إني جبت لويز بنت أخوه هنا، دا حقه كان اتجنن، يا ترى هي راحت فين؟ لازم أدور عليها واخدها ونخرج من هنا حالا (تخرج) .
المركيزة (تدخل مع الكونتيس) :
الغريبة إني أنا مانيش فاهمة السبب اللي مخليكي الليلة دي كده قلقانة وموش زي عادتك، تقدري يا أختي تقولي لي إيه السبب؟
الكونتيس :
أيوه يصح إني أقول لك، بصفتك أعز صديقة لي وعارفة كل أسراري، بقى الليلة دي فيها فصل الخطاب بيني وبين البرنس؛ لأنه قال لي إنه عايز يكلمني على انفراد، ولازم عايز يقطع علاقته معاي ويفوتني.
مركيزة :
يفوتك؟
الكونتيس :
أيوه، ولكن أنا موش من الناس اللي يخضعوا لرغبة غيرهم، ولازم أقاوم للنهاية.
المركيزة :
آه، أهه جاي أهه. أما أسيبكم لوحدكم، عن إذنك (تخرج) .
البرنس :
آه توتا مبولينا، أنا عايز أكلمك يا مدموازيل.
الكونتيس :
وأنا كمان يا برنس؛ لأني حلمت إمبارح حلم بطال خالص.
البرنس :
وإيه هو الحلم ده؟
الكونتيس :
حلمت إنك حتتجوز.
البرنس :
إيه؟
كونتيس :
أيوه، ومن حسن حظي إن ده كان حلم وبس.
البرنس :
حلم والا علم زي بعضه.
الكونتيس :
إيه بتقول إيه؟
البرنس :
باقول إني لحد دلوقت مانيش عارف لك حقيقة، وزي لغز تمام.
كونتيس :
ويعني قصدك تقول إيه يا برنس؟
البرنس :
قصدي أقول إنه هنا بيعرفوك باسم توتا مبولينا، ولكن ضروري لك اسم تاني.
الكونتيس :
من فضلك يا برنس ما تشدش الرباط قوي. لحس تقطع علايق المحبة اللي بيننا، ويمكن توتا مبولينا دي، تعرف إزاي تحبك أكتر من لويز بتاعتك.
البرنس :
غريبة! إنت عندك خبر؟
الكونتيس :
بكل شيء. هي هي هي. تعالى، وفضك من الجواز والكلام الفارغ، تعالى نتكلم جوه على انفراد (يخرجان) .
بيبيرون (يدخل) :
كويس خالص، ودلوقت يستحيل على العجوز دي تعرفني ما دمت لابس البرنيطة اللي عاملة زي التاندة دي، بس لو ماكانش ألوف الفرنكات دي اللي أوعدني بها البرنس إنه حايديها لي، نظرا لكوني حاجتهد في خلاصه من توتا مبولينا، ماكنتش استنيت هنا ولا لحظة.
البرنس (يدخل) :
أعوذ بالله دي لزقه يا حفيظ! إيه مين ده؟
بيبيرون :
إنت عرفتني؟
البرنس :
آه كابين، إنت عامل كده ليه؟ إنت موش كنت أوعدتني إنك حاتخلصني من توتا مبولينا؟!
بيبيرون :
مظبوط حاخلصك ضروري علشان ما أقبص وأخلص روحي أنا راخر.
البرنس :
ولقيت طريقة؟
بيبيرون :
مافيش طريقة غير كون توتا مبولينا دي تخونك.
البرنس :
تخونني! تخونني إزاي أنا موش فاهم؟
بيبيرون :
يعني تقبل العشا هنا ويا شاب جميل، وتطب عليها كده على غفلة وقتها، وتلعن لها أبو خاشها. يبقى لك حجة علشان تفوتها.
البرنس :
طيب وحاتلاقي الشاب الجميل ده فين؟
بيبيرون :
كتير، والشاب الجميل اللي أول ما تشوفه حاتقع فيه. موجود هنا جاهز.
البرنس :
غريبة! ومين الشاب ده قول لي؟
بيبيرون :
أنا.
البرنس :
يا سلام، دانت يا أخي مغرور في روحك قوي، إنت نسيت سواد وشك ولا إيه؟
بيبيرون :
المسألة موش بالبياص ولا بالسواد، الرك كله عالدم يا عبيط، شوف انت لونك أزرق رمادي إزاي، لكن دمك ... ها موش بطال برضه.
البرنس :
أما إذا نجحت في المسألة دي صحيح، أنا حاقول عليك أكبر سياسي في العالم.
بيبيرون :
ضروري حاتقول كده غصب عنك، وتدفع لي الأربع تلاف فرنك.
البرنس :
اتفقنا.
بيبيرون :
ولكن على شرط تدفع لي حق العشوة فوقهم، آه. أهي جاية أهي. اتفضل دلوقت وبعدين ابقى تعالى باغتنا.
البرنس :
أيوه حاضر (يخرج. تدخل الكونتيس) .
بيبيرون :
أما نستعد بقى للبصبصة، اس اس بست بست.
الكونتيس :
إيه ده؟ أما شيء بارد ... آه هو انت يا مسيو بيبيرون؟
بيبيرون :
ع المحطة خشي.
الكونتيس :
ولكن انت عامل كده ليه؟
بيبيرون :
دي نفسي.
الكونتيس :
يا سلام، وانت بالك رايق قوي.
بيبيرون :
وهو فيه أحسن من الضحك والفرفشة، ماحدش واخد منها حاجة أبدا.
الكونتيس :
أيوه صحيح، وأديني أنا روخرة كنت باضحك زيك ويا المدموازيلات اللي هنا، علشان كده البرنس زاغ مني.
بيبيرون :
اسمعي إذا كنت عايزة صحيح تتحصلي على قلب البرنس ولا يفوتكش أبدا، اسمعي نصيحتي والزقي في لزقة بغرا.
الكونتيس :
غريبة! ألزق فيك انت؟!
بيبيرون :
أيوه، ولو كده وكده، علشان ما يغير عليك ولا يسيبكش.
الكونتيس :
يا سلام، قد إيه انت كبرت في نظري دلوقت، وفهمت إنك ذكي ونبيه جدا.
بيبيرون :
لا، إنت لسة شفت إيه من نباهتي.
الكونتيس :
طيب، وأنا دلوقت يا مسيو بيبيرون حاوافقك على كل شيء عايز تعمله.
بيبيرون :
أهه كده. قربنا نقبض. يا جرسون يا جرسون.
جرسون (يدخل) :
موسي.
بيبيرون :
اسمع، وضب لنا السفرة اللي جوه علشان اتنين وكثر لنا من الحلويات والكونياكات والشمبانيات وكل الحاجات.
جرسون :
على عيني (يخرج) .
الكونتيس :
إيه، حانتمشى فين؟
بيبيرون :
هناك عالطبلية اللي جوه دي (يخرجان) .
البرنس (يدخل) :
يا ترى عمل إيه بيبيرون؟
بيبيرون (من الخارج) :
يعيش الحب واللي بدعوه، تعيش المدموازيل توتا مبولينا ياله اهجموا علينا وهزءونا وانعلوا أبونا .
البرنس :
آه برافو، دلوقت يمكني أخش أظبطها علشان أخلص منها (يخرج) .
أجار (تدخل مع لويز) :
يا بنتي طاوعيني، تعالي نروح بلاش فضايح.
لويز :
انا يستحيل انتقل من هنا إلا أما أشوف البرنس حاينتهي على إيه.
البرنس (داخلا مع بيبيرون) :
تعالى هنا يا إسود الوش، وانت يا خاينة، تسمح نفسك الدنيئة تتعشى ويا واحد زي ده، ومن دلوقت يكون في معلوماتك إن العلاقات اللي بينا وبين بعض انتهت خلاص.
لويز :
إيه، مرات عمي؟
البرنس :
إيه؟
الكونتيس :
يا خبر لويز!
لويز :
بقى مرات عمي تبقى معشوقتك يا برنس؟
البرنس :
مراة عمك مين؟ دي المدموازيل توتا مبولينا!
بيبيرون :
إخص، المسألة لبخت.
الكونتيس :
لا لا، أنا الكونتيس دي سين كوكو ... أنا موش خايفة، وإن عملت طيب قولي لعمك على اللي شفتيه بعينك، وخليه يطلب الطلاق وارتاح من عيشته.
لويز :
آه يا ربي (يغمى عليها) .
البرنس :
يا خبر! فوقي لنفسك يا لويز موش كده. خديها يا أجار خشي جوه هنا فوقيها (يخرجون) .
الكونتيس :
دلوقت خلاص مافيش فايدة ولويز اكتشفت كل أسراري.
بيبيرون :
ماهو كله من عجوزة النحس دي، ودلوقت لازم تطرديها وتريحيني منها.
بنت (تدخل) :
اسمعي يا مدموازيل توتا مبولينا، المسيو ده بيدور عليك من ساعة (تخرج) .
الكونتيس :
يا خبر جوزي!
بيبيرون :
الكونت! البسي دي (يلبسها البرنيطة) .
الكونت :
حضرتك المدموازيل توتا مبولينا؟
بيبيرون :
أيوه هي، ولكن هو ده الشيء اللي اتفقنا عليه يا جناب الكونت؟
الكونت :
إيه هو اللي اتفقنا عليه؟
بيبيرون :
إحنا موش قلنا إنه ما يصحش واحد عظيم زيك يتوجد في محل زي ده، لا وخصوصا إذا دريت الست بتاعتك، أظن موش حايحصل لك طيب.
الكونت :
أوه، ومين اللي حيدري الست بتاعتي؟! من فضلك من فضلك موش شغلك انت.
بيبيرون :
هنا فيه تليفونات يا مسيو، فيه تلغرافات يا مسيو، فيه مواصلات يا مسيو، فيه ناس خباصين يا مسيو.
الكونت :
بقى صحيح حضرتك المدموازيل توتا مبولينا؟
الكونتيس :
أيوه يا مسيو.
الكونت :
ولكن ليه يا عزيزتي لابسة البرنيطة دي، وعاملة في روحك كده؟
الكونتيس :
لا دي ... دي ...
بيبيرون :
دي آخر مودة يا مسيو.
الكونت :
أما شكلها جميل، طيب ما تعدليها كده على راسك، خلي الواحد يعرف يشوف وشك.
بيبيرون :
يا سلام، يعني لازم تبصبص كده على المكشوف؟
الكونت :
إخرس انت باقول لك، أنا يا مدموازيل جيت هنا مخصوص علشان أتكلم وياك كلمتين.
بيبيرون :
لا يا مسيو.
الكونتيس :
اتفضل اتكلم.
الكونت :
بقى أنا يا مدموازيل أبقى أب ...
بيبيرون :
أب ... لا هي افتكرتك أم؟
الكونت :
باقول لك ما تتحشرش ... يعني باختصار، أنا لي بنت أخ حلوة زيك كده، وبنت أخوي دي حبت واحد برنس وعايزة تتجوزه، ولكن البرنس ده مرتبط بعلاقات تانية، وإن ماكنتش العلاقات دي تنقطع، يستحيل أنها تتجوز البرنس ده.
بيبيرون :
طيب وتدفع كام، وتوتا مبولينا تسيب لك البيعة دي، وتقول لك الله يكسبك؟
الكونت :
زي ماهي عايزة، أنا مستعد لكل طلباتها.
بيبيرون :
لا شيء بسيط، نقدر نغصب عليها تاخد منك أربع تلاف فرنك.
الكونت :
وأنا قبلت.
بيبيرون :
ياله بقى قبض.
الكونت :
ولكن المبلغ موش موجود وياي دلوقت.
بيبيرون :
اتلهوا لنا بقى.
الكونتيس :
لا لا، أنا ماقدرش أقعد فاضية، إذا كنت عايز صحيح إني أسيب البرنس، لازم تتحصل لي جنابك على واحد غيره علشان يحميني.
الكونت :
إيه، أنا اللي اتحصل لك؟
بيبيرون :
دا شيء سهل مافيهاش حاجة.
الكونت :
ولكن من الأسف دي موش صنعتي يا مدموازيل.
بيبيرون :
اتعلمها انت صغير.
الكونت :
الغاية، أهه إن كان لازمك عاشق ضروري، خدي كابين أخو المساعد بتاعي.
الكونتيس :
لا لا، كابين ده عبيط وعلى نياته قوي، أنا عايزة واحد يكون يفهم زي جنابك.
بيبيرون :
إيه رأيك بقى يا سيدي؟ أهي القرعة ما وقعتش إلا عليك.
الكونت :
أنا؟ ... ولكن يا مدموازيل (لنفسه)
أما عليها قوام، ما هو أنا لو كان في إمكاني كنت ...
بيبيرون :
الراجل بيبصبص لمراته.
الكونتيس :
أيوه أيوه، إنت عرفت تؤثر علي صحيح، ووصلت لأوتار قلبي الحساسة.
الكونت :
إيه الكلام ده يا مدموازيل! إحنا ماوصلناش لسة لحد كده.
الكونتيس :
لا لا، علاقتي ويا البرنس أنا قطعتها من دلوقت خلاص، وبقيت ملكك أنت يا حياتي.
الكونت :
معلهش، برضه أنا أضحي نفسي علشان سعادة بنت أخوي والسلام، ولكن بس لو كنت تسمحي لي ...
الكونتيس :
أسمح لك بإيه، أنا تحت أمرك، تعالى جوه خد حريتك.
الكونت :
في محله اتفضلي (يخرج والكونتيس تقلع البرنيطة وتزوغ)
الله! هي راحت فين يا خويا؟
بيبيرون :
هي هي جاية حالا، اتفضل على السفرة داهي بس راحت تغسل إيديها.
أجار (من الخارج) :
لا لازم أروح.
بيبيرون :
إخص، زوغان على طول (يخرج) .
الكونت :
الله! ده جرى له إيه ده؟! (يتبعه) .
أجار (تدخل) :
لا، أنا يستحيل استنى هنا بقى، مافيش فايدة.
الكونت (يدخل) :
ماله بيعمل كده، مجنون ده ولا إيه؟!
أجار :
آه يا ربي، الكونت أستخبى فين ... أيوه (تلبس البرنيطة) .
الكونت :
آه، إنت جيت يا توتا مبولينا.
أجار :
إيه إيه؟
الكونت :
اتفضلي اتفضلي.
الكونتيس (تدخل ومعها الجميع) :
آه، أهه جوزي الخاين، أهه ظبطته بجريمته.
الكونت :
إيه مراتي؟
الجميع :
غريبة دي!
الكونتيس :
آه يا خاين، أديني ظبطك ويا توتا مبولينا بتاعتك يا خاين.
أجار :
إيه، توتا مبولينا!
الكونت :
غريبة دي، بقى أجار العجوزه دي، هي تبقى اسمها توتا مبولينا.
أجار :
ولكن أنا ...
بيبيرون :
إخرسي يا ملعونة، بالنهار قديسة وباليل فلفوسة يا بنت الصرمة.
أجار :
إيه، وكمان بتشتميني يا حرامي يا نصاب (تمسكه) .
بيبيرون :
إيه حاتضربيني، طيب خدي (يقولون لحن ختام الفصل) .
1
الفصل الثالث
لحن
بنات :
برنس مين وغيره مين
أوعي تتهمي والا تتغمي تتأذي خسارة
كان إيه عريس إيه ده
اللي ما بيهدى تنه في دوارة
يتلهي بسيره انظري لغيره
دانت نوارة
لويز :
آه يا ريته ماكنش جميل
بنات :
تاخدي أجمل منه طاقات
لويز :
كنت حابتدي لسه أميل
بنات :
اتركيه وافتكريه مات
حيرني جاته حيرة
وقهرني م الغيرة
اللي يبيعك غدر بيعيه
واللي يعزك اتبعيه
دقة بدقة أما الرقة
الناقص لم يتمر فيه
أجار (للويز بعد اللحن) :
يا بنتي موش كده طولي بالك، ما هو الحال من بعضه وكلنا واقعين في الحب. إنت موش شايفاني أنا يا اللي كنت وردة مفتحة والحب دبلني، بقيت دلوقت زي واحدة عجوزة، واللي يشوفني يقول على عمري تلاتة وتلاتين سنة.
لويز :
اعملي معروف يا أجار بلاش رغي، أنا موش عايزة أسمع اسم الحب ولا سيرته، وحلفت إني موش هاحب أبدا بعد كده.
أجار :
يا خي لا، ده يمين سماكه يا عين أمك.
الكونت (داخلا يقرأ) :
عندما إحدى النجوم، تمر خلف الكوكب اليسار يحدث الكسوف.
أجار :
يا خبر، الكونت؟
الكونت :
وعندما تظلله بحجمها بيحدث الخسوف.
لويز :
آه، عمي.
الكونت :
آه إنت هنا يا لويز، بردون يا بنتي أنا ما شفتكيش وكنت في السما.
لويز :
السما!
الكونت :
أيوه، علشان أنا بقى لي كام يوم وأنا بأدرس علم الفلك أنا راخر.
لويز :
غريبة! طيب والتاريخ يا عمي؟!
الكونت :
لا موش وقته يا بنتي، أنا عقلي قال لي خليك انت راخر ألامود زي مراتك، وعلشان كده شغلت نفسي بالأجسام السماوية، ما دام اتحرمت من الأجسام الأرضية. أهه أقله أشارك الكونتيس مراتي في علم الفلك ده اللي بتحبه، إياك ترضى عني.
لويز :
ليه، إنتو لسة زعلانين ويا بعض يا عمي؟
الكونت :
طبعا.
لويز :
وتقدر يا عمي تقول لي إيه السبب في زعلكم ده؟
الكونت :
السبب في زعلنا الملعونة أجار.
أجار :
طيب وأنا ذنبي إيه يا جناب الكونت؟!
الكونت :
إيه إنت لسة هنا يا ملعونة؟ أنا موش أديتك حسابك وقلت لك ما تورنيش وشك أبدا؟
لويز :
وإيه السبب يا عمي، أنا موش فاهمة أبدا.
الكونت :
بسببها أنا رحت صالة الدانس، علشان أصرف نظر توتا مبولينا عن البرنس وأجوزه لك، والكونتيس لقتني ويا أجار ماعرفش إزاي، وأجرنها هي توتا مبولينا وأنا موش عارف.
لويز :
لا يا عمي، أجار موش توتا مبولينا أبدا، توتا مبولينا واحدة غيرها.
الكونت :
غريبة، وانت إيش عرفك بكده؟!
لويز :
البرنس قال لي على كل شيء، وأجار بريئة.
الكونت :
أما حكاية دي، طيب وأجار كانت هناك بتعمل إيه؟
لويز :
كانت هناك بتدور على خطيبها كابين.
الكونت :
آه، بقى كده المسألة!
أجار :
أيوه تمام، يعني أنا كنت بتاعة دانس والا كلام فارغ.
الكونت :
الغاية يا بنتي، أنا موش عاوزك تعرفي البرنس ده أبدا.
لويز :
لا من جهة كده كون مطمئن يا عمي، أنا دلوقت مافيش بيني وبينه عمار أبدا.
الكونت :
برافو، أهه ده اللي أنا عايزه. صحيح إن البرنس ده شاب جميل ويتحب، ولكن حاعمل إيه، الكونتيس مراتي بتعارض أشد المعارضة في جوازك به، ولا يمكنيش أخالف أمرها.
لويز :
آه، بقى كده المسألة!
الكونت :
أيوه.
لويز :
ولكن يا عمي جنابك ما تعرفش السبب في معارضة مراة عمي؟
الكونت :
ما عرفش إزاي يا بنتي، أهي بتعارض باسم الآداب العمومية، وتقول إن واحد متهتك زي ده، ما يصحش يكون جوزك أبدا.
لويز (تضحك) :
هي هي هي.
الكونت :
غريبة! إنت بتضحكي؟!
لويز :
والله شيء يضحك وشيء يبكي، وأنا يا عمي حاتفرس من الحكاية دي قوي.
الكونت :
لا لا، تتفرسي ليه بعد الشر، وأحسن شيء دلوقت إنك تشغلي نفسك بعلم الفلك انت روخرة علشان يسليك، وأهه لأجل بختك حايحصل خسوف القمر الليلة دي، ونبقى نرصده سوا، وعلي أشرح لك كل شيء يكون غامض عليك. تعالي يا بنتي تعالي.
أجار (تضحك) :
هئ هئ هئ، إلا علم الفلك ده راخر، ده الراجل باينه اتجنن وناوي يجنن لويز روخرة ويشغلها بحاجات مالها فيها فايدة المسكينة (يدخل بيبيرون)
آه بيبيرون، إنت لسه زعلان مني ولا إيه؟
بيبيرون :
لا، وحازعل منك على إيه؟
أجار :
أيوه كده، دول قالوا في المثل ما محبة إلا بعد عداوة.
بيبيرون :
محبة؟
أجار :
أي بالطبع، وخصوصا إني حاسة دلوقت، إنه الحب اللي كنت باحبه لأخوك كابين اتنقل ماعرفش إزاي وبقيت باحبك انت، وما دام أخوك قصر في واجباته لازم انت اللي تحل محله، وتتمتع انت بشبوبيتي وجمالي، وأحرم كابين من النعمة دي اللي طردها بوشه.
بيبيرون :
هي هي هي، قال نعمة قال!
أجار :
إيه، أنا موش نعمة؟
بيبيرون :
نعمة وبس، اللي يعرفك يتحرق في أربعة وعشرين ساعة.
أجار (بحدة) :
إيه، يتحرق يعني إيه؟!
بيبيرون :
لا يعني ... يعني يتحرق بنار حبك.
أجار :
لا لا ما تخافش، أنا قلبي فيه الشفقة على اللي يحبني، ودلوقت ما دام بانت لي أشاير حبك، أنا لازم أتجوزك انت بدال كابين أخوك. قلت إيه في كده؟
بيبيرون (لنفسه) :
الغاية، أهه الواحد يقايس والسلام، بس أنا لي طلب عندك.
أجار :
طلب وبس، ميت طلب. روحي كلها بين إيديك.
بيبيرون :
لا ده طلب بسيط، يعني حيث إني حاتجوزك، وانشغل بجمالك ده أنا من دلوقت حاطلب منك إحالتي على المعاش، وأعيش كده على قفاك.
أجار :
إزاي الكلام ده أنا موش فاهمة؟
بيبيرون :
لا، من دلوقت لازم تفهمي، إن اللي حايتجوزك انت يستحيل بعد كده ينفع في الشغل أبدا.
أجار :
إيه الكلام ده انت مجنون؟
بيبيرون :
بالطبع، هو أنا لو ماكنتش مجنون أقبل بجواز واحدة زيك، أمنا حوا تقول لها يا تيزة.
أجار :
اخرس تيزة في عينك ما تختشيش.
بيبيرون :
لا، دانا بس من حبي فيك عايز أهزر وياك شوية، عاملة زي فم السجارة.
أجار (لنفسها) :
آه، أهه دلوقت لازم أسوق التقل عليه، علشان ما يزيد لهلبة ... لا معلهش يا بيبيرون موش وقته، لما أشاور عقلي في المسألة دي وبعدين أديك خبر. ودلوقت عن إذنك يا عزيزي أحسن عندي شغل جوه. أوروفوار بيبيرون (تخرج) .
بيبيرون :
يا ولد يا ولد يا زنبلك مرجيحة الوزة (تقبله)
أما مرة ملحوسة!
الكونت (يدخل) :
آه، بيبيرون! تعالى تعالى أنا عايزك.
بيبيرون :
عايزني أنا؟
الكونت :
أيوه.
بيبيرون :
ليه، فيه شغلة علشان غامبيتا؟
الكونت :
لا غمبيتا مين أنا سيبت التاريخ خلاص وبقيت فلكي.
بيبيرون :
فلكي؟ (يضحك)
والله لك حق، بس يا خسارة، إنت راجل عجوز ولا انتاش قد العلم ده.
الكونت :
لا أبدا قده وقدود، ولكن اللي مجنني خالص، توتا مبولينا يا بيبيرون.
بيبيرون :
توتا مبولينا مين؟ يعني أجار قصدك؟
الكونت :
لا أبدا أجار دي أجرنها مظلومة، وتوتا مبولينا دي واحدة غيرها.
بيبيرون :
يا سلام ومنين فهمت كده؟
الكونت :
أيوه من بنت أخرى، والبرنس هو اللي فهمها كده ، وقال لها كمان إن توتا مبولينا دي بتحبني.
بيبيرون :
آه، وما دام توتا مبولينا دي بتحبك، ضروري حاتيجي لك هنا وتفضحك.
الكونت :
أهه ده اللي أنا خايف منه لو شافتها هنا الكونتيس مراتي.
بيبيرون :
الله أكبر البراطيش والشباشب اللي تشتغل.
الكونت :
وعلشان كده أرجوك يا بيبيرون إنك تروح لتوتا مبولينا وتترجاها تصرف نظر عني، والا أقول لك، اجتهد إنك تغويها وخدها علشانك، دي واحدة جميلة موش بطالة.
بيبيرون :
ولكن لا يخفاك إن الحاجات دي عايزة مصاريف.
الكونت :
ما تفتكريش أنا أدفع لك كل المصاريف، بس اللي عليك دلوقت إنك تقول للكونتيس إني بقيت فلكي عظيم، وأعرف في الشمس والقمر والخسوف والكسوف.
بيبيرون :
آه، أهي جاية أهه.
الكونت :
طيب عن إذنك، أما انكسف أنا (يخرج) .
بيبيرون :
هي هي هئ. قال حاينكسف قال، يعني يستخبى باصطلاح الفلكيين.
الكونتيس (تدخل) :
بيبيرون.
بيبيرون :
كونتيس.
الكونتيس :
لا لا من فضلك، إحنا ناس عرفنا بعض، ولا يصحش التكليف بينا أبدا، ودلوقت أنا حاصرح لك عن الشيء اللي دخل في قلبي من جهتك.
بيبيرون :
وده إيه اللي دخل في قلبك من جهتي!
الكونتيس :
آه يا بيبيرون، ما تقدرش تتصور قد إيه أنا حبيتك.
بيبيرون :
إيه، حبتيني؟!
الكونتيس :
أيوه، وباحبك قوي من زمان، ودلوقت زاد حبك في قلبي.
بيبيرون :
بس بس، بلاش تهكم من فضلك، بزيادة عليك البرنس بتاعك.
الكونتيس :
لا أبدا، البرنس ده واحد خاين قوي وعايزة أنساه، ولاعرفش أنساه الآن شغلت نفسي بحبيب غيره، يكون كده خلقته مشقلبة زيك.
بيبيرون :
طيب وليه الحب المشقلب ده بقى؟
الكونتيس :
علشان ما يكونش حب غرام، أنا حبيتك يا بيبيرون علشان شهامتك ومروءتك اللي عملتها في؛ لأنك ساعدتني وسترت علي، ولحد دلوقت جوزي ماعرفش حاجة بسببك انت. وعلشان كده، أنا لازم أكافئك وأهاديك بهدية جميلة، بس أنا عايزة أنسى البرنس الخاين ده وانتقم منه.
بيبيرون :
لا سيبك منه يا جناب الكونتيس، وحيث إن ربنا ستر عليك للدرجة دي الأحسن تستقيمي وتحمدي ربنا على الشيء اللي إداه لك، وأما من جهة البرنس، أنا برضه أضحكك وأسليك علشان تنسد نفسك عنه ويبقى لي ثواب .
الكونتيس :
أوه، مي مرسي يا بيبيرون، ألف شكر يا حبيبي (صوت أقدام)
آه حد جاي.
بيبيرون :
يا خبر إسود! (يخرجان) .
البرنس (يدخل مع أجار) :
أنا في عرضك يا أجار، أنا عايز أسافر إسبانيا بلدي، وغرضي أودع لويز الوداع الأخير.
أجار :
لا يا برنس يستحيل. لويز زعلانة منك وموش عايزة تشوف وشك، والكونت راخر غضبان عليك.
البرنس :
غريبة! والكونت ماله راخر، هو فهم حاجة يا أجار؟
أجار :
لا أبدا، هو لحد دلوقت مايعرفش إنك بتحب مراته، ولكن الكونتيس بتعارض قوي في جوازك بلويز، وهو بيوافقها لأنه ما يقدرش على زعلها.
البرنس :
بقى يعني هي حاتفضل كده واقفة في طريقي؟ ولكن يا مدموازيل إنت برضه واحدة ست، وأظن عندك شعور.
أجار :
آه يا برنس، أنا شعوري رقيق قوي، وإذا جيت تتجوزني أنا وتاخدني وياك بلادك، أنا من دلوقت مستعدة وتحت أمرك.
البرنس :
إخص الله يخيبك ... لا لا، ده موش غرضي يا مدموازيل، أنا بس عايزك تسهلي آخر مقابلة أتقابلها مع لويز، علشان أودعها.
أجار :
عجيبة عليك، هو أنا كبيرة ولا إيه؟ أنا لسة صغيرة ولا يصحش أكون واسطة لغيري، ودلوقت اسمح لي أقول لك، إنك مافيكش نظر ولا بتفهمش. أتفو (تخرج) .
البرنس :
أتفو عليك وعلى أبوك واحدة مجنونة ما تختشيش. آه يا ربي، بقى سوء حظي ما يوقعنيش إلا في توتا مبولينا مراة عم لويز، ويخليها دلوقت موش عايزة تشوف وشي، ولكن قلبي موش مهاودني على السفر من غير ما أشوف حبيبتي. أشوفها بس كمان مرة وأسافر، وهناك في إسبانيا أتخيلها في صحوي وفي منامي، وأبكي دايما وأنوح وأحن لذكراها. آه يا لويز آه.
لحن
أيامك الحلوة يا قلبي
كنت افتكرها دايمة لك
وأحسب حياة الروح جنبي
العمر والمدى باقية لك
على نن عيني أودعها
وأرحل وأفوت روحي معاها
مقادير ما حدش يمنعها
أبكي وأحن لذكراها
إن عشت واتعوض صبري
عهد الغرام ينعاد تاني
وإن مت ونادتني في قبري
يتحرك الجسد الفاني
الكونت (يدخل) :
أنا موش عارف وديت كتابي فين ياخوي. أوه البرنس؟
البرنس :
أيوه يا جناب الكونت.
الكونت :
وجنابك بتعمل إيه هنا؟
البرنس :
لا، أنا جيت أودعك علشان مسافر على وطني إسبانيا.
الكونت :
طيب يا سيدي مع السلامة.
البرنس :
بردون يا جناب الكونت، إزاي تعاملني المعاملة الخشنة دي، وانت كنت وياي في غاية الذوق؟ وأول مرة قابلت فيها جنابك، قابلتني كده بكل حفاوة.
الكونت :
معلهش، دا بس وقتها أنا كنت بأجهل الشيء اللي عرفته عنك دلوقت.
البرنس :
غريبة! ودلوقت عرفت إيه؟
الكونت :
عرفت كل شيء. يعني عرفت علاقتك الغرامية مع الست إياها دي اللي اسمها توتا مبولينا، وإذا حبيت تاخد رأيي في الموضوع ده، أنا أنصحك إنك تربط علاقتك مع المدام دي تاني. أما من جهة لويز، ما تفكرش أبدا في كونك تشوفها.
البرنس :
ليه بقى؟
الكونت :
علشان مراتي بتعارض في جوازكم ببعض، باسم الآداب العمومية.
البرنس :
آه فهمت، بقى كده المسألة.
الكونت :
أيوه، وأخيرا اتفقنا نجوز لويز لشاب راضية عنه مراتي، ومبسوطة منه.
البرنس :
غريبة! ومين العريس ده من فضلك؟
الكونت :
الشاب المؤدب ده اللي اسمه بيبيرون.
البرنس :
يانهار إسود! بيبيرون بتقول؟
الكونت :
أيوه المساعد بتاعي، صحيح إن وشه إسود، ولكن راجل جد ولا يعرفش المسخرة، ولكن انت يا جناب البرنس، ماعنديش لك إلا كوني أتمنى لك السفر البعيد، وأقول لك مع السلامة (يخرج) .
البرنس :
أما غريبة دي! بقى لويز الجميلة دي حايجوزوها لواحد زي ده؟! لا لا، يستحيل.
بيبيرون (يدخل) :
جنابك هنا يا برنس؟ إيدك بقى على ألوف الفرنكات، أدنت خلصت والأشيا معدن ياخوي.
البرنس :
خلصت إيه يا إسود الوش، دا أنا حاخلص على عمرك خالص.
بيبيرون :
الله، إنت جرى لك إيه؟ حاتقل ذمتك؟
البرنس :
ذمتي إيه يا دون؟! بقى تاخد مني حبيبتي وعايز فلوس كمان؟!
بيبيرون :
الله الله! وده مين اللي قال له إن الكونتيس حبتني! لا ما تضحكوش، ده مجنون يصدق.
البرنس :
وما دام أنا موش حاتجوزها، يستحيل إنك تتجوزها أبدا وأنا موجود.
بيبيرون :
أتجوزها ! أتجوزها إزاي؟ جنابك موش عامل حساب الكونت؟
البرنس :
أيوه، وعارف إنه حايجوزها لك وراضي بكده.
بيبيرون :
يجوزها لي إزاي؟! يعني يجوزني مراته؟!
البرنس :
مراته يعني إيه؟ أنا بأكلمك بخصوص لويز يا إسود الوش.
بيبيرون :
غريبة! ومين حشر لويز في وسطنا؟ دي الكونتيس اللي بتحبني ودايبة في جمالي.
البرنس :
الكونتيس؟ أيوه قول له كده طمنتني الله يطمن قلبك.
بيبيرون :
غريبة! إنت موش كنت زعلان علشان الكونتيس؟
البرنس :
وأنا إيه اللي يهمني أنا ما صدقت أخلص منها، ولكن اللي تهمني صحيح هي حبيبتي لويز اللي أنا باعبدها، ولها هي أنا جيت هنا مخصوص علشان أودعها الوداع الأخير.
بيبيرون :
الوداع الأخير، ليه إنت حاتنتحر؟
البرنس :
لا أبدا أنا حاودعها الوداع الأخير وأسافر بكره على بلدي إسبانيا.
بيبيرون :
آه، لا ما تفتكرش، أنا حالا أجيب لك هنا لويز، وتنزلوا في بعضكم توديعات ومغازلات وتأوهات لما تقولوا بس.
البرنس :
آه يا بيبيرون، دانت موش بني آدم أبدا.
بيبيرون :
موش بني آدم، أمال حمار؟
البرنس :
لا دانت ملاك (يهم بضمه) .
بيبيرون :
لا لا حاسب، استنى أما أبعتهالك، أهي هي اللي تستحمل رذالتك (يخرج) .
البرنس :
أيوه، أديني حاشوفها قبل ما أسافر وتبرد ناري شوية. يا سلام قلبي بيطب كده ليه! آه. أهي جت أهي.
لويز (تدخل) :
إيه يا برنس، جنابك عايزني ليه؟
البرنس :
لا بس ... بس أنا جيت أسلم عليك قبل ما أسافر.
لويز :
يا سلام، وعلشان إيه كده، كان أحسن توفر عليك كل التعب ده يا برنس (يطل بيبيرون والكونتيس) .
البرنس :
يا سلام يا لويز، إنت ما تعرفيش إن صورتك الجميلة دي، حاتفضل ملازماني كده طول مدة حياتي، وحبك حيكون خالد في قلبي إلى الأبد.
لويز :
لا مافيش فايدة يا برنس، الأحسن تجتهد إنك تنساني؛ لأن بيني وبينك هوه يعني فيه واحدة ست تانية بيناتنا.
البرنس :
مين دي؟ مراة عمك يعني؟
لويز :
أيوه، ولا يمكنش إنك تكون هنا من ضمن الفاميليا، بعدما كنت عاشق مراة عمي.
البرنس :
مراة عمك إيه يالويز، وهو يصح إن واحدة زي دي تكون مراة عمك انت، واجب عليك دلوقت تخبري عمك بسير الست بتاعته، علشان ما يخلص منها؛ لأن دي وصمة في شرفه وشرف العائلة، وبعد كده يروق لنا الجو، ويصح إني أتجوزك ونعيش في الهنا والسعادة.
لويز :
لا يا برنس يستحيل، أنا ما يصحش أستعمل وسائل دنيئة زي دي وأخرب بيت عمي، وأفضح الست بتاعته، علشان ما اتحصل على غرضي، لا أنا أفضل إني أعيش في غاية التعاسة ولا أعملش العمل ده أبدا.
البرنس :
ولكن ليه يا حياتي ما تجيش معاي إسبانيا بعدما أتجوزك، وهناك ضروري حاتنسي اللي مضى؛ لأن تذكاره حيكون بعيد عنا!
لويز :
من الأسف يا برنس، مراة عمي بتحبك وبتعارض في جوازنا، والمقادير ماسمحتش إننا نتجوز بعض ونعيش سعدا.
الكونتيس (تدخل مع أجار وبيبيرون) :
تعالوا يا جماعة تعالوا.
لويز :
آه، مراة عمي!
الكونتيس :
لا يا لويز ماتخافيش، أنا ثبت لي دلوقت إن الحب الطاهر الشريف يستحيل الانتصار عليه أبدا، وحيث إنك أظهرت لي مكارم أخلاقك، ومع حبك الشديد ده للبرنس، ما قلتيش حاجة لعمك لحد دلوقت، أنا عايزة إنك تكوني سعيدة ومتهنية.
لويز :
مرسي يا مراة عمي.
البرنس :
أشكرك يا بيبيرون.
أجار :
ودلوقت إيه رأيك في يا بيبيرون؟ أسافر على أمريكا أنا روخرة؟
بيبيرون :
آه، بقينا في صاحبتنا رخرة.
كونتيس :
لا علشان خاطري يا بيبيرون، ما دام بتحبك اتجوزها.
بيبيرون :
إذا كان كده مافيش مانع، خليها تروح تحلق دقنها هي اللي تتجوزني.
الكونت (يدخل) :
إيه، البرنس هنا مع لويز، من فضلك يا برنس، أخرج من بيتي حالا.
الكونتيس :
لا لا، يا جناب الكونت، أنا صرحت لهم بالجواز ولازم توافق على كده.
الكونت :
ما دام انت سمحتي لهم بالجواز، هو أنا حاقدر أخالفك يا حياتي، اتجوزوا واتمتعوا وادعوا للكونتيس مراتي.
بيبيرون :
ودلوقت يا جماعة، أنا حاقول لكم نصيحة عالهامش.
الجميع :
أيوه نسمعها.
بيبيرون :
أولا: اللي عنده بنت جميلة وصغيرة، ما يضيعش بختها ويخالف الطبيعة ويجوزها لعجوز زي صاحبنا. وثانيا: إنه يجوزها لشاب يليق لها وسنه من سنها، وتكون العينة من دي ... وآدي النصيحة اللي عالهامش. أرجوكم تعملوا بها وتسمعوا نصيحتي لصالح العائلة والأمة.
البرنس :
يعيش بيبيرون.
الجميع :
يعيش بيبيرون.
لحن
نصيحة عالهامش يا اخواننا
لكل أب يخاف على بنته
ما دام شباب لازم تتهنى
بشاب هيه من عينته
حرام عليه بشوية مال
يبيع صبية لحد عجوز
دي مشكلة وعاقبتها وبال
وده ظلم لا يحل ولا يجوز
رواية مافيش منها
كوميدي أوبريت ذات ثلاثة فصول، بقلم الأستاذ بديع أفندي خيري، العرض الأول بتاريخ 24 / 4 / 1929
الفصل الأول (المنظر: صالون في منزل عثمان أفندي.)
لحن الشيالين (يدل معناه على أنهم رتبوا جهاز العروسة، وأخذوا أجورهم بسخاء ويتمنون السعادة للعروسين ثم ينصرفون.)
الشيالين :
الفرش حرير يا زينة
والطقم لاكيه يا زينة
والكوز الزير يا زينة
لزمتهم إيه يا زينة
والهون والجرن
وبلاطة الفرن
والمنخل والفلاية
والمنفاخ والدفاية
والصناديق حمرة وصفرة
وأودة نوم أفرنجية
وبدال ترابيزة السفرة
جايبين شلته وطبلية
وصدق من قال
في قديم الأمثال
الدقة تقول للدقة
عمر الفلح ما يترقى
القصد يا حاج إمام
مالناش في المسألة حشرة
دفعوا لنا الأجرة تمام
وفوقيها حتة بعشرة
وبحبحونا وريحونا
يجعلها جوازة مبروكة
للبربري ولست الدار
والحساد في عينهم شوكة
أيو الله بجاه المختار
الفرش حرير يا زينة
والطقم لاكيه يا زينة
والكوز الزير يا زينة
لزمتهم إيه يا زينة
شحتوت (داخلا وهو يغازل فرحانة) :
آه يا كحكة، يا سكر انتي بلدنا يا موز خالص.
فرحانة :
ماتختشي بقا يا شيخ، بلاش معاكسة أمال يا شحتوت.
شحتوت :
يا روح شحتوت، يا بطارية نور عينين شحتوت، يا زر مفتاح كهربة مراوح قلب شحتوت.
فرحانة :
اسمع والنبي، خلينا في الجد، ماعنديش وقت للهزار.
شحتوت :
مايهمش، أنا عندي وقت، باحبك يا فرحانة.
فرحانة :
ديهدي.
شحتوت :
مادهداش ولا حاجة، هو احنا مش بلديات، إخص عليكي.
فرحانة :
وهو بقا عشان ماحنا بلديات تقوم انت خلاص تخليها خل، وأنا بس لوحدي اللي بلدياتك، مافيه عشر تلاف واحدة غيري كلهم بلدياتك زيي.
شحتوت :
ومستعد أنا راخر أدوب فيهم العشر تلاف، هو كتير يعني عالقلب لما يدوب في عشر تلاف حرمة!
فرحانة :
دلوقتي فضنا من كده، مش ده اللي أنا جيه هنا عشانه، إنت قلت لي إن سيدك عثمان أفندي حايتجوز النهارده، وللسبب ده عزمتني مخصوص لأجل ماتفرجني على جهاز العروسة.
شحتوت :
حافرجك حتة حتة، بس عالمهل كده مش حمري جمري، أهو الوقت قدامنا طويل، وكمان لأجل بختك الدنيا رايقة، لا حد ولا محتد، سيد عثمان أفندي مسافر من ليلة إمبارح يجيب العروسة من بلدها ولا يرجعش النهارده قبل الساعة حداشر.
فرحانة :
ويا ترى حلوة العروسة يا شحتوت؟
شحتوت :
حلوة وحشة هي مش كتر خيرها كمان اللي رضيت تتجوز عريس بربري زي ده.
فرحانة :
بربري لكن عقبال الحبايب، مرشوش وكسيب ومالك وقته.
شحتوت :
هو من جهة كده - صحيح سبحان العاطي، إسود الوش - أقل سعر بيطلع له من شركة السباخ اللي هو عامل فيها وكيل بعشرين تلاتين أربعين أهيف.
فرحانة :
وطبعا العروسة دي لازم أهلها ناس متيسرين.
شحتوت :
أهم زي حالتنا فلاحين من بتوع الدقهلية، بس يعني صحابات أطيان وأملاك، أبوها لوحده عم الحاج شاذلي يحتكم له على تلات بوابير طحين وستين فدان.
فرحانة :
والله عرف ينقي عثمان أفندي. اسمع يا شحتوت، إن لزمهم بعد الجواز خدامين زيادة، تبقى وحياة عينيك ماتنسانيش، هه.
شحتوت :
ليه بقى؟ هو انتي يا فرحانة طلعتي من عند الدكتور زعتر؟
فرحانة :
ماطلعتش لكن ...
شحتوت :
آه، مانتيش مبسوطة يعني، فيه انزباط في العيش واللحمة والتناتيش والتحابيش.
فرحانة :
وغير كده راجل حمقي ولسانه طويل، يشخط وينطر والبعيد سحنته مقلوبة وغيار موت على الست بتاعته.
شحتوت :
مش البت الأفرنجية اللي اسمها ...
فرحانة :
فيفي.
شحتوت :
هي مش أصلها كمريرة عنده في البيت، يرحم زمان.
فرحانة :
لكن اتجوزها دلوقت وخلاص.
شحتوت :
أسكتي بقا ماتخليش الواحد يتكلم.
فرحانة :
عارفة اللي انت عايز تقوله، ماهو كله على يدي، يوماتي على الله يطلع من هنا وتتذوق بسلامتها وتتغندر وتنها خارجة، لكن على فين، أهو ده اللي ماحدش لسه فاهمه.
شحتوت :
أنا مديكي حق، بيت زي ده، مايصلحلكيش أبدا تقعدي فيه دقيقة واحدة، أيوه، ده شيء يفسد تربيتك دانتي واحدة م المخدرات.
فرحانة :
قد إيه بأصلي من ربنا يا شحتوت يجعل لي قسمة في بيت ويكون فيه (مطرقة بخجل)
واحد من بلدياتي.
شحتوت :
يا حوستي ياني عالبيت الشعر اللي في المحسوس، يا عواطف، يا خارجة يا بنت ال ...
جمعة بك (داخلا في يده صندوق كارتون) :
حمار ... عربجي قليل الأدب.
فرحانة (مذعورة) :
يا ندامتي، ده مين ده؟
جمعة بك :
تلاتة صاغ مش عاجبينه! يتفلق ... مشوار ما يستغرقشي ساعة ونص.
شحتوت :
سيبك منه، ده راجل معبوط ودهوان فوب ... اسمه عم جمعة بك، يبقى حضرته خال العروسة.
فرحانة :
أخش فين قول لي قبل ما يشوفني.
شحتوت :
هو ده بيشوق قد كده، وأطرش كمان وحالته مضعضعة.
فرحانة :
أمرك.
شحتوت :
خدي بالك أهو (يتجه إلى جمعة بك)
إنت يا هباب الطين انت (يخاطبه على مسافة) .
جمعة بك :
ورحمة الله يا بني وبركاته.
فرحانة :
يا ندماتي، بركاته إيه المنيل، وسيدك عثمان أفندي بيطيق يتكلم مع ده إزاي؟!
شحتوت :
دلوقت مايعرفش إنه أطرش، لسه يدوبك، يومين تلاتة، وأنا لولا خدت واديت وياه قبل كده ماكنتش رضيت على فرحانة (إلى جمعة)
وإيش حدفك علينا الساعة دي يا ...؟
جمعة بك :
حفظت أشكرك، لسة شارب تلات فناجيل دلوقت.
شحتوت (إلى فرحانة) :
هه، جالك كلامي (إلى جمعة)
قطعت علينا الحديث اللي زي الشهد، جتك البلا في جتتك.
جمعة بك :
أنا وانت يا بني وكل مشتاق للفرح أيوه الله.
شحتوت :
إن شاء الله انت لوحدك يا بعيد.
جمعة بك :
لا والنبي، عافيني، ما أقدرش أبدا، حتى متغدي وشبعان والحمد لله، (على حدة)
آدي الخدامين صحيح ولد مؤدب (إلى شحتوت)
هي العروسة ماوصلتش لسه؟
شحتوت (بصوت عالي في أذنه) :
زمانها في الطريق يا عم جمعة بك.
جمعة :
عظيم، وحيث كده خدي هنا لما أقول لك يا شاطرة، تعرفي تشيلي الصندوق ده، بس بشويش خالص اعملي معروف لحسن ينطبق، دخليه جوه، في أودة العروسة، أيوه هدية مشيعاها بنتي أنا.
فرحانة :
حاضر (على حدة)
أهي دي فرصة لأجل أتفرج بالمرة عالجهاز عقبال ما يهادوك كده بالكفن عن قريب (تحمل الصندوق وتخرج) .
شحتوت (إليها وهي خارجة) :
ثالث أودة على شمالك يا فرحانة.
جمعة :
أهو والسلام شيء يجبر الخاطر. مروحة من شغل الهند فيها نوع من ريش النعام مايتوجدشي أبدا إلا في بلاد زنجبار.
عثمان (من الخارج) :
أيوه قلت لك، حل الحصان من الكارتة يا نور.
شحتوت :
دهدي، حتى عثمان أفندي، إيش جابه دلوقت قبل الميعاد؟
جمعة (يخرج من جيبه جرنال) :
لما تتطمن على بورصة القطن، أما لو يتلحلح كمان ريال بس.
عثمان (داخلا) :
أحسن أعوذ بالله، ده كان مشوار معقد، وأنا الحق علي كمان اللي أركب حصان، عينيه فارغة، لا مخلي طول السكة زعازيع قصب وقشر بطيخ ابن الكلب، برنيطة قش يعتر فيها واحنا جايين، يقوم بأسنانه ولا ينفعني منها غير الجثة دي (بيده القبعة) .
شحتوت :
حمد الله ع السلامة يا سيدي.
عثمان :
هس خليني في حالي انت راخر، بلا سلامة بلا مورتادلا، صباعي يا حفيظ حايتفرتك من الحرقان، خش اجري قوام ناولني قزازة صبغة اليود من جوه.
شحتوت :
أخ، كفى الله الشر، فيه إيه طالع لك فسفوسة؟
عثمان :
ياخي جك فسفوسة في قرعة أبوك، حاتضرب لي محدث ماترغيش قلت لك. الحقني اخلص (يخرج الخادم)
أف، دي شوكة إيه دي اللي زي ... يا هوه.
جمعة (وهو يقرأ الجرنال) :
يا مغيث يا رب، ده نحس إيه الدكر ده! أعمل فيهم إزاي يا عالم؟!
عثمان :
دهدي، بسم الله الرحمن الرحيم، هو فيه حد هنا والا إيه؟
جمعة :
ريالين مرة واحدة! كان الواحد زرع فول، آل قطن آل.
عثمان :
آه ده الراجل إياه اللي قالوا لي عليه يبقى خال عروستي، الظاهر إن القطن لخبط كيانه خالص (متجها إليه)
أهلا وسهلا، أتاري البيت منور (يمد يده للسلام فيتنبه جمعة ويهم فيعانقه) .
جمعة :
مين، عثمان أفندي، تعال أما أبوسك تعالى مبارك يا بنت أختي مبارك، عريس، إن شاء الله يا بني.
عثمان :
ربنا يحفظك (على حدة)
أسفخص، هو يعني فرض لازم البوس، اللي يعرف ده، ريحته بدنجان مخلل (إليه)
طيبون إزاي حضرتك كده؟
جمعة :
كتر خيرك، ما أشربوش.
عثمان :
هو إيه ده ياخويا اللي ماشربوش؟! الراجل من بلوة القطن عقله كده ليه!
شحتوت :
القزازة اللي عندنا يا سيدي لقيتها فاضية (وهو يقدمها بيده) .
عثمان :
فاضية! غور، فضيت حبابي عينيك ومستني إيه يا بارد؟ صباعي ملهلبني م الصبح. امسك أدي حتة بخمسة، طير عا الأجزخانة قوام (يخرج)
خدامين بالبلا، داهية تسم لي (إلى جمعة)
حضرتك آنستنا.
جمعة :
أي نعم، عمرك أطول من عمري، ما هو ده اللي كنت عايز أسألك فيه بالضبط؛ لأني اتوغوشت من تأخيرهم لحد دلوقت.
عثمان (على حدة) :
ليه الخترفة دي؟ الراجل دماغه مش وياه أبدا، القطن مجننه خالص (إليه)
مافيش لا سمح الله وغوشة ولا حاجة، كلها مسافة نص ساعة وتكون الزفة وصلت على هنا بالعروسة والمعازيم والكل كليلة.
جمعة :
يا خبر! ما تقولش كده يا عثمان أفندي، هي المسألة بالبياض والسواد؟
عثمان :
بياض مين وسواد مين؟!
جمعة :
إخص عليهم يقلوا حياهم ازاي؟ ويقولوا كلام فارغ زي ده؟ معلش امسح العيبة دي في دقني، ما يكونش عندك زعل أبدا.
عثمان :
لا حول الله، يا ريته ما كان زرع ولا قطن ولا دياولوا، أكلمه في الشرق يرد لي في الغرب (إليه)
هو أنا قلت لك إن حد جابلي سيرة بياض والا سواد يا أخينا، دول الناس حتة الشهادة لله قابلوني بالحضن وشالوني في البلد على كفوف الراحة (على حدة)
أنا زي اللي باتكلم مع طرش.
جمعة :
فشر قطع لسانهم، وكيل شركة الصباخ حاجة صغيرة دول بهايم. الصباخ اللي عليه جدار الزراعة، الصباخ اللي كسب دهب أحمر، هي الأرض إن ماكنتش تنصبخ يا مبارك ...
عثمان (على حدة) :
يظهر يا مبارك موش حايتصبخ إلا حضرتك النهارده. إخيه دي ما اظنش حكاية قطن ولا توهان أفكار، دي لازم لحسة جات له.
شحتوت (داخلا) :
بتلاتة ونص صاغ أهه (يعطيه زجاجة)
وآدي الباقي (يقدم نقود) .
جمعة :
الله يكسفهم الجماعة ناس قلالاة الحياء ، قال يستعروا من سواد وشه قال!
عثمان :
وبعدين يعني في اللطخ ده اللي حايفور دمي كده من غير مناسبة.
شحتوت :
يفور دمك! وهو ده يندق عليه موش بعيد عنك أطرش؟!
عثمان :
إيه، أطرش (إلى جمعة)
يخرب بيت أبوك، وأنا زي الحمار عمال أقلب مخي وياك الفاضي وراخر المغفل نسيبي لما عرفني بالفاميلية ماكانش يفنط لي الطرش اللي فيها والعواجز والأصناف الخردة اللي زي دي (يناوله الزجاجة)
خد امسك، أدلق شوية هنا على صباعي بس بشويش (وهو يتألم)
آه ياني يا عقلة صباعي ياني، وصباعي أنهو صباعي اللي بألعبه تحت الأكل!
شحتوت :
يا ولداه! جرح باين عليه صعب، وده كان سببه إيه يا ترى؟
عثمان :
سبب مطين، وأنا جاي على هنا دلوقت وسايق الكرتة على آخر سرعة في وسط السكة الزراعية اتنطر الكرباج مني وراح طاير بعيد.
شحتوت :
يا خسارة دي كانت إيده فاضية.
عثمان :
ما هو علشان كده ماهانش علي راخر، والإنسان داخل على جوازه جديدة، ومين عارف مؤدبة موش مؤدبة يمكن الإنسان يحتاج له. ما علينا وقفت العربية ونزلت أدور عليه، وفين وفين لما عترت فيه. متلفح ع الجسر ومغروس في وسط القش والحلقة، بس با أمد إيدي علشان أجر الكرباج وتروح شاكاني في صباعي حتى ملاية تقول للصواريخ قومي.
شحتوت :
وأنا أقعد بدالك أجرنك بتتوجع.
جمعة (وهو يقرأ الجريدة) :
يا ستار يا رب، ده خراب مستعجل حتى أمريكا روخره تضرب السوق!
عثمان :
جاك عقربة تلوشك. أنا أخدت الكرباج ورجعت أدور على الكرته مفيش كرته.
شحتوت :
أزاي بقى؟ صعبتها.
عثمان :
ماصعبتهاش ما أنا جاي لك، فضلت ألف يجي نص ساعة لحد ما استدليت عليها، وتعرف لقيت الحصان الفجعان بياكل في إيه؟
شحتوت :
في إيه يا ترى؟ في زبالة؟
عثمان :
في برنيطة قش ومزروعة كده بريش نعام لكن مفتتها حتت (يخرج من جيبه قطعة من برنيطة قش مزخرفة بريش نعام في حالة تكسير) .
جمعة (يكون قد اقترب منهما) :
ده ليه ياخوي الريش الملون ده؟ عن إذنك يا جوز بنت أختي ، وريني يا سلام! تمام زيه (يتناول القش) .
عثمان :
بيقول إيه النطع ده ؟ هو فاهم حاجة بس؟
شحتوت :
خلقته كده، يحشر نفسه زي العمل الرضي.
جمعة :
الصنف هو مظبوط، بالك الريش المصبوغ المكسر ده يا جوز بنت أختي ...
عثمان :
نعم.
جمعة :
النعام بتاع زنجبيل فقط، اسأل مجرب تعرف يا جوز بنت أختي أنا جايب ...
عثمان (مقاطعا) :
ياخي ده انت رغاي داوشتني (يتحول عنه)
أعوذ بالله، ده إيه الحمة ده! أنا عارف ليه ربنا ماكانش يخلقه أخرس.
شحتوت :
هات يا شيخ كده (يجر القش من إيده) .
جمعة :
غريبة هم يا خوي محموقين كده ليه؟ الظاهر إنهم موش ريقين لي الساعة دي. أنا واصل يا جوز بنت أختي لغاية بره بس مسافة ما تكون وصلت الزفة وراجع تاني (يهم بالخروج) .
عثمان :
يا سيدي اتفضل، طريق الموت اللي يلمك ويجعل لك في خطوة خرارة.
جمعة (وهو خارج) :
جمعا يا بني ربنا يسترك ... بني آدم الحق لك عثمان أفندي ده.
شحتوت :
وأنا تعوز مني حاجة حضرتك؟
عثمان :
لا روح شوف شغلك.
شحتوت :
عن إذنك أمال (يخرج وفي يده قش البرنيطة) .
عثمان (وحده) :
أنا موش فاهم ليه داخل علي وهم الجوازة الفلاحي دي، الواحد بيقول إن أهلها ناس دافينين، لكن منظرهم كمان بيفضح قدام العالم؛ اللي بيجرر في بلغته واللي متشعلق لي في دقنه وحاجة مزبلاوي خالص. أنا عملت عين الجد في الاختراع ده اللي اخترعت لهم بالكدب لأجل الكتاب ماينكتبش هنا في البيت واتهزأ في وسط الجيران وأهل الحتة معلوم أهم صدقوا إن صاحب الملك اللي أنا ساكن عنده متوفي مالوش جمعتين لجل ما تبقى معقولة كون الفرح يتعمل في أيها بيت من بيوت قرايبي وننتهي.
المتر فرفوش (داخلا ومعه فيفي براسها عريانة) :
خشي يا عزيزتي تعالي أنا أعرف شغلي وياه وياي أجعص منه كمان.
عثمان :
أصله إيه ده يا خوي بيقول على مين؟ (إليه)
إنت يا سيدنا عايز ...
فيفي :
هس، إنت المسئول مالناش دعوة، ليلتك سودة.
عثمان :
إزاي بقى؟ يطلعوا مين دول يا ترى اللي ما شفتهم قبل كده؟
المتر :
اتقفشت يا حظ.
فيفي :
كنت بتحسبنا موش حانلحقك بالأوتومبيل.
عثمان :
الناس دول لازم مجانين، مانيش قادر أفهم إيه المناسبة للكلام ده.
المتر :
أقعدي يا مدام (يقدم لها كرسي) .
عثمان (على حدة) :
تقعد، هم ناويين يلزقوا هنا؟ شيء بارد الزفة دلوقت جاية!
المتر :
يا حضرة المحترم انت من إيمة ساعتين دلوقت كنت سايق كاريته على آخر سرعة في طريق السكة الزراعية.
عثمان :
نعم وحضرتك من قلم المرور؟
فيفي :
والكارتة دي حصانها بالأمارة أحمر على أبيض.
عثمان :
أحمر والا أخضر موش الغرض، إيه الحصان عاجبكم؟ تحبوا تشتروه؟
المتر :
وكنا احنا الاثنين أنا والمدام قاعدين هناك نتريض في الهوا الجميل والبرنيطة بتاعة الست ...
عثمان :
برنيطة، آه قربت أفهم.
فيفي :
البرنيطة اللي ريشة واحدة منها بتمن حصانك، كنت معاها ومعلقها جنبي في الشجرة.
عثمان :
غلطانة حضرتك، وتعلقها حضرتك في الشجرة ليه، هي الشجرة دي شماعة؟ (على حدة)
بالتأكيد هي اللي كالها الحصان، وآدي مشكلة جات لنا من باب لله.
المتر :
الهوا حرك الشجرة، البرنيطة طارت، تعرف مين لقاها؟
فيفي :
الحصان بتاع حضرتك. الحصان الجعان. قليل الأدب فرتكها لي فتافيت.
عثمان :
يا بنتي لكي علي تحت ما عمل كده، أرنه لك الليلة حتة علقة تورم جتة أبوه.
المتر :
ده موش كفاية.
عثمان :
أمال يعني أوديه اللومان؟ أعقد له مجلس تأديب؟ أنزله درجة يرجع حمار؟!
المتر (وهو يقرب الكرسي بشدة) :
يا مسيو موش ده اللي احنا عايزينه.
عثمان :
الكرسي حاتحلقه؟ الله! ده شيء غريب، هو أنا اللي كلتها بتحتد علي.
الحاج شاذلي (من الخارج) :
أيوه عقبال عندكو اتفضلوا يا بلادينا، يا ليلة يا ليلة بيضة.
عثمان (على حدة) :
أخ، ده نسيبي، بس بقت زحل.
فيفي :
إيه حد جاي؟
عثمان (على حدة) :
أعمل إيه دلوقت لو شاف صاحبتنا دي؟ حايفتكر في طبعا أفكار موش لطيفة. ده راجل ظنه وحش وعقله زي المسطبة.
الحاج شاذلي (من الخارج أيضا) :
ما شاء الله، ما شاء الله!
فيفي :
قرقوش اسمع، أنا ما أقدرش حد يشوفني هنا لا يمكن يكون له معرفة بجوزي تبقى مصيبة.
المتر :
يا حضرة المحترم إحنا موش حاننتقل من هنا، وزع اللي جاي لك ده وابقى اندهنا من الأودة اللي جنبك. خشي يا توتو (يخرجان إلى الغرفة التي إلى اليمين) .
عثمان :
تخش على فين بس، هي وكالة؟ أما تلاقيح يا اخواتي، أخ يا ناري بس إن ماكنتش خايف من قدام نسيبي (يدخل الحاج شاذلي ومعه فريق من الفلاحين، ويلاحظ أن الحاج شاذلي يحمل قصرية ريحان. ويقولون لحن فلاحي عن التهنئة بالعرس يشترك فيه عثمان) .
الفلاحين :
يا نهار الهنا والعز
عثمان :
يا نهار الغم
الفلاحين :
والأكل الطعم أبو وز
عثمان :
كلتو السم
الفلاحين :
والبالوظة والبطاطس
والكازوزة اسباتس
أبسطها الليلة يا باسط
عثمان :
يبسطها منين يا حيطان
الفلاحين :
أبو عفان أشيته هاصت
عثمان :
أبدا كدب دا وحلان
الفلاحين :
جايين فاتحين أوداننا
للسمع إلهي ألبي
من عبد اللطيف البنا
وسي صالح عبد الحي
والقانون الحلو يرن
والكمنجة المكن تزن
ويقول الصيت ويغني
إن ما كان ده يكون إن
عثمان :
يا حصان المخسوف
إن أكال البرانيط إن
الفلاحين :
إن ما كان ده يكون إن
إن ما كان ده يكون إن
إن ما كان ده يكون ده
إن ما كان ده يكون إن
عثمان :
نتشها بقا وبلعها حلقك ما كانش أملي الله يضايقك.
شاذلي :
يا حلاوة على جوز بنتي يا حلاوة، قد إيه يا عثمان أفندي بيتك عاجبني ربع يا واد أنت وهو ربع. في الطراوة.
عثمان :
آه دخلنا بقى في الجليطة، ما هو ده اللي أنا حاسب حسابه.
طلبه :
دي النومة فوق البساط الناعم اللي زي ده ترد الروح، تجيش نكوع هنا حبتين يا حاج شاذلي؟
عثمان :
إيه هو اللي يكوع الحمار ده! إحنا ماعندناش فضاء يا سيادنا، بدنا لسه نفوت على المأذون نجره معانا، ونروح سوا نكتب الكتاب في بيت قرايبي.
شاذلي :
وعلى إيه ما تشيع له يجي هنا وخلاص.
عثمان :
يجي هنا ازاي؟ وصاحب الملك اللي متوفي لسه طاظة مابقاش له حاجة، لما الجيران يسمعوا الزيطة والهيصة أودي وشي منهم فين؟!
شاذلي :
مادايم إلا وجه الله ، يعني هو كان بيرحمك في الأجرة ماتدقش يا أخي.
عثمان :
إلا مادقش دي كمان، سبحان الله! ما تعرفش إن فصل زي دي يمكن ننطخ فيه علقة من قرايب المرحوم؟ (على حدة)
إحنا في اللي جوه دول أعمل فيهم ازاي دلوقت؟ (إلى الفلاحين)
قوموا بنا اتفضلوا بلاش عطلة، أيوه ياله نشوف حالنا من بدري، والا تحبوا نأجل الجوازة لقدام شوية.
شاذلي :
إيه إيه، نأجلها؟! والعروسة الملطوعة تحت دي.
عثمان :
أمال حيث كده مالناش وقفة هنا، ناخدها على بيت قرايبي، وبعد ما يتم كل شيء نبقى نرجع سكيتي على هنا.
شاذلي :
عظيم، انزل معانا فوت بينا يا واد يا طلبة فوت. قدامنا يا عثمان أفندي.
عثمان (على حدة) :
قدامهم فين، واللي مبلطين لي هنا دول؟ (إليهم)
أيوه محصلكو حالا بس على بال ما أخش أغير الياقة دقيقة واحدة، اسبقوني لحد ما أجي.
شاذلي :
ما تتأخرش، هه، العربيات تحت قدام الباب والحريمات زمانهم يستعوقونا شهل يا عثمان أفندي (يخرجون) .
عثمان :
أف، يا حفيظ، دول كابوس. القصد بركة اللي عرفنا نوزعهم، عقبال اللزقة اللي جوه روخره، أما نشوف لنا طريقة نضربهم بقى. اتفضلي يا مدام.
المتر (داخلا ومعه فيفي) :
شوف يا حضرة المحترم.
عثمان :
خدنا بقى لا تشوف، اعمل معروف أنا دماغي موش رايقة لللت والعجن دلوقت، يلعن أبو البرانيط على أبو الأحصنة على أبو النهار اللي زي بعضه ده.
فيفي :
يعني إيه؟
عثمان :
يعني تتفضلي انت وهو من غير مطرود، لأحسن بعدين موش حايحصل طيب، أيوه أنا راجل شراني وانتم مالكوش وجود هنا بالكلية، فاهمين؟
المتر :
يا حضرة، اللهجة بتاعتك دي غير مؤدبة، إن ماكنتش حاتغيرها وتحترم مركزنا يكون في معلومك أنا محامي المادة 624 عقوبات ...
فيفي :
وأنا من جهة تانية أفهمك إن الجوازة بتاعتك اللي احنا سامعين حكايتها من جوه، في إمكاني أخليها لك تتقندل في ظرف 5 دقايق.
عثمان (على حدة) :
تعمليها ولا حاجة مفيش طريقة غير كونها بالإنسانية.
شاذلي (من الخارج) :
هو جرى إيه؟ ما تخلص يا جوز بنتي.
عثمان (داخلا) :
أيوه جاي أهه (على حدة)
يادي الحوسة، يا ستي أنا في عرض أبوكي شوفي تستاهل كام البرنيطة أدفع لك تمنها وننفض.
فيفي (ناظرة باهتمام إلى الداخل) :
آه، مين يا فضيحتي!
المتر :
مالك بس قوليلي؟
عثمان :
الله! جرى إيه تاني يا ربي؟
فيفي (إلى المتر) :
بس شايف، موش البنت فرحانة اللي قاعدة هناك؟
المتر :
أيوه، الخدامة بتاعتك هي بعينها ودي إيش جابها دلوقت هنا؟
عثمان :
يا اخواتي مانيش فاهم حاجة أبدا، ماتحكوا لي.
شاذلي (من الخارج) :
إنت، يا أخينا، إنت يا عثمان أفندي.
عثمان (صائحا) :
أيوه خلاص، بس الكرفتة معاكساني شوية (إليهما)
يا سيدنا الفندي، أنا من فضلك اتنين جنيه تحت أمرك أهم اشتري لها برنيطة جديدة.
المتر :
جديدة مين وقديمة مين!
فيفي :
بعد إيه، بعد الخدامة بتاعتي ما فقست كل حاجة.
عثمان :
أنهي خدامة بس؟ الله ينكد عليك يا حصان الكلب.
فيفي :
وماسكة في إيديها الحتة اللي فضلت من البرنيطة!
عثمان (ناظرا للداخل) :
دهدي، ودي مين صحيح اللي جوة دي؟
فيفي :
يا مصيبتي اتفضحت خلاص! دلوقتي تقول لجوزي ومعاها الأمارة، الريش بتاع البرنيطة.
المتر :
يا حضرة المحترم، يا إما تجيب الحتة اللي ماسكاها الخدامة جوة، يا إما البيت ده هيحصل فيه جناية عظيمة النهارده.
عثمان :
يا عيني على الجوازة الفرايحي (وهو خارج)
استني عندك يا بت إنت، إيش جابك هنا في البيت ده؟ نتشتيها منين الحتة اللي في إيدك دي؟
فيفي :
آه، روحي بقت في رجليه! جوزي يا أستاذ إنت عارف غيرته. إنت عارف فظاعته. حايمررني لو حد خبره. آه، حايدبحني دبح، آه آه (تكاد تقع) .
المتر :
الله فيفي، ما تعمليش كده أمال، أصلبي طولك.
فيفي :
مش قادرة، إزاي أروح دلوقت من غير البرنيطة؟
المتر :
نشتري واحدة بدالها حالا بس روقي.
فيفي :
أبدا، الفن بتاعنا مفيش فيه زيه، لكن الريش الريش يتلاقى زيه منين؟!
عثمان (داخلا وفي يده القبعة) :
أهه يا ستي ما تزعليش.
شاذلي (من الخارج) :
يا راجل إنت يا عثمان أفندي.
عثمان :
أيوه، أنا ع السلالم أهو (لهما)
وانت وهي يلا روحو من الشباك.
المتر :
هس إخرس حاسب كويس. ما تلزمنيش أطلع الروفرفر (يضع يده في جيبه) .
عثمان :
روفرفر، روحنا في داهية.
المتر :
كلمة واحدة اللي حقولها لك، واحدة فقط غيرها مفيش. حروح من هنا مستحيل لا أنا ولا المدام. من ساعة لعشرة ليوم الجمعة أدحنا قاعدين.
فيفي :
أيوه لحد ما تقب وتغطس ببرنيطة زي دي تمام. الريش الريش هو الأهم. الريش.
المتر :
والحتة أهي معاك. خشي يا توتو (وهما داخلان)
يا البرنيطة يا الموبليا ندغدغها لك حتة حتة (يدخلان) .
عثمان :
ده شيء جميل خالص. اتجوزنا والكتاب انكتب والوقت بدري، والعمل إيه بقى في الشبكة المنيلة دي؟ مفيش حل غير كوني أطلع وانزل ببرنيطة زيها من تحت الأرض. معلوم والا تبقى جرسة لرب السما، لكن اللطوخ اللي قاعدين لي تحت دول أعمل فيهم إيه؟ حايفضلوا حايسين في رجلي ماطرح ما أمشي، زي بعضه، إن ما كسرت الكرباج على دماغه حصان الزفت ده.
شاذلي (داخلا) :
ده موش كويس كده. إحنا حريماتنا موش بتوع تلقيح في السكك. أهم يقعدوا هنا لحد ما ننزل سوا كلتنا. خشي إنتي وهي تعالي يا خديجة يا مباركة يا عيوشة يا زنوبة يا ستيتة.
عثمان :
يا وعدي على البلاوي المسيحة يا وعدي (زغاريد وتدخل العروسة محاطة بالنساء الفلاحات وكذلك الرجال) .
لحن ختام الفصل الأول
الفلاحات :
يا عروسة الليلة عمر
الفلاحين :
دوارك
الفلاحات :
وطبل طبلك وزمر
الفلاحين :
مزمارك
الفلاحات :
وولع فنارك
الفلاحين :
ميت ألف مبارك
الفلاحات :
تنسعدي هنا
بعدل وهنا
ونشوف لك مواليد زحمة
جسدك يا قمر
ده عجين وخمر
سبحان من صبحه لحمة
عثمان :
دا الوقت إحنا في لحمة وعضمة
والا في وحستنا أم جناجل
آه يا خوفي لا تبقا لنا مصادمة
والمسألة يلحظها الراجل
الفلاحات :
يا خديجة أرقصي واتوصي
ويا زينب غني ورصي
حمام يا اسكندراني
حمام يا اسكندراني
حمام يا اسكندراني
عثمان :
غرقان حضرتي لوداني
ولا فيش منفد آه ياني حمام
الفلاحين :
يا اسكندراني حمام يا اسكندراني
عثمان :
خازوقين واحد براني
والتاني جواني حمام
الفلاحين :
يا اسكندراني حمام يا اسكندراني
عثمان :
تلاقيح كانت ناقصاني
ينعل أبو أمك يا حصاني حمام
الفلاحين :
يا اسكندراني حمام يا اسكندراني
الفصل الثاني (المنظر: صالة فخمة الرياش - في الفوندو ثلاثة أبواب تفتح على غرفة الأكل - على الشمال باب يوصل إلى الغرفة الأخرى - على اليمين باب للخارج - شباك في الشارع - عند رفع الستار تكون الأبواب الثلاثة في الفوندو مفتوحة ويظهر من خلفها غرفة الأكل وفيها بوفيه كامل المعدات.) (لحن المعازيم - سيدات فقط - يدل معناه على أن صاحبة القصر وهي أنس الوجود هانم أقامت الحفلة لتوديع صديقاتها قبل سفرها لتقضي شهور الصيف في أوروبا.)
البنات :
وياكي قلوبنا يا شابة
يا أصيلة قوي وعشرية
فايتانا ورايحة أوروبا
تتمتعي بالصيفية
راح توحشينا وتحرمينا
زيادة عن شهرين
من النظافة ودي الخفافة
مفارقتك عالعين
أنس الوجود :
أنا مهما الجسم يغيب
الروح تاركاها معاكم
يجعل ملقانا قريب
ويفرحني برؤياكم
البنات :
إن شا الله إن شا الله يا قبله
والنبي وعزيز راس أبوكي
لا نقابلك يومها مقابلة
في محطة مصر ملوك
والورد نجيبه في إيدنا
واليوم دا يكون يوم عيدنا
نتغندر لك
ونحضر لك
أوركستر شكله وجيه
يستلقاكي يوم بشراكي
بالمارش اللي في وسطيه
أنس الوجود :
صدقوني وحياة غلاوتكم عندي، فرحتي الليلة ماتقدرش، رؤيتكم قدامي الكام ساعة اللي حانسهرهم دول ... هي اللي حاتهون شوية بعدنا عن بعض.
دولت :
ويعني يا أختي، لو بلاش أوروبا السنة دي وتصيفي هنا في إسكندرية والا في راس البر مش كان أقرب.
أنس الوجود :
ما هو يا عزيزتي لو علي أنا ماكنتش سافرت خالص، ألا بقا الحكاية مش بس مسألة فسحة ولا تغيير هوا.
عزيزة :
أمال إيه يا ترى؟ فيه داعي غير كده؟
أنس الوجود :
البيه جوز أختي، عينته الخارجية من قيمة خمس تشهر سكرتير قنصلية في بلاد بره. وبقاله مسافر من يوميها لدلوقت، وكل ساعة والتانية يبعت الست بتاعته.
دولت :
عشان تسافر عنده أظن.
أنس الوجود :
وبالنظر لوكنها ماسبقلهاش سفريات زيي في البحر، شفت أنا من الأنسب مافوتهاش لوحدها وأهي حلوانة في سلوانة.
عزيزة :
وخلاص يعني السفر بكرة بالتأكيد؟
أنس الوجود :
طبعا، قطعنا التذاكر وجهزنا كل شيء، لغاية حتى البرانيط اللي حانلتزم نلبسها هناك. أما حقة بالمناسبة دي عترت في حتة برنيطة من محل شيكوريل يا سلام، مافيش كده!
دولت :
حلوة.
أنس الوجود :
جدا، ولاكانش في المحل كله غير هي فقط م الصنف ده، الريش اللي هو فيها جنس تاني غريب خالص، ريش نعام من بلاد زنجبار، لدرجة إنها من حلاوتها شبطت فيها واحدة صاحبتي اسمها المدام فيفي، ومستحيل رضيت تنزل من عندي إلا وهي واخداها.
دولت :
تعيشي يا حبيبتي وتهادي، إحنا على كل حال نتمنى لك السلامة.
الجميع :
من كل قلبنا.
أنس الوجود :
ممنونة قوي، مرسي، اتفضلوا بنا تعالوا في الصالون الجواني أسمعكم فوتوغراف بالكهرابا جايباه لسه جديد.
دولت :
برضه يصح (يدخلن جميعا) .
خادمة (داخلة ومعها سوكة) :
هو معاك الأفندي الرذل إسود الوش ده؟
سوكة :
أبدا، ولا أعرفه ولا عمري شفت سحنته قبل دلوقت.
خادمة :
أمال يعني شايفاه بيرغي وياك عند باب الجنينة، ومجرر وراه كبشة فلاحين زي الغنم.
سوكة :
يظهر إنه واقف م الصبح يقررني؛ ده بيت الست أنس الوجود والا لأ؟ وهي هنا والا موش هنا؟ والواحد يقدر يقابلها إزاي؟
خادمة :
أما شيء بارد!
سوكة :
واشتريت برنيطة من عند شيكوريل والا ما اشترتش؟ ودفعت فيها كام وتستغني عنها والا ما تستغناش؟ والآخر من كتر ما فضل يدايق منافسي رحت لاعن له أبو أجداد أسلافه وتني داخل، على هنا أشوف ...
الخادمة :
العجيبة نفس الكلام اللي بتقول عنه ده هو بعينه اللي قال له أنا بالضبط.
سوكة :
حيث كده ليه ما يكونشي يعني عامل مكياج زي اللي بنعمله عندنا في التياترو، النهاية ما علينا، خشي من فضلك أسألي لي الست.
الخادمة :
عن إيه؟
سوكة :
عن المنلوج اللي حالقيه الليلة قدام الستات، يكون قبل البوفيه والا بعد البوفيه، وعايزاه كوميدي والا درامتيك وردي علي أرجوكي.
الخادمة :
حاضر (تدخل) .
سوكة :
في الغالب موش حاتمد إيدها في ورقة أقل من 5 جنيه، يعني في روض الفرج ماهية شهر، يبقى من رأي الجواب أتحفهم بدويتو إيه الدويتو الشهير (سكرة يني).
أنس الوجود (داخلة فتراه أثناء التمثيل يتمايل تمايل السكران) :
الله! إيه هو ده يا حفيظ! ده جاي عدمان من الضرب كده ليه.
سوكة (يلتفت فيراها) :
مين؟ ست هانم!
أنس الوجود :
ابعد يا شيخ ابعد، ريحتك أف (تسد أنفها) .
سوكة :
ريحتي، إزاي اشمعنى يا مولاتي، أنا شارب حاجة الدويتو كده، اسمه «سكرة يني» دي بروفة.
أنس الوجود :
بروفة، آه بقى أنا شميت غلط.
سوكة :
بعد البوفية حانقول الدويتو والا قبل البوفية؟
أنس الوجود :
من حبة كده اسمحلي أقولك ما اقدرش أعين لك دلوقت.
سوكة :
ولماذا التردد يا ذات العزة والأنس والطهر، ومن هي أزهي من الشموس في عز الضهر؟ (بلهجة واطية) .
أنس الوجود :
لا من فضلك تكلمني ملكي، أيوه، علشان نفهم بعض.
سوكة :
قبل البوفية والا بعد البوفية؟
أنس الوجود :
ده شيء يتعرف لما يشوف المطرب الشهير اللي احنا داعينه الليلة، عايز يغني قبلك، عايز يغني بعدك، هو حر.
سوكة :
وجنابه يعني يبقى مين في الآلاتية بقى?
أنس الوجود :
ده موش من مصر ده من تونس الغرب.
سوكة :
آه، زي عطيل يعني.
أنس الوجود :
وبيقولوا إن لونه حتى ... أنا ماشفتوش لسه، إنما سمعت إن له اسم عظيم هناك، هدهد الربيع.
سوكة :
ولما هو بربري، ما كانوا يسموه غراب الربيع.
أنس الوجود :
وسي هدهد الربيع جاي فسحة في مصر زي السواح، ونازل عند جماعة بلدياته لي معرفة بيهم، قاموا كتر خيرهم لما بلغهم خبر الحفلة بتاعة الليلة ...
سوكة :
اترجوه يشنف مسامعكم.
أنس الوجود :
وقبل الرجا وزمانه دلوقت جاي، راجل أستاذ من الجماعة الفطاحل، واللي يدلك على غرابة أطواره كان سهران الجمعة اللي فاتت عند عائلة غنية جدا، تعرف آخر السهرة طلب منهم إيه؟
سوكة :
300-400 جنيه لازم.
أنس الوجود :
أبدا، فردة جزمة من جزم المدام صاحبة البيت؛ لأنه مغرم جدا بالرجلين الصغيرة.
سوكة :
إخص، داهية تسمه . ماداهية ليقبضونا الليلة بالعملة البراتيشي دي.
خادمة (داخلة) :
التليفون يا ست هانم .
أنس الوجود :
مين؟
خادمة :
الدكتور زعتر بيسأل عن مدام فيفي، موجودة هنا والا موش موجودة؟
أنس الوجود :
أنا عزمتها صحيح لكن ماجتش لدلوقت، هو مستني على التليفون؟
خادمة :
أيوه يا ستي.
أنس الوجود :
بردون، دقيقة واحدة عن إذنك (للخادمة)
تعالي (يخرجان) .
سوكة (وحده) :
مغني إيه المغفل ده اللي يسهر بفردة جزمة! لكن مجنونة الفن، ما هي العبقرية دي حاجة في غاية المورستان.
عثمان (من الخارج) :
هو انت خدام والا وكيل نيابة؟!
سوكة :
مين يا ترى؟
خادم (من الخارج) :
موش بس تقول لي اسمك إيه؟
عثمان (داخلا) :
إنت مالك يا بارد، اسمي والا صنعتي، إيه المناسبة؟ حاتوظفني، حاتناسبني؟ خدامين إيه الأراذل دول! يتحشر في اللي لهم واللي مالهمش، اسمك وناقص يقول لي اسم أمك ومولود فين وقول والله العظيم!
سوكة :
آه، لازم هو، الوصف بعينه، هدهد الربيع، شكله تمام يدل على الأستذة (موجها إليه الخطاب)
تحية معطرة يا ابن الفن الجميل، مغلفة من سويداء قلب زيك الفتان.
عثمان :
فتان؟ اللهم اجعله خير، إيه هو الدش اللي بيدشه ده؟! عربجي البيت والا خدام والا إيه كنيته (إليه)
لكن يعني ...
سوكة :
جاني خبر عنك.
عثمان :
عظيم، ده أنا لازم دخلت السراية الصفرة (إليه)
أنا من فضل حضرتك جاي هنا مخصوص علشان ...
سوكة :
عارف كل شيء، يا بلبل المحافل، ويا كروان التفانين.
عثمان :
تفانين! لا، مابدهاش قعاد بقى، الإنسان وجوده هنا خطر يمكن يتهيج والا حاجة. أنزل أشوف النمرة تاني لازم العنوان غلط (يهم بالقيام) .
سوكة :
على فين يا هدهد الربيع؟
عثمان :
إيه هدهد الربيع؟! يا سيدي على العقول الموزونة يا سيدي!
سوكة :
يا سلام، هدهد الربيع، قد إيه جميل اسم حضرتك.
عثمان :
الله يحفظك يا مشمش الخريف، لا مؤاخذة، نحب نستأجز.
سوكة :
إزاي، وده يصح يا خير من عزف ع القيثار وترنمت بسجعه الأطيار؟
عثمان :
الله الله على الحاجات الفشار (على حدة)
يلعن أبوي لو كنت فاهم حاجة، الغرض بقى سلام عليكم.
سوكة :
أبدا، منين قاعدين يستنظروا حضرتك من الصبح ومنين تهل كده زي القمر وتنك غاطس؟
عثمان :
لا حول ولا قوة إلا بالله، وأنا كنت باحدف روحي الحدفة المنيلة دي ليه، بالتأكيد هو عنده لطف.
سوكة :
اتفضل استريح هنا، اتفضل (بشدة) .
عثمان (بنفس النغمة) :
حاضر، الأمر لله، نسايسه على قد عقله والسلام.
سوكة :
لسه دلوقت كنا في سيرة حضرتك.
عثمان :
صادق يا افندم صادق (على حدة)
ربنا يجيب العواقب سليمة، والعمل في نسايبي اللي قاعدين تحت دول، طهقوني رخرين، رايح فين، داخل فين أنا راخر جوابي دايما ... إلى حيث ألقت.
سوكة :
حتى بالأمارة اتباحثنا في مسألة فردة الجزمة إياها.
عثمان :
فردة جزمة!
سوكة :
أيوه اللي أخدتها حضرتك من المدام ديك الليلة.
عثمان :
جايز جايز، حاكم بس أنسى كتير (على كده)
وبعدين في البدنجان ده بقى، وفردة جزمة خدها المغفل بمناسبة إيه بس؟!
سوكة :
أمال انت فاكر ماعندناش خبر بأن حضرتك تحب الكوارع الصغيرة؟
عثمان :
أيوه يا افندم أمال، ما احبهمش ازاي، هم الكوارع الصغيرة ينكرهوا، خصوصا بالتربية (على حدة)
اللهم انهي المقابلة دي على خير يا رب.
سوكة :
تسمحلي بدقيقة واحدة بس، واحدة مفيش غيرها؟
عثمان :
يا سيدي ألف، أنا في عرض أبوك.
سوكة :
مسافة بس ما أديها خبر بتشريف حضرتك.
عثمان :
هي مين بس، موش تحكي لي؟
سوكة :
الست هانم، الست أنس الوجود (يخرج) .
عثمان (وحده) :
أنس الوجود، هو الاسم ده تمام، قايلين لي عند شيكوريل، آخر برنيطة من الصنف الملعون ده هي اللي اشتريتها، إياك أما نعرف ننتشها بذوق ونخلص من التلقيحة اللي مبلطة لي في البيت لدلوقت، كله من وش الحصان الزفت، لكن يطلع مين الجدع المناخوليا ده اللي نازل خطرفة من غير وعي، اللي هدهد الربيع ده كمان، يا ترى مشيوا نسايبي والا قاعدين لسه؟ أهو الجواب ده كويس لهم، رايح فين؟ اللي حيث ألقت، داخل فين؟ اللي حيث ألقت.
أنس الوجود (داخلة) :
أهلا وسهلا، بردون يا بروفيسير أرجوك السماح في إني كونت طولت مدة الانتظار على حضرتك.
عثمان :
لا العفو يا ست هانم، أستغفر الله (على حدة )
باين عليها مؤدبة خالص، يظهر إن البرنيطة فيها أمل، لا وشكل نواعمي زي الغريبة.
أنس الوجود :
ده إيه التنازل الرقيق ده!
عثمان (على حدة) :
تنازل؟
أنس الوجود :
أنا يا أستاذ بكل عواطفي أحيي في شخصك الكريم ديار تونس الجميلة.
عثمان :
متشكر الله يحفظك (على حدة)
تونس مين، وبقدونس مين؟ هي الفاميلية دي كلها ملحوسة والا إيه العبارة! (إليها)
تعالي يا ستي الأمر وما فيه إني جيت هنا دلوقت بآخر سرعة.
أنس الوجود :
فاهمة إحساساتك العالية، أنا في الحقيقة كلفت خاطر حاضرتك وتعبتك جدا.
عثمان :
لا والله، أنا اللي تعبت روحي من اللف على المحلات لا خليت لا شملا ولا سمعان ولا بون مارشيه ولا شيكوريل.
أنس الوجود (على حدة) :
عايز يقول إيه مانيش فاهمة (إليه)
على العموم يا أستاذ أنا مدينة لحضرتك بالشكر.
عثمان :
إيه اللي مدينة وبستان يا اخواتي، إحنا في التليفونات، أنا موش فاهم باكلم مين، باكلم زيرو؟! (إليها)
يا ست هانم غرضي يعني أوضح لحضرتك السبب اللي خلاني اهتميت بالمجيء هنا من غير سابق معرفة.
أنس الوجود :
ولو ما يشترطش يا أستاذ، هو الإنسان ما يكونش معجب بأفكار الفلاسفة الكبار بمجرد السمع فقط وبالصيت وبالشهرة من غير لا معرفة ولا حاجة.
عثمان (على حدة) :
يعني مافيش أمل النهارده نفهم بعض أبدا!
أنس الوجود :
ده بزيادة فخر على بلاد تونس ...
عثمان :
يا عالم يا هوه ... هي دي عليها عفريت اسمه تونس! (تدخل المدعوات من جهة اليمين) .
دولت :
إيه يا عزيزتي ده، إنت فايتانه جوه لوحدنا قاعدين ندور عليك في كل حتى خفتونا.
عثمان (على حدة) :
إيه الحاجات الشكلمة دي كلها؟!
عزيزة (إلى السيدات همسا) :
وده مين يا ختي المبمبو اللي زي المفتقة ده؟
أنس الوجود :
معلهش ما تواخذنيش في كوني غبت عنكم شوية، أنا موش عاملة تكليف ده بيتكم ومطرحكم، يسرني يا هوانم أزف لكم بشرى جميلة حاتنبسطو لها كتير، وهي إنه الحظ السعيد حايتم لنا الليلة دي، ونسمع أشهر مطرب موجود في بلاد تونس الأستاذ هدهد الربيع (مشيرة إلى عثمان) .
عثمان (على حدة) :
إيه؟!
الجميع :
حضرته يا سلام، تشرفنا، ده شيء جميل.
دولت :
موش هو اللي خد فردة الجزمة إياها.
عزيزة :
يحي الأستاذ هدهد الربيع.
الجميع :
يحي الأستاذ هدهد الربيع.
عثمان :
يا اخواتي حلمكم شوية، حضرتكم غلطانين، أنا لا هدهد الربيع ولا اعرف هدهد الربيع، ولا حتى سمعت بيه أبدا.
عزيزة :
اطلع يا أستاذ، هو القمر يستخبى.
دولت :
عايز تفرمل أظن علشان ما تحرمنا من حلوياتك الفنية.
عثمان (على حدة) :
الأحسن الواحد يطلع فيها لا يمكن لو عرفوا الحقيقة يطردونا وتبقى بهدلة (للجميع)
الله يجازي شيطانكم دانتم فرار قوي، ما عرفشي الواحد يسبكها عليكم.
أنس الوجود :
يسبكها واحنا خلاص قد كده هبل.
عثمان :
لا العفو النهاية مافيش فايدة من النكران فقستونا فقستونا.
عزيزة :
تعيش تونس ويعيش مطرب تونس.
عثمان :
وتعيشوا إنتم، ونجاملكم في الأفراح كده إن شاء الله.
عزيزة :
الله على تونس الله، وعلى أنهارها الجميلة، والا بساتينها الحلوة الظريفة.
عثمان :
من فضلك يا ست هانم (على حدة)
بس اللي شافها هو سبق لحضرتك شوفتي عندنا في البلد.
عزيزة :
أمال ورحت وعنابة واصفاكس.
عثمان :
يا سلام، ده انت لفتيها لأخرها (على حدة)
ماداهية لا تورطنا في سؤال منيل ما نعرفش نسلك فيه بالمغربي.
عزيزة :
وحضرتك بقى، ساكن هناك في تونس في أنهي حي؟
عثمان (على حدة) :
الله حي، اتوحلنا، أهو ده اللي أنا خايف منه (إليها)
من جهة السكن، ده شيء ... شيء (على حدة)
شيء إيه بس ...؟ شيء (إليها)
العائلة مسكنها في ناحية وأنا مسكني في ناحية تاني، يعني موش في حي واحد، قرايبي في حي وأنا في حي، وكل حي في حي.
عزيزة :
شرق البلد أفتكر؟
عثمان (على حدة) :
هي موش حاتخلص، دي بارده كده ليه؟!
عزيزة :
أظن لفوق، ناحية جسر الزيتون.
عثمان (بفرح وهو يمد الألفاظ) :
جسر الزيتون، مظبوط، أهو تمام جسر الزيتونة يبقى كده وبيتنا قدامه كده (على حدة)
أوف، دي حاجة تطلع الروح.
دولت :
عظيم، عظيم، حانسمع النهارده وننجلي، تعالوا بنا لحد ما ياخد راحته نسمع إحنا الممثل ده اللي فايتينه جوه بيلبس ويستعد (يخرجن) .
أنس الوجود :
تعرف يا أستاذ، قد إيه انت آنستنا الليلة.
عثمان :
ربنا يوانسك يا ست هانم، وتمام الإنسانية (على حدة)
نفاتحها بقى في حكاية المخسوفة البرنيطة (إليها)
بقى يا ست هانم، ماتواخدنيش سلامة في خير ...
أنس الوجود :
وخير في سلامة، نعم.
عثمان :
نعم الله عليكي، أنا لي عند حضرتك رجا صغيرة، أحب دلوقت نتكلم بخصوصه، ولو أن يعني مكسوف من حضرتك.
أنس الوجود :
يا سلام يا أستاذ بالعكس، وأنا أكون ممنونة لأي خدمة، قل لي بس اتفضل، إيه هو؟
عثمان :
ربما يعني الشيء اللي حاطلبه ده يكون صعب شوية.
أنس الوجود :
بس اتكلم حضرتك. (عثمان يحملق إليها بإمعان ويتنهد.)
أنس الوجود (على حدة) :
الله! ده ماله كده بيبحلق في؟!
عثمان :
أنا حاتجنن خالص في جمال شعر حضرتك اللي زي سبايك الكنافة.
أنس الوجود :
إيه شعري! (على حدة)
يظهر إنه قليل الأدب، أنا ما كانش لي حق أتسرع قوام وأعرفه بستات زي دول من الطبقات العالية.
عثمان (على حدة) :
ديهدي، هي زعلت والا إيه، بردون، أنا قصدي شريف جدا يا ست هانم، يعني بالعربي الفصيح أكون ممنون خالص لو تهاديني فقط ببرنيطة حضرتك.
أنس الوجود :
قول كده (على حدة)
يا حرام ظلمته، حاظن فيه ظنون بطالة (إليه)
فهمت يا أستاذ فهمت، حاضر بكل ممنونية أقدمها لك بمزيد الشرف.
عثمان :
أشيا رضا، استريحنا والحمد لله.
أنس الوجود (على حدة) :
غريب جدا الراجل ده! سهرة ياخد منها فردة جزمة، وسهرة يطلب فيها برنيطة، أنا أهو رايح أجهز البرنيطة لحضرتك وراجعة لك حالا (تخرج) .
عثمان (وحده) :
ربنا كريم اتنتعت، دانا زي اللي كنت غرقان وطلعت على ضهر الدنيا، أما كانت برنيطة مزفتة (يخرج القطعة الممزقة من جيبه)
ماخليتشي عليها جنس دكان في مصر، هي في الحقيقة شكلها في غاية الشكانيطه (يضعها بجواره على الكرسي)
يا ترى ولاد الصرمة نسايبي لسه ملطوعين تحت والا اتوزعوا، أما أبص عليهم كده م الشباك ده (يذهب للشباك)
أعوذ بالله! نايمين ع العتبة زي الجاموس، أنا ما شفتش عمري تلاقيح بالشكل ده يا هوه! (ينادي)
إنت يا واد انت يا زفت، واد يا طلبه.
الدكتور زعتر :
أنا غلطان اللي بآمن لها، طيب يا فيفي أنا أوريكي، تخرجي من صباحية ربنا وتقوللي معزومة في بيت الست أنس الوجود، واسأل هنا بالتليفون يقولوا لي موش موجودة، دايرة فين؟ لازم أحقق، لازم أدقق (يرى قطعة البرنيطة)
إيه! إزاي الكلام ده؟!
عثمان (يترك الشباك ويتجه نحو زعتر) :
دهدي، طلع منين ده؟
زعتر (ماسكا القطعة) :
يعني إيه الفصل ده أنا حاختل؟ برنيطتها تمام، هي دي البرينطة اللي خارجة بيها!
عثمان :
سيب يا أخينا من فضلك.
زعتر :
دي بتاعة مين؟ بتاعة حضرتك؟
عثمان :
أيوه يا أفندم، شايلها أمانة وياي.
زعتر :
لكن غريبة!
عثمان :
في إيه بقى؟
زعتر :
في بقية البرنيطة.
عثمان :
كلها الحصان يا سيدي، وادحنا حايسين على واحدة زيها من سلقط من ملقط لحد ما طلعت روحنا.
زعتر (على حدة) :
آه الحكاية فيها سر، لما أوقعه كده بصنعة لطافة على شرط من غير ما يعرف إني جوزها (إلى عثمان)
لكن أفتكر، أنا يا ربي شفت البرنيطة دي على دماغ مين؟
عثمان :
على دماغ بنت المركوب اللي دايرة تتفسح لي مع بسلامته.
زعتر (على حدة) :
بغيظ بسلامته!
عثمان :
معلقاها في الشجرة.
زعتر :
آه (يفتكر)
افتكرت هي صاحبتها موش لابسة الفستان أخضر كده؟
عثمان :
وفوق منه بلطو طحيني.
زعتر (بغيظ) :
بس اكتشفت الخيانة، أرجوك تدلني من فضل حضرتك، هي دلوقت موجودة فين احكي لي حالا؟
عثمان :
طيب وانت إيه يعني اللي يهم حضرتك في كده؟ (على حدة)
أنا موش فاهم الراجل شكله اتغير كده ليه.
زعتر :
دلوقت مفيش داعي للتخبية الست دي تبقى مراتي أنا، فهمت؟
عثمان :
كلام فارغ!
زعتر :
إزاي فارغ؟
عثمان :
معلوم جوزها شفته بعيني. جدع صغار خالص، يطلع قد ولادك.
زعتر :
المهم، قل لي موجودين فين؟ إخلص.
عثمان :
إيش عرفني، الله، هو أنا شيخ حارة! ما تدور انت مالكش رجلين، مالكش عنين (على حدة)
عايزني أقوله على بيتنا لأجل ما يروح يطبقه.
زعتر :
يعني مابدكش تقول لي، طيب، فيه بوليس، فيه نيابة، اعمل حسابك بمجرد ما تخرج من عتبة البيت ده، البوليس حايكون قافشك زي الفار المخنوق، آه يا فيفي، يا دون، يا خاينة، يا مجرمة (يخرج) .
عثمان (وحده) :
أنا يا اخواتي اصطبحت بوش مين النهارده، كل ما نخلص من خازوق نطب في أزفت منه، حصان يقشش برانيط الناس، محلات تجارية يشطب الصنف منها، كتب الكتاب يتعطل والزفة تقلب بغم، نسايب فلاحين زي المعيز ماطرح ما امشي في رجليه، رايح فين؟ داخل فين؟ أهو مالهمش جواب عندي من هنا ورايح غير إلى ... حيث ألقت.
شاذلي (من الخارج) :
ده ما اسمهوش كلام ده، نتلطع في الشارع لدلوقت يعني إيه؟!
عثمان :
يا خبر إسود، الراجل نسيبي! والله واتفضحت يا عم هدهد الربيع.
شاذلي (داخلا ومعه الفلاحين) :
تعالى خد انت يا عثمان أفندي، كل الغياب ده هنا عند حيث ألقت.
الفلاحين :
يا سلام سلم على سراية حيث ألقت.
عثمان :
وطي حسك انت وهو يا مواشي، بلاش فضايح بلاش جرس.
شاذلي :
والعروسة دي اللي متلقحة في العربيات هي وأهلها.
خادمة (داخلة ومعها صندوق كرتون) :
أهه البرنيطة (لعثمان)
الست دي قالت لي أديها لحضرتك، اتفضل.
شاذلي :
أهو لازم الكتاب حاينكتب هنا.
عثمان :
هاتي وريني، هاتي لما أبوسها (يقبل الصندوق)
خلاص كانت علة وانزاحت من على قلبي (يفتح الصندوق ليرى فيخرج منه برنيطة سودة من غير ريش)
إيه هو ده؟ (للخادمة)
تعالي ما تمشيش، رايحة فين؟
خادمة :
نعم.
عثمان :
مظبوط أهي دي اللي احنا عايزينها موش الهبابة دي (يرفصها برجله) .
خادمة :
ما شبطت فيها واحدة اسمها الست فيفي وخدتها امبارح من ستي.
عثمان :
خديتها من ستك يعني مفيش برنيطة، وقعتنا زي الوحل! ما احناش متجوزين في ليلتنا.
أنس الوجود (من الخارج) :
تعالوا يا ستات، اتفضلوا يا هوانم.
عثمان :
أخبيهم فين الروازي اللي معاي دول ... بس لو كانشي منظرهم عفش كده.
أنس الوجود (داخلة) :
أيوه يا أستاذ، سمعنا بقى الحاجات اللطيفة.
سوكة (داخلا) :
الحقهم، مايفهموش في التمثيل، ملهلبين على السمع.
عثمان :
والله يا سيدي أنا اللي ملهلب أكتر منهم (تدخل السيدات) .
الفلاحين :
يا وعدي ع الصنيبر يا وعدي! (السيدات يضحكن بنعومة.)
الفلاحين :
ياي (وهم يترنحون) .
عثمان :
إخص الله يفضحكم يا أوباش يا لمامة يا أولاد الرفدي.
أنس الوجود :
جم منين دول ياباي على دي صداغة؟!
عثمان :
ماتوأخوذناش دول الجماعة السنيدة بتوع التخت.
الفلاحين :
إيه سنيدة؟!
السيدات :
دول؟!
سوكة :
دول سنيدة دول؟!
عثمان :
سنيدة أيوه بس يعني موش مستعدين رسمي، لابسين كده هدوم البروفة، حاكم عندنا بقى في تونس ...
سوكة :
تونس مين، دولا ولا في الحبش كمان.
أنس الوجود :
الغرض سمعنا اتفضل، الله الله يا سيدنا.
دولت :
سمع هوس.
عثمان :
آه، وقع الفاس في الراس مافيش مفر يا عم هدهد الربيع لازم تغني أمرنا لله، يتفلقوا بقى، يتضرروا، يتوجعوا مالناش دعوة (يتنحنح ويضع يده على خده كالمغنيين) .
لحن ختام الفصل الثاني
أن كنت أسامح - وأن سخ يا بتح يا خروف نطاح - السح يا بنح يا خروف نطاح - طاب وأنا مالي طاب وأنا مالي - وأنا مالي هي اللي قالت لي - روحي في إيدك روحي - روحي في إيدك لإيدي - آه يا لا لا لا للي في الغرام سريرة والله أعلم بالسلامة جاني جاني بالسلامة - بالسلامة جاني دا جاني وقل لي الساعة كام - يا سي محمد الوقت راح مني - يا عيون حبيبي غاب وأنا قلبي داب وبقى له زمان يا حلو زمان والله زمان يا حلو بالجبنة يا مسقي عسل يا فول يا حراتي.
الفصل الثالث (المنظر: صالون بمنزل عثمان كما في الفصل الأول.) (لحن العوالم: تشترك فيه الست علية.)
1
عالمة 1 (بعد اللحن) :
ياختي صلاة النبي أحسن، ده إيه الحس الملعلع اللطيف ده يا روحي!
عالمة 2 :
آه والنبي، يا رب ما تجعل حسد، بالك صوتها يا عيوشة فكر علي مين حظري كده؟
عالمة 1 :
ست أمينة العراقية؟
عالمة 2 :
يا بت يا واعية انتي يا مدقدقة.
عالمة 1 :
بذمتك موش كده برضه؟
عالمة 2 :
هي بعينها بحتها العليوي ساعة ما تنجلي آخر الليل.
فيفي :
إيه مش قد كده أمال.
عالمة 1 :
طب وحياة سي عبده الحامولي في نومته، دستور يا سيدي، ماتشتغلي حضرتك في الكار زينا، ما لا تضربي أحسنها أسطى على عينها، صدقني بقا.
فيفي :
مرسي على كل حال أشكرك، ده بس من ذوقك.
عالمة 2 :
وحضرتك ياختي مدعية للغنا استحباب كده والا ...
فيفي :
لا استحباب ولا ... أنا جيه معزومة فقط، زيي زي معارف العروسة.
عالمة 1 :
آه، بس كده ليلتنا يا حبيبتي نادية، آنستي عقبال عندك.
عالمة 2 :
وهي اسم النبي حارسها العروسة، تعرفيش حاتنزف دلوقت والا فيها براح شوية؟
عالمة 1 :
آه بس لحد ما نشق هنا جنبكم على زفة مطاهر ونرجع مسافة نص ساعة.
فيفي :
معلهش مافيش مانع، لسه فين علبال ما يتلموا بقية المعازيم.
عالمة 2 :
قومي يا زنوبة، يا ستوتة يا خدوجة، ياله قبل ما ننزحم.
العوالم :
ياله.
عالمة 2 (وهي خارجة) :
مؤقتا ياختي، تقعدي بالعافية جايين تاني (يخرجن) .
فيفي :
ودي كانت شبكة إيه الليلة دي يا ربي، حافضل ملطوعة هنا لإمتى عشان خاطر الهبابة البرنيطة دي؟! مين عارف جوزي دلوقت بعد التأخير ده كله عامل إيه؟ ده لازم مقوم الدنيا على رجل، سبع ساعات أخرج م البيت ما أرجعوش!
المتر (داخلا) :
إيه احكيلي يا فيفي، ماجاشي لسه بربري الكلب؟
فيفي :
أبدا، ماجوش إلا الجماعة اللي حايزفوا العروسة.
المتر :
عوالم. يبوا يستنوني. هو أظن حايتجوز في ليلته إن ماجابشي البرنيطة ياخي العفو، دا أنا أحلق شنبي إن ما قلبتها بغم على دماغ أبوه، عوالم اسم الله يا عوالم، ده أنا أخليها له سهرة بالندابين بالمعددين.
فيفي :
بس أما نشوف قبله جي سبع والا ضبع.
المتر :
تعرفي لما أغلب خالص، أشط له عود كبريت في الموبليا وتبقى الدخلة بقا على يد وابور الحريقة.
فيفي :
يا شيخ ما تبقاش انت راخر شراني كده، حريقة مين وعفريتة مين، إحنا بنقول يا الله نداري الموضوع، والا حانعمل له ثورة واللي ما يشتري يتفرج.
المتر :
زي بعضه، العند يرث الكفر، أنا واحد قلبي زي الفولاذ، قاطع دماغي وحاططها على كفي، الكلمة اللي تتطلع من بقي لا بد تتنفذ، أنا قلت لازم يجيب برنيطة من جنس اللي اتمزعت يعني حتما لازم يجيب غير كده ماعنديش.
فيفي :
أنا مش فاهمة، الناس كلها بتحب، مابقاش نجمهم مكشوف كده، إيش عجب احنا بس اللي صوفتنا منورة عجايب يا ربي عجايب!
المتر :
أوه حانرجع بقا للنغمة إياها، ده شيء صعب، هو أنا إيه، بانفخ في قربة مقطوعة، يا حبيبتي قلت لك ستين ألف مرة، اللبخة دي اللي بتتلبخيها مالهاشي مناسبة، حب يعني تلطيم، يعني مقايسة، زي واحد وواحد يبقوا اثنين.
فيفي :
كفاية علي الفلسفة دي اللي تودي في داهية، جوزي دلوقت، أقول له إيه بس؟! أرجع له بأنهي وش؟!
المتر :
يا ستي يبقى وقتها اللي يعين الله، آخر مافيها موش حاتتطلقي منه، فيه أكتر من كده؟
فيفي :
يا فرحتي، وأبقى أنبسط لما يروح من إيدي واحد دكتور زي ده بيصرف علي شهري فوق السبعين تمانين جنيه.
المتر :
المسألة يا عزيزتي مش مسألة جنيهات، المحبة هي الكل في الكل، بعشرة جنيه فقط بخمستاشر بعشرين تقدري تعيشي سلطانة زمانك مع واحد زي أنا، تحبيه ويحبك، تعرفي البصلة ديك الساعة لما تغمسها بشوية الملح، ما دام فيه إرادة في الوسط، ما دام فيه رغبة، ما دام فيه مودة، تبقى عندي وعندك ألذ من طعم الأوزي المحمر.
لحن دويتو
لطيف :
الحب لذته أهواله
زي الدهب تجليه ناره
لولا الصعايب في نواله
ماكانشي يغلى مقداره
فيفي :
لا هي كام صعايب هي
عديت لا نوبة ولا مية
ألا الأكادة
شيء كلماده
يكتر علي
زيادة وزيادة
لطيف :
في الحب أهون شيء عندي
تضحيتي لروحي ومالي
حلفتك أوثقي واعتمدي
على عواطفي وأميالي
فيفي :
معتمدة من غير حلفاني
وواثقة من ود حبيبي
وإن ماجاوبتوش يا لساني
ردي يا مهجتي وأجيبي
الاثنان :
الدنيا دي أسعد من فيها
عاشق وفي وعاشقة وافية
ولا يصعد ناس ولا يشقيها
غير الإخلاص والقابلية
الأطرش (من الخارج) :
إزاي بس؟ يفوت الفرح ويروح فين؟
المتر :
دهدي، وده مين اللي جي ده راخر؟
الأطرش (داخلا) :
حقيقة جنس البربري مايبيضش عقله، أهو لون وشه، لون مخه (لا يرى أحدا) .
فيفي :
ده ساخط عليه قوي.
المتر :
مين عارف، ضروري مزعله، شيء في مصلحتنا، أهي دي فرصة كويسة تولع الفتيل معاه زيادة وزيادة.
فيفي :
لكن بس من غير ما نعرفه، مالكش حق!
المتر :
سيبك، والله ابن الجارية ده لأنا موريه الليلة دي نجوم الضهر (يتقدم إلى الأطرش)
ألا يا حضرة ...
الأطرش :
لا والله يا بني، معاييش ساعة.
المتر :
ساعة؟!
فيفي :
هو حد جاب له سيرة ساعة؟
المتر :
أنا باسأل حضرتك عن ...
الأطرش :
يجوز يجوز، هو قايل إن فيه آلاتية، لكن مين ما اعرفشي.
فيفي :
آلاتية؟!
المتر :
آلاتية إيه؟! ده ماله بيخرف من غير معنى (إليه)
أنا لا سألت حضرتك عن آلاتية، ولا عن قرداتية، فقط عايز أستفهم.
الأطرش :
لا يا خويا لا، بوفيه مابوفيهشي، دي حاجات الناس الألفرنكة، أما دي فرح تقريبا فلاحي، يعني الأكل فيه الاتوركة.
فيفي :
أما بس، ده لازم مجنون!
المتر :
والا يمكن سمعه تقيل (بصوت عالي في أذنه)
حضرتك هنا تبقى من ضمن المعازيم والا فيه علاقة فيه قرابة فيه شغلانة؟
الأطرش :
شغلانة؟! شغلانة ازاي؟ فراش يعني، حضرتك شايف الطبلة فوق كتافي؟!
المتر :
الله موش الغرض (إلى فيفي)
باقول لك سمعه تقيل ماردش إلا بهللولة. طب وبتزعل ليه جنابك؟
الأطرش :
أمال ما أزعلشي يا سيدنا الأفندي، إيه بتفتكرني مطيب، سامعني باقول اسكت يا بتاع اللب سمع هوس؟!
المتر :
ماحدش قال كده لا سمح الله. ده ماله قنط كده ليه؟!
الأطرش :
بتحسبني مين بدي أفهم؟ ألا شغلانة دي كمان! ليه المغرفة شايفها معلقة في حزامي عشان ماتفتكرني الأسطى العشي؟ ألا شغلانة، قال شغلانة قال.
فيفي :
ما خلاص يا سيدي ماتتحمقشي قوي، الغلط مردود، هو إيه كفر؟!
المتر :
والا يعني السؤال حرم؟!
الأطرش (بهدوء بعد الغضب) :
ماحرمشي يا بني، أستغفر الله العظيم، لكن ماتواخذنيش كمان يحق لي أتجنن لما تعملني هلفوت من ضمن الشغالة، دانا العروسة نفسها تبقى بنت أختي، بنت أختي لزم، يعني أنا ...
المتر :
خالها؟ فاهم، عدم المؤاخذة معلهشي.
الأطرش :
معلهشين يا بني تلاتة أربعة، آنستو وشرفتم، معازيم حضرتكم مش كده؟
المتر :
معازيم أيوه، ربنا يتمم بخير (بصوت واطي يتمم بزفت، والله وقعت يا بربري النوايب، أهو دلوقت اتفتحت لنا سكة ننتقم بها من جتته) .
فيفي :
يا شيخ مافيش لزوم بقا، بلاش أذية.
المتر :
لا والنبي، فرصة زي دي أنا مجنون أضيعها من أيدي (إليه بصوت عالي)
بقا حضرتك تشرفنا تبقى خال العروسة.
الأطرش :
عمك جمعة بك.
المتر :
طب ويعني يا سي عم جمعة بك، هي بنت أختك دي كانت عملت إيه في دنيتها لما تعاقبوها العقاب الوحش ده؟
فيفي :
الله يجازيك يا شيخ، ده انت إبليس؟
الأطرش :
عقاب؟! بتقول إيه حضرتك؟ مقلب ازاي بقا يا منجي يا رب.
المتر :
معلوم عقاب، واحدة زي دي، بنت ناس، مش كان لازم قبل ما تجوزوها الراجل بربري زي ده، تستفهموا أولا عن أخلاقه، عن مشيه، عن سيرته، عن فضايحه اللي بيضج منها البوليس.
الأطرش :
بوليس؟! يا خبر إسود.
المتر (متمما) :
عن رذايله اللي بتصرخ منها المحاكم.
الأطرش :
محاكم! يا واقعة مطينة.
المتر :
أمال انتم يعني كنتم فاكرين إيه؟
الأطرش :
فاكرين غير كده خالص، فاكرينه بني آدم.
المتر :
بني آدم، ده انتم مساكين، لا حول الله يا رب! يا خسارة يا بنت الناس يا خسارة!
الأطرش :
خسارة قوي قوي، دي البنت قمر بنت اختي، ماهوش لا مدح ولا شكرانية تنهدي لملوك.
المتر :
يا حرام يا حرام.
فيفي :
يا ابن الحلال ماتنكش في الخراب، اتقي ربنا.
المتر :
ربنا يصبركم على ما بلاكم.
الأطرش :
وقبل ما يصبرنا مانلحقهاش وهي سخنة ليه، نبطل الجوازة.
المتر (على حدة) :
بس، شعللنا النار، أدي أول البشاير (إليه)
وعلى إيه بقا، خلاص، جت قسمتها كده والسلام.
الأطرش :
لا سلام ولا كلام، دي بنت اختي، دانا خالها، دي ترجع الليلة عالبلد بإكسبريس الفجر.
فيفي :
إخص، والله عملها وفلح.
المتر :
ما بلاش بقا، فاتت وانتهينا ، حاكم أنا، ربنا عالم، مايخلصنيش أكون سبب في قطع المعايش وتبويظ الجوازات، آه، الواحد له عين وعافية.
الأطرش :
يخليهم لك يا بني، ده أنا بالعكس، جمايلك دي حاحطها على زر الطربوش من فوق، فهمتنا اللي ماكناش عارفينه، هنيا لك، دانت تخش الجنة حدف (يدخل الحاج شاذلي وطلبة والفلاحات) .
شاذلي :
هي إيه يا خويا العمايل دي بتاعت عثمان أفندي!
المتر :
إش إش، دي لهلبت بالمرة، وأدي راخر أبو العروسة.
شاذلي :
بقا ده يصح منه، وتبقى الليلة دخلته، والمعازيم يفوتهم كده يرنوا لدلوقت؟!
الأطرش (يراه ويتجه إليه باهتمام) :
حاج شاذلي، ابن حلال جيت في وقتك تعالى هنا تعال.
شاذلي :
هيه، عايزني في حاجة؟
الأطرش :
حاجة لكن تسم البدن.
شاذلي :
يابوي.
الفلاحين :
كفى الله الشر!
المتر (على حدة) :
بس، الفاتحة الجوازة، ولا الضالين آمين.
الأطرش :
إنت قول لي هنا، تاخذ في شورتك والا أسحب روحي وهب جزم.
شاذلي :
خبر إيه بس ما تتكلم.
الأطرش :
البت قمر بنتنا.
شاذلي :
أيوه مالها قول.
الأطرش :
مابقاش يمكن أبدا تجوزها لبربري الكلب ده.
شاذلي :
يا دي الداهية!
الفلاحين :
يا شيخ العرب يا بدوي.
المتر (على حدة) :
عال عال، أهو الملعوب ماشي بحموه.
فيفي :
وينوبك إيه بس قلبت كيان الدنيا؟!
شاذلي :
إياك بانت لك من جهته حاجة وحشة؟
الأطرش :
فضايحه بيضج منها البوليس.
شاذلي :
بوليس؟!
الفلاحين :
إخص.
الأطرش :
رذايله بتصرخ منها المحاكم.
شاذلي :
محاكم!
الفلاحين :
يا ساتر استر.
الأطرش :
ولولا صادفت واتقابلت أنا والجدع اللطيف ده، والست الأميرة اللي معاه دي ...
الجميع :
دول؟ (مشيرا إلى المتر وفيفي) .
الأطرش :
لولا كده ماكانشي المجني ظهر، واتضح لنا التاريخ بتاعه، التاريخ المهبب، التاريخ اللي يوقع اللقمة م الحنك.
شاذلي (إلى المتر) :
إلهي ينجي شبابك يا شيخ، كنا حانطب على بوزنا.
المتر :
إن جيت للحقيقة الواحد ما يصحش يجري في الشر، لكن بقا دي ذمة كمان.
الفلاحين :
تسلم ذمتك.
شاذلي :
ياما الدنيا دي فيها أولاد حلال، وتعرفه حضرتك حق المعرفة ؟
المتر :
أعرفه وبس؟ أمال يا ترى حاتكلم كده بلجهجهون؟!
الفلاحين :
حماك الله .
المتر :
ده الواحد إن ماكانشي بس مختشي العيبة، والا بلاش، مافيش لزوم ربنا يتوب عليه.
شاذلي :
لا والنبي لانت قايل، والنبي الهادي.
المتر :
اللهم صلي عليه، وليه تحلفني بس مالكشي حق، أهو أنا مثلا واحد من أصحابه ينعذر في قرشين، عيب الإنسان يتكلم.
شاذلي :
تسلفه.
الفلاحين :
مفهوم.
المتر :
يحتاج لحاجة لمحتاجه، مافيش تكليف.
الفلاحين :
أصله خسع.
الأطرش :
ينكد عليه، حرامي كمان، ويسرق منك بتقول؟
المتر :
تعرف آخر ده كله كان جزاي منه إيه؟ يخوني في حبيبتي دي (مشيرا إلى فيفي) .
شاذلي :
إتفوه! يخونه العيش والملح؟!
الفلاحين :
البعيد اللي ماهو هنا.
المتر :
ويجيبها عنده في البيت هنا، وأنا باقلي خمس تيام أدور عليها سلقط ملقط زي المجنون لغاية ما عترت فيها دلوقت، والنيابة لازم الليلة دي تعرف شغلها وياه.
شاذلي :
ليلة الدخلة آخ ابن الرفضي.
طلبة :
يخطف حريمات الناس، يا ويله من عذاب ربنا!
المتر :
ومن زنزانة البوليس، ومن محكمة الجنايات، هو أنا حافوتها له ياخي دهدي.
شاذلي :
بس من فضل حضرتك، صبرك عليه قد ساعتين تلاتة لما نقطع احنا جرته ونسافر على بلدنا.
طلبة :
وبعد كده تعرف خلاصك فيه.
المتر :
أبدا مافيش استنى، دي حكاية مش صغيرة، دانا أطربق له البيت.
شاذلي :
حوش حايطربق البيت يا طلبة.
طلبة :
واحنا فيه، يا لطيف اللطف!
فيفي :
زدتها قوي، ماتبقاش جهنمي.
المتر :
هو فاكر إيه، دانا أولع له هنا حريقة.
شاذلي :
حريقة حوش يا وله، عايز يحرق الجهاز.
الفلاحين :
يحرقه؟ يا خبر أغبر!
شاذلي :
بس لما نحمل الجهاز، أبوس رجلك دافعين في الجهاز دم قلبنا.
المتر :
واقعة سودة، أنا أوريه (إلى فيفي)
تعالي.
فيفي :
يا دهوتي! ده أنت لهجاوي الغبرة، إحنا الليلة دي مش منقولين.
المتر :
من جوه، يخطف حبيبتي دانا أخرق عينه، دانا أهد البيت طوبة طوبة (إلى فيفي)
قولي لما نقعد نستناه (وهما داخلان)
يستغفلني دانا أقرض زوره، إن ما جبت له حالا وابور الحريقة يستنى (يدخلان) .
شاذلي :
يا باي! ده الراجل يا حفيظ يا رب، مدخن وناوي له عاللومان.
طلبة :
ماهو له حق، مش خاطف حبيبته.
الأطرش :
إحنا دلوقت عيننا وعبادتنا عالجهاز، خشي انتي وهي لمي الكراكيب يا بت حتة حتة.
فلاحة :
أيوه معلوم، تعالي يا شلبية، يا مباركة، يا فطومة (يدخلون) .
شاذلي :
آه ابن اللاوندي، كان عايز يوسخ مقام عيلتنا.
طلبة :
أنا من يومها قلت لكم عليه ده باين ضلالي ماصدقتونيش.
الدكتور (من الخارج) :
فين هو المجرم؟
شاذلي :
إيه، مجرم؟ وده إيه راخر اللي بيبرطم؟
الدكتور (داخلا) :
فين هو الدون، السافل، المنحط؟
شاذلي :
مين يا ترى؟
الدكتور :
فين هو بربري الكلب؟
طلبة :
ارمي وأدي جرسة جديدة.
شاذلي :
وقال كنا عايزين نناسبه قال.
طلبة :
وده مين ده راخر؟ لازم من صحاباته الخباصين اللي عازمهم.
الدكتور :
اسمع انت وهو، خلوه حالا يقابلني هنا إسود الوش.
شاذلي :
ماهو مش موجود.
الدكتور :
ده كلام ماسمعوش، ده كلام فارغ، بتنكروه مني، بتخبوه دانا أوديكم في داهية، إنتم لازم شركاته.
شاذلي :
شركاته! يا خبر إسود.
الفلاحين :
ومدهول.
الدكتور :
هس، باين على وشكم، هو أنا ماعنديش نظر، ماعنديش فراسة، دانا أفهم الهوى الطاير دانا أفهم الجن.
شاذلي :
يا سيدي والنبي مالنا دعوة، إحنا حيا الله كنا حانجوزه بنتنا ورجعنا ضربناه ستين صرمة.
الدكتور :
تطلعوا تنزلوا مافيش فايدة في اللف ده كله، لازم توروه لي دلوقت حالا.
شاذلي :
منين بس حانوريه له يا عالم؟!
الدكتور :
مانتوش عايزين توروه لي؟ قولولي مخبيها فين؟
شاذلي :
مخبيها؟ هي مين دي؟
الدكتور :
أيوه اعملوا غشم دلوقت، بقا يعني مانتوش عارفين هي مين دي؟
طلبة :
لا وحياة أم العواجز.
الدكتور :
مراتي.
الفلاحين :
مراتك!
شاذلي :
خاطفها روخره؟
الدكتور :
ومخبيها عندكم، هنا في البيت ده.
طلبة :
هو خاطف كام ابن فردة الواطي؟!
شاذلي :
اللي واخد حبيبته واللي واخد مراته، وعمال يلملم زي الحداية.
الدكتور :
إخلص انت وهو، مخبيها فين قولولي بالذوق، أيوه، لحسن ماعنديش غير كوني أدربك البيت ده فوق دماغكم.
شاذلي :
يا مغيث يا رب، حوش يا وله، حايدربك البيت راخر .
طلبة :
الجهاز إحنا في عرض النبي، الجهاز ياخواتي.
الدكتور :
وأنا من حق علشان إيه أتعب نفسي، مش فيه بوليس، مش فيه نيابة، مش فيه محكمة، أنا أعرف ازاي أكلبشه، إن ما جبته في حديد، إن ماوديته أرميدان (يخرج) .
طلبة :
يادي الفضايح الليلة دي يا دي الهتايك!
شاذلي :
داير في البلد يخطف النساوين ابن الفرتوس!
طلبة :
واشحال بس إن كان حلو، إشحال إن كان أبيض، داهية لا تربحه البعيد!
الأطرش :
داهية لا تكسبه.
شاذلي :
لا في عينه.
طلبة :
ولا في عافيته.
الأطرش (صائحا من الداخل) :
استعجلي يا بت، لمي الجهاز كله شهلي، ميعاد القطر قرب.
عثمان (من الخارج) :
أهو رمل زي ما يكون والسلام ...
شاذلي :
اسمع اسمع يابن المخسوف.
عثمان (من الخارج) :
أحمر أخضر، مايهمش الموجود.
شاذلي :
هو اللومانجي أنا عارف حسه، إحنا خلاص مابيناش وبين أي علاقة.
طلبة :
أيوه نفوته يهوي زي الكلب، لا ترد ولا تصد.
عثمان (داخلا ومعه المأذون) :
أنا عارف دول فراشين إيه دول، رمل أحمر والا رمل أصفر، هو احنا حاناكله، مش حاينرش قدام الباب وبس، إن شاء الله يكون أزرق حتى، دي روخرها بدها استشارة، تعالي أقعد أنت راخر يا شيخ حمص.
المأذون :
عفوا سيدي وعمدتي ومعتمدي، لست أدعي حمصا ولا فولا، ولكني الشيخ عبد المولى.
عثمان :
طيب يا سيدي فهمنا.
الشيخ :
زادك الله فهما، وجعلها عروسة شهمة كما أنت شهما، وبعد فيا عبد الله، ما اسمك وكم سنك؟ وما اسم العروسة المحروسة المصونة؟ بكر هي أم عزباء كانت مركونة؟
عثمان :
وله وله وله، عندك إيه هو ده؟! إنت بتكر لي في إيه؟ ألفية ابن مالك؟ ما تقعد هنا لما وقت العقد، قلبت مخي، داهية تقلب مخك.
شاذلي :
ماهوش شايفنا لسه، إحم (يتنحنح عمدا) .
عثمان :
إحم طب إحم ورحمة الله، هو انتم هنا، لا مؤاخذة، ماشفتكوش، الواحد والعياذ بالله عينيه بقت زي عينين المساطيل، لا هو شايف ولا هو ناضر (إلى شاذلي)
المأذون أهو، الله ده ماله كده ياباي ماطط بوزه وعامل لي زي الفيل أبو زلومة (يناديه وهو جالس بجواره)
نسيبي، حماي، أما عجايب إيه المناسبة مش بيرد؟ (ينطر في وجهه)
إزاي ده عينيه مفتحة زي الحلق.
الشيخ :
إلى متى هؤلاء منتظرون، ألا تعلمون ويفهمون بأن صناعة المأذون لها في كل ساعة زبون، أي عريساه، عجل ولا تؤجل.
عثمان :
دهدي، ما قلت لك بلاش خوته أمال، ده انت أظن الود ودك تكتب الكتاب عالسلالم.
الشيخ :
هذا لكثرة الأشغال، ووفرة الأعمال، والتحنكيش من عندك أيضا على ريال أو نصف ريال.
عثمان :
جتك أنيال يشيل الجمال، مالك ملحوق كده، هو انت إيه حضرتك؟ (ناظر إلى شاذلي)
إنما يعني يطلع إيه عدم الرد من صاحبنا ده؟ (يناديه)
حماي جايب لك أهو جبت مأذون على كيفك يعقد العقدة من دول ماتنفكش أبدا (هنا يعطس شاذلي فجأة)
حاسب طرطشتني، داهية تقرفك، إيه ده لا لا لا (يرى الجاكتة كأنها مبللة)
ماتشتغل في التنظيم، ده انت خسارة قوي ترش ميدان الأوبرا بتلات أربع عطسات من دول.
الشيخ :
مضى من الزمن خمس دقايق، ولست أرى لتأخير الكتاب عائق.
عثمان :
الشيخ ده أنا بايني حاضربه . (متجها إلى طلبة)
لما اسأل الصنم التاني ده، أنا مش عارف ضريبة إيه دي اللي مسكاهم كده، دول ما كانوش ينسدوا أبدا، أما حاجة تعفرت قوي أنا يا واد أنت يا طلبة، شوف يا خويا مبرق لي بعينه ازاي ولا فيش كلام، الله، أنا خلاص ياهو قربت أختل.
المأذون :
انجز ودعنا نخش في الجد، أو ليس لهذا التباطؤ من حد؟
عثمان :
إنت يعني مش ناوي تنسد (يتجه إلى جمعة)
عم جمعة بك (صائحا بأعلى صوته)
إنت يا عم جمعة، جمعة يا نهار العطلة، العطلة الرسمية (لنفسه)
ده لازم بقا جرالهم حاجة يكونشي داء الطرشان ده من ضمن الأمراض اللي تعدي، مش بعيد يمكن اتعدوا روخرين من قريبهم ده.
شاذلي (يصيح بغتة فينزعج عثمان ويقفز من شدة الخضة) :
لمي الجهاز يا بت.
عثمان (وهو يبصق في عينه) :
بسم الله الرحمن الرحيم، لخلخت ركبي، ربنا ما يبارك لك، طب ولما انت لا مسخسخ ولا ميت وفيك الروح يا بارد ماتردش ليه م الصبح؟
شاذلي :
هس يا راجل يا فسدان يا عديم الحيا.
عثمان :
الله، الله! إيه يا خويا العبارة؟ دول مالهم كده طلعوا في زي الصواريخ من غير مناسبة؟!
الشيخ :
لقد بلغت الروح الحلقوم، وتلطمنا تلطما من غير لزوم، فإما أن نعقد وإما أن نقوم.
عثمان :
يعني يا قدم الشوم واللوم، مانتش شايف الواحد ازاي مسموم، من الحاجات اللي تطلع العريس م الهدوم؟!
الأطرش :
إحنا الناس الأمرا، الناس النضاف الناس المستورين، الناس اللي مداسهم ...
عثمان :
مداسهم، لا لا إحنا جرى إيه حانلبخ؟
الأطرش :
نقبل على روحنا واحد زيك انت يا فلاتي يا خباص، ياخد بنتنا.
الشيخ :
ما هذا الطلع المنحوس، يتخانق العريس مع أهل العروس ومن أين سنعقد ونقبض الفلوس؟
شاذلي :
يا دوار يا مهلسجي يا قليل الحيا.
طلبة :
يا خطاف النساوين.
عثمان :
خطاف النساوين، آه فهمت بقا، جيالي منين الأذية؟ هم لازم اتقبلوا هنا مع صاحبتنا إياها بتاعت البرنيطة، أهو ده اللي أنا حاسب حسابه (إليهم)
لكن الواحد ماياخدشي العبارة قفش كده، الولية دي، لما تعرفوا مني إيه أصل حكايتها م الأول ...
شاذلي :
حكايتها سودة زي خلقتك، هو احنا لسه ماعرفناش، ما خلاص فهمنا كل حاجة.
عثمان :
ده عظيم، وحيث كده بقا، يبقى الزعل ده مش مني أنا، تزعلوا من الحصان.
شاذلي :
حصان مين وحمار مين، إيش جاب الحصنة في الحريمات يا مقصوف العمر، هو احنا وكلين بعقلنا طاطورة.
عثمان :
لازم كده، حصان ومزع برنيطة واحدة والواحدة دي ...
طلبة :
وهي واحدة وبس.
عثمان :
إيه، واحدة بس ازاي، أمال كام؟ هو فيه غيرها؟
شاذلي :
وبتقول بلسانك كمان، بتعترف مانتش مختشي، طب الراجل الأولاني ماتصدقوش والتاني اللي ناوي يجيب لك هنا بلوك الغفر بزيته.
عثمان :
تاني مين هو فيه كمان تاني، دي بقا مسألة وتبالي لا هي الحكاية مش على يدي، برنيطة واحدة مافيش غيرها اللي واكلها الحصان، يبقى تاني مين بقا وتالت مين؟ دي حاجة توغوش!
الأطرش :
اختصاره، إحنا من دلوقت، حد الله ما بيننا وما بينك، أيوه يعني لا لك عندنا لا كلام ولا جواز ولا جنس شيء بالكلية.
شاذلي :
وبس.
الفلاحين :
أيوه وبس (يدخلون في الغرفة التي دخلها النساء من قبل) .
عثمان (وحده) :
ياخواتي أنا مش فاهم الجوازه دي حد عامل لي فيها عمل والا إيه بس.
الشيخ :
أكتب لك حجابا ذا طلاسم، فيه للعكوسات علاج حاسم.
عثمان :
لا حاسم ولا باسم بقا، وريني عرض أكتافك من سكات كده أيوه، لحسن قرفتك زي مانت شايف، تقطع الخمير من البيت.
الدكتور (من الخارج) :
من هنا يا شاويش.
عثمان :
شاويش! يا خبر إسود، عشان مين؟ علشاني؟
الدكتور (يدخل ومعه الشاويش) :
أنا متأكد إنه مخبيها هنا في البيت ده (يرى عثمان)
إيه تعالى يا مجرم، انقفشت.
عثمان :
أنا؟ الله إيه المناسبة؟!
عثمان :
ماهو كمان أروح الكراكون من غير ما اعرف، بس إيه الأصل وإيه الفصل مايمكنش أبدا؟!
الدكتور :
غصب بلا رضا حاتنجر على بوزك، أيوه علشان تبقى لما تخش أرميدان تعرف إيه جزاة اللي يغوي ستات الناس ويخبيهم عنده، فاهم؟
عثمان :
والله مانا فاهم حاجة أبدا!
الدكتور :
يمكنك لو تحب عدم الفضيحة تقول لي دلوقت حالا مخبيها فين.
عثمان :
الله هي مين بقا؟
الدكتور :
مراتي يا إسود الوش.
عثمان :
بس من فضلك بلاش تفوير دم، أيوه إسود أبيض، مافيش لزوم.
فيفي :
إيه! يا خبر جوزي.
الدكتور :
تعالي هنا، زبطتك بأيدي يا خاينة يا عديمة الشرف.
فيفي :
مانا، مانا، آه يا ربي اتفضحت.
المتر (خارجا) :
إيه لقيته يا فيفي؟ جاب البرنيطة والا إيه؟ احكيلي يا حبيبتي.
الدكتور :
حبيبته! هو انت بقا اللي مخسر أخلاقها يا سافل.
عثمان :
رحنا في داهية، لحد هنا وبرك البغل.
الدكتور :
بقا الراجل ده مظلوم وأنا ظانن فيه ظن في غير محله.
شاذلي (داخلا) :
بس، خلاص، نجيب العربيات الكارو حالا (يرى الدكتور)
مين؟ دهده، حضرتك اللي اتخطفت مراتك مش كده؟
الدكتور :
أيوه، واللي خطفها مع الأسف ماكانش عثمان أفندي.
طلبة :
إزاي بقى؟ أمال يعني مين غيره؟
الدكتور :
اللي خطفها هو النذل ده، وعثمان أفندي بالعكس اتضح لي دلوقتي إن مالوش أي ذنب.
عثمان :
داهية تنكد عليه حصان الكلب، بقا ماهوش في محله الكلام الفارغ اللي سمعناه عنه.
الدكتور :
أبدا، أنا اللي غلطان، وأعترف قدامكم بغلطتي وأستسمح خاطره.
عثمان :
العفو بقا، ربنا يجازي كل حي.
الدكتور :
أما انتي يا دون، يا خاينة العيش والملح، يا عديمة الإحساس، مانيش لاقيلك في الدنيا عقاب غير كوني أحتقرك وأتبرأ منك، ومن دلوقت لا انتي مراتي ولا أعرفك، الأصل صحيح عليه معول، أستاهل أكتر من كده اللي أدني مقامي وأتمن على شرفي وعرضي واحدة زيك، مهما تعلي والا توطي أصلها خدامة، إخص أتفوه (يخرج) .
المتر (إلى فيفي) :
ولا يهمك، أنا من دلوقتي حليت محله، أنا جوزك وانت مراتي.
شاذلي :
مسكين يا عثمان أفندي يا جوز بنتي، ده احنا أجرتنا خدناك حوف كده، وأدي راسك ماتزعلش، رجعت الميه لمجاريها، واحنا وبنتنا وكل العيلة وعيلة العيلة خدامين إنسانيتك، اندهوا الجماعة الآلاتية والمعازيم يكملوا بقية الفرحة، يا ليلة بيضة يا ليلة بيضة.
لحن الختام
الجميع :
أشيه معدن
وتالها سمبوا
ورقنا جدا
وهيصنا جنبوا
جوازة سبحان من عدلها
يا رب زيدني هناها وخيرها
كانت عقد صعب في أولها
ونحمد الله على أواخرها
رواية قاضي الغرام
أوبرا كوميك ذات ثلاثة فصول، بقلم الأستاذ بديع أفندي خيري، العرض الأول بتاريخ 28 / 11 / 1929
1
الفصل الأول (يرفع الستار عن منظر خان الحاج توكل.)
لحن الافتتاح
الجميع :
نحمد الله ونشكر فضله
لقمة البياع منطالة
في النهار لما يقبض له
خمسة فضة ما هيش بطالة
يسند بها حاله ... ويبر عياله ... ويطول حق الدخان
وفارجها معانا ... بيعنا وشرانا ... هنا هه لزباين الخان
بائع الروائح :
العنبر والياسمين
في قزايزه وفي بنانيره
لما يفحفح أبو مين
اللي ما ترقص مناخيره
الجميع :
من لذتها تهري وتنكت
ويسكتها ودي لم تسكت
إلا بشروه في الحال
م الريحة العال العال
بائع الحراير :
اطقرمش نخيل عينه
لما يبضع ويشيل
أما اللي جيوبه واجعينه
نورطه غايته في منديل
والا كوفيه دوا للسقعة
والا طاقية غطا للقرعة
الجميع :
والسوق يجبر إذا راج
خرجين وتلات تخراج
الخان هو مرسانا
وعليه أخدنا وعطانا
يا رب هون عشان نمون
مغربي هندي عجمي لاوندي
صيني حبشي بصري
شامي تركي مصري
زي بعضه
بدوي (يدخل خلف توكل) :
لا بد ما أقعدش هنا، إديني حسابي موش عايز أشتغل، هو الشغل بالزور.
توكل :
ما فاتت بقى خليك بني آدم، واحد مجنون وعنده شوية لطف، ما تستحملوش، حد يدق عالمجنون؟!
بدوي :
مجنون وديه المرستان، موش تسيبه يطبق في زمارة رقبتي لما يقطع نفسي.
توكل :
ما هو من عدم تصرفك، يعني لو عملت زي بقيت الخدامين ووافقته على عقله يجرى لك إيه؟
بدوي :
يجرى لي إيه إزاي؟! أتلحس زي ما اتلحسوا، عايزني أهاوده على المطاليع البدنجاني بتاعته، وأقول له برضه يا سيادة المتصرف، ويا سعادة المتصرف، زي ما بيقولوا له؟!
توكل :
يعني بقى تعارض ربنا في حكمه، الهفة اللي طالعة في مخه مهيآله كده.
بدوي :
طيب تهيأله حاجة مبلوعة، عسكري مثلا، ضابط، قاضي، موش المتصرف بتاع مدينة سمرقند على سن ورمح.
توكل :
النهاية، أهه بعد العلقة اللي نتشتهاله، موش حيستجري يهوب ناحيتك، ياله روح هات مقطف الخضار وحصلني عالسوق، الغدا قرب ... أعمل إيه، بخت مقندل، حتت ولد واحد ويطلع خلل (يخرج) .
بدوي :
يا مغيث يا رب، دانا من ساعتها لدلوقت جتتي متلبشة، قال ليه وليه ما انضمش للمعية بتاعة سي قرنفل أبو جلابية مهلهلة أبو جزمة عيانة باللوز، النهاية أما اخش أجيب المقطف.
قرنفل (من الخارج) :
يا خدم يا حشم.
الجميع :
مولاي.
بدوي :
يا نهار إسود، ده صوته. لا لا، بيني وبينه ربنا، بلاش المقطف، أجيب الخضار في حجري (يخرج) .
قرنفل (يدخل وخلفه خدم الخان) :
يارعيتي يا معيتي يا حاشيتي.
الجميع :
مولاي.
قرنفل :
جتكوا البلا، حاشية زي البهايم تمام. أنا قايل لكم ستين ألف مرة مولاي كدة حاف، مولاي كده لوحدها، موش كفاية أبدا، لازم تقولوا ...
أحدهم 1 :
مولاي المتصرف.
قرنفل :
مضبوط، إنت ولد نبيه، اسمع يا خازندار المتصرفية.
أحدهم 2 :
مولاي.
قرنفل :
لقد أنعمنا عليه بحتة جبنة رومي، نفذ الإرادة السنية.
أحدهم 2 :
سمعا وطاعة.
الجميع :
مبروك.
أحدهم 1 :
الله يحفظكم، قال يعني اتعطف المفش، ألا حتة جبنة رومي!
قرنفل :
أهه كل واحد منكم حيتجدعن زيه في مهام دولتي، حتما أنغنغه، من زيتون من خيار مخلل، من عيش ملدن، من كل ما هفته نفسه، أنا فنجري، أنا بنجري أنا إيدي سايبة، أنا ما أعزش حاجة عن شعبي المحبوب، الكرار للشعب والشعب للكرار.
الجميع :
يدوم العز. يحيا المتصرف.
قرنفل :
هنا في الولاية بتاعتي دي، الولاية المعظمة، الولاية المنظمة، الولاية المكونة من خمسة وتلاتين سرير نوم أقيم الأحكام، أنشر النظام، أصدر التعليمات، أبحث المشاريع، أتصرف زي ما يعجبني في شئون الزباين، أيوه، الزباين بأجمعهم رعيتي، الخدامين أتباعي وأفراد حاشيتي، كناسين الخان، زبالين الخان، غسالين، مساحين، تمشي عليهم كلمتي، لا منازع في رغبتي، إلا واحد فقط من أمتي، وهو أبوي اللي تملي مشضب جتتي.
توكل (من الخارج) :
أيوه في الأول نزل الكرنب قلت لك.
قرنفل :
خبر إسود، أبوي! رعيتي يا معيتي.
الجميع :
مولاي.
قرنفل :
ورايا على عفشة المية.
توكل (يدخل مع بدوي بالخضار) :
يعني كدة كويس، الخضار ينشال في منديل يا لوح؟! أقول لك هات المقطف، تجيني إيد ورا وإيد قدام!
بدوي :
وأنا يعني كنت عايز أتلخم اللخمة دي يا عم توكل، أنا يا دوب لسه حاتلفت أجيب المقطف، والدولة كبست.
توكل :
طب ياله فوت قدامي عالمطبخ ياله، أنا ابتليت يا خواتي بقرنفل الكلب ده (يخرجان) .
فيظ الله (داخلا مع سكر) :
إيفت سكر، أدخل خانم.
سكر :
أيوه أهه، اتفضل يا بابا.
فيظ الله :
خانجي توكل هامكي أما انت، هامكي نظافت، هامكي معرفة صاحبي سوا سوا من زمان.
سكر :
عال، ما دام كدة كويس.
فيظ :
خدمت ذوانلي، مأكولات لذتلي، ناموس مناوشات مافيش أكلان مهارشق مافيش، بربري عثمان رذالته مضايقت مافيش.
سكر :
يا بابا هو عثمان عمل فينا إيه بس؟ إنت بينك وبينه تار؟
فيظ :
من شان إيه بربري زربون، جري ليل ونهار ورا حظرتنا، إلزق معنا سلقط ملقط زي واحد كابوس؟
سكر :
سبحان الله! هو احنا شاريين السكة على حسابنا يابابا ، موش جايز راخر يكون طريقه في طريقنا!
فيظ :
هاهاها، أفتكر فيض الله خان واحد جاموس! فيظ الله خان أصفهاني، أمير لوا حربي، حائزي مداليات عجم، نفسيت صنم، عقيلة بجم! إنت من شان إيه بربري عثمان ده مرافعت مدافعت؟
سكر :
أنا لا بادافع ولا بارافع، غاية ما هناك باشهد بالحق، وحتى كمان على فرض إنه متبعنا مخصوص، يمكن له غرض شريف!
فيظ :
شريف! معناه إيه شريف؟
سكر :
الله بقى، أنا عارفه، ما هو عازب يا بابا.
فيظ :
سوس، ألفاظ قباحت، بذاءت وقاحت، كلم إيه سكر مجنون، إحسب كلتو أنا أفيون، من شان أترك ابن عمك ميرزا خاتون، وجوز اننتي واحد بربري تنتون؟!
سكر :
هي المسألة بالشكل يا بابا، ميرزا خاتون ابن عمي داير بطال لدلوقت، لا شغله ولا مشغله، حايعيشني منين ده؟
فيظ :
حالا أوجد له توسطات، أبعت أنا رجوات، أحصل مع المتصرف مقابلات، عين ميرزا خاتون قاضي محكمت.
سكر :
قاضي! ابن عمي الخيبة العبيط اللي ما يعرفشي يتكلم كلمتين على بعض يرضوا يعينوه قاضي؟!
فيظ :
ابتعتماد مكي خواطر موجود، حمار ممكن أركب فوق الأسود.
سكر :
ويعني لازم اللي يتجوزني ده يكون قاضي؟
فيظ :
إيفت، أبحث أنا، مين قاضي معظم مدينة خيوه، فلان علان ترتان عجوز صبي، إسود أبيض أزرق، ماذا مكي قاضي مدينة خيوه، إنت لازم جوز هو، من شان تعظيم، من شان شرف، من شان مقام.
سكر :
على كدة لو البخت ساعد عثمان في حكاية زي دي، يعني حتوافق عليه ديك الساعة ولاتقولش حاجة؟
فيظ (يضحك) :
هاهاها، مسكين سكر، هبالت عباطت، عثمان هيئته فحم حجري، عثمان بياع نعجات بياع معزات، أصبح قاضي محكمت؟! هاهاها.
سكر :
لا يعني بنمثل فقط.
فيظ :
أنا فيظ الله خان، شرف كلام محفوظ، عثمان عمران جعران، ماذا مكي قاضي مدينة خيوه، سكر لازم جوز هو.
توكل (داخلا) :
ملايات الفرش يتلفعوا بهم، قال إيه حفلة رسمية عند سي قرنفل، البطاطين يعملوهم هدوم تشريفة (يرى فيظ الله)
دهده مين، عم فيظ الله خان، حمد الله عالسلامة.
فيظ :
كثير تشكرات حاجي توكل.
توكل :
اللهم صل على كامل النور، بنت حضرتك دي؟
فيظ :
إيفت، وحيدت أنا في الدنيا، سكر هانم.
توكل :
على كدة أمال يلزم أودة متطوحة شوية بعيد عن قرنفل، والعزم إن شاء الله تقعدوا كتير عندنا؟
فيظ :
فقط ليلة واحدة.
توكل :
يا سلام، بس ليلة واحدة!
فيظ :
نعم، من شان اقتضا حضور عاجل، من سبب مقابلت جناب مولاي كابش، متصرف أعظم مدينة سمرقند.
توكل :
آه، بقى كدة بس، يعني مسافة ما تتقابل انت والمتصرف وتنك راجع تاني.
فيظ :
نعم نعم، اختصار كلام، فين إحنا محلات خصوصي؟
توكل :
اتفضلوا.
فيظ :
تعالى سكر، لازم مناظرة غرفات، بلكي مناسب، بلكي موش مناسب (يخرجون) .
عثمان (من الخارج) :
إخص عليك وعلى شرفك (يدخل)
راجل ما عندكش ذمة.
بياع كبدة (يدخل) :
الله الله! باقول لك ماتقبحش.
عثمان :
إزاي ما أقبحش يا حرامي يا مزاوغ يابن الرفضي، تبقى مغالطني في تلات كحكات وحتتين كبدة، ولانعلش أجداد اللي زرعوا بزرة أبوك.
بياع :
لا، باقول لك أنا شراني، حاسب على ملافظك، آه، طافحهم 12 كحكة قدام عيني.
عثمان :
تسعة مافيش غيرهم، تسعة بالسمسم يا أونطجي.
بياع :
بس ماتقاوحنيش، أنا عاددهم.
عثمان :
وأنا اللي واكلهم يبقي مين الأصدق؟ مين اللي عارف ميزانية معدته يا بارد؟!
قرنفل (من الخارج) :
مين اللي بيزعق ده؟
بياع :
خبر إسود، حس الواد المجنون ابن عم توكل صاحب الخان، أزوغ من وشه.
قرنفل (يدخل) :
أيوه، مين الحمار، مين التور، مين اللي بيعكر صفو الأمن العام في حدود ولايتي؟
عثمان :
ولايته! آه، ده لازم مولانا الحاكم بتاع البلد.
قرنفل (للبياع) :
إنت اللي بتزعق؟
البياع :
أبدا يا صاحب السعادة، ولا فتحت بوقي يا مولاي المتصرف.
عثمان (على حدة) :
إيه! المتصرف حتة واحدة!
البياع :
طيب، أنا واقف لك على الباب يا ابو وش مبعجر انت (يخرج) .
قرنفل :
هيه، حضرتك شرفت جديد هنا في الخان؟
عثمان :
أيوه يا مولاي، دلوقت أهه بس.
قرنفل :
حمد الله عالسلامة .
عثمان :
الله يسلم لي على سعادتك (على حدة)
شوفوا الناس الأكابر شوفوا الذوقيات، شوفوا الأدب والتربية العالية متصرف البلد على سن ورمح! يا سلام على التربية العالية يا سلام.
قرنفل :
لنا حظ نشوف حضرتك ونتشرف بمعرفتك.
عثمان :
ممنون يا فندم العفو. ياهوه علإنسانية. ياهوه عاللطافة اللي بتفرفط من حبابي عنيه (له)
دانا اللي حصل لي النهارده مزيد الشرف، محسوبك عثمان عبد الباسط من أهالي خيوه، تاجر غنم، وجاي سمرقند هنا عشان أزور عمتي، ومن جهة تانية أشوف أحوال السوق والتجارة والأخد والعطا.
قرنفل :
آه، شيء جميل، وحيث كدة يصح أعرفك بنفسي، أنا ...
عثمان :
فاهم يا مولاي، يا سلام! هو سيادتك عايز تعريف، موش مولاي المتصرف؟
قرنفل :
يا سلام، مين اللي قال لك؟
عثمان :
هو لازم حد يقول لي! هو أنا ماعنديش نظر لاسمح الله! هو القمر يستخبى يا مولاي.
قرنفل :
حيث كدة يهمني أؤكد لحضرتك ما دام جيت هنا في ولايتي لازم ألحظك بعنايتي، وأرعاك برعايتي، وإن جعت أوكلك من جرايتي، وإن عطشت أسقيك بكبايتي، وإن سقعت أدفيك تحت عبايتي، فهمت؟
عثمان :
إنما ده كرم أخلاق فوق الحدود يا مولاي، دي شيء يخلي الواحد يتلخم من لطف الأدب وحسن الرباية، إلهي ما يخرب لك ولاية، ولا يفض لك جراية، ولا يكسر لك كباية، ولا يدوب لك عباية، بركة دعايا وربنا يقبل دعا الولايا يا مولاي.
قرنفل :
ودلوقت إذا كان لازمك أي خدمة أي شغلة أي توصية، أؤمر.
عثمان :
متشكر قوي يا مولاي، بالطبع إذا كان حيلزمني إي خدمة حطلبها من مين غير سيادتك، أنا أصبحت محسوب سيادتك.
قرنفل :
أمال بقى عن إذن حضرتك، أحسن عندي أشغال ضرورية جوه.
عثمان :
اتفضل.
قرنفل :
حاكم الجماعة الموظفين اللي تحت رياستي، من حاشيتي لمعيتي، إن ماكنتش باستمرار آخذ بالي منهم وأراقبهم بنفسي، أجارك الله، يهملوا في واجباتهم، يقلقوا راحة الرعية، يلخبطوا نظام الدولة خالص، عن إذنك (يخرج) .
عثمان :
سبحان العاطي الوهاب، أما عليه حتة قفا، أهه أنا تأكدت دلوقت إن بختي زي النيلة أول ما أطب البلد موش أتصاحب ويا غفير والا ويا عسكري، ويا المتصرف نفسه، شوف الحظ، شوف التعاديل، هو لازم كان بيزور حد من الكبارات اللي نازلين هنا في الخان، أيوه يوجب عالواحد ما دام بقينا أصحاب مايقطعش رجله عن زيارته، في القصر في الديوان في الدكان مطرح ما بلاقيه والسلام، لكن احنا في سكر بنت الراجل الرذل فيظ الله خان، يا ترى نزلوا في أنهي دور؟ في أنهي أودة؟ آه، أهه جاي.
فيظ الله (من الخارج) :
إيفت سكر، واحد ساعة زيادات مافيش.
عثمان :
آه، هو بعينه، أما نستعد بقى للخناق وترقيع الأصداغ.
فيظ (يدخل ويرى عثمان) :
مين! بربري ولد نمرود؟
عثمان :
أنا في جاه الحسن والحسين ياهوه.
فيظ :
فين جانم اتخلص إحنا من لزقات رسراس دي.
عثمان (على حدة) :
الراجل مدخن مني قوي كل ما يشوفني يتلبس.
فيظ :
كلم أنا حظرة تاجر خروف، اقتضا إيه، لزوم إيه، إحنا إنزل في واحد خان، كان حظرتك مخصوص معاندت لازم إنزل.
عثمان :
أنا بس أفهم إنت قارش ملحتي ليه؟! إنت شايلني على أكتافك، أنا ماشي على دماغك يا أخي؟ ومن رأيي بدال ما نتخانق ونزعل سوا، نقعد لنا قعدة مع بعضنا، بشرط ما نقومش منها إلا وانت حماي، دانا جوز بنتك.
فيظ :
اخرس، بربري بهيم خنزءور.
عثمان :
هيه، آدي عيبك.
فيظ :
والله بالله ...
عثمان :
ماهو ماتحلفش، ألف يمين على يمينك، لما تنطبق السما على الأرض مافيش فراق إلا بالخناق.
فيظ :
اخرس حيوان، سكر هانم، كريمة حظرتنا أميرلوا فيظ الله خان، جوز واحد بربري صدامات ندامات، بيعوا معزات؟!
عثمان :
وعشان إيه بس جرح الإحساسات، والكلام العفش اللي زي الزبالات؟! هو انت موش يلزمك فلوسات؟
فيظ :
مطلقا مافيش أهميت، تصميم نهائي، عزيمت أنا، جوز سكر فقط واحد إنسان، ابحث مافيش جمال، وحاشت، فقير غني، عجوز صبي، ماذا مكي موجود واحد شروطات ضروريات.
عثمان :
عظيم، املي علي الشروطات، وأنا علي التنفيذات ودفع الفلوسات وأخد العروسات وتني مروحات.
فيظ :
عريس مطلوب مرغوب، لازم أولا وظيفة قاضي.
عثمان :
وظيفة إيه، قاضي؟! يخرب بيتك، يعني دورت في الوظايف كلها مالقيتش إلا دي، أيوه قول تاجر موبيليا، نقلي، طرشجي، إنما قاضي قاضي!
فيظ :
نعم، قاضي محكمة خيوه.
عثمان (على حدة) :
الله ينكد عليك.
فيظ :
أفندم، حظرتكم تاجر خروف، لله الحمد اقطع رجا، اقطع أمل والآن الزم أذهب من شان مقابلة جناب متصرفي أعظم (يخرج) .
عثمان :
إيه، هو يعرف المتصرف؟! دهدي من حق ما هي فكرة برضه سيادة المتصرف لما كان هنا دلوقت، قال لي إذا لازمك أي خدمة أو شغله، وليه ماروحلوش واترجاه، لكن أنا لما عرفته بنفسي هنا فهمته إني تاجر غنم، وأروح له دلوقت بأنهي وش عشان أترجاه يعيني قاضي، لكن قاضي حتة واحدة، يعني من غنم ومعيز لأهالي ورعايا! من زريبة لمحكمة ياهوه! أنا حاحير نفسي ليه، هو أنا حاتعب لما أوصل لحد عنده، موش غايته حيهزأني، حيطردني حيتف له تفتين في وشي زي بعضه (يخرج) .
توكل (يدخل) :
يقطع العيال وخلف العيال، أنا لسة عيني مارأتش ولد بالجنان ده أبدا! يه، أنا نسيت الوليد صابر من امبارح ما ادتيوش أكل، مسكين زمانه مات م الجوع! صابر، يا صابر.
صابر (من الخارج) :
نعم.
توكل :
تعالى يا ابني تعالى.
صابر (يدخل) :
إيه يا عم توكل، برضه كده يصح؟! تنساني من ليلة امبارح لدلوقت، ما تسألش عني بلقمة عيش حتى.
توكل :
حاعمل لك إيه بس، الرجل زي ما انت شايف، رايحة جاية طول النهار والإنسان حسب التفهيم اللي فمهته لي، موش قادر يقرب ناحيتك لاحد ياخد باله من وجودك هنا، وتروح في داهية يا ابني.
صابر :
ما هو كتر خيرك برضه، بس الجوع كافر يا عم توكل.
توكل :
هي قلة عيش يا ابني، ياله خش مطرح ماكنت، أما أروح أجيب لك أكل.
صابر :
لا خليني هنا شوية أشم نفسي، انكتمت يا عم توكل.
توكل :
ما هو أنا خايف أحسن ياله السلامة حد يطب عليك تبقى مصيبة، الغرض، إذا كان لا بد أبقى خد بالك م الباب (يخرج) .
صابر :
ربنا يستر . يا سلام، دي الحرية نعمة، صحيح يغور الحبس ولو كان في جنة ، لكن أعمل إيه، حبي هو اللي غاصبني على كدة، مافيش مفر من كوني أحتمل الصعاب للنهاية، بغير التخفي والتنكر مايمكنيش أحافظ على حياتي، البحث جاري عني في كل حتة، والجواسيس عندهم أوامر شديدة من خصمي اللدود الأمير مندور والي بلاد التركستان، يجردوا البلد لحد ما يقبضوا علي. الذنب العظيم اللي جنيته، ليه وليه بسيمة المغنية، بتحبني وانا باحبها وعازمين نتجوز بعض! إزاي أعرف إن سيادته بيحبها ولا اتركها أنا وأتخلى عنها. ياخي لا، ده بعده. الكلام ده يقدر يتصوره لما روحي تفارق جسدي، أما طول مانا عايش وباتنشق نسيم الحياة، لازم يفهم الأمير مندور، إني في حبك يا بسيمة أضحي آخر نقطة من دمي.
لحن
يا مقضي ليلك نايم يا ابو عين مرتاحة
لم يحسدك غيري تعالى واسيني في حبي
واوصف لي شيء أنا باسمع به اسمه الراحة
ولا جربوش لحظة من يوم ما عشق قلبي
المغرمين غيري بكاهم
م البعد والهجر بحرقة
وأنا شكوتي خلاف شكواهم
ولا من جفا ولا من فرقة
لكن منين أنا مضني ضعيف
أحميها من ظالم عاتي
يا رب انت بحالي لطيف
الغدر لم يطوي حياتي
توكل (يدخل) :
الأكل أهه، خد وادخل بقى أحسن حد يلمحك، ويروح عمرك في الشيطان الرجيم.
صابر :
آه يا عم توكل، هو حد بيقول يا رب اتعسني.
توكل :
أهه انت اللي في إيدك القلم وكاتب روحك شقي، عمرك يا صابر وشبابك الحلو ده، تضيعه عشان واحدة ست!
صابر :
معذور، لأنك ماجربتش الحب يا عم توكل.
توكل :
حب، أعوذ بالله. إلهي يمن عليك بالشفا عن قريب انت وقرنفل ابني.
صابر :
قرنفل ابنك؟
توكل :
أيوه، ماهي بلوتكم واحدة، بس انت جات لك النغزة في قلبك، وهو جات له في عقله.
صابر :
للأسف، الكلام ده ماكنتش أنتظره منك أبدا يا عم توكل، بقى واحدة زي بسيمة، ترفض العز اللي كان معروض عليها من الأمير مندور، وتدوس المال تحت رجليها علشان حبي أنا، والآخر تيجي انت يا اللي عارف ده كله، تستكتر عليها تضحية شبابي، بس أنا موش فاهم إيه اللي أخرها لحد دلوقت، مع إني باعت لها خبر في المرستان اللي حابسها فيه الأمير مندور.
توكل :
إيه، بعت لها خبر؟!
صابر :
أيوه، من مدة تمان تيام دلوقت.
توكل :
وحاتيجي هنا؟! إنت عايز تخرب بيتي، موش كفاية انت ورعشتي بسببك حتجرجر لي مصيبة تانية!
قرنفل (من الخارج) :
آبا، خد بالك يابا ...
توكل :
يا نهار إسود، يا ترى مين؟ ياله خش مطرحك، ياله (يخرج صابر) .
قرنفل (يدخل) :
آبا آبا، حتة بنت يابا! جمال إيه، وحلاوة إيه، يا سلام ياسلملم! يا مين يضمها لحاشيتي، أبيع عليها يا دهوتي، معيتي ودولتي ورعيتي.
توكل :
مالها دي يا واد؟
قرنفل :
سألتني عليك وعايزة تقابلك ضروري.
توكل :
طيب روح انده لها، وخلي بالك من الباب.
قرنفل :
حاضر، آبا، ياتررم، يابررم.
توكل :
الواد حيلحسني وياه، لكن تبقى مين دي يا ترى، اللي جننت الواد بالشكل ده؟
بسيمة (تدخل) :
آه، عم توكل، إزيك.
توكل :
مين؟ بسيمة! كيف الحال، وحشتينا يا بلبل الروضة، طمنيني عقلك إزايه دلوقت، موش أحسن شوية؟
بسيمة :
تف من بقك يا عم توكل، لهو عقلي ماله بعد الشر.
توكل :
لا، بس كان بلغني إنه ...
بسيمة :
أيوه فاهمة، ودوني المرستان، والأمير مندور أكاده في ادعى بالكدب إني مجنونة، جن يلخبط كيانة مطرح ما هو قاعد، راجل مؤذي خاين قاسي جبار، راجل ما عندوش ضمير، عايز بالغصب والإرهاب يبيعني عفتي، لكن مين يا عم توكل، الدرس اللي تعلمه مني، وراه تمام إن لا الأموال ولا الجواهر تميل عقل الست الأصيلة، أو تدنس عصمة الست الحرة.
توكل :
ونعم يا بنتي، لكن قولي لي إزاي عرفتي تهربي من المرستان؟
بسيمة :
هربت بطريقة لما أحكيها لك يا عم توكل، يطول شرحها، تنكتب في قصص، حابقى أقولها لك بعدين. فهمني قبله، فين حبيبي صابر؟
توكل :
أهه مستخبي هنا جوه.
بسيمة :
طيب اندهه لي اعمل معروف، عايزة أمتع نظري برؤيته، مشتاقة له قوي يا عم توكل.
توكل :
أنا حاندهه لك، بس تبقوا تخلوا بالكم من الباب .
بسيمة :
طيب حاضر.
توكل (وهو خارج) :
صابر يا صابر.
صابر :
نعم.
توكل :
كلم يا بني.
صابر :
أكلم مين؟ (يدخل)
آه، بسيمة!
بسيمة :
صابر، الحمدلله، إتطمنت عليك، كان قلبي يا ستار، زي الشوك.
صابر :
دانا اللي هنا قاعد على نار، احكي لي، قولي لي، جوابي وصلك؟
بسيمة :
أمال إيه اللي جابني طوالي على هنا، وكنت حاعرف منين محل وجودك لولا الجواب.
صابر :
يا سلام، دي قدرة إلهية يا حبيبتي، ولكن انت إزاي عرفت تهربي؟
بسيمة :
آه يا حياتي، الست منا لما تكون عايزة تنفذ شيء ما تعجزش أبدا.
صابر :
يعني إيه؟
بسيمة :
يعني طبعا باللين وبالحيلة، أمال بإيه! أعوذ بالله، إنت ليه كده ظنك سيئ؟
صابر :
آه، أنا باحسب.
بسيمة :
خليه يشوف الأمير مندور، إن الحب الصحيح الحب الثابت هو اللي يتغلب على كل شك، ولا فيش قوة أبدا تعظم عليه في الوجود.
لحن
بسيمة :
من إمتى كانت تخشى حبيبة
في غرام حبيبها النار والسيف
كل المطالب فيها عصيبة
إلا القلوب بالرضا والكيف
صابر :
الحب جاسر ولا له كاسر
في الشدة أبدا ولا كاسرة
وعده خاسر ولو إنه آسر
مضناه وغاصبه على الحسرة
بسيمة :
إذا نام على الشوك واتقلب
أريح له وحبيبه قصاده
أريح له من فرش ناعم ويغلب
أجفانه من سهر بعاده
صابر :
العشق لولا أساه وعذابه
ما كان عرف له العاشق قيمة
ولا حر يتمرغ في ترابه
ويذل نفس أبية كريمة
الاثنين :
كل منهو لم ينول ما يشتهيه
إلا بالعزم اللي يضمن مبتغاه
والغرام احنا اتعاهدنا نشتريه
بالتمن وأهه التمن هو الحياة
صابر :
ودلوقت يا حبيبتي، وجودنا هنا في الخان أصبح خطر علينا؛ لأن يظهر إن الجواسيس اشتبهوا في أمري.
بسيمة :
أنا من رأيي مافيش حل قدامنا غير الهرب حالا.
صابر :
هو ده بالظبط اللي أنا عايز أقوله، ودلوقت ياله بينا يا حبيبتي على جوه نجهز حاجتنا وناخد بعضنا ونهرب.
بسيمة :
أيوه ياله (يخرجان) .
عثمان (داخلا) :
إخص عليه راجل دون، قليل النفع، قال متصرف قال! باحسب معرفته بفايدة، بس فالح يقول لي أي شغلة، أي خدمة، أي توصية. والبغل التاني راخر فيظ الله خان، لازم يحبكها على وظيفة قاضي، مايجيش منه بقى، لا جواز ولا يحزنون. ولما سكر دي اللي بدوب في قمع راسها حتطير من إيدي، حاعيش لمين في الدنيا، ما انتحرش ليه واخلص، أيوه مافيش غير الانتحار، لكن أنتحر بإيه؟ سم، أقعد أتلوى ساعتين تلاتة أضحك علي الناس، أضرب نفسي سكينة، يتصفى دمي وأموت ماعنديش دم، أضرب صوابعي في عيني أموت أعمى لاجل ما يستغفلوني الأموات اللي جنبي ويلطشوا بتاع الناس اللي وياي. أعمل إيه؟ مافيش غير الغرقان أيوه أغمض عيني وتني ماشي كدة. (بسيمة تدخل)
عثمان :
وأبص ألائي روحي طلعت. من فضلك يا ست.
بسيمة :
نعم.
عثمان :
ألاقيش معاك حاجة؟
بسيمة :
حاجة إيه؟ تاكلها؟
عثمان :
أيوه، أكلها في عمري، أموت بها، حاجة تطلع الروح يعني.
بسيمة :
يا خبر، تقتل نفسك! موش حرام عليك؟!
عثمان :
حرام حلال، حاموت فطيس والسلام.
بسيمة :
تموت فطيس إزاي؟
عثمان :
عيشة مافيش فايده، اتضايقت من دنيتي خلاص، باحب ولانيش طايل.
بسيمة :
طول بالك، هو انت بس اللي متضايق، أمال أنا وحبيبي نقول إيه! ده احنا كفرانين، ده احنا شاربين المر!
عثمان :
إنتو كمان يي يي يي، ده يظهر إنه سعر داير في البلد اليومين دول، ومستنيين إيه؟ مانموتش ليه جماعة، بدال ما نتوفى بالقطاعي واحد واحد؟
بسيمة :
نموت! أعوذ بالله.
عثمان :
بس افهمي، دي طريقة بسيطة خالص، أنا في الأول أموتك إنت وحبيبك ده اللي بتقولي عليه، وبعدين انتو تنداروا علي تموتوني، وبالكيفية دي نموت كلنا ونخلص.
بسيمة :
لكن احنا موش عايزين نموت، إحنا عايزين نهرب من هنا وبس.
عثمان :
مع الأسف، لو كان الهوى جه سوا، واتعينت في وظيفة القاضي اللي كنت طالبها، كنت خدتكم معاي في العربية بتاعتي، وبمجرد ما وصلتم حدود البلد تبقوا تهربوا مطرح مايعجبكم، إنما بقى المتصرف بتاع سمرقند الله يخرب بيته خلى الوظيفة طارت من إيدي.
بسيمة :
إزاي بقى؟
عثمان :
مانا لسة جاي من ديوانه المهبب أهه، وبعد ما تلطعت ساعتين وزيادة، الحاجب بتاعه جه وطى على ودني، وقال لي إذا كان لك خدمة عند سيادة المتصرف، روح ابعت له الست بتاعتك تترجاه في السر؛ لأن سيادة المتصرف قلبه رقيق خالص، ويشفق بحال الستات ولا يرفض لهمش طلب.
بسيمة :
طيب خلاص، حيث كدة عال قوي.
عثمان :
عال قوي إزاي؟
بسيمة :
ابعت له الست تترجاه.
عثمان :
واللي مادخلش دنيا، ولا يعرفش ستات؟
بسيمة :
مسكين.
عثمان :
مسكين وبس، دانا آخر مسكنة، حياتي بقت زي قلتها، عن إذنك.
بسيمة :
على فين؟
عثمان :
عالبحر، عالغرقان، عالموتان عالفطسان.
بسيمة :
تغرق روحك؟
عثمان :
ودي عايزة كلام.
بسيمة :
يا شيخ ماتبقاش مجنون، حط عقلك في دماغك، قول لي انت اسمك إيه؟
عثمان :
هو محضر، إنت حتحاسبيني قبل ما أموت، اسمي ولا جسمي إيه لزمته؟
بسيمة :
بس قول.
عثمان :
عثمان يا ستي، عثمان عبد الباسط اللي حيتوفى غرقا، عن إذنك.
بسيمة :
الله، اسمع بس.
عثمان :
اسمع إيه، حتبعتي حاجة لأمواتك وياي؟
بسيمة :
طيب تتعهد لي يا عم عثمان، إذا اتعينت في الوظيفة دي تاخدنا معاك احنا الاتنين، وتساعدنا في الهرب زي ما بتقول؟
عثمان :
وما اتعهدلكيش ليه؟! دانا أحلف لك بشرف فرقة أجداد أبوي كمان.
بسيمة :
كويس خالص، اتفقنا، روح انت اتمشى بره شوية، على بال ما أفكر شوية في موضوعك ده، يمكن ألاقي له حل.
عثمان :
طيب فكري، أهه إن لقيت كان بها، مالقيتيش البحر موجود موش حينشف، وعلى فرض إنه حينشف، صفيحة أملاها ميه وانزل فيها ما اطلعش (يخرج) .
بسيمة :
دلوقت هروبنا من هنا متوقف على توظيف البربري ده، إنما بس حيتوظف إزاي؟ المتصرف عايز مراته هي اللي تترجى، آه فكرة، وليه ما اعملش إني مرات عثمان وأروح أتراجاه؟ أيوه، ده أحسن حل، وبالطريقة دي يمكني أخلص أنا وحبيبي (تخرج) .
قرنفل (داخلا مع توكل) :
آي، ودني يابا ودني.
توكل :
تعالى هنا يابوز الإخص، أعمل فيك إيه بس يا وش الخراب انت؟! العفش من نهار ماطلعت له في الدولة والمتصرفيه بتوعك، وهو عمال يتفصفص حته حته.
قرنفل :
خلاص يابا حاحرم.
توكل :
التربيزة بتاعة المطبخ روخرة تخلع رجليها وتعملها لي عرش!
قرنفل :
تبت يابا خلاص، منطوق الأحكام من هنا ورايح، حابقى أصدره كده من غير عرش.
توكل :
أهي دي آخر مرة، لو أشوفك تقرب لحاجة أنا حاقطع خبرك.
قرنفل :
حاضر يابا (يخرجان) .
عثمان :
إيه أبوه! أيوه فرصة عال، أما أكلمه علشان يتوسط لي عنده.
توكل (يراه) :
إيه، حضرتك مين يا سيدنا؟
عثمان :
أنا محسوبكم عثمان عبد الباسط.
توكل :
آه حضرتك؟ ابني قال لي إنه قابلك هنا دلوقت.
عثمان :
أيوه صحيح، أنا تشرفت بمقابلته.
توكل :
أهلا وسهلا، إنت نورت بلدنا.
عثمان :
الله يحفظك، الله يطول عمرك، الله يخليه لك ويطرح لك البركة فيه، يا سلام على أدابه العاليه يا سلام، ربنا يكمله بعقله كمان وكمان.
توكل (على حدة) :
ده بيهجص بيقول إيه ده؟! (له)
الغاية إذا كان يلزم جنابك أي خدمة، إحنا مستعدين لطلباتك.
عثمان :
وأهه ده برضه عشمي في مكارم أخلاق حضرتكم، بس أنا لي طلب عند بسلامته المحروس ابنكم، وعايز جنابك تتنازل وتتوسط لي عنده علشان لي ...
توكل :
ابني أنا؟
عثمان :
أيوه، يعني سعادتي وهناي، وحياتي كمان في إيديه.
توكل (على حده) :
حياته إيه وموته إيه يا خوي! (له)
وإيه اللي تطلبه جنابك من ابني؟
عثمان :
قاضي مدينة خيوه.
توكل :
قاضي مدينة خيوه؟
عثمان :
أيوه، وأهه ده كل آمالي وكل رجاي وكل آمالي.
توكل :
قاضي خيوه ده مانعرفوش يا ابني.
عثمان (على حدة) :
إيه ده اللي يعرفه ومايعرفوش! (له)
على كل حال، حضرتك لما تكلم المحروس ابنك هو فاهم كل حاجة، وأظن إكراما لجنابك موش حيرفض طلبي.
توكل (على حدة) :
ده يظهر إنه ملحوس راخر زي ابني. لا لا لا، أنا مابقاليش قعاد هنا أبدا (يهم بالخروج). .
عثمان :
إيه، خلاص بقى يا مولاي؟
توكل :
اخرس مولاك في عينك، راجل مجنون، يا حفيظ يا حفيظ! (يخرج.)
عثمان :
الله يخرب بيت المتصرف وبيت أبوه راخر، يعني حتروح من إيدي سكر آه يا سكر.
سكر (تدخل ) :
مين عثمان؟
عثمان :
أيوه المرحوم عثمان.
سكر :
المرحوم؟!
عثمان :
أيوه، لأني خلاص عزمت عالانتحار.
سكر :
انتحار! إيه الكلام اللي بتقوله ده يا حبيبي؟!
عثمان :
ما دام أبوك محكم رأيه على وظيفة القاضي اللي بيقول عليه دي، وأنا يستحيل أتحصل عليها، مافيش قدامي غير الموتان.
سكر :
ما تقدرش تشوف لك واسطة من هنا والا من هنا للمتصرف؟
عثمان :
واسطة مين، بيقولوا إن المتصرف مايقبلش رجا إلا من الستات؛ لأنه بيشفق بحالهم ولا يرفض لهمش طلب أبدا، وأنا زي ما انت عارفه لا ستات ولا سبعات ولا تسعات.
سكر :
آه فكرة، اسمع، أنا حاخد بعضي من هنا دلوقت حالا قبل ما يجي بابا وأروح على سراية المتصرف وأترجاه لك أنا بنفسي، وأنا متأكدة طيب إنه موش حيرفض طلبي.
عثمان :
ينصر دين أبوك، ياله مستنيه إيه قبل ما يجي اللهو الخفي أبوك.
سكر :
أيوه عندك حق (تهم بالخروج) .
فيظ الله (من الخارج) :
إيفت أفندم.
سكر :
يا خبر، أبوي!
عثمان :
الله يخرب بيت أبوك.
فيظ (يدخل) :
لعنة الله، خيبة الله.
عثمان :
خيبة الله عليك.
سكر :
إيه فيه إيه يا بابا؟
فيظ :
ملعون متصرف الزفت، متصرف وحلت، مقابلات سوا سوا موش أمكن في الديوان، أتفوه عليه.
سكر :
يعني ضروري الوظيفة دي يا بابا؟
فيظ :
إيه؟!
عثمان :
أيوه، يعني ضروري الوظيفة دي؟
فيظ :
اخرس، بربري مقطوع اللسان، إنتو استنى سوا سوا اعمل مغازلات محاورات، فين راح راجل دي عدمان صدمان صاحب خان، سيبو الرجالة على النسوان، يا شيخ توكل يا توكل كلب.
عثمان :
هدي دمك.
فيظ :
اخرس، ديوث ممصوص لون الربوس.
سكر :
بس روق دمك يا بابا.
فيظ :
روق لوق موق مافيش.
صابر (يدخل) :
إيه الزيطة دي؟
بسيمة (من الخارج) :
أيوه من هنا، اتفضل يا حضرة السكرتير.
صابر :
إيه! دي بسيمة.
السكرتير (يدخل مع بسيمة) :
هيه، هو فين جوزك المذكور عثمان بن عبد الباسط؟
صابر :
إيه، جوزها؟!
بسيمة :
اسكت دلوقت، هو ده اللي قدام حضرتك.
السكرتير :
بأمر مولاي الأمير كابش متصرف سمرقند، وبصفتي كاتم أسرار ذاته العليه، أسلم بك إحترام جواب التعيين الممضي بإمضاه الفخيمة عن إسناد وظيفة قاضي مدينة خيوه، إلى حضرة السيد السند عثمان بن عبد الباسط وبس، وأستأذن مانيش فاضي (يناوله الظرف ويخرج) .
عثمان :
لا لا لا، أنا لازم باحلم، بقى أنا خلاص بقيت قاضي؟ قاضي إيه يا خوي؟!
بسيمة :
قاضي الغرام.
صابر (لبسيمة) :
إيه الحكاية فهميني؟
بسيمة :
تعالى جوه أنا أفهمك (يخرجان) .
فيظ :
أمان ربي أمان! ماذا أسمع؟ لازم حصل جنون، عثمان تاجر معزات، أصبح قاضي محكمات؟!
عثمان :
هيه، إيه اللي تشوفه يا راجل يا فيظ الله؟
فيظ :
أفندم، محسوب جناب حضرة قاضي أفخم، موش بس سكر، سكر وأم سكر، أبو سكر، عائلة سكر، كل خدام مقام عالي.
عثمان :
عظيم، ياله بقى استعدوا للسفر.
فيظ :
ياله سكر، اعمل استعداد من شان سفر (يخرجان) .
قرنفل (من الخارج) :
يا رعيتي يا معيتي يا حاشيتي.
الجميع :
مولاي.
عثمان :
آه، مولانا المتصرف! ده لازم جاي يهنيني بنفسه.
قرنفل (يدخل) :
هيه، هم العساكر مشيوا؟
عثمان :
لا يا مولاي، ما جاش غير السكرتير، جه لوحده من غير عساكر، أنا لساني عاجز عن التعبير عن واجب الشكر يا مولاي.
قرنفل (على حدة) :
على إيه يا خوي. العفو العفو، ده شيء واجب، يا خدم يا أعوان.
الجميع (يدخلوا) :
مولاي.
قرنفل :
هاتوا فهموه.
عثمان :
أيوه هاتوا فهموه، واهتفوا له وادعوا له وقولوا له، يا رب خليه لأمه سيدنا المتصرف.
لحن ختام الفصل
الجميع :
يا رب خليه لأمه سيدي المتصرف
دي جنب خفة دمه الغزلان تقرف
يا سلام سلم سبحان من جلى وسوى
يا قمر ضلم وأوعى له ينور هو
عثمان :
يا ستميت مولاي في بعضك
مافيش كلام يوفي بأغراضي
مبقششاتي وفي حدود أرضك
دخلت فاضي وخارج قاضي
قرنفل :
وعزتي وجلالة شاني
وسطوتي وجاهي وسلطاني
لأكون مرقص لك أعواني
وحاشيتي العليا وديواني
في نظير إكرامك وعلو مقامك
الجميع :
كلنا خدامك وسع قدامك
ترتي تي تي تي تي
عثمان :
الأمير ده باينه علولا
والحشم هلسوا وازدادوا
هو أنا اتوظفت في دولة
والا يا خواتي أولدورادو
الجميع :
ترتي تي تي
تي تي تي تي
عثمان :
إيه يا خويا العبارة
ترتي تي تي تي (رقص)
الفصل الثاني (الجميع يهنئون عثمان بالوظيفة.)
لحن
رجال :
هلت أنوارك
والوالي اختارك
يا جناب القاضي
تحكم وتصالح
وتشوف الصالح
بقانون وتراضي
بنات :
وتريحنا ويا اجوازنا
إن ضاقت بالواحدة عيشتها
وتمشي الحق وتنقذنا
من هم الدنيا ودوشتها
وتحقق وتدقق
محكمتك هي الفاصلة
عندنا بين حق وزور
وبركتك طول ما هي حاصلة
خاطرنا يبات مجبور
رجال :
تملك شدة وتملك رحمة
يا ابو مخ نضيف يا مهم
إنت السكين واحنا اللحمة
ولا حدش يستجري يقول بم
عثمان :
أنا راجل ما اعتقش أبوي
قدام الحق
والذمم المدهونة ببوية
موش منهم لأ
ولا عندي خواطر ولا يعنيش
والمؤذي كمان غير هريه مافيش
رجال :
أهه ده للي نحبه ونعوزه
دغ الفسدان واكسر بوزه
والمظلوم عنه ما تسهاش
خليه يدعي لك ليل ونهار
وافضل فاكر ولا تنساش
قاضي في الجنة وقاضيين في النار
أحدهم (بعد اللحن) :
هنيئا ياذا الجناب الأرفع، يا خير من يحكم بالطريق الأنفع، ويجعل الفيل والعنتيل مثل النملة وأطوع، والنصاب والسفلأنجي يكع الحق ويدفع، وإلا نسفه وخسفه وحدفه في وش المدفع.
عثمان :
مدفع إيه وبندقية إيه، إحنا في محكمة ولا في طابية؟!
فيظ :
أفندم هكذا أصول الخطابات، مستلزمي فصاحات.
عثمان :
آه.
فيظ :
شرفت ونورت وآنست، وبوركت وحفظت وحرست، ثم فوق منصة العدل أجلست، وتربعت في الدست فكنت فخر الدست.
عثمان :
دست! أشيا رضا، نقلنا من 7 جي أورطة، بقينا في المسمط.
أحدهم :
فبلسان الأهالي ...
عثمان :
أهالي مين، قول لسان العجالي.
أحدهم :
فبلسان الأهالي والرعية أجمع، ننزل فيك تهنئة حتى نشبع، وندعو لك بالمخ النير والذهن المشعشع.
عثمان :
إلى آخره يا بتاع النعناع يا منعنع.
فيظ :
أفندم، لازم بمقتضى الرسميات، كلم حظرتكم من شان تشكرات.
عثمان :
خليها على الله، أنا أعرف حاجات زي دي.
فيظ :
لكن أفندم ضروري إجابات.
عثمان :
ما هو لما يبقى ضروري إجابات، لازم يحصل تلبيخات، ويا الله السلامة يتعزل قاضي الغرام من الوظيفات.
فيظ :
مكن بالنيابة أنا جاوب، فرظا سكرتير خصوصي.
عثمان :
أهه كده يا عاقل، يا حضرة سكرتيرنا الحلمبوح، نظرا لأن حسنا مغلق ومدبوح، فاشرح انت بدلا عنا وبوح، وقول اللي تقوله، إن شا الله تقول أبوح يا أبوح كلب العرب مدبوح.
فيظ :
يا ناس.
عثمان :
يا ناس، هنا المزاد.
فيظ :
يا ناس.
عثمان :
يا ناس، المحكمة بتقدم دفاترها يا ناس.
فيظ :
يا ناس من كل الأجناس، يا أهالي، من واطي من عالي، جناب قاضي مصون، كلم حظرته ممنون، وعليكم السلام أوحشتمونا وطيبون.
عثمان :
بس كدة، غور داهية تسم القفا.
أحدهم :
يحيا القاضي.
الجميع :
يحيا القاضي.
أحدهم :
وسكرتير القاضي.
الجميع :
وسكرتير القاضي.
أحدهم :
وبيت القاضي.
الجميع :
وبيت القاضي.
فيظ :
شفتوا أفندم سحر البيان، حلاوة أوزان.
عثمان :
ياخي اتوزنت على مشنقة، لهو أنا ماكنتش أعرف أقولهم دول، وعلى كل حال أنا حيلزمني سكرتير برضه.
فيظ :
أفندم استعداد أنا في الحال، ساعد حظرتكم في أشغال، مؤقت أستلم جدول أعمال.
عثمان :
لا جدول ولا مدول، استلم الطرقة البرانيه دي، وبمجرد ما تسمعني دقيت الجرس ...
فيظ :
دوغري أدخل، شوف جناب قاضي معظم أوامر إيه.
عثمان :
تعجبني يا حدق، ياله انجلط بقى.
فيظ :
ماشا الله، سكر جوازات ماشا الله (يخرج) .
عثمان :
سبحان المغير، أظن ولا في الأحلام كان الواحد ينتظر وظيفة دي، قاضي محكمة! أنا قاضي محكمة! الله يكون في عون اللي حيخشوا قدامي بقى، نايبتهم سوده، أيوه لأني موش حاعرف مين فيهم اللي غلطان، ولا مين اللي معاه الحق، وملزوم عشان ما املى مركزي أدبس في أحكام زي ما تيجي، وهم وبختهم بقى. بذمتي صعبانين علي مخلوقات الله، لكن ما باليد حيلة، إيه اللي أعمله.
بائع الكبدة (من الخارج) :
هو نهب في البلد، هي الحكومة سايبة؟!
عثمان :
آه، يظهر إن المحكمة حتستفتح، استعنا بقى على التلابيخ بالله، النبي يا رب تسامحني إذا جات كده ولا كده، أنا معزور وانت عالم، أنا خالص من ذنب مخاليقك.
حاجب (يدخل) :
يسمح جناب القاضي نعرض على أنظار قوانين، عدالة أنصاف أحكام شرع من هيئة ...
عثمان :
إيه ده إيه ده؟! إنت حاجب ولا شاعر، إيه فيه إيه؟!
حاجب :
بس قضية كده على ما قسم.
عثمان :
على ما قسم؟!
حاجب :
أظن ...
عثمان (على حدة) :
وحنسلك فيها إزاي دي، اسمع.
حاجب :
مولاي.
عثمان :
أنا من رأيي تاخد الخصوم من بره بره وتصالحهم ويا بعض. العايب فيهم خليه يبوس دماغ التاني. أيوه الصلح خير، المعروف سيد الأحكام يا شيخ، هي السجون فاضية، دي مليانه بتوع كوكايين وهورايين وكلام فارغ.
حاجب :
لكن دي المسألة وصلت يا صاحب السماحة، إلى ضرب وتخرشم والراجل الملعون بتاع الكبدة ...
عثمان :
إيه! هي فيها بتاع كبدة؟
حاجب :
أيوه.
عثمان :
هاتهم هنا، أوعى تخليهم يسامحوا بعض، هاتهم قوام.
حاجب :
تحت الأمر (يخرج) .
عثمان :
بتاع كبدة! ده نهار أبوه مطين، أنا أصبحت ضد الكبدجية على خط مستقيم، أيوه من نهار الكبدجي الملعون اللي غالطني في الخان بتاع الراجل توكل وأنا محروق منهم كلهم.
حاجب (داخلا مع الكبدجي وآخر) :
خش يا راجل انت وهو قدام هيئة المحكمة.
عثمان :
هو بعينه، نهارك إسود.
بياع :
هو ده يصح يا عالم؟
الزبون :
تغالطني في 12حتة يا حرامي، 12مرة واحدة؟!
عثمان :
أكبر مادة في القانون تودي في داهية فين؟ المادة اللي منها عالإعدام طوالي، إيه فيه إيه؟
بياع :
بقى فيك من يصلي على النبي يا جناب القاضي.
عثمان (على حدة) :
إنت تعرفه يا ضلالي. اللهم صل عليه.
بياع :
كمان زيده صلاة.
عثمان :
زدناه صلاة، إيه المسألة؟ اخلص المحكمة موش فاضية بلاش لكاعة.
بياع :
بقى الراجل ده خلاني واقف كده على غفلة، وجه م الباب للطاق ...
عثمان :
إيه ده إيد ده؟ واحدة واحدة، المحكمة عايزة تتنور في الدعوى، قول م الأول.
بياع :
الراجل ده، خلاني ...
عثمان :
خلاني الجميل خلاني، ... إلخ.
بياع :
خلاني واقف كدة على غفلة، وإيد في الطبلية وإيد في بقه، وهات وهات وهات.
عثمان :
وهات يا إيه؟
بياع :
وهات يا كبدة.
عثمان :
وهات يا كبدة، ضاني والا عجالي؟
بياع :
ضاني.
عثمان :
ضاني يا كبدة.
بياع :
لما بلع 18 حتة، ولما جينا للحساب ...
عثمان :
آه، أهه ده اللي وقعت فيه أنا.
بياع :
عايز يغالطني ويحاسبني على 6حتت، دي ذمة يا جناب القاضي؟
الزبون :
أبدا يا جناب القاضي، وشرفك 6 حتت غيرهم مافيش.
عثمان :
معذور أنا عارف. اسمع يا راجل يا كبدجي، اسمك؟
بياع :
اسمي المعلم حسين الجحش.
عثمان :
ولما انت جحش وبتعمل كده، أمال لما تبقى حمار تعمل إيه؟!
عثمان :
سكنك؟
بياع :
قنطرة الوالي.
عثمان :
وليه ما يكونش قنطرة الذي كفر.
عثمان :
عمرك؟
بياع :
22 سنة بياع كبدة، ذمتي معروفة عند كل الناس، عمري ما غالطت زبون.
عثمان :
22 سنة كبدجي وعمرك 24 سنة! يعني كبدجي وانت عمرك سنتين؟!
بياع :
أيوه.
عثمان :
حصل تزييف في عمره، بقى ماغالطتش حد أبدا؟
بياع :
أبدا وشرفك.
عثمان :
دانت مغالط المحكمة نفسها يابن الصرم! 22 سنة كبدجي ولا تتذكر من إنك غالطت حد أبدا.
بياع :
أبدا وشرفك.
عثمان :
طيب اتغرس في المحكمة كده.
بياع :
يا نهار إسود.
عثمان :
هيه، إزاي الحال، أقول لك 9 تقول لي 12؟
بياع :
أنا في عرضك.
عثمان :
اخرس يا سوابق كبدة يا ملعون، مغالط هنا في 12 حتة وهنا في 3 يبقوا 15 حتة، حكمنا عليك ب 15 يوم سجن و15 جنيه غرامه، و15 عصايه تاخدهم على اجنابك.
الزبون :
ينصر دين مولانا.
عثمان :
اسحبه ونفذ فيه الحكم.
بياع :
بتاع الناس ياهو.
عثمان :
بقى بتاع المحكمة من دلوقت.
بياع :
حرام عليكم إدوني السرد.
عثمان :
المحكمة مرة تسرح اللي هي عايزاه (ويخرج البائع مع الحاجب) .
الزبون :
يحيا العدل، تعيش المحكمة.
عثمان :
وانت يا راجل؟
الزبون :
نعم.
عثمان :
ودي وشك الناحية التانية، لما المحكمة تكتب حيثيات الحكم.
الزبون :
حاضر (عثمان يأخذ أشياء من الطبلية) .
عثمان :
خلي المحكمة تشوف شغلها، اسمع يا راجل الحكم فيما يختص بك ...
الزبون :
حكم! علي أنا؟
عثمان :
أيوه، حكمت المحكمة حضوريا تنفيذيا بالصينية تعلق المتهم، تاكلها مجانا باعتبارها تعويضا مدنيا ورد شرف لحضرتك، شيل.
الزبون :
يحيا العدل، يعيش قاضي الغرام.
عثمان :
عشت، الله يحفظك . أهه إن قابلك أي واحد بتاع كبدة، لقح جتتك عليه وهاته وتعالى مالكش دعوى.
الزبون :
حاضر، ضاني يا كبدة (يخرج) .
عثمان :
عال أهي لو كانت القضايا كلها بالشكل ده، حناكل كلنا عيش وكبدة وننجلي الأشيا معدن.
بسيمة (تدخل) :
إش إش، بسم الله ما شاء الله!
عثمان :
مين بسيمة! تعالي اقعدي، إيه، حد اتخانق وياك، حد طلع لك لسانه؟
بسيمة :
لا أبدا، بس أنا جاية أهنيك بالوظيفة العظيمة دي.
عثمان :
وحياتك ولا أنا فاهم منها حاجة، أنا موش عارف لما أبرطش مصالح الناس، ربنا حيعمل في إيه يوم القيامة، ده لازم حيعمل جهنم صغيرة على قدي.
بسيمة :
خليها بالنيات يا شيخ، ربنا رب قلوب.
عثمان :
قلوب كبدة، أهي ماشيه والسلام.
بسيمة :
دلوقت خلينا في المهم.
عثمان :
مهم إيه؟!
بسيمة :
آدنت يا عم بقى لك أسبوع، مستلم وظيفتك ومتجوز حبيبتك في أمان الله.
عثمان :
طيب وماله.
بسيمة :
وماله إزاي، إنت موش حتبر بوعدك، وتساعدني عالهرب أنا وحبيبي زي ما اتفقنا؟
عثمان :
طبعا، بس طولي بالك شويه على بال ما اتفض من العزومة اللي عاملها الليلة علشان الأعيان بتوع البلد والمستوظفين، ورجال الظبط والربط والحاجات دي كلها. خايفة من إيه؟
بسيمة :
خايفة لأني أول امبارح وأنا باخدم على السفرة، لاحظت إن الولية العجوزة اللي بتقول عليها عمتك دي ...
عثمان :
موش باقول عليها، دي عمتي صحيح، عمتي أسمهان.
بسيمة :
أهه لاحظت إن عمتك أسمهان دي، بقت بتبحلق في وتزغر لي من فوق لتحت، وبعدين خدتني على جنب وسألتني عن اسمي.
عثمان :
طب وماله، ييه، ياما انت هايفه قوي.
بسيمة :
قمت أقول لك الحق، بدال ما أقول لها على اسمي الحقيقي، كدبت عليها وسميت روحي باسم مراتك سكر.
عثمان :
زي بعضه، سكر بن صابون، هي حاتقيدك في دفتر المواليد؟ اللي أنا خايف منه أكتر منك، إن جناب المتصرف يعرف حقيقتك وإنك انت موش مراتي سكر.
بسيمة :
آه، بخاطرك بقى، ولكن هو إيه اللي حيجيبه من سمرقند لحد هنا؟
عثمان :
ربنا يستر، وقادر عظيم نهار ما يعزم عالمجي، تنكسر رجله والا يجرى له حاجة في السكة. من حق مراتي فين؟
بسيمة :
خرجت بقى لها يجي ساعة دلوقت.
عثمان :
أظن راحت تعزم الستات بتوع المستوظفين.
بسيمة :
جايز (ضجة) .
عثمان :
إيه الزيطة دي؟
بسيمة :
أنا رايحة من هنا دلوقت، أحسن حد يعرفني.
عثمان :
طيب زوغي انت (تخرج) .
صابر (يدخل) :
الحق يا جناب القاضي.
عثمان :
إيه فيه إيه؟
صابر :
سيادة الأمير كابش متصرف سمرقند.
عثمان :
يا نهار إسود!
صابر :
جاي لك مخصوص علشان يهنيك باستلام الوظيفة.
عثمان :
آه، إيه العمل بقى؟
صابر :
أنا رايح من هنا أحسن حد يشوفني يعرفني.
عثمان :
تعا يا واد خد، أنا يلزمني سنيد.
صابر :
ماليش دعوى (يخرج) .
عثمان :
ضروري حيعرف الحقيقة ونروح أسفل سافلين، ولا الضالين آمين (أصوات من الخارج)
يحيا المتصرف، يعيش المتصرف.
كابش (داخلا) :
كفاية كفاية، ممنون كتر خيركم، اتفضلوا انتم بقى وسيبوني شوية على انفراد مع جناب القاضي.
عثمان :
أهلا وسهلا، خطوة عزيزة (على حدة)
خطوة منيلة بنيلة. يادي الساعة اللي ماكانتش عالبال (على حدة)
الساعة اللي حنروح فيها في حديد.
كابش :
أظن جناب القاضي ماكانش منتظر مجيئي على غفلة كده لحد عنده؟
عثمان :
طبعا، وفي الحقيقة ده شيء كتير على واحد زيي أصله تاجر أغنام.
كابش :
أغنام! إيه هو اللي أغنام؟
عثمان :
إيه هو نسي؟! مانا قايل له في الخان لما عرفته بنفسي. الله الله ده موش هو!
كابش :
مالك يا جناب القاضي، شايفك يعني زي اللي ملخوم وموش على بعضك.
عثمان :
طبعا، من كتر الفرحة يا مولاي.
كابش :
يا سلام! إنت راجل آدابك عاليه خالص.
عثمان :
ده بس من ذوقك يا فندم (على حدة)
يا اخواتي أنا حتجنن، مافيش شبه من دكهه غير القفا بس، والا يجوز فيه متصرفين، متصرف أول ومتصرف تاني؟
كابش :
أنا أتعشم إنك تكون مبسوط.
عثمان :
بأنفاسك يا مولاي.
كابش :
والمحكمة، والقانون، والعدل؟
عثمان :
ماشيين زي الوابور.
كابش :
ومراتك؟
عثمان :
آه، حنلبخ أهه، لكن مايلزمش عصلجة ليودينا في داهية. مراتي يا افندم بتقبل الأيادي الكريمة .
كابش :
والنبي تبوسها لي من هنا ومن هنا.
عثمان :
يظهر إني موش حاعمر كتير في المحكمة دي .
كابش :
وهي فين أمال؟ اندهها لي هنا، عايز أسلم عليها.
عثمان :
هي بس خرجت في مشوار لحد بره.
كابش :
معلهش نقدر نستناها، وادحنا قاعدين سوا.
عثمان (على حدة) :
قاعدين سوا، شيء بارد. لكن دي منظور إنها تتأخر كتير.
كابش :
يعني ساعة، اتنين، تلاتة! موش مهم.
عثمان (على حدة) :
لا، دانا ما استحملش كده، دانا أطق، دانا أضرب صوابعي في عينيه، دانا أرقع أصداغه.
كابش :
على كل حال، لو فرضنا حتى ورسيت على بياتي هنا، موش مهم.
عثمان (على حدة) :
بياته هنا؟! الحقيقة يا مولاي مراتي راحت تزور واحدة ست عجوزة عيانه خالص، وطبعا موش حترجع إلا بعد ما تتطمن عليها وتموت، وتحضر الدفنة، والخمسة والأربعين.
كابش :
إيه! خمسة وأربعين! إيه الكلام ده يا حضرة القاضي؟!
عثمان :
إي، ده شيء واجب يا مولاي، هي مراتي ماعندهاش ذوق لا سمح الله!
كابش :
تعرف أنا قد إيه إتضايقت يا حضرة القاضي؟
عثمان :
والله ومن سمعك.
صابر (يدخل) :
يا حضرة القاضي.
عثمان :
إيه فيه إيه؟
صابر :
الست مراتك رجعت من بره.
كابش :
إيه رجعت! يا سلام، دانا مبخت صحيح، يا للحظ الوافر، قول لها تتفضل.
عثمان :
لا ما تصدقوش، لازم موش هي.
صابر :
إيه موش هي!
عثمان :
طبعا، مراتي لسه عند الميتة، وإيش جابها دلوقت يا غبي؟!
كابش :
يمكن العيانة خفت ما فيهاش حاجة.
عثمان :
أبدا، دي العيانة باعتة خبر إنها حتموت، هو لعب عيال.
صابر :
إيه هو الكلام ده، طيب دي أول ما جات بتسألني عن العزومة بتاعة الليلة، حتكون الساعة كام بالظبط.
كابش :
عزومة! عندك عزومة الليلة ولا تدعينيش، لا لا ده ماكانش عشمي فيك يا حضرة القاضي.
عثمان :
لا يا مولاي، دي عزومة كده قرديحي، دابحين فيها عدس.
كابش :
وماله يا سيدي، بصلة المحب خروف.
عثمان :
مقامك عندنا أكبر من كدة يا مولاي.
صابر :
هيه، أقول لها إيه بقى؟
عثمان :
إنت لسه واقف قدامي ، إمشي روح.
صابر :
الله الله! ده بيعمل كده ليه؟ (يخرج.)
كابش :
تعرف يا جناب القاضي، إن مجيئي هنا في مدينة خيوه، سببه إني مكلف من قبل مولاي الأمير مندور، بالبحث عن واحدة مغنية اسمها بسيمة، هربت من المرستان، وبلغنا إنها اختفت هنا في بيتك.
عثمان (على حدة) :
آه، آدي أول البشاير المهببة. هنا في بيتي يا مولاي؟!
كابش :
أيوه في بيتك.
عثمان :
ليه، هو أنا فاتحه ملجأ، إسبيتالية ألملم فيها المجانين روخرين؟! لا لا ده إتهام فظيع يا مولاي.
كابش :
طيب وإيه رأيك إذا قلت إن اللي بلغنا الخبر ده، عمتك نفسها.
عثمان :
عمتي أسمهان؟!
كابش :
أيوه.
عثمان :
وسيادتك قابلتها فين؟
كابش :
أنا ماقبلتهاش ولا شفتها من 12 سنة تقريبا، يعني من أيام ما اتوفى المرحوم جوزها، واللي بلغنا الخبر واحد من قبلها بعتته هي.
عثمان (على حدة) :
الله يخرب بيتها.
كابش (يضحك) :
ها ها ها.
عثمان :
إيه، إنت بتهزر يا مولاي؟! دانا صدقت يا شيخ الله يجازيك، ها ها ها.
كابش :
تعرف إنك واحد ظريف يا حضرة القاضي.
عثمان :
الله يظرفك يا مولاي.
كابش :
إنت يظهر إن ذوقك سليم يا مولانا.
عثمان :
ليه بقى يا مولانا؟
كابش :
أيوه؛ لأن بسيمة دي على ما بلغني، جميلة صحيح وصوتها كمان أجمل، وطبعا جوهرة ثمينة بالشكل ده، خسارة الواحد يفرط فيها، ها ها آه يا مكار.
عثمان :
جنابك ما شفتهاش؟
كابش :
لا لا لا، أنا ما شفتهاش أبدا، إنما أسمع عليها.
عثمان (على حدة) :
الحمد لله. لا أبدا أنا ماعنديش حد هنا ومع ذلك إذا كنت جنابك موش مصدق البيت أهه قدامك، اتفضل سيادتك فتش زي ما انت عايز.
كابش :
وعلى إيه أتعب نفسي، أنا قبل ما أجيلك بعت خبر للست عمتك علشان تحصلني على هنا، وطبعا هي عارفاها، بمجرد ما تيجي نجمع كل الحريمات اللي في البيت وهي تطلع بسيمة من وسطيهم وننتهي.
عثمان (على حدة) :
قفلنا المحكمة والحمد لله.
بسيمة :
يا ترى هو جوه لوحده؟ (من الخارج.)
عثمان :
آه.
كابش :
ده حس مراتك؟!
عثمان :
أيوه مراتي مراتي.
بسيمة (تدخل) :
الله مين! سيادة المتصرف؟
كابش :
أيوه أنا يا روحي ، أنا يا كتاكيتي.
بسيمة :
غريبة! إيه الصدفة الجميلة دي اللي ما كانتش عالبال.
كابش :
يا رقة ألفاظها يا اخواتي، ده شيء ظريف، ده شيء لطيف.
عثمان :
يا لطيف من دمك يا لطيف.
كابش :
يا سلام، قد إيه أنا سعيد الليلة دي اللي شاهدت حسنك الفتان.
بسيمة :
العفو يا مولاي.
كابش :
وإن شاء الله يكون ربنا أخد بيدها وطابت شويه.
بسيمة :
طابت شويه! هي مين دي؟
كابش :
الست العجوزة!
بسيمة :
الست العجوزة.
عثمان :
آه، الست العجوزة آه آه.
بسيمة :
آه آه. الست العجوزة، الحمد لله أحسن شوية. عجوزة مين فهمني؟
عثمان :
أهي عجوزة والسلام أنا عارف.
كابش :
إيه مالكم بتقولوا إيه؟
عثمان :
لا، بس مراتي بدها تستأذن إكمنها جاية من عند العيانة، أحسن تكون سيادتك بتتشاءم والا تشم منها.
كابش :
لا لا أبدا، أنا ما أخدش بالي م الحاجات دي، إديني عمر وارميني البحر.
عثمان (على حدة) :
ياريت، دانا أرميك في بلاعة حتى ...
كابش :
إلا من حق، عفشة الميه بتاعتكم فين؟ عاوز آخد دماغي فم.
عثمان :
بكل ممنونية (يدق الجرس) .
فيظ (يدخل) :
أفندم.
كابش :
يبقى مين ده؟
عثمان :
السكرتاريه بتاعتنا 6سلندر من غير فرامل.
فيظ :
خصوصي كاتم أسرار أفندم.
عثمان :
خد سيادته في إيدك لحد عفشة الميه، أشطفه ولمعه كويس وهاته.
فيظ :
أشطفه تمام أفندم، اتفضل (يخرج) .
كابش :
عن إذنك يا روحي، أنا راجع لك حالا.
بسيمة :
اتفضل يا مولاي.
كابش (وهو خارج) :
آه يا جناب القاضي، حاجة مملكة مراتك دي، معذور اللي انت بتحبها وبتدوب في هواها.
عثمان :
إي طبعا يا مولاي.
كابش :
وانت لازم بتحبيه انت كمان وبتدوبي في هواه؟
بسيمة :
أحبه من كل قلبي يا مولاي.
كابش :
يا بختكم يا بختكم (يخرج) .
سكر (تدخل مع صابر) :
نعم نعم، بقى بتحبها وتدوب في هواها يا سي عثمان؟!
عثمان :
الله الله الله!
صابر :
يا عيني يا عيني! هي المسألة كده يا حضرة قاضي الغنم؟!
بسيمة :
طولوا بالكم خلينا نتكلم بعقل.
سكر :
عقل مين وجنان مين.
عثمان :
بس اقعدي وأنا أفهمك.
سكر :
تفهمني إيه؟!
عثمان :
تعالي وياي جوه أنا أفهمك (يخرجان) .
صابر :
إيه الحكاية يا ستي بسيمة؟
بسيمة :
أنا موش فاهمة إنت زعلان ليه؟ أنا موش قلت لك إني أنا اللي اتوسطت لعثمان وعينته في الوظيفة دي، علشان يهربنا.
صابر :
آه صحيح، يا حفيظ! دانا كنت حاولع من الغيرة، عقلي كان حيشت.
بسيمة :
وده شيء يسرني يا حبيبي، وإن ماكنتش صحيح تحبني من قلبك، ماكنتش تغير علي بالشكل ده.
لحن
صابر :
زي ما كاس الشراب
يحلو للمزة بالمزة
راخر الهوى بالعتاب
فيه منتهى اللذة
بسيمة :
يكشف عن الود الخافي
ويطمن القلب العافي
صابر :
والمورد الحلو الصافي
يجريه في مجراه من تاني
بسيمة :
م الظن لا تخلى محبه
والشك للوجد يقوي
والنار إذا خمدت حبه
تحتاج لإيد فوقها تهوي
صابر :
ياما العواطف شدتها
بتزيد في تأثير حرارتها
والحلوة من غير المزة
طبعا تقل مزيتها
الاثنين :
الدلال أهل الهوى يستحملوه
والعتاب لم يثبت العشق إلا بيه
والغزال من كتر حسنه بيوصفوه
إنه نافر والنفور أحسن ما فيه
كابش (من الخارج) :
إنتم إيه! بهايم؟
صابر :
آه. سيادة المتصرف جاي على هنا أهه.
بسيمة :
أيوه بس أوعى تظهر أي تأثير قدامه، أحسن يلحظ حاجة.
كابش (داخلا) :
جاتك البلا، سكرتير عجر، وشي كله اجرح ... آه، إنت هنا يا روحي، أما نستعد بقى للمناورات والمغازلات. إيه، مين ده؟
بسيمة :
ده، ده الخدام بتاعنا.
كابش :
آه، تعرفي إني مبسوط قوي من الخدام بتاعكم ده!
صابر :
الله يحفظك يا سيدي.
بسيمة :
أيوه صحيح، وليد ابن حلال.
كابش :
وعلشان خاطر عيونك أنا لازم أرقيه، واجعله خدامي الخصوصي. هيه مبسوط.
صابر :
يا سلام، مبسوط قوي يا مولاي.
كابش :
ودلوقت يا عزيزتي، أهي الظروف لحسن الحظ جمعتنا سوا، ويصح بقى ننزل مغازلة في بعض.
صابر :
عال، إترقينا والحمد لله.
كابش :
إنت بتكلم نفسك بتقول إيه؟
صابر :
لا باقول، إني أنا، أنا ...
كابش :
أيه، إنت إيه ؟
صابر :
أنا ... جوزها يا مولاي.
كابش :
جوزها؟
بسيمة :
هيه، أيوه يعني جوزي مكلفه ياخد باله مني.
كابش :
آه . علشان كده. تعرف إنك خدام أمين.
صابر :
ده واجب يا مولاي.
كابش (لبسيمة) :
تعرفي إنك واحدة طيبة القلب وسليمة النية جدا، ولو كنت تعرفي أعمال جوزك اللي بيعملها من غير علمك، كنت يستحيل تسألي عنه، إخيه على راجل خاين، إخيه على كل راجل خباص.
صابر :
إخيه على كل راجل مبصبصاتي.
كابش :
أيوه إخيه.
بسيمة :
إيه بيعمل إيه يا مولاي؟
كابش :
لا لا، مافيش لزوم، مايصحش أقول لك؛ لأن ده شيء لو سمعتيه حيكدرك ويمكن يا الله السلامة، يجرى لك حاجة.
صابر :
لا لا، قول يا مولاي، بيعمل إيه؟
كابش :
بيخونها.
صابر :
إيه، سيدي بيخون ستي! آه الخاين، آه الدون، السافل.
بسيمة :
وبيخونني مع مين من فضلك؟
كابش :
مع واحدة مغنية اسمها بسيمة، وبلغنا من مصدر ثقة، إنه مخبيها عنده هنا في البيت.
صابر :
آه يا ستي، مسكينة يا ستي.
بسيمة :
آه، حاقع من طولي، اسندني يا خدامي.
كابش :
مسكينة الغيرة حتموتها.
سكر (داخلة) :
ستي ستي.
كابش :
إش، والله موش بطالة البنت دي روخرة. ودي تبقى مين دي؟
سكر :
أنا ... خدامتك نعيمة يا مولاي.
بسيمة :
أيوه، دي مرات الخدام بتاعنا.
صابر :
أيوه مراتي.
بسيمة :
إيه فيه إيه يا نعيمة؟
سكر :
جاية أقول لحضرتك إن الولية العجوزة اللي اسمها خالتي أسمهان بتسأل على سيدي.
كابش :
أسمهان!
بسيمة :
عمته؟
سكر :
أهي بتقول كده.
بسيمة (على حدة) :
إيه العمل؟ دي تعرفني.
سكر (على حدة لها) :
ابلعي ريقك ما تخافيش، الحكاية متوضبة عال.
صابر :
وسيدك عثمان فين امال يا مراتي؟
سكر :
موش عارفه راح فين.
كابش :
آه، لازم بقى المغنية بسيمة موجودة هنا صحيح؟ وللسبب ده حضرته هرب علشان ما يقابلش عمته، طيب، أنا بعدين حاعرف شغلي. يا بنت، روحي اندهي أسمهان.
سكر :
حاضر، اتفضلي يا خالتي أسمهان.
عثمان (داخلا بملابس امرأة) :
دستور، يا ساتر، عواف عليكم يا جماعة. أنا عثمان ما تخافوش. إزاي حضرتك يا سيادة المتصرف؟
كابش :
الله يسلمك، اتفضلي يا ست أسمهان (يمسك يده) .
عثمان :
يوه لا، ما تمسكش إيدي أنا متوضيه .
كابش :
طيب اتفضلي أقعدي.
عثمان (يجلس) :
دانت يا دلعدي، تعالى هنا، جوزك ده إيه الندمان الصدمان اللي بيهرب مني، هو أنا جاية أستعطي منه يا عمر؟! جاية أخطف اللي في إيده واجري؟
كابش :
ما هو حاكم لها أصل يا ست أسمهان.
عثمان :
أصل! بلا أصل بلا فصل، فشر، قطع لسانه من لغلوغه، ربنا ما يحوج اليمين للشمال، الحمد لله خير الشابه للضبه.
كابش :
إيه، شابه!
بسيمة :
معلهش ما تزعليش يا عمتي.
عثمان :
ما ازعلش يعني إيه يا ناس يا هم يا لم، يا صد يا رد يا مصبطه هه يا بوابه سد، يا دون الدون، يا قشر ليمون يا عفش كون.
كابش :
يا حفيظ دي شلق قوي.
بسيمة :
برضه زي والدتي معلهش.
عثمان :
والدتك! فشر، تفي من بقك يا دلعدي، لانا بنت ايمني، غيرش اللي شايلاني رجلي. اجري يا بنت انت يا نعيمة، دوري على سيدك عثمان من تحت طقاطيق الأرض، عارفه طقاطيق الأرض فين؟
سكر :
لا.
عثمان :
أهم عندك عالترابيزة اللي بره، أحلق شنبي إن لقيتيه.
كابش :
معلهش، هدي خلقك يا ست أسمهان ما تعكريش دمك (يطبطب عليها) .
عثمان :
لا، ما تحطش إيدك علي، أنا واحدة جتتي موش خالصة، صاحبة أرياح.
كابش :
ودلوقت بقى يا ست سكر، حتتأكدي تمام إن بسيمة المغنية موجودة هنا في بيتك.
صابر :
ما أظنش يا جناب المتصرف.
عثمان :
اخرس، ماتظنش في عينك خدام قليل الحيا، دانا شايفاها بعيني هنا أول امبارح، وكانت واقفة تخدم، وسألتها عن اسمها، تقوم يا خوي المقروصة في نن عينها، تستغفلني وتقول لي قال عن اسمها سكر. بقى اسود الوش المدرغم ده، يبقى متجوز قمر ليلة أربعتاشر زي دي، ويدور يعشق ويتمعشق عليها، والنبي لأكون فاضحاه الليلة دي.
بسيمة :
آه يا خالتي أسمهان، قمستي كده أعمل إيه.
عثمان :
ولا تزعلي، إخص عليه الخاين.
صابر :
أيوه، إخص عليه الخاين، الدون المغفل البارد.
عثمان :
خف شويه.
صابر :
ويقول لي خلي بالك من مراتي قال، إخص، أتفوه (يبصق عليه) .
عثمان :
حاسب، جات عالنني يا عاجز.
كابش :
ودلوقت بقى يا ست أسمهان، عايزينك تورينا بسيمة دي فين.
عثمان :
مانا جايه علشان كده مخصوص، لكن بقى هربها المسخم على عينه.
كابش :
إزاي ده؟
عثمان :
أهي جارتنا خالتك أم زنفل حلفت لي واتقطعت، إنها شافتها بتخبط على بيت الحاجة سماسم الداية.
كابش :
آه الملعون، وانت ماتعرفيش فين بيت سماسم دي؟
عثمان :
أمال، أهه تو ما بقيت في قنطرة فرفور، تقول فين بيت الحاجة سماسم ألف من يدلك.
سكر (تدخل) :
ستي ستي، دورت لما قلت بس، موش باين له ريحة أبدا.
كابش :
لازم حصلها على هناك.
عثمان :
هو يقدر على بعدها، دايب فيها دوبان.
كابش :
طيب معلهش، يبقى ده على مره، إن ما كنت حالا أجيبهم في حديد أتباعي كلهم تحت (وهو خارج)
يا خدم يا حشم يا جنود (يخرج) . (الجميع يضحكون)
عثمان :
إزايكم بقى في الملعوب ده؟
سكر :
يا حفيظ! أنا روحي بقت في قعور رجلي.
بسيمة :
أما لو كان فقسك.
صابر :
كنا روحنا في داهية.
عثمان :
فشر، يفقسني! لكن بذمتكم موش مسبوك؟
صابر :
مسبوك؟! دانت زي اللي تكون اتولدت مرة، موش القاضي عثمان.
فيظ الله (يدخل) :
أمان ربي أمان، جوز بنتي حظرة قاضي عثمان، إلبس ملابس نسوان!
عثمان :
حنقول له إيه ده، لا يا حماي، ده أنا أصلي كان فيه عندي قضية ولازم ألبس لها مرة.
صابر :
أيوه، القانون يحتم عليه يفحصها وهو متخفي.
فيظ :
عفارم عفارم، قاضي محكمت، وبوليس سري لفحص قضايات، عفارم عفارم.
كابش (من الخارج) :
لا أبدا، ده غش، ده احتيال، لازم أنا أظبطه بنفسي.
سكر :
يا خبر الراجل رجع (يدخل كابش) .
صابر :
إيه فيه إيه يا سيادة المتصرف؟
كابش :
فيه إيه يا غشاشين يا نور؟! أنا لسه ماحصلتش الباب، قابلتني أسمهان الحقيقية، وقالت لي إن البنت اللي عامله نفسها خدامه دي هي ذاتها بسيمة المغنية.
فيظ :
إيه، إنت كلم إيه حظرة متصرف! دي بنتي سكر.
كابش :
اخرس، سكر في عينك منك له له لها لها.
عثمان :
أيوه، يا جناب المتصرف.
كابش :
تعالى هنا، إنت لسه بتتعوج لي وانت نصك عثمان ونصك أسمهان، يا خدم يا حراس، يا كل الناس.
الجميع (يدخلون) :
مولاي.
كابش :
أقبضوا عليهم كلهم، وخدوهم على سراية مولاي الأمير مندور ينظر في شأنهم.
لحن ختام الفصل
الجنود :
جرجروهم الاجرمه الأربعة
مقبوضا عليهم
نصابين وملوعين والجريمة
باينه من عنيهم
والدليل عالشيطنة والأبلسة
رجالتهم يلبسوا هدوم النسا
الليلة دي فوق دماغهم
ليلة عكرة محروسة
عثمان :
أنا أستاهل اللي جالي
اللي ما رضتشي بقديمي
قاضي متوظف رجالي
واتقفش قفشه حريمي
الجنود :
أبو خلقة مطينة
ينجعص في محكمة
والقوادم زينا
يعملوهم ملطمة
صابر :
هو كان يعني ضروري
حضرتك تعمل لي فالح
عثمان :
طب وأنا مثلت دوري
لأجل مين يا ابو وش كالح
بسيمة :
لأجلنا والحيلة خابت
والنهاية عين وصابت
سكر :
هي واقعة مزلقة
واحنا والقسمة بقى
جنود :
ياله دور صولا طبره
عالحكومة يا حشلمنتي
عثمان :
غرقة يا محكمتي غبرة
يا اللي ما لحقتي تشتغلي
جنود :
لما أبوك وأمك برابرة
ليه بتلبس لبس مالطي
عثمان :
اللي ما فيه خرق إبرة
أسمهان والله اتوحلتي
جنود :
شكله مقرف شكله عبرة
واللي متجوزها بلطي
عثمان :
المهارة والمكابرة
ضيعتني سالطي جالطي
جنود :
ياله دور صولا طبره
عالحكومة يا حشملنتي
طبره صولا
صولا طبره
طبره صولا
صولا طبره
الفصل الثالث
لحن
الآلاتية :
آلاتية وبحابيح على ذوق السميعة
في ليالي التفريح نتقمع تقميع
لكن الألسطة وهات يا أوسطه
من دوكه لدركه لبياتي
لحجاز لعجم لعراق
وقانونجي يقسم بياتي
يتشخلع ويا الرقاق
بنات :
ونرقص احنا بخفيه
على النغم أشكال والوان
وعنها ودور مهاتيه
كمان كمان والله كمان
والمبسوط يرمي نقوط
بالكبشة والحفنة
على ضحكة ما غيرهاشي
والحظ بيتحفنا
وأهه كده والا بلاش
الاثنين :
الله يا سيدي بعد التصليح
ما نخش مع بعض في توشيح
توشيح
غضي جفونك يا عيون الخنفس
منك استحيت أقزقز ترمس
بالذي أبدع من حلو النشا
كل صحن من بلوظه مدندشه
والذي مصمص شفتيك بما
سجد الحاتي لديه واخشتى
والذي أجرى الريالة عندما
جابو الكنافة مقرمشة
ضع على بقي كفتاك فما
أجدر اللهط لطلاب العشا
عثمان (من الخارج) :
يا جماعة يا اللي هنا (يدخل)
أمال يعني سامع طبل وزمر وهيصه، ولافيش حتى صريخ ابن يومين، هم حبسونا هنا ونسيونا؟ أنا موش فاهم المسألة دي حتنتهي على إيه. آخ يا ناري، ما إيدي تتلايم عليه كابش الكلب ده، كنت أكبش في مصارينه لما أخليه يتلوى. الله ينكد عليك يا صابر يا بن حوا وآدم، زي ما ترمينا الرمية دي بسببك انت وبسيمة الزفت بتاعتك، وموش صعبان علي إلا مراتي المسكينة، يا ترى حابسينها فين روخرة؟ يا ترى إنت فين دلوقت يا سكر؟
سكر (تدخل) :
إيه! مين ده اللي بيقول سكر؟ عثمان؟
عثمان :
سكر.
سكر :
آه، إنت هنا لوحدك يا حبيبي؟
عثمان :
أمال يعني حايجيبوا لي إلألاتيه، أهم لقحوني هنا من ساعة ما جابوني، ولما قرص علي الجوع طلعت أهاتي أهه.
سكر :
وأنا كمان قربت أعيط م الجوع.
عثمان :
تعيطي تصوتي، إيه اللي حنعمله، أمرنا لله. هم لازم حكموا علينا بالموت جوعا موش شنقا، لاجل ما يعجب بسلامته سي فيظ الله خان أبوك، قال لازم سكر جوز قاضي محكمات، يجي يخلصنا بقى من دي المصيبات الوحلات، اللي وقعنا فيهات.
سكر :
أنا موش غايظني بالأكتر غير كونهم موش راضيين يصدقوا كلامنا أبدا، وفاكريني بسيمة لحد دلوقت.
عثمان :
أهه كل ده لاجل قسمتي السوده.
سكر :
ولكن برضه لما يحققوا ويانا، حنثبت لهم إني أنا موش بسيمة ونتبرأ وتنتهي المسألة.
عثمان :
إيه تنتهي، ياخي دي حتلبخ زيادة وزيادة. إسأليني أنا، هو أنا موش كنت قاضي وعارف القانون، دانا لسه سالت إيدي من محاكمة بتاع الكبدة امبارح بس.
سكر :
يعني فكرك يعملوا فينا إيه؟! يحكموا علينا؟
عثمان :
هي دي عايزة كلام، خصوصا وإن صاحبنا صابر ما صدق إنهم قفشونا، وحط كتف هو وبسيمة بتاعته، وادحنا سرينا فيها بدماغنا أهه.
سكر :
طيب اسمع، ليه ماتجيش ناخد بعضنا ونهرب احنا روخرين؟
عثمان :
نهرب! دانت يظهر إنك بقيت نبيهة زي أبوك؟ إنت فاكرانا لسه في الخان بتاع عمك توكل، إحنا هنا في سراية الوالي، ماشفتيش الحراس عالابواب وانت داخله، اللي بحربه واللي بمزراق، واللي بجزمه قد كده.
سكر :
بقى يعني خلاص مافيش طريقة أبدا؟
عثمان :
والله ما أظنش، هيه، مين اللي جاي يتلوى ده؟
سكر :
ده المتصرف الزفت كابش.
عثمان :
طيب اركني على جنب.
كابش (يدخل) :
أيوه، أهي دي فرصة عال، دلوقت يمكني أقابلها ولا حد ولا محتد.
عثمان :
ده يظهر إنه رايح على أودتك. إحم إحم.
كابش :
إيه مين؟ هو انت يا إسود الوش! ومعاك بسيمة برضه، إنت لسه ما حرمتش، حتى هنا كمان محلق عليها يا لئيم يا مزور يا غشاش.
عثمان :
طول بالك يا مولاي أنا أفهمك الموضوع.
كابش :
موضوع إيه اللي تفهمه لي يا كذاب يا نصاب، موش كفاية استغفلتني هناك وعملت روحك ست. أنا أتهزأ، أنا ينضحك علي من واحد زيك، معلهش أنا أوريك.
عثمان :
ما هو بس ...
كابش :
ما بسش.
عثمان :
بس.
كابش :
ما بسش.
عثمان :
إن شاء الله ما بس.
كابش :
وانت يا بسيمة، يكون في معلومك، إن مولانا الأمير مندور، أصدر أمره بمناسبة الاحتفال بالمولود الجديد اللي اتولد النهارده، إنك تطربي المعازيم بصوتك الجميل، ياذات الحسن والجمال.
سكر :
أنا يا مولاي؟
كابش :
أيوه ده شرف عظيم علشانك، ويمكن بالسبب ده مولانا الأمير يصفح عنك ويسامحك.
عثمان :
لكن دي ما تعرفش تغني يا مولاي.
كابش :
نعم! أمال انت اللي تعرف تغني؟!
عثمان :
أنا أصوت بس.
كابش :
عايز تشتغل علي نمرة جديدة أظن، إنت فاكرني إيه، حمار؟!
عثمان :
العفو، إنت أكبر من كده يا مولاي، ثم دي ما تبقاش بسيمة زي ما انت فاكر جنابك.
كابش :
أمال تبقى مين يا سيدي؟
عثمان :
دي مراتي سكر.
كابش :
إيه مراتك سكر؟
سكر :
أيوه يا مولاي.
كابش :
ها ها ها، أنا في حياتي ماشفتش راجل ملوع زيك أبدا!
عثمان (على حدة) :
وأنا في حياتي ما شفتش راجل مغفل زيك أبدا.
كابش :
ياله استعدي يا حضرة المغنية على بال ما نبعت لك خبر، ماتطاوعيش الراجل ده لا تروحي في داهية وياه، واديني ها ادي خبر لمولاي الأمير. هيه عايزين نسمع بقى هيه، ها ها ها (يخرج) .
سكر :
إيه العمل؟ وانا حاعرف أغني إزاي؟
عثمان :
يعني لو كنت فأعتيه كام ليل في وشه بصوتك الحياني ده موش كان صدق إنك موش بسيمة وانتهينا.
صوت (من الخارج) :
أيوه اتفضلوا من هنا.
عثمان :
إيه ناس جايين، ياله بنا على جوه، بلاش الأودة اللي عرف طريقها دي.
سكر :
أيوه أحسن (يخرجان) .
بسيمة (داخلة مع صابر) :
تعالى بس ماتخافش.
صابر :
يا حفيظ! حق سبحان من وصلنا لحد هنا، أهي لو ما كانتش الهدوم دي اللي أنعم علينا بها الأمير غازي صهر الأمير مندور، ما كناش قدرنا ندخل هنا أبدا.
بسيمة :
ولا تنساش إن الفضل بالاكتر، لكونه يعرفني وسمعني كتير، وكمان الورقة اللي كتبها لنا دي هي اللي نفعتنا.
صابر :
أيوه صحيح، بمجرد ما اطلع عليها رئيس الحجاب، جري ووسع السكة قدامنا، زي المعازيم الأكابر بحق وحقيق.
بسيمة :
المهم دلوقت إننا نبحث عن عثمان وسكر، ونبشرهم البشرى الجميلة دي علشان يتطمنوا المساكين.
صابر :
بس أنا خايف لا الأمير مندور، ما يقبلش رجا من صهره الأمير غازي، ويبقى ذنبهم في رقبتنا.
بسيمة :
لا يستحيل يرفض طلبه أبدا؛ لأنه أبو الست بتاعته. آه، من حق اسمع استناني هنا أما أخش جوه، يمكن أعتر في عثمان وسكر.
صابر :
طيب بس ما تغيبيش علشان أتطمن.
بسيمة :
لا موش حاغيب (تخرج) .
صابر :
آه يا ربي، إمتى بقى حننتهي من المتعاب دي كلها، ده لو كان جبل كان اتزعزع، مين قاسى واحتمل في حبه أكتر مني؟ مين اتلوع في هواه زيي؟!
بسيمة (من الخارج) :
المسألة حصل فيها سوء تفاهم يا مولاي.
صابر :
آه، بسيمة جاية هي والأمير مندور، ربنا يستر.
مندور (يدخل مع بسيمة) :
أمال إزاي اللي اسمه عثمان ده، فهم المتصرف كابش إنك انت موش بسيمة؟
بسيمة :
أيوه ، لأن اللي قبضوا عليها تبقى مراته هو.
مندور :
يا سلام، ده لازم يكون جميل خالص، حتى إنك بتحبيه للدرجة دي؟
بسيمة :
هو إيه اللي جميل وباحبه؟!
صابر :
دانت حسك يتنبح على ما تفهميه.
بسيمة :
ما هو أطرش ما بيسمعش، أعمل له إيه؟!
مندور :
هيه، وده مين ده؟
صابر :
أنا صابر يا صاحب السمو.
مندور :
آه، حبيبك الأولاني، موش كده؟
بسيمة :
ده بقى جوزي يا مولاي.
مندور :
إنت لازم تفهم إن بسيمة غالية عندي جدا، وللسبب ده أنا اهتميت بالبحث عنها، لأني أحب إنها تكون دايما قدام عيني، أمتع نظري بجمالها الفتان، واسمع ... (على حدة)
موش قادر أقول أسمع صوتها لأني ما باسمعش، أيوه، وعلشان خاطرها هي وبس، أنا حاعفي عنك واسامحك في التزوير اللي عملته وسميت نفسك عثمان يا حضرة القاضي.
صابر :
ده بيهجص بيقول إيه ده؟ يعني خلصنا من كابش هناك، نيجي نقع فيك انت يا أطرش.
مندور :
عال عال، أهه ده كلام كويس، أنا دلوقت أنبسط منك، تقدر بقى تتفضل من غير مطرود، وتسيب بسيمة هنا، والا تحب تحضر الحفلة لآخرها؟ على كيفك، اتفضل جوه، خد حريتك.
صابر :
الله يفرسك يا بعيد.
مندور :
لا لا ماتشكرنيش ولا حاجة، ده واجب يا ابني.
حاجب (يدخل مع البنات) :
أيوه اتفضلوا الحفلة حتبتدي دلوقت، هاتوا المطربات.
لحن
بسيمة :
مين زيك خده فوقيه وردة
اتبخر عيني عليك باردة
بنات :
مين زيك خده فوقيه وردة
اتبخر عيني عليك باردة
بسيمة :
ده حسنك القمر منه مكسوف
ووسطك كحك إيه ده اللي ملفوف
اللحظ فتان والجسم ريان
لك بدع كله جنان في جنان مين زيك
بنات :
مين زيك خده فوقيه وردة
اتبخر عيني عليك باردة
ده حبك لأجل خاطره تروح أرواح
يا قلبك تشبك الخالي والمرتاح
ما تخافش يا فرار لا الدفة تندار
وتحب وتوحوح من النار ومين زيك
بسيمة :
تلذك فرقتي من الباب للطاق
وأعزك شفت كده والنبي أخلاق
أبدا ما أظنيش تقلك ده ما يجيش
فداك أنا بس انت تعيش ومين زيك
عمايلك شيء كتير ولا لوش تعداد
واحايلك وانت يوم عن يوم تزداد
ندرت لو جيت في يوم ورقيت
لأودي شمعة لأهل البيت ومين زيك
بنات :
مين زيك خده فوقيه وردة
اتبخر عيني عليك باردة
حاجب (بعد اللحن) :
اتفضلوا للعشا (يخرج البنات وصابر. يبقى مندور) .
ظابط (يدخل) :
مولاي.
مندور :
إيه فيه إيه؟
ظابط :
قاضي بنارس إداني العريضة دي، علشان أقدمها لسموك.
مندور :
وريني (يقرأ)
ده بيتظلم لكونه بقى له مده كبيره في بنارس، وبيطالب بنقله لمحكمة أكبر؛ لأن له حق في الترقية.
ظابط :
أيوه يا مولاي.
مندور :
طيب خد العريضة خليها معاك دلوقت، وروح ابعت لي عثمان هنا حالا.
ظابط :
أمر مولاي (يخرج) .
مندور :
عال خالص، أهه أنا دلوقت اطمأنيت من جهة بسيمة؛ لأن حبيبها عثمان تعهد إنه يرحل من البلد.
عثمان :
ده كلام فارغ، يا يموتونا يا يسيبونا.
مندور :
مين اللي جاي ده؟ آه، ده لازم القاضي اللي مقدم العريضة، أما ننظر في أمره على بال ما يجي صاحبنا عثمان.
عثمان (يدخل) :
آه، مولانا الوالي أهه سلام عليكم يا مولاي.
مندور :
اسمع يا حضرة القاضي.
عثمان :
إيه، قاضي؟! بقى أنا لسه ما اتعزلتش من وظيفتي. الله يبشرك بالخير يا مولاي.
مندور :
أنا فهمت مسألتك من طقطق لسلام عليكم.
عثمان :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مندور :
وفي الوقت نفسه لازم تفهم إني مضطر أخليك تستنى سنتين في مركزك ده، يعني تفضل زي ما انت ماتتنقلش.
عثمان :
إزاي ده؟! أفضل محبوس هنا سنتين، ده عدل يا مولاي؟
مندور :
وأهه في بحر السنتين دول، لازم أوجدلك حاجة أكبر.
عثمان :
حاجة أكبر! يعني اللومان بقى؟!
مندور :
استحمل يا ابني علشان خاطري، معلهش.
عثمان :
خاطرك إيه يا مولاي، أنا عملت حاجة لده كله يا مولاي، أنا مظلوم يا مولاي.
مندور :
اعمل معروف يا حضرة القاضي ما تكترش.
عثمان :
قاضي مين! أبقى رايح اللومان ويقول لي قاضي برضه.
مندور :
أيوه، لأن الزيطة بتاعة الليلة أثرت على وداني خالص.
عثمان :
يي يي يي، إخص على مغفليتي، دانا ناسي إنه أطرش وعمال أدردش وياه من الصبح، لما وداني اللومان من غير مناسبة.
مندور :
عن إذنك بقى أما أشوف الظابط اللي راح يجيب عثمان إتأخر ليه.
عثمان :
ما هو أنا عثمان يا مولاي.
مندور :
أوه، من فضلك ما تبقاش لحوح، أنا أمرت، خلاص.
عثمان :
يا مولاي أنا عثمان.
مندور :
أنا عارف إنك زعلان (يخرجان) .
فيظ الله (داخلا مع كابش) :
هل حقيقة كلام حظرة متصرف؟
كابش :
إي، ودي عايزة كلام، ده شيء ثابت، ولكن إزاي يضحك عليك الملعون ده ويتجوز بنتك، ويفهمك إنه هو عثمان عبد الباسط وهو في الحقيقة اسمه صابر الولد الخباص الفلاتي اللي مهرب بسيمة؟!
فيظ الله :
أمان يا ربي! بربري زربون إعمل تزويرات ملفات من شان إمسك بنتي سكر، آه كابش غشاش.
كابش :
وهو غشك إنت بس، ده غشني أنا كمان لحد ما عينته قاضي مدينة خيوه، وأخيرا يتضح إنه راجل كداب وملوع، ولا عرفتش حقيقته إلا لما ظبطه بنفسي من شوية هو وبسيمة هنا أهه.
فيظ الله :
الله وبالله، إذا كان أنا شوفوا، لازم نزل مصارينه، أسلخ جلده أخرم عينه.
كابش :
أقل منها، ده يستاهل الحرق.
فيظ الله :
حرق شنق، لازم حالا أحصل طلاقات سكر هانم من ملعون بربري صابر.
كابش :
طبعا، وحتنتظر إيه بعد كده؟ ودلوقت عن إذنك رايح أقابل مولاي الوالي علشان مسألة مهمة.
فيظ الله :
اتفضل.
كابش :
لا حول الله، كان الله في عونك.
فيظ الله :
موش ممكن أخرج من هنا، لازم احصل طلاقات كريمة حظرتنا سكر هانم ماذا وإلا، والله بالله أنا أذبح هو.
عثمان :
يا عالم يا هوه، مافيش عدل، مافيش إنصاف!
فيظ الله :
آه، هو يجي.
عثمان (يدخل) :
آه، إنت هنا يا نسيبي.
فيظ الله :
اخرس، نسيبك في عينك. بربري ديوث ممصوص لون الربسوس.
عثمان :
الله الله، هم كلهم اتنفسوا!
فيظ الله :
إنت من شان إيه امسك واحد حرم تاني، من شان إيه كلم الناس إنت عثمان حقيقة إنت موش عثمان.
عثمان :
أمال أنا مين، بعجر؟!
عثمان :
يا ناس، يا ناس، يا أهالي. (أصوات: يحيا الأمير.)
سكر :
آه ده مولاي غازي، والد حرم جناب أفخم مولاي مندور.
غازي (داخلا مع مندور والجميع) :
انتهى كل شيء، ما يكونش عندكم فكر، الأمير جوز بنتي مندور، ما كانش فاهم اللخبطة اللي قال له عليها الأمير كابش.
مندور :
ولولا سيادتك شرحت لي المسألة كانوا المساكين دول راحوا ضحية غباوة الملعون ده.
عثمان :
إخص عليك وعليه وعلى نسيبي راخر وياكم.
صابر :
ودلوقت يا مولاي، موش الحمد لله تترد لنا حريتنا بقى، أنا وبسيمة وعثمان وسكر.
غازي :
طبعا، وموش بس كده، راخر عثمان نظرا للمتاعب دي كلها اللي قاساها من غير ذنب، أعلنه بلسان الأمير جوز بنتي إنه يعين متصرف على مدينة سمرقند، بدلا من كابش اللي يرفت من وظيفته حالا.
كابش :
الله! طيب وأنا ذنبي إيه يا مولاي؟!
عثمان :
اخرس يا فلاتي يا خباص يا بتاع النسوان.
فيظ الله :
ياله امشي اطلع بره (يخرج معه) .
عثمان :
قولوا كلكم يحيا العدل.
الجميع :
يحيا العدل.
عثمان :
يحيا الأمير.
الجميع :
يحيا الأمير.
عثمان :
ونسيب الأمير.
الجميع :
ونسيب الأمير. (يقولون لحن ختام الرواية):
نال المرام قاضي الغرام
وربنا علاه وجاد عليه
وفك قيد زملاه على يديه
الطيب من عمل الطيب
ورماه في البحر يا عثمان
ولا يمكن تحسن ويخيب
بنا أملك في الإحسان
رواية عمرو بن العاص فاتح مصر
تأليف أحمد زكي السيد وزكي إبراهيم، العرض الأول بتاريخ 24 / 12 / 1931
الفصل الأول (المنظر قرية الفرما. بيوت من الطين يحفها نخيل وكروم وعلى اليمين باب دير صغير. عند رفع الستار الجنود الرومانيون يغنون لحنا.)
اللحن
املا الكاسات واطرب على نغم الألحان
في خد وهات بين الغواني والندمان
فرفش هيص ولا تحملش للدنيا هم
اشرب فرح ولا تسألش عنها وتهتم
كل يوم تقضيه في أنسك
وانت مبسوط يبقى عيد
اجتهد واخلق لنفسك
كل يوم تفريح جديد
ليه ما نفرحش ونبقى مبسوطين
واحنا تاج روس الممالك من زمان
فوق شعوب الأرض دايما مرفوعين
مين حكم والا ارتفع زي الرومان
تعبوا أجدادنا وفاتوا لنا
مجد خالد في الأنام
وفي وصيتهم قالوا لنا
ما تعيشوش إلا كرام (بعد اللحن يخرج الجميع ويبقى بالمسرح أحد القواد وضابط.)
القائد :
هيه، خلاص جمعتوا الضرائب كلها؟
الضابط :
أيوه، خلاص، ماعدا كام واحد بيدعوا إن ما عندهمش فلوس، لكن يستحيل أنا لازم أخليهم يجيبوا طلباتنا من تحت الأرض، أهو البيت دا مثلا.
القائد :
ماله؟
الضابط :
بيت راجل عجوز من الجماعة اللي لسه ما دفعوش حاجة، وبيدعي إنه معدم خالص ولا عندو شيء، لكن أنا حاوري سيادتك دلوقت إزاي حاخليه يجيب الفلوس دي حالا.
القائد :
طيب هاته هنا علشان أنظر في أمره بنفسي.
الضابط :
أمر جناب القائد (ينادي)
يا راجل يا حنا، يا حنا.
حنا (من الخارج) :
نعم يا سيدي.
الضابط :
أخرج هنا كلم جناب القائد.
حنا :
حاضر يا سيدي (يدخل)
نعم.
القائد :
حضرة الضابط بيقول إنك ممتنع عن دفع الفلوس المطلوبة منك لحد دلوقت، صحيح الكلام دا؟
حنا :
لا يا سيدي أنا موش ممتنع، بس ما عنديش ...
القائد :
ما عندكش إزاي يا راجل انت؟!
حنا :
ماعنديش يا سيدي؛ لأن محصول أرضي وبستاني خدتوه علشان تمونوا الجيش بتاعكم، ولا خليتوليش حاجة أبيعها وأسدد منها المطلوب مني.
القائد :
ما هو طبيعي إننا ناخد محصولك علشان نديه للعساكر الرومانية اللي جاية هنا علشان تحميك وتدافع عنك.
حنا :
طيب وما دام خدتوا المحصول حادفع منين يا سيدي؟
القائد :
موش شغلنا، المهم دلوقت إنك تدفع المفروض عليك.
حنا :
طيب إمهلوني شوية، وانا اروح أستلف الفلوس دي بالفايظ وأجيبهم لكم.
الضابط :
أهو كده، دلوقت بقيت راجل طيب روح هات الفلوس وتعالى يا شاطر، ولا تنساش تجيب وياك جمدانة خمر قديمة لجناب القائد.
حنا :
طيب حاضر (يخرج) .
الضابط :
إلا ماوصلتش جنابك أخبار جديدة عن العرب اللي محاصرينا هنا في الفرمة.
القائد :
أيوه وصلنا أخبار بإن قوة رومانية كبيرة جاية النهارده تحت قيادة البطل أوركاديوس وحاتنضم لحامية الحدود اللي هنا، علشان ندخل مع العرب في معركة فاصلة، وأنا أؤكد لك إن النصر فيها حايكون حليف جيشنا الروماني.
الضابط :
لكن أنا بلغني إن بعض القواد الرومان في الشام وفلسطين والعراق سلموهم البلاد من غير حرب وانضموا لهم كمان .
القائد :
أيوه، زي يوكنا حاكم حلب اللي سلم وسمى نفسه عبد الله.
الضابط :
أيوه، وبلغنا إنه جاي على هنا مع العرب بجيش من رجاله، لكن يكونش يوكنا عاملها حيلة علشان يتمكن من وصوله هنا وبعدين ينضم للرومان ثاني؟
القائد :
أوه، إذا كان كده دي تبقى سياسة جميلة (ضجة في الخارج) .
جندي (يدخل) :
وصل المدد يا مولاي من حصن بابليون وعلى رأسه القائد أوركاديوس، وأهو جاي على هنا مع بعض الضباط (يدخل أوركاديوس والضباط) .
لحن
الجميع :
بالرمح والسيف المسنون
نحفظ كرامة دولتنا
ومهما عزت روحنا تهون
نموت وتحيا أمتنا
مجد الرومان مالوش حدود
شيء من زمان عاشم أسود
شرف مصان من الجدود
من غير هوان إلى الخلود
أوركاديوس :
حب الغواني مظهر حياتك
من غير محبة مافيش حياة
إن كنت عايز تبان صفاتك
غير الشجاعة مالكش جاه
تحبك اللي تحبها
ووحدك انت تفوز بها
الجميع :
كلنا نضحي حياتنا
في الهوى وحب البلاد
كلنا يحلا مماتنا
لما نطلع للجهاد
القائد :
إلى البطل أوركاديوس أسلم قيادة الحامية؛ اعترافا مني بشجاعته وإقدامه في ميدان القتال.
أوركاديوس :
أشكرك جناب القائد، المسألة ماهياش مسألة مجاملة أو تفاخر بالألقاب، إنما هي مسألة الشرف اللي يجب إننا نحافظ عليه بين الأمم، فيجب عليكم أيها الشجعان الأبطال أنكم تحافظوا على كرامتكم وتحتفظوا بمكانتكم إلى آخر نفس في حياتكم. ودلوقت ياللا معايا ننضم للحامية ونلتحم مع العرب في موقعة فاصلة يكون فيها النصر أو القبر.
القائد :
يعيش القائد أوركا.
أوركاديوس :
لا، بل قولوا النصر للرومان.
الجميع :
النصر للرومان.
القائد :
اتفضل يا سيد أوركاديوس وكلنا نتبعك.
أوركاديوس :
لا يا جناب القائد، خليك انت داخل البلد خوفا من الفتن الداخلية، لأني عرفت إن قبط مصر متذمرين من معاملة الرومان لهم فما يبعدش إنهم ينتهزوا فرصة الحرب ويحدثوا ثورة يكون من شأنها انتصار العرب علينا، ياللا معايا يا جنودي البواسل (يخرج مع الضباط) .
الضابط :
يا سلام ! أد إيه أنا معجب يا جناب القائد بشهامة البطل أوركاديوس!
القائد :
طبعا شاب نشيط وجميل، متربي تربية حربية صرف، وأنا أؤكد لك إن الأخبار حاتصلنا دلوقت حالا بانهزام العرب شر هزيمة (يسمع أصوات ترتيل الرهبان من الدير)
إيه دا؟
الضابط :
دول الجماعة اليعقوبيين خارجين من الدير يرتلوا أهم.
القائد :
دا أبو ميامين راهب مدينة الإسكندرية، وإيه اللي جابه هنا يا ترى؟
الضابط :
لازم جاي يلم النذور اللي بيجمعها من الأهالي للدير.
القائد :
لازم كده (يدخل أبو ميامين ومعه بعض الرهبان) .
أبو ميامين :
نهاركو سعيد يا أولادي.
القائد :
نهارك سعيد يا سيادة الراهب، إياك تكون لقيت في الدير دا إيراد كويس؟
أبو ميامين :
على كل حال موش أنا المختص بإيرادات النذور فيه، واحد مخصص لصندوق النذور، ياخد الفلوس منه ويوزعها على الفقراء والمحتاجين أول بأول.
القائد :
على كل حال الجيش الروماني له نصيب في فلوس الندر دي، وخصوصا دلوقت لإنه في حالة حرب مع العرب بسبب دفاعه عنكم وعن بلادكم.
أبو ميامين :
لكن أنا باقولك إن الفلوس اللي بتيجي بتتوزع على الفقرا أول بأول.
القائد :
كلام فارغ، إنتم يظهر إنكم نسيتوا إيه هما الرومان، وإيه اللي يقدروا يعملوه معاكم.
أبو ميامين :
ننسى؟! ننسى سنة 284 لما اتولى دقلديانوس الحكم ورفضوا مسيحيين مصر الاعتراف بألوهيته، وللسبب دا اضطهدهم وعذبهم، ودبح منهم عدد عظيم في جميع أنحاء البلاد، حتى إننا سمينا عصره بعصر الشهداء. إحنا دلوقت في سنة 640 يعنى مضى على تاريخ الشهداء لغاية دلوقت 356 سنة، 356 سنة قاسينا فيهم الذل والعذاب، وبعد كده تظن جنابك إننا ننسى إيه هم الرومان؟!
القائد :
النهاية، موش حاتجيب الفلوس؟ ياللا يا حضرة الضابط خش الدير وفتشه وهات الفلوس اللي تلقيها فيه.
الضابط :
حاضر يا جناب القائد (يهم بالخروج فيسمع ضجة يدخل جندي) .
الجندي :
إلحق يا جناب القائد.
القائد :
إيه فيه إيه؟
الجندي :
عساكرنا انهزمت والعرب دخلوا الفرما خلاص.
قائد وضابط :
إزاي دا؟!
الجندي :
أهم جايين أهم.
أبو ميامين :
المجد لله في العلا، وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة (يدخل العرب رجال ونساء ويهرب القائد والضباط) .
لحن
العرب :
مرحى مرحى جاء النصر
ولقد أضحى وله عمرو
وكفانا الدهر حوادثه
لله على هذا الشكر
نطلب النصر ولو أن العدا
في بروج شيدوها من حديد
في سبيل المجد نستحلى الردا
كلنا أسد لنا بأس شديد
إيه ليلى إيه هند
إيه سلمى إيه زينب
تهنا عجبا ودلالا
كلنا زوج محبب
نساء :
عشتوا يا حامين حمانا
مين لنا غير الأسود
إنتوا رفعتنا وعلانا
لما حققتوا الوعود
رجال :
إننا نبغي علوا في الحياة
والذي يبغي ارتفاعا لا يهاب
أي عز أي مجد أي جاه
في نفوس دونها علو السحاب (يدخل عمرو)
عمرو :
نصر من الله وفتح قريب.
الجميع :
نصر من الله وفتح قريب.
عمرو :
إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون .
الجميع :
توكلنا على الله.
عمرو :
عباد الله، لقد فتح الله علينا وهزمنا الرومان، وما النصر إلا من عند الله، ودخلنا هذه القرية ونحن نجهل ما يضمره لنا قبطها
فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا . وإن بادءوكم بالعدوان فردوا عليهم ما يبدون
وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين .
أبو ميامين (لمن معه) :
هيه، سامعين؟
عمرو :
أيها الناس، اغمدوا سيوفكم واجنحوا إلي السلم حتى
ليقضي الله أمرا كان مفعولا . عبد الله، أين عبد الله؟
عبد الله (من الخارج) :
أيوه، آديني جاي أهه يا مولاي (يدخل) .
عمرو :
عبد الله.
عبد الله :
مولاي.
عمرو :
اذهب وناد الناس بالسلم، وأن العرب تؤمنهم على أولادهم وأرواحهم وأعراضهم، وأنهم لا يحملون لهم عداوة ولا يضمرون لهم شرا.
عبد الله :
حاضر يا مولاي، يا اخواننا يا أهل البلد، إن كان راجل أو حرمه أو ولد، الحاضر يعلم الغايب، العرب ناس يعرفوا الواجب، فما تخافوش على أرواحكم ولا أموالكم ولا أولادكم، العرب ناس فنجريه ما يلعبوش أم مكيه ولا ياكلوش في الزبديه وعينهم في الرزيه، ولا يعاملكوش معامله جهنميه، ولا يخطفوش منكم العيش والغموس، زي المناجيس أولاد المنجوس.
عمرو :
ما هذا يا عبد الله؟! ترفع عن السباب
لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما .
عبد الله :
حاضر يا مولاي، ما هو بس أنا حاكم مقروص من الجماعة الرومان دول وفي بطني كل دودة منهم تبلع جمل.
عمرو :
لا بأس.
عبد الله :
ومع ذلك آديني خارج أهلل في كل حته من غير شتيمة ولا حاجة، يا أهل الفرما إن جانا منكم فقير أعطيناه، أو جعان وكلناه، كده يا مولاي؟
عمرو :
أجل، أجل.
عبد الله :
أو عريان كسيناه، واللي حرتوه الرومان بططناه، والخوف ممنوع والزعل مرفوع والرزق على الله يا عدوي (يخرج) .
عمرو :
وأنتم أيها المجاهدون، اذهبوا فاضربوا خيامكم في العراء، واستريحوا حتى يعود الرسول الذي أرسلناه ليجوس خلال الديار فنجتمع للشورى فيما عسى أن نفعل بعد هذا النصر المبين.
الجميع :
السلام عليكم يا عمرو.
عمرو :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته (يخرجون) .
أبو ميامين (يتقدم) :
نهارك سعيد يا أمير العرب.
عمرو :
طاب يومك، من أنت، ومن الذين معك، وماذا تريدون؟
أبو ميامين :
أنا أبو ميامين راهب مدينة الإسكندرية، واللي معاي دول قسس الدير اللي هنا في الفرما وجايين علشان نرحب بقدومكم، وأقول لك إنه لما بلغني إنكم ناويين على غزو مصر فرحت خالص، ونشرت الدعوة بين المصريين على إنهم يساعدوكم على قد مايقدروا علشان تخلصونا من ظلم الرومان واستبدادهم.
عمرو :
لا بأس عليكم، فقد أوصانا بكم نبينا
صلى الله عليه وسلم
حيث قال: «إذا فتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا فإن لهم ذمة ورحما.» أما الرحم فهو أن هاجر أم إسماعيل النبي - عليه السلام - مصرية من بلد اسمها أم العرب هنا أمام الفرما.
أبو ميامين :
صدقت ولا تنساش كمان إن مارية زوجة الرسول كانت قبطية.
عمرو :
إي نعم، ورزق منها إبراهيم، فقال أوصيكم بأخوال إبراهيم خيرا. واعلم أيها الحبر الجليل أن ليست هذه أول مرة دخلت فيها مصر.
أبو ميامين :
إيه سيادتك بتقول جيت مصر قبل كده؟
عمرو :
أجل كان لي بها شأن أيام الجاهلية، فلما دخلتها وجدت قبطها أكرم الأعاجم كلهم وأسمحهم يدا، وأفضلهم عنصرا، وأقربهم رحما، ولكن أين أنت من الإسكندرية؟
أبو ميامين :
لما اضطهدني القيصر هرقل هربت على هنا، ولما عجز عن القبض علي، بلغ من ظلمه إنه يقبض على أخويا الوحيد مينا.
عمرو :
أيوه أخذ أخاك بذنبك أنت، يا للظلم!
أبو ميامين :
ومثلوا به أبشع تمثيل، وولعوا المشاعل وحرقوه من بعد ما عذبوه في حياته أشد العذاب.
عمرو :
يا للوحشية!
أبو ميامين :
وبعدين أمرهم القيصر يحطوه في كيس كبير مليان رمل ويرموه في البحر، ومات المسكين وهوه بيشكي لرب السموات من غدر القيصر الجبار (يبكي) .
عمرو :
كفكف دموعك، وخفف عن نفسك، لقد زالت على أيدينا دولتهم في العراق والشام وبيت المقدس، وهي لا محالة زائلة كذلك في مصر بإذن الله، وإذا تم لنا ذلك أيها الحبر الجليل، فسنردنك إلى مكانتك معززا موفور الكرامة.
أبو ميامين :
نعم الشهامة يا أمير العرب، منين أقدر أوفيك بواجب الشكر، المجازي في الحقيقة هو الله.
عمرو :
وكفى بالله شهيدا، أما أنتم أيها الرهبان، فلتعودوا إلى معبدكم آمنين، ونحن الكفيلون بالسهر على أرواحكم وإقامة شعائركم. ووالله لن يمس أحدكم بسوء طالما كان فينا - نحن العرب - رمق من الحياة.
الرهبان :
حيا الله العرب، عاش أمير العرب.
أبو ميامين :
الليلة يا نصير المروءة، يا مجير الضعاف، نقيم الصلوات في المعبد متضرعين لله لكي ينصرك على الرومان (يخرجون) .
عمرو :
إن النصر بيد الله يؤتيه من يشاء (يرى حنا داخلا) .
حنا (داخلا معه زجاجة خمر والنقود فيخاف) :
اتفضل يا سيدي استلفتهم بالربا، إيه إيه، الله، الله!
عمرو :
ما بك أيها الرجل؟ تكلم.
حنا :
اللهم اجعله خير، أنا لازم باحلم.
عمرو :
بل إنك لست بحالم يا هذا.
حنا :
ألا موش حلم، هوا أنا عنيه مش في وشي، طب لما أنا صاحي ما قدرش من غير زعل أفهم حضرتكم تبقوا مين؟
عمرو :
نحن العرب.
حنا :
العرب! رحنا في داهية، خلصنا من بلوة طبينا في أزفت منها.
عمرو :
لا تخف فما من بأس عليك، وما هذا الذي تحمله؟
حنا :
دول الفلوس والخمرة للجماعة الرومان اللي كانوا بيلموا الضرايب هنا، اتفضلوا خدوهم بس ما تئذونيش لا أنا ولا أولادي.
عمرو :
خل ما معك، فنحن لا نأخذ إلا الصدقات من الغني الميسور ونهبها للفقير المسكين.
حنا :
بس عدهم قبله، أنا والله مستلفهم بالفايظ، ودوق حضرتك الخمر، حاجة على كيفك.
عمرو :
نحن أيها الشيخ ما دخلنا بلادكم لاغتصاب أموالكم أو متاعكم، إنما لنشر لواء العدل والإنصاف والمساواة بين الناس وبث روح الطمأنينة والسلام، فعد إلى بيتك بما تحمل مطمئنا على نفسك وأولادك ومالك.
حنا :
أنا موش مصدق والله.
عمرو :
كيف؟ أتراه غريبا إلى هذا الحد أن تقف نفوسنا عن مال هو ليس من حقنا.
حنا :
كل الناس اللي جم فتحوا مصر قبلكم كانوا بينهبوا اللي ورانا واللي قدامنا، ويظلمونا ويسخرونا ويدوسوا على مزروعاتنا ويدبحوا مواشينا ويخربوا بيوتنا، ويا ويل اللي كان يستجري يقول لهم بم.
عمرو :
لهم دينهم ولنا ديننا.
حنا :
يا سيدي أنا عاوز أشكرك قوي بس لساني ماعرفش يترجم لك.
عمرو :
لسوف ننتقم لكم من دولة الرومان التي ساقتكم سوء العذاب.
عبد الله :
الأمان يا خايفين، الأمان يا مرعوشين، العرب دخلوا منصورين والرومان وقعتهم زي الطين والفاتحة ولا الضالين.
عمرو :
وها أنت تسمع أننا ننادي بالأمان.
عبد الله :
الأمان يا فقرا، الأمان يا غلابة، انتصرنا ع الجيوش النهابة.
جندي :
لقد أعددنا لك الخيمة يا مولاي.
عمرو :
حسن (يخرجان) .
عبد الله :
هما يا خويا اللي خايفين منا والا احنا اللي خايفين منهم، أيوه أهم كلهم دلوقتي ناموا في الخيام وأنا اللي علي الحراسة.
مرقص : (يدخل)
سعيدة.
عبد الله :
سعيدة مين، إنت أعمى بنواضرك مش عارف تميز بين عبد الله وبين سعيدة، شايفني قدامك لابس طرحة؟!
مرقص :
لع أنا باحييك، باسلم عليك.
عبد الله :
آه باللسان بتاعكم يعني.
مرقص :
أيوه.
عبد الله :
طيب سعيدة ورحمة الله وبركاته، وحضرتك تبقى مين بالصلا ع النبي؟
مرقص :
محسوبك مرقص عبد المسيح بن حنا بن مينا بن عبد السيد بن غبريال بن ...
عبد الله :
عندك عندك! استنى أما أروح أندهلك وردان الترجمان بتاعنا هو اللي يعرف لغتكم.
مرقص :
لا لا مافيش لزوم، الحكاية ماحاوداش جد كده، أنا بس باعرفك باسمي.
عبد الله :
دا حدوتة مش اسم! النهاية، إزيك ياسي، ياسي إيه؟
مرقص :
مرقص بن غبريال بن ...
عبد الله :
مرقص وبس ما تقولش الباقي.
مرقص :
الأمر وما فيه عايز أقصدك في سعال صغير، حضرتك كنت ويا العرب لما فتحوا الشام؟
عبد الله :
طبعا، وكنسنا لك الرومان دول حته كنسة لكن على ذوقك.
مرقص :
الله يبشرك بالخير.
عبد الله :
وحضرتك بقى من أهالي البلد الصغيرة دي اللي كلمه ورد غطاها؟
مرقص :
أجول له إيه عاد؟ لع، أنا من عساكر يوكنا حاكم حلب.
عبد الله :
يوكنا، دا مبقاش اسمه يوكنا، دا أسلم دلوقتي وبقى اسمه عبد الله على اسمي (مرقص يضحك)
بتضحك على إيه يا واد انت؟
مرقص :
باضحك على يوكنا اللي أسلم.
عبد الله :
إزاي بقى؟
مرقص :
أيوه لإن يوكنا دا جاي معاكم وأسلم مخصوص لاجل ياخد ستي أرمانوسه يوصلها لخطيبها جسطنطين.
عبد الله :
يي يي يي، شوف الراجل اللئيم، وعامل إنه جاي ويانا علشان يساعدنا؟ وحايوصلها له فين بقى ياسي مرقص وبس؟
مرقص :
حايوصلها له دمياط؛ لأنه بعت خبر بأنه بينتظرها هناك لاجل ما يسافروا سوا عن طريق بحر دمياط. ويوكنا دا جاي معاكم بجيشه علشان يأمن على نفسه، وتو ما وصل لها سالم ياخد ستي يوصلها لخطيبها.
عبد الله :
لكن خطيبها قسطنطين اللي بتقول عليه دا مات في الحرب يا ابني.
مرقص :
مات؟
عبد الله :
مات وبقى ديله سبع لفات.
مرقص :
واه، الكلام اللي عاتجوله دا صح؟
عبد الله :
آه، وأنا اللي مخلص عليه بإيدي.
مرقص :
حقه دلوك لما يبلغ ستي أرمانوسه خبر موته حاتطير من الفرح.
عبد الله :
ليه، هي بتكرهه؟
مرقص :
أيوه بتكرهه، وبتحب القائد أوركاديوس بن البرلفكيتوس تيودور.
عبد الله :
إنت يا واد انت، يا تتكلم زي الناس يا تروح لحالك.
مرقص :
ليه بس؟ إيه اللي ما فهموش؟
عبد الله :
أوركاديوس فهمناها إنها اسم ، والبرفكشيون دا يبقى إيه؟
مرقص :
آه البرلفكيتوس يعني، دي كلمه لاتينية زي ما تقولوا عندكو أمير الجيوش.
عبد الله :
آه، يكونش اللي بنقول عليه احنا الأعيرج؟
مرقص :
مظبوط، وسبب سميانه الأعيرج إنه كان انصاب في موقعة قبرص بسهم في رجله خلاه يعرج شويه، ومن يومها العرب سموه الأعرج.
عبد الله :
بقى الراجل يوكنا الملعون ده منافق للدرجة دي؟!
مرقص :
بس خلاص اللي أنا جاي أستعلم عنه آديني عرفته، عشان ستي أرمانوسه لما داخلتها الوسوسه من يمة الأمير يوكنا، بعتتني أسأل إذا كان الأمير جسطنطين موجود في دمياط بصح والا سافر القسطنطينية.
عبد الله :
روح قولها لا هنا ولا هنا، قل لها سافر الآخرة ومش راجع تاني.
مرقص (ناظرا للخارج) :
طيب بس بس، أحسن الأمير يوكنا جاي على هنا أهه.
عبد الله (ناظرا) :
آه، ولسه بملابسنا العربي ومعاه واحد روماني تاني بيتكلموا باهتمام، تعالى يا واد يا مرقص اتدارى الناحية دي أحسن يشوفك يؤذيك.
مرقص :
أيوه أيوه (يختفيان) .
يوكنا (داخلا مع جندي روماني في ملابس عربية) :
عظيم قوي، يعني وصلت الرسالة بنفسك للأمير كيروس؟
الجندي :
أيوه، وأول ما قراها وشاف عليها إمضاء الأمير قسطنطين اللي حضرتك ...
يوكنا :
مزروها، هه؟
الجندي :
أمر في الحال بسفر بنته أرمانوسه على بلبيس، وأهي هناك في انتظار حضرتك علشان تيجي تستلمها زي ماهو في الجواب، ومن حسن الحظ إن خبر وفاة الأمير قسطنطين ماحدش هناك يعرفه أبدا.
يوكنا :
كويس خالص، ياللا بقى ننتهز الفرصة دي ونسافر حالا على بلبيس، بس الخوف ليشيع خبر موت قسطنطين قبل ما أكون استوليت على أرمانوسه؛ لأن الأمير كيروس يمكن يبعت رساله للعرب والا العرب يبعتوا له حد من طرفهم فيبلغهم خبر موت قسطنطين ويعرفوا إني مزور، وتروح أرمانوسه من إيدي وقليل إن ما قطعوا خبري بالمرة.
عبد الله (من مخبئه) :
إن شا الله.
الجندي :
أمال إيه الرأي يا مولاي؟
يوكنا :
الرأي إني أقتل كل رسول أقابله جاي على هنا، أو أشوفه رايح هناك.
عبد الله (من مخبئه) :
يخرب بيتك.
يوكنا :
أيوه علشان أكون مطمن من عدم وصول خبر موت قسطنطين لأرمانوسه أو أبوها أو حاكم بلبيس.
الجندي :
رأيك في محله يا مولاي.
يوكنا :
ودلوقت ياللا بنا بقى قبل ما يروح الوقت (يخرجان) .
عبد الله (يدخل ومعه الطبلة مع مرقص) :
أما راجل لئيم صحيح، أوعى ياواد يا مرقص وبس يقابلك وانت راجع يخلص على عمرك.
مرقص :
طيب توعدني بشرفك توصلني للأمير عمرو علشان أحكي له الحكاية بنفسي.
عبد الله :
أعدك بشرفي إني أوصلك للأمير عمرو وتحكي له الحكاية بنفسك.
مرقص :
طب عن إذنك عاد لما أروح اتدارى في بيت أخوي، ولما الأمير ياخد راحته ويقوم أبقى جدمني له، نهارك سعيد (يخرج) .
عبد الله :
نهارك سعيد ورحمة الله وبركاته، أعوذ بالله، دول جماعة ملخبطين قوي، آه من حق أما نجرب أصحابنا ليكونوا دخلوا الخيام وناموا، وابقى أنا اللي صاحي لوحدي (يدق الطبل فيدخل بعض رجال العرب) .
1 :
ما بالك يا عبد الله؟
2 :
ماذا جرى؟
عبد الله :
لا أنا بس باجربكم.
1 :
يا لك من مهزار!
2 :
أجل (يخرجون) .
عبد الله :
عال، ما دام هم صاحيين أنام أنا بقى (يجلس)
آه في عيونك يا بخيتة، يعني حايتم انتصارنا للنهاية وتنكتب لي الحياة وأشوفك تاني يا روحي، آه يا بخيتة أظن أول ما تشوفيني راجع كده منتصر، يا سلام، كانت على طول تروح واخداني بالحضن، وليلتها تدبح لي الجدي اللي احنا مربيينه، أهه أنا ماليش شغلانه هنا في الجيش غير اهجم، اضرب، عساكر الرومان أهم يا عمرو، ادبح اسلخ (ينام ويحلم)
اضرب.
القائد (داخلا ومعه كيس نقود) :
آه، فيه واحد نايم أهه، يظهر إنه من العرب (يقترب مع الضابط) .
عبد الله (يحلم) :
الرومان، اضرب، اضرب (يهربان بذعر) .
الضابط (عائدا بحذر) :
تعالى ما تخافش يا جناب القائد، دا بيحلم.
القائد :
الأصوب إني أموته أحسن يروح ينبه العرب ييجوا يموتونا.
الضابط :
لا، الأحسن قبل ما نموته ناخد منه معلومات عن جيش العرب، علشان نوديها للقائد أوركاديوس.
القائد :
في محله (يقتربان ويضعان سيفيهما على عنق عبد الله) .
عبد الله (يحلم ) :
آه خلاص يا بخيتة، خلاص فتحنا مصر، تعالي في حضني تعالي (يحضن السيفين ويستيقظ)
آه والله باين فتح مصر قفل على عمري أنا!
القائد :
عايز السيف دا ينشال من على رقبتك؟
عبد الله :
زي بعضه.
القائد :
زي بعضه إزاي؟ عايز تموت؟!
عبد الله :
اللي تحسبوه، العمر واحد والرب واحد والرزق واحد واللي حايموت برضه واحد.
الضابط :
يعني إيه؟
عبد الله :
يعني انتو وذوقكم بقى.
القائد :
ذوقنا إننا نعفي عنك ونديك الفلوس دي.
عبد الله :
فلوس، طيب يا خويا هات كتر خيرك (يهم بالخروج) .
الضابط (يمسك به) :
تعالى هنا رايح فين؟
عبد الله :
رايح أدي الفلوس دي لمولاي الأمير عمرو.
القائد :
لا، الفلوس دي لك انت.
عبد الله :
لي أنا؟ وعلشان إيه بقى؟
الضابط :
علشان ماتقول لنا على الخطة اللي ناوي يتخذها جيش العرب في حربنا.
عبد الله :
أنا! أنا لا أخون أهلي وعشيرتي بمال الدنيا كلها؟ خد فلوسك أهي.
الضابط :
ماهو إن ماكنتش حاتاخدهم حاييجي غيرك ياخدهم ويقول لنا اللي احنا عايزينه.
عبد الله :
أبدا، العرب مافيهمش راجل ندل يرتكب الخيانة دي.
القائد :
حيث كده لازم نقتلك.
عبد الله :
أظن موش من الشرف إنكو تقتلوني وأنا أعزل، إذا كان عندكو شهامة صحيح، واحد لواحد، واحد منكم يديني سيفه والتاني يبارزني وإذا انتصر علي وقتلني أموت شهيد إلى رحمة الله.
الضابط :
عندك حق، خد سيفي أهه (يناوله السيف فيتبارز مع الثاني) .
عبد الله (بعد محاوره) :
ومع ذلك إذا قتلتوني موش حاتستفيدوا في شيء (يرجع السيف) .
الاثنين :
إزاي؟
عبد الله :
أيوه، لأني أنا في جيش العرب زي شرابة الخرج تمام.
الضابط :
أمال إنت صنعتك إيه عندهم؟
عبد الله :
أنا أقول لك على صنعتي، بقى مولانا الأمير عمرو عنده حصان، والحصان دا تمللي بيحرن ما يرضاش ينزل الميدان إلا إذا كنت أنا أقف قدامه أترقص له واعمل له كده (يدق الطبل فيدخل الجميع شاهرين السيوف ) .
الرسول (هاجما) :
عندك (ومعه كتاب) .
عمرو :
كف عنهما يا رسول أمير المؤمنين.
عبد الله :
خليه يقتلهم يا مولاي ، دول كانوا عايزين يدبحوني.
عمرو :
كيف؟ أنتما أسيرانا، فسلما سيفيكما أو تقتلا.
القائد :
لا أبدا، موتونا أحسن.
الضابط :
لا أنا سيفي أهه، موتوه هو لوحده (يسلم سيفه) .
القائد :
مستحيل، أنا أموت كريم، ولا أعيش جبان ذليل موتوني أحسن.
عمرو :
في مقدورنا أن نفعل، فالساعة أنت ضعيف ونحن الأقوى كما ترى، ثم إنك كدت تقتل أحد المجاهدين عدوانا منك، فأوجبت علينا قتلك
فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين
بيد أن قوتنا تأبى إلا أن تهب ضعفك الحيا، على أن تسلم سيفك وتكون أسيرنا.
عبد الله :
يا أخي سلم بلاش مقاوحة (يأخذ منه السيف)
هات دول روخرين (يأخذ كيس النقود)
عامل لي فركوكه ياخي، ياباي كلني، فصل لك مني لفة قمر الدين، الفلوس دي جمعوها من الأهالي ظلما وعدوانا يا مولاي (يعطيهم لعمرو) .
عمرو (لزياد) :
سلهم يا زياد من أصحاب هذه الدنانير، وتول إرجاعها إليهم بنفسك، ولا تنس
إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل .
وردان :
اتبعاني أيها الرجلان.
عبد الله :
اتبعاه امشي معاه (يخرجان مع زياد) .
عمرو :
ليتقدم رسول أمير المؤمنين ويدل بكتابه إلي (يتقدم الرسول ويعطيه الكتاب)
أيها الإخوان، آن لي أن أقول لكم إن الخليفة عمر بن الخطاب أرسل لي كتابا مع هذا الرسول، فلحقني به في العريش، ولأني خفت أن يكون فيه أمر بإرجاعنا عن فتح مصر، وهو أمر لا بد منه تشاغلت عن الرسول بالحرب وتوزيع القوات، حتى فتح الله علينا ودخلنا مصر، والآن هاكم الكتاب، اقرأه عليهم يا عبد الله ليكون الأمر شورى بيننا (يعطيه الكتاب) .
وردان :
بسم الله الرحمن الرحيم، من عمر بن الخطاب إلى العاصي بن العاصي.
جارحة :
لهجة تنم عن سخط وعدم رضى.
عمرو :
أجل، فقد زينت لأمير المؤمنين غزو مصر فأذن لي، ولكني لم أخطره بقيامي إليها. أتمم يا عبد الله.
وردان :
أما بعد، فإنك قد غررت بمن معك، فإن أدركك كتابي ولم تدخل مصر فارجع، وإن أدركك وقد دخلت مصر فامض واعلم أني ممدك.
عمرو :
أما وقد دخلنا مصر، فمن رأيي أن نمضي، فهل أنتم موافقون؟
الجميع :
نعم موافقون.
عمرو (ينظر) :
من أرى؟ رجل يزحف في طريقه إلينا؟ لعل به علة أو لعله جريح (يدخل الجريح ويمثل بين يدي عمرو)
ما بك يا رجل تكلم؟
الجريح :
آه آه، قتلني يوكنا الخائن.
عبد الله :
يه، هو عتر فيك انت يا مسكين؟
عمرو :
ما معنى هذا؟
عبد الله :
بعدين أقول لك يا مولاي، لأني وعدت مرقص وبس إنه هو اللي يقول لك الحكاية بنفسه.
عمرو :
لا بأس، يا نساء العرب، واسين الرجل وضمدن جراحه (يحملنه ويخرجن وعبد الله يأخذ من الجريح كتابا يعطيه لعمرو) .
عبد الله :
دا معاه جواب دمه زفر.
عمرو (يقرأ) :
إن من المقوقس عظيم مصر يعرض علينا أنهم يدفعون لكل جندي من جنود العرب دينارين ومائة دينار لي وألفا للخليفة على شريطة أن نرجع من حيث أتينا.
الجميع :
كلا، نرفض نرفض.
عمرو :
إذن فتهيئوا للمسير إلى بلبيس، كونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا
ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين
ولا تخشوا قلتكم ولا يغرنكم كثرة عددهم
كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين .
أبو ميامين :
سيروا يا أولادي، الله معكم.
الجميع :
الله معنا.
عمرو :
ثق أيها القس الجليل، أننا معكم ما دمتم معنا، فما أنتم إلا أقرب الناس إلينا
ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون .
أبو ميامين :
صدقت، توجهوا في حراسة الأب والإبن والروح القدس، النصر للعرب.
الجميع :
النصر للعرب.
عمرو :
إلى مقاتلة العدو.
الجميع :
إلى مقاتلة العدو.
لحن
يا كرام الحسب وعظام النسب
أي كفء لكم يا رجال العرب
اطلبوا الأعداء من غير توان
أي شيء ترهبوه في الوجود
كل حي كائن لا شك فاني
ومصير النفس حتما للخلود
نساء :
بالفطانة والسداد
والرزانة والرشاد
والأمانة والجهاد
كلنا ننول المراد
أقباط :
عاهدونا بالأمانة
وعدونا بالصيانة
طول ما نبقى يد واحدة
ينضمن حتما هنانا
الجميع :
آدي إيدينا في إيديكم
بإننا نفضل إخوان
عهد علينا وعليكم
ما تنقضوش بينا الأديان
والعنصرين لو يتحدم
اللي يفرق بينهم مين
مافيش لا قبطي ولا مسلم
الاتنين يعيشوا متحدين (ستار)
الفصل الثاني (في قصر حاكم بلبيس الأميرة أرمانوس جالسة مع وصيفتها.)
برباره :
إنتي لسه قاعدة بتفكري يا مولاتي؟ إيه فايدة دا كله؟
أرمانوسه :
آه يا برباره، قد إيه أنا مشغولة البال من غياب مرقص؟
برباره :
مين عارف يا مولاتي غاب ليه؟ الغايب حجته معاه.
أرمانوسه :
لكن أنا خايفة من الغيبة دي، خايفة لا يكون وقع في إيد العرب وموتوه؛ لإن الأخبار وصلت إن العرب خدوا الفرما في اليوم اللي وصلها فيه.
برباره :
موش جايز يا مولاتي إن يوكنا حاكم حلب اللي جاي علشان ياخدك يوصلك لخطيبك حسوا العرب بخيانته لهم ومسكوه قتلوه والا أسروه، وبالطريقة دي مايجيلكيش وتفضلي هنا جنب حبيبك أوركاديوس.
أرمانوسه :
ياريت العرب يموتوا الراجل الخاين دا، خصوصا وإن عندي شك كبير في مسألة مجيه هنا علشان ياخدني بنفسه لخطيبي، ولكن أنا يستحيل أسافر والا انتقل من مصر واترك فيها حبيبي أوركاديوس.
خادم (يدخل) :
مولاتي، حاكم مدينة بلبيس يستأذن بالدخول.
أرمانوسه :
قول لجناب الحاكم يتفضل.
خادم :
حاضر (يخرج) .
أرمانوسه :
يا ترى جاي ليه في الساعة دي؟
برباره :
يمكن جاله خبر إن يوكنا جرى له حاجة وجاي يبشر مولاتي.
أرمانوسه :
ربنا يحقق كلامك.
الحاكم (يدخل) :
أحيي الآنسة أرمانوسه بنت مولاي كيروس حاكم مصر، وأرجو منها أن تسمح لي بأن أبشرها ببشرى عظيمة.
أرمانوسه :
يتفضل جناب الحاكم يقول لي البشرى العظيمة دي.
الحاكم :
سمو الأميرة عارفة إن الحرب اللي بيننا وبين العرب كانت سبب في تأخيرها عن السفر لخطيبها مولاي البرنس قسطنطين بن مولاي.
أرمانوسه :
هرقل إمبراطور الرومان، عارفة، وأظن لو تكرمت جنابك وقلت لي البشرى دي باختصار يكون أحسن .
الحاكم :
حاضر يا مولاتي، بس توعديني سموك إنك تملكي نفسك.
أرمانوسه :
أيوه، أعدك إني أملك نفسي على قد ما اقدر.
الحاكم :
وهو كذلك، الخبر المهم دا يا مولاتي، هو إن الأمير يوكنا حاكم مدينة حلب وصل بلبيس بالسلامة، وجاي هنا دلوقت علشان ياخد مولاتي.
أرمانوسه :
آه يا ربي، آه آه (يغمى عليها) .
الحاكم :
الله الله! أهو دا اللي كنت حاسبه.
برباره :
كده يا جناب الحاكم موش حرام عليك.
الحاكم :
ما هو علشان كده ماكنتش عايز أخش في الموضوع على طول، لأني عارف إن وقع الأخبار اللي تسر زي وقع الأخبار اللي تغم وزياده كمان، خصوصا مع واحدة عصبية زي مولاتي أرمانوسه.
الاثنين :
فوقي يا مولاتي فوقي (تستفيق) .
أرمانوسه :
آه يا ربي، أنا فين؟
برباره :
على صدري يا مولاتي.
أرمانوسه :
آه تذكرت، بقى جنابك بتقول إن يوكنا جه علشان ياخدني لخطيبي قسطنطين، موش كده؟
الحاكم :
والله يا آنسة (على حدة)
أنا خايف لا من شدة الفرح تموت البنية المسكينة.
أرمانوسه :
اتكلم ما تخافش، أنا فقت خلاص.
الحاكم :
باقول إنك حاتسافري دلوقت حالا يا مولاتي.
أرمانوسه :
دلوقت حالا، آه.
الحاكم :
ومع ذلك تسمح لي الآنسة بحضور الحاكم يوكنا علشان تستعلمي منه بنفسك؟
أرمانوسه :
مافيش مانع، إبعته لي.
الحاكم :
وهو كذلك، عن إذن مولاتي، يا حفيظ دا أتاري خبر الجواز بيفرح البنات قوي (يخرج) .
أرمانوسه :
آه يا ربي، أنا أصبحت بين نارين دلوقت، أولهم أمر أبويا ليه بالسفر علشان يزفني على واحد ما احبوش ودا أمر الواجب يحتم عليه تنفيذه؛ لأنه والدي ولا يصحش أخالف له أمر، والتاني في عدم إمكاني ترك حبيبي أوركاديوس اللي ما اقدرش أفارقه ولا لحظة واحدة، آه دبريني يا برباره.
برباره :
والله يا مولاتي أنا محتارة موش عارفه أقول لك إيه، أحسن طريقة تسلمي أمرك لله، واللي يعمله ربنا هو اللي يكون.
أرمانوسه :
اسمعي أنا عرفت الطريقة اللي تنشلني من الموقف دا.
برباره :
خير إن شا الله.
أرمانوسه (تخرج خنجر) :
أهه دا اللي حايخلصني من العيشه المره دي (تهم بطعن نفسها برباره تخطف منها الخنجر) .
برباره :
إيه! تموتي نفسك؟! لا يستحيل، أنا حاروح أشوف طريقة وابعت لحبيبك أوركاديوس، يمكن لما يجي تلاقولكم حل يخلصكم من الورطه دي (تخرج) .
أرمانوسه :
أيوه، حبيبي أوركاديوس يحميني، يدافع عني، هو اللي يقدر يمنع سفري دا علشان ما أفارقوش، أنا حبيبته وأروح أنزف لواحد تاني غيره؟!
الحاكم (داخلا) :
اتفضل، مولاتي الأميرة في انتظارك. السيد يوكنا حضر يا مولاتي. اتفضل.
يوكنا (يدخل بملابس رومانية) :
تحياتي لمولاتي الفاتنة أرمانوسه.
الحاكم :
عن إذنكو بقى أما أروح أحضر الجنود اللي حايحرسوكم لغاية الحدود، وأنبه على الأهالي يرفعوا الأعلام ويزينوا البلد علشان يشتركوا مع مولاتي في سرورها العظيم دا، عن إذنكم (يخرج) .
يوكنا :
تتفضل مولاتي بقراءة جواب خطيبها مولاي الأمير قسطنطين بن مولانا الإمبراطور العظيم اللي يخول لي حق شرف حراستها، لغاية ما توصل لسموه، اتفضلي (يركع ويعطيها الكتاب) .
أرمانوسه (تقرأ) :
إلى عروستي الحبيبة أرمانوسه، لقد تفضل صديقي السيد يوكنا بقبول الذهاب إلى مصر، متخطيا جميع الأخطار في سبيل العودة بك وحراستك، وتجديني في شوق عظيم إلى رؤياك معه بمراكبنا التي رست في بحر دمياط لانتظار قدومك بأسرع ما يكون، وختاما أتمنى لك سلامة الوصول، وأقبلك عن بعد. الإمضاء خطيبك قسطنطين (ليوكنا)
أشكرك يا جناب الحاكم، وأهنيك على الثقة اللي وضعها فيك سمو البرنس قسطنطين، وأنا كنت أود إني أسافر معاك دلوقت حالا، ولكن للأسف ما اقدرش.
يوكنا :
ما تقدريش ليه، فيه مانع؟
أرمانوسه :
أيوه لأني مريضة ولا اقدرشي ع السفر، فمن فضلك انتظرني يومين ثلاثة لحد ما أتمالك صحتي وأروح معاك.
يوكنا :
للأسف ما اقدرش أتأخر ولا ساعة واحدة؛ لأن أوامر مولاي قسطنطين شديدة وصريحة، وأمرني بأني أول ما اوصل هنا لازم أرجع له بك حالا، ثم حضرتك بتقولي إنك مريضة، مع إن شكلك مايدلش على كده؛ لأن العيون الجميله دي (متغزلا)
والخدود الموردة والشفايف الياقوتية دي والنهود البارزين دول وال ...
أرمانوسه :
إيه دا ياراجل إنت؟! إنت جاي علشان توصلني لخطيبي والا تتمحك في وتغازلني؟!
يوكنا :
لا ، بس أنا بدي أقول إن الأشياء دي كلها تدل على إن صاحبتهم سليمة ومتعافية موش مريضة زي ما بتقولي سموك.
أرمانوسه (على حدة) :
آه لو كان الخنجر معاي دلوقت.
يوكنا :
ياللا استعدي للسفر دلوقت حالا، والا أضطر أخدك بالقوة تنفيذا لإرادة مولاي ابن الإمبراطور.
أرمانوسه :
آه يا ربي.
برباره (تدخل) :
مولاتي مولاتي، مرقص جه.
أرمانوسه :
مرقص؟ إياك يكون جاب لي خبر يسرني يا برباره.
برباره (ليوكنا) :
ومعاه واحد بيسأل عليك يا سيدي.
يوكنا :
عليه أنا؟
برباره :
أيوه أهم، اتفضلوا.
مرقص (يدخل) :
ستي ستي، أنا جبت لك الفرج العظيم (يدخل عبد الله) .
عبد الله :
آه حضرتها ستك أرمانوسه، ما شاء الله، تشرفنا (يرى يوكنا)
يه، شيخ عبد الله، إزيك يا شيخ عبد الله، إنت رجعت تاني؟ عملت طيب، من فات قديمه تاه.
يوكنا (على حدة) :
اعمل معروف أسكت دلوقت وأنا أديك ميت دينار.
عبد الله :
ميت دينار؟
يوكنا :
أيوه.
عبد الله :
إيدك.
يوكنا :
أهم، وبعدين أديك ميت دينار تانيين.
عبد الله (لأرمانوسه) :
وحضرتك موش استعديتي علشان تسافري لخطيبك؟
أرمانوسه :
أهه يوكنا بيقول إنه لازم ياخدني له ولو بالقوة، وللسبب دا مضطرة إني أسافر.
عبد الله :
يوكنا؟ إنت رجعت تاني يا يوكنا؟
يوكنا :
ماقلنا أسكت دلوقت.
عبد الله :
آه صحيح أنا نسيت، طيب حيث كده، خد يا مرقص الميت دينار دول، جهز لستك الشيء اللي يلزمها (يعطيه النقود) .
يوكنا (على حدة) :
يقصد إيه بكده يا ترى؟
عبد الله :
أوعى تقصر في حاجة، اصرف بسخاء، هات لها مقامها سبع أدراج حرير، ودرج أطلس.
أرمانوسه :
يعني إيه؟ أنا موش عايزه حاجة أبدا.
يوكنا :
لا لا مافيش لزوم، أنا حاخدها بهدومها كده زي ما هي.
عبد الله :
لا، هي موش عايزة تندفن بالأفرنجي، لازم تجيب كفن كويس.
أرمانوسه :
كفن إيه وسبع تدراج إيه؟! موش تفهموني إنتو بتقولوا إيه؟
عبد الله :
أنا أفهمك، إنت دلوقت موش رايحة لخطيبك قسطنطين؟
أرمانوسه :
أيوه.
عبد الله :
طب بما أن قسطنطين مات، وانت عايزة تروحي له فلازم تموتي إنت كمان .
برباره :
مات، يا ألف نهار أبيض.
أرمانوسه :
صحيح قسطنطين مات؟
عبد الله :
مات وبقى ديله عشر لفات.
مرقص :
أيوه يا ستي، وأنا بنفسي اتوكدت من الخبر دا.
يوكنا :
لا أبدا، دول كذابين منافقين، ولازم حد مسلطهم يقولوا كده علشان يخوفوا المصريين من العرب، ودلوقت لما تروحي معايا وتقابلي خطيبك حاتتأكدي إن كلامي في محله.
عبد الله :
عبد الله، داحنا دافنينه سوا.
يوكنا :
هو إيه ده يا راجل انت؟ أنا ما اعرفكش، إنت راجل كذاب.
عبد الله :
أنا كذاب؟
يوكنا :
أيوه كذاب.
عبد الله (يأخذ الكيس من مرقص يعطيه لأرمانوسه) :
طيب اتفضلي حضرتك إقري الاسم المكتوب على الكيس ده.
أرمانوسه :
إيه! يوكنا.
عبد الله :
دول اداهم لي دلوقت أجرة سكوتي موش أجرة الكلام اللي قلته، ومع ذلك خد فلوسك أهي إنت أولى بها، لأنك إنت هنا تعتبر غريب أما أنا ما دمت مع إخواني المصريين أصبحت هنا في بلدي.
يوكنا :
لا، أبدا، ده كلام فارغ.
عبد الله :
فارغ، خد المليان أهه (ويعطيه الخطاب)
اقرأ بقى وسمعنا الكلام الطعم (يوكنا ينظر في الخطاب ويضطرب)
هيه؟ لقيته فارغ ولا مليان؟
الحاكم (يدخل) :
اتفضلوا، كل شيء جاهز للسفر، اتفضلي يا سمو الأميرة، أنا مزين البلد كلها.
عبد الله :
حضرتك مزين البلد؟
الحاكم :
أيوه.
عبد الله :
تعالى خدلي دقني تعالى.
الحاكم :
هيه، بيقول إيه ده؟
أرمانوسه :
لا لا، حضرته حاكم البلد.
عبد الله :
آه.
أرمانوسه :
مزين البلد، يعني عامل فيها زينة، لما عرف إني رايحة للأمير قسطنطين.
عبد الله :
لا، روح طربق الزينة بتاعاتك، هي موش رايحة لخطيبها دلوقت.
الحاكم :
أمال حاتروح إمتى؟
عبد الله :
بعد عمر طويل طبعا.
الحاكم (ليوكنا) :
يعني إيه؟ هي موش مسافرة معاك؟
يوكنا :
لا، أنا مسافر وحدي.
الحاكم :
ليه بقى؟
يوكنا :
بعدين أفهمك (لعبد الله)
وأنا حاجتهد إني أرد عالجواب ده، وأتعشم إن الرد يعجب اللي بعتك به، اتفضل يا جناب الحاكم (يخرجان) .
عبد الله :
أيوه، رد زي بتاع حلب يا سي يوكنا.
أرمانوسه :
أما شيء غريب، رد إيه اللي بيقول عليه ده؟ وجواب إيه اللي اديته له ولخبط كيانه وخلاه بالشكل ده؟ (تمر وسط)
موش تفهموني بس الحكاية إيه؟
عبد الله :
أنا أفهمك، بقى الجواب اللي اديته له ده من مولاي الأمير عمرو، بيفهمه فيه إنه عرف خيانته للعرب بعد ما أسلم وصافحهم وانضم لهم، وإنه عرف كمان إنه جه هنا مخصوص علشان ياخدك لنفسه لأنه بيحبك، وإن الجواب اللي بعته لوالدك والجواب اللي اداهلك الاتنين مزورين، ومولاي الأمير عمرو بيحذره في الجواب اللي اديتهوله إنه مايمسكيش بسوء ولا يتعرضلكيش بأي شر.
أرمانوسه :
طيب والرد اللي بيقول عليه ده يبقى إيه؟
عبد الله :
الرد ده معناه إنه بيتوعدنا إنه حاينضم للرومان تاني ويحارب العرب وياهم. فهمتي بقى يقصد إيه الراجل الخاين ده؟
أرمانوسه (تمر شمال) :
آه يا ربي! أخلص من مصيبة أقع في أشر منها.
عبد الله :
ليه بقى؟
أرمانوسه :
أيوه لأن العرب اللي جايين دول موش ربما يتغلبوا على الحمله الرومانية ويدخلوا بلبيس.
عبد الله :
ربنا يسمع منك، أمال احنا جايين هنا نتفسح!
برباره :
ووقتها نبقى خلصنا من يوكنا ووقعنا في إيدين العرب، ودول ناس ما يعرفوش لا شفقة ولا رحمة.
عبد الله :
لا غلطانه يا ... اسمها إيه دي؟
مرقص :
اسمها برباره.
عبد الله :
غلطانه يا بربوره.
مرقص :
لع يا برباره، دول ناس مافيش أحسن منهم ولا من أخلاقهم، أنا شفتهم بعيني في الفرما، موش أميرهم عمرو هو اللي بعت الجواب ليوكنا علشان ما يتعرضلكيش بسوء.
عبد الله :
أيوه وبعتني أنا كمان علشان أكشف لكم سره، وده يبقى دليل على كرم الأخلاق وحسن الصنيع فهمتي بقى يا بربورة؟
مرقص :
لع، برباره يا عم عبد الله.
عبد الله :
برباره بربوره خليها تتلطع هناك بلاش قرف يا أخي!
مرقص :
وفي الحقيقة يا ستي، مسألتك دي الفضل فيها لعم عبد الله؛ لأنه هو اللي قدمني للأمير عمرو، وهو اللي فهمه كل شيء وخلاه يعمل كده.
أرمانوسه :
ودلوقت أتقدم لك يا عم عبد الله معترفة بفضلك وجميلك، لأنك كنت السبب في إنقاذ حياتي.
عبد الله :
أستغفر الله، الفضل كله له وحده.
برباره :
مبروك يا مولاتي (وحده)
أما أروح أدي خبر لأوركاديوس باللي حصل وأطمنه، عن إذنكم عن إذن مولاتي، أنا رايحة وراجعة تاني (تومئ برأسها) .
أرمانوسه :
رايحة؟
برباره :
أيوه وراجعة تاني (تخرج) .
أرمانوسه :
مخلصه قوي برباره، تحبني زي أختي تمام.
عبد الله :
إي، وهي لو ماكنتش تحبك زي أختك مكانتش تقولك رايحة وراجعة (يومئ برأسه) .
أرمانوسه :
يعني إيه يا عم عبد الله؟ غرضك تقول إيه موش فاهمة؟
عبد الله :
إنتي موش فاهمة ولكن أنا فاهم، دانا عمك عبد الله والأجر على الله، ومع ذلك تأكدي إن سرك في بير ومستحيل إن حد يطلع عليه.
الخادم (يدخل) :
مولاتي، بالباب راجل يستجير وعاوز يقابل مولاتي.
أرمانوسه :
خليه ييجي.
الخادم :
حاضر يا مولاتي (يخرج ويدخل أسطفانو) .
مرقص :
إيه! عمي؟ مالك يا عمي فيه إيه؟
أسطفانو :
إنت هنا يا مرقص ومارية خطيبتك خطفوها من البيت؟
مرقص :
مين؟ مارية خطيبتي، ومين اللي خطفوها يا عمي؟
أسطفانو :
خطفها الواد الملعون ابن عمدة بلدنا اللي حدا بلبيس؛ لأنه كان عاوز يتجوزها واحنا ما رضيناش لأنها مخطوبة ليك انت يا ابن أخوي.
أرمانوسه :
وابن العمدة ده روماني؟
أسطفانو :
أيوه يا ستي روماني، بلبوس والا مينوس.
مرقص :
وراحوا بها مناني يمة يا عمي؟
أسطفانو :
راحوا بها جهة مغرب، يظهر إنهم قاصدين عين شمس.
مرقص :
لا، أبدا، أنا لازم أحصلهم وأخلص منهم حبيبتي (يهم بالخروج) .
عبد الله (وحده) :
يظهر إن عندهم شوطة خطف بنات اليومين دول.
أرمانوسه :
استنى يا مرقص أما نتدبر في طريقه نخلص بيها حبيبتك مارية؛ لأنك لو رحت لوحدك أظن موش كفاية.
الخادم (يدخل) :
جناب حاكم بلبيس يا مولاتي.
أرمانوسه (منشرحة) :
جه في وقته (للخادم)
خليه يتفضل.
الخادم :
حاضر يا مولاتي (ويخرج فزعا) .
الحاكم (داخلا) :
أنا بلغني خبر الراجل اللي جه هنا النهارده، وخفت ليكون مجيه يعكر مزاج سموك، وجيت علشان أستطلع الخبر بنفسي.
أرمانوسه :
أرجوك يا جناب الحاكم، تبعت فرقة من العساكر تبحث عن مينوس ابن عمدة بلد الراجل ده، ويقبضوا عليه هوه واللي وياه؛ لأنهم خطفوا مارية خطيبة مرقص من بيت أبوها ده.
الحاكم :
أمر سموك، تعال يا أسطفانوس علشان ترشدهم على البنت دي (يخرج) .
أسطفانوس :
كتر خيرك يا ست، ربنا يوتك حزامك يا ست (يخرج مع مرقص) .
عبد الله :
وأنا عن إذنك أما أروح أطمن على جماعتنا كتر خيرك يا ست، ربنا يوتك حزامك يا ست (يخرج) .
أرمانوسه :
يا ترى برباره وصلت الخبر لحبيبي أوركاديوس والا لأ آه يا ربي! إمتى أشوفه وأمتع نظري برؤياه؟
برباره (داخلة مسرعة) :
بشرى يا مولاتي بشرى، حبيبك أوركاديوس جه أهه (يدخل أوركاديوس) .
أرمانوسه :
أوركاديوس حبيبي.
أوركاديوس :
أرمانوسه حبيبتي (ويدخل مرقص مع مارية) .
أرمانوسه (وقد رأت الاثنين متعانقين) :
إيه! مين دي؟!
مرقص :
دي مارية خطيبتي يا مولاتي.
أرمانوسه :
إيه! خطيبتك! ومين اللي خلصها؟!
أوركاديوس :
أنا.
أرمانوسه :
إزاي ده يا حبيبي؟
أوركاديوس :
وأنا جاي على هنا سمعت صوت بيستغيث، فرحت ناحيته قمت لقيت جماعه عايزين يغتصبوها، فرحت مخلصها منهم، واللي زادني سرور إني عرفت إنها خطيبة مرقص خدامك الأمين.
مرقص :
موش عارف بأي لسان أشكرك يا مولاي؛ لأنك رديت لي حياتي رديت لي روحي، رديت لي مارية حبيبتي.
مارية :
مولاي أوركاديوس شجاع مافيش منه، دول عشرة كانوا خاطفيني، هجم عليهم بكل بسالة وراح مخلصني منهم.
أرمانوسه :
آه يا حبيبي.
أوركاديوس :
آه يا حبيبتي! (يتعانقان، مرقص يعانق مارية.)
برباره :
آه (وتخرج) .
مرقص :
حياتي بعد النهارده أصبحت ملكك، أتصرف فيها زي ما يعجبك، أنا من دلوقت أصبحت عبدك.
مارية :
وأنا جاريتك يا مولاي؛ لأنك صنت كرامتي.
أوركاديوس :
أنا ماعملتش إلا الواجب ولا شكر على واجب.
أرمانوسه :
آه، من حق يا مرقص، روح لاحظ عبد الله لحد ما يخرج من البلد أحسن يتوه والا حد يتعرض له من الأهالي ويؤذوه ونكون احنا السبب.
مرقص :
حاضر يا مولاتي.
أوركاديوس (في استغراب) :
عبد الله! عبد الله ده مين؟
أرمانوسه :
ده رسول أمير العرب اللي أرسله ليوكنا لما كان جاي يا خدني.
أوركاديوس :
آه أيوه صحيح، خدامتك برباره قالت لي عن كل شيء.
مرقص :
يله يا مارية أوصلك لحد البيت، وأراقب عم عبد الله زي ما دالت مولاتي (يخرجان) .
أرمانوسه (لأوركاديوس) :
آه يا حبيبي، أنا كنت حا اموت نفسي لما جه يوكنا الملعون ده وقال لي إنه عاوز يوديني لخطيبي.
أوركاديوس :
آه! الخاين! لو كنت لحقته هنا كنت مزجت الأرض بدمه؛ لأن لا الإمبراطور نفسه ولا أهل الأرض كلهم يقدروا يتحصلوا على شعرة واحدة منك، وأنا على قيد الحياة.
أرمانوسه :
شجاع شهم كريم جميل، كل الأوصاف اللي تحبب النساء في الرجال موجوده فيك إنت يا ... يا خطيبي المحبوب.
أوركاديوس :
خطيبك! يا للسعادة! (يقبل يدها فيرى الخاتم)
إيه! إنتي لسه يا حياتي محتفظة بالخاتم ده في صباعك؟!
أرمانوسه :
دا أنا أحتفظ به في قلبي موش في أصابعي.
أوركاديوس :
وأنا ... موش تتكرمي علي بشيء أحفظه معاي تذكار منك.
أرمانوسه :
حياتي كلها لك، خد الصليب ده اللي كانت أهدته لي والدتي قبل وفاتها (تخلع السلسلة بالصليب) .
أوركاديوس :
أشكرك يا حبيبتي، وأنا متأكد إن الصليب ده حايدفع عني كل أذى ويبعد عني كل شر (يهم بتقبيلها) .
أرمانوسه :
لا لا يا حبيبي، ارجع، إنت دلوقت خطيبي وبكره حتكون زوجي، وأنا أحب أنزف لك وأنا طاهرة عفيفة.
أوركاديوس :
وهو انتي كنتي أهلا لأوركاديوس إذا ماكنتش متأكد من شرفك وعفافك؟ ده أنا معجب قوي يا حياتي بأخلاقك دي ودلوقت أستودعك الله (يهم بالخروج) .
أرمانوسه (تمنعه) :
أوركاديوس، على فين يا حبيبي؟
أوركاديوس :
إلا على فين! على الحصن لأن الحاله حرجه قوي، والواجب يدعوني للسرعة في المرواح.
أرمانوسه (بدلال) :
وأهون عليك تسيبني بالسرعة دي؟
أوركاديوس :
وانتي يهون عليكي يقولوا عني جبان هربت وقت الشدة وتخليت عن الواجب؟ شرف أمتي وبلادي يناديني بأعلا صوت، ويقوللي الواجب الواجب. فالواجب قبل كل شيء.
أرمانوسه :
أوركاديوس، أخاف عليه من النسيم فما بالك من السيوف والنبال؟!
أوركاديوس :
يكون في معلومك إن السيوف والنبال أرق عندي من النسيم في سبيل خدمة أمتي وبلادي، ثم إذا كتبت لي الحياة بعد كده تبقى تفتخري وتقولي : أنا أتجوزت راجل صحيح عرف معنى الحياة والواجب.
أرمانوسه (متعلقة بعنقه) :
آه! حبيبي أوركاديوس!
أوركاديوس :
آه! سبيني، اتركيني .
أرمانوسه :
أبدا، أبدا.
لحن
أوركاديوس :
يرضي مين الحكم ده
قلبي يصبح بين نارين
وأترك إزاي العدا
ووفايا لأهلي وين
أرمانوسه :
أهون عليك تترك قلبي
مغرم مختار
وحياة وفاك انت في حبي
ماتسيبني في نار
أوركاديوس :
الغرام بيقول يغادر
وفي واجبك في الوداد
والشرف بيقول يا غادر
تهرب إزاي من الجهاد
أرمانوسه :
يستحيل أترك حياتي
فيك هناي وعلتي
أوركاديوس :
أنا راضي بمماتي
في الدفاع عن أمتي
كل مجرم كل خاين
اللي يترك واجباته
مهما كان بالحب مغرم
بلاده هي أولى بحياته
برباره (داخلة) :
مولاتي، الأخبار وصلت القصر إن العرب اتغلبوا على القوة الرومانية ودخلوا بلبيس.
أوركاديوس :
إيه! فتحوا الحصن وأنا هنا؟! آه! ضاع شرفي، ضاعت كرامتي، لكن لا، أبدا، أنا لازم أروح أدافع بروحي، بحياتي، بدمي.
أرمانوسه :
تدافع بإيه يا حبيبي، وانت أعزل من غير سلاح؟!
أوركاديوس :
زي بعضه! موش غايته الموت، أهو ده اللي أنا عاوزه علشان أخلص من العار، من الجريمة اللي ارتكبتها (يخرج) .
مرقص (يدخل) :
مولاتي، خلاص العرب دخلوا القصر وهم جايين على هنا أهم.
أصوات (من الخارج ويدخل عمرو) :
الله أكبر، لقد انتصرنا وما النصر إلا من عند الله!
الجميع :
وما النصر إلا من عند الله.
عمرو :
هذا أنت يا مرقص؟
مرقص :
أيوه يا سيدي الأمير، الحمد لله على سلامتك.
عمرو :
طاب يومك (وتقدم في الوسط)
ومن هؤلاء الحرائر؟
عبد الله :
دي الأميرة أرمانوسه كريمة المقوقس، وحضرتها بربورة.
أرمانوسه :
أيوه يا أمير العرب، ولا يساعنيش دلوقت قدام كرم أخلاقك وأدبك إلا إني أتقدم إليك بواجب الشكر على المروءة والشهامة اللي ظهروا منك، خصوصا وإنك كنت السبب في خلاصي من الراجل السافل ده.
عبد الله :
آه! من حق ياسي يوكنا، فين رد الجواب اللي قلت عليه؟
يوكنا (همسا لعبد الله) :
عبد الله، أنا في عرضك!
عبد الله :
إنت خليت لي عرض بعد اللي عملته، مافهمته كل حاجة، دا عمرو والأجر على الله!
عمرو :
أجل، وقد نفذ ما توعد به، ألم يرتد عن الدين وينضم إلى عدونا ويحاربنا؟
يوكنا :
تبت يا أمير العرب، ارحمني، اعف عني، سامحني المره دي، وأنا أقسم لك إني أكون تحت تصرفك ولا أخرجش عن طاعتك أبدا.
عبد الله :
يا خويا! بيقول لمين الكلام ده! وهو ياكل من دول أوعى يا مولاي، دا راجل ده.
عمرو :
إنا نأخذك الآن بتهمتي ارتدادك عن الدين، وخيانتك لمن آمنوك على حياتك ومالك وأهلك.
يوكنا :
ولكني تبت ورجعت وندمت على ما فعلت وعزمت على أن لا أعود أبدا، وأقسم لك على ذلك.
عمرو :
هيه، أقسمت جهد إيمانك فهل أنت بار بقسمك بعد الذي كان منك؟!
عبد الله :
أبدا، مستحيل، اللي فيهنشي ما يخليهنشي وهو فيه بعد ما كان مسمي نفسه الشيخ عبد الله ورجع قلب يوكنا تاني؟!
عمرو :
مع ذلك فقد عفوت عنك.
الجميع :
كيف؟ كيف؟!
عمرو :
نعم، كي لا يقال إنا أخذناه بعد توبة:
فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم .
عبد الله :
أهو إنت كده، موش مخسرك إلا طيبتك دي يا شيخ.
عمرو :
أما قتلك الرجل الذي جاء إلينا في الفرما بكتاب عظيم القبط فستؤدي عن قتله حسابا لولي دمه!
عبد الله :
آه! وآدي تهمه تانية.
عمرو :
ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا .
يوكنا :
لكن إنت موش خلاص عفيت عني يا أمير؟
عبد الله :
لا، دي جنحة جديدة تبع قسم مصر عتيقة.
عمرو :
عفوت عنك فيما نالنا منك، والآن أنا مرسلك إلى المقوقس لأنك قتلت رجله وحاولت العبث بابنته، وله وحده الحق في أن يعفو عنك أو يعاقبك على هاتين الجريمتين.
عبد الله :
أهو كده العدل، يحيا العدل.
الجميع :
يحيا العدل.
يوكنا :
يعني ميت ميت.
عبد الله :
من غير مقاطعة، بس بدال ما كنت حاتموت بالعربي حاتموت بالهروغليفي.
عمرو :
والآن، اعلمي يا ابنتي أنك في ذمتنا، فإن شئت البقاء هنا فعلى الرحب والسعة، وإلا أرسلناك إلى أبيك عزيزة كريمة.
أرمانوسه :
ألف شكر للعرب وأيد العرب، وأنا أفضل أني أروح لوالدي.
عمرو :
إنت وما ترغبين. يا عبد الله.
عبد الله :
مولاي.
عمرو :
اذهب ومعك مرقص إلى قصر الشمع بمنف، وخذ معك الحرس الكافي لإيصال الأميرة أرمانوسه إلى أبيها، وكذلك سلماه يوكنا وكونا شاهدين أمام المقوقس على ما جنت يداه.
عبد الله :
أمر مولاي.
عمرو :
ولا تنس أن تسلم المقوقس كتابي الذي أعطيتك إياه ردا على كتابه إلي بالفرما، هيا على بركة الله.
عبد الله :
اتفضلي يا أميرة، وبربورة رايحة وراجعة (يخرجان) .
جارجة :
أي عمرو، ما كان أولانا بالاقتصاص من يوكنا لولا أنك عفوت عنه.
عمرو :
لا تظن يا جارجة أني عفوت عنه لمجرد الإبقاء على حياته، وإنما أردت أن أرسله للمقوقس كمقدمة لحسن التفاهم بيننا وبينه. إن يوكنا قتل رسول المقوقس وحاول العبث بابنته، فإذا ما تولى عقابه وشفى منه غلته هدأت بذلك ثائرة حفيظته وعده جميلا منا، تتوطد به علائق الود الذي خطبه على يد رسله إلينا.
الجميع :
صدقت عمرو.
عمرو :
والآن قد جاءني الرسول قائلا إن حامية من جيش العدو عدتها عشرون ألف مقاتل، وعلى رأسهم الأعيرج قائد القوات الرومانية يرابطون في عين شمس، وإن معظم الجيش في حصن بابليون الواقع على الضفة الشرقية من النيل، وإنهم قد ملئوا خندق الحصن بالمياه ليستعصي علينا، فهل لديكم من وسيلة تضمن لنا اقتحام هذه العقبات.
جارجة :
لا يسعنا بعد ما رأينا من حسن بلائك وسديد آرائك إلا أن نسلم إليك أمر قيادتنا بلا معارضة ولا ممانعة.
وردان :
أجل لك الأمر وعلينا الطاعة.
الجميع :
نعم لك الأمر وعلينا الطاعة.
عمرو :
إذن، يجب أن نهاجم القوة المرابطة في عين شمس حتى إذا تم لنا النصر عليهم بصدق همتكم ومضاء عزيمتكم - إن شاء الله - نحاصر الحصن حتى يأتينا المدد من أمير المؤمنين، أما وسائل الهجوم على هذه القوة فسأدبرها معكم بحسب مقتضيات الأحوال، هل لأحدكم رأي غير هذا؟
الجميع :
كلا كلا.
عبد الله (يدخل قابضا على أوركاديوس) :
أبي.
عمرو :
ما بك؟
عبد الله :
وجدنا هذا الرجل ينساب كالأفعى، فارتبنا به وخلناه جاسوسا، وبتفتيشه وجدنا معه هذه (ويعطيه السلسلة بالصليب) .
عمرو (يتأملها) :
إن عليها رمزا بلغة أعجمية، خذ يا وردان واستطلع لنا ما عليها.
أوركاديوس :
ردوا لي السلسلة دي، إنتو تطلبوا حياتي وحياتي دلوقت بين إيديكم.
وردان :
مكتوب عليها اسم أرمانوسه.
عمرو :
بنت المقوقس، لقد فهمت.
أوركاديوس :
تأكدوا أني لو كنت على جوادي ومعي سلاحي ما كانش حد منكم قدر يقبض علي أبدا.
عمرو :
ومن أي القوات أنت؟ أمن حامية الإسكندرية أم من فصائل منف أم من جنود النجدات التي جاءت أخيرا من القسطنطيين؟
أوركاديوس :
إنت يظهر إنكم على علم بجميع قوات الرومان.
عبد الله :
كيف لا؟ أترانا نقدم على مهاجمتكم ونحن على جهل بما لديكم من قوة؟!
أوركاديوس :
أنا من حامية الإسكندرية.
عبد الله :
لعلك من فرقة القائد أوركاديوس.
عمرو :
بل هو أوركاديوس نفسه.
أوركاديوس :
أنا؟ أبدا، وهو القائد أوركاديوس يخرج من المعسكر إلا محاط بألوف من الجند.
عمرو :
ومع ذلك فقد خرج اليوم منفردا يستره هذا الرداء ليتمكن من مقابلة حبيبته أرمانوسه، وإلا فلم أنت محتفظ بهذه السلسلة؟ وما معنى اهتمامك بها ولأي مناسبة وجدت حول المكان الذي كانت فيه أرمانوسه؟
أوركاديوس :
كنت خارج من الحصن في قضاء حاجة، وقبضوا علي رجالك وأنا أعزل ودي ندالة منهم.
عبد الله (يجرد حسامه) :
لا تقل نداله.
عمرو :
دعه لي يا بني.
عبد الله :
ولكنه تجاوز حد اللياقة في خطابه يا أبي.
أوركاديوس :
تهددوني، هو أنا من اللي يهابوا الموت؟!
عمرو :
إنا سنبقي عليك، بشريط أن تخلص لنا.
أوركاديوس :
مستحيل، أنا أخون دولتي وأكون معاكم ضد رجالهم؟! أبدا، دي اسمها خيانة، اسمه جبن.
عبد الله :
كفى، كفى، ألا تدعني أقتله يا أبي.
عمرو :
كلا، إنه بار بأهله، مخلص لعشيرته، متفان في حب بني جنسه. إن ما تأخذه أنت يا بني على هذا الفتى، أكبره في نظري وزادني إعجابا به، إنه لذو فضل على قومه، والأفضل ما شهدت به الأعداء.
أوركاديوس :
وهل تظنوا أني أرضى بذل الأسر عندكم ؟ أبدا، اقتلوني أحسن لنا ولكم.
عمرو :
ليس من الشهامة أن نقتلك وأنت أعزل.
أوركاديوس :
إذن إدوني سيف وواحد منكم يبارزني، فإن انتصر وقتلني أكون استريحت وإن قتلته أكون انتصرت وتطلقوا سراحي.
عبد الله :
إذن فأنا له.
الجميع :
أنا له، أنا له.
عمرو :
كلا، إنه أسيري وأمره الآن بيدي، فليس له من أحد سواي، خذ هذا ودافع عن نفسك (يعطيه سيفا. يتبارزان، فيتغلب عمرو على أوركاديوس) .
أوركاديوس :
اقتلني، أنا دلوقت بين يديك.
عمرو :
كلا، بل أهبك حياتك وأعفو عنك (ينهضه)
لقد طلبت منازلتنا ففعلنا،
وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله . والآن اذهب إلى قومك فأنت حر لوجه الله. خذ، إليك هذه (يعطيه السلسلة. يخرج أوركاديوس متخاذلا) .
عمرو :
والآن هلموا إلى مقاتلة العدو. (الجميع يقولون لحن ختام الفصل):
العرب :
لما عفا الأمير وعفوه عن مقدرة
أنعم به تدبير ما كان للقياصرة
رأى العدو منا كفاءة في الحرب
وراح يروي عنا سلامة في القلب
نساء :
رفعتوا رءوسنا فوق الأمم
من الشجاعه من الكرم
وبعد صيتكم ومجدكم
أشهر من النار فوق العلم
رجال :
رأوا في الحرب أسدا يرهبوها
وفي السلم رأوا منا كراما
وفي الحالين أسرفنا وإنا
لفي الحالين أولينا احتراما
نساء :
إن شاء الله دايما تحموا شرفنا
واحنا في حجاكم نصون عفافنا
رجال :
سوف ترونا إنا نقوم بالذي وجب
وعندها تقلن عاشت همة العرب
عاشت همة العرب (ستار)
الفصل الثالث (في قصر المقوقس حاكم مصر بمنف.)
المقوقس (من الخارج) :
كونوا مطمئنين لأن الحاله اتحسنت ولا فيش خوف علينا مطلقا، ثم كونوا على استعداد لأن النهارده يمكن يجينا ضيوف من أكابر العرب.
أرمانوسه (تدخل) :
إيه؟ ضيوف من أكابر العرب.
المقوقس :
أيوه يا بنتي، لأنه بلغني إنهم عاوزين يصطلحوا معانا.
أرمانوسه :
وأظن الدولة الروماية دلوقت يا والدي ما ترفضش الصلح مع العرب بعد اللي شافوه منهم.
المقوقس :
بالطبع، وخصوصا بعد ما جاءنا الأخبار بموت الإمبراطور هرقل وحدوث الاضطرابات الداخلية في البلاد؛ ولذلك بعتولي أمر يقولولي فيه إذا فتحت العرب حصن بابليون اتفق معاهم على شروط صلح، وهاتها وتعال على القسطنطينية للإقرار عليها.
أرمانوسه :
بقى الضيوف العرب اللي بتقول عليهم دول جايين يتفاوضوا في مسألة الصلح.
المقوقس :
أيوه يا بنتي.
أرمانوسه :
ولكن أنا شايفه يا والدي إنك ميال للعرب قوي.
المقوقس :
طبعا، هو أنا أنسى مروءة الأمير عمرو اللي عملها معاكي في بلبيس لما بعتك من هناك مع خدامه الخصوصي اللي اسمه عبد الله.
أرمانوسه :
أيوه يا والدي، مظبوط.
المقوقس :
ودلوقت بقى يا بنتي رايح انتظرهم على الشرفة المطلة على باب القصر، أحسن حد منهم ييجي والا يبعتوا رسول من طرفهم.
أرمانوسه :
اتفضل يا والدي (يخرج المقوقس) .
برباره (تدخل) :
إنتي هنا يا مولاتي، مالك زعلانة ليه؟
أرمانوسه :
آه يا برباره، عشر شهور من يوم ما كنا في بلبيس لحد دلوقت ما شفتش فيهم حبيبي أوركاديوس، وتلاقيني خايفة عليه جدا، خصوصا بعد ما جه المدد للعرب من الخليفة بتاعهم.
برباره :
ياريت يا مولاتي كان فيه طريقة تجيبه هنا وأنا ماكنتش أتأخر عنها أبدا لكن ما باليد حيلة، حانعمل إيه بقى؟
أرمانوسه (تنظر) :
الله! تعالي بصي، مين اللي نازل من القارب دا على سلم القصر؟
برباره :
أما أروح أشوف مين (تخرج) .
أرمانوسه :
يا رب يكون هو حبيبي أوركاديوس. آه! حبيبي أوركاديوس.
أوركاديوس (داخلا) :
أيوه حبيبك أوركاديوس، كنت منتظراني؟ أنا عارف، قولي لي إيه اللي أزعجك وخلاكي بعتي لي الجواب المستعجل باللهجة الشديدة دي؟
أرمانوسه :
جواب مستعجل! لهجة شديدة! إنت بتقول إيه يا حبيبي؟! أنا موش فاهمة.
برباره :
يظهر إن السيد أوركاديوس لما طالت عليه المده من غير ما يشوفك ولا يشوف مرقص ولا عبد الله علشان يسألهم عنك اتصور إنك في خطر فجا علشان يطمن عليكي.
أوركاديوس :
لا، أبدا، ده عبد الله خدامك جاني النهارده الصبح واداني جواب وقل لي إنه منك، وفهمني إنك في خطر شديد ولا يمنعش عنك الخطر ده إلا حضوري عندك، وعلشان كده أنا تركت الحصن وجيت.
أرمانوسه :
غريبه دي! لكن عبد الله اللي بتقول عليه ده موش خدامي أنا ، ده من أتباع عمرو أمير العرب.
أوركاديوس :
إيه! يعني موش مصري؟
أرمانوسه :
أبدا، ده عربي من العرب.
أوركاديوس :
أمال ليه باشوفه في الحصن بملابس مصرية؟
أرمانوسه :
دول خدهم من مرقص يلبسهم علشان يروحولك الحصن سرا ويطمنوني عليك.
أوركاديوس :
إذن المسألة فيها خيانة، خدعني الملعون وضحك علي وخلاني تركت الحصن في أحرج المواقف، لا وحضرته قال بيتكرم علي بعبايته علشان ألبسها وأنا خارج من الحصن علشان ماحدش ياخد باله مني.
برباره :
طول بالك ماتتسرعش كده، الراجل عبد الله ده راجل طيب قوي، ويمكن لما شاف مولاتي أرمانوسه بالها مشغول عليك أخدته الرأفة وعمل الخدمة دي كده من نفسه، لاجل ما يطمنها وتشوفوا بعض.
أرمانوسه :
لازم كده، ودلوقت روحي إنت يا برباره أقفي بره، وإن لقيتي أبويا والا حد جاي على هنا تعالي اديني خبر.
برباره :
حاضر يا مولاتي (تخرج) .
أوركاديوس :
أنا لازم أروح الحصن حالا، موش ممكن أنتظر ولا دقيقة واحدة.
أرمانوسه (تمنعه) :
أوركاديوس، خليك معايا يا حبيبي لأني خايفة عليك.
برباره (تدخل) :
مرقص جه يا مولاتي.
أرمانوسه :
هو فين؟
مرقص (يدخل) :
واه سيدي أوركاديوس هنا والعرب دخلوا الحصن!
أوركاديوس :
بتقول إيه؟! العرب دخلوا الحصن؟! آه ضاع شرفي، ضاعت كرامتي.
أرمانوسه :
طول بالك يا حبيبي ماتعملش في روحك كده.
أوركاديوس :
ودخلوا الحصن إزاي يا مرقص قول لي؟
مرقص :
عبد الله انتهز فرصة شبكان جماعة من العرب مع الرومان في الجهة المغربة من الحصن وفتح الباب الشرجي، راحوا داخلين وفي مجدمتهم واحد اسمه الزبير بن العوام.
أوركاديوس :
عبد الله هو اللي فتح لهم باب الحصن، هه، جايلك كلامي، عرفتي إنه ضحك علي وخلاني جيت على هنا علشان العرب مايلاقوش حد يقاومهم، آه أم أشوف وشك يا عبد الله.
عبد الله (يدخل) :
نعم.
أوركاديوس :
إنت جيت؟ (يهجم عليه فيمنعوه) .
عبد الله :
الله الله الله، ماله ده؟
أوركاديوس :
أنا لازم أموتك، لازم أقرض زمارة رقبتك (ويهجم عليه) .
عبد الله :
حوشي يا برباره. أيوه يا وله أيوه، اعمل لي فلوطة قدام الستات، أنا موش فاهم إنت زعلان ليه؟ موش تحمد ربنا إني خلصتك من الموتة اللي كنت حاتموتها.
أوركاديوس :
كان أشرف لي من مجيي هنا يا ملعون.
عبد الله :
ويعني حضرتك فاكر إن العرب ما كانوش يقدروا يخشوا الحصن وانت موجود؟!
أوركاديوس :
لا، أبدا.
عبد الله :
ده بيتهيألك، طيب دول جماعة الرومان أول ما شافوا العرب هاجمين حطوا ديلهم في سنانهم وقالوا القيام، شايف شايف مراكبهم مبحرة أهي.
أرمانوسه (تنظر) :
أيوه، دول يظهر إنهم رايحين إسكندرية.
عبد الله :
هو بقى فيه قدامهم غيرها.
أوركاديوس :
أنا لازم أروح أحصلهم، وضروري إننا نسترد من العرب حصن بابليون.
عبد الله :
ما تتعبش نفسك، العرب دخلوا الحصن واستوطنوا فيه خلاص، وأنا بنيت لي أوده فراخ في السطوح.
أرمانوسه :
حيث كده خليك معايا يا حبيبي ما تفوتنيش بقى.
عبد الله :
وأنا عملت الحساب ده، وجبت لكم معايا واحد قسيس علشان يجوزكم لبعض.
برباره :
إزاي ده؟ من غير مولاي أبو أرمانوسه ما ياخد خبر؟
عبد الله :
ياخد خبر يودي خبر، أنا أبقى أكلمه لكم وإن عصلج أخلي مولاي عمرو هو اللي يكلمه.
أرمانوسه :
الله يخليك يا عم عبد الله، أما صحيح العرب دول مافيش أكرم ولا أسمح منهم.
عبد الله :
قولي له، ياللا اتفضلوا عالكنيسة وأهو القسيس مستنيكم هناك، وخدوا معاكم مرقص وبرباره علشان يشهدوا.
أرمانوسه :
أيوه ياللا يا حبيبي.
أوركاديوس :
طيب معلهش، ولكن برضه لازم أروح إسكندرية (يخرجون) .
عبد الله :
عال، دلوقت ما دام صاحبنا أوركاديوس حايتلبخ في صاحبتنا أرمانوسه، حايخلا لنا الجو ونروح هاجمين على حصن إسكندرية ونروح واخدينه حلالا زلالا بلالا، يا سلام على أفكارك يا واد يا عبد الله، أهو كله دا من أكل البلح التمر.
المقوقس (من الخارج) :
اتفضل يا أمير اتفضل.
عمرو (داخلا مع المقوقس) :
أنت هنا يا عبد الله؟
عبد الله :
نعم يا مولاي.
عمرو :
السلام عليكم.
عبد الله :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عمرو (للمقوقس) :
إذن فقد رضيت بشروط الصلح التي عرضها عليك أصحابي قبل مجيئي.
المقوقس :
أيوه، ولكن أنا عمري ماهبت حد أبدا زي ما هبت صاحبكم الأسود اللي كان معاهم ده.
عمرو :
تعني عبادة بن الصامت، إنه أيها الأمير ، وإن يكن أسود اللون كما رأيت إلا أنه من أفضل العرب موضعا وأحسنهم سابقة وأرجحهم عقلا، وليس ينكر السواد فينا.
عبد الله :
إي، إحنا فينا أحسن من الصنف الإسود الأبنوس ده.
المقوقس :
هو عرض علي الإسلام أو الجزية أو الحرب.
عمرو :
أجل، هذا ما أمرنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن نفرضه عليكم.
المقوقس :
وأنا قبلت الجزيه، بشرط أنكم تضمنوا لنا حرية الدين وتدافعوا عنا.
عمرو :
لكم ذلك علينا، واعلم بأننا أشد من يتمسك بالعهد ويحترم الميثاق، ولقد أمرنا بذلك حيث قال تعالى:
والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير .
المقوقس :
أنعم وأكرم، وعلى كل حال أنا عرفت من معاملتكم إن العرب ناس عندهم مروءة وأصحاب فضل.
عمرو :
استغفر الله، إنما الفضل كله لله.
المقوقس :
وهو أنا أنسى يا أمير العرب المروءة اللي عملتها مع بنتي أرمانوسه. لما بعتها لي من بلبيس ومعاها يوكنا مقبوض عليه علشان أعاقبه بنفسي على ما صدر منه.
عمرو :
لقد ذكرتني بهذا الشقي. ماذا تم في أمره؟
المقوقس :
لما جيت أعاقبه وأحكم عليه بالإعدام اتعرض لي القائد الروماني يتودور وقال إننا في حاجة له ولرجاله دلوقت، وللسبب ده بعته لحامية إسكندرية علشان يساعد فيها.
عمرو :
إذن هو الآن ضمن حامية الإسكندرية؟
المقوقس :
أي نعم.
عبد الله :
آخ يا ناري! بس أما أعتر فيه هناك مافيش غير الخزنشة.
عمرو :
وكيف حال ابنتك أرمانوسه؟
المقوقس :
بخير تقبل يديك.
عبد الله :
هي كانت هنا دلوقت وراحت الكنيسة علشان ... الله الله. أنا حالبخ ليه ...
المقوقس :
إيه. راحت الكنيسة تعمل إيه؟
عبد الله :
راحت الكنيسة تدعي إن أبوها يطول باله.
المقوقس :
آه. واديني حاخدها معايا أوصلها مريوط جنب إسكندرية، تفضل فيها مع الحرس الكافي لغاية ما ارجع القسطنطينية بشروط الصلح.
عبد الله (وحده) :
إخص! على كده أوركاديوس حايسافر وراها ويبوظ ترتيبي.
عمرو :
إذن فقد صممت على الذهاب توا؟
المقوقس :
نعم يا أمير العرب.
عمرو :
ونحن كذلك مسافرون إلى الإسكندرية للقاء الحامية الرومانية قبل أن ترتد علينا وقد لمت شعثها، وستنتظر حتى ترجع إلينا من القسطنطينية ومعك الموافقة على شروط الصلح. عبد الله.
عبد الله :
مولاي ...
عمرو :
ناد في الجميع بالسفر إلى الإسكندرية. (يدق الطبل فيدخل الجميع ويقولون لحن ختام الفصل):
لحن ختام الفصل
تم الصلح بين الأميرين واتفقوا على راحة البال
واتصافحوا هم الاتنين وانصلحت منا الأحوال
وأمير العرب لما أعطى الأمان
دين علينا وجب ننصره على الرومان
دين علينا أكيد ملزومين بوفاه
صلح لكن سعيد سخره لنا الإله
عبد الله :
قد أمنتم وأمنا ووثقتم ووثقنا
وتآخينا جميعا بعدما قد كان منا
كان حربا ثم صلحا فاذكروا الثاني عنا
إنما نحن وأنتم واحد، زيد وحنا
بنات :
ألف فرحه يا حبايب يوم مبارك يوم سعيد
صلحكم ده فرض واجب والنهارده يبقى عيد
الجميع :
اتصلحنا واتصافينا والعزول مالوش مجال
صرنا واحد وانتهينا والصليب ضم الهلال (ستار)
الفصل الرابع (منظر أمام أبواب الحصن الروماني في الإسكندرية. عند رفع الستار يدخل القائد دومنيثان يتبعه أوركاديوس ويوكنا.)
دومنيثان :
ما اوصيكمش باليقظة التامة وانكم تفتحوا عينيكم كويس لأننا دلوقت في إسكندرية، وهي آخر ملجأ للرومان. فإذا دخلوها العرب يبقى مافيش غير كونهم يموتونا عن آخرنا أو نهرب على بلادنا.
يوكنا :
أيوه، ولاينساش القائد دومنيثان أن العرب دول ناس مالهمش أمان أبدا. يعني يمكن يساهونا كده ويروحوا داخلين الحصن ومدورين فينا الدبح على طول.
دومنيثان :
واهو دا اللي أنا خايف منه. تعالوا بنا بقى أما نروح الناحية التانية لأن معظم قوتهم من هناك. وانت يا أوركاديوس خليك هنا علشان تحرس باب الحصن ده. اتفضل يا أمير يوكنا.
يوكنا :
اتفضل (يخرجان) .
أوركاديوس (وحده) :
آه يا ربي، أعمل إزاي دلوقت وأرمانوسه أصبحت زوجتي الشرعية وكان من الواجب إني ما أفارقهاش ولا لحظة واحدة، ولكني مضطر. أيوه لأن جوازنا كان سرا . ولا أقدرش أصرح به لأبوها. ولو عرف ضروري حايغضب نظرا للعداوة اللي بينه وبين والدي.
مرقص (يدخل) :
سيدي أوركاديوس.
أوركاديوس :
آه. إنت هنا يا مرقص؟
مرقص :
أيوه يا سيدي؛ لأن ستي أرمانوسه نبهت علي إني أرجبك دايما وأبعت أطمنها عليك أول بأول.
أوركاديوس :
وهي لسه في مريوت يا مرقص؟
مرقص :
أيوه يا سيدي لحد ما يرجع سمو والدها من الجسطنطينية بشروط الصلح.
أوركاديوس :
طيب روح إنت يا مرقص اتدارى في الحصن أحسن يشوفونا مع بعض يظنوا حاجة.
مرقص :
طيب يا سيدي عن إذنك (يخرج) .
أوركاديوس :
موش قادر أبعد عن مخيلتي ذكرى أرمانوسه، ولانيش قادر أروح لها. كل شيء في الدنيا بيعاكسني كأن القدر ملاقاش حد يعاكسه غيري أنا. آه يا أرمانوسه يا منى الروح.
لحن
أنا اللي زادت أشجاني
ما بين غرامي والواجب
وطيف حبيبي في وجداني
والقلب فيه مغرم دايب
دقت المرار ده الحب نار
لا نوم يجيني ولا اصطبار
ومين حايسمع شكواي
والا يواسيني في هواي
ورايح أعيش في الدنيا إزاي
وروحي ماهيش ويايا
الليل يطول عاللي الحب ضناه
وأبات أقول لوحدي آه
أقول آه أقول آه (يخرج ويغلق الأبواب.)
عبد الله (من الخارج) :
من هنا يا مولاي ... (يدخل مع عمرو وبعض العرب) .
أحدهم :
إن باب الحصن مغلق.
عمرو :
فلنحطمه.
عبد الله :
ليس من الحكمة؛ لأننا لو كسرناه حايسمعونا اللي جوه. الأصوب إني أنا أطلع من فوق السور ده وأنزل من الناحية التانية وافتح لكم الباب، وبعدها نفتح بقيت الأبواب يدخلوا اخواننا اللي بره وننزل في الرومان حتتك بتتك.
عمرو :
حسنا حسنا. أسرع يا عبد الله (يخرج عبد الله ويفتح الأبواب ويدخل الجميع الحصن وبعد برهة تحصل ضجة ويتغير المنظر) .
المنظر الثاني (في داخل الحصن يظهر عمرو ومن معه، ثم يدخل دومنيثان وبعض الرومان.)
دومنيثان :
أنتم أسرانا. آه والله وقعتم يا رعاة الإبل.
عمرو :
كلا، نحن لسنا رعاة الإبل بل رعاة الأمم أتينا ندعوكم بدعاية الإسلام فيكون لكم مالنا وعليكم وما علينا. أو أن تدفعوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون.
عبد الله :
ورقبتكم زي السمسمة. موش تفتكروا اكمننا عندكم حانخاف منكم.
دومنيثان :
وإذا رفضنا الاتنين؟
عمرو :
لا يكون بيننا إلا السيف حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
دومنيثان :
وإذا انتصرنا عليكم؟
عمرو :
قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون .
دومنيثان (سرا لمن حوله) :
يظهر إن الراجل ده أميرهم ولا بد من موته.
عبد الله (لعمرو سرا) :
بيتهامسوا عليك. انكر نفسك (عاليا له)
إنت مالك غلباوي كده ليه؟ مالك ومال الكلام ده؟! خلي غيرك أكبر منك يكلم.
دومنيثان :
ليه، موش حضرته ده أمير العرب؟
عبد الله :
إيه! ده أمير العرب. واحنا نقبل إن واحد زي ده يبقى أمير علينا؟ طيب ده أمير العرب أد ده يجي اتناشر مرة. طويل وتخين أد الفيل. هي الإمارة عندنا لعبة يا حضرة. الإمارة عندنا بالميزان.
دومنيثان :
على كل حال القائد أوركاديوس يعرف أمير العرب؛ لأنه شافه في بلبيس.
عبد الله (على حدة) :
إخص!
أوركاديوس (داخلا) :
آه! الأمير عمرو.
دومنيثان :
أوركاديوس. إنت طبعا تعرف الأمير عمرو أمير العرب.
أوركاديوس :
أيوه أعرفه وبارزته في بلبيس.
عبد الله :
أيوه، بأمارة ماعفا عنك.
دومنيثان :
طيب بص في الراجل ده كويس. موش هو دا الأمير عمرو؟
عبد الله :
هو دا اللي عفا عنك؟
أوركاديوس (ينظر) :
لا، أبدا. موش هو دا أمير العرب.
دومنيثان :
إنت متأكد؟
أوركاديوس :
متأكد قوي. آه لو وقع في إيدي أمير العرب اللي بتقولوا عليه دا يا جناب القائد ...
عمرو :
وماذا تريد أن تصنع بأمير العرب إذا وقع في يدك يا هذا؟
أوركاديوس :
كنت أعامله بنفس المعاملة اللي عاملها لي في بلبيس، وأهي تبقى واحدة بواحدة.
عبد الله :
أيوه واحدة بواحدة. ولا تنساش إنك إنت واصلك واحدة زيادة.
دومنيثان :
على كل حال إنتم أسرى عندنا دلوقت.
عمرو :
ونحن لا نسلم لك بهذا ولا نقبله.
دومنيثان :
عندكم أسرى من الرومان كتير واحنا نقبل إننا نفديهم بكم.
عمرو :
ولا نسلم لك بهذا أيضا دون قتال.
دومنيثان :
وإيه هي طريقة القتال اللي بتقول عليها دي؟
عمرو (يمر شمالا) :
يبارز أحدنا أشجع رجل لديكم، فإذا ظفر به بطلكم قتله. والآخران يسلمانكم نفسهما، وإذا ظفر رجلنا أطلقتم سراحنا وأخليتم سبيلنا.
دوميثان :
وهو كذلك، مين اللي يتبارز فيكم.
الجميع :
أنا. أنا.
عبد الله :
أنا. أنا.
عمرو :
عبد الله.
عبد الله (سرا) :
أنا لو مت في داهية.
أوركاديوس :
يسمح لي جناب القائد إني أنوب عنه في المبارزة دي؛ لإن لي عند العرب ثأر، ثم إذا كان النصر حليفهم زي ماهم فاكرين أكون أنا فداك؛ لأن حياتك أنت بصفتك القائد العام ألزم للجيش أكثر مني.
دوميثان :
لا بأس. بارز واحد منهم.
أوركاديوس (لعمرو سرا) :
أنا رايح أضحي نفسي وأخليك تتغلب علي علشان أرد لك جميلك كامل (عاليا)
ياللا اتفضل إنت لأنه يظهر من هيئتك وكلامك إنك أشجعهم.
عمرو :
كلا أيها القائد، أنا لا أبارز فتى صغيرا كهذا وإنما أبارزك أنت، فتقدم.
دوميثان :
وهو كذلك (يتقدم) .
أوركاديوس :
وأنا مصمم إن ماحدش يبارزك إلا أنا. علشان كمان أمحي الإهانة اللي أهنتها لي دلوقت، وأفهمك إن الشجاعة موش بالسن.
عمرو :
أنا لا أقبل.
الزبير :
ولا أنا.
عبد الله :
أنا أقبل.
عمرو :
كيف؟
عبد الله :
علشان لما يموت تاني مرة يبطل الغلبة دي (يجرد حسامه) .
أوركاديوس :
لا، أنا أحتج عليك يا راجل إنت.
عبد الله :
ليه؟
أوركاديوس :
لأن سيفك أطول من سيفي.
عبد الله :
آه! طيب خد (يعطيه سيفه ويخرج آخر ويتبارزان)
أوعى تعملها يا واد (يتبارزان)
ماتقع بقى يا بارد (يهجم عليه ويلقيه) .
عمرو :
لا تبطش به.
عبد الله :
عفونا عنك (ينهض أوركاديوس) .
عمرو :
والآن نطالبكم بالوفاء.
أوركاديوس :
أيوه وله حق، خصوصا إن الراجل ده انتصر علي ولا قتلنيش!
عبد الله :
إشحال أمال لو كنت بارزت واحد من دول، كنت زمانك بقيت فتافيت.
دوميثان :
إذن بمقتضى الإتفاق اللي اتفقناه معاكم أنا حاخلي سبيلكم، واتعشم إنكم تبلغوا إخوانكم العرب إننا زيهم: إذا وعدنا وعد ما نخلفوش. افتحوا لهم الأبواب.
عبد الله (لأوركاديوس ) :
الجميل لا ينسى. إنت شهم. إنت غلباوي يا واد إنت (يخرجون) .
أروكاديوس :
أنا خجلان منك قوي يا جناب القائد، إنما الظروف جت كده حاعمل إيه.
دوميثان :
ظروف إيه يا شيخ اتلهي كسفتنا (يمر يمينا) .
يوكنا (داخلا) :
فين جناب القائد؟ إزاي تطلقوا سراح جماعة الأسرى العرب اللي كانوا هنا دول؟ إنت موش عارف إن الأمير عمرو كان معاهم؟!
دوميثان :
أين؟ عمرو بن العاص أمير العرب؟
يوكنا :
أيوه، وأنا باصص من أعلا السور شفته بعيني وهو خارج مع عبد الله والزبير بن العوام. ولو كنت جنابك قتلته أو أسرته كان دب الرعب في قلوب العرب وانهزموا شر هزيمة.
أوركاديوس :
إنت متأكد من الكلام اللي بتقوله ده؟
يوكنا :
إلا متأكد. طيب دانا أعرفه أكتر ماعرفك، موش كنت معاهم وعاشرتهم مدة طويلة.
دوميثان :
إزاي؟ إذن أوركاديوس غشنا.
يوكنا :
أوركاديوس؟
دوميثان :
أيوه، هو اللي قال لي إن دا موش أمير العرب.
يوكنا (على حدة) :
أيوه دي فرصة أوديه فيها في داهية علشان أحرمه من أرمانوسه. لكن دي خيانة غش. بيتواطأ علينا مع الأعداء؟!
أوركاديوس :
بس بقى من فضلك. دي إهانة ... دافع عن نفسك.
يوكنا :
عظيم. عوز تموتني؟ تموت واحد شريف زيي بيخدم بلاده بذمة وأمانة وإخلاص، وتفضل إنت عايش يا خاين يا غشاش؟!
دوميثان (لأوركاديوس الذي يهجم على يوكنا) :
أوركاديوس ... إنت موقوف. وإذا ثبت الكلام اللي بيقوله دا، مالكش عقوبة غير الإعدام. سلم سيفك.
أوركاديوس (يسلم) :
اتفضل يا جناب القائد. الظروف كلها ضدي وأنا موش قادر أدافع عن نفسي.
دوميثان :
ودلوقت بصفتي نائب القائد العام حأمر حالا بتشكيل مجلس عسكري عالي لمحاكمة القائد أوركاديوس بتهمة الخيانة العظمى (يخرج ... ضجة من الخارج ويدخل بعض الرومان يقاتلون العرب ... يدخل المقوقس مع عمرو والجميع) .
المقوقس :
كفى كفى.
عمرو :
كفوا عن القتال يا رجال العرب، فقد فتحت الإسكندرية صلحا.
العرب :
كيف؟
المقوقس :
أيوه، لأني بمجرد ما وصلت إسكندرية توجهت للأمير عمرو في معسكر العرب وعرضت عليه شروط الصلح اللي أنا جايبها من القسطنطينية فقبلها.
الجميع :
وإيه هي الشروط دي ؟
عمرو :
هي أن يدفع وادي النيل جزية اتفق عليها مع أصحابي عند التوقيع على شروط الصلح على أن لا نتدخل في شئون الكنائس، وأن يبقى العرب بعيدين عن الإسكندرية أحد عشر شهرا إلى أن يتم جلاء الرومان عنها. فهل أنتم موافقون؟
الجميع :
أجل موافقون.
أبو ميامين :
والآن أهنئ الأمير كيروس بزواج ابنته من البطل القائد أوركاديوس.
عمرو :
وأنا أشترك معه في هذه التهنئة.
المقوقس :
أشكرك يا أمير العرب. وأنا لا يسعني إلا القبول والرضا ما دمت انت راضي عن كده.
عمرو :
نعم أنا راض.
أبو ميامين :
لتدخل الأميرة أرمانوسه ومن معها (تدخل أرمانوسه وبرباره ومرقص) .
عمرو :
أهنئك يا ابنتي بزواجك من القائد البطل أوركاديوس.
أرمانوسه :
أشكرك يا مولاي.
أوركاديوس :
ألف شكر لأمير العرب.
عبد الله :
وأين رأيك بقى يا مولاي في صاحبنا ده؟
عمرو :
من؟ يوكنا الخائن؟ سلمه إلى الأمير فهو أولى بعقابه منا.
المقوقس :
وهو كذلك. خدوه (يخرج يوكنا مع جنديين) .
عمرو :
والآن هلموا لإتمام شروط الصلح وإقامة الأفراح.
أوركاديوس :
يعيش أمير العرب.
الجميع :
يعيش أمير العرب.
أبو ميامين :
بل قولوا عاشت همة العرب.
الجميع :
عاشت همة العرب. (يقولون لحن ختام الرواية):
يوم سعيد يوم ما اتفقنا
مصر فرحانة بوفاقنا
قبطي مسلم كله واحد
يستحيل نرضى بفراقنا
أرض الفراعنة والنيل بتاعنا
والأهرامات شاهدين علينا
بأن أحمد يحب حنا
إلى الأبد بعد ما اتصافينا (ستار)
Page inconnue