"التائية الكبرى" لابن الفارض، وقليلا ما يعلق البقاعي على هذه النصوص، أو يكشف عما فيها من مجافاة لروح التوحيد القرآني. معتمدا على فطنة القارئ ومعرفته بدينه، فهما كفيلان بإدراك ما في هذه النصوص من كفر ومجوسية، يدركهما القارئ حتى باللمحة الفكرية الهافية.
الآخر: ذكر فتاوي كثيرة عن أعلام شيوخ القرون: السابع والثامن والتاسع الهجرية، ومما لاحظته: أن المؤلف لم ينقل عن ابن تيمية سوى النزر اليسير جدا بيد أن هذا مما يجعل للكتاب خطره الكبير في نظر المتصوفة على معتقدهم، إذ ما يستطيعون اتهام أحد ممن ذكرهم البقاعي بالخصومة، كما كانوا يفعلون -مفترين- بالنسبة إلى الشيخ الإمام ابن تيمية. فهؤلاء الذين أفتوا بفكر ابن عربي وابن الفارض: إما فريق قد ناهض ابن تيمية وخاصمه، ولكنه أدلى معه بدلوه في فضح الصوفية، وإما فريق لم يعرف عنه لا موالاة جلية ولا خصومة صريحة لابن تيمية -وإن كانوا فيما يذهبون إليه في مسألة العقيدة يخالفون ابن تيمية- فجلهم من أئمة الأشاعرة، وإما فريق كان له جاه ومقام كبيران في التصوف، كعلاء الدين البخاري، وهو أقسى هؤلاء جميعا حملة على ابن عربي وابن الفارض، ومن دان بدينهما.
عملي في الكتاب: أولا تحقيق نص الكتاب، وهو إما نقول عن فصوص ابن عربي وتائية ابن الفارض، أو عن كتب علماء نقدوا التصوف، وإما من إنشاء المؤلف. أما ما نقله عن الفصوص: فراجعته على مطبوعة الحلبي بتحقيق الدكتور عفيفي، وجعلتها العمدة في تحقيق نصوص الفصوص، وقد أيقنت من هذه المراجعة أن المؤلف أمين جدا فيما نقل. بيد أنه كان يترك أحيانا ما له رحم ماسة بالكشف عن حقيقة معتقد ابن عربي، أو ما لا بد منه للربط بين نصوص الفصوص، وأحينا كان يسقط منه -أو من الناسخ- بعض ألفاظ، وكل هذا أثبته عن الفصوص، وجعلته بين قوسين هكذا []، وقد أشرت في الهامش إلى هذا وإلى أرقام الصفحات التي وردت فيها هذه النصوص حسب ترقيم صفحات.
1 / 11