وفي الصحو بعد المحو١ لم أك غيرها ... وذاتي بذاتي إذا تحلت تجلت٢
[فوصفي إذ لم تدع باثنين وصفها ... وهيئتها -إذا واحد نحن- هيئتي٣]
فإن دعيت كنت المجيب، وإن أكن ... منادي أجابت من دعاني ولبت
وإن نطقت كنت المناجي٤، كذاك ٥ إن ... قصصت حديثا، إنما هي قصت
فقد رفعت تاء المخاطب بيننا ... وفي رفعها عن فرقة الفرق رفعتي
فجاهد تشاهد فيك منك وراء ما ... وصفت سكونا عن وجد سكينة
_________
١ الصحو عن الصوفية: هو رجوع العارف إلى الإحساس بعد غيبته وزوال إحساسه. والمحو: إسقاط إضافة الوجود إلى الأعيان، ولا موجود عندهم إلا الحق سبحانه وحده، فهو العابد باعتبار تعينه وتقيده بصور العبد التي هي شأن من شئونه الذاتية، وهو المعبود باعتبار إطلاقه. انظر التعريفات للجرجاني، وجامع الأصول في الأولياء للكمشخانلي تحت مادتي الصحو والمحو.. وابن الفارض هنا يغلو في إثبات الوحدة، فيزعم أنه هو الله، لا في حال المحو فحسب، بل في حال الصحو أيضا. وهذا يؤكد لك أنه يعني ما يقول، ويؤمن بالوحدة صحوا ومحوا، فما هي شطحات، ولكنها عقيدة ينبت عليها قلبه ودينه، وما هو بهذيان سكران كما يعرف الصوفية، ليقولوا: وكلام السكران معفو عنه، فيطوى ولا يروى.
٢ يشرح القاشاني هذا البيت بقوله: "أي: ارتفع غيريتي في حال الصحو بعد المحو، وحينئذ زينت ذاتي بذاتي إذ تجلت، ولا ينتج تجليها السكر، لأنها لا تصادف غيرها" يعني أنها صارت هي الله" وهذا هو نهاية الاتحاد" انظر شرح القاشاني -وهو من عباد ابن الفارض- للتائية.
٣ هذا البيت ليس في الأصل، وقد أثبته عن ديوان ابن الفارض، وسيأتي شرحه.
٤ في الأصل: المجيب. والتصويب من الديوان.
٥ في الأصل: كذلك.
1 / 65