فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ﴾ [السجدة: ٣٤] الذين خبت نار طبيعتهم، فقالوا: إلها، ولم يقولوا طبيعة١".
قلت: وعلى هذا يحوم ابن الفارض٢ بقوله، فالعلماء شهدوا فيه٣ أنه من أهل الاتحاد.
الرأي في ابن الفارض وتائيته
وقال الحافظ عماد الدين إسماعيل بن كثير٤: "إنه نظم التائية على طريقة المتصوفة المنسوبين إلى الاتحاد، وقال: وقد تكلم فيه غير واحد من مشايخنا بسبب قصيدته المشار إليها٥" وقال في سنة سبع وسبعين وستمائة في ترجمة محمد بن إسرائيل٦: "وكان أديبا، ولكن في كلامه ما يشير إلى الحلول والاتحاد
_________
١ ص٧٢ فصوص.
٢ ورد بهامش الأصل ما نصه "ابن الفارض هو حجة أهل الوحدة، وحامل لواء الشعراء، توفي سنة اثنتين وثلاثين وستمائة عن ست وخمسين إلا أشهرا. ذكره الذهبي في تاريخه" وقد ولد ابن الفارض سنة ٥٧٦ هـ ودفن بمصر.
٣ ليس الحكم بهذا على ابن الفارض بحاجة إلى شهادة أحد، فإنه صرح في التائية بأنه يدين بهذه الأسطورة الملحدة، إذ يقول: وجل في فنون الاتحاد، وجاء حديث في اتحادي ثابت، وهأنا أبدي في اتحادي مبدئي. وسيأتيك ما يجعلك تؤمن بأنه كان من المؤمنين بالوحدة، لا بالاتحاد فحسب.
٤ الإمام المحدث البارع كما ينعته الذهبي. ولد سنة ٧٠٠ وتوفي سنة ٧٧٤، من مصنفاته البداية والنهاية في التاريخ، والتفسير، وجمع المسانيد العشرة، صحب ابن تيمية وأخذ عنه، ولازم المزي، وتزوج بابنته، وسمع عليه أكثر تصانيفه.
٥ ذكر ابن كثير هذا في البداية والنهاية.
٦ ولد نجم الدين ابن إسرائيل سنة ٥٦٣ وتوفي سنة ٦٧٧. ومن قوله:
وما أنت غير الكون بل أنت عينه ... ويفهم هذا السر من هو ذائق
وأيضا "إن الله ظهر في الأشياء حقيقة. واحتجب بها مجازا، فمن كان من أهل الحق والجمع شهدها مظاهر ومجالي، ومن كان من أهل المجاز شهدها ستورا وحجبا" انظر لسان الميزان، ومجموعة الرسائل والمسائل جـ١ ص٦١.
1 / 54