[ص58] ثالثها: عدم [تي]سير الآلات، التي يكلل منها قمر التوشيح ببدائع الهالات، وتنور بها [في ] حل المشكلات المقالات. وإنما يوجد من ذلك مالا يغني شيئا، ولا يمد على الطالب في هواجر المعضلات ظلا ولا فيئا.
رابعها: تقسيم الخاطر بأشجان الغربة(¬1)[36]، الجالبة للمرء غاية الكربة، وفي شغل شاغل من تصرفت فيه أيدي الدهر بالإبعاد والنأي، وفرقت مجموع شمله، فهو يترجى أن تصلح ما أفسدت وإن بعد لأي. وكيف يلفق بين كلمتين من تمهدت ذاته بيتا، أو حشر من قبر حرب(¬2)[37]، واستوت على عرش صدره عروض الخطوب فأصيب من الحوادث بكل ضرب، أو كيف يتألق مع أشجان الوحشة عارض فكر، أو تتعلق بالذهن مسألة أو تبقى له على ذكر،
يقول الناس في مثل
... ... تذكر غائبا تره(¬3)[38]
فما لي لا أرى بلدي
... ... ولا أنسى تذكره
وكيف أنسى تذكار بلدي، التي خانني على مفارقتها جلدي. بلادي التي لا يزيدها طول المديح الصادق رفعة قدر، فهي كما قال الأعرابي الذي(¬4)[39] ضلت ناقته في مدح البدر(¬5)[40].
[ص59]
Page 10