وتسعفنا خطبة المسلك السهل وبقية مباحثه في التعرف على الدافع الذي دفع الإفراني إلى الاهتمام بهذا الموشح، وهو دافع أدبي خالص، فبالأدب تتهذب النفس، وتكمل إنسانية(¬1)[20] الإنسان. وليس[ص16] أدخل في الأدب وأقدر على تحقيق هذه المهمة من موشح حاز رضا أرباب الأدب والموسيقى وإعجابهم.
وليس في حديث الإفراني ما يشير إلى دافع ديني أو تعليمي ولا سيما أن الموضوع لا يسمح بذلك، وهذا مما يميزه عن أغلبية شراح النصوص ممن ينشدون أجرا أو قربى من عملهم كما يميز شرحه عن الشروح الهادفة إلى خدمة الدين بخدمة اللغة التي هي وسيلة لفهم الكتاب والحديث كما جاء في مقدمة ابن زاكور لشرح لامية العرب: "... فإن معرفة كلامهم (يعني العرب) وسيلة إلى معرفة كلامه (يعني الرسول) وما أنزل وسبب، فكانت لذلك من أعظم الوسائل وأجل القرب، فلذلك شرحت لامية العرب"(¬2)[21].
بل نظر الإفراني في الملابسات الدينية المحيطة بشرحه، فرأى أن يحتاط للتهم التي يحتمل أن تصوب إليه، فسعى لعقد تصالح بين المفاهيم الدينية الإسلامية والمفاهيم الأدبية التي يلتبس وجه براءتها على "قوم لا يشعرون"(¬3)[22].
وجماع رأي الإفراني أن الاعتبار في الدين بما في السرائر، إذ لا يضير شئ مع صفائها. والأدب مبني على المسامحة. وقد جد الإفراني في التراث الإسلامي، ومنه حديث الرسول وسلوك الصحابة وفتاوى الأئمة وأكابر الفقهاء ما يبرر وجهة نظره المتسامحة.
Page 17