La marche du théâtre en Égypte 1900-1935 : Les troupes théâtrales musicales
مسيرة المسرح في مصر ١٩٠٠–١٩٣٥ : فرق المسرح الغنائي
Genres
إذا شهدت تمثيل رواية «عندك حاجة تبلغ عنها» شاهدت ... حثا على الزنا، وحضا على الفحشاء. يقارب هذا ما جاء في رواية أخرى من هذا النوع الساقط، من أن الإنسان الذي يريد أن يكون من أهل الكياسة والمعرفة، ملزم بتجريب طبقات ثلاث من النساء، فيتخذ عشيقاته من الخادمات أولا، ومن المومسات ثانيا، ومن المتزوجات ثالثا. بأمثال هذه الآراء الفاسدة، والمبادئ الساقطة، تستثار الشهوات، وتحبذ المساوئ، ويحض على المخازي، ويحث على الموبقات. على أن ما حوته هذه الرواية من الفضائح، لا يعد بجانب ما تحويه رواية «خلي بالك من أميلي» ورواية «يا ستي ما تمشيش كده عريانة»، فإن مؤلفهما قد أربى فيهما على القحة والفحش. أفبعد هذا لا يقال بأن الفودفيل خطر على الآداب؟
وفي يوم 3 مارس كتب عبد الحليم دلاور مقالة أيضا، قال فيها تحت عنوان «واجب الحكومة إزاء الفودفيل منعه ومصادرته»:
ننشد معونة الحكومة، وننبهها إلى الخطر الداهم، حتى تفل تلك الأيادي العاملة على تضليل العقول وإفساد النفوس بنشر هذا النوع من التمثيل الساقط ... ليس إلا واجب واحد، على الحكومة إزاء الفودفيل وهو منعه ومصادرته! ... وإذا كان المنع من شأنه، إبعاد مضرة عن الجمهور، فأخلق بالحكومة أن تباعدنا شرا تستطيره هذه الروايات العابثة بالآداب، المفسدة للأخلاق، المثيرة للشهوات. إن فعلت الحكومة ذلك، ولا نخالها إلا فاعلة، فقد تطمئن نفوسنا.
وفي يوم 6 مارس كتب علي ذو الفقار مقالة، قال فيها:
أطلب من أجواق التمثيل عامة، ومن عبد الله أفندي عكاشة وعزيز أفندي عيد خاصة، أن يبطلوا تلك الروايات، ويمثلوا لنا القصص التاريخية التي تبعث في النفس التمسك بالفضيلة، والتخلي عن الرذيلة، وهم على ذلك قادرون، إن شاءوا، أن يأخذوا بيد أمتهم الضعيفة إلى مراقي الفلاح، وليعلموا بأن ذلك النوع «الفودفيلي» لا يلائم أحوال بلادنا لما يأتيه الممثلون مع الممثلات على المراسح من الأعمال، التي يحمر لها وجه الفضيلة خجلا، والله مع العاملين.
وفي يوم 8 مارس كتب محمود خيرت المحامي مقالة أخيرة له دافع فيها عن الفودفيل دفاعا مستميتا، فاختتمت الآنسة المتفرجة هذه المعركة بمقالة يوم 10 مارس قالت فيها، كرد منها على المحامي، تحت عنوان «نعم الفودفيل مفسد الأخلاق »:
لا يمكن للأستاذ خيرت أن ينكر ذلك، وهو يعلم أن عبد الله عكاشة عطل غير مرة تمثيل رواياته لعدم الإقبال عليه. ولعل السبب في عدم هذا الإقبال راجع، على ما أدري إلى تسويفه تمثيل هذه الروايات المخجلة الفاضحة، في دار يقال لها دار التمثيل العربي. فأنف الفضلاء والفضليات من الآنسات والسيدات تشجيع دار يقال إنها مدرسة للفضيلة، والرذائل تمثل فيها مكشوفة عارية مجسمة.
وهكذا أوقفت جريدة «المنبر» متابعة القضية، فتلقتها جريدة «الوطن» ونشرت عدة مقالات بدأتها بمقالة لميخائيل أرمانيوس في 8 / 3 / 1916، دافع فيها عن الفودفيل. فرد عليه فرح أنطون بمقالة يوم 10 مارس، قال فيها:
الكتاب والأدباء الذين كتبوا في هذا الموضوع يخطئون في طلب مداخلة الحكومة لمنع هذه الروايات، ويجب الاكتفاء بمداخلة الرأي العام، وقد كان الرأي العام ذا تأثير فعال في هذه القضية؛ لأن جوق حضرات عبد الله عكاشة وإخوته، اضطروا أن يوقفوا وقتيا تمثيل روايات الفودفيل، بعد ما شهدوه من قيام الناس عليهم ... إن كان الربح هو المقصود فقط، بقطع النظر عن الفن والأدب ورقي الأخلاق التي هي أغراض المراسح، فالأفضل إذن أن تجعل المراسح قهوات تمثيلية، تسقي فيها النساء البيرة، ويكون الربح أعظم بكثير. إن مجرد الربح وحده لا يكفي في تبرير الأعمال الشاذة في وسط شرقي كوسطنا.
وفي يوم 14 مارس كتب ميخائيل أرمانيوس مقالة ثانية تحت عنوان «نحن والنابغة فرح أنطون»، حاول فيها تفنيد آراء فرح أنطون، فلم يستطع، فانحرف بالقضية إلى مسار آخر. فكتب فرح أنطون ردا عليه في آخر مقالاته يوم 15 مارس قائلا فيها:
Page inconnue