La marche du théâtre en Égypte 1900-1935 : Les troupes théâtrales musicales
مسيرة المسرح في مصر ١٩٠٠–١٩٣٥ : فرق المسرح الغنائي
Genres
روز اليوسف.
فجريدة «المنبر» خصصت صفحة لتلقي المقالات والرد عليها تحت عنوان «الباب المطلق». وقد بدأت في نشر مقالاتها حول الفودفيل يوم 14 / 2 / 1916، وظلت تنشر الردود بصورة شبه يومية حتى توقفت في 10 / 3 / 1916. وبدأت المعركة عندما نشرت الجريدة خطابا بتوقيع «آنسة متفرجة» تحت عنوان «التمثيل مفسدة الأخلاق». وفي هذا الخطاب أبانت الآنسة أنها شاهدت مسرحية «يا ستي ماتمشيش كده عريانة»، فلاحظت أن بطلة المسرحية الممثلة روز اليوسف تظهر على المسرح بملابس البحر «المايوه»، وأن موضوع المسرحية يشرح كيف تكون الدعارة وكيف السبيل إليها، ومن ثم فهي تناشد عبد الله عكاشة بأن يمنع هذا النوع من المسرحيات، وأن يحذو حذو أستاذه الشيخ سلامة حجازي عندما منع عزيز عيد من أن يمثل إحدى مسرحياته الفودفيلية على مسرحه، وألقى بإعلاناتها إلى الأرض، وأغلق المسرح في وجه هذا النوع من المسرحيات المخلة بالآداب.
71
وفي 19 / 2 / 1916 نشرت الجريدة مقالة أخرى بتوقيع «بهلول»، وفيها عضد الكاتب ما كتبته الآنسة موضحا بعض الأمور المهمة التي كانت خافية عن القراء، قائلا: ... إن بعض دور الصور المتحركة (السينما) كانت تحظر في بعض الحفلات على السيدات والآنسات شهود بعض المناظر، هكذا يفعلون في دور الصور المتحركة، ولكن في دار التمثيل العربي لإخوان عكاشة تمثل أمامنا مناظر الفضائح مجسمة ناطقة بخلاعة مستنكرة. وقد يلتمس بعض العارفين لعبد الله عكاشة عذرا له في تمثيل هذه الفضائح في داره؛ إذ يقولون إن الحظ العاثر قد أدركه، والأزمة أخذت بخناقه ، حتى إنه في تمثيل لياليه العادية إنما يتفرج هو وممثلوه وموزعو إعلاناته على التمثيل، يضم إليهم نفر، لا يكادون يعدون على أصابع اليدين والرجلين. وبهذه الوسيلة تدركه الخسارة، حتى إن دخل ليلته لا يوازي قيمة طبع الإعلانات التي يلصقها أو يوزعها. ويقولون إن بعض أصدقائه زين له انضمام جوقة الكوميدي إليه، تحايلا على العيش والكسب، ولكن الحياة الفاضلة تدعو إلى القناعة بالقليل من الكسب مع الشرف والفضيلة، دون الكثير مع الفضائح والعار والرذيلة. وعندي أنه لأسلم له والخير أبقى أن ينقطع إلى عقر داره، لا أن يكون عونا ونصيرا لتفشي وباء هذه الرذيلة الجانية.
وفي 21 / 2 / 1916 نشرت الجريدة أول مقالة تناصر الفودفيل، وتهاجم خطاب الآنسة المتفرجة، بتوقيع محمود خيرت المحامي. فقامت الآنسة بكتابة مقالين كرد عليه في 23 و24 فبراير تحت عنوان «نعم، الفودفيل مفسدة الأخلاق»، أتت فيهما ببعض الأقوال المنطقية، مثل قولها: «مسرحيات «خلي بالك من أميلي»، و«يا ستي ما تمشيش كده عريانة»، و«عندك حاجة تبلغ عنها»، و«ليلة الزفاف» فيها من المشاهد المخزية الظاهرة ما تتحرج له الصدور الكريمة، ومن الألفاظ الفاحشة والمشاهد الشائنة ما لا يسوغ أي ذوق مهما بلغ من الجمود. بل كيف يجوز في نظر حضرته ولو لأحوال خاصة أن يمثل السرير بمن فيه بالمرسح، وأن تلقى على الأسماع ألفاظ لو سمعها المار في الطريق من السوقة أو الرعاع للعن قائليها ألف مرة ومرة.»
وفي 25 فبراير نشرت الجريدة مقالة لمحمد طاهر المخزنجي، حذر فيها الناس من المسرحيات الفودفيلية، وحثهم على مشاهدة التمثيل الراقي. وفي اليوم التالي كتب عبد الحليم دلاور مقالة في الموضوع تحت عنوان «ما هو الفودفيل؟ وهل هو مفيد؟»، قال فيها:
هذا النوع من التمثيل ليس من الأدب في شيء، بل هو شائن له، مزر بكل عالق كلف به من الأدباء ... إن الفودفيل مضيع للفضائل، عابث بالأخلاق، مكسب للرذائل. وفي ذلك ما فيه من سوء المغبة، وقبح الغاية، وإفساد وإضلال الأفراد والجماعات ... إن القائمين بأمر الفودفيل اليوم ... لجئوا إلى شر الروايات، وأقذرها، وأشدها خطرا على الآداب، أمثال: «عندك حاجة تبلغ عنها»، و«خلي بالك من أميلي»، و«يا ستي ما تمشيش كده عريانة». ففي الأول يتباهى الممثلون بخلع أثوابهم، وتبادلها أمام الجمهور. وفي الثانية ينعم عزيز عيد بلذة النوم مع ممثلته الأولى في فراش واحد، وفي الثالثة ... ولكن ماذا عسى أن أفعل؟ أأدنس قلمي بسرد حوادث تلك الموبقات؟ إني لأخجل من ذكرها، وأخشى أن أسبب للقارئ انزعاجا أو اشمئزازا.
وفي 28 فبراير كتب محمود خيرت المحامي مقالة ثانية دافع فيها عن الفودفيل، وهاجم فيها أقوال الآنسة المتفرجة، فكتب عبد الحليم دلاور في اليوم التالي مقالة، قال فيها:
روايات الفودفيل حاضة على الرذائل المثيرة للشهوات ... لا يعنى بها ناقد، ولا يعيرها كاتب أهمية. فإن الناقد يربأ بقلمه أن يدنسه بنقد فضائحها، والكاتب يتنزه عن أن يخط كلمة في وصفها، وأما ما نقرؤه أحيانا في مدحها، فإنه مدح مأجور يكتبه فريق من الكتاب والنقاد. ولكن بضاعتهم المزجاة، لا تروج إلا على نفر من السذج، وطائفة من الجهال. أما مؤلفو الفودفيل أنفسهم، فهم فئة نبذتهم الإنسانية الكاملة، ولفظتهم الآداب الفاضلة، لا فرق بينهم وبين أصحاب دور الميسر ... ولو جدت الحكومات في محاربة الميسر واستئصاله من البلاد ... فأخلق بها أن تكون جادة كذلك، في منع تمثيل هذا النوع من التمثيل الشائن الساقط، صيانة للآداب ... إن الفودفيل نوع من التمثيل الساقط، وليس من الأدب في شيء. وأنه في حلته العربية العامية، أسمج وأقبح منه في أية حلة سواها. وليفخر عزيز عيد بعد ذلك، بأنه مبتكر فن الفودفيل في مصر ... وليفخر من يعرب الفودفيل، بأنه محيي اللغة العامية على المسارح ... فكلاهما عاملان مجدان، على أعفاء أثر البقية الباقية من أخلاقنا وكرامتنا، اللهم إلا إذا أثارت النخوة في النفوس، وعاونت الحكومة الجمهور، في إيقاف هذا الفساد العاجل.
وفي أول مارس أضاف عبد الحليم دلاور مقالة أخرى، قال فيها تحت عنوان «الفودفيل خطر على الآداب»:
Page inconnue