كانت تلصق ملحوظات حادة اللهجة ومنذرة على خزانة الأدوية في الحمام: «يجب أن تجف السترات في غرفة صاحبتها؛ نظرا للرائحة العفنة التي تفوح منها مع جفاف الصوف. عناية، إيه إم وإس دي.» «إلى من يهمه الأمر، شممت رائحة عطري «إيفينينج إن باريس» تفوح منك، وأنا لا أشعر بالرضا عن ذلك. يمكنك أن تشتري زجاجة خاصة بك. تحياتي، بي بي.»
كانت الأشياء تغسل دوما: الجوارب، وحمالات الصدر، وأربطة الجوارب الطويلة، والسترات، وبالطبع، الشعر. لا يمكن أن يتحرك المرء في الحمام دون أن يضرب وجهه شيء.
كان الطهو يجري على موقد تسخين. كانت الفتيات اللائي يدخرن المال لشراء أشياء لجهاز زواجهن، أو للانتقال إلى المدينة، يطهون وجبات كرافت سريعة التحضير. كانت فتيات أخريات يشترين أطعمة جاهزة رائحتها شهية من المطعم الموجود على الناصية؛ بطاطس مقلية، شطائر هامبورجر، شطائر هوت دوج ضخمة، كعكا محلى. كانت الفتيات اللائي يتبعن نظاما غذائيا يلقين بالسباب ويغلقن أبوابهن بعنف عند صعود هذه الروائح إلى أعلى.
من وقت إلى آخر كانت بياتريس، أخت ماريبيث، تتبع نظاما غذائيا. كانت تشرب الخل حتى تفقد شهيتها. كانت تشرب الجليسرين لتقوية أظافرها.
قالت ماريبيث: «تريد أن يكون لها صديق؛ يشعرني هذا بالغثيان.»
عندما كانت ماريبيث وبياتريس صديقتين، كانت كل منهما تقترض ملابس الأخرى دون استئذان، كانتا تتحاضنان في الفراش، وكانت كل واحدة منهما تخبر الأخرى كيف كان شعرها يبدو من الخلف. عندما تخاصمتا، توقفتا عن الحديث فيما بينهما. في ذلك الوقت كانت ماريبيث تطهو حلوى عبارة عن خليط من السكر البني، والزبد ، وجوز الهند، على موقد التسخين، وتلوح بالقدر النافذ الرائحة تحت أنف بياتريس قبل أن نبدأ أنا وهي في تناوله بالملاعق. أو كانت تذهب إلى المتجر وتشتري كيسا من حلوى المارشملو، التي كانت تزعم أنها حلوى بياتريس المفضلة. كان الهدف أن تأكل هذه الأشياء أمامها. لم أكن أحب أن أتناول حلوى المارشملو دون تجهيز - كان قوامها المنتفخ الهش يثير اشمئزازي قليلا - لكن كانت ماريبيث تقذف بقطعة منها في فمها وتحتفظ بها هناك مثل قطعة فلين، مادة وجهها أمام وجه بياتريس لإغاظتها. لا أعرف تماما كيف أتصرف في تلك الأوقات؛ لذلك، كنت أقلب في الأشياء في خزانة الملابس.
لم يكن والد ماريبيث يرغب في أن تعيش معه، إلا أنه كان يعطيها أموالا كثيرة لشراء الملابس. كان لديها معطف شتوي داكن الزرقة ذو ياقة من الفرو كنت أظنه معطفا فاخرا. كانت لديها العديد من البلوزات ذات الأربطة، التي كانت موضة تلك الأيام؛ بألوان: قرنفلي، وأصفر، وموف، وأزرق سماوي، وليموني. ومجموعة من الأساور الفضية الرائعة. أتذكر تنورتين مكشكشتين، إحداهما باللونين الأزرق الداكن والأبيض، والأخرى باللونين الفيروزي والأحمر الكرزي. كنت أنظر إلى جميع هذه الأشياء بعين الإعجاب أكثر من عين الحسد. كنت أدلي الأساور الثقيلة بين أصابعي، وأتفحص علب البودرة الفاخرة وملاقط الحواجب. لم يكن مسموحا لي أن أنتزع الشعر من حاجبي، وكان علي أن أضع المكياج في الحمام في مقر مجلس البلدة في الطريق إلى المدرسة. خلال العام الدراسي، كنت أعيش في البلدة مع عمتي إنا، التي كانت متشددة. كل ما كان لدي كبودرة تجميل هو إسفنجة من الفلانيلة، مظهرها غاية في البؤس. إلى جانب ماريبيث، كنت أشعر، كما لو كنت قطعة عمل خام، برجلي القويتين وصدري الضخم؛ خام، ومتعرقة، ولا أرتدي ملابس جيدة، لا أثير الانتباه، ممتنة. وفي الوقت نفسه، على نحو طبيعي، وغير منطوق، وعفوي - لم أكن أستطيع التحدث أو التفكير في الأمر - كنت أرقى منها.
بعد إجازات الصيف، التي كانت تقضيها مع أبيها وزوجة أبيها في تورونتو، قالت ماريبيث إننا يجب ألا نسير مرة أخرى على قضبان السكة الحديدية؛ إذ إن ذلك قد يجلب لنا سمعة سيئة. قالت إن الموضة الجديدة ارتداء وشاح فوق الرأس، حتى في الأيام المشمسة، وجلبت عدة قطع قماش شفافة لهذا الغرض. أشارت علي أن أختار من بينها، فاخترت القطعة القرنفلية المائلة إلى الاحمرار، فصاحت في إعجاب: «أوه، هذه هي أجملها!» لذا، حاولت أن أعيدها إليها. تبادلنا حديثا مجاملا، ثم انتهى بي المطاف بالاحتفاظ بالقطعة التي اخترتها.
أخبرتني عن الأشياء المعروضة في متجري إيتونز وسيمبسونز، وكيف أن كعب حذائها كاد يعلق في أحد المصاعد، وعن بعض الأشياء غير اللطيفة التي قالتها لها زوجة أبيها، وقصص الأفلام التي شاهدتها. كانت قد تجولت كثيرا في المعرض الوطني الكندي ما جعلها تشعر بالغثيان، واقترب منها رجل في عربة ترام، كان يرتدي حلة رمادية وقبعة رمادية، وعرض عليها أن يصطحبها إلى حديقة حيوان ريفرديل.
في بعض الأحيان الآن، أشعر أن نفسي كانت تنسل مني حين كانت ماريبيث تتحدث. أشعر بأن أفكاري تشرد مني مثلما كان يحدث في المدرسة أثناء شرح مسألة رياضية، أو عند بداية الصلاة الطويلة قبل الموعظة في الكنيسة. لم يكن الأمر أنني كنت أريد أن أكون في مكان آخر، أو حتى أبقى وحدي. كنت أفهم أن الصداقة هكذا تكون.
Page inconnue