Le Messie de Darfour
مسيح دارفور
Genres
قال لنا: إن الكلمة هي أن تعي الواقع وتعيشه ولا تنفصل عنه، وتعمل من أجل الأحياء والأشياء، فما نحن إلا ما نفعل من أجل الاثنين، ثقوا في الإنسان الذي فيكم، ثقوا فيه جيدا، ضعوا كل ثقتكم فيه، هو محل لها، محلها الوحيد الأبدي والنهائي، ولا تؤمنوا بالمثل الذي يقول لكم: لا تضعوا البيض في سلة واحدة، أقول لكم: ضعوا بيضكم كله في سلة الإنسانية، وسوف تربحون الجمال.
وقال لنا: الموكب الموكب.
وقال لي: يا إبراهيم، لا تؤمن بي بعقلك ولا بقلبك ولا بظنك ولا بالليل والنهار، بل تقبلني بأمك كما أتقبلكم الآن جميعا بأمي مريم.
وقال لنا: أعدوا للموكب عدته.
ولا يعلم أي منا ما هي عدة الموكب، لكننا كنا ندركها ونعدها جيدا، وهو يرى ويعرف ويبتسم، عندما نعسوا ناموا، ناموا في المكان الضيق الذي وسع الجميع، راعى خصوصيات كل فرد منهم، الأطفال والطفلات وجدوا لبنا لعشائهم، النساء الجميلات المؤمنات وجدن كل ما يخصهن ويحتجن إليه في اللحظة والحين، الرجال وجدوا المكان مهيأ كما لو أنه كان يخصهم وحدهم، عيسى ود مريم كان هنالك، مختلطا بالآخرين ، يشبه الجميع، يعرف الجميع بأسماء أمهاتهم وآبائهم، مريم الحبيبة تتبعه أينما ذهب، تحرص على راحته، كان يناديها قائلا: حبيبتي مريم.
وهي ترد إليه ب: سيدي ابن الإنسان.
والأغرب في الأمر، في النوم، أنهم جميعا حلموا حلما واحدا، حلما شاسعا وكبيرا، كان الموكب العظيم ينطلق من المغارة ذاتها، تتقدمه المرايم والنساء الكثيرات اللائي قدمن من نيالا وكاس وزالنجي مؤمنات ومحبات، كان الصدق الذي في قلوب النساء يضيء طريق الموكب، ثم السيد عيسى ابن الإنسان ود مريم، كل شخص كان يحمل صليبه، صليبه الثقيل جدا، الذي يزداد ثقلا كلما التصق بجسد حامله واستنشق أنفاسه، قال لهم: احملوا صلبانكم واتبعوني، فمن لا يستطيع أن يحمل صليبه لا يستطيع الطيران، ولن يجد الكلمة، وكلما ثقل صليبك مررت خفيفا كالريشة في الهواء.
وهتف فينا بمرح جميل: الموكب الموكب.
هتف الجميع: المهرجان الموكب.
وكانوا يرغبون في الطيران، يرغبون فيه بشدة وحب ووعي، والصلبان ثقيلة كأنها قد قدت من الحديد الصلب، كانت ثقيلة وتثقل كل لحظة، كانوا يمضون بها وهي على ظهورهم، التي تدمى من الاحتكاك بها، وعظامهم الحزينة البائسة تطق من حمل الصلبان، وأرجلهم تتلوى تحت ثقلها، وبطونهم تضج، ورءوسهم تدور، وعيونهم تحمر، صدورهم تعرق، ولكن قلوبهم تخضر وتورق وتثمر مثل حدائق مباركة في جنة من الروح والياسمين.
Page inconnue