قالت: لبيك.
قلت: إني قد أردت السفر.
قالت: مصاحبًا بالعافية.
قال: فقمت، فلما صرت عند الباب. قامت.
فقالت: يا سيدي، كان بيننا عهدٌ في الدنيا لم يقض بتمامه، عسى في الجنة إن شاء الله.
قلت لها: عسى.
قالت: أستودعك الله خير مستودع.
قال: فتودعت منها وخرجت.
قال: ثم عدت إلى مصر بعد سنين، فسألت عنها.
فقيل لي: هي على أفضل ما تركتها عليه من العبادة والاجتهاد.
وبالإسناد إلى أبي عبد الله الحميدي، قال: أنشدني أبو محمد علي بن أحمد لنفسه:
سلامٌ على دهر التلاقي مرددٌ ... ولا لقي التفريق أهلًا ولا سهلا
ويا بين بن عنا دميمًا مبعدًا ... ويا دهر قرب كالذي نعهد الوصلا
أقول وقد هم الفؤاد برحلة ... ولكن رحا القرب قال له مهلا
لعل الذي يدني ويبعد والذي ... قضى بفراق الشمل أن يجمع الشملا
وبالإسناد إلى الحميدي قال: وأنشدنا أيضًا للوزير أبي الحسن جعفر بن عثمان المصحفي:
يا ذا الذي أودعني سره ... لا ترج أن تسمعه مني
لم أجره بعدك في خاطري ... كأنه ما مر في أذني
الشيخ الثامن والخمسون
أخبرنا الشيخ الإمام، العالم، شمس الدين، أبو عبد الله، محمد بن سعد بن عبد الله بن سعد المقدسي،
1 / 132