٧٠- حَدَّثَنَا [١٨/أ] عَبْدُ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم (١)، قال حَدَّثَنَا حفص بْنُ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي، عَنْ أُمِّهَا، وَكَانَتْ خَادم رَسُول الله ﷺ، أَنَّ جَرْوًا دَخَلَ البيت - بَيْتَ النبي ﷺ فدخل تَحْتَ السَّرِيرِ، فمات، فمكث النبي ﷺ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ لاَ ينزل عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا خَوْلَةُ مَا حَدَثَ فِي بَيْتِ نبي الله؟ جِبْرِيلُ لاَ يَأْتِيَنِي، فهل حَدَثَ فِي بَيْتِ نَبِيِّ اللهِ ﷺ حدث؟ فقَالَت: يا رسول اللهِ، والله مَا أَتَى عَلَيْنَا يَوْمٌ خَيْرٌ منا الْيَوْم، فَأَخَذَ بُرْدَته فَلَبِسَها وَخَرَجَ، فقالت لي نفسي: لَوْ هَيَّأْتِ الْبَيْتَ وَكَنَسْتِهِ، فَأَهْوَيْتُ بِالْمِكْنَسَةِ تَحْتَ السرير، فَإِذَا شَيْءٌ ثَقِيلٌ، فَلَمْ أَزَلْ أهوي حَتَّى بَدَا لِي الْجَرْوُ مَيِّتًا، فأخذته بيده، فألقيته، فجاء النبي ﷺ ترعد لحيته، وكان إذا نزل عليه استبطنته الرعدة، قَالَ: يا خولة دثريني، فأنزل الله، ﷿: ﴿وَالضُّحَى. وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى. مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى. وللآخرة خير لك من الأولى. وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ [١٨/ب]، فَقَامَ مِنْ نَوْمِهِ، فَوَضَعْتُ لَهُ مَاءً فَتَطَهَّرَ، وَلَبِسَ بُرْديه.
_________
(١) هكذا في المطبوعة، وفي هامش النسخة الخطية، ما يشبه: " إبراهيم " بدون إثبات الألف الواقعة بين الراء والهاء، وقد أشار المحقق في الحاشية إلى احتمالية التصحيف بين (إبراهيم) و(أبو نعيم) .
ورغم أن جميع المصادر قد أخرجت هذا الحديث من طريق أبي نعيم عن حفص بن سعيد، وجميعها ترجمت لحفص بن سعيد ولم تذكر راويا عنه غير أبا نعيم، بل إن (حفص بن سعيد القرشي) لم نجد له رواية إلا في هذا الحديث، فيما نعلم، وتفرد به عنه أبو نعيم، رغم هذا كله، فإنا نرى أن ما أثبته المحقق أقرب للصواب إن شاء الله، لأن المقصود هنا إثبات ما أثبته المؤلف، وليس ما أثبتته المصادر، حتى وإن ثبت أنه قد وهم.
وسنذكر فيما يلي الأدلة التي نتوقع أن المحقق اعتمد عليها في تصويب ما أثبته:
أولا: أن المؤلف في سياق الشيوخ البصريين من مشيخته، وأبو نعيم كوفي مشهور، وقد أخرج له في مكانه الصحيح في سياق الكوفيين الذي سيأتي بعد البصريين (ح ١١٦)، أما إبراهيم فهو شيخ المؤلف في الحديث السابق، حيث ذكر اسمه كاملا هناك: (إبراهيم بن المنذر الحزامي)، واختصر اسمه في هذا الحديث عطفا على ما سبق، ورغم أنه مدني، إلا أنه كان قد قدم البصرة، كما ذكر ذلك المؤلف في كتابه الآخر المعرفة والتاريخ (٢/٤٢٢) .
ثانيا: لما أخرج المؤلف لأبي نعيم في سياق الكوفيين، جاء باسمه كاملا: (أَبُو نُعَيْمٍ، الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، مولى قريش)، وهذا هو غالبا منهج المؤلف في تسمية شيوخه ونسبتهم وتكنيتهم عندما يذكرهم لأول مرة، فيبعُد أن يَقتصر في أول حديثٍ لأبي نعيم في المشيخة على كُنيته فحسب، فتلك الإطالة في التعريف بأبي نعيم لم يكن ليُطيلها لو كان مرَّ ذكر أبي نعيم قبلُ.
ثالثا: ذكر المزي (حفص بن سعيد) في شيوخ (إبراهيم بن المنذر)، لكن الذي يظهر لنا، والله أعلم، أنه تصحف عليه، وإن كنا لا نجزم بذلك، لكن يؤيد هذا الاحتمال، أمران:
الأمر الأول: أن المزي قد تفرد بذلك دونا عن جميع أصحاب كتب التراجم والتخريج التي اطلعنا عليها، ومن أهمها التاريخ الكبير للبخاري (١/٣٣١)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٢/١٣٩)، والثقات لابن حبان (٨/٧٣)، والأخير معروف باعتنائه بشيوخ المؤلف ونقله من مشيخته، كما ذكر ذلك محقق الكتاب في مقدمته.
الأمر الثاني: أن المزي لم يذكر (حفص بن سعيد القرشي) في شيوخ (أبي نعيم)، رغم أن هذا هو المعروف في جميع كتب التراجم والتخريج التي اطلعنا عليها، ولو أنه فعل، لقنا لعله اطلع على روايات لم نتطلع عليها، تفيد بأن (إبراهيم) و(أبا نعيم) كلاهما قد حدث عن (حفص)، لكنه لما استبدل أبا نعيم بإبراهيم، ترجح لدينا أنه تصحف عليه، ولا نستبعد أن يكون قد أخذها من رواية يعقوب هنا، والله تعالى أعلم.
1 / 68