La légitimité de l'ijtihad dans les branches de la croyance
مشروعية الاجتهاد في فروع الاعتقاد
Genres
وقد ثبت في الصحيح أن الصحابة صلوا بغير ماء ولا تيمم لما فقدت عائشة عقدها ولم يأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة(¬1) بل أبلغ من ذلك أن من كان يترك الصلاة جهلا بوجوبها لم يأمره بالقضاء, فعمرو وعمار لما أجنبا وعمرو لم يصل وعمار تمرغ كما تتمرغ الدابة لم يأمرهما بالقضاء, وأبو ذر لما كان يجنب ولا يصلي لم يأمره بالقضاء, والمستحاضة لما استحاضت حيضة شديدة منكرة منعتها الصلاة والصوم لم يأمرها بالقضاء.
والذين أكلوا في رمضان حتى يتبين لأحدهم الحبل الأبيض من الحبل الأسود لم يأمرهم بالقضاء, وكانوا قد غلطوا في معنى الآية فظنوا أن قوله تعالى: { حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } ( 187: البقرة ) هو الحبل فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (إنما هو سواد الليل وبياض النهار) (¬2) ولم يأمرهم بالقضاء؛ والمسيء في صلاته لم يأمره بإعادة ما تقدم من الصلوات, والذين صلوا إلى بيت المقدس بمكة والحبشة وغيرهما بعد أن نسخت (بالأمر بالصلاة إلى الكعبة) وصاروا يصلون إلى الصخرة حتى بلغهم النسخ لم يأمرهم بإعادة ما صلوا, وإن كان هؤلاء أعذر من غيرهم لتمسكهم بشرع منسوخ.
ويتضح من أقوال ابن تيمية رأيه بوضوح انه لا يكفر المسلمين عموما سواء كان المخالف من أهل السنة والجماعة أو من غيرهم (¬3).
وقد أكثرت من أقوال ابن تيميه لبيان رأيه بوضوح لأن بعض من ينتسب إليه ينسب مبدأ تكفير المخالف ولو في مسائل جزئية إليه، وأن بعض من لم يطلع على مثل هذه الأقوال يتهمه بتكفير المسلمين.
Page 60