L'Orient des deux soleils
مشرق الشمسين
Genres
الغرايز بنقله إلى رحم بالضم والأظهر منع صرف رحمان لإلحاقه بالغالب في بابه لا لتحقق الشرط من انتفاء فعلانة باختصاصه بالله سبحانه لأنه عارض مع انتفاء الشرط عند من اعتبر وجود فعلى وهو أبلغ من الرحيم لأن زيادة المباني تنبئ في الأغلب عن زيادة المعاني كما في قطع وقطع وهي هنا أما باعتبار الكم وعليه حملوا ما ورد في الدعاء المأثور يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة لشمول رحمة الدنيا للمؤمن والكافر واختصاص رحمة الآخرة بالمؤمن وأما باعتبار الكيفية وعليه حملوا ما ورد في الدعاء أيضا يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا لحسابه نعيم الآخرة بأجمعها بخلاف نعيم الدنيا وأنت خبير بأن زيادة المعنى في المشتق يكون بزيادة مدلوله التضمني أعني المعنى المصدري ولا ريب أن رحمة الآخرة كما هي زائدة على رحمة الدنيا كيفا فهي زائدة عليها كما أيضا لتواترها وعدم انقطاع أفرادها بل لا نسبة للمتناهي وهذا تقتضي عدم استقامة الاعتبار الأول في الدعاء الأول لكنهم اعتبروا فيه زيادة أفراد متعلق المعنى المصدري أعني المرحومين ولعلهم عدوا جميع أنواع الرحمة الواصلة إلى الشخص الواحد رحمة واحدة ثم لما كان الرحمن بمعنى البالغ في الرحمة غايتها اختص بالله سبحانه ولم يطلق على غيره لأنه هو المتفضل حقيقة ومن عداه طالب بلطفه وإحسانه أما ثناء دنيويا أو ثوابا أخرويا أو إزالة رقة الجنسية أو إزاحة خساسه البخل وحب المال ثم هو كالواسطة فإن ذات النعمة وسوقها إلى المنعم وإقداره وتمكينه من إيصالها إلى غير ذلك كلها منه جل شأنه وعظم امتنانه و إلى الاختصاص المذكور وشمول المؤمن والكافر يومي ما روي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنه قال الرحمن اسم خاص لصفة عامة والرحيم اسم عام لصفة خاصة وتقديمه على الرحيم مع اقتضاء الترقي العكس لتقدم رحمة الدنيا وللمحافظة على رؤس الآي ولأنه لاختصاصه بالله سبحانه صار كالواسطة بين العلم و الوصف فناسب توسطه بينهما ولأن الملحوظ أولا في باب التعظيم والثناء هو عظايم النعماء وجلائل الآلاء وما عداه يجري مجرى التتمة والرديف وفي ذكر هذه الأسماء في البسملة التي هي مفتتح الكتاب الكريم تحريك لسلسلة الرحمة وتأسيس لمباني الجود والكرم وتشييد لمعالم العفو والرأفة وإيماء إلى مضمون سبقت رحمتي غضبي وتنبيه على أن الحقيق بأن يستعان بذكره في مجامع الأمور هو المعبود الحقيقي البالغ في الرحمة غايتها والمولي للنعم بجملتها عاجلها وأجلها جليلها وحقيرها هذا وربما يوجد في كلام بعضهم أن في وصفه جل شأنه بالرحمة الأخروية رد على المعتزلة القائلين بوجوب إيصال الثواب إلى العباد في مقابل سوابق أعمال الخير الصادرة عنهم فإن الوجوب عليه جل شأنه لا يجامع التفضل والإحسان الذين هما معنى الرحمة بالنسبة إليه سبحانه و أنت خبير بأنهم لا يقولون بأن جميع ما يصدر عنه تعالى من النعم الأخروية واجب عليه ليلزمهم أن لا يكون جل شأنه متفضلا بشئ منها وإنما مذهبهم وجوب بعض تلك النعم أعني التي استحقها المكلفون في مقابلة أعمال الصادرة عنهم والآلام الواصلة إليهم وأما باقي أنواع النعم وأصناف الإحسان التي لا يحصر قدرها ولا يقدر حصرها فهم لا ينكرون أنها تفضل منه جل شأنه وإحسان وترحم وامتنان وعساك تسمع في هذا كلاما
Page 397