الصلاة بحيث لم يبق فصل بينكم وبينها فتوضأوا ولا يخفى ظهور الآية في هذا المعنى وإنكاره مكابرة وحينئذ يقول لا يتحقق القيام بهذا المعنى خارج الوقت فاندفع الايراد لا يقال حمل الآية على القيام الذي لا فصل بينه وبين الصلاة أصلا ممتنع وإلا يلزم أن يكون التكليف بالوضوء بعده تكليفا بما لا يطاق فلا بد من حمله على قيام يتحقق بينه وبين الصلاة فصل ما لا أقل بقدر الوضوء وحينئذ يعود الايراد إذ يجوز تحقق هذا القيام قبل دخول الوقت بمقدار الوضوء ويحتاج إلى تركيب الاجماع المركب مع الدليل ليتم إذ يمكن أن يقال أنه إذا وقت السيد لعبده وقتا لفعل ثم قال إذا قمت لهذا الفعل فافعل كذا فالظاهر منه أن المراد القيام الذي يمكن الاتيان بذلك الفعل عقيبه بلا قصد ويريد العبد إيقاعه بعده إرادة تامة لولا ذلك الامر الاخر ولا شك أن ذلك القيام لا يمكن إلا داخل الوقت الموقت ولا محذور حينئذ أصلا إذ ليس المراد قياما يجب اتصاله بالصلاة حتى يكون تكليفا بما لا يطاق بل قياما يمكن اتصاله بالصلاة وقد مر مثل هذا سابقا فتأمل وقد يستدل أيضا على الوجوب بالغير بصحيحة زرارة المتقدمة عن أبي جعفر (عليه السلام) إذا دخل الوقت فقد وجب الطهور والصلاة ويورد عليه أما أولا فبالمنع من حجية المفهوم وهو ضعيف وعلى تقدير حجيته إنما يكون فيما لم تظهر للكلام فائدة أخرى سوى ذلك وفيما نحن فيه ليس كذلك إذ يمكن أن يكون الفائدة فيه الاشعار باشتراط الصلاة بالوضوء بالوجهين المذكورين سابقا وأما منع عموم المفهوم فحاله إنما يستنبط من حاله في الدليل السابق فقس عليه وأما ثانيا فيجوز أن يكون المراد وجوب الوضوء والصلاة معا فعند عدم دخول الوقت يلزم عدم وجوب المجموع وهو كذلك إذ الصلاة قبل الدخول ليست بواجبة فلا يكون المجموع واجبا ولا يخلو عن بعد سواء كان المراد وجوب المجموع من حيث المجموع أو وجوب كل واحد يعني أن عند دخول الوقت يجب كل واحد من الطهور والصلاة أي يصدق هذه الكلية بخلاف قبل الدخول إذ لا يصدق الكلية لعدم وجوب الصلاة وقد يعترض أيضا بجواز أن يكون المراد بوجوب الطهور وجوبه الغيري وهو أيضا خلاف الظاهر كما لا يخفى ولا يذهب عليك أن هذا الاستدلال على تقدير تمامه إنما يدل على ما يدعونه لازما للوجوب الغيري أعني عدم وجوب الوضوء قبل دخول الوقت فلو كان المراد منه الاستدلال على الوجوب الغيري فلا يكاد يتم إذ بمجرد ثبوت اللازم لا يثبت الملزوم إلا إذا ثبت المساواة بينهما والمساواة فيما نحن فيه ممنوع إذ يجوز أن لا يجب الوضوء إلا بعد دخول الوقت ولم يكن الغرض منه الصلاة بل يكون الغرض منه شيئا آخر وهو ظاهر وتظهر الفائدة في الغرض المذكور من بقاء المكلف بعد دخول الوقت بمقدار الوضوء فقط إذ على الأول يجب الوضوء وعلى الثاني لا يجب وكذا في التضيق إذ على الثاني يجب تضيقه بتضيق وقت الصلاة وعلى الأول لا يجب فلو أريد اتمام الاستدلال على الوجوب الغيري فأما أن يقال إن عدم وجوب الوضوء إلا بعد دخول وقت الصلاة قرينة على أن وجوبه لها وهو ضعيف وأما أن يتمسك بالاجماع المركب إذ كل من قال بوجوبه بعد دخول الوقت يقول بالوجوب الغيري هذا وأما حجة القول بالوجوب النفسي فالآية الكريمة المتقدمة أيضا لأنها بإطلاقها دالة على وجوب الوضوء كلما تحققت الإرادة ولأن؟
في تحققها قبل دخول الوقت أيضا فيكون الوضوء قبل دخول الوقت واجبا إذ قد ثبت وجوبه قبل دخول الوقت في الجملة فقد ثبت في جميع أوقات قبل الدخول بعد الحدث وإلا يلزم خرق الاجماع فقد ثبت الوجوب النفسي وهذا القلب الذي وعدناك وهو راجح على مقلوبه لان هذا استدلال بعموم المنطوق وذاك بعموم المفهوم وهو مع ضعفه يستلزم ها هنا التخصيص في عموم المنطوق ولا شك أن عموم مفهوم كلام إذا عارض عموم منطوقه لا عبرة به ويرد عليه أنه لا نسلم أن المراد من الآية الشريفة إذا أردتم القيام حتى يتم ما ذكرتم بل المعنى الذي تقدم وهو لا يتحقق قبل الدخول وأيضا العموم ممنوع وما يقال أن الاهمال يخرج الكلام عن الفائدة غير ممنوع وقد مر غير مرة ومع تسليمه مخصص بالرواية المتقدمة وفيه ضعف إذ تخصيص منطوق الكتاب بمفهوم الخبر مشكل في صورة العموم المطلق فكيف بالعموم من وجه كما فيما نحن فيه وقد يستدل عليه أيضا بما رواه الشيخ (ره) في التهذيب في باب الاحداث الموجبة للطهارة عن عبد الله بن المغيرة و محمد بن عبد الله قالا سئلنا الرضا (عليه السلام) عن الرجل ينام على دابته فقال إذا ذهب النوم بالعقل فليعد الوضوء وجه الاستدلال أنه علق وجوب الوضوء بذهاب النوم فقط فالظاهر وجوبه عنده بدون اشتراطه بأمر آخر وبما رواه أيضا في هذا الباب عن زرارة قال قلت له الرجل ينام وهو على وضوء يوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء فقال يا زرارة قد ينام العين ولا ينام القلب والاذن فإذا نامت العين والاذن والقلب فقد وجب الوضوء ووجه الاستدلال ما مر وبما رواه أيضا في هذا الباب عن معمر بن خلاد عن أبي الحسن (عليه السلام) في آخر حديث إذا خفى عنه الصوت فقد وجب الوضوء عليه وبما رواه أيضا في هذا الباب عن زيد الشحام عن أبي عبد الله (عليه السلام) في آخر حديث أن عليا (عليه السلام) كان يقول من وجد طعم النوم فإنما وجب عليه الوضوء إلى غير ذلك من الروايات المفيدة لوجوب الوضوء بالحدث من غير أن يشترط فيها بشئ آخر وهي كثيرة وفيما ذكرناه كفاية ويرد على الجميع أن مثل هذه الاطلاقات جامع فيما إذا علم الاشتراط كالاطلاقات الواردة في وجوب غسل الثياب والاناء وغير ذلك مع كونها مشروطة بالاتفاق
Page 28