إذا كان زمان الغسل أكثر من زمان الخروج لكن يكون أقل من زمان التيمم مع الخروج فتدبر هذا ثم إعلم أنه إذا كان في هاتين الصورتين وقت مشروط بالغسل كالصلاة مثلا مضيفا فالقول بتقديم الغسل حينئذ يصير أقوى إذ دلايل وجوب الغسل للصلاة أيضا يصير مقويا ومرجحا لما يعارض وجوب التيمم وأما إذا تضيق وقت الصلاة مثلا في غير هاتين الصورتين فالقول بتقديم الغسل لا يخلو عن إشكال إذ حينئذ يعارض الدلايل الدالة على وجوب الغسل للصلاة بروايتي وجوب التيمم والعمومات الدالة على حرمة الكون إلا أن يكون مرجح آخر من قبله فتأمل ثم إن الشهيد الثاني (ره) استدل على ما رجحه بأن فيه جمعا بين ما دل على الامر بالتيمم مطلقا وهو الروايتان السابقتان وبين ما دل على اشتراط عدم الماء في جواز التيمم ووجه تخصيصه القول بصورة المساواة والنقصان وإن كان الدليل عاما قد مر سابقا وفيما استدل به نظرا ما أولا فلمنع وجود ما يدل على اشتراط عدم الماء في جواز التيمم مطلقا إذ لم نقف في الروايات على ما يدل عليه ظاهرا وأما إيتاء التيمم ففي ظهور دلالتهما أيضا نظر وأما آية المائدة فلاحتمال تعلقه بإذا قمتم احتمالا غير مرجوح وحينئذ يكون اشتراط عدم وجدان الماء في التيمم مخصوصا بالتيمم للصلاة فلا عموم فيه وأما آية النساء فلذلك الاحتمال أيضا لامكان أن يكون المراد بالصلاة حقيقتها لا مواضعها فتكون مثل سابقتها وعلى تقدير أن يكون المراد مواضعها ويكون حكم التيمم حكما مستأنفا غير متعلق بسابقة أيضا دلالتها على عموم الاشتراط بحيث يتناول ما نحن فيه ممنوعة إذ غاية ما يدل عليه أن عدم وجدان الماء شرط في التيمم بسبب الأشياء المذكورة في الآية والاحتلام ليس داخلا فيها والاجماع على كونه بمنزلة الملامسة غير ثابت في صورة النزاع مع أنه لا يدل على عموم الاشتراط بالنسبة إلى هذه الأشياء أيضا لعدم إرادة عموم فيها والقول بلزوم تأخر البيان وخلو الكلام من الفائدة المعتد بها الغير المناسب لكلام الحكيم ليسا مما يثمر ظنا قويا بالمدعى كيف وأكثر الاحكام الواردة في القرآن مجمل محتاج إلى بيان وتفصيل قد بينه وفصله النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليه السلام) والاجماع الذي نقله بعض العلماء كالمحقق (ره) في المعتبر حيث قال شرط التيمم عدم الماء أو عدم الوصلة أو حصول مانع كالبرد والمرض أما عدم الماء فعليه إجماع أهل العلم أيضا غير ظاهر في العموم إذ يجوز أن يكون مراد الناقلين الاجماع في الافراد المتعارفة للتيمم من التيمم للصلاة ونحوه لا مطلقا أو يكون مراد المجمعين ذلك واشتبه على الناقلين فنقلوه مطلقا ومثل هذا ليس ببعيد جدا ومع هذا الاحتمال لا يبقى الظن بحجية والله أعلم وأما ثانيا فلانه على تقدير تسليم وجود ما يدل على الاشتراط مطلقا ليس تخصيص الحكم بالتيمم به أولى من تخصيصه بذلك الحكم فلم لم يقل به أو بالتوقف والتخيير إلا أن يقال أنه إذا قال السيد لعبده هذا الشئ مشروط بكذا ثم قال له إفعل الشئ الفلاني فالظاهر أن مراده إفعل الشئ الفلاني بالشرط المعلوم أو يقال إن الغالب لما كان عدم التمكن من الغسل في المسجد بالشروط المذكورة فالمظنون إن إطلاق الحكم بالتيمم بناء على الغالب كما مر هذا ثم إن السيد الفاضل صاحب المدارك بعد نقل الاحتجاج المذكور عن جده (ره) وإيراد بعض ما أوردنا عليه قال والأظهر الاقتصار على التيمم وقوفا مع ظاهر الخبر وكما جاز أن يكون الامر بالتيمم مبنيا على الغاب من تعذر الغسل في المسجدين فيجوز أن يكون لاقتضاء الغسل فيهما إزالة النجاسة فإن مورد الخبر المحتلم وهو ملازم للنجاسة وقد أطلق جماعة من الأصحاب تحريم إزالتها في المسجد وصرح بعضهم بعموم المنع وإن كانت الإزالة في الكثير انتهى والظاهر أن قوله وكما جاز أن يكون (أه) مع هؤلاء القائلين بتقديم الغسل في صورة المساواة والقصور كالمصنف وجده (ره) فإن المصنف (ره) في الذكرى وجده (ره) في شرح الارشاد ذكر أنه يجوز أن يكون الامر بالتيمم مبنيا على الغالب من تعذر الغسل في المسجد ولم نعلم أنه وجه توجيه لان هذا الكلام منهما في مقام بيان وجه الاشكال في المسألة وتبيين طرفيه بإيراد احتمالات ظاهرة وكذا في مقام منع الاستدلال بالرواية وعمومها وإبداء احتمال ظاهر يقدح في ظهور العموم لا في مقام الاستدلال وهو ظاهر وحينئذ تجويز احتمال آخر في مقابلة خارج عن قانون التوجيه و على تقدير تسليم أنه في مقام الاستدلال أيضا نقول أنه لا شك أن حكمها بتقديم الغسل إنما هو بناء على القول بجواز إزالة النجاسة في المسجد وذهاب بعض الأصحاب إلى منعه لا يقدح فيه كما لا يخفى وأيضا على تقدير القول بحرمة الإزالة يقيدون الحكم بصورة لا يلزم ذلك مثل أن يفرض أنه جاء سيل مثلا في النوم وأحاط به وبعد التيقظ وجد بدنه متطهرا هذا بقي في المقام شئ وهو أنه إذا تيمم المجنب المذكور أما لعدم إمكان الغسل أو مع وجوده لكن رجح وجوب التيمم وكان الغسل بعده ممكنا وكان زمانه مساويا لزمان الخروج أو أقل منه فهل يجب الغسل حينئذ لادراك القدر الزايد متطهرا في الصورة الأخيرة ويتخير بينه وبين الخروج في الصورة الأولى والذي يقتضيه النظر أن يكون الامر كذلك إذ الدليل المذكور سابقا في صورة نقصان زمان الغسل عن زمان الخروج على وجوب الغسل وبيان انتفاء الحرمة في الصورتين جاز ها هنا أيضا مع عدم معارضته لوجوب التيمم لكن الظاهر أن الحكم بوجوب الغسل بعد التيمم مع وجود الماء خارج المسجد وكذا جوازه أيضا مما لم يقل به أحد وأما مع عدم الماء ففيه تفصيل سيأتي إنشاء الله تعالى ولا يخفى أنه لو تضيق وقت الصلاة مثلا في هذه الصورة فلا ريب في أن الأولى الاتيان بالغسل إذ لا تصريح بالاجماع على عدمه في مثل هذا الموضع مع قيام الدليل على الوجوب أو التخيير ولو تضييق الوقت في غير هذه الصورة فيقع التعارض بين أدلة وجوب الغسل وأدلة تحريم الكون فينبغي النظر فيهما وهو خروج عن البحث تذنيب
Page 23