289

============================================================

اعليها سرير من الزبرجد الأخضر، قوائمه من الفضة البيضاء، عليه جارية الاوجهها كأنه الشمس، لولا أن الله ثبت علي بصري لذهب، وذهب عقلي، من الاحن الغرفة وبهاء الجارية، قال: فلما رأتني الجارية، قالت مرحبا وأهلا وسهلا اياولي الله وحبيبه، أنت لي وأنا لك فأردت أن أضمها إلى صدري، فقالت: مهلا لا تعجل، فإنك بعيد من الخنا(1)، وإن الميعاد بيني وبينك غدا عند صلاة الظهر، فأبشر، قال أبوقدامة: فقلت له حبيبي رآيت خيرا وخيرا يكون .

م بتنا متعجبين من منام الغلام، فلما أصبحنا تبادرنا فركبنا خيولنا، فإذا المنادي ينادي يا خيل الله اركبي (2)، وبالجنة أبشري: انفروا خفافا وتقالا(3)، فما كان إلا ساعة وإذا جيش الكفر - خذله الله - قد أقبل كالجراد المنتشر فكان أول من حمل منا فيهم الغلام، فبدد شملهم وفرق جمعهم وغاص في وسطهم، فقتل منهم رجالا وجندل أبطالا، فلما رأيته كذلك، لحقته فأخذت اعان فرسه، وقلت: يا حبيبي ارجع فأنت صبي ولا تعرف خدع الحرب، اا فا قال يا عم: ألم تسمع قول الله تعالى: يا أيها الذين امنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار(4)، أتريد أن أدخل النار.

اا اباينا هو يكلمني إذ حمل علينا المشركون حملة رجل واحد، فحالوا بيني الابين الغلام ومنعوني منه، واشتغل كل واحد بنفسه، وقتل خلق كثير من السلمين، فلما افترق الجمعان، إذا القتلى لا يحصون عددا، فجعلت أجول الا ارسي بين القتلى، ودماؤهم تسيل على الأرض، ووجوههم لا تعرف من كثرة الغبار والدماء.

فبينا أنا أجول بين القتلى، إذ أنا بالغلام بين سنابك الخيل، قد علاه االتراب وهو يتقلب في دمه ويقول: يا معشر المسلمين، بالله ابعثوا لي عمي ابا قدامة، فأقبلت إليه عندما سمعت صياحه، فلم أعرف وجهه لكثرة الدماء (1) وخنا خنوا: أفحش. القاموس المحيط: 326/4، الطبعة الثالثة، المطبعة المصرية.

(2) هذا على حذف المضاف، أراد: يا فرسان خيل الله اركبي. النهاية: 94/2.

(3) سورة التوبة: الآية 41.

(4) سورة الأنفال: الآية 15.

288

Page 289