الشاهد السادس (31) اعلم أن العارض على ضربين: عارض الوجود وعارض الماهية. والأول كعروض البياض للجسم أو الفوقية للسماء في الخارج وكعروض الكلية والنوعية للإنسان والجنسية للحيوان. والثاني كعروض الفصل للجنس والتشخص للنوع.
(32) وقد أطبقت ألسنة المحصلين من أهل الحكمة بأن اتصاف الماهية بالوجود وعروضه لها ليس اتصافا خارجيا وعروضا حلوليا بأن يكون للموصوف مرتبة من التحقق. والكون ليس في تلك المرتبة مخلوطا بالاتصاف بتلك الصفة بل مجردا عنها وعن عروضها سواء كانت الصفة انضمامية خارجية كقولنا: زيد أبيض أو انتزاعية عقلية كقولنا: السماء فوقنا أو سلبية كزيد أعمى. وإنما اتصاف الماهية بالوجود اتصاف عقلي وعروض تحليلي وهذا النحو من العروض لا يمكن أن يكون لمعروضه مرتبة من الكون ولا تحصل وجودي لا خارجا ولا ذهنا لا يكون المسمى بذلك العارض. فإن الفصل مثلا إذا قيل إنه عارض للجنس ليس المراد أن للجنس تحصلا وجوديا في الخارج أو في الذهن بدون الفصل بل معناه أن مفهوم الفصل خارج عن مفهوم الجنس لاحق به معنى وإن كان متحدا معه وجودا. فالعروض بحسب الماهية في اعتبار التحليل مع الاتحاد فهكذا حال الماهية والوجود إذا قيل إن الوجود من عوارضها.
(33) فإذا تقرر هذا الكلام: فنقول: لو لم يكن للوجود صورة في الأعيان لم يكن عروضه للماهية هذا النحو الذي ذكرناه بل كان كسائر الانتزاعيات التي تلحق الماهية بعد ثبوتها وتقررها. فإذن يجب أن يكون الوجود شيئا توجد به الماهية وتتحد معه وجودا مع مغايرتها إياه معنى ومفهوما في ظرف التحليل. تأمل فيه.
Page 65