بخيلا، لا يستميل الجنود بمال، ولا يغريهم بوعد كاذب.
كان عبد الملك - كمعاوية - يعتقد ضعف مركزه الشرعي فلا يترك وسيلة لتثبيته وتوثيق أساسه.
وكان عبد الله بن الزبير - كعلي بن أبي طالب - يعتقد أنه على حق فلا يعنى بالحيل السياسية، واهما أن الحق منتصر وحده، دون أن يفتقر إلى مداورة أو خداع.
لقد كان عبد الملك يقتدي بمعاوية في بذل المال واستخدامه في قضاء أغراضه، لتيقنه من سحره العجيب في تذليل العقبات، وتسهيل الصعاب.
وكثيرا ما اقتدى بعبد الملك عماله في استخدام المال في تذليل المستحيلات. •••
ألا ترى إلى الحجاج - وهو يحاصر الكعبة، وفيها عبد الله بن الزبير - فيأمر رجاله أن يرموها بالمنجنيق، فيحجمون، فإذا رأى ترددهم جاء بكرسي وجلس عليه وقال: «يا أهل الشام، قاتلوا على أعطيات عبد الملك.»
فلا يكادون يسمعون منه ذلك حتى يسرعوا إلى تلبية أمره إسراعا. •••
لقد أغفل عبد الله استخدام المال - كما أسلفنا - واكتفى بأن يعلم أنه محبوب من الناس، وأن أعداءه الأمويين مبغضون إليهم، وأنه في جانب الحق والأمويون في جانب الباطل.
ونسي أن الباطل إذا تعهده المبطل وقوى دعائمه وثبت أركانه تغلب - ولو إلى حين - على الحق الذي أهمله صاحبه واستهان بنصرته ولم يعن بتدعيمه.
ومن رعى غنما في أرض مأسدة
Page inconnue