على ما يسفل من أرضها، فصارت بحارا وهى البطائح «١» . وأما واسط فإنّها نصفان على شط دجلة متقابلان بينهما جسر من سفن فى كل جانب «٢»، وفى كل جانب مسجد جامع، وهى محدثة فى الإسلام، أحدثها الحجاج بن يوسف «٣»، وبها خضراء الحجاج، وهى مدينة يحيط بحدّها الغربى البادية بعد مزارع يسيرة، وهى خصبة كثيرة الشجر والنخيل والزروع، وهى أصح هواء من البصرة وليس لها بطائح، وأراضى رساتيقها متصلة معمورة.
وأما الكوفة فإنّها قريبة من البصرة فى الكبر، وهواؤها أصح، وماؤها أعذب من ماء «٤» البصرة، وهى على الفرات، وبناؤها مثل بناء البصرة، ومصّرها سعد بن أبى وقّاص، وهى أيضا خطط لقبائل العرب، إلا أنها خراجية بخلاف البصرة، لأن ضياع الكوفة جاهلية وضياع البصرة إحياء موات فى الإسلام.
والقادسيّة والحيرة والخورنق هى على طرف البادية مما يلى الغرب، ويحيط بها مما يلى المشرق النخيل والأنهار والزروع، وهى «٥» والكوفة فى أقل من مرحلة، والحيرة مدينة جاهلية طيبة التربة مفترشة البناء كبيرة، إلا أنها خلت عن الأهل لما عمرت الكوفة، وهواؤها وترابها أصح من الكوفة، وبينها وبين الكوفة نحو فرسخ، وقريب من الكوفة قبر علىّ ﵇، وقد اختلف فى مكانه، فقيل إنه فى زاوية على باب جامع الكوفة، أخفى من أجل بنى أمية، ورأيت فى هذا الموضع دكان علاف، ومنهم من زعم أنه من الكوفة على فرسخين، وعليه قنطرة وآثار المقابر، والقادسية على شفير البادية، وهى مدينة صغيرة ذات نخيل ومياه وزروع، ليس بالعراق بعدها ماء جار ولا شجر. وأما بغداد فإنها مدينة محدثة فى الإسلام، لم تكن بها عمارة فابتنى المنصور المدينة فى الجانب الغربى، وجعل حواليها قطائع لحاشيته ومواليه وأتباعه، مثل قطيعة الربيع، والحربيّة وغيرهما، ثم عمرت، فلما كان فى أيام «المهدى» جعل معسكره فى الجانب الشرقى فسمى عسكر المهدى، ثم عمرت بالناس والبنيان، وانتقلت الخلافة إلى الجانب الشرقى، وهى اليوم أسفل هذا الجانب بالحريم، ليس وراءها بنيان للعامة متصل، وتفترش قصور الخلافة وبساتينها من بغداد إلى نهر بين «٦» فرسخين على جدار واحد، حتى تتصل من نهر بين إلى شط دجلة، ثم يتصل البناء بدار الخلافة مرتفعا على دجلة إلى الشماسيّة نحو خمسة أميال- وتحاذى الشماسية فى الجانب الغربى الحربيّة- فيمتد نازلا على دجلة إى إلى آخر الكرخ، ويسمى «٧» الشرقى جانب الطاق وجانب
النص / 58