وشىء من النخيل يسير، حتى ينتهى على تاران وجبيلات، وما حاذى جبل الطور إلى أيلة؛ وأيلة هذه مدينة صغيرة عامرة، بها زرع يسير، وهى مدينة اليهود الذين حرّم الله عليهم صيد السبت، وجعل منهم القردة والخنازير، وبها فى يد اليهود عهد لرسول الله ﷺ؛ وأما مدين وما انتهى على هذا البحر فى عطوف اليمن إلى عمان والبحرين إلى عبّادان فقد وصفناه فى صفة ديار العرب، وأما عبّادان فإنها حصن صغير عامر على شط البحر، ومجمع ماء دجلة، وهو رباط كان فيه محارس للقطريّة وغيرهم من متلصّصة البحر، وبها على دوام الأيام مرابطون، ثم تقطع عرض دجلة فتصير على ساحل هذا البحر إلى مهروبان من حدّ فارس، ويعرض فيها أما كن تمنع من السلوك إلا فى الماء، وذلك أن مياه خوزستان تجتمع إلى دورق وحصن مهدى وباسيان فتتصل بماء البحر؛ ومهروبان مدينة صغيرة عامرة وهى فرضة أرّجان، وما والاها من أدانى فارس وبعض خوزستان، ثم ينتهى البحر على الساحل إلى شينيز «١»، وهى مدينة أكبر من مهروبان، ومنها يرتفع الشينيزى «٢» الذي يحمل إلى الآفاق، ثم ينتهى إلى جنّابة؛ وجنّابة هذه مدينة أكبر من مهروبان، وهى فرضة لسائر فارس خصبة شديدة الحرّ، ثم ينتهى على الساحل إلى سيف البحر إلى نجيرم، وهذا السيف ما بين جنّابة ونجيرم، به قرى ومساكن ومزارع متفرقة مفترشة شديدة الحرّ، ثم ينتهى إلى سيراف «٣» وهى الفرضة العظيمة لفارس، وهى مدينة عظيمة ليس بها سوى الأبنية شىء، حتى يجاوز على جبل يطلّ عليه، وليس بها ماء يجمد ولا زرع ولا ضرع، وهى أغنى بلاد فارس، ثم يتجاوز على الساحل فى مواضع منقطعة تعترض بها جبال ومفاوز، إلى أن ينتهى إلى حصن ابن عمارة، وهو حصن منيع على هذا البحر، وليس بجميع فارس حصن أمنع منه، ويقال إن صاحب هذا الحصن هو الذي قال الله فيه (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)
«٤»، وينتهى على ساحل هذا البحر إلى هرمز، وهى فرضة كرمان، مدينة غرّاء كثيرة النخل حارة جدا، ثم تسير على شطّه إلى الدّيبل، وهى مدينة عامرة وبها مجمع التجار، وهى فرضة لبلد السند، وبلد السند هو المنصورة وأراضى الزطّ وما والاها إلى الملتان، ثم ينتهى على ساحل بلدان الهند إلى أن يتّصل بساحل تبت، وينتهى إلى ساحل الصين، ثم إلى الصين ثم لا يسلك بعده.
وإذا أخذت من القلزم غربىّ هذا البحر، فإنه ينتهى إلى بريّة قفرة، لا شىء فيها إلى أن يتصل ببادية البجة، والبجة قوم أصحاب أخبية شعر، أشد سوادا من الحبشة فى زى العرب، لا قرى لهم ولا مدن ولا زرع، إلا ما ينقل إليهم من مدن الحبشة واليمن ومصر والنوبة، وينتهى حدّ هم إلى ما بين الحبشة وأرض النوبة وأرض مصر، وينتهى إلى معادن الذهب، ويأخذ هذا المعدن من قرب أسوان مصر على نحو من عشر مراحل، حتى
النص / 31