وإن كان جائزا؛ كما تقوله طوائف من أهل الفلسفة والكلام والحديث وغيرهم؛ أمكن توقف العالم أو الفلك على حوادث لا تتناهى؛ سواء قيل: حدثت في ذات القديم أو غيره؛ فإن حدوث الحوادث في القديم ليس ممتنعا عندكم ولا عند طوائف من أهل الملل، بل أكثر أهل الملل؛ فإنكم وهؤلاء تبطلون قول من يستدل بالحركة على حدوث محلها، وما تذكرونه في واجب الوجود من نفي الصفات الذي تسمونه نفي التركيب في غاية الفساد؛ كما قد أوضح في غير هذا الموضع.
ومنها: أن هذا بعينه يقال في الحوادث المشهودة: إن تمت أسبابها في القدم: وجب قدمها. وإن لم تتم: افتقرت إلى أسباب أخرى.
والثلاثة عائدة إلى أصل واحد؛ فقد ظهر فساد عمدتهم العظمى في إثبات قدمه.
واعلم: أن لأهل الكلام والفلسفة في الجواب عن هذه الشبهة طرقا متعددة:
منها: إسناد حدوث العالم إلى العلم؛ فإنه لما علم وقت حدوثه أحدثه كما علمه.
ومنها: بيان امتناع بقدمه؛ فيكون حدوثه في الأزل ممتنعا؛ فيجب حدوثه.
ومنها: إسناد التخصص إلى محض المشيئة.
ومنها: اعتقاد أن القادر المختار يرجح أحد طرفي مقدوره على الآخر بلا مرجح.
ومنها: معارضتهم سائر ما في العالم من التخصيصات في مقاديره وصفاته وغير ذلك. فالقول في تخصيصه / (¬1) بوقت؛ كالقول بتخصيصه بسائر صفاته ومقاديره. وبسط هذه الأجوبة له موضع غير هذا.
Page 69