لقد يكون من الجائز أن نقتطف ما يأتي من كتاب «الإمبراطورية في حالة حرب» تأليف سير تشارلس لوكاس
Sir Charles Lucas :
لما نشبت الحرب سلم أمر تأمين الدفاع عن كيان مصر إلى أيدي جيش الاحتلال البريطاني، وفي الوقت نفسه تحمل الجيش المصري بمؤازرة الحامية البريطانية الصغيرة المعسكرة في الخرطوم جميع مسئولية الدفاع عن سلامة السودان والأمن فيه. ولقد بات معلوما مقدار ما أصابه الجيش المصري من النجاح الباهر في ضبط الحكم في السودان، والمحافظة عليه من أي اعتداء، ولكن أعماله لم تنحصر في داخل حدوده، بل تجاوزتها إلى مناطق بالقرب منها؛ ففي زمن الحرب عاونت جنود السودان معاونة فعلية في شرق إفريقية وأوغندة وإفريقية الاستوائية الفرنسية. ولقد ساهم الجيش المصري كذلك في الدفاع عن قناة السويس، وفي الحملة التي حاربت السنوسيين، وفي المحافظة على النقط العسكرية في شبه جزيرة سيناء، وأرسلت أورطة منه إلى الدردنيل في سنة 1915 لحفر الخنادق وتشييد الأسوار، وغيرها من أعمال التحصين، وفي فلسطين في سنتي 1917 و1918 لعبت وحدات من هذا الجيش دورها، كما أدى عمال الفيلق المصري للنقل الأعمال التي نيطت بهم في تلك البقاع، ووضعت مخازن الجيش المصري للمؤن والذخائر والمهمات، وكذلك قسم المستشفيات تحت تصرف السلطات الحربية البريطانية. ثم إن إدارة السكة الحديدية السودانية بعثت بالقاطرات والعربات إلى فلسطين، كما أن حكومة السودان أعارت الأميريالية البريطانية مركبها الحربي للقيام بأعمال الحراسة في البحر الأحمر.
وفوق ما ذكرنا فقد استعاد الجيش المصري دارفور في سنة 1916، وكانت هذه آخر مديرية سودانية لم تسترد بعد، وكان استرجاعها الحادث الختامي للأعمال الحربية، ولما لم يكن هناك أية حاجة إلى جيشنا - لأنه قام بما كان مطلوبا منه - أخرج من البلاد عندما لاح عذر يمكن التعلل به لإخراجه منها. ا.ه.
فعلى الحكومة البريطانية أن تعلم أنه لا يمكن أن يكون هناك أية صداقة بين الأمتين ما دامت حقوق مصر في السودان لا ترد إليها، وإن كان من سوء الحظ أنها تستطيع أن تجد دائما في المصريين طائفة مولعة بشغل المناصب الوزارية والبقاء فيها، وفي سبيل ذلك يقبلون أن يوقعوا كل ما يعرض عليهم من إنجلترا. ولكن كل اتفاق موقع عليه منهم يستحيل أن يوافق عليه برلمان مصري منتخب انتخابا حرا.
Page inconnue