وفي أواخر شهر مارس 1933 تمت موافقة مجلس النواب البريطاني على مقترحات الحكومة البريطانية التي أصدرت بها الكتاب الأبيض الذي يقرر بديلا من الدستور الهندي الحالي دستورا اتحاديا جديدا يتناول الهند البريطانية والإمارات الهندية وإنشاء برلمان اتحادي يتألف من ممثلين للهند البريطانية وللإمارات، على أن تكون الهيئة التنفيذية مؤلفة من الحاكم العام ليمثل التاج البريطاني يعاونه ويشير عليه مجلس وزراء يكون مسئولا أمام المجلس التشريعي «بقيود معينة».
وينشأ الاتحاد بإعلان ملكي بناء على التماس من مجلس البرلمان البريطاني. والبرلمان الاتحادي يؤلف من مجلسين لكل منهما حقوق معينة، ويكون مجلس النواب من 375 عضوا على الأكثر، منهم 125 يعينهم حكام الإمارات المنضمة إلى الاتحاد، أما الباقون فينتخبون بالانتخاب المباشر في الهند البريطانية، ويتألف المجلس الأعلى أو مجلس الدولة من 260 عضوا يعين الأمراء منهم مائة وينتخب الباقون في الهند البريطانية بشروط معينة. ويتولى الحاكم العام مهام وظيفته باعتباره ممثلا للتاج البريطاني ورئيسا للهيئة التنفيذية بواسطة وزرائه، وهؤلاء يكونون مسئولين في تدبير شئون وزارتهم أمام البرلمان، وعلى الوزراء أن يتقدموا بالمشورة للحاكم العام الذي يجب عليه أن يتبع هذه المشورة إلا في أحوال معينة يجوز له أن يتصرف على مسئوليته على عكس ما ترمي إليه مشورة الوزير المختص. وللحاكم العام أن يتولى تدبير شئون معينة مستقلا فيها عن الوزارة. وللحاكم العام أن يصدر قرارا على عكس ما يقرره البرلمان، وأن يمنع البرلمان من الاستمرار في بحث موضوع معين، وأن يصدر أوامر تكون لها قوة القانون، وهكذا إذا اطمأن الحاكم العام إلى أن قانونا بعينه سيلقى تأييد غالبية المجلس يقدمه له، وأما إذا خشي رفض الغالبية له يصدره هو مباشرة ويكون لأمره هذا قوة القانون. وتكون أقاليم مدراس وبمباي وبنغال والأقاليم المتحدة والبنجاب وبيهار والأقاليم المتوسطة وأسام وإقليم الحدود الشمالية الغربية والسند وأوريسا وحدات مستقلة استقلالا ذاتيا يتولى شئون كل منها حاكم يمثل الملك ويعاونه ويشير عليه مجلس وزراء يكون مسئولا أمام برلمان الأقاليم، ولمجلس الوزراء حق نصح الحاكم في كل شئون الإقليم فيما عدا المسائل التي يحدد الدستور أنها من اختصاص الحاكم يتولاها في حدود تقديره.
على أن الحاكم حر في الأخذ بمشورة وزرائه وله أن يهمل هذه المشورة، وفي هذه الحالة يتصرف على مسئوليته.
ولكل إقليم برلمان من مجلسين: جمعية تشريعية ومجلس أعلى، ويكون توزيع المقاعد وطريقة الانتخاب في كل إقليم من هذه الأقاليم الأحد عشر تبعا لظروفه ووفاقا لنظام خاص به يحدده المشروع، على أن يكون الاتحاد الهندي اتحادا بين الأقاليم التي لها حاكم خاص وبين الإمارات التي يبدي حكامها رغبتهم في الانضمام إلى الاتحاد، ويتم ذلك بقرار ضم رسمي ينزل به الحكام للتاج عن حقوقهم وسيادتهم في كل الشئون التي يكونون على استعداد لاعتبارها من شئون الاتحاد. وينشأ الاتحاد بإعلان من جانب جلالة الملك، ويرأس السلطة التنفيذية في الاتحاد الهندي بما في ذلك القيادة العليا للجيش والبحرية والطيران، الحاكم العام بالنيابة عن الملك، وتصدر كل الأعمال التنفيذية باسم الحاكم العام، كما أن الحاكم العام يشرف بنفسه على إدارات الدفاع والشئون الخارجية والمسائل الكنسية، ويتألف مجلس الوزراء من أشخاص يختارهم الحاكم العام ويبقون في وظائفهم ما داموا متمتعين بثقته، وعلى الحاكم العام أن يختار الوزراء من بين الأشخاص الذين يستطيعون اكتساب ثقة البرلمان. وللحاكم العام، متى أراد، أن يترأس اجتماعات الوزراء.
وتتألف الهيئة التشريعية في الاتحاد الهندي من الملك ممثلا في شخص الحاكم العام ومن مجلسي البرلمان، وللحاكم العام حق دعوة البرلمان للاجتماع وحله. ويجب أن يجتمع البرلمان مرة على الأقل كل سنة، ولا يجوز أن يطول تعطيله لأكثر من اثني عشر شهرا، ولا تكون القوانين واجبة التنفيذ إلا بعد أن يصدق عليها الحاكم العام بعد موافقة المجلسين، ولا يلغي أي قانون إلا بعد موافقتهما في مدى سنة.
تصديق الحاكم العام
وللحاكم العام، تمكينا له من القيام بواجباته، أن يرسل لأي مجلسي البرلمان مشروع قانون يرفعه برسالة يطلب فيها من المجلس إجازة هذا المشروع في ميعاد يحدده، وأن يرسل لأي المجلسين رسالة في شأن مشروع قانون يكون مطروحا عليه، يطلب فيها إتمام النظر في هذا القانون في أجل يعينه. وللحاكم العام فوق ذلك أن يسحب من أي المجلسين أي مشروع قانون يرى فيه مساسا بسلطاته الخاصة أو يهدد السلم والنظام في الهند تهديدا خطيرا.
ولبرلمان الاتحاد الهندي حق التشريع لنظام وحسن إدارة الاتحاد أو أي جزء داخل فيه. وإذا ما اصطدم تشريع لبرلمان الاتحاد مع تشريع لبرلمان إقليم من الأقاليم التي لها حاكم يكون الأفضلية لتشريع برلمان الاتحاد وهو الذي ينفذ.
وليس لبرلمان الاتحاد ولا لأي برلمان إقليمي أن يشرع للبريطانيين في الضرائب وحيازة الأملاك من أي نوع ومباشرة أي مهنة أو تجارة أو عمل أو وظيفة أو استخدام موظفين أو مندوبين أو في شئون الإقامة والعمل في دائرة حدود الاتحاد.
هذا ورأي أعضاء الجمعية التشريعية الهندية عند طرح هذا المشروع عليهم أنه لا يحقق مطالب البلاد فقرروا رفضه بناء على اقتراح تقدم به السير عبد الرحيم أحد الزعماء وجاء به أن المجلس لا يستطيع أن يقبل هذا المشروع إلا أن تدخل عليه تعديلات يكون من شأنها توسيع اختصاص ممثلي الأمة وتحقيق مطالب البلاد. (راجع صفحة 585 من الجزء الثاني من كتاب تجاربي مع الحقيقة).
Page inconnue