الهند بلاد غنية بالمزروعات، فهناك تزرع أعظم الفواكه في العالم وأكبرها حجما، ويزرع القطن والشاي السيلاني الشهير والتوابل والقنب والأرز وأنواع الحبوب والفواكه ... وفيها غابات عظيمة واسعة هائلة الكبر كغابات راجبور وغابات الأنهار ... ومن هذه الغابات تستخرج الأخشاب الجيدة القوية، وللاقتصاد في وسائل نقلها يضعونها في النهر، فتسير بقوة الماء حتى تصل إلى المكان المعين، ولكن في تلك الغابات توجد أشد الحيوانات المفترسة، وأشرسها كالنمور والفيلة والأسود والأفاعي المتنوعة وأشدها الكوبرا، وأنواع القرود كالشمبانزي والغوريلا والنسناس وأنواع الببغاوات.
أما سطح الهند فهو: (1) سهول نهر السند، وهي من أخصب بقاع الأرض كما ذكرنا و(2) هضبة الدكن وهي مكونة من جبال متوسطة الكبر وبقربها هضبات عديدة و(3) جبال هملايا، وهذه الجبال أشهر جبال العالم في الارتفاع؛ إذ يبلغ ارتفاعها 8840 مترا، وتسمى سقف العالم لشدة ارتفاعها. ويقول الهندوس الذين يقطنون هناك: إن هذا ليس جبلا، بل هو إله الآلهة! ويتخلل هذه الجبال وديان عميقة جدا وهي مليئة كلها بأنواع الأفاعي والثعابين.
الهند شبه جزيرة مثلثة الشكل تقريبا، فالساحل الشرقي منها يدعى كرومندل والغربي ملبار، وأما مدن الهند فأهمها دلهي وهي العاصمة، وبومباي وهي أهم ميناء تجاري هناك؛ فنفوسها مليون نسمة، وكلكتا وتقع عند مصب نهر براهماتوترا، ومدينة بنارس وسملا وهي عاصمة الهند في الصيف لأنها مصيف جميل، ومدينة أحمد آباد والله آباد وحيدر آباد وكراجي وكيلات وهي عاصمة بلوخستان.
من الشركة إلى التاج
في 1858 تلقت الحكومة البريطانية إدارة حكم الهند من شركة الهند الشرقية البريطانية، التي كانت إلى يومئذ تنهض - كما قدمنا - بعبء الحكم في الهند، وتألفت حكومة الهند على قاعدة الأتوقراطية، وأنشئ في لندن مجلس يعمل مع وزير الهند، وهو أحد أعضاء الوزارة البريطانية، وفي 1945 أي في عهد وزارة العمال نقلت شئون الهند إلى وزارة المستعمرات وعين وزير دولة يشرف عليها، والوزير في الحالتين أحد أعضاء الوزارة البريطانية، كما أنشئ في الهند مجلس آخر يعاون الحاكم العام. وكان الموظفون البريطانيون المدنيون في حكومة الهند يعينون في بريطانيا ذاتها، طبقا لامتحان مسابقة كان قد اقترحه «ماكولي» الذي كان عضوا في مجلس الهند في كلكتا من 1834 إلى 1838. وكان أساس اختيار الموظفين البريطانيين للمناصب الهندية إلى شرط الكفاية والمؤهلات «إن العقل السليم في الجسم السليم»، ذلك لأن جو الهند قاس جدا، لا يستطيعه إلا الأجسام القوية. وقد عمدت حكومة الهند إلى مناهضة الفساد، الذي اقترن بحكومة الشركة ...
نظام الطوائف
يرجع أصل نظام الطوائف في الهند - كما أوضحنا قبلا - إلى تجمع الناس، حين تحيط بهم أمواج الغزاة، كالخطوط التي يخلفها المد على الساحل حين ينحسر عنه. وللطوائف نوع من الجلال والقداسة، نذكر من هذا: طائفة القسس أو الكهنة، والطوائف العسكرية، والطوائف التجارية، وطوائف كل مهنة، وطوائف الرعاة، والبقر والسائقين، وحملة المحفات والهوادج. وبعد الطوائف العالية تجيء الطوائف السفلى، من ذلك طائفة الكولي التي يجب عدم تناول الماء من أيدي أفرادها، وطائفة الكناسين، وفي قاع الطوائف السفلى تجيء طائفة المنبوذين أو الأنجاس، ويبلغ عددهم ستين مليون نفس، وقد دان القليل منهم للإسلام والأديان الهندوسية وغيرها.
التمهيد لنظام الحكومة المسئولة
بدأت الخطوة الأولى للإصلاح الدستوري في الهند بتصريح ألقاه وزير الهند في مجلس العموم في 20 أغسطس سنة 1917 جاء به: «إن سياسة حكومة جلالة الملك ترمي إلى زيادة إشراك الهنود في كل فروع الإدارة والتدرج في إنماء هيئات الحكومة الذاتية بقصد اضطراد التقدم في إيجاد حكومة مسئولة في الهند باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الإمبراطورية البريطانية».
وأعقب هذا تصريح للملك جورج الخامس في ديسمبر 1919 بمناسبة الموافقة على قانون الهند 1919. فقد جاء في هذا التصريح «أن القانون الذي أصبح نافذ المفعول يعهد بحصة محددة معينة في الحكم لممثلي الشعب المنتخبين ويرسم الطريق إلى حكومة مسئولة مسئولية كاملة».
Page inconnue