وبعد عام 1624 قنعت شركة الهند الشرقية الإنجليزية بالاحتفاظ بمعمل واحد للبهار في جزيرة سومطرا، وقد دفع لها تعويض قدره 85 ألف جنيه طبقا لما اشترطه كرومويل في معاهدة وستمنستر في 1654، مع دفع التعويض المناسب إلى ورثة المقتولين.
وفي 1616 افتتح الهولنديون مراكز تجارية في سوارت وأحمد آباد. وفي 1618 افتتحوا مركزا آخر في أجرا. وفي 1653 نمت تجارتهم في هوجلي وباتنا. وفي 1665 أكملوا الاستيلاء على سيلان من البرتغاليين. وفي 1663 أنشئوا المستعمرات على ساحل مالابار، وبقي البرتغاليون الذين ضعفت قوتهم وتجارتهم في جوا ودامان وديو.
أما شركة الهند الشرقية فقد وثقت صلاتها الودية بأباطرة المغول والبرتغاليين، خاصة في منتصف القرن السابع عشر، وضمنت بقاء مصانعها، بينما أخذ مركز الهولنديين يضعف لكثرة النفقات، وأعباء أساطيلهم، وإن كانت تجارة هؤلاء قد بقيت في سيلان والبنغال وسوارت. وحين ودعت إنجلترا القرن الثامن عشر وهي سيدة البحار زاد موقف الهولنديين في الهند ضعفا. وحسبنا أن نذكر أنهم في 1824 تخلوا عن مراكزهم فيها مقابل استيلائهم على الأملاك الإنجليزية في جزيرة سومطرا. وبعد أن تم تأليف شركة الهند الشرقية الدانيمركية في 1616، أنشأت على ساحل الهند الشرقي في ترانكيبار مستعمرة بيعت إلى شركة الهند الإنجليزية في 1845.
الشركة الفرنسية ومراحل الشركة الإنجليزية
ولئن كان هنري الرابع ملك فرنسا قد حاول إنشاء شركة فرنسية للتجارة الهندية في 1625 إلا أن هذا الغرض لم يتحقق إلا في 1664، حين استطاع كولبير، المالي الكبير، في عهد لويس الرابع عشر، أن يؤسس شركة الهند الشرقية في 1664 لكي يحتكر التجارة من رأس الرجاء الصالح إلى البحار الجنوبية، وتمنح مدغشقر بصفة دائمة. وفي 1673 أخذت من شيرخان اللودي، بونديشيري. وفي 1668 أقامت مصنعا في سوارت. وفي 1690 أنشأ ديلاند مستعمرة في شاندر ناجور، غير أن نشوب الحرب في أوربا في 1701 جاء كارثة للشركة. على أن دوبليه قد ناهض الشركة الإنجليزية في القرن الثامن عشر للظفر بالسيادة الفرنسية على الهند، ومحو النفوذ البريطاني منها. وكان من أسباب نهضة الشركة الإنجليزية أن الشركة الهولندية عمدت إلى رفع أسعار البهار في أوربا، ومن أجل مواجهة هذا الغلاء الفاحش قام تجار لندن بتأليف شركة بالاكتتاب برأس مال قدره 72 ألف جنيه إنجليزي، يستخدم في اقتناء السفن والمتاجر، وفي إنشاء تجارة في التوابل وغيرها من السلع في الهند الشرقية.
وفي 31 ديسمبر 1600 منحت الملكة إليزابيث الشركة امتيازا احتكاريا لمدة 15 سنة من رأس الرجاء الصالح إلى مضيق ماجيلان، وفي 1609 جعل الملك جيمس الأول هذا الامتياز لأجل غير مسمى على أن يكون قابلا للفسخ، متى أبلغ ذلك قبل ثلاث سنوات.
هذا وقد كان الأب س. ج. ستيفنز من وينشيستار ونيو كوليدج هو أول من ذهب إلى جوا في 1579. وقد ساعد نيوبيري ورفاقه التاجر فيتش والجوهري ليذر والنقاش ستوري، الذين سجنهم البرتغاليون بتهمة التجسس. ومما يذكر أن نيوبري قد حمل في 1583 إلى زيلايديم ملك كامبيا رسالة ودية إليه من الملكة اليزابيث، التي أبدت أمنيتها في أن تقوم العلاقات التجارية بين الفريقين على أساس المودة. كذلك قابل جون ميلدينهول في 1603 الإمبراطور «السلطان أكبر» الذي منحه امتيازات تجارية. أما سير توماس رو فقد كان أول سفير أوفده جيمس الأول إلى الإمبراطور المغولي الأعظم «أكبر». ولئن كان الملك جاهانجير قد رفض عقد معاهدة تجارية، إلا أن رو قد وسعه من عام 1615 إلى 1619 أن يرفع الكرامة الإنجليزية، وقد عمد إلى تحسين حالة المصانع والوكالات التجارية في سورات وأجرا وأحمد آباد وبروش. وفي 1611 حين أنشئ في مانزاليباتام مصنع ولكنه أغلق في 1641 حين بني حصن سانت جورج على مقربة من مدراس باتام على ساحل كرومانديل، وكان رئيس الحصن ماضيا في النهوض بتجارة السلع الهندية الصغيرة في كارناتيك؛ أي أطلال فيجا ياناجار، حين استولى ميرجوملا، قائد جيش جولكوندا في 1647 على المركز الذي يحيط بها. وقد دامت العلاقات الودية الإنجليزية مع هؤلاء الغزاة، لذلك توثقت الروابط الودية بين التجار الإنجليز والبرتغاليين منذ اتفاق جوا في 1635، وفي 1650 أنشئت مستعمرات إنجليزية في هوجلي على ساحل الهوجلي في كازحبازار وباتنا. وبعد عامين هبطت تجارة شركة الهند الشرقية بعد اشتغال موظفيها بالتجارة لحسابهم الخاص، وذلك لضآلة مرتباتهم وبسبب قيام الحرب الداخلية في إنجلترا ونشوب الحرب بين إنجلترا وهولندا صاحبة السيادة البحرية في البحار الشرقية يومئذ، مما كان من أثره أن أخلت الشركة بانتام، وأغلقت مصانعها في البنغال، ومستعمراتها على ساحل الكورمانديل عدا حصن سانت جورج وماساليباتام وجوا، ومحاط داخلية أخرى. ومما زاد الطين بلة أن تجارا آخرين وصلوا إلى الهند منافسين الشركة، مما كان من عاقبته أنها أعلنت في فبراير 1657 أنها سوف تنسحب من ميدان العمل التجاري؛ وأن كرومويل منحها في أكتوبر 1657 امتيازا جديدا مماثلا للامتيازين الممنوحين قبلا من اليزابيث وجيمس الأول، وإن بلغ الاكتتاب في رأس مال الشركة 740 ألف جنيه إنجليزي، وفي 1661 منح الملك شارلس الثاني الشركة امتيازا جديدا، خولت بمقتضاه سلطة التحقيق على الدخلاء والطفيليين والحق في إبعادهم، وإشهار الحرب وعقد الصلح مع الأمراء غير المسيحيين، وتعيين الحكام، الذين يخولون مع المجالس التي تنشأ، إلى جانبهم مباشرة السلطتين المدنية والجنائية في مستعمراتهم. ولئن كانت سورات قد استمتعت مدة عشرين عاما بالمركز التجاري الرئيسي إلا أنه منذ أصبح جيرالد أو نجير حاكما في 1669 زادت أهمية بومباي بما أنشأه فيها من العملة والمحاكم، هذا إلى تشجيعه التجار على الإقامة فيها.
ولئن لم تقم في بداية الأمر حرب بين الشركة وبين الهنود، إلا أنها كانت مرغمة على محاربة البرتغاليين والهولنديين. على أن اشتباك المغوليين والماراثيين في القتال حول بومباي وقيام الحكومة المغولية بفرض الضرائب على تجارة الشركة - قد أدى إلى تحصين بومباي ومدراس، وإلى تسليح بعض الأوربيين والهنود واتخاذهم حراسا للمصانع التي كانت، إلى هذا، محصنة بالمدافع. وفي بومباي وضعت نواة الجيش الهندي تحت إشراف البريطانيين، فكانت مؤلفة من مدفعيين معهما خمسة ضباط و139 من رتب أخرى و54 توباسيا، وهم خليط من جنود جوا. وفي 1683 أضيف إليهم بلوكان من الراجبوت و200 رجل مسلح، أما في البنغال فكان هناك 30 جنديا أوروبيا تحت إمرة الحاكم الإنجليزي. وقد ثار الكابتن كيجوين قومندان بومباي على الشركة لسوء تصرفها في تحصيل الإيراد وإنقاص المصروف، وقد لبث يحكم بومباي باسم ملك الإنجليز عاما، ثم سلمها إلى الشركة طبقا للشروط التي تم الاتفاق عليها، وفي 1687 عين الرئيس سيرجون شيلد كابتن جنرالا وأميرالا وقائدا عاما ومديرا للشئون التجارية كلها، وقد بدأ عهده بالاستيلاء على بعض سفن المغول، مما كان من عاقبته إشهار الملك أورنجزيب الحرب على الشركة، وسجن وكلائها في سورات، ومحاصرة بومباي، وقد وضعت الحرب أوزارها في 1660 على أساس قيام الشركة بدفع تعويض إلى الإمبراطور. وقد مات شيلد في أثناء هذه المفاوضات. (راجع ص2 و6 من تاريخ الجيش في الهند وتطوره، المطبوع في مطبعة الحكومة في كالكاتا عام 1924).
وبعد أن حملت تصرفات المغول الشركة على إغلاق مصانعها في البنغال، عاد وكيل الشركة جوب شارنوك إليها مؤسسا مصنع وليام أوف أورانج في 1698 في الموقع الذي أصبحت فيه الآن قرى سوتاناتي وكالكاتا وجوفقدبور. وفي 1700 اتخذها سير شالس آير، أول رئيس وحاكم لحصن ويليام في البنغال، مركزا رئيسيا. وقد واجهت الشركة المتاعب منذ أواخر القرن السابع عشر، وذلك لظهور القرصان الإنجليز في البحر العربي واستيلائهم على السفن المغولية وإنشاء شركة إنجليزية جديدة باسم «الشركة التجارية الإنجليزية لجزر الهند الشرقية» وحصولها من وليام الثالث في 1698 على امتياز باحتكار التجارة، وتعيين ثلاثة من موظفي شركة الهند الشرقية وآخرين رؤساء لها. على أن الشركة الجديدة المنافسة لم تلبث أن قبلت الاندماج في الشركة الأصلية في 1702 بصفة وقتية، انتهت إلى حالة دائمة في 1709 بقانون من البرلمان.
سلطات شركة الهند الشرقية
Page inconnue