الفصل السابع
الكتب الهندية المقدسة كمصدر للتاريخ
إن كتب الفيدا وما أعقبها من الأشعار القصصية ومجموعات القوانين والمرويات، هي المصدر الوحيد لما عرفه التاريخ عن الآريين في خلال مئات السنين، وليس مستطاعا جمع الحقائق إلا من طريق الاستنتاج.
أما تطوراتهم الدينية والاجتماعية، فمن الميسور تتبعها، ذلك أن كهنتهم لم يحفلوا بالتاريخ السياسي، بل كان همهم تتبع الدين والفلسفة والقانون والنظم الاجتماعية والعلم. ولم يبدأ تدوين تاريخ الهند الشمالية الغربية إلا منذ غزاها الفرس واليونان، فمنذ يومئذ عرف شيء عن تاريخ الهند وعن تحديد حوادثها وسكانها وبعض تفصيلات الحياة فيها. غير أنه لا يزال تاريخ ميلاد جوتاما بوذا وتاريخ وفاته غير معروفين على وجه الدقة. وقد كتب عن الهند بعض اليونانيين في سياق تاريخ ملك الفرس «أرثا كسيريكس منيمون». أما التاريخ الصحيح فإنه يبدأ منذ حملة الإسكندر الأكبر، ووصول ميجاستينز سفير سيلويكاس نيكاتور إلى بلاط أول إمبراطور للهند.
هذا وعند كامب «ص66-67 الجزء الأول من تاريخ الهند» أن هناك أسبابا جغرافية وإثنولوجية «وصفية للسلائل والأجناس البشرية وعاداتها» تدعو إلى القول بأن الشعب الهندوآري جاء من السهول الخصبة في النمسا والمجر وأعالي بوهيميا. وكان سكانها يطلق عليهم اسم «الويروس» حول 2500ق.م. ويقال إن بعض قبائلهم هجرت أوربا إلى آسيا فوصلوا إلى باكتريا «بلخ» في زمن بين 2000 و1500ق.م. وبعد أن اخترقوا آسيا الوسطى، ذهبوا جنوبا مجتازين ممرات الهندو كوش إلى أفغانستان، ومنها إلى السهول، وكان الآريون هناك فريقا من الغزاة من أبواب كابول الكورام وأنهار الجومال.
الفصل الثامن
أصل نظام الطوائف الهندية
الطائفة في الهند مجموع أسر تقوم رابطة بعضها بالبعض الآخر على أساس القيام بالطقوس المقررة خاصة الزواج والطعام، إذ إن قوانين الزواج من أشد ما عرف من أمثالها، والطائفة نظام وراثي يفرض على الرجل أن لا يتزوج من نساء أسرته، على حين لا يجوز له أن يتزوج من خارج طائفته. وثمة أناس يعهد إليهم بمهمة الحكام يسمون «البانشايات». تعينهم كل طائفة للفصل فيما يتصل بمخالفة القوانين، كالاعتداء على الآداب العامة ونقض الزواج، والديون.
وعند الهندوسي المؤمن بعقيدة أن للطائفة أصلا سماويا، غير أنه ليس ثمة ما يثبت أن الآريين عرفوا الطوائف حين كانوا في البنجاب، هذا وقد جاز النظام الطائفي مراحل مختلفة، خاصة كلما اندمج أهل إحدى الطبقات بغيرها عن طريق الزواج المختلط، أو حين تصبح إحدى القبائل الوطنية الأصلية أو بطنا أو فخذا منها هندوسيا، سواء أبقي الاسم لأن اسمه الأصلي أم غيره، أو حين تنتقل جماعة من حرفتها الأصلية إلى غيرها، أو حين تعمد فئة من الناس إلى تأليف طائفة جديدة أو حين تتغير الطقوس.
وليس بعجيب - والأمر كما بينا - أن يكون من أثر هذا أن يقترن تاريخ الهند بالفتن والحروب الداخلية وبقيام الدول والدويلات المتخاصمة، وأن لا تشهد الهند، طوال عهدها الطويل، غير فترات قليلة من السكينة والسلام، وذلك حين كان يتاح للحكومة المركزية القوة لفرض إرادتها على البلاد. ومن هنا طالما قامت هناك الإمبراطوريات، وسقطت من غير أن يؤثر هذا في حياة الهندوس؛ إذ إنهم كانوا خاضعين لنظامهم الطائفي بما يقوم عليه من الواجبات الاجتماعية والدينية والتبعات الاقتصادية والمدنية. وحسبنا أن نذكر هنا ما كان قائما بين ظهرانيهم من نظام حماية الأرامل واليتامى والطاعنين في السن والعجزة. قال «مونير ويليامز»: لقد جنت الهند من وراء النظام الطائفي - إلى إذكاء روح التضحية بالذات - كفالة خضوع الفرد لهيئة نظامية، وقمع الرذيلة، ومنع التسول».
Page inconnue