بينَ أجزائِهِ المفروضةِ أوجبَ اتِّحادًا فيه، ولكنَّهُ قابلٌ للكثرةِ لكونهِ قابلًا للانقسام، بخلافِ النُّقطةِ.
وأمّا الواحدُ بالارتباطِ فهوَ الذي فيهِ كثرةٌ بالفِعلِ؛ كتَركُّبِهِ مِنْ أشياءَ مختلفةٍ غيرِ متشابهةٍ، ولكِنْ تمَّ اتِّحادٌ بسبب ارتباطِ هذهِ الأجزاءِ المختلفةِ بعضِها ببعضٍ، كالحيوانِ الواحدِ مثلًا، فإنَّهُ مركَّبٌ مِنْ أشياءَ مختلفةِ الحقيقةِ كالجِلدِ واللَّحمِ والعَظمِ وأمثالِها، وكالبيتِ الواحدِ المركَّبِ مِنَ الجدارِ والسَّقْفِ واللَّبِنِ والخَشبِ وغيرِها، فالكثرةُ حاصلةٌ فيهِ بالفِعلِ لا بالقوّةِ فقَط، بخلافِ الخطِّ الواحدِ؛ إذْ لا كثرةَ فيهِ بالفِعلِ البتّةَ، بَلْ بالقوّة، وهاهنا فالكثرةُ حاصلةٌ بالفعلِ؛ إذْ هذهِ الأجزاءُ غيرُ متشابهةٍ، ولكنَّ الارتباطَ الذي بينَ هذهِ الأجزاءِ أوجَبَ فيها اتِّحادًا، فيقالُ: هذا حيوانٌ واحدٌ وبيتٌ واحدٌ، كما يُقالُ: هذا خطٌّ واحدٌ وسطحٌ واحدٌ، ولكِنْ بينَ المرتبتين فرقٌ، فهذهِ الأقسامُ الثَّلاثةُ الواحدُ فيها واحدٌ بالشَّخصِ والعين، وإنْ لم يكنْ للأوَّلِ حقيقةٌ في الخارجِ عندَ التَّحقيقِ.
قالوا: وأمّا الواحدُ بالجِنسِ فهوَ قولُنا: الإنسانُ والفَرسُ واحدٌ لِكَونهما مِنْ جنسٍ واحدٍ، وهوَ الحيوانُ.
وأمّا الواحدُ بالنَّوعِ كقولِنا: زيدٌ وعمرو واحدٌ لكونهما مِنْ نوعٍ واحدٍ، وهوَ الإنسانُ.
وأمّا الواحدُ بالعرَضِ كقولِنا: الحِبرُ والقِيرُ واحدٌ؛ أي: في السَّواديِّة، والسَّوادُ عرَضٌ لهما، وأمّا الواحدُ بالإضافةِ كقولِنا: نسبةُ الملكِ إلى المملكةِ ونسبةُ النَّفسِ إلى البدَنِ واحدةٌ، أو نسبةُ الشَّيءِ إلى نفسِ الإنسان، ونسبةُ
1 / 49