مشتركين في مسمَّى الوجودِ والوجوب، وحينئذٍ فالماهيّةُ المطلَقةُ بإزاءِ وجودِ الوجوبِ المطلَق، والماهيّةُ المعيَّنةُ بإزاءِ وجودِ الوجوبِ المعيَّنِ.
وحينئذٍ فقولكَ: لا يجوزُ أنْ تكونَ الماهيّةُ ولا صفةٌ مِنْ صفاتِها سببًا للوجودِ لِما تقدَّمَ إنَّما يصحُّ أنْ يكونَ دليلًا إذا بيَّنْتَ أنَّ هنا وجودًا وماهيّةً غيرَ الوجود، وأنَّ الماهيّةَ عِلّةٌ للوجود، وأنتَ لم تبيِّنْ شيئًا مِنْ ذلكَ، وإنَّما ظننْتَ هذا مثلَ كونِ الإنسانيّةِ علّةً للحيوانيّة، وقد ظهرَ أنَّ هذا الظَّنَّ خطأٌ، فتبيَّنَ أنَّ الحُجّةَ فاسدةٌ.
الوجهُ السّادسُ: أنْ يُقالَ: لِمَ لا يجوزُ أنْ تكونَ ماهيّةُ واجبِ الوجودِ هوَ الوجودَ الواجبَ نفسَهُ، لا غيرَهُ، كما يقولُ ذلكَ أهلُ السُّنّةِ وسائرُ متكلِّمةِ الصِّفاتيّةِ؛ كأبي محمَّدِ بنِ كُلَّابٍ، وأبي الحسَنِ الأَشْعَرِيِّ وأصحابِهما مِنْ أنَّ الوجودَ ليسَ لهُ وجودٌ يَزيدُ عَلى نفسِه، سواءٌ كانَ واجبًا أو ممكِنًا، وعلى هذا فلا عِلّةَ ولا معلولَ، أو لا لازمَ ولا ملزومَ؛ إذْ كُلٌّ منهُما هوَ ماهيّةٌ واجبةٌ بنفسِها، ونفسُ الوجودِ الواجبِ هوَ الماهيّة الواجبةُ، وإنَّما هما اسمانِ لمسمًّى واحدٍ، والشَّيءُ لا يجوزُ أنْ يقالَ: هوَ سببٌ لنفسِهِ.
الوجهُ السّابعُ: أنْ يُقالَ: هَبْ أنَّ ماهيّةَ الواجبِ مغايِرةٌ لوجودِهِ كما يقولُ بعضُ المعتزلةِ ويختارُهُ الرّازي في بعضِ كُتبِهِ؛ كالأربعينَ، فيُقالُ لهُ: لا تحتاجُ أنْ تجعلَ الماهيّةَ سببًا للوجود، بل يجوزُ أنْ تكونَ ملازمتَهُ للوجود، فتكونَ الماهيّةُ ووجودُها متلازِمَين، والملازِمُ للشَّيءِ لا يجبُ أنْ يكونَ عِلّةً لهُ وسببًا، وإذا لم تكُنِ الماهيّةُ سببًا للوجودِ اندفعَ ما ذكرتَهُ مِنَ الحُجَّةِ؛ فإنَّكَ قلتَ: لا يجوزُ أنْ تكونَ ماهيّةُ واجبِ الوجودِ ولا صفةٌ مِنْ
1 / 45