لا يدخل المسجد، قال: ولم؟ قال: لأنه نصراني! فضربه عمر ﵁ بالدواة (١)، فلو أصابته لأوجعته، ثم قال: لا تعزّوهم بعد أن أذلهم الله (٢)، ولا تأمنُوهم بعد أن خوَّنهم الله (٣)، ولا تُصدّقوهم بعد أن أكذبهم (٤) الله (٥) (٦) .
_________
(١) في المطبوعة - بالدرة وكذا هي في حاشية المصرية تصحيحًا لما في المتن، وهي الرواية المشهورة، وهذه مناسبات درة عمر ﵃.
(٢) وهذه الذلة من قوله تعالى في صورة المجادلة ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ﴾ آية ٢٠، وهؤلاء من أعظم الناس محادة لله ولرسوله ﷺ ومواقف أسلافهم كنصارى نجران، تدل عليه. وكما قال سبحانه عنهم ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ﴾ الآية.
(٣) كما قال تعالى فيهم من أول المائدة: ﴿وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلًا مِنْهُمْ﴾ الآية. وقوله تعالى في الأنفال: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾ وللحديث الآتي: اليهود والنصارى خونة، لعن الله من ألبسهم ثوب عز.
(٤) وكما في آية المباهلة مع نصارى نجران: ﴿فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ . وهم الكاذبون قطعًا، واليهود كذبوا الله كثيرًا وافتروا عليه وهم ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ .
(٥) ذكر هذا الأثر بسياقه ابن المحب الطبري في الرياض النضرة ٢/ ٣٧.
وذكرها بنحوه الإمام أحمد قال ثنا وكيع وثنا إسرائيل عن سماك بن حرب عن عياض الأشعري عن أبي موسى قال: قلت لعمر: إن لي كاتابًا نصرانيًا. قال: مالك؟ قاتلك الله، أما سمعت الله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء ...﴾ الآية. ألا اتخذت حنيفًا. قال: قلت: يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه. قال: لا أكرمهم إذا أهانهم الله، ولا أعزهم إذا أذلهم الله، ولا أدنيهم إذا قصّاهم الله.
إسرائيل هو ابن يونس السبيعي، وهذا الإسناد حسن.
وأخرجه البيهقي في الكبرى ٩/٢٠٤من وجه آخر إلى سماك بن حرب، عن عياض عن أبي موسى.
وفيه: وكان لأبي موسى كاتب نصراني، فرفع لعمر كتابته، فعجب عمر وقال: إن هذا لحافظ وقال: إن لنا كتابًا في المسجد-وكان نصراني قد جاء مع أبي موسى-فادعه فليقرأ. فقال أبو موسى: =
1 / 129