وتعليمهم ما يجب عليهم تعلمه مما فيه صلاحهم، وفلاحهم ونجاحهم وسعادتهم، ونجاتهم من شرور الدنيا والآخرة.
وقد قال -تعالى-: ﴿أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ ١. فإذا كان هذا في أناس في عهد النبوة والقرآن ينْزل، فمَن بعدهم أحرى أن يكونوا كذلك، فيجب على من أقدره الله من المسلمين أن يقوم بنصيحة العباد بهذا الدين علما وعملا، ودعوة إليه وتعلما وتعليما، ولا يخفى أن العامة تتبع الخاصة فيما أحبوه وقالوه وعملوا به.
وقد حذر الله -تعالى- عباده من عقوبات الدنيا والآخرة على الإعراض عما خلقوا له كما قال -تعالى-: ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ ٢، وقال -تعالى-: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ ٣، وقال في حق نبيه: ﷺ ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ ٤. وعلينا أن نحذر ونحذّر عما حذرنا الله -تعالى- منه، من التفريط في طاعة الله وطاعة رسوله، والقيام بدينه كما ينبغي.
[الغفلة توقع فيما لا يحبه الله]
وبسبب الغفلة عن هذه الأمور الواجبة وقع في كثير من الناس أشياء مما لا يحبه الله ويرضاه، كما لا يخفى على من ينظر بنور الله، وقد قال -تعالى-: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ ٥، والفساد: المعاصي وآثارها في الأرض، ولكن كما قيل: إذا كثر الإمساس قل الإحساس. نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
ومن موجبات الغفلة: الإعراض عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه لا صلاح للعباد في دينهم ودنياهم إلا بالقيام بحقه. واليوم ما في البلدان من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا على ضعف. وفي تركه الوعيد الشديد، وفعله علامة الإيمان. وهو من فروض الكفايات التي إذا قام بها البعض سقط الوجوب عن الباقين، وإذا لم يحصل القيام بذلك أثموا كلهم.
_________
١ سورة التوبة آية: ١٢٦.
٢ سورة الذاريات آية: ٥٠.
٣ سورة غافر آية: ١٨.
٤ سورة النور آية: ٦٣.
٥ سورة الروم آية: ٤١.
1 / 380