حبا لله من المشركين لآلهتهم، وأنهم يحبونهم كحب الله، ومعلوم أنهم يحبون آلهتهم محبة قوية، كما قال: ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ﴾ ١. وإذا عرف أنه متصف بصفات الكمال، كان حبه أشد مع قطع النظر بلغ عن نفعه ٢.
(١٢٨) الله سبحانه يحب عباده المؤمنين فيريد الإحسان إليهم،
وهم يحبونه فيريدون طاعته، وفي الصحيح: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده" ٣ إلخ. وما من مؤمن إلا ويجد في قلبه للرسول ﷺ محبة لا توجد لغيره، حتى إنه إذا سمع محبوبا له يسبه هان عليه عداوته ومهاجرته، بل قتله، وإن لم يفعل ذلك لم يكن مؤمنا، قال الله تعالى: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ ٤ الآية؛ بل قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ﴾ ٥ الآية، فتوعد من كان الأهل والمال أحب إليه من الله ورسوله، وجهاد في سبيله. وفي الصحيح: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان" ٦ إلخ. هذه الحلاوة لا يكون من محبة العوض الذي لم يحصل بعد، بل الفاعل الذي لا يعمل إلا للكراء لا يجد حال العمل إلا التعب. فلو كان لا معنى لمحبة الله ورسوله إلا محبة ما يصير إليه لم يكن هناك حلاوة يجدها المؤمن في قلبه، وهو في دار التكليف، وهذا خلاف الشرع والفطرة. فالله فطر العباد على ملة إبراهيم الحنيفية، وأصلها محبة الله وحده، فما من