ثم قال فيها: <وإذا صرف الإنسان همته إلى طريقتهم نسي طريقة فقهاء العامة وفي دروس طريقة أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة والتنزيل في شريعة جدهم عليهم السلام واستشهار طريقة العوام عبرة للعاقل ودليل واضح على ما جرى عليهم من الضيق ومعاداة الظلمة، وقد كانوا في هذا العالم وهم فصحاء الشريعة علماء شريعة جدهم صلى الله عليه وآله وسلم عباد وزهاد أهل ورع واجتهاد، قبل أن يخلق الله إبراهيم النخعي وأبا حنيفة والشافعي والله المستعان >.اه وقد ذكر مثل هذا المعنى وزاد في صفات أهل البيت عليهم السلام الفقيه العلامة عبدالله بن زيد العنسي رحمة الله عليه، وأشار في كتابه الإرشاد إلى بعض شئ من عبادة أمير المؤمنين وصفاته كالمنبه على ما سواه لأن القليل من ذلك يدل على الكثير كضوء البارك يشير بالنو المطير من ذلك ما رواه فيه عن أبى الدرداء قال في حديث التفضيل: <شهدت عليا عليه السلام وقد اعتزل عن مواليه واختفى عن من يليه واستتر بفسلان النخل فافتقدته، وقلت: لحق بمنزله. فإذا أنا بصوت حزين ونغمة شجي، وهو يقول: "إلهي كم من موبقة حلمت عن مقابلتها بنعمتك، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك، إلهي إن طال في عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي فما أنا مؤمل غير غفرانك، ولا أنا راج غير رضوانك". قال أبو الدرداء: فشغلني الصوت واقتفيت الأثر، فإذا هو علي بعينه فاستترت منه وأخملت الحركة، فركع ركعات في جوف الليل الغابر ثم فزع إلى الدعاء والاستغفار والبكاء والبث والشكوى، فكان مما ناجى به ربه أن قال: "الهي أفكر في عفوك فتهون علي خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم علي بليتي". ثم قال: "آه إن أنا قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها وأنت تحصيها، فتقول: خذوه فياله من مأخوذ لا تنجيه عشيرته ولا تنفعه قبيلته، يرحمه الملأ إذا أذن فيه بالنداء". ثم قال: "آه من نار تنضج الأكباد والكلى، آه من نزاعة للشوى، آه من ملهبات لظى".
Page 14