فاستصوب ما أشاروا به عليه ثم رأى عرض ما وقع من هذه الأمور على أخيه الأكبر فوقف في مقام الخدمة وذكر له ذلك بعبارة لائقة وانتظر ما يرسم به ليمتثله فتوقف في جوابه وتأمل في خطابه وصرفه.
ثم إن الملك استشار في ذلك أحد وزرائه وكان بينه وبين مرزبان بعض شرور وعداوة فاغتنم الفرصة وقال: أما ما طلبه مرزبان من العزلة فإنه رأى فاسد وقد قيل في المثل: الأعدا كلما قلوا ذلوا وقد قيل:
وليس كثير اللف خل وصاحب ... وأن عدوًا واحدًا لكثير
فكيف لو كانت الأعدا كثيرة وإذا نقص أعداء الملك واحدًا فنعمة طائلة ويتوصل منهم إلى تشتيت أمرهم ومخالفة أقوالهم ورأيهم وقد قيل في ذلك.
وتشتت الأعداء في آرائهم ... سبب لجمع خواطر الأحباب
وأما ما قصده من وضع كتاب يشتمل على فوائد وحكم فمكر وخديعة فإنه إنما يريد به إظهار فضله على مولانا الملك ويستميل بذلك الرعية ويصرف وجوههم إليه، ولكن مولانا الملك لا يمنعه من ذلك ويرسم لي أن أكون حاضرًا وناظرًا لما بيديه من المسائل والنصايح لينظر الملك كيف أظهر دسائسه وأبين طرائق مكره وخداعه لينظر الملك كيف أظهر دسائسه وأبين طرائق مكره وخداعه وأكشف زيفه في نقده ويطلع الملك على ما تصل خديعته وما تنتهي إليه درايته. ثم إن الملك جمع أركان دولته والفضلا والعلما من أطراف مملكته وجلس في محل عظيم وجمع كثير ودعا أخاه مرزبان وبالغ في إكرامه وقال: يا أخي كان تقدم منك طلب الإذن في تأليف شيء ينتفع به العام والخاص من الحكم والأمثال والنصيحة ويتخلد به الذكر ويبقى مستمرًا على ممر الدهور وذلك لوفور فضلك ورجاحة عقلك ومزيد شفقتك على الرعية
1 / 15