تستقيم بذلك الأمور والمملكة وقضايا السلطنة ويطمئن بذلك خاطر الملك الذي هو في خدمته ويتمشى أمره عنده، وينبغي للملك أن يكون كريم الأعراق لطيف الأخلاق في جميع أحواله وينبغي أن يراعي أساس ما بناه آباؤه وأجداده إن كانوا ملوكًا فإن كل من لا يراعي عادات أسلافه وأخلاق أجداده وصنائع آبائه يصيبه ما أصاب الذئب الذي أحب أن يتعشى على غناء الجدي المغني، فقال الملك: كيف كانت تلك الواقعة؟ بينها لنا.
فقال الحكيم مرزبان: بلغني من رواة الأخبار أن ذئبًا كان له إقامة في بعض الغياض خرج يومًا في طلب صيد يسد به رمقه فقصد المواضع التي كان يتوقع فيها الصيد فلم يتفق له شيء فرجع وقد أثر فيه الجوع والتعب فوجد بعض الرعيان يسوف غنمًا حوالي فتعلقت أطماعه بها فأراد الهجوم عليها لكن رأى الراعي مستيقظًا فجعل يراقب الفرصة ويحوم من بعيد إلى أن أمسى وساق الراعي الماشية إلى مرابضها ما عدا جديًا تخلف منها فأدركه الذئب واستبشر بالفتح والظفر فلما عاين الجدي الذئب علم أنه لاشك واقع في مخالب الهلاك، ففكر في مجاة نفسه وقال: لا ينجيني من هذه البلية إلا حسن الحيلة فتقدم بجأش قوي وقلب ثابت وقبل الأرض بين يدي الذئب وقال له إن الراعي أرسلني إليك وهو يسلم عليك ويقول لك إن غنمه قد حصل لها الشبع والري ببركة جوارك وتركك عادة آبائك وأجدادك في التعرض له ولغنمه فأراد مكافئتك فأرسلني إليك وأوصاني أن أغني لك قبل أن تأكلني فإني
1 / 27