فجاؤوا إلى أمير المؤمنين وهو في بستان، يستقي ليهودي الماء، كل دلو بتمرة، وفي البلد قحط، فنزع خمسة وعشرين دلوا، فخاطبوه بذلك، وسألوه أن يخطبها.
فقال لهم: حبا وكرامة، ومشى معهم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ودخل فوضع التميرات بين يديه، ووقف كالمريب، مطرق مستحيي، لا ينظر إلى الرسول (صلى الله عليه وآله).
فقال له: ما وراءك يا أبا الحسن؟
فأطرق رأسه وقال: غلبني الحياء، جئت لأخطب فاطمة.
فأطرق الرسول (صلى الله عليه وآله) ولم يكلمه، فإذا جبرئيل (عليه السلام) قد نزل وقال للرسول (صلى الله عليه وآله):
«إن العلي الأعلى يقرؤك السلام، ويعرفك أنه أمر راحيل أن يخطب- وهو أفصح ملكك في السماء- وجعلني قابلا للنكاح عن علي، وكان الله تعالى وليها، وأحضر حملة العرش للشهادة، وأمر الرضوان أن ينثر من شجرة طوبى زمردا ولؤلؤا وزبرجدا، ونثره الحور العين، وأمرك أن تزوجها منه.
فرفع النبي رأسه إلى علي وقال: ما الذي معك؟
قال: درعي.
قال: كم تساوي؟
قال: طلب مني بأربعمائة درهم، ...... (1) وزوجها منه على ذلك، وأمر بإحضار طبق من بسر (2) وقال انتهبوا النثارية (3).
ثم أمر عليا ببيع الدرع ويشتري لها قميصا، وسراويلا ومقنعة، ووقاية وعباء وفروة ومخدتين، ويصرف الباقي إلى عطر، فمر على ذلك، وأمر (صلى الله عليه وآله) بغسل رأسها، وألبسها ما حمل علي، وأطعم الهاشميات والأقارب.
Page 88