وان وجد الْخلاف من التَّابِعين فَمن بعدهمْ فعدوه إجماعا
- وَقوم عدوا قَول الصاحب الَّذِي لَا يعْرفُونَ لَهُ مُخَالفا من الصَّحَابَة ﵃ وَإِن لم يشْتَهر وَلَا انْتَشَر إجماعا
- وَقوم عدوا قَول أهل الْمَدِينَة إجماعا
- وَقوم عدوا قَول أهل الْكُوفَة إجماعا
- وَقوم عدوا اتِّفَاق الْعَصْر الثَّانِي على أحد قَوْلَيْنِ أَو أَكثر كَانَت للعصر الَّذِي قبله إجماعا
وكل هَذِه آراء فَاسِدَة ولنقضها مَكَان آخر وَيَكْفِي من فَسَادهَا أَنهم نجدهم يتركون فِي كثير من مسائلهم مَا ذكرُوا أَنه إجماع وإنما نَحوا إلى تَسْمِيَة مَا ذكرنَا إجماعا عنادا مِنْهُم وشغبا عِنْد اضطرار الْحجَّة والبراهين لَهُم إلى ترك اختياراتهم الْفَاسِدَة
وأيضا فَإِنَّهُم لَا يُكَفِّرون من خالفهم فِي هَذِه الْمعَانِي وَمن شَرط الإجماع الصَّحِيح أَن يُكَفَّر من خَالفه بِلَا اخْتِلَاف بَين أحد من الْمُسلمين فِي ذَلِك فَلَو كَانَ مَا ذَكرُوهُ إجماعا لكُفِّر مخالفوهم بل لكُفِّروا هم لأَنهم يخالفونها كثيرا (١) ولبيان كل هَذَا مَكَان آخر وَلَا حول ولا قوة إلا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم
_________
(١) قال ابن تيمية في (نقد مراتب الإجماع)، ص ٢٨٦:
أهل العلم والدين لا يعاندون، ولكن قد يعتقد أحدهم إجماعا ما ليس بإجماع، لكون الخلاف لم يبلغه، وقد يكون هناك إجماع لم يعلمه، فهم في الاستدلال بذلك كما هم في الاستدلال بالنصوص: تارة يكون هناك نص لم يبلغ أحدهم، وتارة يعتقد أحدهم وجود نص، ويكون ضعيفا أو منسوخا.
وأيضا فما وصفهم هو به قد اتصف هو به، فإنه يترك في بعض مسائله ما قد ذكر في هذا الكتاب أنه إجماع.
وكذلك ما ألزمهم إياه من تكفير المخالف غير لازم؛ فإن كثيرا من العلماء لا يكفرون مخالف الإجماع.
وقوله: " إن مخالف الإجماع يكفر بلا اختلاف من أحد المسلمين " هو من هذا الباب، فلعله لم يبلغه الخلاف في ذلك، مع أن الخلاف في ذلك مشهور مذكور في كتب متعددة، والنَّظَّامُ نفسه المخالف في كون الإجماع حجة لا يكفره ابن حزم والناس أيضا. فمن كفَّر مخالفَ الإجماع إنما يكفره إذا بلغه الإجماع المعلوم، وكثير من الإجماعات لم تبلغ كثيرا من الناس، وكثير من موارد النزاع بين المتأخرين يَدَّعي أحدهما الإجماع في ذلك، إما أنه ظني ليس بقطعي، وإما أنه لم يبلغ الآخر، وإما لاعتقاده انتفاء شروط الإجماع.
وأيضا: فقد تنازع الناس في كثير من الأنواع: هل هي إجماع يُحتج به؟ كالإجماع الإقراري، وإجماعِ الخلفاء الأربعة، وإجماعِ العصر الثاني على أحد القولين للعصر الأول، والإجماعِ الذي خالف فيه بعضُ أهله قبل انقراض عصرهم، فإنه مبني على انقراض العصر، بل هو شرط في الإجماع، وغيرِ ذلك.
فتنازعُهم في بعض الأنواع، هل هو من الإجماع الذي يجب اتباعهم فيه، كتنازعهم في بعض أنواع ⦗٢٨٧⦘ الخطاب، هل هو مما يحتج به، كالعموم المخصوص، ودليل الخطاب، والقياس، وغير ذلك. فهذا ونحوه مما يتبين به بعض أعذار العلماء.
1 / 10