فلما قرأ كتابها استفزه ذلك حتى خرج إلى الشام، إلى يزيد بن عبد الملك، فامتدحه، فأحسن صلته وجائزته، ثم مكث أياما، وعلمت الجارية بقدومه، فجعلت توجه إليه تستخبر خبره، وكان الذي يختلف إليه خادم لها، فقالت له يوما: احتل في أن تدخله. فأتى يزيد فأعلمه بالليلة التي يدخل فيها، فجلس يزيد في موضع يراهم ولا يرونه ويسمع كلامهم، فلما دخل قامت فأخذت بيده، ثم جلست ناحية يتحدثان ويبكيان إلى أن طلع الفجر، فقام لينصرف، فأنشأت تقول:
من كان أضحى سلا باليأس عن سكن ... فإنني عنك ما أمسيت بالسالي
والله والله لا أنساك يا سكني ... حتى تفارق مني الروح أوصالي
فأجابها:
أضحى المحبون بعد الوصل قد يئسوا ... وقد يئست وما أسلوا على حال
فلما أصبح يزيد، بعث إليهما، ثم أقبل عليهما فقال: حدثاني ما كان بينكما في هذه الليلة، فقد خبرني بعض من حضر مجلسكما.
فأخبراه بما كان. فأقبل على عبد الرحمن، فقال: أتحبها؟ قال: إي والله يا أمير المؤمنين، حبا تالدا غير طارف ولا مستأنف.
فأقبل عليها، فقال: أتحبينه؟ قالت: إي والله يا أمير المؤمنين، حبا قد خرق شغاف قلبي.
فقال: خذ بيدها. ثم قال: مكانكما، إنها لا تنفعك بغير ما يصلحها. فأمر له بمائة ألف درهم. فقدم بها المدينة.
85- أخبرنا ابن الشريفة وغيره إجازة، أخبرنا المشايخ الثلاثة، كذلك أخبرنا المزي، أخبرتنا زينب بنت مكي، أخبرنا ابن طبرزد، حدثنا علي بن محمد بن بشران، حدثنا الحسين بن صفوان، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا محمد بن الحسين، ثنا الأصمعي قال:
Page 88