شكون بنات أحشائي إليكم ... هواها حين ألفتني كتوم وسألتني الكتاب إليك فيما ... يخامرها فدتك من الهموم
وهن يقلن يا ابن الجود إنا ... برمنا من مراعاة النجوم
وعندك لو مننت شفاء سقم ... لأعضاء دمين من الكلوم
فلما قرأت الكتاب قلت: عاشق! فقلت للخادم: أدخله.
فخرج، فلم يره. فقلت: أخطأت، فما الحيلة؟ فارتبت في أمره، وجعل الفكر يتردد في قلبي، فدعوت جواري كلهن، من يخرج منهن ومن لا يخرج، فجمعتهن، ثم قلت: أخبرنني الآن بقصة هذا الكتاب.
فجعلن يحلفن ويقلن: يا سيدنا ما نعرف لهذا الكتاب سببا، وإنه لباطل، من جاء بهذا الكتاب؟.
فقلت: قد فاتني، وما أردت بهذا القول إلا أني ضننت عليه بمن يهوى منكن، فمن عرفت منكن أمر هذا الرجل فهي له، فلتذهب إليه متى شاءت، وتأخذ كتابي إليه.
قال: وكتبت إليه كتابا أشكره على فعله، وأسأله عن حاله، ووضعت الكتاب في موضع من الدار، وقلت: من عرفت شيئا فلتأخذه.
فمكث الكتاب في موضعه حينا لا يأخذه أحد، ولا أرى للرجل أثرا. فاغتممت غما شديدا، ثم قلت: لعله بعض فتياننا. وقلت: إن هذا الفتى قد أخبر عن نفسه بالورع، وقد قنع ممن يحبه بالنظر. فدبرت عليه. فحجبت جميع جواري من الخروج. فما كان إلا يوم أو يومان إذ دخل الخادم ومعه كتاب. فقلت: ما هذا؟ قال: أرسل به إليك فلان. وذكر بعض أصدقائي. ففضضته، فإذا فيه:
ماذا أردت إلى روح معلقة ... عند التراقي وحادي الموت يحدوها
حثثت حاديها ظلما فجد بها ... في السير حتى تولت عن تراقيها
حجبت من كانت تحيا عند رؤيتها ... روحي ومن كان يشفيني ترائيها
فالنفس ترتاح نحو الظلم جاهلة ... والقلب مني سليم ما يواتيها
Page 83