Marah Labid
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
Chercheur
محمد أمين الصناوي
Maison d'édition
دار الكتب العلمية - بيروت
Numéro d'édition
الأولى - 1417 هـ
Genres
وقرأ عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب عنه بالإفراد فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة
عند تعذيبهم أم من يكون عليهم وكيلا
(109) أي أم من الذي يكون حافظا لهم من عذاب الله ومن يعمل سوءا
أي قبيحا ويحزن به غيره كما فعل طعمة من سرقة الدرع لقتادة ومن رمي اليهودي بالسرقة. أو يظلم نفسه
كالحلف الكاذب ثم يستغفر الله
بالتوبة الصادقة يجد الله غفورا
لذنوبه رحيما
(110) حيث قبل توبته
ومن يكسب إثما
أي ذنبا فإنما يكسبه على نفسه
فلا يتعدى ضرره إلى غيره فليحترز عن إقبال نفسه للعقاب عاجلا وآجلا والكسب عبارة عما يفيد جر منفعة أو دفع مضرة ، ولذلك لم يجز وصف الله تعالى بذلك وكان الله عليما
بما في قلب عبده عند إقدامه على التوبة حكيما
(111) تقتضي حكمته أن يتجاوز عن التائب وأن لا يحمل نفسا وازرة وزر نفس أخرى ومن يكسب خطيئة
أي صغيرة أو قاصرة على الفاعل، أو ما لا ينبغي فعله بالعمد أو بالخطإ أو إثما
أي كبيرة أو ما يتعدى إلى الغير كالظلم والقتل أو ما يحصل بالعمد ثم يرم به
أي يقذف بذلك الذنب بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا
(112) أي فقد أوجب على نفسه عقوبة بهتان عظيم وعقوبة ذنب بين.
فالبهتان أن ترمي أخاك بأمر منكم وهو بريء منه فصاحب البهتان مذموم في الدنيا أشد الذم ومعاقب في الآخرة أشد العقاب، فقوله تعالى: بهتانا
إشارة إلى الذم العظيم في الدنيا.
وقوله تعالى: إثما مبينا
إشارة إلى العقاب العظيم في الآخرة ولولا فضل الله عليك
بإعلامك ما هم عليه بالوحي ورحمته
بتنبيهك على الحق أو المعنى لولا أن الله خصك بالفضل وهو النبوة، وبالرحمة وهي العصمة لهمت طائفة منهم أن يضلوك
أي لأرادت طائفة من قوم طعمة أن يلقوك في الحكم الباطل وذلك لأن قوم طعمة قد عرفوا أنه سارق، ثم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يجادل عنه ويبرئه عن السرقة وينسب تلك السرقة إلى اليهودي وما يضلون إلا أنفسهم
بسبب تعاونهم على الإثم والعدوان وشهادتهم بالزور والبهتان وما يضرونك من شيء
أي إنهم وإن سعوا في إلقائك في الباطل فأنت ما وقعت فيه لأنه تعالى عاصمك ولأنك بنيت الأمر على ظاهر الحال وأنت ما أمرت إلا ببناء الأحكام على الظواهر وأنزل الله عليك الكتاب
أي القرآن والحكمة
أي علم الشرائع وعلمك ما لم تكن تعلم
من أمور الدين وأسرار الكتاب والحكمة وأخبار الأولين وحيل المنافقين وكان فضل الله عليك عظيما
(113) وهذا من أعظم الدلائل على أن العلم أشرف المناقب والفضائل مع أن الله تعالى ما أعطى الخلق من العلم إلا القليل لا خير في كثير من نجواهم إلا في نجوى من أمر بصدقة واجبة أو مندوبة أو معروف وهو أصناف أعمال البر كالقرض وإغاثة الملهوف أو إصلاح بين الناس عند وقوع المعاداة بينهم من غير مجاوزة حدود الشرع في ذلك وذلك كما
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كلام ابن آدم عليه لا له إلا ما كان من أمر بمعروف
Page 226