215

Marah Labid

مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد

Chercheur

محمد أمين الصناوي

Maison d'édition

دار الكتب العلمية - بيروت

Numéro d'édition

الأولى - 1417 هـ

Genres

Tafsir

وقوف على تواطئ الظاهر والباطن إن الله كان بما تعملون من الأعمال الظاهرة والخفية خبيرا (94) فيجازيكم بحسبها إن خير فخير وإن شرا فشر. فلا تتهاونوا في القتل واحتاطوا فيه.

نزلت هذه الآية في شأن مرداس بن نهيك رجل من أهل فدك وكان قد أسلم هو ولم يسلم غيره من قومه فذهبت سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه مع أميرهم غالب بن فضالة فهربوا وبقي مرداس لثقته بإسلامه، فلما رأى الخيل ألجأ غنمه إلى عاقول من الجبل، فلما تلاحقوا وكبروا، كبر ونزل وقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله السلام عليكم. فقتله أسامة بن زيد واستاق غنمه.

فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد وجدا شديدا وقال: «قتلتموه إرادة ما معه» فقال: أسامة إنه قال بلسانه دون قلبه. فقال صلى الله عليه وسلم: «هلا شققت عن قلبه» ثم قرأ هذه الآية على أسامة فقال: يا رسول الله استغفر لي. فقال: «فكيف وقد تلا لا إله إلا الله؟» قال أسامة: فما زال صلى الله عليه وسلم يعيدها حتى وددت إن لم أكن أسلمت إلا يومئذ ثم استغفر لي ثلاث مرات وقال: «أعتق رقبة»

«1» . لا يستوي القاعدون الذين أذن لهم في القعود عن الجهاد اكتفاء بغيرهم الذين هم من المؤمنين غير أولي الضرر من مرض أو عاهة، من عمي أو عرج أو زمانة أو نحوها. وفي معناه العجز عن الأهبة.

قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وعاصم بالرفع بدل من «القاعدون» ، ونافع وابن عامر والكسائي. والباقون بالنصب على الحال من «القاعدون» . والأعمش بالجر على الصفة للمؤمنين والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم.

قال ابن عباس: أي لا يستوي القاعدون عن بدر والخارجون إليها. فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين أولي الضرر درجة أي فضيلة في الآخرة لأن المجاهد باشر الجهاد بنفسه وماله مع النية وأولو الضرر كانت لهم نية ولم يباشروا الجهاد، فنزلوا عن المجاهدين درجة وكلا من المجاهدين والقاعدين وعد الله الحسنى أي الجنة بإيمانهم وفضل الله المجاهدين في سبيل الله على القاعدين الذين لا عذر لهم ولا ضرر أجرا عظيما (95) درجات منه أي من الله تعالى ومغفرة للذنوب ورحمة من العذاب وكان الله غفورا لمن خرج إلى الجهاد رحيما (96) لمن مات على التوبة. وقيل: هذا التفضيل بين المجاهدين والقاعدين غير أولي الضرر فقط. وذلك إما لتنزيل الاختلاف بين التفضيلين منزلة الاختلاف الذاتي، كأنه قيل: فضل الله المجاهدين على القاعدين درجة لا يقادر قدرها ولا يبلغ كنهها وإما

Page 220