ادخروا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (57) أي يضرون، لنقص أنفسهم
حظها من النعيم. وإذ قلنا لهم بعد خروجهم من التيه على لسان موسى أو على لسان يوشع ادخلوا هذه القرية.
روي أن موسى عليه السلام سار بعد انقضاء الأربعين سنة بمن بقي من بني إسرائيل ففتح أريحا- بفتح الهمزة وكسر الراء- قرية الجبارين وهي بين القدس وحوران، وأقام فيها ما شاء الله، ثم قبض فيها، وقيل: إنه قبض في التيه ولما احتضر أخبرهم بأن يوشع بعده نبي وأن الله تعالى أمره بقتال الجبابرة، فسار بهم يوشع وقتل الجبابرة، وصار الشام كله لبني إسرائيل فكلوا منها أي تلك القرية حيث شئتم رغدا أي موسعا عليكم وادخلوا الباب أي باب القرية. أي من أي باب كان من أبوابها السبعة، أو من باب يسمى «باب الحطة» ، أو «باب القبة» التي كانوا يصلون إليها، فإنهم لم يدخلوا بيت المقدس في حياة موسى عليه السلام سجدا أي منحنين متواضعين كالراكع. وقولوا حطة أي إن القوم أمروا بأن يدخلوا الباب على وجه الخضوع وأن يذكروا بلسانهم التماس حط الذنوب حتى يكونوا جامعين بين ندم القلب وخضوع الجوارح، والاستغفار باللسان. وقرأ ابن أبي عبلة بالنصب. والمعنى حط عنا ذنوبنا حطة نغفر لكم خطاياكم.
وقرأ نافع بالتذكير وابن عامر بالتأنيث على البناء للمجهول. والباقون بالنون المفتوحة وسنزيد المحسنين (58) بالطاعة في حسناتهم فبدل الذين ظلموا أنفسهم قولا غير الذي قيل لهم أي أمر لهم، أي فدخلوا الباب زاحفين على أدبارهم قائلين حنطة على شعيرة استخفافا بأمر الله تعالى. فأنزلنا على الذين ظلموا أي غيروا الأمر رجزا أي طاعونا مقدرا من السماء بما كانوا يفسقون (59) أي بسبب فسقهم أي خروجهم عن الطاعة. روي أنه مات بالطاعون في ساعة واحدة أربعة وعشرون ألفا. فهذا الوباء غير الذي حل بهم في التيه واذكروا إذ استسقى موسى لقومه في التيه فقلنا اضرب بعصاك الحجر وكانت العصا من آس الجنة، طولها عشرة أذرع على طول موسى، ولها شعبتان تتقدان في الظلمة نورا، حملها آدم معه من الجنة فتوارثها الأنبياء حتى وصلت إلى شعيب فأعطاها لموسى. وروي أن ذلك الحجر حجر طوري حمله معه وكان مربعا له أربعة جوانب، وكان ذراعا في ذراع، ينبع من كل وجه ثلاثة أعين، لكل سبط عين تسيل في جدول إلى ذلك السبط، وكانوا ستمائة ألف وسبعة.
المعسكر اثنا عشرة ميلا. وقيل: كان حجرا أعطاه الله عليه اثني عشر ثديا كثدي المرأة يخرج من كل ثدي نهر إذا ضرب عصاه عليه. فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا أي نهرا قد علم كل أناس أي سبط مشربهم أي موضع شربهم من نهرهم روي أنه كان لكل سبط عين من اثنتي عشرة عينا لا يشركه فيها غيره. وقلنا لهم: كلوا من المن والسلوى واشربوا من الأنهار
Page 23