Marah Labid
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
Chercheur
محمد أمين الصناوي
Maison d'édition
دار الكتب العلمية - بيروت
Numéro d'édition
الأولى - 1417 هـ
Genres
خيرا من قتل أولئك الذين قتلوا في أحد لأن هذا البقاء صار وسيلة إلى الخزي في الدنيا والعقاب الدائم في القيامة. وقتل أولئك الذين قتلوا في أحد صار وسيلة إلى الثناء الجميل في الدنيا والثواب الجزيل في الآخرة فترغيب أولئك المثبطين في مثل هذه الحياة وتنفيرهم عن مثل ذلك القتل لا يقبله إلا جاهل.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو في الأربعة: «ولا تحسبن الذين كفروا» ، ولا تحسبن الذين يبخلون، لا تحسبن الذين يفرحون ف «لا تحسبنهم» بالتاء وضم الباء في قوله تعالى:
«تحسبنهم» .
وقرأ نافع وابن عامر بالياء إلا قوله: «فلا تحسبنهم» فإنه بالتاء. وقراءة حمزة كلها بالتاء.
وقيل: نزلت الآية من قوله: ولا يحزنك إلى هاهنا في حق مشركي أهل مكة يوم أحد. ما كان الله ليذر المؤمنين أي ليترك المخلصين على ما أنتم عليه أيها الناس من اختلاط المنافقين بالمخلصين وإظهارهم أنهم من أهل الإيمان حتى يميز الخبيث أي المنافق من الطيب أي المؤمن بإلقاء المحن والمصائب والقتل والهزيمة، فمن كان مؤمنا ثبت على إيمانه وتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن كان منافقا ظهر نفاقه وكفره أو بالقرائن فإن المسلمين كانوا يفرحون بنصرة الإسلام وقوته والمنافقين كانوا يغتمون بذلك وما كان الله ليطلعكم على الغيب أي إن عادة الله جارية بأنه لا يطلع عوام الناس على غيبه بل لا سبيل لكم إلى معرفة ذلك الامتياز إلا بالامتحانات من التكاليف الشاقة كبذل الأموال والأنفس في سبيل الله فأما معرفة ذلك على سبيل الاطلاع على الغيب فهو من خواص الأنبياء فلهذا قال تعالى: ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فخصهم بإعلامهم أن هذا مؤمن وهذا منافق، أو المعنى فيمتحن خلقه بالشرائع على أيديهم حتى يتميز الفريقان بالامتحان. أو المعنى وما كان الله ليجعلكم كلكم عالمين بالغيب من حيث يعلم الرسول حتى تصيروا مستغنين عن الرسول بل الله يخص من يشاء من عباده بالرسالة، ثم يكلف الباقين طاعة هؤلاء الرسل فآمنوا بالله ورسله أي لما طعن المنافقون في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بوقوع الحوادث المكروهة في أحد بين الله تعالى أنه كان فيها مصالح منها تمييز الخبيث من الطيب، ولم يبق بعد جواب هذه الشبهة إلا أن تؤمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا حق الإيمان وتتقوا أي الكفر والنفاق فلكم أجر عظيم (179) أي ثواب وافر في الجنة ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم أي لا يتوهمن هؤلاء البخلاء ببذل المال في الجهاد أن بخلهم هو خير لهم بل هو شر لهم لأنه يبقى عقاب بخلهم عليهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة أي سيجعل ذلك المال طوقا من النار في عنقهم. وقيل: إن المراد البخل بالعلم وذلك لأن اليهود كانوا يكتمون نعت محمد صلى الله عليه وسلم فكان ذلك الكتمان بخلا فحينئذ كان معنى سيطوقون أن
Page 169